(زيد الشهيد بن علي بن الحسين (ع

القصيدة: للشيخ جعفر العماري النجفي الشهير بالنقدي

 

جـار الـزمانُ على أهل الهدى وغدا      مـن  كـان مـن شيعة الكرار يظلمه

أعـطى  يـدا لـبني مروان فانقلبت      بـمـعول الـشرك لـلتوحيد تـهدمه

تـحـكمت فـاسـتباحت مـايـحلّلُه      ديـن  الـهدى وأبـاحت مـا يحرِّمه

وقـدَّمـت  بـهـواها مـن يـؤخّره      وأخَّــرت بـأذاهـا مــن يـقدِّمه

فـأنـهضت بـالضُبا زيـدا حـميتُه      لـرغم  مـن بـات لـلإسلام يرغمه

وثـار  كـالليث لا تُـلوى عـزيمتُه      وقـلـبه  الـغيظ يـذكيه ويـضرمه

وشـبَّـها  لـلسما حـمراء سـاطعةً      كـادت  لـملك بـني مـروان تلهمه

لـكنَّ صـرف الـقضا أمضى مقدَّرُه      وعـاق مـسعاه مـا يـفضي محتَّمه

أصـابـه الـسهمُ مـسموما بـجبهته      فـسال فـوق الـثرى من وجهه دمه

هـوى وقـد نـال منه السم قل جبل      عالي الذري طاح فوق الأرض معظمه

يـا مـيتا نـاح أصـحاب الكساء له      كـما  بـكاه مـن الـتنزيل مـحكمه

ويـا قـتيلا لـه عـينُ الوجود هَمَت      دمـا يُـخضِّب وجـه الـكون عندمُه

لم يرض بالأرض أن تغدو له سكنا      فـراح يـنحو السما والجذعُ سلمه

لـه الفضاء ارتدى برد الحداد وقد      أقـيم فـي الـعالم الـعلويِّ مأتمه

تـظله الـطيرُ مصلوبا وقد بعثت      أشـعة  الـشمس للإبصار أعظمه

يا  جذعه طُل على الأفلاك متتخرا      بـجسم مـن ودت الأملاكُ تخدمه

أبـا الحسين بكت عينُ السماء دما      عـليك والأفـق سودا غبن أنجمه

يا ليت من سهمُه أرداك حين رمى      تـصيب  قـبلك منه القلب أسهمه

ولـيت من أحرقوا تلك العظام بهم      هوت  من الله في الدنيا جهنمه(1)

 

(بحر طويل)

أنـشدني  عـن أبو يحيى التحت الساجيه دفنوه      عـليه دلـوه بني مروان اجوا من حفرته شالوه

چتـله مـا كـفاهم ذاك بـغضا لـلجذع صلبوه      ثـلث اسـنين اهو امعلَّگ شوف الكُره والتعنيد

هـذي  اصـياحها يا زيد خلها اتنوح بت الدوح      انـشدني  عن بگايه الطير بعد المن يون وينوح

نوحه اعله الغريب المات عاري ابكربله مطروح      او راسه اعلى الرمح شالوه واعياله مشت ليزيد

 

(نصاري)

عـلى زيـد الشهيد اتسح العيون      مـثل  احسين جده موش مدفون

والاعـظم  للجسم تالي يحرگون      او لاهل الشام راسه يصير منظر

 

شهادة زيد بن الإمام علي بن الحسين (ع)

لقد قام زيد (رض) بثورة عظيمة في الكوفة وأسبابها بشكل مختصر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمطالبة بثأر الحسين (ع) شهيد كربلاء، ورفع الظلم عن عامة المسلمين وإعادة الخلافة إلى أهل البيت بقيادة الإمام المعصوم (ع) وكان آنذاك هو الإمام الصادق (ع) لان الإجتماع قام على أن زيداً دعى إلى الرضا من آل محمد (ص) وهو الإمام المعصوم.

وكانت ثورته في زمن هشام بن عبد الملك سنة 122هـ وأجهضت بسبب قلة الأنصار والاغتيال الذي حصل له من خلال سهم غادر وقع في جبهته وبعد مقتله تسلم قيادة الثورة ابنه الشاب يحيى الذي انتقل مع عدد من أصحابه إلى بلاد إيران.

وهذه روايات شريفة في فضل زيد بن علي (ع):

1ـ عن حذيفة بن اليمان قال: نظر رسول الله (ص) إلى زيد بن حارثة فقال: المظلوم من أهل بيتي والمقتول في الله والمصلوب من أمتي سميُّ هذا وأشار إلى زيد بن حارثة ثم قال: ادن مني يا زيد زادك اسمك عندي حبا فأنت سميُّ الحبيب من أهل بيتي.

2ـ وروي عن الإمام الحسين (ع) قال: سيكون منا رجل اسمه زيد يخرج فيقتل فلا يبقى في السماء ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا تلقى روحه ليرفعه أهل كل السماء إلى سماء الخير.

3ـ وعن الفضيل بن يسار قال: دخلت على أبي عبد الله بعدما قتل زيد بن علي فقال يا فضيل: قتل عمي زيد؟ قلت: نعم جعلت فداك، قال: رحمه الله، أما انه كان مؤمنا وكان عارفا وكان عالما صدوقا أما انه لو ظفر لوفى أما انه لو ملك لعرف كيف يضعها إلى أحاديث أخرى (2).

لقد أبدى زيد بن علي شجاعة فائقة أثناء المعارك، بحيث أعاد للأذهان بطولات أجداده الطاهرين واستطاع أن يلحق الهزائم بالعدو مرات عديدة، فكانت الحرب تسير لصالحه لولا ذلك السهم الغادر الذي أصاب جبهته.

