باب العتاب

أنس قال : خدمت النبي ص عشر سنين بالمدينة و أنا غلام ليس كل أمري كما يشتهي صاحبي أن يكون عليه فما قال لي أف فيها قط و ما قال لي لم فعلت هذا و ألا فعلت هذا .

و عنه (عليه السلام) : إذا زنا خادم أحدكم فليجلدها الحد و لا يعيرها.

بعضهم خرجت في سفر و معي رجل من الأعراب فلما كنا ببعض المناهل لقينا ابن عم له فتعانقا و إلى جانبهما شيخ من الحي يفن فقال لهما أنعما عيشا إن المعاتبة تبعث التجني و التجني تبعث المخاصمة و المخاصمة تبعث العداوة و لا خير في شي‏ء ثمرته العداوة .

عن الأحنف : شكوت إلى عمي صعصعة وجعا في بطني فنهرني ثم قال يا ابن أخي إذا نزل بك شي‏ء فلا تشكه إلى أحد مثلك فإنما الناس رجلان صديق تسوؤه و عدو تسره و الذي بك لا تشكه إلى مخلوق مثلك لا يقدر على دفع مثله عن نفسه و لكن إلى من ابتلاك به فهو قادر إن يفرج عنك يا ابن أخي إحدى عيني هاتين ما أبصر بها سهلا و لا جبلا منذ أربعين سنة و ما اطلع على ذلك امرأتي و لا أحد من أهلي .

شكا رجل الفقر فقيل له يا هذا لا تشك من يرحمك إلى من لا يرحمك .

عن علي (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أول من يدخل الجنة شهيد و عبد أحسن عبادة ربه و نصح لسيده .

عن المعذور بن سويد قال : دخلنا على أبي ذر رضي الله عنه بالربذة فإذا عليه برد و على غلامه مثله فقلنا لو أخذت برد غلامك إلى بردك كانت حلة و كسوته ثوبا غيره .

قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل و لتكسيه مما يلبس و لا يكلفه ما يغلبه فإن كلفه ما يغلبه فليبعه .

عن أبي مسعود الأنصاري قال : كنت أضرب غلاما لي فسمعت من خلفي صوتا اعلم أبا مسعود إن الله أقدر عليك منك عليه فالتفت فإذا هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت يا رسول الله هو حر لوجه الله تعالى فقال أما لو لم تفعل للفعتك النار.

مر بعضهم براع مملوك فاستباعه شاة فقال ليست لي فقال أين المالك فقال أين الله فاشتراه و أعتقه فقال اللهم قد رزقتني العتق الأصغر فارزقني العتق الأكبر.

أراد رجل بيع جارية فبكت فسألها فقالت لو ملكت منك ما ملكت مني ما أخرجتك من يدي فأعتقها .

عنه (عليه السلام) : عاتبوا أرقاءكم على قدر عقولهم .

عن عبد الله بن طاهر قال : كنت عند المأمون ثاني اثنين فنادى يا غلام يا غلام بأعلا صوته فدخل عليه غلام تركي فقال ألا ينبغي للغلام أن يأكل أو يشرب أو يتوضأ أو يصلي كلما خرجنا من عندك تصيح يا غلام يا غلام إلى كم يا غلام فنكس رأسه طويلا فما شككت أنه يأمرني بضرب عنقه فقال يا عبد الله إن الرجل إذا حسنت أخلاقه ساءت أخلاق خدمه و إذا ساءت أخلاقه حسنت أخلاق خدمه فلا نستطيع أن نسي‏ء أخلاقنا لتحسن أخلاق خدمنا.

سالم رفعه : عبد صالح عند الله خير من حر طالح .

ابتاع بعض الناس غلاما فقلت له بورك لك فيه فقال البركة مع من قدر على خدمة نفسه و استغنى عن خدمة غيره فخفت مئونته و هانت تكاليفه و كفى سياسة العبيد.

قال الحجاج بن عبد الملك بن الحجاج بن يوسف : لو كان رجل من ذهب لكنته قيل كيف قال لم تلدني أمة إلى آدم ما خلا هاجر فقالوا لو لا هاجر لكنت كلبا من الكلاب.

قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك.

أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : أشد الأعمال ثلاثة ذكر الله على كل حال و مواساة الإخوان بالمال و إنصاف الناس من نفسك.

كتب عدي بن أرطاة إلى عمر بن عبد العزيز أما بعد فإن قبلنا قوما لا يؤدون الخراج إلا أن يمسهم العذاب فاكتب برأيك فكتب إليه أما بعد فالعجب لك كل العجب تكتب إلي تستأذنني في عذاب البشر كان إذني جنة لك من عذاب الله أو كان رضائي ينجيك من سخط الله فمن أعطاك منهم ما عليه عفوا فخذه منه و من أبي فاستخلصه و كله إلى الله فو الله لئن يلقوا الله بخراجهم أحب إلي من أن ألقاه بعذابهم و السلام. قال سليمان بن عبد الملك لأبي حازم ما النجاة من هذا الأمر قال شي‏ء هين قال ما هو قال لا تأخذ شيئا إلا من حقه و لا تضعه إلا في حقه قال و من يطيق هذا قال من طلب الجنة و هرب من النار .

وقع المأمون إلى عامل تظلم منه أنصف من وليت أمره و إلا أنصفه من ولي أمرك.

سعد بن أبي وقاص قال : كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال أ يعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة فسأله سائل كيف يكسب أحدنا ألف حسنة قال يسبح مائة تسبيحة فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة .

أمير المؤمنين (عليه السلام) : من أطاع التواني ضيع الحقوق .

الحسن البصري قال : إن أشد الناس صراخا يوم القيامة رجل سن سنةضلالة فاتبع عليها و رجل فارغ مكفي قد استعان بنعم الله على معاصيه.

لقمان : إياك يا بني و الكسل و الضجر فإنك إذا كسلت لم تؤد حقا و إذا ضجرت لم تصبر على حق جلاء القلوب استماع الحكمة و صداؤها الملالة و الفتور .

عنه (عليه السلام) : إذا كان يعلم سئم تبدو أي خرج إلى البدو كان إذا سام خرج .

عنه (عليه السلام) : أشد الناس حسابا يوم القيامة المكفي الفارغ إن كان الشغل مجهدة فالفراغ مفسدة .

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به البأس .

علي (عليه السلام) : العفاف زينة الفقير.

داود (عليه السلام) : قال لبني إسرائيل اجتمعوا فإني أريد أن أقوم فيكم بكلمتين فاجتمعوا على بابه فخرج عليهم فقال يا بني إسرائيل لا يدخل أجوافكم إلا طيب و لا يخرج من أفواهكم إلا طيب .

سليمان (عليه السلام) : إن الغالب لهواه أشد من الذي يفتح المدينة وحده.

حلقت قرشية شعرها و كانت أحسن الناس شعرا و قيل لها في ذلك فقالت أردت أن أغلق الباب فلمحني رجل و رأسي مكشوف فما كنت لأدع شعرا رآه من ليس لي بمحرم.

لا تعود نفسك الشبع من الحلال فتأكل الحرام .

تذاكروا أشد الأعمال في مجلس يونس فاتفقوا على أنه الورع فجاء فلان فقال إن للصلاة لمئونة و إن للصدقة لمئونة و ما أهون الورع إذا رابك شي‏ء فأتركه .

قال بعضهم انظر درهمك من أين وصل في الصنف الأخير .

جابر : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لكعب بن عجرة لا يدخل الجنة من نبت لحمه من السحت , النار أولى به .

عنه (عليه السلام) : إن الله حرم الجنة أن يدخلها جسد غذي بحرام.

حذيفة رفعه : إن قوما يجيئون يوم القيامة و لهم من الحسنات أمثال الجبال فيجعلها الله هباء منثورا ثم يؤمر بهم إلى النار فقال سلمان حلهم لنا يا رسول الله فقال أما إنهم قد كانوا يصلون و يصومون و يأخذون وهنة من الليل و لكنهم كانوا إذا عرض لهم شي‏ء من الحرام وثبوا عليه .

المؤمن من هو بماله متبرع و عن مال غيره متورع .

قال مطر الوراق لعمرو بن عبيد : إني لأرحمك مما يقول فيك الناس قال عمرو أ تسمعني فيهم شيئا قال لا قال فإياهم فارحم .

