حكم أمير المؤمنين (عليه السلام) 1

1- قال (عليه السلام) : كنْ في الْفتْنة كابْن اللّبون لا ظهْر فيرْكب و لا ضرْع فيحْلب .

2- و قال (عليه السلام) : أزْرى بنفْسه من اسْتشْعر الطّمع و رضي بالذّلّ منْ كشف عنْ ضرّه و هانتْ عليْه نفْسه منْ أمّر عليْها لسانه .

3- و قال (عليه السلام) : الْبخْل عار و الْجبْن منْقصة و الْفقْر يخْرس الْفطن عنْ حجّته و الْمقلّ غريب في بلْدته .

4- و قال (عليه السلام) : الْعجْز آفة و الصّبْر شجاعة و الزّهْد ثرْوة و الْورع جنّة و نعْم الْقرين الرّضى .

5- و قال (عليه السلام) : الْعلْم وراثة كريمة و الْآداب حلل مجدّدة و الْفكْر مرْآة صافية .

6- و قال (عليه السلام) : صدْر الْعاقل صنْدوق سرّه و الْبشاشة حبالة الْمودّة و الاحْتمال قبْر الْعيوب.

 و روي أنّه قال في الْعبارة عنْ هذا الْمعْنى أيْضا الْمسْألة خباء الْعيوب و منْ رضي عنْ نفْسه كثر السّاخط عليْه .

7- و قال (عليه السلام) : الصّدقة دواء منْجح و أعْمال الْعباد في عاجلهمْ نصْب أعْينهمْ في آجالهمْ .

8- و قال (عليه السلام) : اعْجبوا لهذا الْإنْسان ينْظر بشحْم و يتكلّم بلحْم و يسْمع بعظْم و يتنفّس منْ خرْم

9- و قال (عليه السلام) : إذا أقْبلت الدّنْيا على أحد أعارتْه محاسن غيْره و إذا أدْبرتْ عنْه سلبتْه محاسن نفْسه .

10- و قال (عليه السلام) : خالطوا النّاس مخالطة إنْ متّمْ معها بكوْا عليْكمْ و إنْ عشْتمْ حنّوا إليْكمْ .

11- و قال (عليه السلام) : إذا قدرْت على عدوّك فاجْعل الْعفْو عنْه شكْرا للْقدْرة عليْه .

12- و قال (عليه السلام) : أعْجز النّاس منْ عجز عن اكْتساب الْإخْوان و أعْجز منْه منْ ضيّع منْ ظفر به منْهمْ

13- و قال (عليه السلام) : إذا وصلتْ إليْكمْ أطْراف النّعم فلا تنفّروا أقْصاها بقلّة الشّكْر .

14- و قال (عليه السلام) : منْ ضيّعه الْأقْرب أتيح له الْأبْعد .

15- و قال (عليه السلام) : ما كلّ مفْتون يعاتب .

16- و قال (عليه السلام) : تذلّ الْأمور للْمقادير حتّى يكون الْحتْف في التّدْبير .

17- و سئل (عليه السلام) عنْ قوْل الرّسول (صلى الله عليه وآله) غيّروا الشّيْب و لا تشبّهوا بالْيهود ، فقال (عليه السلام) : إنّما قال (صلى الله عليه وآله) ذلك و الدّين قلّ فأمّا الْآن و قد اتّسع نطاقه و ضرب بجرانه فامْرؤ و ما اخْتار .

18- و قال (عليه السلام) : في الّذين اعْتزلوا الْقتال معه خذلوا الْحقّ و لمْ ينْصروا الْباطل .

19- و قال (عليه السلام) : منْ جرى في عنان أمله عثر بأجله .

20- و قال (عليه السلام) : أقيلوا ذوي الْمروءات عثراتهمْ فما يعْثر منْهمْ عاثر إلّا و يد اللّه بيده يرْفعه .

21- و قال (عليه السلام) : قرنت الْهيْبة بالْخيْبة و الْحياء بالْحرْمان و الْفرْصة تمرّ مرّ السّحاب فانْتهزوا فرص الْخيْر .

22- و قال (عليه السلام) : لنا حقّ فإنْ أعْطيناه و إلّا ركبْنا أعْجاز الْإبل و إنْ طال السّرى .

 قال الرضي : و هذا من لطيف الكلام و فصيحه و معناه أنا إن لم نعط حقنا كنا أذلاء و ذلك أن الرديف يركب عجز البعير كالعبد و الأسير و من يجري مجراهما .

23- و قال (عليه السلام) : منْ أبْطأ به عمله لمْ يسْرعْ به نسبه .

24- و قال (عليه السلام) : منْ كفّارات الذّنوب الْعظام إغاثة الْملْهوف و التّنْفيس عن الْمكْروب .

25- و قال (عليه السلام) : يا ابْن آدم إذا رأيْت ربّك سبْحانه يتابع عليْك نعمه و أنْت تعْصيه فاحْذرْه .

26- و قال (عليه السلام) : ما أضْمر أحد شيْئا إلّا ظهر في فلتات لسانه و صفحات وجْهه .

27- و قال (عليه السلام) : امْش بدائك ما مشى بك .

28- و قال (عليه السلام) : أفْضل الزّهْد إخْفاء الزّهْد .

29- و قال (عليه السلام) : إذا كنْت في إدْبار و الْموْت في إقْبال فما أسْرع الْملْتقى .

30- و قال (عليه السلام) : الْحذر الْحذر فواللّه لقدْ ستر حتّى كأنّه قدْ غفر .

31- و سئل (عليه السلام) عن الْإيمان فقال الْإيمان على أرْبع دعائم على الصّبْر و الْيقين و الْعدْل و الْجهاد و الصّبْر منْها على أرْبع شعب على الشّوْق و الشّفق و الزّهْد و التّرقّب فمن اشْتاق إلى الْجنّة سلا عن الشّهوات و منْ أشْفق من النّار اجْتنب الْمحرّمات و منْ زهد في الدّنْيا اسْتهان بالْمصيبات و من ارْتقب الْموْت سارع إلى الْخيْرات و الْيقين منْها على أرْبع شعب على تبْصرة الْفطْنة و تأوّل الْحكْمة و موْعظة الْعبْرة و سنّة الْأوّلين فمنْ تبصّر في الْفطْنة تبيّنتْ له الْحكْمة و منْ تبيّنتْ له الْحكْمة عرف الْعبْرة و منْ عرف الْعبْرة فكأنّما كان في الْأوّلين و الْعدْل منْها على أرْبع شعب على غائص الْفهْم و غوْر الْعلْم و زهْرة الْحكْم و رساخة الْحلْم فمنْ فهم علم غوْر الْعلْم و منْ علم غوْر الْعلْم صدر عنْ شرائع الْحكْم و منْ حلم لمْ يفرّطْ في أمْره و عاش في النّاس حميدا و الْجهاد منْها على أرْبع شعب على الْأمْر بالْمعْروف و النّهْي عن الْمنْكر و الصّدْق في الْمواطن و شنآن الْفاسقين فمنْ أمر بالْمعْروف شدّ ظهور الْمؤْمنين و منْ نهى عن الْمنْكر أرْغم أنوف الْكافرين و منْ صدق في الْمواطن قضى ما عليْه و منْ شنئ الْفاسقين و غضب للّه غضب اللّه له و أرْضاه يوْم الْقيامة و الْكفْر على أرْبع دعائم على التّعمّق .

و التّنازع و الزّيْغ و الشّقاق فمنْ تعمّق لمْ ينبْ إلى الْحقّ و منْ كثر نزاعه بالْجهْل دام عماه عن الْحقّ و منْ زاغ ساءتْ عنْده الْحسنة و حسنتْ عنْده السّيّئة و سكر سكْر الضّلالة و منْ شاقّ وعرتْ عليْه طرقه و أعْضل عليْه أمْره و ضاق عليْه مخْرجه و الشّكّ على أرْبع شعب على التّماري و الْهوْل و التّردّد و الاسْتسْلام فمنْ جعل الْمراء ديْدنا لمْ يصْبحْ ليْله و منْ هاله ما بيْن يديْه نكص على عقبيْه و منْ تردّد في الرّيْب وطئتْه سنابك الشّياطين و من اسْتسْلم لهلكة الدّنْيا و الْآخرة هلك فيهما .

 قال الرضي : و بعد هذا كلام تركنا ذكره خوف الإطالة و الخروج عن الغرض المقصود في هذا الكتاب .

32- و قال (عليه السلام) : فاعل الْخيْر خيْر منْه و فاعل الشّرّ شرّ منْه .

33- و قال (عليه السلام) : كنْ سمْحا و لا تكنْ مبذّرا و كنْ مقدّرا و لا تكنْ مقتّرا .

34- و قال (عليه السلام) : أشْرف الْغنى ترْك الْمنى .

35- و قال (عليه السلام) : منْ أسْرع إلى النّاس بما يكْرهون قالوا فيه بما لا يعْلمون .

36- و قال (عليه السلام) : منْ أطال الْأمل أساء الْعمل .

