المجلس الثاني رواية ثانية لقتل الإمام الجواد (ع) بالسم

القصيدة: للسيد صالح القزويني

 

ونـصَّ الـرضا أنَّ الجواد خليفتي      عـليكم بـأمر الله يـقضي ويحكم

هـو ابـنُ ثـلاثٍ كلَّم الناس هاديا      كـما  كـان في المهد المسيح يكلّم

سـلوه  يُـجبكم وانظروا ختم كتفه      فـفي  كـتفه خـتم الإمـامة يُختم

وكم لك يا ابن المصطفى بان معجزٌ      بـه  حـيث كلٌ من أعاديك مرغم

أقـمت وقـوَّمت الـهدى بعد سادةٍ      أقـاموا الهدى من بعد زيغٍ وقوَّموا

فـطوسٌ لكم والكرخ شجوا وكربلا      وكـوفان  تـبكي والـبقيعُ وزمزم

وكـم  أبـرموا أمرا وكادوا فكدتهم      بـنقضك  مـا كادوك فيه وأبرموا

فـما  مـنكم قـد حـرَّم الله حللوا      ومـا  لـكم قـد حـلل الله حرَّموا

فـصمتم  مـن الدين الحنيفيِّ حبله      وعـروته  الوثقى التي ليس تفصم

وسـمته أمُّ الـفضل عن أمر عمِّها      فـويلٌ  لـها مـن جـدِّه يوم تقدم

عـلى  قـلّة الأيام والمكث لم يزل      بـكمّ كـل يـومٍ يُـستضام ويُهظم

فـيا  لـقصير الـعمر طال لموته      عـلى الـدين والـدنيا البكا والتألُّم

بـفقدك  قـد أثـكلت شرعة أحمدٍ      فـشـرعته  الـغراءُ بـعدك أيـمُ

عـفا  بعدك الإسلام حزنا وأطفأت      مـصابيحُ  ديـن الله فالكون مظلم

فـيا  لك مفقودا ذوت بهجةُ الهدى      له وهوت من هالة المجد أنجم(1)

 

(موشح)

بـالعنب  سـم الـجواد المعتصم      والـمجد  شال او نشف بحر العلم

نشف  بحر الجود من مات الجواد      بأرض  بغداد او عليه سبع الشداد

نـاحت  او لبست الإسلام السواد      والسمه  اظلم او كشف ضي النجم

اظلمت ونور البدر لأجله انخسف      يوم گوّض والشمس ضيها انكسف

والإنس والجن غدت تصفج وسف      عگب أبـو الهادي دمعهم منسجم

 

رواية ثانية لقتل الإمام الجواد (ع) بالسم

روى المؤرخون: أنه وقعت حادثة سرقة في زمن المعتصم واختلف العلماء في مكان القطع فقال أحدهم تقطع اليد من المرفق وقال آخر تقطع من الزند فالتفت المعتصم إلى الإمام الجواد وسأله عن الحكم فقال له الإمام (ع): لقد سمعت جوابهم، قال: أريد جوابك أنت قال (ع): السنة أن تقطع اليد من أوصال الأصابع، فقال له المعتصم: ما الدليل؟ قال الإمام: لقوله تعالى: (وإن المساجد لله فلا تدعا مع الله أحدا) واليد من مساجد الله فلا تقطع فأمر المعتصم بقطع يد السارق من الموضع الذي عينه الإمام وشكره على موقفه، فاستشاط قاضي القضاة ابن أبي دؤاد غضبا وأخذ يحرض المتعصم على قتل الإمام الجواد فأتى المعتصم ذات يوم فقال له: إنك أذعنت لحكمه وبذلك جعلته أحق منك بالخلافة ولو علم بذلك وزراؤك وجيشك فإنهم سيطيعونه فرد عليه المعتصم بقوله جزاك الله عن نصيحتك هذه خيرا وأمر على الإمام الجواد أن يؤتى به فرفض (ع) قائلا: إنكم تعلمون أني لا أحضر مجالسكم، فقال: إنما أدعوك إلى الطعام فقد أحب فلان وفلان لقاءك ـ وهم من وزراء المعتصم ـ فلما أصر المعتصم على الإمام الجواد (ع) إلى بيت من بيوت الدولة وهناك كانت الخطة مدبرة لقتله بالسم وقدم الطعام فلما أكل الإمام من طعام المعتصم أحس بالسم يسري في جسمه فدعا بدابته وخرج مسرعا فلم يزل يومه ذلك وليلته يعاني آلام السم حتى قبض (ع) مسموما غريبا. وا إماماه، وا جواداه (2).