و قيل : إن عمرو بن عبيد عزى رجلا عن ابن له فقال له إن أباك كان أصلك و إن ابنك كان فرعك و إن امرأ ذهب أصله و فرعه لحري أن يقل بقاؤه .

و عنه أيضا : أنه ذكر السخاء عنده فأكثروا في وصفه و هو ساكت فسألوه عما عنده فقال ما أصبتم وصفه إن السخي من جاد بماله تبرعا و كان كف عن أموال الناس متورعا.

سمع بعضهم يقول في الليلة التي مات فيها : اللهم إن كنت تعلم أنه لم يعرض لي أمران قط أحدهما لك فيه رضا و الآخر لي فيه هوى إلا قدمت رضاك على هواي فاغفر لي.

بعضهم : من صدق في ترك الشهوة كفى مئونتها الله أكرم من أن يعذب وليه بها فقد تركها له .

قال بعضهم : يا رسول الله من المؤمن قال المؤمن من إذا أصبح نظر إلى رغيفه من أين يكتسبه قال يا رسول الله أما إنهم لو كلفوه لتكلفوه قال أما إنهم قد كلفوه و لكنهم تعشقوا الدنيا عشقا .

عيسى (عليه السلام) : لا تكونن حديد النظر إلى ما ليس لك فإنه لن يزني فرجك ما حفظت عينك فإن قدرت أن لا تنظر إلى ثوب المرأة التي لا تحل لك فافعل .

أمير المؤمنين (عليه السلام) : عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي منه هرب و يفوته الغنى الذي إياه طلب فيعيش في الدنيا عيش الفقراء و يحاسب في الآخرة حساب الأغنياء و عجبت للمتكبر الذي كان بالأمس نطفة و يكون غدا جيفة و عجبت لمن شك في الله و هو يرى خلق الله و عجبت لمن نسي الموت و هو يرى من يموت و عجبت لمن أنكر النشأة الأخرى و هو يرى النشأة الأولى و عجبت لعامل دار الفناء و تارك دار البقاء .

قيل : العجب ممن يعرف ربه و يغفل عنه طرفة عين .

قيل لابن جمهور : من أعلم الناس بالدنيا ?

قال : أقلهم منها تعجبا .

بعضهم : لو قيل لي أي شي‏ء أعجب عندك لقلت قلب عرف الله ثم عصى.

أنس : قيل يا رسول الله الرجل يكون حسن العقل كثير الذنوب قال ما من آدمي إلا و له ذنوب و خطايا يقترفها فمن كانت سجيته العقل غريزته اليقين لم تضره ذنوبه قيل كيف ذاك يا رسول الله قال لأنه كلما أخطأ لم يلبث أن يتدارك ذلك بتوبة و ندامة على ما كان منه فيمحو ذنوبه أي يغفر ذنوبه .

بعضهم : إذا عقلك عقلك عما لا يعنيك فأنت عاقل .

علي بن عبيد : العقل ملك و الخصال رعيته فإذا ضعف عن القيام عليها وصل الخلل إليها فسمعه أعرابي فقال هذا كلام يقطر عسله عقل الغريزة سلم إلى عقل التجربة من لم يؤسس عقله على التقوى فلا عقل له .

المهلب : لأن أرى لعقل الرجل فضلا على لسانه أحب إلي من أرى للسانه فضلا على عقله .

أمير المؤمنين (عليه السلام) : العاقل من وعظته التجارب العاقل من ملك عنان شهوته .

قال الحجاج لابن الفرية : من أعقل الناس ?

قال : الذي يحسن المداراة مع أهل زمانه .

بعضهم : مثلت نفسي في النار أعالج أغلالها و سعيرها و زقومها و زمهريرها فقلت يا نفس أي شي‏ء تشتهين قالت أن أرجع إلى الدنيا فأعمل عملا أنجو به من هذا العذاب و مثلتها في الجنة مع حورها ألبس من سندسها و حريرها فقلت أي شي‏ء تشتهين فقالت أن أرجع فأعمل عملا أزداد به في الثواب فقلت فأنت في الدنيا و في الأمنية فاعملي .

من اشتدت عزائمه اشتدت دعائمه .

كان يقال : من اجتهد برأيه و استخار ربه و استشار صديقه فقد قضى ما عليه و يقضي الله في أمره ما أحب .

أحزم الناس رجلان ; رجل وسع الله عليه في الدنيا فشكر ليوسع عليه في الآخرة , و رجل ضيق الله عليه في الدنيا فصبر ; لئلا يضيق الله عليه في الآخرة .

بهمن بن إسفنديار : تجربة المجرب تضييع الزمان .

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : لا تدخلن في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل و يعدك الفقر و لا جبانا يضعفك عن الأمور و لا حريصا يزين لك الشره فإن البخل و الجبن و الحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله .

النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أفضل العمل أدومه و إن قل.

أمير المؤمنين ع : قليل مدوم عليه خير من كثير ملول منه .

و عنه (عليه السلام) : أفضل الأعمال ما أكرهت نفسك عليه .

زين العابدين (عليه السلام) : لما مات و غسلوه وجدوا على ظهره مجلا مما كان يستقي

لضعفة جيرانه بالليل و مما كان يحمل إلى بيوت المساكين من جرب الطعام .

بعضهم : أ رأيت المحارب إذا أراد أن يلقى الحرب أ ليس يجمع آلته فإذا أفنى عمره في جمع آلته فمتى يحارب إن العلم آلة العمل فإذا أفنى عمره في جمعه فمتى يعمل .

كان بعضهم يستقي و يرعى و يعمل بكراء و يحفظ البساتين للناس و المزارع و يحصد بالنهار و يصلي بالليل .

النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : تعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن ينفعكم الله بالعلم حتى تعملوا به فإن العلماء همتهم الرعاية و السفهاء همتهم الرواية .

عيسى (عليه السلام) : ليس بنافعك أن تعلم ما لم تعمل إن كثرة العلم لا يزيدك إلا جهلا إذا لم تعمل به .

النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) علي (عليه السلام) جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال ما ينفي عني حجة الجهل قال العلم قال فما ينفي عني حجة العلم قال العمل .

قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : الكيس من دان نفسه و عمل لما بعد الموت و العاجز من أتبع نفسه هواها ثم تمنى على الله المغفرة.

أمير المؤمنين : كونوا بقبول العمل أشد اهتماما بالعمل فإنه لا يقل عمل مع التقوى و كيف يقل عمل يتقبل .

بعضهم : صن عملك من الآفات و إن قل تسعد به في الدارين و من لم يتق الآفات في عمله فإنه لا يكاد يفلح و إن كثر اجتهاده و إنما ارتفع القوم لاعتنائهم بإصلاح سرائرهم فعند ذلك أيدهم الله بالنصر على الشيطان و بصرهم مكايده .

قيل لبعضهم قد طال وقوفك في الشمس قال ليطول وقوفي في الظل .

قيل من غلى دماغه في القيظ غلت قدره في الشتاء .

قال بعضهم ما المجتهد فيكم إلا كاللاعب فيما مضى .

كان بعضهم يجتهد في العبادة و يصوم في الحر حتى يصفر جسده و يكاد لسانه يسود من ظمإ الهواجر فقيل له كم تعذب هذا الجسد فيقول إن الأمر جد يا فلان الجد الجد ما جد قوم قط إلا وجدوا .

قال عيسى (عليه السلام) لرجل : ما تصنع قال أتعبد قال فمن يعود عليك قال أخي قال أخوك أعبد منك .

قال أبو مسلم الخراساني :

أدركت بالجد و التشمير ما عجزت *** عنه ملوك بني مروان إذ حشدوا

ما زلت أسعى بجهدي في ذخائرهم *** و القوم في ملكهم بالشام قد رقدوا

حتى ضربتهم بالسيف فانتبهوا *** من نومة لم ينمها قبلهم أحد

و من رعى غنما في أرض مسبعة *** و نام عنها تولى رعيها الأسد

علي (عليه السلام) رفعه : من نقله الله من ذل المعاصي إلى عز التقوى أغناه الله بلا مال و أعزه بلا عشيرة و آنسه بلا أنيس .

سئل محمد بن الحنفية رحمه الله عن أعظم الناس خطرا فقال الذي لا يرى الدنيا كلها عوضا من بدنه ثم قال إن أبدانكم هذه ليست لها ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها إلا بها .