37-  و قال (عليه السلام) : و قدْ لقيه عنْد مسيره إلى الشّام دهاقين الْأنْبار فترجّلوا له و اشْتدّوا بيْن يديْه فقال :

ما هذا الّذي صنعْتموه فقالوا خلق منّا نعظّم به أمراءنا فقال و اللّه ما ينْتفع بهذا أمراؤكمْ و إنّكمْ لتشقّون على أنْفسكمْ في دنْياكمْ و تشْقوْن به في آخرتكمْ و ما أخْسر الْمشقّة وراءها الْعقاب و أرْبح الدّعة معها الْأمان من النّار .

38- و قال (عليه السلام) : لابْنه الْحسن (عليه السلام) يا بنيّ احْفظْ عنّي أرْبعا و أرْبعا لا يضرّك ما عملْت معهنّ إنّ أغْنى الْغنى الْعقْل و أكْبر الْفقْر الْحمْق و أوْحش الْوحْشة الْعجْب و أكْرم الْحسب حسْن الْخلق يا بنيّ إيّاك و مصادقة الْأحْمق فإنّه يريد أنْ ينْفعك فيضرّك و إيّاك و مصادقة الْبخيل فإنّه يقْعد عنْك أحْوج ما تكون إليْه و إيّاك و مصادقة الْفاجر فإنّه يبيعك بالتّافه و إيّاك و مصادقة الْكذّاب فإنّه كالسّراب يقرّب عليْك الْبعيد و يبعّد عليْك الْقريب .

39- و قال (عليه السلام) : لا قرْبة بالنّوافل إذا أضرّتْ بالْفرائض .

40- و قال (عليه السلام) : لسان الْعاقل وراء قلْبه و قلْب الْأحْمق وراء لسانه .

 قال الرضي : و هذا من المعاني العجيبة الشريفة و المراد به أن العاقل لا يطلق لسانه إلا بعد مشاورة الروية و مؤامرة الفكرة و الأحمق تسبق حذفات لسانه و فلتات كلامه مراجعة فكره و مماخضة رأيه فكأن لسان العاقل تابع لقلبه و كأن قلب الأحمق تابع للسانه .

41-  و قد روي عنه (عليه السلام) هذا المعنى بلفظ آخر و هو قوله :

قلْب الْأحْمق في فيه و لسان الْعاقل في قلْبه .

 و معناهما واحد .

42- و قال (عليه السلام) : لبعْض أصْحابه في علّة اعْتلّها جعل اللّه ما كان منْ شكْواك حطّا لسيّئاتك فإنّ الْمرض لا أجْر فيه و لكنّه يحطّ السّيّئات و يحتّها حتّ الْأوْراق و إنّما الْأجْر في الْقوْل باللّسان و الْعمل بالْأيْدي و الْأقْدام و إنّ اللّه سبْحانه يدْخل بصدْق النّيّة و السّريرة الصّالحة منْ يشاء منْ عباده الْجنّة .

 قال الرضي : و أقول صدق (عليه السلام) إن المرض لا أجر فيه لأنه ليس من قبيل ما يستحق عليه العوض لأن العوض يستحق على ما كان في مقابلة فعل الله تعالى بالعبد من الآلام و الأمراض و ما يجري مجرى ذلك و الأجر و الثواب يستحقان على ما كان في مقابلة فعل العبد فبينهما فرق قد بينه (عليه السلام) كما يقتضيه علمه الثاقب و رأيه الصائب .

43- و قال (عليه السلام) : في ذكْر خبّاب بْن الْأرتّ يرْحم اللّه خبّاب بْن الْأرتّ فلقدْ أسْلم راغبا و هاجر طائعا و قنع بالْكفاف و رضي عن اللّه و عاش مجاهدا .

44- و قال (عليه السلام) : طوبى لمنْ ذكر الْمعاد و عمل للْحساب و قنع بالْكفاف و رضي عن اللّه .

45- و قال (عليه السلام) : لوْ ضربْت خيْشوم الْمؤْمن بسيْفي هذا على أنْ يبْغضني ما أبْغضني و لوْ صببْت الدّنْيا بجمّاتها على الْمنافق على أنْ يحبّني ما أحبّني و ذلك أنّه قضي فانْقضى على لسان النّبيّ الْأمّيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قال يا عليّ لا يبْغضك مؤْمن و لا يحبّك منافق .

46- و قال (عليه السلام) : سيّئة تسوءك خيْر عنْد اللّه منْ حسنة تعْجبك .

47- و قال (عليه السلام) : قدْر الرّجل على قدْر همّته و صدْقه على قدْر مروءته و شجاعته على قدْر أنفته و عفّته على قدْر غيْرته .

48- و قال (عليه السلام) : الظّفر بالْحزْم و الْحزْم بإجالة الرّأْي و الرّأْي بتحْصين الْأسْرار .

49- و قال (عليه السلام) : احْذروا صوْلة الْكريم إذا جاع و اللّئيم إذا شبع .

50- و قال (عليه السلام) : قلوب الرّجال وحْشيّة فمنْ تألّفها أقْبلتْ عليْه.

51- و قال (عليه السلام) : عيْبك مسْتور ما أسْعدك جدّك .

52- و قال (عليه السلام) : أوْلى النّاس بالْعفْو أقْدرهمْ على الْعقوبة .

53- و قال (عليه السلام) : السّخاء ما كان ابْتداء فأمّا ما كان عنْ مسْألة فحياء و تذمّم .

54- و قال (عليه السلام) : لا غنى كالْعقْل و لا فقْر كالْجهْل و لا ميراث كالْأدب و لا ظهير كالْمشاورة .

55- و قال (عليه السلام) : الصّبْر صبْران صبْر على ما تكْره و صبْر عمّا تحبّ .

56- و قال (عليه السلام) : الْغنى في الْغرْبة وطن و الْفقْر في الْوطن غرْبة .

57- و قال (عليه السلام) : الْقناعة مال لا ينْفد .

 قال الرضي : و قد روي هذا الكلام عن النبي (صلى الله عليه وآله) .

58- و قال (عليه السلام) : الْمال مادّة الشّهوات .

59- و قال (عليه السلام) : منْ حذّرك كمنْ بشّرك .

60- و قال (عليه السلام) : اللّسان سبع إنْ خلّي عنْه عقر .

61- و قال (عليه السلام) : الْمرْأة عقْرب حلْوة اللّسْبة .

62- و قال (عليه السلام) : إذا حيّيت بتحيّة فحيّ بأحْسن منْها و إذا أسْديتْ إليْك يد فكافئْها بما يرْبي عليْها و الْفضْل مع ذلك للْبادئ .

63- و قال (عليه السلام) : الشّفيع جناح الطّالب .

64- و قال (عليه السلام) : أهْل الدّنْيا كركْب يسار بهمْ و همْ نيام .

65- و قال (عليه السلام) : فقْد الْأحبّة غرْبة .

66- و قال (عليه السلام) : فوْت الْحاجة أهْون منْ طلبها إلى غيْر أهْلها .

67- و قال (عليه السلام) : لا تسْتح منْ إعْطاء الْقليل فإنّ الْحرْمان أقلّ منْه .

68- و قال (عليه السلام) : الْعفاف زينة الْفقْر و الشّكْر زينة الْغنى .

69- و قال (عليه السلام) : إذا لمْ يكنْ ما تريد فلا تبلْ ما كنْت .

70- و قال (عليه السلام) : لا ترى الْجاهل إلّا مفْرطا أوْ مفرّطا .

71- و قال (عليه السلام) : إذا تمّ الْعقْل نقص الْكلام .

72- و قال (عليه السلام) : الدّهْر يخْلق الْأبْدان و يجدّد الْآمال و يقرّب الْمنيّة و يباعد الْأمْنيّة منْ ظفر به نصب و منْ فاته تعب .

73- و قال (عليه السلام) : منْ نصب نفْسه للنّاس إماما فلْيبْدأْ بتعْليم نفْسه قبْل تعْليم غيْره و لْيكنْ تأْديبه بسيرته قبْل تأْديبه بلسانه و معلّم نفْسه و مؤدّبها أحقّ بالْإجْلال منْ معلّم النّاس و مؤدّبهمْ .

74- و قال (عليه السلام) : نفس الْمرْء خطاه إلى أجله .

75- و قال (عليه السلام) : كلّ معْدود منْقض و كلّ متوقّع آت .

76- و قال (عليه السلام) : إنّ الْأمور إذا اشْتبهتْ اعْتبر آخرها بأوّلها .

77-  و منْ خبر ضرار بْن حمْزة الضّبائيّ عنْد دخوله على معاوية و مسْألته له عنْ أمير الْمؤْمنين (عليه السلام) و قال فأشْهد لقدْ رأيْته في بعْض مواقفه و قدْ أرْخى اللّيْل سدوله و هو قائم في محْرابه قابض على لحْيته يتملْمل تملْمل السّليم و يبْكي بكاء الْحزين و يقول :

يا دنْيا يا دنْيا إليْك عنّي أ بي تعرّضْت أمْ إليّ تشوّقْت لا حان حينك هيْهات غرّي غيْري لا حاجة لي فيك قدْ طلّقْتك ثلاثا لا رجْعة فيها فعيْشك قصير و خطرك يسير و أملك حقير آه منْ قلّة الزّاد و طول الطّريق و بعْد السّفر و عظيم الْموْرد .

