(المجلس الثاني بشر بن خذلم ينعى الحسين (ع

القصيدة: للشيخ عبد المنعم الفرطوسي

 

مـوكبٌ  لـلشجون تهفو عليه      عـذباتٌ  مـن رايـة سوداء

طـالعته الأحزان وهي عيون      مـن ثـنايا الـمدينة الغرّارء

حين  وافى بشرٌ لها وهو ينعى      بـمـراثيه سـيِّـد الـشهداء

قـال  شـجوا فهزَّ مسجد طه      بـالمآسي وريـع كـلُّ بـناء

لـيس  فـي يثربٍ مقامٌ كريمٌ      بـعد  قتل الحسين في كربلاء

فـتعالى الصراخ في كل بيت      بـنـجيب  يـعج بـالأصداء

وأتـى  الناس يهرعون رجالا      ونـساءً  فـي نـدبة وشـقاء

لـلإمام الـسجاد وهو المعزَّى      بـأبيه الـذبيح مـن غير ماء

لـلـيتامى ولـلأرامل ثـكلا      مـن صـبايا وصـبيةٍ ونساء

حيث ناحت أمُّ المصائب ناحوا      لـعـويل الـعقيلة الـحوراء

ضـجةٌ  للشجون والوجد منها      ضجَّت الأرضُ والسما بالبكاء

واقـيمت مـآتمٌ فـي بـيوت      هـي كـانت مآتم الأرزاء(1)

 

(مجردات)

مـن طبت او شافت المنزل      موحش  خلي مظلم او يذهل

صاحت  او دمع العين يهمل      يـا دار فگد الأهـل يـكتل

عفيه اعله گلبي اشكثر يحمل      ضيم  او حزن متراكم او ذل

 

وكأني بأهل المدينة لما سمعوا نعيها (ع):

 

(مجردات)

يا عين جودي ابدمعتچ هاي      لحسين ذاك الما شرب ماي

ابچي واسعديني على ابچاي      ناعي  ابو اليمه يشده الراي

او  لـمن سمعته تاه منواي

 

بشر بن خذلم ينعى الحسين (ع)

قال السيد ابو طاووس في اللهوف: ثم انفصل الآل من كربلاء طالبين المدينة.

قال بشر بن حذلم: فلما قربنا منها نزل علي بن الحسين (ع) وضرب رحله وقرب فسطاطه وأنزل نسائه وقال: يا بشر رحم الله أباك لقد كان شاعرا فهل تقدر على شيء منه؟ فقلت: بلى يا ابن رسول الله إني لشاعر فقال (ع): ادخل المدينة وانع أبا عبد الله، قال بشر: فركبت فرسي وركضت حتى دخلت الميدنة، فلما بلغت مسجد النبي (ص) رفعت صوتي بالبكاء، فأنشأت أقول:

 

يا أهل يثرب لا مُقامَ لكم بها      قُتل  الحسينُ فأدمعي مدرارُ

الجسمُ  منه بكربلاء مضرَّجٌ      والرأسُ منه على القناة يُدارُ

 

قال: ثم قلت: هذا علي بن الحسين (ع) مع عماته وأخواته، قد حلوا بساحتكم، ونزلوا بفنائكم، وأنا رسوله إليكم، وأعرِّفكم مكانه، قال: فما بقيت في المدينة مخدرة ولا محجبة، إلا برزن من خدروهن ضاربات خدودهن، يدعون بالويل والثبور، فلم أر باكيا أكثر من ذلك اليوم، ولا يوما أمر على المسلمين منه.

ومن جملة من خرج من المخدرات زوجة أمير المؤمنين (ع) أم البنين، خرجت وعلى كتفها طفل العباس (ع) حتى دنت من بشر، فأخذت تسأله عن الحسين، وهو يجيبها عن أولادها الأربعة، وهو يقول لها: عظم الله لك الأجر بولدك جعفر، قالت أخبرني عن ولدي الحسين، قال: عظم الله لك الأجر بولدك عبد الله، قالت: أخبرني عن ولدي الحسين، قال: عظم الله لك الأجر بولدك عثمان، قالت يا بني أخبرني عن ولدي الحسين، قال: عظم الله لك الأجر بولدك أبي الفضل العباس، فلما سمعت بذكر أبي الفضل العباس وضعت يدها على قلبها ثم قالت: يا ابن حذلم لقد قطعت نياط قلبي أخبرتني بقتل أولادي الأربعة ولكن يا ابن حذلم إعلم إن أولادي وجميع من تحت السماء فداء لأبي عبد الله الحسين، يا ابن حذلم أخبرني عن الحسين. عند ذلك قال: يا أم البنين عظم الله لك الأجر بالحسين فلقد خلفناه بأرض كربلاء جثة بلا راس فصاحت وا ولداه وا حسيناه، وسقطت إلى الأرض مغشيا عليها، فلما أفاقت قالت: يا ابن خذلم لقد قطعت نياط قلبي، أخبرني عن ولدي الحسين (2):

 

وأتـتـه  أم الـبنين مـع الـنا      س  تنادي أن افسحوا لي المجالا

أيـها  الـذاكر الـحسين أجبني      مـا  ابتغائي غير الحسين سؤالا

قـال  يـا عـمتي إليك عزائي      بـبـنـيك فـأومـأت أن لا لا

وأعـزيـك  بـالحسين فـنادت      وا  حـسيناً وأعـولت إعـوالا

لـيتني مـت قـبل يـوميَ هذا      كان عيشي بعد الحسين محالا(3)

 

(نصاري)

يگلـها عظم الله اجرچ بالحسين      بگه ابوادي الطفوف ابغير تكفين

اولـفه  السجاد بظعون النساوين      او  نصب بره المدينه الهم امخيم

 

(مجردات)

جـاني الخبر بحسين مذبوح      او  دمّه على التربان مسفوح

لانعاه  واگضي العمر بالنوح      واعمي اعيوني واتلف الروح

 

ثم انطلقت إلى حيث نزل أهل البيت (ع) ووقفت أمام زينب تسألها:

 

(نصاري)

لـفتها  أم البنين اتگوم واتطيح      وين اهلچ يزينب راحوا تصيح

ويـن  ابدور هاشم والمصابيح      او  ويـن احسين والينه المشيَّم

تگلها والدمع يجري امن العيون      گضـوا يمّ البنين ابخطة الكون

هووا ما بين المطبر او مطعون      او  بـين الـبالعمد راسه تهشم

صاحت ارد انشدچ يا ضوه العين      عـن  عـباس وولادي الميامين

اخافن گصّروا عن نصرة احسين      او عـند امه ابخجل وجهي توسم

لا يـمـه تگلـلـها اشـتگولين      تـلث تـنعام من اخوتي الطيبين

بـذلوا  كـل مهجهم دو الحسين      او وگفـوا سـور ما دون المخيم

***

لـله  ربـة خـدر كـان يـحجبها      بـيت الـرسالة والـزهرا تـربيها

أمست لدى الأسر حسرى بعد عزتها      مـضاعة بـين قـاصيها ودانـيها


(1) ـ ملحمة أهل البيت (ع) ج3 ص370.

(2) ـ معالي السبطين عن بعض الخطباء.

(3) ـ الأبيات لصديقنا الغالي الخطيب السيد شاكر المحنه دام مجده من قصيدة عامرة بعث بها إلينا مع ترجمته مشكورا.