علي (عليه السلام) : ما أرى شيئا أضر بقلوب الرجال من خفق النعال وراء ظهورهم .

قيل إن مملوكا اتصل بالرذال من أتباع النعمان فلم يزل بارتفاع همته يتدرج حتى استولى على أمر النعمان فقيل للنعمان في ذلك فقال ما أنا قدمته إنما قدمته الأخلاق السرية المجتمعة فيه .

ما عشق الرئاسة أحد إلا حسد و بغى و طغى. بعضهم كن ذنبا و لا تكن رأسا فإن الذنب ينجو و الرأس يهلك .

الحسن لقد صحبت أقواما إن الرجل لتعرض له الكلمة من الحكمة لو نطق بها لنفعته و نفعت أصحابه و ما يمنعه منها إلا مخافة الشهرة. قيل للعتابي فلان بعيد الهمة فقال إذا لا تكون له غاية دون الجنة .

بعض الحكماء الذين وقفوا على تابوت الإسكندر انظر إلى حكم النائم كيف انقضى و إلى سحاب الصيف كيف انجلى .

رابعة القيسية : ما سمعت الأذان إلا ذكرت منادي يوم القيامة و لا رأيت الثلج إلا ذكرت تطاير الصحف و ما رأيت الجواد إلا ذكرت الحشر.

عن جعفر بن محمد الصادق عن آبائه (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من عرف الله منع فاه من الكلام و بطنه من الطعام و عنى نفسه بالصيام و القيام .

قال نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لجبرئيل (عليه السلام) ما لي لم أر ميكائيل ضاحكا قط قال ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار .

قيل إن جهنم تزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب و لا نبي إلا خر ترعد فرائصه حتى إن إبراهيم (عليه السلام) ليجثو على ركبتيه فيقول يا رب لا أسألك إلا نفسي .

الخدري عنه (عليه السلام) : لو ضرب بمقمعة من مقامع الحديد الجبل لفتت فعاد غبارا .

الحسن إن الأغلال لم تجعل في أعناق أهل النار إنهم أعجزوا الرب و لكن إذا طغى بهم اللهب أرستهم في النار ثم خر الحسن مغشيا عليه ثم قال و دموعه تتحادر يا ابن آدم نفسك نفسك فإنما هي نفس واحدة إن نجت نجوت و إن هلكت لم ينفعك من نجا و كل نعيم دون الجنة حقير و كل بلاء دون النار يسير .

طاوس : لما خلقت النار طارت أفئدة الملائكة فلما خلقتم سكنت .

بعضهم : يا من الكلمة تقلقه و البعوضة تسهره أ مثلك يقوى على وهج السعير أو تطيق صفحة خده على لفح سمومها و رقة أمعائه على خشونة ضريعها و رطوبة كبده على تجرع غساقها .

من غلام للأحنف بن قيس إن عامة صلاة الأحنف كانت بالليل و كان يضع المصباح قريبا منه فيضع إصبعه عليه فيقول أحسن يا أحنف ما حملك على ما صنعت يوم كذا .

هشام بن الحسن : من أصحاب الحسن كان لا يطفئ سراجه بالليل فقال له أهله إنا لا نعرف الليل من النهار فقال إني إذا أطفأت سراجي ذكرت ظلمة القبر فلم يأخذني النوم .

أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : اعلموا أنه ليس لهذا الجلد الرقيق صبر على النار فارحموا نفوسكم فإنكم قد جربتموها في مصائب الدنيا فرأيتم جزع أحدكم من الشوكة تصيبه و العثرة تدميه و الرمضاء تحرقه فكيف إذا كان بين طابقين من نار ضجيع حجر و قرين شيطان أ علمتم أن مالكا إذا غضب على النار حطم بعضها بعضا لغضبه و إذا زجرها وثبت بين أبوابها جزعا من زجرته أيها اليفن الكبير الذي قد لهزه القتير كيف أنت إذا التحمت أطواق النار بعظام الأعناق و نشبت الجوامع حتى أكلت لحوم السواعد .

قال رجل لرسول الله ص يا أبا القاسم أ تزعم أن أهل الجنة يأكلون و يشربون قال نعم و الذي نفسي بيده إن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في الأكل و الشرب قال فإن الذي يأكل يكون له الحاجة و الجنة طيبة لا خبث فيها قال عرق يفيض من أحدهم كرشح المسك فيضمر بطنه .

دخل داود (عليه السلام) غارا من غيران بيت المقدس فوجد حزقيل (عليه السلام) يعبد ربه قد يبس جلده على عظمه فسلم عليه فقال : أسمع صوت شبعان ناعم فمن أنت فقال أنا داود قال الذي له كذا و كذا امرأة و كذا و كذا أمه قال نعم و أنت في هذه الشدة قال ما أنا في شدة و لا أنت في نعمة حتى ندخل الجنة .

أبي هريرة : مر على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و معي أغراس فقال هل أدلكم على أغراس أفضل منها قل سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر فليس منها كلمة تقولها إلا غرس الله لك بها شجرة في الجنة.

أبو أيوب الأنصاري عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) : ليلة أسري بي مر بي إبراهيم (عليه السلام) فقال مر أمتك أن يكثروا من غرس الجنة فإن أرضها واسعة و تربتها طيبة قلت و ما غرس الجنة قال لا حول و لا قوة إلا بالله .

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : أ لا حر كريم يدع هذه اللماظة لأهلها إنه ليس لأنفسكم ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها إلا بها .

و عنه (عليه السلام) : فلو رميت ببصر قلبك نحو ما يوصف لك منها لعرفت نفسك عن بدائع ما أخرج إلى الدنيا من شهواتها و لذاتها و زخارف مناظرها بالفكر في اصطفاف أشجار غيبت عروقها في كثبان المسك على سواحل أنهارها .

و في تعليق كبائس اللؤلؤ الرطب في عساليجها و أفنانها و طلوع تلك الثمار مختلفة في علو أكمامها تجنى من غير تكلف فتأتي على منية مجتنيها و يطاف على نزالها في أفنية قصورها بالأعسال المصفقة و الخمور المروقة قوم لم تزل الكرامة تتمادى بهم حتى حلوا دار القرار و أمنوا نقلة الأسفار قال الرشيد لابن السماك عظني فقال احذر يا أمير المؤمنين أن تصير إلى جنة عرضها السماوات و الأرض فلا يكن لك فيها موضع قدم .

دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المسجد فإذا فئة من الأنصار يذرعون المسجد بقصبة قالوا نريد أن نعمر مسجدك فأخذ القصبة فرمى بها فقال خشيبات و ثمامات و عريش كعريش موسى (عليه السلام) و الشأن أقرب من ذلك .

و عنه (عليه السلام) : أحب البلاد إلى الله عز و جل مساجدها و أبغض البلاد إلى الله أسواقها .

و عنه (عليه السلام) : لكل شي‏ء قمامة و قمامة المساجد لا و الله و بلى و الله .

و عنه (عليه السلام) : يأتي في آخر الزمان ناس يأتون المساجد فيقعدون فيها حلقا ذكرهم الدنيا و حب الدنيا لا تجالسوهم فليس لله فيهم حاجة.

سعيد بن المسيب : من جلس في المسجد فإنما يجالس ربه فما حقه أن يقول إلا خيرا .

سأل رجل من سمرقند فضيلا أيما أحب إليك أن أجاور مكة أو آتي الشام فقال له ما تبالي أن تكون بالشام بعد أن تكون تقيا.

عيسى (عليه السلام) : إني أرى الدنيا في صورة عجوز هماء عليها كل زينة قيل لها كم تزوجت قالت لا أحصيهم كثرة قيل أ ماتوا عنك أم طلقوك قالت بل قتلتهم كلهم قيل فتعسا لأزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بأزواجك الماضين و كيف لا يكونون منك على حذر .

و كان الحسن بن علي (عليه السلام) كثيرا ما يتمثل فيقول :

يا أهل لذات الدنيا لا بقاء لها *** إن اغترارا بظل زائل حمق

النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : الدنيا دار من لا دار له و مال من لا مال له و لها يجمع من لا عقل له و يطلب شهواتها من لا فهم له و عليها يعادي من لا علم له و عليها يحسد من لا فقه له و لها يسعى من لا يقين له .

