باب 16- الكفارة في اعتماد إفطار يوم من شهر رمضان

و من أفطر يوما من شهر رمضان بالأكل أو الشرب أو الجماع أو الكذب على الله و على رسوله ص و على الأئمة ع على طريق العمد فعليه عتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا أو صيام شهرين متتابعين أي هذه الثلاثة فعل أجزأه و إن لم يقدر على ذلك صام ثمانية عشر يوما متتابعات فإن لم يقدر فليتصدق بما أطاق أو فليصم ما استطاع و الذي يدل على ما ذكرناه ما رواه

15-  محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر قال يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا فإن لم يقدر تصدق بما يطيق

2-  و عنه عن علي بن إبراهيم عن أبيه و محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله ع أنه سئل عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فقال إن رجلا أتى النبي ص فقال هلكت يا رسول الله فقال ما لك قال النار يا رسول الله فقال و ما لك فقال وقعت على أهلي فقال تصدق و استغفر ربك فقال الرجل فو الذي عظم حقك ما تركت في البيت شيئا قليلا و لا كثيرا قال فدخل رجل من الناس بمكتل من تمر فيه عشرون صاعا يكون عشرة أصوع بصاعنا فقال له رسول الله ص خذ هذا التمر فتصدق به فقال يا رسول الله على من أتصدق به و قد أخبرتك أنه ليس في بيتي قليل و لا كثير قال فخذه فأطعمه عيالك و استغفر الله عز و جل قال فلما رجعنا قال أصحابنا إنه بدأ بالعتق قال أعتق أو صم أو تصدق

3-  و عنه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع في رجل وقع على أهله في شهر رمضان فلم يجد ما يتصدق به على ستين مسكينا قال يتصدق بما يطيق

4-  و عنه عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتى يمني قال عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع

5-  و عنه عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال سألته عن رجل أخذ في شهر رمضان و قد أفطر ثلاث مرات و قد رفع إلى الإمام ثلاث مرات قال فليقتل في الثالثة

6-  سعد بن عبد الله عن أبي جعفر عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله ع قال سألته عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا قال عليه خمسة عشر صاعا لكل مسكين مد بمد النبي ص أفضل

7-  و عنه عن أبي جعفر عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن المشرقي عن أبي الحسن ع قال سألته عن رجل أفطر من شهر رمضان أياما متعمدا ما عليه من الكفارة فكتب ع من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فعليه عتق رقبة مؤمنة و يصوم يوما بدل يوم

 و ليس في هذه الأخبار تناقض لأن الذي يجب على المفطر يوما متعمدا أحد الثلاثة الأشياء عتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا أو صيام شهرين متتابعين يصومهما أي الثلاثة فعل أجزأه ذلك فمتى لم يقدر على واحد منها يصوم ما يقدر عليه و يتصدق بما يمكنه و هذا مع اختلاف أحوال الناس من الضعف و القوة و قد قيل إنه يصوم ثمانية عشر يوما بدلا من العتق و الإطعام يدل على ذلك ما رواه

8-  سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم عن إسماعيل بن مرار و عبد الجبار بن مبارك عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير و سماعة بن مهران قالا سألنا أبا عبد الله ع عن الرجل يكون عليه صيام شهرين متتابعين فلم يقدر على الصيام و لم يقدر على العتق و لم يقدر على الصدقة قال فليصم ثمانية عشر يوما عن كل عشرة مساكين ثلاثة أيام

9-  فأما ما رواه سعد عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال عن عمرو بن سعيد المدائني عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى الساباطي قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل و هو صائم فيجامع أهله فقال يغتسل و لا شي‏ء عليه

 فهذا الخبر محمول على أنه إذا جامع ناسيا دون العمد فلا يلزمه شي‏ء و الحال ما وصفناه و يحتمل أيضا أن يكون المراد به من لا يعلم أن ذلك لا يسوغ له في الشريعة يدل على ذلك ما رواه

10-  علي بن الحسن بن علي بن فضال عن محمد بن علي عن علي بن النعمان عن عبد الله بن مسكان عن زرارة و أبي بصير عن أبي جعفر ع قالا جميعا سألنا أبا جعفر ع عن رجل أتى أهله في شهر رمضان و أتى أهله و هو محرم و هو لا يرى إلا أن ذلك حلال له قال ليس عليه شي‏ء

11-  فأما ما رواه الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال سألته عن رجل أتى أهله في شهر رمضان متعمدا فقال عليه عتق رقبة و إطعام ستين مسكينا و صيام شهرين متتابعين و قضاء ذلك اليوم و أنى له مثل ذلك اليوم

