(المجلس الثالث بعض التفاصيل من مصيبة أم (ع

القصيدة: لبعضهم

 

كسى  الدين طول الدهر ثوب المصائب      مـصابٌ رقـى مـن غالبٍ أيَّ غارب

فـيـالك مــن رزءٍ أطـلَّ بـروعةٍ      وأضـرم  نـار الـحزن بين الجوانب

غـداة أصـاب الـدين سيف ابن ملجمٍ      وأردى  عـليا خـير مـاشٍ وراكـب

وراح عـليه الـروح جـبريل نـاعياً      وطـبَّـق  حـزنا شـرقَها بـالمغارب

وضـجَّت عـليه الـجنُّ والأنس بالبكا      بـدمـعٍ سـفوحٍ كـالسحائب سـاكب

مـدارسُـه  أضـحـت دوارس بـعده      ولـيس  بـها غير الصدى من مجاوب

وظـلـت  يـتامى الـمسلمين نـوادبا      تـحنُّ حـنين الـيعمُلات(1) السواغب

ولـم  أدر لـما أن سـرى فـيه نعشه      وحـفَّت بـه أبـنا لـويِّ ابـن غالب

هـو الـمرتضى فـي نـعشه يحملونه      أم الـعرشُ سـاروا فـيه فوق المناكب

ومـا مـرَّ إلا وانـحنى كـلُّ شـاهقٍ      عـليه وأهـوت زاهـرات الـكواكب

وقـد  دفـنوا فـي قـبره الدين والتقى      وبـدرا  يُـجلّي داجـيات الغياهب(2)

بـني  مـضرٍ نـضِّي الـفخار لـفقده      وقومي البَسي للحزن ثوبَ المصائب(3)

 

(مجردات)

فـرگاك  مـو هين علينه      يـراعي الـمحنه يا ولينه

هـاي آنـه يالوالد حزينه      لو  تنفدي او يحصل بدينه

فـديناك  يـا ليث العرينه      والأرواح الك ما هي ثمينه

هـذا  الحسن يفجع ونينه      وحسين  يمه او تهل عينه

دگعد او شوف الصار بينه      بـالهم عگب عينك بگينه

 

(أبوذية)

اطفال وحرم بويه اعليك هاوين      اتـريد اتعوفنه واتروح هاوين

بالله  يـالمحب اويـاي هاوين      او كلنه انصيح يا راعي الحميه


(أبوذية)

أركـان  الـهدى من صاح هدّام      او  من راسك يحامي الجار هدّام

او عليك الحزن طول الدهر هدّام      او مـا نـنساك يا حامي الحميه

 

بعض التفاصيل من مصيبة أم (ع)

عن أمير المؤمنين (ع) أنه سأل رسول الله (ص) ما أفضل الأعمال في شهر رمضان؟ قال: الورع عن محارم الله، ثم بكى، فقلت: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: أبكي لما يحل عليك من بعدي في شهر رمضان، كأني بك وأنت في محرابك إذ انبعث إليك أشقى الخلق من الأولين والآخرين شقيق عاقر ناقة صالح فيضربك ضربة على مفرق رأسك ويشقه نصفين ويخضب لحيتك من دم رأسك، فقلت له: يا سيدي أفي سلامة من ديني؟ فقال: نعم يا علي، من قتلت فقد قتلني، ومن سبك فقد سبني، لأنك مني وأنا منك، وروحك روحي وروحي روحك، إلى أن قال: وإنه لا يقرب الحوض مبغض لك أبدا، ولن يغيب عنه محب لك أبدا، فَخرَّ علي (ع) ساجدا لله تعالى وقال: الحمد لله الذي منَّ عليَّ بك يا مولاي. فلما مضى من شهر رمضان شطره دخل المسجد يوما فصلى ركعتين ثم صعد المنبر وخطب خطبة حسناء، أكثر من الحمد والثناء ثم التفت إلى ولده الحسن فقال له: يا أبا محمد كم بقي من شهرنا هذا؟ فقال الحسن (ع): ثلاثة عشر يوما يا أمير المؤمنين، ثم التفت إلى ولده الحسين (ع) وقال: يا أبا عبد الله كم مضى من شهرنا هذا؟ فقال الحسين (ع): سبع عشرة ليلة يا أمير المؤمنين، فضرب على لحيته وهي يومئذ بيضاء، فقال: الله أكبر، الله أكبر، ليخضبنها بدمها إذا انبعث أشقاها (4).

أقول: لقد انبعث أشقاها وهاهي لحية أمير المؤمنين الكريمة مخضبة بدماء رأسه، وهاهو أم مكبوب على وجهه في محراب العبادة.