مالك بن دينار : اتقوا السحارة فإنها تسحر قلوب العلماء .

من كان في قلبه شعبة من الإيمان فلا يركن إلى التسويف المرء مرتهن بسوف و ليتني و هلاكه في السوف و الليت من كانت الدنيا همه كثر في الدنيا و الآخرة غمه .

أمير المؤمنين (عليه السلام) : ما أسرع الساعات في اليوم و ما أسرع اليوم في الشهور و ما أسرع الشهور في السنين و ما أسرع السنين في العمر .

سئل النخعي عن البناء فقال وزر و لا أجر فقيل بناء ما لا بد منه قال لا أجر و لا وزر .

سلمة الأحمر قال دخلت قصر الرشيد فقلت :

أما بيوتك في الدنيا فواسعة *** فليت قبرك بعد الموت يتسع

مر الحسن بقصر فقال لمن هذا القصر فقالوا لأوس فقال ود أوس أن له بدله في الآخرة رغيفا.

كان نوح (عليه السلام) في بيت من شعر ألفا و أربعمائة سنة فكلما قيل له يا رسول الله لو اتخذت بيتا من طين تأوي إليه قال أنا ميت غدا و تاركه فلم يزل فيه حتى فارق الدنيا .

قال رجل للحسين (عليه السلام) بنيت دارا أحب أن تدخلها و تدعو الله فدخلها فنظر إليها ثم قال أخربت دارك و عمرت دار غيرك غرك من في الأرض و مقتك من في السماء .

عن أنس رفعه : قال رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبة مشرفة فسأل عنها فقيل لفلان الأنصاري فجاء فسلم عليه فأعرض عنه فشكا ذلك إلى أصحابه فقالوا خرج فرأى قبتك فهدمها حتى سواها بالأرض فأخبر بذلك أما إن كل بناء وبال على صاحبها إلا ما لا بد منه .

تزوج فقير غنية فضاق صدرها لضيق بيته فقال لها قومي فقامت فلم يمس رأسها السقف فقال لها هبي أن سطحه بقرب السماء فما ينفعك إذا لم يمس رأسك ثم قال لها نمي فنامت فلم تمس قدمها الجدار فقال لها هبي أن الجدار عند جبل قاف فما ينفعك بعد أن لم تمسه قدماك فقالت حسبي حسبي فرضيت .

الحسن و وهب الملائكة في زمن إدريس (عليه السلام) كانت تصافح الناس و تكلمهم لصلاح أهل الزمان حتى كان زمن نوح (عليه السلام) فانقطع ذلك .

أبو هريرة يرفعه : ما من أحد يخرج من بيته إلا و على بابه رايتان راية بيد ملك و راية بيد شيطان فإن خرج في طاعة الله تبعه الملك برايته حتى يعود إلى بيته و إن خرج فيما يكره الله تعالى تبعه الشيطان برايته فلم يزل تحت راية الشيطان حتى يرجع منزله .

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يخرج الرجل شيئا من الصدقة حتى يفك عن لحيي سبعين شيطانا .

قال رجل للفضل بن مروان إن فلانا يقع فيك قال لأغيظن من أمره يغفره الله لي و له قيل له و من أمره قال الشيطان .

أمير المؤمنين (عليه السلام) : تمور في بطن أمتك جنينا لا تخبر و لا تسمع نداء ثم أخرجت من مقرك إلى دار لم تشهدها و لم تعرف سبل منافعها فمن هداك لاجترار الغذاء من ثدي أمك و حركك عند الحاجة مواضع طلبك .

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) رفعه : يقول الله تعالى يا ابن آدم ما تنصفني أتحبب إليك بالنعم و تتمقت إلي بالمعاصي خيري إليك منزل و شرك إلي صاعد و لا يزال ملك كريم يأتيني عنك في كل يوم و ليلة بعمل قبيح يا ابن آدم لو سمعت وصفك من غيرك و أنت لا تعلم من الموصوف لأسرعت إلى مقته .

كان أبو مسلم الخولاني يقول كان الناس ورقا لا شوك فيه و أنتم اليوم شوك لا ورق فيه .

كان بعضهم يقول إن الشياطين ليجتمعون على القلب كما يجتمع الذباب على القرحة فإن لم يذب وقع الفساد .

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : من أحد سنان الغضب لله قوي على قتل أشداء الباطل .

و عنه (عليه السلام) : من كفارات الذنوب العظام إغاثة الملهوف و التنفيس عن المكروب .

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : و أكرم نفسك عن كل دنية و إن ساقتك إلى الرغائب فإنك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضا و لا تكن عبد غيرك و قد جعلك الله حرا .

عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : من ذب عن عرض أخيه كان له ذلك حجابا من النار .

لما وجه يزيد بن معاوية مسلم بن عقبه لاستباحة أهل المدينة ضم علي بن الحسين (عليه السلام) إلى نفسه أربعمائة منافية يحبسهن و يعولهن إلى أن تقوض جيش مسلم فقالت امرأة منهن ما عشت و الله بين أبوي مثل ذلك التشريف .

عن الأصمعي قال : دخلت على الخليل و هو جالس على حصير صغير فأشار إلي بالجلوس فقلت أضيق عليك فقال مه الدنيا بأسرها لا تسع متباغضين و إن شبرا في شبر يسع متحاببين .

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : تنبئ عن كل أمر دخيلته كل مودة عقدها الطمع حلها اليأس .

قيل لخالد بن صفوان أي إخوانك أحب إليك قال الذي يسد خللي و يغفر زللي و يقيل عللي .

محمد بن واسع أن القلب إذا أقبل إلى الله أقبل الله إليه بقلوب المؤمنين .

مجاهد لو لم يكن من الصاحب الصالح إلا أن حياءه يمنعك عن معصية الله كفاك .

أحب فقير غنيا في الله سأله حاجة ثلاث مرات فرده و الفقير لا يتغير عن محبته فقال له في ذلك فقال يا أخي إنما أحببتك في الله فلم يفسد ما بيني و بينك شي‏ء من الدنيا فقاسمه شطر ماله .

من كانت لأخيه المسلم في قلبه مودة فلم يعلمه فقد خانه .

من رضي بصحبة من لا خير فيه لم يرض بصحبة من فيه خير .

كان يقال من لم يواخ إلا من لا عيب فيه قل صديقه و من لم يرض عن صديقه إلا بإيثاره على نفسه دام سخطه و من عاتب صديقه على كل ذنب كثر عدوه .

ابن مسعود رفعه : والذي نفسي بيده لا يسلم العبد حتى يسلم قلبه و لسانه و يأمن جاره بوائقه قالوا و ما بوائقه قال غشمه و ظلمه .

فرقد : اتخذوا الدنيا ظئرا و اتخذوا الآخرة أما أ لم تروا إلى الصبي إذا تزعزع و عقل رمى بنفسه على أمه و ترك ظئره .

هرم بن حيان : ما آثر الدنيا على الآخرة و لا عصى الله كريم .

شاعر :

و لم أر مثل الليل جنة فاتك *** إذا هم أمضى أو غنيمة ناسك

يزيد الرقاشي : أيامك ثلاثة يومك الذي ولدت فيه و يوم نزولك قبرك و يوم خروجك إلى ربك فيا له من يوم قصير حباله يومان طويلان .

اجتمع عند رابعة العدوية عدة من الفقهاء و الزهاد فذموا الدنيا و هي ساكتة فلما فرغوا قالت لهم من أحب شيئا أكثر من ذكره إما بحمد و إما بذم فإن كانت الدنيا في قلوبكم لا شي‏ء فلم تذكرون لا شي‏ء .

إذا أبقت الدنيا على المرء دينه *** فما فاته منها فليس بضائر

داود الطائي : إنما الليل و النهار مراحل فإن انقطاع السفر عن قريب و الأمر أعجل من ذلك و كأنك بالأمر قد بغتك .

و عنه لا تمهر الدنيا دينك فإن من أمهرها دينه زفت إليه الندم .

و سأله رجل أراد أن يتعلم الرمي حسن و لكنها أيامك فانظر بم تقطعها .

عمر بن ذر الهمداني أمس و اليوم إخوان نزل بك أحدهما فأسأت نزوله و قراه فرحل عنك و هو ذام ثم نزل بك أخوه فقال امح إساءتك إلى أخي بإحسانك إلي فما أخلقك أن ألحقتني في الإساءة بأخي إن تعطب بشهادتنا عليك .