78-  و منْ كلام له (عليه السلام) للسّائل الشّاميّ لمّا سأله أ كان مسيرنا إلى الشّام بقضاء من اللّه و قدر بعْد كلام طويل هذا مخْتاره :

ويْحك لعلّك ظننْت قضاء لازما و قدرا حاتما لوْ كان ذلك كذلك لبطل الثّواب و الْعقاب و سقط الْوعْد و الْوعيد إنّ اللّه سبْحانه أمر عباده تخْييرا و نهاهمْ تحْذيرا و كلّف يسيرا و لمْ يكلّفْ عسيرا و أعْطى على الْقليل كثيرا و لمْ يعْص مغْلوبا و لمْ يطعْ مكْرها و لمْ يرْسل الْأنْبياء لعبا و لمْ ينْزل الْكتب للْعباد عبثا و لا خلق السّماوات و الْأرْض و ما بيْنهما باطلا ذلك ظنّ الّذين كفروا فويْل للّذين كفروا من النّار .

79- و قال (عليه السلام) : خذ الْحكْمة أنّى كانتْ فإنّ الْحكْمة تكون في صدْر الْمنافق فتلجْلج في صدْره حتّى تخْرج فتسْكن إلى صواحبها في صدْر الْمؤْمن .

80- و قال (عليه السلام) : الْحكْمة ضالّة الْمؤْمن فخذ الْحكْمة و لوْ منْ أهْل النّفاق .

81- و قال (عليه السلام) : قيمة كلّ امْرئ ما يحْسنه .

 قال الرضي : و هي الكلمة التي لا تصاب لها قيمة و لا توزن بها حكمة و لا تقرن إليها كلمة .

82- و قال (عليه السلام) : أوصيكمْ بخمْس لوْ ضربْتمْ إليْها آباط الْإبل لكانتْ لذلك أهْلا لا يرْجونّ أحد منْكمْ إلّا ربّه و لا يخافنّ إلّا ذنْبه و لا يسْتحينّ أحد منْكمْ إذا سئل عمّا لا يعْلم أنْ يقول لا أعْلم و لا يسْتحينّ أحد إذا لمْ يعْلم الشّيْ‏ء أنْ يتعلّمه و عليْكمْ بالصّبْر فإنّ الصّبْر من الْإيمان كالرّأْس من الْجسد و لا خيْر في جسد لا رأْس معه و لا في إيمان لا صبْر معه .

83- و قال (عليه السلام) : لرجل أفْرط في الثّناء عليْه و كان له متّهما أنا دون ما تقول و فوْق ما في نفْسك .

84- و قال (عليه السلام) : بقيّة السّيْف أبْقى عددا و أكْثر ولدا .

85- و قال (عليه السلام) : منْ ترك قوْل لا أدْري أصيبتْ مقاتله .

86- و قال (عليه السلام) : رأْي الشّيْخ أحبّ إليّ منْ جلد الْغلام و روي منْ مشْهد الْغلام .

87- و قال (عليه السلام) : عجبْت لمنْ يقْنط و معه الاسْتغْفار .

88-  و حكى عنْه أبو جعْفر محمّد بْن عليّ الْباقر (عليه السلام) أنّه قال :

كان في الْأرْض أمانان منْ عذاب اللّه و قدْ رفع أحدهما فدونكم الْآخر فتمسّكوا به أمّا الْأمان الّذي رفع فهو رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) و أمّا الْأمان الْباقي فالاسْتغْفار قال اللّه تعالى و ما كان اللّه ليعذّبهمْ و أنْت فيهمْ و ما كان اللّه معذّبهمْ و همْ يسْتغْفرون .

 قال الرضي : و هذا من محاسن الاستخراج و لطائف الاستنباط .

89- و قال (عليه السلام) : منْ أصْلح ما بيْنه و بيْن اللّه أصْلح اللّه ما بيْنه و بيْن النّاس و منْ أصْلح أمْر آخرته أصْلح اللّه له أمْر دنْياه و منْ كان له منْ نفْسه واعظ كان عليْه من اللّه حافظ .

90- و قال (عليه السلام) : الْفقيه كلّ الْفقيه منْ لمْ يقنّط النّاس منْ رحْمة اللّه و لمْ يؤْيسْهمْ منْ روْح اللّه و لمْ يؤْمنْهمْ منْ مكْر اللّه .

91- و قال (عليه السلام) : إنّ هذه الْقلوب تملّ كما تملّ الْأبْدان فابْتغوا لها طرائف الْحكم .

92- و قال (عليه السلام) : أوْضع الْعلْم ما وقف على اللّسان و أرْفعه ما ظهر في الْجوارح و الْأرْكان .

93- و قال (عليه السلام) : لا يقولنّ أحدكمْ اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الْفتْنة لأنّه ليْس أحد إلّا و هو مشْتمل على فتْنة و لكنْ من اسْتعاذ فلْيسْتعذْ منْ مضلّات الْفتن فإنّ اللّه سبْحانه يقول و اعْلموا أنّما أمْوالكمْ و أوْلادكمْ فتْنة و معْنى ذلك أنّه يخْتبرهمْ بالْأمْوال و الْأوْلاد ليتبيّن السّاخط لرزْقه و الرّاضي بقسْمه و إنْ كان سبْحانه أعْلم بهمْ منْ أنْفسهمْ و لكنْ لتظْهر الْأفْعال الّتي بها يسْتحقّ الثّواب و الْعقاب لأنّ بعْضهمْ يحبّ الذّكور و يكْره الْإناث و بعْضهمْ يحبّ تثْمير الْمال و يكْره انْثلام الْحال .

 قال الرضي : و هذا من غريب ما سمع منه في التفسير .

94- و سئل عن الْخيْر ما هو فقال ليْس الْخيْر أنْ يكْثر مالك و ولدك و لكنّ الْخيْر أنْ يكْثر علْمك و أنْ يعْظم حلْمك و أنْ تباهي النّاس بعبادة ربّك فإنْ أحْسنْت حمدْت اللّه و إنْ أسأْت اسْتغْفرْت اللّه و لا خيْر في الدّنْيا إلّا لرجليْن رجل أذْنب ذنوبا فهو يتداركها بالتّوْبة و رجل يسارع في الْخيْرات .

95- و قال (عليه السلام) : لا يقلّ عمل مع التّقْوى و كيْف يقلّ ما يتقبّل .

96- و قال (عليه السلام) : إنّ أوْلى النّاس بالْأنْبياء أعْلمهمْ بما جاءوا به ثمّ تلا إنّ أوْلى النّاس بإبْراهيم للّذين اتّبعوه و هذا النّبيّ و الّذين آمنوا الْآية ثمّ قال إنّ وليّ محمّد منْ أطاع اللّه و إنْ بعدتْ لحْمته و إنّ عدوّ محمّد منْ عصى اللّه و إنْ قربتْ قرابته .

97- و سمع (عليه السلام) رجلا من الْحروريّة يتهجّد و يقْرأ فقال نوْم على يقين خيْر منْ صلاة في شكّ .

98- و قال (عليه السلام) : اعْقلوا الْخبر إذا سمعْتموه عقْل رعاية لا عقْل رواية فإنّ رواة الْعلْم كثير و رعاته قليل .

99- و سمع رجلا يقول إنّا للّه و إنّا إليْه راجعون فقال إنّ قوْلنا إنّا للّه إقْرار على أنْفسنا بالْملْك و قوْلنا و إنّا إليْه راجعون إقْرار على أنْفسنا بالْهلْك .

100- و قال (عليه السلام) : و مدحه قوْم في وجْهه فقال اللّهمّ إنّك أعْلم بي منْ نفْسي و أنا أعْلم بنفْسي منْهمْ اللّهمّ اجْعلْنا خيْرا ممّا يظنّون و اغْفرْ لنا ما لا يعْلمون .

101- و قال (عليه السلام) : لا يسْتقيم قضاء الْحوائج إلّا بثلاث باسْتصْغارها لتعْظم و باسْتكْتامها لتظْهر و بتعْجيلها لتهْنؤ .

102- و قال (عليه السلام) : يأْتي على النّاس زمان لا يقرّب فيه إلّا الْماحل و لا يظرّف فيه إلّا الْفاجر و لا يضعّف فيه إلّا الْمنْصف يعدّون الصّدقة فيه غرْما و صلة الرّحم .

منّا و الْعبادة اسْتطالة على النّاس فعنْد ذلك يكون السّلْطان بمشورة النّساء و إمارة الصّبْيان و تدْبير الْخصْيان .