 فيحتمل أن يكون المراد بالواو في الخبر التخيير دون الجمع لأنها قد تستعمل في ذلك قال الله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع و إنما أراد مثنى أو ثلاث أو رباع و لم يرد الجمع و يحتمل أيضا أن يكون هذا الحكم مخصوصا بمن أتى أهله في حال يحرم الوطء فيها مثل الوطء في الحيض أو في حال الظهار قبل الكفارة فإنه متى فعل ذلك لزمه الجمع بين الكفارات الثلاث لأنه قد وطئ محرما في شهر رمضان يدل على هذا التأويل ما رواه

12-  أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه عن عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري عن علي بن محمد بن قتيبة عن حمدان بن سليمان عن عبد السلام بن صالح الهروي قال قلت للرضا ع يا ابن رسول الله قد روي عن آبائك ع فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه ثلاث كفارات و روي عنهم أيضا كفارة واحدة فبأي الحديثين نأخذ قال بهما جميعا متى جامع الرجل حراما أو أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات عتق رقبة و صيام شهرين متتابعين و إطعام ستين مسكينا و قضاء ذلك اليوم و إن كان قد نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه كفارة واحدة و إن كان ناسيا فلا شي‏ء عليه

 فأما ما عدا هذه الأشياء التي عددناها فليس في شي‏ء منها كفارة و لا قضاء لأن الأخبار التي وردت فيها إنما وردت كلها على طريق الكراهية و على أن الأولى تجنبها فمنها ما رواه

13-  علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن عبد الله عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال يكره للصائم أن يرتمس في الماء

14-  سعد بن عبد الله عن عمران بن موسى عن محمد بن الحسين عن عبد الله بن جبلة عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله ع رجل صائم ارتمس في الماء متعمدا أ عليه قضاء ذلك اليوم قال ليس عليه قضاء و لا يعودن

 فأما حكم الجنب بالليل فقد ذكر الشيخ رحمه الله أن من أجنب فنام على نية أن يغتسل قبل الفجر فاستمر به النوم إلى طلوع الفجر فليس عليه قضاء و لا كفارة بل يغتسل و يصوم فإن انتبه ثم نام ثانيا و نوى أن يغتسل قبل الفجر و استمر به النوم إلى طلوع الفجر فعليه القضاء دون الكفارة فإن نام ثالثا فعليه القضاء و الكفارة فأما الذي يدل على القسم الأول ما رواه

15-  أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن صفوان بن يحيى عن عيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله ع عن رجل أجنب في شهر رمضان في أول الليل فأخر الغسل حتى طلع الفجر قال يتم صومه و لا قضاء عليه

16-  و عنه عن النوفلي عن صفوان بن يحيى عن سليمان بن أبي زينبة قال كتبت إلى أبي الحسن موسى بن جعفر ع أسأله عن رجل أجنب في شهر رمضان من أول الليل فأخر الغسل حتى طلع الفجر فكتب ع إلي بخطه أعرفه مع مصادف يغتسل من جنابته و يتم صومه و لا شي‏ء عليه

17-  و عنه عن سعد بن إسماعيل عن أبيه عن إسماعيل بن عيسى قال سألت الرضا ع عن رجل أصابته جنابة في شهر رمضان فنام حتى يصبح أي شي‏ء عليه قال لا يضره هذا و لا يفطر فإن أبي ع قال قالت عائشة إن رسول الله ص أصبح جنبا من جماع غير احتلام قال لا يفطر و لا يبالي و رجل أصابته جنابة فبقي نائما حتى يصبح أي شي‏ء يجب عليه قال لا شي‏ء عليه يغتسل و رجل أصابته جنابة في آخر الليل فقام ليغتسل و لم يصب ماء فذهب يطلبه أو بعث من يأتيه فعسر عليه حتى أصبح كيف يصنع قال يغتسل إذا جاءه ثم يصلي

 و أما الذي يدل على القسم الثاني ما رواه

18-  الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن سماعة بن مهران قال سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان فنام و قد علم بها و لم يستيقظ حتى يدركه الفجر فقال عليه أن يتم صومه و يقضي يوما آخر فقلت إذا كان ذلك من الرجل و هو يقضي رمضان قال فليأكل يومه ذلك و ليقض فإنه لا يشبه رمضان شي‏ء من الشهور

19-  و عنه عن صفوان بن يحيى عن منصور بن حازم عن عبد الله بن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله ع الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتى يصبح قال يتم صومه و يقضي يوما آخر و إن لم يستيقظ حتى يصبح أتم يومه و جاز له

20-  و عنه عن فضالة عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أحدهما ع قال سألته عن الرجل تصيبه الجنابة في رمضان ثم ينام قبل أن يغتسل قال يتم صومه و يقضي ذلك اليوم إلا أن يستيقظ قبل أن يطلع الفجر فإن انتظر ماء يسخن أو يستقى فطلع الفجر فلا يقضي يومه