محمد بن سوقة مثل الدنيا و الآخرة ككفتي الميزان ما ترجح أحدهما يخف الآخر .

بنى ملك في بني إسرائيل مدينة فتنوق في بنائها ثم صنع للناس طعاما و نصب على باب المدينة من يسأل عيبها فلم يعيبها إلا ثلاثة عليهم الأكسية فإنهم قالوا رأينا عيبين فسألهم فقالوا تخرب و يموت صاحبها فقال هل تعلمون أن دارا تسلم من هذين العيبين قالوا نعم الآخرة فخلى ملكه و تعبد معهم زمانا ثم ردعهم فقالوا هل رأيت منا ما تكرهه فقال لا و لكن عرفتموني فأنتم تكرموني فأصحب من لا يعرفني .

ابن السماك من جرعته الدنيا حلاوتها بميله إليها جرعته الآخرة مرارتها بتجافيه عنها .

عن مجاهد : ما من يوم من أيام الدنيا يمضي إلا قال الحمد لله الذي أراحني من الدنيا و أهلها ثم يطوي و يختم حتى يكون الله هو الذي يفض ختامه .

النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : إذا عظمت أمتي الدنيا نزع الله منها هيبة الإسلام .

الفضل لو أن الدنيا بحذافيرها عرضت علي حلالا لا أحاسب عليها في الآخرة لكنت أتقذرها كما يتقذر أحدكم الجيفة إذا مرت به يخاف أن تصيب ثوبه .

و عنه لو كانت الدنيا لك فقيل دعها و يوسع لك في قبرك أ ما كنت فاعلا أو قيل لك دعها و تسقى شربة في عطش يوم القيامة أ ما كنت فاعلا .

و عنه لأن أطلب الدنيا بالطبل و المزمار أحب إلي من أن أطلبها بديني .

احتضر عابد فقال ما تأسفي على دار الأحزان و الغموم و الخطايا و الذنوب و إنما تأسفي على ليلة نمتها و يوم أفطرته أو ساعة غفلت فيها عن ذكر الله تعالى .

عن إبراهيم بن أدهم : فرغ قلبك من ذكر الدنيا يفرغ عليك الرضا إفراغا .

وقفت أعرابية على قوم فقالت تيسروا للقاء الله تعالى فإن هدى الأيام تدرجنا إدراجا .

أنس إن الله جعل الدنيا دار بلوى و الآخرة دار عقبى فجعل بلوى الدنيا لثواب الآخرة سببا و ثواب الآخرة من بلوى الدنيا عوضا فيأخذ ليعطي و يبتلي ليجزي .

الحسن أهينوا الدنيا فإنها أهنأ ما يكون لكم أهون ما يكون عليكم .

أوحى الله تعالى إلى الدنيا من خدمك فأتعبيه و من خدمني فأخدميه .

قال رجل للحسن يا أبا سعد إذا جعت ضعفت و إذا شبعت وقع على البهر فقال يا أخي هذه دار ليس توافقك فاطلب دارا غيرها .

أمير المؤمنين (عليه السلام) الدنيا دار ممر و الناس فيها رجلان رجل باع نفسه فأوبقها و رجل ابتاع نفسه فأعتقها و عنه (عليه السلام) : أنتم في هذه الدنيا غرض تنتصل فيها المنايا مع كل جرعة شرق و في كل أكلة غصص لا ينالون منها نعمة إلا بفراق أخرى .

عن أنس رفعه : إن الله تعالى يعطي الدنيا على نية الآخرة و لا يعطي الآخرة على نية الدنيا .

علي بن الحسين (عليه السلام) : من هوان الدنيا على الله تعالى أن يحيى بن زكريا أهدي رأسه إلى بغي في طست من ذهب فيه تسلية لحر فاضل يرى الناقص الدني يظفر من الدنيا بالحظ السني كما أصابت تلك الفاجرة تلك الهدية العظيمة .

علي (عليه السلام) : و إن جانب منها اعذوذب و حلا أمر منها جانب فأولى.

ثابت بن سعيد الدنيا كذنب العقرب في آخرها سمها و حمتها .

المأمون لو سألت الدنيا عن نفسها لما وصفتها إلا بما قال أبو نواس .

إذا امتحن الدنيا لبيب تكشف له عن عدو في ثياب صديق

عيسى : من ذا الذي يبني على موج البحر دارا تلكم الدنيا فلا تتخذوا فيها قرارا .

عن محمد بن يحيى الواسطي قال : ما عرف الله حق معرفته من آثر طاعة الشيطان على طاعته و لا عرف الآخرة حق معرفتها من آثر الدنيا عليها .

قال بشير بن الحارث : اجعل الآخرة رأس مالك فما أتاك من الدنيا فهو ربح .

محمد بن بشير :

أرى كل مغرور تمنته نفسه *** إذا ما مضى عام السلامة قابلا

من اقتراب الساعة كثرة المطر و قلة النبات و كثرة القراء و قلة الفقهاء و كثرة الأمراء و قلة الأمناء .

أبو هريرة : لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب فيقتتل الناس عليه فيقتل من كل مائة تسعة و تسعون و يقول كل رجل منهم لعلي الذي أنجو .

الحسن : ما ظنك بأقوام قاموا لله على أقدامهم خمسين ألف سنة لم يأكلوا منها أكلة و لا شربوا منها شربة حتى إذا ما تقطعت أعناقهم عطشا و احترقت أجوافهم جوعا صرف بهم إلى النار فسقوا من عين آنية قد أنى حرها و اشتد نضجها .

داود بن هند : للعبد من الله تعالى يوم القيامة خمسون موقفا كل موقف ألف سنة إن الليل و النهار خزانتان ما أودعتهما إياه أدتاه و إنهما تعملان فيك فاعمل فيهما .

علي (عليه السلام) : الدنيا قد نعتت لك نفسها و تكشفت لك عن مساويها و إياك أن تغتر بما ترى من إخلاد أهلها إليها و تكالبهم عليها فإنهم كلاب عاوية و سباع ضارية يهر بعضهم على بعض يأكل عزيزها ذليلها و يقهر كبيرها صغيرها نعم معقلة و أخرى مهملة قد أضلت عقولها و ركبت مجهولها .

كتب عبد الملك إلى الحجاج أن صف لي الدهر فكتب إليه أمس كأن لم يكن و غدا كأن قد يكون و يوم يستطيل البطالون فيقصرونه بالملاهي و فيه يتزود العاقل لمعاده .

الحسن : و الذي نفسي بيده لقد أدركت أقواما كانت الدنيا عليهم أهون من التراب يمشون عليه و لا يبالون أ شرقت الدنيا أم غربت أ ذهبت إلى ذا أم ذهبت إلى ذا .

أمير المؤمنين (عليه السلام) : أهل الدنيا كركب يسار بهم و هم نيام.

ابن الحنفية من كرمت عليه آخرته هانت عليه دنياه .

أمير المؤمنين قال : و أحذركم الدنيا فإنها منزل قلعة و ليست بدار نجعة دار هانت على ربها فخلط خيرها بشرها و حلوها بمرها لم يرضها لأوليائه و لم يضن بها على أعدائه .

رب فعل يصاب به وقته فيكون سنة و يخطى به وقته فيكون سيئة .

أعرابي : لقد صغر فلانا في عيني عظم الدنيا في عينه. الحسن : يا ابن آدم إنما أنت عدد أيام إذا مضى يوم مضى بعضك .

سلام بن مسكين : قال لنا الحسن يا معاشر الشباب عليكم بطلب الآخرة فقد و الله رأينا أقواما طلبوا الآخرة فأصابوا الدنيا و الآخرة و و الله ما رأينا من طلب الدنيا فأصاب الآخرة .

أبو العتاهية:

يا طالب الدنيا يغرك وجهها *** و لتندمن إذا رأيت قفاها

حكيم : أعلم الناس بالدهر أقلهم تعجبا من أحداثه .

أمير المؤمنين (عليه السلام) : و الله لدنياكم أهون في عيني من كراع خنزير في يد مجذوم .

بعضهم : يا دنيا كم لك من أكباد جرحى و من أجفان قرحى .