103-  و رئي عليْه إزار خلق مرْقوع فقيل له في ذلك فقال :

يخْشع له الْقلْب و تذلّ به النّفْس و يقْتدي به الْمؤْمنون إنّ الدّنْيا و الْآخرة عدوّان متفاوتان و سبيلان مخْتلفان فمنْ أحبّ الدّنْيا و تولّاها أبْغض الْآخرة و عاداها و هما بمنْزلة الْمشْرق و الْمغْرب و ماش بيْنهما كلّما قرب منْ واحد بعد من الْآخر و هما بعْد ضرّتان .

104-  و عنْ نوْف الْبكاليّ ، قال : رأيْت أمير الْمؤْمنين (عليه السلام) ذات ليْلة و قدْ خرج منْ فراشه فنظر في النّجوم ، فقال لي : يا نوْف أ راقد أنْت أمْ رامق ، فقلْت بلْ رامق ، قال :

يا نوْف طوبى للزّاهدين في الدّنْيا الرّاغبين في الْآخرة أولئك قوْم اتّخذوا الْأرْض بساطا و ترابها فراشا و ماءها طيبا و الْقرْآن شعارا و الدّعاء دثارا ثمّ قرضوا الدّنْيا قرْضا على منْهاج الْمسيح يا نوْف إنّ داود (عليه السلام) قام في مثْل هذه السّاعة من اللّيْل فقال إنّها لساعة لا يدْعو فيها عبْد إلّا اسْتجيب له إلّا أنْ يكون عشّارا أوْ عريفا أوْ شرْطيّا أوْ صاحب عرْطبة  ـ و هي الطّنْبور ـ أوْ صاحب كوْبة ـ و هي الطّبْل ، و قدْ قيل أيْضا إنّ الْعرْطبة الطّبْل و الْكوْبة الطّنْبور ـ .

105- و قال (عليه السلام) : إنّ اللّه افْترض عليْكمْ فرائض فلا تضيّعوها و حدّ لكمْ حدودا فلا تعْتدوها و نهاكمْ عنْ أشْياء فلا تنْتهكوها و سكت لكمْ عنْ أشْياء و لمْ يدعْها نسْيانا فلا تتكلّفوها .

106- و قال (عليه السلام) : لا يتْرك النّاس شيْئا منْ أمْر دينهمْ لاسْتصْلاح دنْياهمْ إلّا فتح اللّه عليْهمْ ما هو أضرّ منْه .

107- و قال (عليه السلام) : ربّ عالم قدْ قتله جهْله و علْمه معه لا ينْفعه .

108- و قال (عليه السلام) : لقدْ علّق بنياط هذا الْإنْسان بضْعة هي أعْجب ما فيه و ذلك الْقلْب و ذلك أنّ له موادّ من الْحكْمة و أضْدادا منْ خلافها فإنْ سنح له الرّجاء أذلّه الطّمع و إنْ هاج به الطّمع أهْلكه الْحرْص و إنْ ملكه الْيأْس قتله الْأسف و إنْ عرض له الْغضب اشْتدّ به الْغيْظ و إنْ أسْعده الرّضى نسي التّحفّظ و إنْ غاله الْخوْف شغله الْحذر و إن اتّسع له الْأمْر اسْتلبتْه الْغرّة و إنْ أفاد مالا أطْغاه الْغنى و إنْ أصابتْه مصيبة فضحه الْجزع و إنْ عضّتْه الْفاقة شغله الْبلاء و إنْ جهده الْجوع قعد به الضّعْف و إنْ أفْرط به الشّبع كظّتْه الْبطْنة فكلّ تقْصير به مضرّ و كلّ إفْراط له مفْسد .

109- و قال (عليه السلام) : نحْن النّمْرقة الْوسْطى بها يلْحق التّالي و إليْها يرْجع الْغالي .

110- و قال (عليه السلام) : لا يقيم أمْر اللّه سبْحانه إلّا منْ لا يصانع و لا يضارع و لا يتّبع الْمطامع .

111-  و قال (عليه السلام) : و قدْ توفّي سهْل بْن حنيْف الْأنْصاريّ بالْكوفة بعْد مرْجعه معه منْ صفّين و كان أحبّ النّاس إليْه :

لوْ أحبّني جبل لتهافت .

معنى ذلك أن المحنة تغلظ عليه فتسرع المصائب إليه و لا يفعل ذلك إلا بالأتقياء الأبرار و المصطفين الأخيار ، و هذا مثل قوله (عليه السلام) :

112- منْ أحبّنا أهْل الْبيْت فلْيسْتعدّ للْفقْر جلْبابا .

 و قد يؤول ذلك على معنى آخر ليس هذا موضع ذكره .

113- و قال (عليه السلام) : لا مال أعْود من الْعقْل و لا وحْدة أوْحش من الْعجْب و لا عقْل كالتّدْبير و لا كرم كالتّقْوى و لا قرين كحسْن الْخلق و لا ميراث كالْأدب و لا قائد كالتّوْفيق و لا تجارة كالْعمل الصّالح و لا ربْح كالثّواب و لا ورع كالْوقوف عنْد الشّبْهة و لا زهْد كالزّهْد في الْحرام و لا علْم كالتّفكّر و لا عبادة كأداء الْفرائض و لا إيمان كالْحياء و الصّبْر و لا حسب كالتّواضع و لا شرف كالْعلْم و لا عزّ كالْحلْم و لا مظاهرة أوْثق من الْمشاورة .

114- و قال (عليه السلام) : إذا اسْتوْلى الصّلاح على الزّمان و أهْله ثمّ أساء رجل الظّنّ برجل لمْ تظْهرْ منْه حوْبة فقدْ ظلم و إذا اسْتوْلى الْفساد على الزّمان و أهْله فأحْسن رجل الظّنّ برجل فقدْ غرّر .

115- و قيل له (عليه السلام) كيْف نجدك يا أمير الْمؤْمنين فقال (عليه السلام) : كيْف يكون حال منْ يفْنى ببقائه و يسْقم بصحّته و يؤْتى منْ مأْمنه .

116- و قال (عليه السلام) : كمْ منْ مسْتدْرج بالْإحْسان إليْه و مغْرور بالسّتْر عليْه و مفْتون بحسْن الْقوْل فيه و ما ابْتلى اللّه أحدا بمثْل الْإمْلاء له .

117- و قال (عليه السلام) : هلك فيّ رجلان محبّ غال و مبْغض قال .

118- و قال (عليه السلام) : إضاعة الْفرْصة غصّة .

119- و قال (عليه السلام) : مثل الدّنْيا كمثل الْحيّة ليّن مسّها و السّمّ النّاقع في جوْفها يهْوي إليْها الْغرّ الْجاهل و يحْذرها ذو اللّبّ الْعاقل .

120- و سئل (عليه السلام) عنْ قريْش فقال أمّا بنو مخْزوم فريْحانة قريْش نحبّ حديث رجالهمْ و النّكاح في نسائهمْ و أمّا بنو عبْد شمْس فأبْعدها رأْيا و أمْنعها لما وراء ظهورها و أمّا نحْن فأبْذل لما في أيْدينا و أسْمح عنْد الْموْت بنفوسنا و همْ أكْثر و أمْكر و أنْكر و نحْن أفْصح و أنْصح و أصْبح .

121- و قال (عليه السلام) : شتّان ما بيْن عمليْن عمل تذْهب لذّته و تبْقى تبعته و عمل تذْهب مئونته و يبْقى أجْره .

122- و تبع جنازة فسمع رجلا يضْحك فقال كأنّ الْموْت فيها على غيْرنا كتب و كأنّ الْحقّ فيها على غيْرنا وجب و كأنّ الّذي نرى من الْأمْوات سفْر عمّا قليل إليْنا راجعون نبوّئهمْ أجْداثهمْ و نأْكل تراثهمْ كأنّا مخلّدون بعْدهمْ ثمّ قدْ نسينا كلّ واعظ و واعظة و رمينا بكلّ فادح و جائحة .

123- و قال (عليه السلام) : طوبى لمنْ ذلّ في نفْسه و طاب كسْبه و صلحتْ سريرته و حسنتْ خليقته و أنْفق الْفضْل منْ ماله و أمْسك الْفضْل منْ لسانه و عزل عن النّاس شرّه و وسعتْه السّنّة و لمْ ينْسبْ إلى الْبدْعة .

 قال الرضي : أقول و من الناس من ينسب هذا الكلام إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) و كذلك الذي قبله .

124- و قال (عليه السلام) : غيْرة الْمرْأة كفْر و غيْرة الرّجل إيمان .

125- و قال (عليه السلام) : لأنْسبنّ الْإسْلام نسْبة لمْ ينْسبْها أحد قبْلي الْإسْلام هو التّسْليم و التّسْليم هو الْيقين و الْيقين هو التّصْديق و التّصْديق هو الْإقْرار و الْإقْرار هو الْأداء و الْأداء هو الْعمل .

