(فيما وعظ الله به عيسى (عليه السلام

و عنه [ عن أبي عبد الله ] (عليه السلام) : قال فيما وعظ الله به عيسى (عليه السلام ) :

يا عيسى : أنا ربك و رب آبائك اسمي واحد و أنا الأحد الصمد المتفرد بخلق كل شي‏ء و كل شي‏ء من صنعي و كل إلي راجعون .

يا عيسى كن إلي راغبا و مني راهبا و لم تجد مني ملجأ إلا إلي يا عيسى : أوصيك وصية المتحنن عليك بالرحمة حتى حقت لك مني الولاية بتحريك مني المسرة فبوركت كبيرا و بوركت صغيرا حيث ما كنت أشهد أنك عبدي ابن أمتي أنزلني من نفسك كهمك و اجعل ذكري لمعادك و تقرب إلي بالنوافل و توكل علي أكفك و لا تول غيري فأخذلك يا عيسى : اصبر على البلاء و ارض بالقضاء و كن كمسرتي فيك فإن مسرتي أن أطاع فلا أعصى يا عيسى : أحي ذكري بلسانك و ليكن ودي في قلبك يا عيسى : تيقظ في ساعات الغفلة و احكم لي بلطيف الحكمة يا عيسى : كن راغبا راهبا و أمت قلبك بالخشية يا عيسى : راع الليل لتحرى مسرتي و اظمأ نهارك ليوم حاجتك عندي يا عيسى نافس في الخير جهدك لتعرف بالخير حيث ما توجهت يا عيسى : احكم في عبادي بنصحي و قم فيهم بعدلي فقد أنزلت عليك شفاء لما في الصدور من مرض الشيطان يا عيسى لا تكن جليسا لكل مفتون يا عيسى : حقا أقول ما آمنت بي خليقة إلا خشعت لي و لا خشعت لي إلا رجت ثوابي أشهدك أنها آمنة من عقابي ما لم تبدل أو تغير سنتي يا عيسى : ابن البكر البتول ابك على نفسك بكاء من قد ودع الأهل و قلا الدنيا و تركها لأهلها و صارت رغبته فيما عند إلهه يا عيسى : كن مع ذلك تلين الكلام و تفشي السلام يقظان إذا نامت عيون الأنام و حذار للمعاد و الزلازل الشداد و أهوال يوم القيامة حيث لا ينفع أهل و لا ولد و لا مال يا عيسى : اكحل عينيك بميل الحزن إذا ضحك البطالون يا عيسى : كن خاشعا صابرا فطوبى لك إن نالك ما وعد الصابرون يا عيسى رح من الدنيا يوما فيوما و ذق لما قد ذهب طعمه فحقا أقول ما أنت إلا بساعتك و يومك فرح من الدنيا بالبلغة و ليكفك الخشن و الجشب فقد رأيت إلى ما تصير و هو مكتوب ما أخذت و كيف أتلفت يا عيسى : إنك مرحوم فارحم الضعيف كرحمتي إياك و لا تقهر اليتيم يا عيسى : ابك على نفسك في الخلوات و انقل قدميك إلى مواقيت الصلوات و أسمعني لذاذة نطقك بذكري فإن صنيعي إليك حسن جميل يا عيسى : كم من أمة قد أهلكتها بسالف ذنوب و قد عصمتك منها يا عيسى : ارفق بالضعيف و ارفع طرفك الكليل إلى السماء و ادعني فإني منك قريب و لا تدعني إلا متضرعا إلي و همك هم واحد فإنك متى تدعني كذلك أجبك يا عيسى : إني لم أرض بالدنيا ثوابا لمن كان قبلك و لا عقابا لمن انتقمت منه يا عيسى إنك تفنى و أنا أبقى و مني رزقك و عندي ميقات أجلك و إلي إيابك و علي حسابك فسلني و لا تسأل غيري فيحسن منك الدعاء و مني الإجابة يا عيسى : ما أكثر البشر و أقل عدد من صبر الأشجار كثيرة و طيبها قليل فلا يغرنك شجرة حتى تذوق ثمرها يا عيسى : لا يغرنك المتمرد علي بالعصيان يأكل رزقي و يعبد غيري ثم يدعوني عند الكرب فأجيبه ثم يرجع إلى ما كان عليه فعلي يتمرد أم لسخطي يتعرض فبي حلفت لآخذنه أخذة ليس له منها منجى و لا دوني ملجأ أين يهرب من سمائي و أرضي يا عيسى : قل لظلمة بني إسرائيل لا تدعوني و السحت تحت أحضانكم و الأصنام في بيوتكم فإني آليت أن أجيب من دعاني و إني أجعل إجابتي إياهم لعنا لهم حتى يتفرقوا يا عيسى : كم أطيل النظرة و أحسن الطلب و القوم في غفلة لا يرجعون تخرج الكلمة من أفواههم لا تعيها قلوبهم فيتعرضون لمقتي و يتحببون بي إلى المؤمنين يا عيسى : ليكن لسانك في السر و العلانية واحدة و كذلك فليكن قلبك و بصرك و اطو قلبك و لسانك عن المحارم و كف طرفك عما لا خير فيه فكم من ناظر نظرة قد زرعت في قلبه شهوة و ردت به موارد حياض الهلكة .