تقول الروايات: فبينما زيد (رض) يقاتل جنود الأمويين في الكوفة وقد أصيب بثلاثة عشر سهما إذ رُمي بسهم وقع في جبهته اليسرى فنزل السهم في الدماغ فرجع ورجع أصحابه إلى بيت حران بن أبي كريمة وجاءوا له بطبيب فقال له: إنك إن نزعته من رأسك مت قال زيد (رض): الموت أيسر عليّ مما أنا فيه وانتزع السهم من جبينه فما أن انتزعه حتى قضى نحبه (رض).

قال أصحابه: أين ندفنه وأين نواريه؟ فقال بعضهم: نلبسه درعين ثم نلقيه في الماء وقال بعضهم: لا بل نحتز رأسه وقال بعضهم: نحمله إلى العباسية فندفنه فيها فقبلوا رأيه، فانطلقوا به إلى العباسية فدفنوه وأجروا عليه الماء وكان معهم غلام سندي فذهب إلى السلطة وأخبرهم بالخبر فاستخرجوه وحزوا رأسه وسيروه إلى دمشق فنصب في أحد شوارعها.

قال بعضهم: فنظرت إليه حين أقبلوا به على جمل قد شد بالحبال وعليه قميص أصفر فألقى من البعير على باب القصر فخر كأنه جبل فامر به فصلب بالكناسة عاريا ومكث مصلوبا أربع سنين حتى أن الفاختة عششت في جوفه.

فلما ظهر يحيى ابن زيد كتب الوليد إلى يوسف بن عمرو أما بعد فإذا أتاك كتابي هذا فانظر عجل أهل العراق فأحرقه وأنسفه في اليم نسفا فأمر يوسف عند ذلك أحد أصحابه فأنزله من جذعه فأحرقه بالنار ثم جعله في قواصر(3) ثم حمله في سفينة ثم ذرّاه في الفرات.

وشواهد النبي (ص) في الرؤيا متساندا إلى جذع زيد بن علي وهو مصلوب وهو يقول للناس: أهكذا تفعلون بولدي؟

نعم: إن مصيبة زيد أحرقت قلوب أهل البيت (ع) لاسيما سيدنا وإمامنا أبي عبد الله الصادق (ع) الذي كان يبكي عمه بحرقة. يقول الأمين في كتابه: (زيد الشهيد) عن حمزة بن حمران قال: دخلت على الصادق جعفر بن محمد (ع) فقال لي: يا حمزة من أين أقبلت؟ قلت من الكوفة فبكى حتى بُلَّت لحيته فقلت له: يا ابن رسول الله ما لك أكثرت البكاء؟ قال: ذكرتعمي زيدا وما صُنع في فبكيت فقلت له: وما الذي ذكرت منه؟ فقال: ذكرت مقتله وقد أصاب جبينه السهم فجاء ابنه يحيى فانكب عليه وقال: أبشر يا أبتاه فإنك ترد على رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم) قال: أجل يا بني ثم عاد بطبيب فنزع السهم من جبينه فكانت نفسه معه (4).

 

أقول: رحم الله الشيخ يعقوب النجفي إذ يقول:

 

يـبكي الإمـام لزيد حين يذكره      وإن زيـدا بـسهم واحد ضُربا

فكيف حال علي بن الحسين وقد      رأى أبـاه لنبل القوم قد نصبا

 

(بحر طويل)

الصادق  من ذكر عمه حن او سچب دمع العين      الله  ايـساعد الـسجاد مـن عاين لبوه احسين

شـافه  لـلنبل مرمي او ماله من اخوته امعين      ظـل  الـحالته يـبكي او ينوح ابليله وانهاره

اشلون  اهجمع وبطل النوح وانته اموسد الغبره      اشلون التذ ابشرف الماي بويه او ما اجر حسره

وانته امن العطش يا حيف كبدك بيه ألف جمره      شـيطفيه جـمر كـبدي او كبدك ما طفت ناره

لـحـرم  او سـادتي لـلنوم يـلمتوسد الـتربان      وخلي ادموعي تجري ادموم لجلك يالرحت عطشان

حگي لـو گضه صبري او بگيت ابلوعة الأحزان      مـاني الـفاگد احـبابي ابـوي احسين وانصاره

 

(أبوذية)

جـرى  دمعي على الوجنه وشاله      الگلـب يـجري ولاتم بيه وشاله

عـلى  الـمحَّد دنه النعشه وشاله      گبل ما ترض صدره اخيول اميه

 

(تخميس)

أفاطم إن الوحي قد قام معولا      لرزءٍ به أبكى السماء وزلزلا

اتدرين  ماذا قد دهاك بكربلا      أفاطمُ لو خلت الحسين مجدلا

وقد مات عطشانا بشط فرات

 

(تخميس)

ومـن جسمه الأعداء تسلب برده      وفيها جنت لم ترع في السبط جدَّه

فو  الله لو شاهدت في الترب خدَّه      إذاً  لـلطمت الـخد فـاطمُ عنده

وأجريت  دمع العين في الوجنات


(1) ـ شعراء الغري ج2 ص101 علي الخاقاني.

(2) ـ راجع كتاب عوامل خلود الثورة الحسينية 186 للمؤلف.

(3) ـ جمع قوصرة، وعاء معروف يصنع من سعف النخيل يستخدم لكبس التمور الجافة.

(4) ـ مقتل الطالبيين لأبي الفرج الاصفهاني. أبو الحسين زيد الشهيد للسيد محسن الأمين. شجرة طوبى للشيخ محمد مهدي الحائري.