126- و قال (عليه السلام) : عجبْت للْبخيل يسْتعْجل الْفقْر الّذي منْه هرب و يفوته الْغنى الّذي إيّاه طلب فيعيش في الدّنْيا عيْش الْفقراء و يحاسب في الْآخرة حساب الْأغْنياء و عجبْت للْمتكبّر الّذي كان بالْأمْس نطْفة و يكون غدا جيفة و عجبْت لمنْ شكّ في اللّه و هو يرى خلْق اللّه و عجبْت لمنْ نسي الْموْت و هو يرى الْموْتى و عجبْت لمنْ أنْكر النّشْأة الْأخْرى و هو يرى النّشْأة الْأولى و عجبْت لعامر دار الْفناء و تارك دار الْبقاء .

127- و قال (عليه السلام) : منْ قصّر في الْعمل ابْتلي بالْهمّ و لا حاجة للّه فيمنْ ليْس للّه في ماله و نفْسه نصيب .

128- و قال (عليه السلام) : توقّوا الْبرْد في أوّله و تلقّوْه في آخره فإنّه يفْعل في الْأبْدان كفعْله في الْأشْجار أوّله يحْرق و آخره يورق .

129- و قال (عليه السلام) : عظم الْخالق عنْدك يصغّر الْمخْلوق في عيْنك .

130- و قال (عليه السلام) : و قدْ رجع منْ صفّين فأشْرف على الْقبور بظاهر الْكوفة يا أهْل الدّيار الْموحشة و الْمحالّ الْمقْفرة و الْقبور الْمظْلمة يا أهْل التّرْبة يا أهْل الْغرْبة يا أهْل الْوحْدة يا أهْل الْوحْشة أنْتمْ لنا فرط سابق و نحْن لكمْ تبع لاحق أمّا الدّور فقدْ سكنتْ و أمّا الْأزْواج فقدْ نكحتْ و أمّا الْأمْوال فقدْ قسمتْ هذا خبر ما عنْدنا فما خبر ما عنْدكمْ ثمّ الْتفت إلى أصْحابه فقال أما لوْ أذن لهمْ في الْكلام لأخْبروكمْ أنّ خيْر الزّاد التّقْوى.

131- و قال (عليه السلام) : و قدْ سمع رجلا يذمّ الدّنْيا أيّها الذّامّ للدّنْيا الْمغْترّ بغرورها الْمخْدوع بأباطيلها أ تغْترّ بالدّنْيا ثمّ تذمّها أنْت الْمتجرّم عليْها أمْ هي الْمتجرّمة عليْك متى اسْتهْوتْك أمْ متى غرّتْك أ بمصارع آبائك من الْبلى أمْ بمضاجع أمّهاتك تحْت الثّرى كمْ علّلْت بكفّيْك و كمْ مرّضْت بيديْك تبْتغي لهم الشّفاء و تسْتوْصف لهم الْأطبّاء غداة لا يغْني عنْهمْ دواؤك و لا يجْدي عليْهمْ بكاؤك لمْ ينْفعْ أحدهمْ إشْفاقك و لمْ تسْعفْ فيه بطلبتك و لمْ تدْفعْ عنْه بقوّتك و قدْ مثّلتْ لك به الدّنْيا نفْسك و بمصْرعه مصْرعك إنّ الدّنْيا دار صدْق لمنْ صدقها و دار عافية لمنْ فهم عنْها و دار غنى لمنْ تزوّد منْها و دار موْعظة لمن اتّعظ بها مسْجد أحبّاء اللّه و مصلّى ملائكة اللّه و مهْبط وحْي اللّه و متْجر أوْلياء اللّه اكْتسبوا فيها الرّحْمة و ربحوا فيها الْجنّة فمنْ ذا يذمّها و قدْ آذنتْ ببيْنها و نادتْ بفراقها و نعتْ نفْسها و أهْلها فمثّلتْ لهمْ ببلائها الْبلاء و شوّقتْهمْ بسرورها إلى السّرور راحتْ بعافية و ابْتكرتْ بفجيعة ترْغيبا و ترْهيبا و تخْويفا و تحْذيرا فذمّها رجال غداة النّدامة و حمدها آخرون يوْم الْقيامة ذكّرتْهم الدّنْيا فتذكّروا و حدّثتْهمْ فصدّقوا و وعظتْهمْ فاتّعظوا .

132- و قال (عليه السلام) : إنّ للّه ملكا ينادي في كلّ يوْم لدوا للْموْت و اجْمعوا للْفناء و ابْنوا للْخراب .

133- و قال (عليه السلام) : الدّنْيا دار ممرّ لا دار مقرّ و النّاس فيها رجلان رجل باع فيها نفْسه فأوْبقها و رجل ابْتاع نفْسه فأعْتقها .

134- و قال (عليه السلام) : لا يكون الصّديق صديقا حتّى يحْفظ أخاه في ثلاث في نكْبته و غيْبته و وفاته .

135- و قال (عليه السلام) : منْ أعْطي أرْبعا لمْ يحْرمْ أرْبعا منْ أعْطي الدّعاء لمْ يحْرم الْإجابة و منْ أعْطي التّوْبة لمْ يحْرم الْقبول و منْ أعْطي الاسْتغْفار لمْ يحْرم الْمغْفرة و منْ أعْطي الشّكْر لمْ يحْرم الزّيادة .

 قال الرضي : و تصديق ذلك كتاب الله قال الله في الدعاء ادْعوني أسْتجبْ لكمْ و قال في الاستغفار و منْ يعْملْ سوءا أوْ يظْلمْ نفْسه ثمّ يسْتغْفر اللّه يجد اللّه غفورا رحيما و قال في الشكر لئنْ شكرْتمْ لأزيدنّكمْ و قال في التوبة إنّما التّوْبة على اللّه للّذين يعْملون السّوء بجهالة ثمّ يتوبون منْ قريب فأولئك يتوب اللّه عليْهمْ و كان اللّه عليما حكيما .

136- و قال (عليه السلام) : الصّلاة قرْبان كلّ تقيّ و الْحجّ جهاد كلّ ضعيف و لكلّ شيْ‏ء زكاة و زكاة الْبدن الصّيام و جهاد الْمرْأة حسْن التّبعّل .

137- و قال (عليه السلام) : اسْتنْزلوا الرّزْق بالصّدقة .

138- و قال (عليه السلام) : منْ أيْقن بالْخلف جاد بالْعطيّة .

139- و قال (عليه السلام) : تنْزل الْمعونة على قدْر الْمئونة .

140- و قال (عليه السلام) : ما عال من اقْتصد .

141- و قال (عليه السلام) : قلّة الْعيال أحد الْيساريْن .

142- و قال (عليه السلام) : التّودّد نصْف الْعقْل .

143- و قال (عليه السلام) : الْهمّ نصْف الْهرم .

144- و قال (عليه السلام) : ينْزل الصّبْر على قدْر الْمصيبة و منْ ضرب يده على فخذه عنْد مصيبته حبط عمله .

145- و قال (عليه السلام) : كمْ منْ صائم ليْس له منْ صيامه إلّا الْجوع و الظّمأ و كمْ منْ قائم ليْس له منْ قيامه إلّا السّهر و الْعناء حبّذا نوْم الْأكْياس و إفْطارهمْ .

146- و قال (عليه السلام) : سوسوا إيمانكمْ بالصّدقة و حصّنوا أمْوالكمْ بالزّكاة و ادْفعوا أمْواج الْبلاء بالدّعاء .

147-  و منْ كلام له (عليه السلام) لكميْل بْن زياد النّخعيّ قال كميْل بْن زياد أخذ بيدي أمير الْمؤْمنين عليّ بْن أبي طالب (عليه السلام) فأخْرجني إلى الْجبّان فلمّا أصْحر تنفّس الصّعداء ثمّ قال :