يا عيسى : كن رحيما مترحما و كن كما تشاء أن يكون العباد لك و أكثر ذكر الموت و مفارقه الأهلين و لا تله فإن اللهو يفسد صاحبه و لا تغفل فإن الغافل مني بعيد و اذكرني بالصالحات أذكرك يا عيسى : تب إلي بعد الذنب و ذكرني الأوابين و آمن بي و تقرب إلي المؤمنين و مرهم يدعوني معك و إياك و دعوة المظلوم فإني آليت على نفسي أن أفتح لها بابا من السماء بالقبول و أن أجيبه و لو بعد حين يا عيسى : اعلم أن صاحب السوء يغوي و أن قرين السوء يردي فاعلم من تقارن و اختر لنفسك إخوانا من المؤمنين يا عيسى : تب إلي فإني لا يتعاظمني ذنب أن أغفره و أنا أرحم الراحمين يا عيسى : اعمل لنفسك في مهلة من أجلك قبل أن لا يعمل لها غيرك فتعبد لي ليوم كألف سنة مما تعدون فيه أجزي بالحسنة أضعافها فإن السيئة توبق صاحبها فامهد لنفسك في مهل و نافس في العمل الصالح فكم من مجلس قد نهض أهله و هم مجاورون من النار يا عيسى : ازهد في الفاني المنقطع و طأ رسوم من كان قبلك فادعهم و نادهم هل تحس منهم من أحد فخذ موعظتك منهم و اعلم أنك ستلحقهم في اللاحقين يا عيسى : قل لمن تمرد علي بالعصيان و عمل بالإدهان ليتوقع عقوبتي و ينتظر إهلاكي إياه سيصطلم مع الهالكين طوباك إن أخذت بأدب لهلك الذي يتحنن عليك مترحما و بدأك بالنعم منه تكرما و كان لك في الشدائد لا تعصه يا عيسى فإنه لا يحل لك عصيانه قد عهدت إليك كما عهدت إلى من كان قبلك و أنا على ذلك من الشاهدين يا عيسى : ما أكرمت خليقة بمثل ديني و لا أنعمت عليها بمثل رحمتي يا عيسى اغسل بالماء منك ما ظهر و داو بالحسنات منك ما بطن فإنك إلي راجع يا عيسى : إن أعطيتك ما أنعمت به عليك فيضا من غير تكدير و طلبت منك قرضا لنفسك فبخلت به عليها فتكون من الهالكين يا عيسى : تزين بالدين و حب المساكين و امش على الأرض هونا و صل على البقاع فكلها طاهرة يا عيسى : شمر فكل ما هو آت قريب و اقرأ كتابي و أنت طاهر و أسمعني منك صوتا حزينا يا عيسى : ما خير في لذاذة لا تدوم و عيش عن صاحبه يزول يا عيسى ابن مريم لو رأت عينك ما أعددت لأوليائي الصالحين ذاب قلبك و زهقت نفسك شوقا إليه فليس كدار الآخرة دار تجاور فيها الطيبين و تدخل عليهم فيها الملائكة المقربون و هم مما يأتي من يوم القيامة و أهوالها آمنون دار لا يتغير فيها النعيم و لا يزول عن أهلها يا ابن مريم نافس فيها مع المنافسين فإنها أمنية للمتمنين حسنة المنظر طوباك يا ابن مريم إن كنت لها مع العاملين مع آبائك آدم و إبراهيم في حياة و نعيم لا تبغي لها بدلا و لا تحويلا كذلك أفعل بالمتقين يا عيسى : اهرب إلي مع من يهرب من نار ذات لهب و نار ذات أغلال و أنكال لا يدخلها روح و لا يخرج منها غم أبدا قطع كقطع الليل المظلم من ينج منها يفز و من لم ينج أنكل مع الهالكين هي دار الجبارين و العتاة الظالمين و كل فظ غليظ و كل مختال فخور يا عيسى : بئست الدار لمن ركن إليها و بئس القرار دار الظالمين إني أحذرك نفسك فكن بي خبيرا يا عيسى : كن حيث ما كنت مراقبا لي و اشهد على أني خلقتك و أنك عبدي و أني صورتك و إلى الأرض أهبطتك يا عيسى : لا يصلح لسانان في فم واحد و لا قلبان في صدر واحد و كذلك الأذهان يا عيسى : لا تستيقظن عاصيا و لا تستنبهن لاهيا و افطم نفسك عن الشهوات الموبقات و كل شهوة تباعدك مني فاهجرها و اعلم أنك مني بمكان الرسول الأمين فكن مني على حذر و اعلم أن دنياك مؤديتك إلي و أني آخذك بعلمي فكن ذليل النفس عند ذكري و خاشع القلب حين تذكرني يقظان عند نوم الغافلين يا عيسى : هذه نصيحتي إياك و موعظتي لك فخذها مني فإني رب العالمين يا عيسى : إذا صبر عبدي في جنبي كان ثواب عمله علي و كنت عنده حين يدعوني و كفى بي منتقما ممن عصاني أين يهرب مني الظالمون يا عيسى : أطب الكلام و كن حيث ما كنت عالما أو متعلما يا عيسى : أفض الحسنات إلي حتى يكون لك ذكرها عندي و تمسك بوصيتي فإن فيها شفاء الصدور .