يونس بن ميسرة : ما لنا لا يأتي علينا زمان إلا بكينا منه و لا ولى عنا زمان إلا بكينا عليه .

رأى الحسن (عليه السلام) ناسا يوم عيد فطر يضحكون و يلعبون فقال إن الله جعل الصوم مضمارا لعباده ليستبقوا إلى طاعته و لعمري لو كشف الغطاء لشغل محسن بإحسانه و مسي‏ء بإسائته عن تجديد ثوب أو ترجيل شعر .

عيسى (عليه السلام) : من خبث الدنيا أن الله تعالى عصي فيها و أن الآخرة لا تنال إلا بتركها .

قيل لراهب كيف سخت نفسك عن الدنيا قال علمت أني أخرج منها كارها فأحببت أن أخرج منها طائعا .

دخل عمر على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و هو على حصير قد أثر في جنبه فقال يا نبي الله لو اتخذت فراشا أوثر منه فقال ما لي و للدنيا ما مثلي و مثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح و تركها .

ابن ميادة :

و ما آنس بالأشياء لم أنس قولها *** و أدمعها يذرين حشو المكاحل

‏تمتع بذا اليوم القصير فإنك *** رهين بأيام الشهور الأطاول

أمير المؤمنين (عليه السلام) : و اعلموا رحمكم الله أنكم في زمان القائل لله فيه بالحق قليل و اللسان بالصدق كليل فاللازم للحق ذليل أهله معتكفون على العصيان مصطلحون على الادهان فتاهم عارم و شابهم آثم و عالمهم منافق و قاريهم مماذق لا يعظم صغيرهم كبيرهم و لا يعول غنيهم فقيرهم .

بعضهم : إياك و هم الغد و ارض للغد برب الغد .

أبو ذر رحمه الله : يومك جملك إذا أخذت برأسه أتاك ذنبه يعني إذا كنت من أول النهار في خير لم تزل فيه إلى آخره.

قال لقمان لابنه يا بني لا تدخل في الدنيا دخولا يضر بآخرتك و لا تتركها تركا تكون كلا على الناس .

علي (عليه السلام) : قل ما اعتدل به المنبر إلا قال أمام خطبته أيها الناس اتقوا الله فما خلق امرؤ عبثا فيلهو و لا ترك سدى فيلغو و ما دنياه التي تحسنت له تخلف من الآخرة التي قبحها سوء المنظر عنده و ما المغرور الذي ظفر من الدنيا بأعلى همته كالآخر الذي ظفر من الآخرة بأدنى سهمته .

سئل معاوية ضرار بن صمرة الشيباني عن أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال أشهد لقد رأيته في بعض مواقفه و قد أرخى الليل سدوله و هو قائم في محرابه قابض على لحيته يتململ تململ السليم و يبكي بكاء الحزين و يقول يا دنيا يا دنيا إليك عني أ بي تعرضت أم إلي تشوقت لا حان حينك هيهات غري غيري لا حاجة لي فيك قد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها فعيشك قصير و خطرك يسير و أملك حقير آه من قلة الزاد و طول الطريق و بعد السفر و عظيم المورد .

و عنه : (عليه السلام) ألا و إن الدنيا قد ولت جدا فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء ألا و إن الآخرة قد أقبلت و لكل منها بنون فكونوا من أبناء الآخرة و لا تكونوا من أبناء الدنيا فإن كل ولد سيلحق بأمه يوم القيامة و إن اليوم عمل و لا حساب و غدا حساب و لا عمل .

مر محمد بن واسع بقوم فقيل هؤلاء الزهاد فقال و ما قدر الدنيا حتى يحمد من يزهد فيها.

لقمان يا بني كما تنام كذلك تموت و كما تستيقظ كذلك تبعث .

قيل لعابد لم تركت الدنيا قال لأني أمنع من صافيها و أمتنع من كدرها. و قيل لآخر خذ حظك من الدنيا فإنك فان عنها قال الآن وجب ألا آخذ حظي منها .

أبو حازم : لا يكون ابن آدم في الدنيا على حال إلا و مثاله في العرش على تلك الحال فقال بعض من سمعه فينظر الله إليك فأنت مطيع أم عاص أعظم من مثالك على العرش و لو نظرت إليك وجوه أهل الأرض لأحببت أن يروك على ما تحب و لا يروك على ما تكره فكيف برب العزة الذي يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور .

أوحى الله إلى عيسى (عليه السلام) أن كن للناس في الحلم كالأرض تحتهم و في السخاء كالماء الجاري و في الرحمة كالشمس و القمر فإنهما يطلعان على البر و الفاجر .

زيد بن يحيى : كنا عند مالك بن دينار فمر بنا خليفة البهراني فسلم على مالك فقال له عظنا يا أبا عبد الله فقال يا أبا يحيى إنك و الله إن عرفت الله حق معرفته أغناك ذلك عن كل كلام و موعظة .

أبو يحيى : إن المؤمنين لم يعبدوا إلههم عن رؤية إنما يعبدوه عن دلالة إنهم و الله لما نظروا إلى اختلاف الليل و النهار و دوران الفلك و ارتفاع هذا السقف المرفوع بغير عمد و مجاري هذه البحار و الأنهار علموا أن لذلك صانعا و مدبرا لا يعزب عنه مثقال ذرة من أعمال خلقه في السماوات و الأرض فيعبدوا الله بدلائله على نفسه عباده أنضت الأبدان و أحالت الألوان حتى كان ما عبدوه عن رؤية فهم في الدنيا حية قلوبهم ميتة جوارحهم إلا عند الذكر و المناجاة و النهوض إلى طاعته .

كان الرجل في بني إسرائيل إذا عبد الله ثلاثين سنة أظلته غمامة ففعل ذلك رجل فلم تظله فشكا إلى أمه فقالت لعلك أذنبت ذنبا في هذه السنين قال لا قالت فهل نظرت إلى السماء فرددت طرفك و أنك غير متفكر فيها فقال نعم قالت من هاهنا أتيت .

قيل لأعرابي أين منزلك قال من وراء اليمن بطالقين يريد بشهرين .

قيل إن العرش يهتز لثلاثة أشياء لارتكاب كبيرة و لفتح اللسان بكلمة الإخلاص و لموت المؤمن التقي .

بعضهم : إن الذي سخر الفلك في الماء هو الذي سير الفلك في السماء .

أمير المؤمنين (عليه السلام) : الحكمة ضالة المؤمن فالتقفها و لو من أفواه المشركين .

يوسف بن أسباط : رد أبو حنيفة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أربع مائة حديث أو أكثر قيل ما ذا قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للفرس سهمان و للرجل سهم واحد و قال أبو حنيفة لا أجعل سهم بهيمة أكثر من سهم المؤمن و أشعر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) البدن و قال أبو حنيفة الإشعار مثلة و قال البيعان بالخيار ما لم يفترقا و قال أبو حنيفة إذا وجب البيع فلا خيار و كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقرع بين نسائه إذا أراد سفرا و أقرع أصحابه و قال أبو حنيفة القرعة قمار و إنما اقتصرنا على هذه الأربع لئلا يطول بها الكتاب .

النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : تعلموا العلم و تعلموا له السكينة و الوقار و الحلم و لا تكونوا من جبابرة العلماء فلا يقوم علمكم بجهلكم .

قيل لكسرى أ يحسن بالشيخ التعلم قال من كان الجهل يقبح به إن العلم ليحسن به العلم و العمل قرينان كاقتران الروح و الجسد و لا ينتفع بأحدهما إلا مع الآخر علم المرء بأنه لا يعلم أفضل علمه .

أمير المؤمنين (عليه السلام) : قطع ظهري اثنان عالم فاسق يصد عن علمه بفسقه و جاهل ناسك يدعو الناس إلى جهله بنسكه .

سأل رجل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن أفضل الأعمال فقال العلم بالله و الفقه في دينه و كررهما عليه فقال يا رسول الله أسألك عن العمل فتخبرني عن العلم فقال إن العلم ينفعك معه قليل العمل و إن الجهل لا ينفعك معه كثير العمل .

عيسى (عليه السلام) : من علم و عمل و علم عد في الملكوت الأعظم عظيما .

بعضهم إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا .

قال بعضهم : مثل قراء هذا الزمان كرجل نصب فخا فوقع عصفور قريبا منه فقال للفخ ما غيبك في التراب قال التواضع قال فلم تحنيت قال لطول العبادة فقال ما هذا الحب المنصوب قال أعددته للصائمين قال نعم الجار أنت فلما غابت الشمس أخذ العصفور الحبة فخنقه الفخ فقال إن كان كل العباد يخنقون خنقك فلا خير في العبادة .

و قال يا حمله القرآن ما ذا زرع القرآن في قلوبكم فإن القرآن ربيع المؤمن كما أن الغيث ربيع الأرض .

بعضهم : يعمد أحدكم فيقرأ القرآن و يطلب العلم حتى إذا علمه أخذ الدنيا فضمها إلى صدره و حملها فوق رأسه فنظر إليه ثلاثة امرأة ضعيفة و أعرابي حاف و أعجمي جاهل فقالوا هذا أعلم بالله منا لو لم ير في الدنيا ذخيرة ما فعل هذا فرغبوا في الدنيا فجمعوها فمثله كمثل الذي قال الله تعالى وَ مِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ .

عيسى (عليه السلام) : كيف يكون من أهل العلم من يشار به إلى آخرته و هو مقبل على دنياه و ما يضره أشهى إليه مما ينفعه .

بعضهم : قال هما عالمان عالم دنيا و عالم آخرة فعالم الدنيا علمه منشور و عالم الآخرة علمه مستور فاتبعوا عالم الآخرة .

شر العلماء من جالس الأمراء و خير الأمراء من جالس العلماء .

لقمان (عليه السلام) : جالس العلماء أو زاحمهم بركبتيك فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض بوابل السماء.

كان ابن مسعود إذا رأى طالبي العلم قال مرحبا بكم ينابيع الحكم و مصابيح الظلم خلقان الثياب جدد القلوب ريحان كل قبيلة .

قال إنما أنزل الله هذا القرآن لتفكروا فيه و تعملوا به فاتخذ قوم تلاوته عملا يقول الرجل قد قرأت القرآن فما أسقطت منه حرفا و الله لقد أسقطه كله .

صنع عيسى (عليه السلام) للحواريين طعاما فلما أكلوا وضاهم بنفسه و قالوا يا روح الله نحن أولى أن نفعله منك قال إنما فعلت هذا لتفعلوه بمن تعلمون .

الجاحظ في وصف الكتاب : هو الذي إن نظرت فيه بجح نفسك و عمر صدرك و عرفت به في شهر ما لم تعرفه من أفواه الرجال في دهر و لو لم يكن من فضله عليك و إحسانه إليك إلا منعه لك من الجلوس على بابك و النظر إلى المارة بك مع ما في ذلك من التعريض للحقوق التي تلزم من فضول النظر و من عادة الخوض و من حضور ألفاظ الناس الساقطة و معانيهم الفاسدة و أخلاقهم الردية و جهاتهم المذمومة لكان في ذلك السلامة ثم الغنيمة .

الخليل : إذا نسخ الكتاب ثلاث نسخ و لم يعارض تحول بالفارسية .

الخليل : لا يصل أحد إلى ما يحتاج إليه إلا بعلم ما لا يحتاج إليه .

النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : النظر في وجوه العلماء عبادة .

سئل جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عنه فقال : هو العالم الذي إذا نظرت إليه ذكرك الآخرة و من كان خلاف ذلك فالنظر إليه فتنة .

اغد عالما أو متعلما أو مستمعا أو محبا و لا تكن الخامس فتهلك .

يهتف العلم بالعمل فإن أجابه و إلا ارتحل .

كتب رجل إلى أخ له إنك قد أوتيت علما فلا تطفئن نور علمك بظلمة الذنوب يوم يسعى أهل العلم بنور علمهم .

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا تزال هذه الأمة تحت يد الله و في كنفه ما لم يداهن قراؤها أمراءها و لم يزل علماؤها فجارها و ما لم يهن خيارها أشرارها فإذا فعلوا ذلك رفع الله عنهم يده ثم سلط عليهم جبابرتهم فساموهم سوء العذاب ثم ضربهم بالفاقة و الفقر .

إذا رأيت القارئ يلوذ بالسلطان فاعلم أنه لص و إياك تخدع و يقول يرد مظلمة و يدفع عن مظلوم فإن هذه خدعة إبليس اتخذها فخا و القراءة سلما .

عيسى (عليه السلام) : مثل علماء السوء مثل صخرة وقعت على فم النهر لا هي تشرب الماء و لا هي تترك الماء يخلص إلى الزرع .

سأل المأمون من بحضرته عن المنافقين ليلة العقبة فاختلفوا فدخل أحمد بن أبي داود فعدهم واحدا واحدا بأسمائهم و كناهم و أنسابهم فقال المأمون إذا استجلس الناس فاضلا فمثل أحمد بن داود .

من عرف ما خوف به سهل عليه الهرب مما نهي عنه .

الصادق (عليه السلام) : على العالم إذا علم أن لا يعنف و إذا علم أن لا يأنف .

النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : من خير المعاش معاش رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه كلما سمع هيعة طار إليها يبتغي القتل و الموت مظانه أو رجل في رأس شعفة من هذه الشعف أو بطن واد من هذه الأودية يقيم الصلاة و يؤتي الزكاة و يعبد ربه حتى يأتيه اليقين .

جزعت عائشة حين احتضرت فقيل لها في ذلك فقالت اعترض في حلقي يوم الجمل.

النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : زوال الدنيا أهون على الله من إراقة دم مسلم .

قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة فيقال له هذه غدرة فلان .

مر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) برجل يبيع طعاما فسأله كيف تبيع فأخبره فأوحى الله إليه أن أدخل يدك فيه فأدخل يده فيه فإذا هو مبلول فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس منا من غش .

قال رجل لعمرو بن عبيد إن الأسواري لم يزل يذكرك و يقول الضال فقال عمرو تالله ما رعيت حق مجالسته حين نقلت إلينا حديثه و لا رعيت حقي حين أبلغتني عن أخي ما أكرهه إن الموت يعمنا و البعث يحشرنا و القيامة تجمعنا و الله يحكم بيننا من نم إليك نم عليك .

وشى واش برجل إلى الإسكندر فقال أ تحب أن نقبل منك ما قلت فيه على أن نقبل منه ما يقول فيك قال لا قال فكف عن الشر يكف عنك .

عاتب مصعب بن الزبير الأحنف على شي‏ء بلغه عنه فاعتذر فقال أخبرني بذلك الثقة فقال كلا أيها الأمير إن الثقة لا ينم .

بعضهم : ستر ما عاينت أحسن من إشاعة ما ظننت .

حذيفة رضي الله عنه : إن أقر يوم لعيني ليوم لا أجد فيه طعاما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول إن الله ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الوالد ولده بالخير و إن الله يحمي عبده المؤمن كما يحمي أحدكم المريض من الطعام .

لم يزل زكريا (عليه السلام) يرى ولده يحيى مغموما باكيا مشغولا بنفسه فقال يا رب طلبت منك ولدا أنتفع به فرزقتنيه لا أنتفع به فقال طلبت وليا و الولي لا يكون إلا هكذا البرايا أهداف البلايا .

بعضهم : في بعض كتب الله كانوا إذا طالت بهم العافية حزنوا و وجدوا في أنفسهم فإذا أصابهم البلاء فرحوا و قالوا عاتبكم ربكم فعاتبوه .

بعضهم : ما نزل بي مكروه قط فاستعظمته إلا ذكرت ذنوبي فاستصغرته .

أويس رحمه الله كن في أمر الله كأنك قتلت الناس كلهم خائفا مغموما .

بعضهم : ما أعلم أشد حزنا من المؤمن شارك أهل الدنيا في هم المعاش و تفرد بهم آخرته .

لما اتخذ الله إبراهيم (عليه السلام) خليلا ألقى في قلبه الوجل حتى أن خفقان قلبه كان يسمع من بعد كما يسمع خفقان الطير في الهواء .

إن المخافة قبل الرجاء فإن الله خلق جنة و نارا فلن تخلصوا إلى الجنة حتى تمروا على النار .

عيسى (عليه السلام) يقول : لا تدري متى يغشاك الموت لم لا تستعد له قبل أن يفجأك .