يا كميْل بْن زياد : إنّ هذه الْقلوب أوْعية فخيْرها أوْعاها فاحْفظْ عنّي ما أقول لك النّاس ثلاثة فعالم ربّانيّ و متعلّم على سبيل نجاة و همج رعاع أتْباع كلّ ناعق يميلون مع كلّ ريح لمْ يسْتضيئوا بنور الْعلْم و لمْ يلْجئوا إلى ركْن وثيق يا كميْل الْعلْم خيْر من الْمال الْعلْم يحْرسك و أنْت تحْرس الْمال و الْمال تنْقصه النّفقة و الْعلْم يزْكوا على الْإنْفاق و صنيع الْمال يزول بزواله يا كميْل بْن زياد معْرفة الْعلْم دين يدان به ، به يكْسب الْإنْسان الطّاعة في حياته و جميل الْأحْدوثة بعْد وفاته و الْعلْم حاكم و الْمال محْكوم عليْه يا كميْل هلك خزّان الْأمْوال و همْ أحْياء و الْعلماء باقون ما بقي الدّهْر أعْيانهمْ مفْقودة و أمْثالهمْ في الْقلوب موْجودة ها إنّ هاهنا لعلْما جمّا و أشار بيده إلى صدْره لوْ أصبْت له حملة بلى أصبْت لقنا غيْر مأْمون عليْه مسْتعْملا آلة الدّين للدّنْيا و مسْتظْهرا بنعم اللّه على عباده و بحججه على أوْليائه أوْ منْقادا لحملة الْحقّ لا بصيرة له في أحْنائه ينْقدح الشّكّ في قلْبه لأوّل عارض منْ شبْهة ألا لا ذا و لا ذاك أوْ منْهوما باللّذّة سلس الْقياد للشّهْوة أوْ مغْرما بالْجمْع و الادّخار ليْسا منْ رعاة الدّين في شيْ‏ء أقْرب شيْ‏ء شبها بهما الْأنْعام السّائمة كذلك يموت الْعلْم بموْت حامليه اللّهمّ بلى لا تخْلو الْأرْض منْ قائم للّه بحجّة إمّا ظاهرا مشْهورا و إمّا خائفا مغْمورا لئلّا تبْطل حجج اللّه و بيّناته و كمْ ذا و أيْن أولئك ، أولئك و اللّه الْأقلّون عددا و الْأعْظمون عنْد اللّه قدْرا يحْفظ اللّه بهمْ حججه و بيّناته حتّى يودعوها نظراءهمْ و يزْرعوها في قلوب أشْباههمْ هجم بهم الْعلْم على حقيقة الْبصيرة و باشروا روح الْيقين و اسْتلانوا ما اسْتوْعره الْمتْرفون و أنسوا بما اسْتوْحش منْه الْجاهلون و صحبوا الدّنْيا بأبْدان أرْواحها معلّقة بالْمحلّ الْأعْلى أولئك خلفاء اللّه في أرْضه و الدّعاة إلى دينه آه آه شوْقا إلى رؤْيتهمْ انْصرفْ يا كميْل إذا شئْت .

148- و قال (عليه السلام) : الْمرْء مخْبوء تحْت لسانه .

149- و قال (عليه السلام) : هلك امْرؤ لمْ يعْرفْ قدْره .

150- و قال (عليه السلام) : لرجل سأله أنْ يعظه لا تكنْ ممّنْ يرْجو الْآخرة بغيْر عمل و يرجّي التّوْبة بطول الْأمل يقول في الدّنْيا بقوْل الزّاهدين و يعْمل فيها بعمل الرّاغبين إنْ أعْطي منْها لمْ يشْبعْ و إنْ منع منْها لمْ يقْنعْ يعْجز عنْ شكْر ما أوتي و يبْتغي الزّيادة فيما بقي ينْهى و لا ينْتهي و يأْمر بما لا يأْتي يحبّ الصّالحين و لا يعْمل عملهمْ و يبْغض الْمذْنبين و هو أحدهمْ يكْره الْموْت لكثْرة ذنوبه و يقيم على ما يكْره الْموْت منْ أجْله إنْ سقم ظلّ نادما و إنْ صحّ أمن لاهيا يعْجب بنفْسه إذا عوفي و يقْنط إذا ابْتلي إنْ أصابه بلاء دعا مضْطرّا و إنْ ناله رخاء أعْرض مغْترّا تغْلبه نفْسه على ما يظنّ و لا يغْلبها على ما يسْتيْقن يخاف على غيْره بأدْنى منْ ذنْبه و يرْجو لنفْسه بأكْثر منْ عمله إن اسْتغْنى بطر و فتن و إن افْتقر قنط و وهن يقصّر إذا عمل و يبالغ إذا سأل إنْ عرضتْ له شهْوة أسْلف الْمعْصية و سوّف التّوْبة و إنْ عرتْه محْنة انْفرج عنْ شرائط الْملّة يصف الْعبْرة و لا يعْتبر و يبالغ في الْموْعظة و لا يتّعظ فهو بالْقوْل مدلّ و من الْعمل مقلّ ينافس فيما يفْنى و يسامح فيما يبْقى يرى الْغنْم مغْرما و الْغرْم مغْنما يخْشى الْموْت و لا يبادر الْفوْت يسْتعْظم منْ معْصية غيْره ما يسْتقلّ أكْثر منْه منْ نفْسه و يسْتكْثر منْ طاعته ما يحْقره منْ طاعة غيْره فهو على النّاس طاعن و لنفْسه مداهن اللّهْو مع الْأغْنياء أحبّ إليْه من الذّكْر مع الْفقراء يحْكم على غيْره لنفْسه و لا يحْكم عليْها لغيْره يرْشد غيْره و يغْوي نفْسه فهو يطاع و يعْصي و يسْتوْفي و لا يوفي و يخْشى الْخلْق في غيْر ربّه و لا يخْشى ربّه في خلْقه .

 قال الرضي : و لو لم يكن في هذا الكتاب إلا هذا الكلام لكفى به موعظة ناجعة و حكمة بالغة و بصيرة لمبصر و عبرة لناظر مفكر .

151- و قال (عليه السلام) : لكلّ امْرئ عاقبة حلْوة أوْ مرّة

152- و قال (عليه السلام) : لكلّ مقْبل إدْبار و ما أدْبر كأنْ لمْ يكنْ

153- و قال (عليه السلام) : لا يعْدم الصّبور الظّفر و إنْ طال به الزّمان

154- و قال (عليه السلام) : الرّاضي بفعْل قوْم كالدّاخل فيه معهمْ و على كلّ داخل في باطل إثْمان إثْم الْعمل به و إثْم الرّضى به

155- و قال (عليه السلام) : اعْتصموا بالذّمم في أوْتادها

156- و قال (عليه السلام) : عليْكمْ بطاعة منْ لا تعْذرون بجهالته

157- و قال (عليه السلام) : قدْ بصّرْتمْ إنْ أبْصرْتمْ و قدْ هديتمْ إن اهْتديْتمْ و أسْمعْتمْ إن اسْتمعْتمْ .

158- و قال (عليه السلام) : عاتبْ أخاك بالْإحْسان إليْه ، و ارْددْ شرّه بالْإنْعام عليْه .

159- و قال (عليه السلام) : منْ وضع نفْسه مواضع التّهمة فلا يلومنّ منْ أساء به الظّنّ .

160- و قال (عليه السلام) : منْ ملك اسْتأْثر .

161- و قال (عليه السلام) : من اسْتبدّ برأْيه هلك ، و منْ شاور الرّجال شاركها في عقولها .

162- و قال (عليه السلام) : منْ كتم سرّه كانت الْخيرة بيده .

163- و قال (عليه السلام) : الْفقْر الْموْت الْأكْبر .

164- و قال (عليه السلام) : منْ قضى حقّ منْ لا يقْضي حقّه فقدْ عبده .

165- و قال (عليه السلام) : لا طاعة لمخْلوق في معْصية الْخالق .

166- و قال (عليه السلام) : لا يعاب الْمرْء بتأْخير حقّه إنّما يعاب منْ أخذ ما ليْس له .

167- و قال (عليه السلام) : الْإعْجاب يمْنع الازْدياد .

168- و قال (عليه السلام) : الْأمْر قريب و الاصْطحاب قليل .

169- و قال (عليه السلام) : قدْ أضاء الصّبْح لذي عيْنيْن .

170- و قال (عليه السلام) : ترْك الذّنْب أهْون منْ طلب الْمعونة .

171- و قال (عليه السلام) : كمْ منْ أكْلة منعتْ أكلات .

172- و قال (عليه السلام) : النّاس أعْداء ما جهلوا .

173- و قال (عليه السلام) : من اسْتقْبل وجوه الْآراء عرف مواقع الْخطإ .

174- و قال (عليه السلام) : منْ أحدّ سنان الْغضب للّه قوي على قتْل أشدّاء الْباطل .

175- و قال (عليه السلام) : إذا هبْت أمْرا فقعْ فيه فإنّ شدّة توقّيه أعْظم ممّا تخاف منْه .

176- و قال (عليه السلام) : آلة الرّياسة سعة الصّدْر .

177- و قال (عليه السلام) : ازْجر الْمسي‏ء بثواب الْمحْسن .

178- و قال (عليه السلام) : احْصد الشّرّ منْ صدْر غيْرك بقلْعه منْ صدْرك .

179- و قال (عليه السلام) : اللّجاجة تسلّ الرّأْي .

180- و قال (عليه السلام) : الطّمع رقّ مؤبّد .

181- و قال (عليه السلام) : ثمرة التّفْريط النّدامة و ثمرة الْحزْم السّلامة .

182- و قال (عليه السلام) : لا خيْر في الصّمْت عن الْحكْم كما أنّه لا خيْر في الْقوْل بالْجهْل .

183- و قال (عليه السلام) : ما اخْتلفتْ دعْوتان إلّا كانتْ إحْداهما ضلالة .

184- و قال (عليه السلام) : ما شككْت في الْحقّ مذْ أريته .

185- و قال (عليه السلام) : ما كذبْت و لا كذّبْت و لا ضللْت و لا ضلّ بي .

186- و قال (عليه السلام) : للظّالم الْبادي غدا بكفّه عضّة .

187- و قال (عليه السلام) : الرّحيل وشيك .

188- و قال (عليه السلام) : منْ أبْدى صفْحته للْحقّ هلك .