يا عيسى : لا تأمن إذا مكرت مكري يا عيسى : حاسب نفسك بالرجوع إلي حتى تتنجز ثواب ما عمله العاملون أولئك يؤتون أجورهم و أنا خير المؤتين يا عيسى : أحبكم إلي أطوعكم لي و أشدكم خوفا لي يا عيسى : تيقظ و لا تيأس من روحي و سبحني مع من يسبحني و بطيب الكلام فقدسني يا عيسى : كيف يكفر العباد بي و نواصيهم في قبضتي و تقلبهم في الأرض بعلمي يجهلون نعمتي و يتولون عدوي كذلك يهلك الكافرون يا عيسى : الدنيا سجن ضيق منتن الريح وحش فيها ما قد ترى مما قد تذابح عليه الجبارون فإياك و الدنيا و كل نعيمها يزول و ما نعيمها إلا قليل يا عيسى : ابغني عند وسادك تجدني و ادعني و أنت لي محب فإني أسمع السامعين أستجيب للداعين إذا دعوني يا عيسى : خفني و خوف بي عبادي لعل المذنبين يمسكون عما هم عاملون به فلا يهلكون إلا و هم يعلمون يا عيسى : ارهبني رهبتك من السبع و الكلب و الموت الذي أنت لاقيه فكل هذا أنا خلقته فإياي فارهبون يا عيسى : إن الملك لي و بيدي فإن تطعني أدخلك جنتي في جوار الصالحين يا عيسى : إن غضبت عليك لم ينفعك من رضي عنك و إن رضيت عنك لم يضرك غضب المبغضين يا عيسى : اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي و اذكرني في ملإك أذكرك في ملإ خير من الآدميين يا عيسى : ادعني دعاء الغريق الحزين الذي ليس له مغيث .