 

أتـقتل يا ابن الشفيع المطاع      ويا ابن المصابيح وابن الغرر

ويا ابن الشريعة وابن الكتاب      ويـا ابن الرواية وابن الأثر

 

قال في الأبصار: كان مولانا أبو الحسن الهادي (ع) جالسا بالمدينة مع صاحب له يقال له أبا زكريا إذ بكى بكاء شديدا فسأله الرجل ما بكاؤك؟ فلم يجبه فتركه ودخل البيت باكيا وهو يقول: إن أبي توفي الساعة فارتفعت الأصواب بالبكاء والنياح ثم خرج أبو الحسن ودموعه تجري على خديه وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، فسُئل عن ذلك فقال: إن أبي توفي الساعة في بغداد قفلنا: بما علمت؟ قال: دخلني من إجلال الله تعالى ما لم أكن أعرفه وفي جلاء العيون: أن علي الهادي (ع) أقبل بطيّ الأرض إلى بغداد وغسَّل أباه وحنطه وكفنه في مقابر قريش في ظهر جده موسى بن جعفر (عليهما السلام) ولسان حاله: وا أبتاه، وأعظم مصيبتاه والناس معه يصرخون، وا إماماه، وا سيداه.

 

لـهفي  لـمسموم قضى بعدما      قاسى عظيم الجور والاضطهاد

مـلقىً ثـلاثا لـيس يدري به      هـل هـو ميت أم عليل يعاد

لـله خـطب مـن شجا وقعه      قد  مارت الغبراء والعرش ماد

ثُـلَّت عـروش الدين فيه ولا      بـدع  فـقد قوّض منا العماد

 

(موشح)

مـنسجم ويـنوح لـمصابه الـعرش      والـملايك تـحن وايـنوح الـوحش

آه يــوم الـحـفَّت ابـذاك الـنعش      او ضجت اتصيح النسه او تبچي الزلم

بچت  كـلها او حـنَّت اطـيور الفله      او  عـلي الـهادي اتعنه ليه او غسله

بـس  أبـو الـسجاد ظـل ابـكربله      او  بالشمس مطروح من عنده الجسم

 

أقول: وبعد عودة مولانا الإمام الهادي إلى المدينة ارتفعت الأصوات من كل ناحية وا إماماه وا سيداه.

 

كما ارتفعت الأصوات من الهاشميات يوم رجع زين العابدين مع عماته إلى المدينة ووقف ناعي الحسين ينادي:

 

يا أهل يثرب لا مقام لكم بها      قـتل الحسين فأدمعي مدرار

الجسم  منه بكربلاء مضرج      والرأس منه على القناة يدار

 

(فائزي)

يـا أهـل يـثرب لا مُـقامِ الكم ابطيبه      انـذبح  سبط المصطفى وانخضب شيبه

جـسمه صـفه ميدان في وسط الحريبه      او راسه ابراس الرمح داروا بيه ملاعين

وابـنه  او خواته اركبوهم فوگ الجمال      مـن  غير ظل اولا ستر ما بين الانذال

بعد الخدر والصون صاروا في أذل حال      مـن  بـعد عـزتهم بگوا اسرى ذليلين

***

مثلُ الحسين على الصعيد مجردٌ      ويـزيدُ  يرفُلُ بالبرود الضافيه

مثل الحسين على الصعيد موسدٌ      ويـزيدُ  تحمله الكراسي العاليه

ونـساءُ نـذل سـميةٍ محجوبةٌ      والـسبطُ نـسوتُه سوافر باديه


(1) ـ المجالس السنية.

(2) ـ المجالس السنية ج2 للسيد محسن الأمين العاملي.