21-  عنه عن أحمد بن محمد عن أبي الحسن ع قال سألته عن رجل أصاب من أهله في شهر رمضان أو أصابته جنابة ثم ينام حتى يصبح متعمدا قال يتم ذلك اليوم و عليه قضاؤه

 و الذي يدل على أن المراد بهذه الأخبار ما ذكرناه من أنه متى انتبه و لم يغتسل و نام و بقي نائما إلى طلوع الفجر لزمه القضاء ما رواه

22-  الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى و فضالة بن أيوب عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله ع الرجل يجنب من أول الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان قال ليس عليه شي‏ء قلت فإنه استيقظ ثم نام حتى أصبح قال فليقض ذلك اليوم عقوبة

 و أما الذي يدل على القسم الثالث ما رواه

23-  الحسين بن سعيد عن محمد بن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح قال يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا قال و قال إنه خليق أن لا أراه يدركه أبدا

24-  محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن عيسى قال حدثني سليمان بن حفص المروزي عن الفقيه ع قال إذا أجنب الرجل في شهر رمضان بليل و لا يغتسل حتى يصبح فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم و لا يدرك فضل يومه

25-  و عنه عن إبراهيم بن هاشم عن عبد الرحمن بن حماد عن إبراهيم بن عبد الحميد عن بعض مواليه قال سألته عن احتلام الصائم قال فقال إذا احتلم نهارا في شهر رمضان فلا ينم حتى يغتسل و إن أجنب ليلا في شهر رمضان فليس له أن ينام ساعة حتى يغتسل فمن أجنب في شهر رمضان فنام حتى يصبح فعليه عتق رقبة أو إطعام ستين مسكينا و قضاء ذلك اليوم و يتم صيامه و لن يدركه أبدا

26-  فأما ما رواه سعد بن عبد الله عن أبي جعفر عن سعد بن إسماعيل بن عيسى عن أبيه قال سألت الرضا ع عن رجل أصابته جنابة في شهر رمضان فنام عمدا حتى أصبح أي شي‏ء عليه قال لا يضره هذا و لا يفطر و لا يبالي فإن أبي ع قال قالت عائشة إن رسول الله ص أصبح جنبا من جماع غير احتلام

 فليس في هذا الخبر ما ينافي ما ذكرناه لأن قوله رجل أصابته جنابة في شهر رمضان فنام عمدا حتى أصبح ليس فيه أنه تعمد ترك الغسل و إنما قال نام عمدا حتى أصبح فذكر التعمد و أضافه إلى النوم و إنما كان فيه شبهة لو قال تعمد ترك الغسل و يجوز أن يتعمد النوم في أول الليل فيبقى نائما إلى الصباح فحينئذ لا تلزمه الكفارة و الذي رواه أيضا

27-  سعد عن محمد بن الحسين و محمد بن علي عن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن حماد بن عثمان عن حبيب الخثعمي عن أبي عبد الله ع قال كان رسول الله ص يصلي صلاة الليل في شهر رمضان ثم يجنب ثم يؤخر الغسل متعمدا حتى يطلع الفجر

 فليس فيه أيضا أنه أخر الغسل متعمدا لغير عذر و يجوز أن يكون إنما أخر الغسل لعذر من الأعذار إما لاستحضار الماء أو لتسخينه عند البرد أو سبب عارض لأن عند حصول شي‏ء من هذه الأعذار يجوز تأخير الغسل و لا يلزم القضاء و لا الكفارة و قد بينا فيما تقدم ما يدل على هذا المعنى فلا وجه لإعادته و المتمضمض و المستنشق قد بينا حكمهما أنه إذا كان للصلاة فلا شي‏ء عليه مما يدخل منه في حلقه و إن كان لغير الصلاة فدخل حلقه فعليه القضاء و تلزمه الكفارة و يدل أيضا على ذلك ما رواه

28-  محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن عيسى قال حدثني سليمان بن حفص المروزي قال سمعته يقول إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو استنشق متعمدا أو شم رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في أنفه أو حلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين فإن ذلك له فطر مثل الأكل و الشرب و النكاح

 و أما السعوط فليس في شي‏ء من الأخبار أنه يلزم المستعط الكفارة و إنما وردت مورد الكراهية و قد بينا ذلك و يزيده بيانا ما رواه

29-  محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن براقة الأصبهاني عن غياث بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال لا بأس بالكحل للصائم و كره السعوط للصائم

30-  و عنه عن محمد بن الحسين عن محمد بن علي الخزاز عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عن علي ع أنه كره السعوط للصائم