يا عيسى : لا تحلف بي كاذبا فيهتز عرشي غضبا يا عيسى : الدنيا قصيرة العمر طويلة الأمل و عندي دار خير مما يجمعون يا عيسى : كيف أنتم صانعون إذا أخرجت لكم كتابا ينطق بالحق و أنتم تشهدون بسرائر قد كتمتموها و أعمال كنتم لها عاملون يا عيسى : قل لظلمة بني إسرائيل غسلتم وجوهكم و دنستم قلوبكم أ بي تغترون أم علي تجترون تطيبون بالطيب لأهل الدنيا و أجوافكم عندي بمنزلة الجيف المنتنة كأنكم أقوام ميتون يا عيسى : قل لهم قلموا أظفاركم من كسب الحرام و أصموا أسماعكم عن ذكر الخنا و أقبلوا علي بقلوبكم فإني لست أريد صوركم يا عيسى : افرح لي بالحسنة فإنها لي رضا و ابك على السيئة فإنها شين و ما لا تحب أن يصنع بك فلا تصنعه بغيرك و إن لطم خدك الأيمن فأعط الأيسر و تقرب إلي بالمودة جهدك و أعرض عن الجاهلين يا عيسى : ذل لأهل الحسنة و شاركهم فيها و كن عليهم شهيدا و قل لظلمة بني إسرائيل يا إخوان السوء و جلساء الغيلة إن لم تنتهوا أمسخكم قردة و خنازير يا عيسى : قل لظلمة بني إسرائيل الحكمة تبكي مني فرقا و أنتم بالضحك تهجرون أتتكم براءتي أم لديكم أمن من عذابي أم تعرضون لعقابي فبي حلفت لأتركنكم مثلا للغابرين ثم أوصيك يا عيسى : ابن مريم البكر البتول بسيد المرسلين و حبيبي منهم أحمد صاحب الجمل الأحمر و الوجه الأقمر المشرق بالنور الطاهر القلب الشديد البأس الحيي المتكرم فإنه رحمة للعالمين و سيد ولد آدم يوم يلقاني أكرم السابقين علي و أقرب المرسلين مني العربي الأمي الديان بديني الصابر في ذاتي المجاهد المشركين ببدنه عن ديني أن تخبر به بني إسرائيل و تأمرهم أن يصدقوا به و أن يؤمنوا به و أن يتبعوه و ينصروه يا عيسى : كلما يقربك مني قد دللتك عليه و كلما يباعدك مني فقد نهيتك عنه فارتد لنفسك يا عيسى : إن الدنيا حلوة و إنما استعملتك فيها فجانب منها ما حذرتك و خذ منها ما أعطيتك عفوا يا عيسى : انظر في عملك نظر العبد المذنب الخاطئ و لا تنظر في عمل غيرك بمنزلة الرب كن فيها زاهدا و لا ترغب فيها فتعطب يا عيسى : اعقل و تفكر و انظر في نواحي الأرض كيف كان عاقبة الظالمين يا عيسى : كل وصفي نصيحة لك و كل قولي حق و أنا الحق المبين فحقا أقول لئن أنت عصيتني بعد أن أنبأتك ما لك من دوني ولي و لا نصير يا عيسى : أذل قلبك بالخشية و انظر إلى من هو أسفل منك و لا تنظر إلى من هو فوقك و اعلم أن رأس كل خطيئة و ذنب هو حب الدنيا فلا تحبها فإني لا أحبها يا عيسى أطب لي قلبك و أكثر ذكري في الخلوات و اعلم أن سروري أن تبصبص إلي كن في ذلك حيا و لا تكن ميتا يا عيسى : لا تشرك بي شيئا و كن مني على حذر و لا تغتر بالنصيحة و لا تغبط نفسك فإن الدنيا لفي‏ء زائل و ما أقبل منها كما أدبر فنافس في الصالحات جهدك و كن مع الحق حيثما كان و إن قطعت و حرقت بالنار فلا تكفر بي بعد المعرفة و لا تكن من الجاهلين فإن الشي‏ء يكون مع الشي‏ء يا عيسى : صب لي الدموع من عينيك و أخشع لي قلبك يا عيسى : استغفرني في حالات الشدة فإني أغيث المكروبين و أجيب المضطرين و أنا أرحم الراحمين .

