المجلس السادس حكاية رجل من محبي أمير المؤمنين (ع) يموت على قبره

القصيدة: للشيخ عبد الحسين الحويزي

 

بـكى  الـدينُ والدنيا عليك فافجعا      وفـيك  أسـالا من دم القلب أدمعا

وصـلتها  بالعدل والفضل فارتمت      سـهامُ الـردى قـلبيهما فـتقطعا

فـيا  ثاوياً في مرقد ودَّت العلىش      على  تُربه تحنو من الشوق أضلعا

لـقد  ثـبت الإسـلامُ فيك موطّداً      ورزؤُك أوهـى جـنبه فتضعضعا

قـواعدُ بـيت الله فـيك تـدافعت      وجـانبُ  طور المجد فيك تصدَّعا

فـيا دهـرُ أرديـت الـذي بنواله      إذا  الـعامُ أكدى مجدبا عاد ممرعا

أبـا  حسنٍ كيف الردى حلَّ موقفا      وما  ضاق ذرعا مذ دنا منك أذرُعا

فـلم  يُرد حدُّ السيف عزمك وحده      ولـكنه  أردى أولـي العزم أجمعا

لـقد قُـتلت فيك الصلاةُ وغُودرت      فـرائضُ  ديـن الله حولك صرَّعا

بـل انـفصمت للدين أوثقُ عروةٍ      وطاح الهدى والعرشُ فيك تزعزعا

وثـارت بـآفاق الـسماوات غُبرةٌ      بـها الـفلك الـدوَّارُ حزنا مبرقعا

وأسـرع جـبريلٌ بـترديد صوته      جـميع البرايا حين بالرزء قد نعى

تـهدم  ركن الدين وانطمس الهدى      ودكَّ الـردى طوداً من النجم أرفعا

كـفى بـك فخرا أنَّ جبريل حاملٌ      سريرك من ثقل الحجا قد ترعرعا

ومـن  خلفه الأملاكُ تندب بالأسى      وتـهوي له الأفلاكُ بالطوع خُضَّعا

عـجبت لـقبر ضمَّ شخصك لحدُه      ومجدُك من صدر الغضا كان أوسعا

فـأيُّ فـؤاد لـم يـذب لك حسرةً      وأيُّ  مـآقٍ لـم تسل لك أدمعا(1)

 

(مجردات)

بالله  عـليكم يـلتشيعون      ابنعش  ابونه وين تردون

انچان نـيـتكم تـدفنون      خـلُّوا ابـونه يـلتحبون

لـمن نودعه نور العيون      عگبه اليتامه وين يرحون

 

(أبوذية)

انـه  الچفي چفوف الدهر لاوين      غلبني او گمن انخي الناس لاوين

يـشايل نـعش أوي اتريد لاوين      دريّـض  خل نودعه ابهل ثنيه

 

(أبوذية)

اصـوابك أثّر ابگلبي وفتني      او وحده من بعد وحده وفتني

المنَّيه  ريت من گبلك وفتني      او گبـلك اندفن حدر الوطيه

 

(أبوذية)

عـليك  الأجـل يابا الحسن دارك      اشـلون  الـموت من دنياك دارك

بگت ظـلمه يـبو الأنـوار دارك      او غدت وحشه الگبل چانت زهية

 

حكاية رجل من محبي أمير المؤمنين (ع) يموت على قبره

ذكر في بعض الكتب: انه بعد دفن أمير المؤمنين (ع) رجع الحسنان ومعهما من خواصهما وأهل بيتهما جماعة فمروا على خربة في الكوفة فسمعوا أنينا فقفوا أثره فإذا به رجل قد توسد لبنة وهو يحن حنين الثكلى الواهلة فوقف عنده الحسن والحسين وسألاه عن حاله فقال إني رجل غريب لا أهل لي قد اعوزتني المعيشة وأتيت إلى هذه البلدة منذ سنة ولك ليلة يأتيني شخص إذا هدأت العيون بما اقتات من طعام وشراب ويجلس معي يؤنسني ويسليني عما أنا فيه من الهم والحزن وقد فقدته منذ ثلاثة أيام فقالا له وهما يبكيان صفه لنا فقال: إني مكفوف البصر لا ابصره فقالا ما أسمه؟ قال كنت أسأله عن اسمه فيقول إنما أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، فقالا: أسمعنا من حديثه، قال: دأبه التسبيح والتقديس والتكبير والتهليل وإن الأحجار والحيطان تجيب بإجابته وتسبح بتسبيحه. فقالا: هذه صفات سيدنا ومولانا أمير المؤمنين (ع).