قيل البكاء بكاءان بكاء بالقلب و بكاء بالعين فبكاء القلب البكاء على الذنوب و هو البكاء النافع و أما بكاء العين فإنك لترى الرجل تبكي عيناه و إن قلبه لقاس .

قال الله تعالى : و عزتي و جلالي و كرمي و سعة رحمتي لا تبكي عين عبد في الدنيا من مخافتي إلا أكثرت ضحكه في الآخرة .

بعضهم : لأن أبكي من خشية الله تعالى حتى تسيل دموعي على وجنتي أحب إلي من أن أتصدق بجبل من ذهب .

بعضهم : قال إن الشمس لتبكي من خشية الله تعالى فإن لم تبكوا فتباكوا فليس يرد غضب الله إلا الاستغفار و البكاء و الدعاء .

الحسن ; تكلم ذات يوم حتى أبكى من عنده فقال : أ عجيج كعجيج النساء و لا عزم إن إخوة يوسف (عليه السلام) جاءوا أباهم عشاء يبكون .

بعضهم : بكى حتى كاد بصره يذهب فقال له الطبيب أعالجك على أن لا تبكي فقال ما خيرهما إذا لم تبكيا .

بعضهم : لو علم الناس قدر رحمته و عفوه قرت أعينهم و لو علموا قدر عقوبته و بأسه ما رقأ لهم دمع .

بعضهم : كان يبكي عامة ليله و نهاره حتى سقطت أشفار عينيه فقال له ابنه لو خلقت النار لأجلك ما زدت على ما تصنع فقال و هل خلقت النار إلا لي و لأمثالي .

أعقل الناس محسن خائف و أجهلهم مسي‏ء آمن .

بعضهم : ليس الخائف الذي يبكي و يمسح عينيه إنما الخائف الذي يترك ما يخاف أن يعذبه الله عليه .

أمير المؤمنين (عليه السلام) : اطردوا واردات الهموم بعزائم الصبر و حسن اليقين .

النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : ما اغرورقت عينا عبد من خشية الله إلا حرم الله جسده على النار فإن فاضت على خده لم يرهق قتر و لا ذلة و ما من عمل إلا و له وزن و ثواب إلا الدمعة فإنها تطفئ بحورا من النار .

أمير المؤمنين (عليه السلام) : ضع فخرك و احطط كبرك و اذكر قبرك .

سمع الفرزدق أبا بردة يقول كيف لا أفتخر و أنا ابن أحد الحكمين فقال أحدهما مائق و الآخر فاسق فكن ابن أيهما شئت .

كفى بالمرء ذما لنفسه أن يظهر بها على رءوس الملاء .

قيل لبوذرجمهر هل تعرف نعمة لا يحسد عليها صاحبها قال نعم التواضع قيل فهل تعرف بلاء لا يرحم صاحبه قال نعم العجب .

كان الحسن البصري يقول كل شي‏ء بقضاء و قدر إلا المعاصي .

أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في وصف الدنيا : ما أصف من دار أولها عناء و آخرها فناء في حلالها حساب و في حرامها عقاب من صح فيها أمن و من مرض فيها ندم و من استغنى فتن و من افتقر حزن و قوله (عليه السلام) فيها أيها الذام للدنيا و المغتر بغرورها متى استذمت إليك بل متى غرتك بمضاجع آبائك من الثرى أم بمنازل أمهاتك من البلى كم مرضت بكفيك و كم عالجت بيديك تبتغي لهم الشفاء و تستوصف لهم الأطباء مثلت لك بهم الدنيا نفسك و بمصرعهم مصرعك .

كان الحسن البصري يقول : يا ابن آدم جمعا جمعا شرطا شرطا جمعا في وعاء و شدا في وكاء و ركوب الذلول و لبس اللين حتى قيل مات و أفضى و الله إلى الآخرة فطال حسابه .

و كان يقول مسكين ابن آدم مكتوم الأجل مكنون العلل أسير جوع و صريع شبع إن من تؤلمه البقة و تقتله الشرقة لباذي الضعف فريسة الحتف .

و كان يقول ما أطال أحد الأمل إلا أساء العمل .

و كان يقول إذا رأيت رجلا ينافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة .

و سأله رجل ما حالك فقال بأشد حال و ما حال من أصبح و أمسى و ينتظر الموت و لا يدري ما يفعل الله به .

لما ولي عمر بن هبيرة على العراق نزل واسطا فبعث إلى الشعبي و الحسن البصري فقال لهما إن يزيد بن عبد الملك أخذ ميثاقه علينا و أعطيناه عهودنا بالسمع و الطاعة بعثني إلى عراقكم غير سائل إياه إلا أنه لا يزال يبعث إلينا في القوم بقتلهم و في الضياع بقبضها فنطيعه في ذلك فما تقولان فأما الشعبي فقال قولا لينا و أما الحسن فقال يا عمر إني أنهاك عن غير الله أن تتعرض له فإن الله مانعك من يزيد و لا يمنعك يزيد من الله إنه يوشك أن ينزل إليك ملك من السماء فيستنزلك من سريرك و يخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك ثم لا يوسعه عليك إلا عملك و إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .

و خرج الحسن في جنازة معها نوائح فقال له رجل يا أبا سعيد أ ما ترى هذا و هم الرجل بالرجوع فقال له الحسن إن كنت كلما رأيت قبيحا تركت له حسنا ليسرع ذلك في دينك .

و ذكر عنده الدنيا فقال شعر :

أحلام نوم أو كظل زائل *** إن اللبيب بمثلها لا يخدع

و رأى جنازة فقال إن امرأ هذا آخره لينبغي أن يزهد فيه و إن أمرا هذا أوله ينبغي أن يحذر منه .

قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خلقه القرآن قوله عز و جل خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هو أن تصل من قطعك و تعطي من حرمك و تعفو عمن ظلمك .

و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : بعثت لأتمم محاسن الأخلاق .

و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : أثقل ما يوضع في الميزان الخلق الحسن .

و جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من بين يديه فقال يا رسول الله ما الدين فقال حسن الخلق ثم أتاه عن يمينه فقال ما الدين فقال حسن الخلق ثم أتاه من قبل شماله فقال ما الدين فقال حسن الخلق ثم أتاه من ورائه فقال ما الدين فالتفت إليه و قال أما تفقه الدين هو أن لا تغضب .

و قيل يا رسول الله ما الشؤم قال سوء الخلق .

و قال رجل لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أوصني قال اتق الله حيث كنت قال زدني قال اتبع السيئة الحسنة تمحها قال زدني قال خالط الناس بحسن الخلق .

و سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أي الأعمال أفضل قال حسن الخلق .

و قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ما حسن الله خلق امرئ و خلقه فيطعمه النار .

و قيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن فلانة تصوم النهار و تقوم الليل و هي سيئة الخلق تؤذي جيرانها بلسانها فقال لا خير فيها هي من أهل النار .

و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم ببسط الوجوه و حسن الخلق .

و قال أيضا : سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل .

و قال جرير بن عبد الله : قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إنك امرؤ قد أحسن الله خلقك فأحسن خلقك .

عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثلاث من لم يكن فيه أو واحدة منهن فلا تعتدن بشي‏ء من عمله تقوى يحجزه عن معاصي الله عز و جل أو حلم يكف به السفيه أو خلق يعيش به في الناس .

و قال بعضهم : صاحب رجل سيئ الخلق في سفره فكان يحمل منه و يداريه فلما أن فارقه بكى فقيل له في ذلك فقال أترحم عليه فارقته و خلقه معه لم يفارقه .

قال بعضهم : خالطوا الناس بالأخلاق و زايلوهم بالأعمال .

و قال بعضهم : سوء الخلق سيئة لا ينفع معها كثرة الحسنات .

و قيل لم ينل أحد كماله إلا المصطفى و الأئمة (عليه السلام) و أقرب الناس إلى الله السالكون آثارهم بحسن الخلق .

سئل بعضهم عن حسن الخلق فقال أدناه الاحتمال و ترك المكافاة و الرحمة للظالم و الاستغفار له .

و قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : حسن الخلق في ثلاث اجتناب المحارم و طلب الحلال و التوسع على العيال .

و قال بعضهم : حسن الخلق أن لا يؤثر فيك جفاء الخلق بعد مطالعتك للحق .

و قال بعضهم : أن لا يكون لك همه إلا الله .