المجلس الرابع رثاء الإمام موسى الكاظم (ع) من خلال زيارته

القصيدة: للشيخ علي الجشي

 

إذا نـفحت مـن جانب الكرخ ريَّاه      هـدتنا  إلـيه فـي الدجى فنحوناهُ

فـإن بـجنب الـكرخ قـبرا لسيدِّ      يـنالُ له الراجي من السؤل أقصاه

إمـامُ هـدىً فـيه اهتدى كلُّ مهتدٍ      وكـان بـه بـدءُ الـوجود وإبقاء

وغُـيب  في تلك الطوامير شخصُه      ونـور  هـداه عمت الكون أضواه

فـلم  يـبلغوا مـا أمّـلوه فحاولوا      بـإزهاقهم نـفس الـهداية إطـفاه

إلـى أن قضى بابُ الحوائج نازحا      ومــا  حـضرته ولـدُه وأحـبِّاه

فـراح وحـمالون تـحمل نـعشه      وقـد أدرك الأعـداءُ مـا تـتمناه

فـلم  نر نعشا كان سجنا فقد سرى      وأقـيادُه  مـا بـارحتهن رجـلاه

كـأنـهمُ آلـوا ولـو كـان مـيتا      مـن الـسجن لا ينفكُّ حتى بمثواه

وسارت وراء النعش بشرا ولم تسر      لـتشييعه  والـكون زلـزل أرجاه

فـلهفي  له والشمسُ تصهر جسمه      على  الجسم مطروحا به حفَّ أعداه

بـنـفسي إمـام الـكائنات لـفقده      أسىً  أصبحت تلك العوالُم تنعاه(1)

 

 (أبوذية)

ابـن جعفر السمه اشلون منشال      اوياهو الشيعه امن الجسر منشال

الـف وسفه ابعبا ملفوف منشال      حـماميل  الـتشيل ابن الزچيه

 

(أبوذية)

ابسجن يالكاظم العدوان سموك      وانـته قاضي الحاجات سموك

بالله  بـالتشيل النعش ساموك      صدگ ظل ابحديده ابن الزچيه

 

(أبوذية)

الـكاظم راح عـمدتنه ويانه      يـشيعه  صاح المخبر ويانه

گوموا شيعوا ابن جعفر ويانه      ارفعوا اجنازته لابن الزچيه

 

رثاء الإمام موسى الكاظم (ع) من خلال زيارته

أيها المؤمنون لقد عرضت إحدى زيارات الإمام المظلوم مولانا موسى بن جعفر (ع) جانبا واسعا من ظلامته لاسيما ما يتعلق بحبسه وما كان يفعله أثناء الحبس وقد اقتطعت جوانب من تلك الزيارة المروية في كتب الزيارات مثل الإقبال ومفاتيح الجنان.

وفيها ذكر: (وصل على موسى بن جعفر وصي الأبرار وإمام الأخيار وعيبة الأنوار ووارث السكينة والحكم والآثار الذي كان يحيي الليل بالسهر إلى السحر بمواصلة الاستغفار حليف السجدة الطويلة والدموع الغزيرة والمناجاة الكبيرة والضرعات المتصلة).

 

رأى فراغته في السجن منيته      ونعمةً  شكر الباري بها حينا

طالت لطول سجودٍ منه ثفنتُه      فـقرَّحت جبهةً منه وعرنينا

 

نقل الصدوق في كتاب عيون أخبار الرضا (ع) عن عبد الله القزويني قال: دخلت على الفضل بن الربيع وهو جالس على السطح فقال لي ادن مني فدنوت منه حتى حاذيته فقال لي أشرف في الدار فأشرفت من على السطح فقال لي ما ترى في البيت فقلت أرى ثوبا مطروحا فقال لي انظر حسنا فتأملت فقلت رجلا فقال لي: تعرفه؟ فقلت: لا، فقال: هذا مولاك فقلت: ومن هو مولاي، فقال: تتجهل عليّ؟ فقلت: لا أتجهل عليك ولكن لا أعرف لي مولاي إلا أبا الحسن موسى بن جعفر واني أتفقده الليل والنهار فلم أجده في وقت من الأوقات فقال: هاهو في الحبس عندي ولا أراه إلا على الحال الذي تراه فيه يصلي الفجر فيعقب ساعة في دبر صلاته إلى أن تطلع الشمس ثم يسجد سجدة فلم يزل ساجدا حتى تزول الشمس وقد جعل من يترصد له الزوال فلا يدري متى يقول له الغلام قد زالت الشمس فيبتدأ في الصلاة (2).

 

أبكيك رهن السجون المظلمات وقد      ضاق الفضا وتوالى حولك الرصدُ

لـبـثت فـيهن أعـواما نـمانية      مـا بارحتك القيود الدُهم والصفد

 

ونواصل نقل مقاطع من زيارته: (والمضطهد بالظلم والمقبور بالجور والمعذب في قعر السجون وظلم المطامير ذو الساق المرضوض بحلق القيود والجنازة المنادى عليها بذُل الاستخفاف الوارد على جده المصطفى وأبيه المرتضى وأمه سيدة النساء بإرث مغصوب وولاء مسلوب وأمر مغلوب ودم مطلوب وسم مشروب) (3).

 

مـن مـبلغُ الإسلام أن زعيمه      قد مات في سجن الرشيد سميما

ملقى على جسر الرصافة نعشُه      فـيه  الـملائكُ أحدقوا تعظيما

فـعليه  روحُ الله أزهق روحه      وحـشا كـليم الله بـات كليما

مـنحَ القلوب مصابُه سُقما كما      منع النواظر في الدجى التهويما

 

(أبوذية)

اشلون الكاظم ايطب بيچ يسجون      وابن  جعفر ابطامورات يسجون

وسـم القاضي الحاجات يسجون      او مـاله احد يشيله ابن الزچيه

 

أيها المؤمنون لقد روى المؤرخون أن السم الذي سرى في بدن مولانا موسى بن جعفر كان كأنما من فمه إلى سرته تقطع بالسكاكين وتشرّح بالمواسي.

 

دسـوا  إليك نقيع السم في رطب      فـاخضرَّ لونك مذ ذابت به الكبد

حتى  قضيت غريب الدار منفردا      لـله نـاءٍ غـريب الـدار منفرد

أبـكي لـنعشك والأبصار ترمقه      ملقىً  على الجسر لا يدنو له أحد

أبـكيك مـا بـين حمالين أربعة      تشال جهرا وكل الناس قد شهدوا

 

(مجردات)

آيـا عـملة الـكاظم عملته      بـالسم گطَّـعوا ويلي چبدته

او فوگ الجسر حطوها جثته      والـشيعه جيه اشلون اجته

بـحديد اهو امگيد لگته      كل شيعي دم اتهل دمعته

 

(أبوذية)

نـشيع  نعش ابن جعفر بدينه      غريب  اقسم او ماله احد بدينه

او نشيل اجنازته او نلطم بدينه      او نـواسي جده حماي الحميه

 

(تخميس)

يـا من أذاب القلب في عبراته      حزنا  على المسموم في غرباته

اعـلمت كـم قاسى قبيل وفاته      قطع الرشيد عليه فرض صلاته

قـسرا وأظـهر كـامن الحقاد


(1) ـ شعراء القطيف ص289.

(2) ـ نقلا عن كتاب وفاة الإمام موسى بن جعفر ص26 للشيخ حسين الدرازي.

(3) ـ مفاتيح الجنان ص553 عباس القمي.