189- و قال (عليه السلام) : منْ لمْ ينْجه الصّبْر أهْلكه الْجزع .

190- و قال (عليه السلام) : وا عجباهْ أ تكون الْخلافة بالصّحابة و الْقرابة .

قال الرضي : و روي له شعر في هذا المعنى :

فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم * فكيف بهذا و المشيرون غيب

‏و إن كنت بالقربى حججت خصيمهم * فغيرك أولى بالنبي و أقرب

191- و قال (عليه السلام) : إنّما الْمرْء في الدّنْيا غرض تنْتضل فيه الْمنايا و نهْب تبادره الْمصائب و مع كلّ جرْعة شرق و في كلّ أكْلة غصص و لا ينال الْعبْد نعْمة إلّا بفراق أخْرى و لا يسْتقْبل يوْما منْ عمره إلّا بفراق آخر منْ أجله فنحْن أعْوان الْمنون و أنْفسنا نصْب الْحتوف فمنْ أيْن نرْجو الْبقاء و هذا اللّيْل و النّهار لمْ يرْفعا منْ شيْ‏ء شرفا إلّا أسْرعا الْكرّة في هدْم ما بنيا و تفْريق ما جمعا .

192- و قال (عليه السلام) : يا ابْن آدم ما كسبْت فوْق قوتك فأنْت فيه خازن لغيْرك .

193- و قال (عليه السلام) : إنّ للْقلوب شهْوة و إقْبالا و إدْبارا فأْتوها منْ قبل شهْوتها و إقْبالها فإنّ الْقلْب إذا أكْره عمي .

194- و كان (عليه السلام) يقول متى أشْفي غيْظي إذا غضبْت أ حين أعْجز عن الانْتقام فيقال لي لوْ صبرْت أمْ حين أقْدر عليْه فيقال لي لوْ عفوْت .

195- و قال (عليه السلام) : و قدْ مرّ بقذر على مزْبلة هذا ما بخل به الْباخلون و روي في خبر آخر أنّه قال هذا ما كنْتمْ تتنافسون فيه بالْأمْس .

196- و قال (عليه السلام) : لمْ يذْهبْ منْ مالك ما وعظك .

197- و قال (عليه السلام) : إنّ هذه الْقلوب تملّ كما تملّ الْأبْدان فابْتغوا لها طرائف الْحكْمة .

198- و قال (عليه السلام) : لمّا سمع قوْل الْخوارج لا حكْم إلّا للّه كلمة حقّ يراد بها باطل .

199- و قال (عليه السلام) : في صفة الْغوْغاء هم الّذين إذا اجْتمعوا غلبوا و إذا تفرّقوا لمْ يعْرفوا و قيل بلْ قال (عليه السلام) : هم الّذين إذا اجْتمعوا ضرّوا و إذا تفرّقوا نفعوا فقيل قدْ عرفْنا مضرّة اجْتماعهمْ فما منْفعة افْتراقهمْ فقال يرْجع أصْحاب الْمهن إلى مهْنتهمْ فينْتفع النّاس بهمْ كرجوع الْبنّاء إلى بنائه و النّسّاج إلى منْسجه و الْخبّاز إلى مخْبزه .

200- و قال (عليه السلام) : و أتي بجان و معه غوْغاء فقال لا مرْحبا بوجوه لا ترى إلّا عنْد كلّ سوْأة .

201- و قال (عليه السلام) : إنّ مع كلّ إنْسان ملكيْن يحْفظانه فإذا جاء الْقدر خلّيا بيْنه و بيْنه و إنّ الْأجل جنّة حصينة .

202- و قال (عليه السلام) : و قدْ قال له طلْحة و الزّبيْر نبايعك على أنّا شركاؤك في هذا الْأمْر لا و لكنّكما شريكان في الْقوّة و الاسْتعانة و عوْنان على الْعجْز و الْأود .

203- و قال (عليه السلام) : أيّها النّاس اتّقوا اللّه الّذي إنْ قلْتمْ سمع و إنْ أضْمرْتمْ علم و بادروا الْموْت الّذي إنْ هربْتمْ منْه أدْرككمْ و إنْ أقمْتمْ أخذكمْ و إنْ نسيتموه ذكركمْ .

204- و قال (عليه السلام) : لا يزهّدنّك في الْمعْروف منْ لا يشْكره لك فقدْ يشْكرك عليْه منْ لا يسْتمْتع بشيْ‏ء منْه و قدْ تدْرك منْ شكْر الشّاكر أكْثر ممّا أضاع الْكافر و اللّه يحبّ الْمحْسنين .

205- و قال (عليه السلام) : كلّ وعاء يضيق بما جعل فيه إلّا وعاء الْعلْم فإنّه يتّسع به .

206- و قال (عليه السلام) : أوّل عوض الْحليم منْ حلْمه أنّ النّاس أنْصاره على الْجاهل .

207- و قال (عليه السلام) : إنْ لمْ تكنْ حليما فتحلّمْ فإنّه قلّ منْ تشبّه بقوْم إلّا أوْشك أنْ يكون منْهمْ .

208- و قال (عليه السلام) : منْ حاسب نفْسه ربح و منْ غفل عنْها خسر و منْ خاف أمن و من اعْتبر أبْصر و منْ أبْصر فهم و منْ فهم علم .

209- و قال (عليه السلام) : لتعْطفنّ الدّنْيا عليْنا بعْد شماسها عطْف الضّروس على ولدها و تلا عقيب ذلك و نريد أنْ نمنّ على الّذين اسْتضْعفوا في الْأرْض و نجْعلهمْ أئمّة و نجْعلهم الْوارثين .

210- و قال (عليه السلام) : اتّقوا اللّه تقيّة منْ شمّر تجْريدا و جدّ تشْميرا و كمّش في مهل و بادر عنْ وجل و نظر في كرّة الْموْئل و عاقبة الْمصْدر و مغبّة الْمرْجع .

211- و قال (عليه السلام) : الْجود حارس الْأعْراض و الْحلْم فدام السّفيه و الْعفْو زكاة الظّفر و السّلوّ عوضك ممّنْ غدر و الاسْتشارة عيْن الْهداية و قدْ خاطر من اسْتغْنى برأْيه و الصّبْر يناضل الْحدْثان و الْجزع منْ أعْوان الزّمان و أشْرف الْغنى ترْك الْمنى و كمْ منْ عقْل أسير تحْت هوى أمير و من التّوْفيق حفْظ التّجْربة و الْمودّة قرابة مسْتفادة و لا تأْمننّ ملولا .

212- و قال (عليه السلام) : عجْب الْمرْء بنفْسه أحد حسّاد عقْله .

213- و قال (عليه السلام) : أغْض على الْقذى و الْألم ترْض أبدا .

214- و قال (عليه السلام) : منْ لان عوده كثفتْ أغْصانه .

215- و قال (عليه السلام) : الْخلاف يهْدم الرّأْي .

216- و قال (عليه السلام) : منْ نال اسْتطال .

217- و قال (عليه السلام) : في تقلّب الْأحْوال علْم جواهر الرّجال .

218- و قال (عليه السلام) : حسد الصّديق منْ سقْم الْمودّة .

219- و قال (عليه السلام) : أكْثر مصارع الْعقول تحْت بروق الْمطامع .

220- و قال (عليه السلام) : ليْس من الْعدْل الْقضاء على الثّقة بالظّنّ .

221- و قال (عليه السلام) : بئْس الزّاد إلى الْمعاد الْعدْوان على الْعباد .

222- و قال (عليه السلام) : منْ أشْرف أعْمال الْكريم غفْلته عمّا يعْلم .

223- و قال (عليه السلام) : منْ كساه الْحياء ثوْبه لمْ ير النّاس عيْبه .

224- و قال (عليه السلام) : بكثْرة الصّمْت تكون الْهيْبة و بالنّصفة يكْثر الْمواصلون و بالْإفْضال تعْظم الْأقْدار و بالتّواضع تتمّ النّعْمة و باحْتمال الْمؤن يجب السّؤْدد و بالسّيرة الْعادلة يقْهر الْمناوئ و بالْحلْم عن السّفيه تكْثر الْأنْصار عليْه .

225- و قال (عليه السلام) : الْعجب لغفْلة الْحسّاد عنْ سلامة الْأجْساد .

226- و قال (عليه السلام) : الطّامع في وثاق الذّلّ .

227- و سئل عن الْإيمان فقال الْإيمان معْرفة بالْقلْب و إقْرار باللّسان و عمل بالْأرْكان

228- و قال (عليه السلام) : منْ أصْبح على الدّنْيا حزينا فقدْ أصْبح لقضاء اللّه ساخطا و منْ أصْبح يشْكو مصيبة نزلتْ به فقدْ أصْبح يشْكو ربّه و منْ أتى غنيّا فتواضع له لغناه ذهب ثلثا دينه و منْ قرأ الْقرْآن فمات فدخل النّار فهو ممّنْ كان يتّخذ آيات اللّه هزوا و منْ لهج قلْبه بحبّ الدّنْيا الْتاط قلْبه منْها بثلاث همّ لا يغبّه و حرْص لا يتْركه و أمل لا يدْركه .