 

عـليك أمـير المؤمنين تأسفي      وحزني وإن طال الزمانُ طويل

مصابٌ اُصيب الدينُ منه بفادح      تـكاد  لـه شـمُّ الجبال تزول

فليس بمجدٍ فيك وجدي ولا البكا      مـفيدٌ ولا الصبر الجميل جميل

 

فقال الرجل ما فعل الله به فقالا وهما يبكيان قد أفجعنا فيه أشقى الأشقياء ابن ملجم وها نحن راجعون من دفنه فلما سمع الرجل ذلك منهما لم يتمالك دون أن رمى بنفسه على الأرض وجعل يضرب برأسه الصخور ويحثو على رأسه التراب ويصرخ صراخ المعولة الفاقدة فأبكى من كان حاضرا:

 

وإن سَئِمَ الباكون فيك بكاءَهم      مـلالا  فـإني للبكاء مطيلُ

وما  هي إلا فيك نفسٌ نفيسةٌ      يـجللها  حرُّ الأسى فتسيل

عليك سلام الله ما اتضح الضحى      وما  عاقبت شمسَ الأصيلِ اُفول

 

ثم قال لهما بالله ما اسمكما واسم أبيكما فقالا له أبونا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأنا الحسن وهذا أخي الحسين وهؤلاء بقية أولاده وأقرباؤه وجملة من أصحابه راجعون من دفنه. فقال سألتكما بالله وبجدكما رسول الله وأبيكما ولي الله إلا ما عرجتما بي على قبره لأجدد به عهدا فقد تنغَّص عيشي بقتله وتكدرت حياتي بعد دفنه فأخذه الحسن (ع) بيده اليمنى والحسين بيده اليسرى والناس من وراءهما بالبكاء والعويل حتى أتوا إلى قبره المنور فإنحنى عليه ذلك الرجل وجعل يمرغ جسمه عليه ويحثو التراب على رأسه حتى غشي عليه وهم حوله يبكون وقد أشرفوا على الهلاك من كثرة البكاء والنحيب فلما أفاق من غشوته رفع كفيه إلى السماء وقال اللهم إني أسألك بحق من سكن هذه الحفرة المنورة أن تلحقني به وتقبض روحي إليك فإني لا أقدر على فراقه. فاستجاب الله دعاءه فما وجدوه إلا مثل الخشبة اليابسة قد قضى نحبه فجهزوه ودفنوه بجنب أمير المؤمنين (ع) (2).

 

(موشح)

او قـصة الـسبطين من بعد الدفن      بـالخرابه مـن لگوا شـايب يون

گال طـيب چان يـفگدني او يحن      او هـذا ثـالث يوم مدري اشعطله

والحسن واحسين من سمعوا اشگال      على الوجنه الدمع سيل المطر سال

يـالتريد اجـواب عن هذا السؤال      إلـيـفگدك راح مـوحش مـنزله

مـن  سمعهم صاح يا طيب الصفات      بـعد  عـينك ابـد مـا تحله الحياة

لطم راسه وشهگ من حرگته او مات      چنـت مـثل الأبـو يـا حـيدر إله

چنـت  خـيمه لـلأرامل والايـتام      مـن تـنام الـناس عـينك مـا تنام

عـلى  الـفقره اتحوم تنطيها الطعام      والـفقير اخـلاف عـينك منهو إله

 

(أبوذية)

وحگ سبعه العله راسك ورضها      افـراگك  نحل اعظامي ورضها

تـهيم الـروح يا حيدر ورضهاِ      واگلها المرتضى ايطوف المسيه

 

(أبوذية)

المصايب بس عليّه سدن واجرن      نـار اشـعلن بـالدلال واجرن

ادمـوعي الك دم اتسيل واجرن      او بگه ثـوب الحزن راگد عليه

***

جَلَلَتَ فجلَّ الرزءُ فيك على الورى      كـذا  كـلُّ رزءٍ لـلجليل جـليل


(1) ـ ديوان عبد الحسين الحويزي.

(2) ـ وفاة أمير المؤمنين (ع) للبلادي.