رُشيد الهَجَري (رضوان الله عليه)

جوانب من حياته :

كان من أصحاب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الواعين الراسخين‏ ، وعُدَّ من أصحاب الإمام الحسن‏ والإمام الحسين ( عليهما السلام ) أيضاً .

كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يعظِّمه ويُسمِّيه : ( رشيد البَلايا ) .

واخترقت نظرته الثاقبة النافذة ما وراء عالم الشهادة ، فعُرف بـ( عالِم البلايا والمنايا ) .

ترجم عظمة الصبر ، ودلَّ على صلابته في محبَّته لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) .

وفي الأمالي للطوسي : عن بنت رُشيد الهَجَري عن رُشيد الهجَرَي قال لي حبيبي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( يا رُشيد ، كيف صَبرك إذا أرسل إليك دعيُّ بني أميَّة ، فقطع يديك ورجليك ولسانك ؟ ) .

فقلت : يا أمير المؤمنين ، أيكون آخر ذلك إلى الجنَّة ؟

قال ( عليه السلام ) : ( نعم يا رُشيد ، وأنت معي في الدنيا والآخرة ) .

شهادته :

قالت ابنة رشيد : فوَ الله ما ذهبت الأيام حتى أرسل إليه الدعي بن زياد ، فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فأبى أن يتبرّأ منه .

فقال له ابن زياد : فبأي مِيتة قال لك صاحبك تموت ؟

قال ( رضوان الله عليه ) : أخبرني خليلي ( عليه السلام ) أنَّك تدعوني إلى البراءة منه فلا أتبرّأ ، فتقدِّمني ، فتقطِّع يدي ورجلي ولساني .

فقال : والله لأكذِّبنَّ صاحبك ، قدِّموه فاقطعوا يده ورجله واتركوا لسانه ، فقطعوه ثمَّ حملوه إلى منزلنا .

فقلت له : يا أبه جُعلت فداك ، هل‏ تجد لما أصابك ألماً ؟

قال ( رضوان الله عليه ) : والله لا يا بُنيَّة ، إلاَّ كالزحام بين الناس .

ثم دخل عليه جيرانه ومعارفه يتوجعون له ، فقال ( رضوان الله عليه ) : إيتوني بصحيفة ودواة أذكر لكم ما يكون ممَّا أعلمنيه مولاي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .

فأتوه بصحيفة ودواة ، فجعل يذكر ويُملي عليهم أخبار الملاحم والكائنات ، ويسندها إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .

فبلغ ذلك ابن زياد فأرسل إليه الحجَّام حتى قطع لسانه ، فمات من ليلته تلك ( رضوان الله عليه ) .

وكانت شهادته في الكوفة في إمارة زياد بن أبيه أيام خلافة معاوية ، بعد سنة ( 45 هـ ) ، ودُفن ( رضوان الله عليه ) في باب النخيلة في الكوفة .