قال أرباب التاريخ: لما ضرب أمير المؤمنين (ع) في محرابه ونعاه جبرئيل أقبل أولاده إلى المسجد والناس يهرعون فامتلأ المسجد بالناس وجاءه الحسن (ع) فرآه والدم يسيل على كريمته المباركة هو ينظر في الآفاق.

وأخرج الحسين (ع) من جيبه منديلا أصفرا وعصَّب به رأس والده فقال: له الحسن (ع) يا أبتاه من قتلك؟

قال: (ع) ان ملجم، فقال الحسن (ع): من أي طريق مضى؟

قال لا يمضي أحد في طلبه فإنه سيطلع عليكم من هذا الباب وأشار إلى باب كندة.

واشتغل الناس بالنظر إلى باب كندة وإذا بالضجة قد ارتفعت وقد جاءوا باللعين ابن ملجم مكشوف الرأس مكتوفا وقد ألقي عليه القبض في حارة الكوفة وكان يريد الهروب إلى الحيرة فوقع الناس بعضهم على بعض هذا يلطمه وهذا يصفعه وهم يقولون يا عدو الله أهلكت الأمة وقتلت خير الناس وهو ساكت لا يتكلم وسأله الحسن (ع): يا لعين قتلت أمير المؤمنين وإمام المسلمين؟ هذا جزاؤه منك حين آواك وقربك وأدناك وآثرك على غيرك. فبكى اللعين وقال: يا أبا محمد أفأنت تنقذ من في النار؟

 

(مجردات)

اشـسويت  بينه يبن ملجم      ابسيفٍ ضربته ناجع ابسم

او من ضربتك راسه تهشم

 

(أبوذية)

انطبر حامي الحمه المعروف طيبه      او  بـعد ما شوف ابونه بيه طيبه

خـبروا اهـل مـكه واهل طيبه      انچتـل  وايسيل دمه اعله الوطيه

 

ثم انكب الحسن على أبيه يقبله ويقول له: يا أبه هذا عدو الله ابن ملجم جيء به مكتوفا فقال له: يا بني ارفق بأسيرك فأطعمه مما تأكل واسقه مما تشرب. قال الراوي: وأمر الحسن به أن يسجن فسجن ثم حملوا أمير المؤمنين (ع) إلى داره فخرجن بناته صارخات معولات وباتوا تلك الليلة في بكاء وحزن.

وكانت أم كلثوم تبكي أباها فقال لها أمير المؤمنين (ع): بنية ما يبكيك قالت أبه أنت فخر الهاشميين وشمس الطالبيين وعضبها اليماني عزُّنا إذا شاهت الوجوه ذلا وجمعنا إذا الموكب الكثير قلا. فقال لها: بنية لو رأيتِ كما رأيتُ لما بكيت على أبيك قالت: ما رأيت يا أبه؟ قال: رأيت حبيبي رسول الله (ص) هبط إلى الأرض في كتيبة من الأنبياء ورعيل من الملائكة على نجيب من نجب الجنة بأيديهم مجامر من نور أحدقوا برسول الله (ص)، قالت: يا أبه وما يريدون؟ قال: يريدون أن يزفوا روح أبيك إلى الجنة فلما سمعت ذلك صاحت وأ أبتاه، وا علياه:

 

عاش غريبا بينها وقد قضى      بسيف  أشقاها على اغترابه

قـتلتُم  الصلاةَ في محرابها      يـا  قاتليه وهو في محرابه

 

والتفت علي (ع) إلى ولده الحسين (ع) فرآه يبكي فقال له: ولدي تبكي على أبيك وفيه جرح واحد وكأني بك يوم عاشوراء وبدنك كله جراحات (5).

 

(نصاري)

يگلـه  والـدمع تـيار بالعين      لا تبچي يبويه او بَطلِ الاونين

تره گلبي انصدع لجلك يلحسين      او جرح راسي عليه گام يسعر

يـبويه مصيبتي ما هي عجيبه      عجيبه  اسهامهم جسمك تصيبه

عـجيبه من تظل زينب غريبه      او  يـسلبون العده ذيچه الخدر

عـجيبه  من تحز الگوم نحرك      عجيبه من تدوس الخيل صدرك

عـجيبه من تلوذ النسه ابكترك      او جـسمك بالثره اموزع امعفر

 

(تخميس)

لهفي على الشيب المخضَّب بالدما      والـصدرِ يا سبط الرسول مهشَّما

والـقومُ  بعد حماته هتكوا الحمى      ويـكبرون بـأن قـتلت وإنـما

قـتلوا بـك الـتكبير والـتهليلا


(1) ـ النياق الجائعة.

(2) ـ جمع غيهب: الظلمة.

(3) ـ رياض المدح والرثاء ص217.

(4) ـ وفاة أمير المؤمنين (ع) للخطي، ص82/83.

(5) ـ المطالب المهمة ص42/45 علي الهاشمي.