229- و قال (عليه السلام) : كفى بالْقناعة ملْكا و بحسْن الْخلق نعيما و سئل (عليه السلام) عنْ قوْله تعالى فلنحْيينّه حياة طيّبة فقال هي الْقناعة .

230- و قال (عليه السلام) : شاركوا الّذي قدْ أقْبل عليْه الرّزْق فإنّه أخْلق للْغنى و أجْدر بإقْبال الْحظّ عليْه .

231- و قال (عليه السلام) : في قوْله تعالى إنّ اللّه يأْمر بالْعدْل و الْإحْسان الْعدْل الْإنْصاف و الْإحْسان التّفضّل .

232- و قال (عليه السلام) : منْ يعْط بالْيد الْقصيرة يعْط بالْيد الطّويلة .

 قال الرضي : و معنى ذلك أن ما ينفقه المرء من ماله في سبيل الخير و البر و إن كان يسيرا فإن الله تعالى يجعل الجزاء عليه عظيما كثيرا و اليدان هاهنا عبارة عن النعمتين ففرق (عليه السلام) بين نعمة العبد و نعمة الرب تعالى ذكره بالقصيرة و الطويلة فجعل تلك قصيرة و هذه طويلة لأن نعم الله أبدا تضعف على نعم المخلوق أضعافا كثيرة إذ كانت نعم الله أصل النعم كلها فكل نعمة إليها ترجع و منها تنزع .

233- و قال (عليه السلام) : لابْنه الْحسن (عليه السلام) لا تدْعونّ إلى مبارزة و إنْ دعيت إليْها فأجبْ فإنّ الدّاعي إليْها باغ و الْباغي مصْروع .

234- و قال (عليه السلام) : خيار خصال النّساء شرار خصال الرّجال الزّهْو و الْجبْن و الْبخْل فإذا كانت الْمرْأة مزْهوّة لمْ تمكّنْ منْ نفْسها و إذا كانتْ بخيلة حفظتْ مالها و مال بعْلها و إذا كانتْ جبانة فرقتْ منْ كلّ شيْ‏ء يعْرض لها .

235- و قيل له صفْ لنا الْعاقل فقال (عليه السلام) : هو الّذي يضع الشّيْ‏ء مواضعه فقيل فصفْ لنا الْجاهل فقال : قدْ فعلْت .

 قال الرضي : يعني أن الجاهل هو الذي لا يضع الشي‏ء مواضعه فكأن ترك صفته صفة له إذ كان بخلاف وصف العاقل .

236- و قال (عليه السلام) : و اللّه لدنْياكمْ هذه أهْون في عيْني منْ عراق خنْزير في يد مجْذوم .

237- و قال (عليه السلام) : إنّ قوْما عبدوا اللّه رغْبة فتلْك عبادة التّجّار و إنّ قوْما عبدوا اللّه رهْبة فتلْك عبادة الْعبيد و إنّ قوْما عبدوا اللّه شكْرا فتلْك عبادة الْأحْرار .

238- و قال (عليه السلام) : الْمرْأة شرّ كلّها و شرّ ما فيها أنّه لا بدّ منْها .

239- و قال (عليه السلام) : منْ أطاع التّواني ضيّع الْحقوق و منْ أطاع الْواشي ضيّع الصّديق .

240- و قال (عليه السلام) : الْحجر الْغصيب في الدّار رهْن على خرابها .

قال الرضي : و يروى هذا الكلام عن النبي (صلى الله عليه وآله) و لا عجب أن يشتبه الكلامان لأن مستقاهما من قليب و مفرغهما من ذنوب .

241- و قال (عليه السلام) : يوْم الْمظْلوم على الظّالم أشدّ منْ يوْم الظّالم على الْمظْلوم .

242- و قال (عليه السلام) : اتّق اللّه بعْض التّقى و إنْ قلّ و اجْعلْ بيْنك و بيْن اللّه ستْرا و إنْ رقّ .

243- و قال (عليه السلام) : إذا ازْدحم الْجواب خفي الصّواب .

244- و قال (عليه السلام) : إنّ للّه في كلّ نعْمة حقّا فمنْ أدّاه زاده منْها و منْ قصّر فيه خاطر بزوال نعْمته .

245- و قال (عليه السلام) : إذا كثرت الْمقْدرة قلّت الشّهْوة .

246- و قال (عليه السلام) : احْذروا نفار النّعم فما كلّ شارد بمرْدود .

247- و قال (عليه السلام) : الْكرم أعْطف من الرّحم .

248- و قال (عليه السلام) : منْ ظنّ بك خيْرا فصدّقْ ظنّه .

249- و قال (عليه السلام) : أفْضل الْأعْمال ما أكْرهْت نفْسك عليْه .

250- و قال (عليه السلام) : عرفْت اللّه سبْحانه بفسْخ الْعزائم و حلّ الْعقود و نقْض الْهمم .

251- و قال (عليه السلام) : مرارة الدّنْيا حلاوة الْآخرة ، و حلاوة الدّنْيا مرارة الْآخرة .

252- و قال (عليه السلام) : فرض اللّه الْإيمان تطْهيرا من الشّرْك و الصّلاة تنْزيها عن الْكبْر و الزّكاة تسْبيبا للرّزْق و الصّيام ابْتلاء لإخْلاص الْخلْق و الْحجّ تقْربة للدّين و الْجهاد عزّا للْإسْلام و الْأمْر بالْمعْروف مصْلحة للْعوامّ و النّهْي عن الْمنْكر ردْعا للسّفهاء و صلة الرّحم منْماة للْعدد و الْقصاص حقْنا للدّماء و إقامة الْحدود إعْظاما للْمحارم و ترْك شرْب الْخمْر تحْصِينا لِلْعقْلِ و مجانبة السّرِقةِ إِيجابا لِلْعِفّةِ و ترْك الزِّنى تحْصِينا لِلنّسبِ و ترْك اللِّواطِ تكْثِيرا لِلنّسْلِ و الشّهاداتِ اسْتِظْهارا على الْمجاحداتِ و ترْك الْكذِبِ تشْرِيفا لِلصِّدْقِ و السّلام أمانا مِن الْمخاوِفِ و الْأمانة نِظاما لِلْأمّةِ و الطّاعة تعْظِيما لِلْإِمامةِ .

253- و كان (عليه السلام) يقول أحْلِفوا الظّالِم إِذا أردْتمْ يمِينه بِأنّه برِي‏ء مِنْ حوْلِ اللّهِ و قوّتِهِ فإِنّه إِذا حلف بِها كاذِبا عوجِل الْعقوبة و إِذا حلف بِاللّهِ الّذِي لا إِله إِلّا هو لمْ يعاجلْ لِأنّه قدْ وحّد اللّه تعالى .

254- و قال (عليه السلام) : يا ابْن آدم كنْ وصِيّ نفْسِك فِي مالِك و اعْملْ فِيهِ ما تؤْثِر أنْ يعْمل فِيهِ مِنْ بعْدِك .

255- و قال (عليه السلام) : الْحِدّة ضرْب مِن الْجنونِ لِأنّ صاحِبها ينْدم فإِنْ لمْ ينْدمْ فجنونه مسْتحْكِم .

256- و قال (عليه السلام) : صِحّة الْجسدِ مِنْ قِلّةِ الْحسدِ .

257- و قال (عليه السلام) : لِكميْلِ بْنِ زِياد النّخعِيِّ يا كميْل مرْ أهْلك أنْ يروحوا فِي كسْبِ الْمكارِمِ و يدْلِجوا فِي حاجةِ منْ هو نائِم فوالّذِي وسِع سمْعه الْأصْوات ما مِنْ أحد أوْدع قلْبا سرورا إِلّا و خلق اللّه له مِنْ ذلِك السّرورِ لطْفا فإِذا نزلتْ بِهِ نائِبة جرى إِليْها كالْماءِ فِي انْحِدارِهِ حتّى يطْردها عنْه كما تطْرد غرِيبة الْإِبِلِ .

258- و قال (عليه السلام) : إِذا أمْلقْتمْ فتاجِروا اللّه بِالصّدقةِ .

259- و قال (عليه السلام) : الْوفاء لِأهْلِ الْغدْرِ غدْر عِنْد اللّهِ و الْغدْر بِأهْلِ الْغدْرِ وفاء عِنْد اللّهِ .

260- و قال (عليه السلام) : كمْ مِنْ مسْتدْرج بِالْإِحْسانِ إِليْهِ و مغْرور بِالسّتْرِ عليْهِ و مفْتون بِحسْنِ الْقوْلِ فِيهِ و ما ابْتلى اللّه سبْحانه أحدا بِمِثْلِ الْإِمْلاءِ له .

 قال الرضي : و قد مضى هذا الكلام فيما تقدم إلا أن فيه هاهنا زيادة جيدة مفيدة .