حفص بن غياث قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئا إلا أعطاه فلييأس من الناس كلهم و لا يكون له رجاء إلا من عند الله عز و جل فإذا علم الله ذلك من قلبه لم يسأله شيئا إلا أعطاه فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا عليها فإن للقيامة خمسين موقفا كل موقف مقام ألف سنة ثم تلا فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ .

حفص عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال عيسى (عليه السلام) اشتدت مئونة الدنيا و مئونة الآخرة أما مئونة الدنيا فإنك لا تمد يدك إلى شي‏ء منها إلا وجدت فاجرا قد سبقك عليه و أما مئونة الآخرة فإنك لا تجد عليها أعوانا يعينونك .

عبد الله بن مسكان عن حبيب قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول أما و الله ما أحد من الناس أحب إلي منكم إن الناس سلكوا سبلا شتى فمنهم من أخذ برأيه و منهم من اتبع هواه و منهم من اتبع الرواية و إنكم أخذتم بأمر له أصل فعليكم بالورع و الاجتهاد اشهدوا الجنائز و عودوا المرضى و احضروا مع القوم في مساجدهم للصلاة أ ما يستحيي الرجل منكم أن يعرف جاره حقه و لا يعرف حق جاره .

مالك الجهني قال : قال يا مالك أ ما ترضون أن تقيموا الصلاة و تؤتوا الزكاة و تكفوا و تدخلوا الجنة يا مالك إنه ليس من قوم ائتموا بإمام في الدنيا إلا جاء يوم القيامة يلعنهم و يلعنونه إلا أنتم و من كان على مثل حالكم يا مالك و الله إن الميت منكم على هذا الأمر لشهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل الله عز و جل .

مسعدة عن أبي عبد الله (عليه السلام) : إن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له يا رسول الله أوصني فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهل أنت مستوص إن أنا أوصيتك حتى قال له ذلك ثلاثا و في كلها يقول الرجل نعم يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال رسول الله فإني إذا أوصيك إذا هممت بأمر فتدبر عاقبته فإن يكن رشدا فامضه و إن يكن غيا فانته عنه .

مسعدة قال : سمعت أبا عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لأصحابه لا تطعنوا في عيوب من أقبل إليكم بمودته و لا توقفوه على سيئة يخضع لها فإنها ليست من أخلاق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و من أخلاق أوليائه .

و عنه (عليه السلام) : إن المنافق لا يرغب فيما قد سعد به المؤمنون و السعيد يتعظ بموعظة التقوى و إن كان يراد بالموعظة غيره .

و عنه (عليه السلام) : قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خلتان كثير من الناس فيهما مغبون الصحة و الفراغ .

أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : من عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن و من كتم سره كانت الخيرة في يده .

علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال : أخذ أبي (عليه السلام) بيدي ثم قال يا بني إن أبي محمد بن علي (عليه السلام) أخذ بيدي كما أخذت بيدك و قال و إن أبي علي بن الحسين (عليه السلام) أخذ بيدي و قال يا بني افعل الخير إلى كل من طلبه منك فإن كان من أهله فقد أصبت موضعه و إن لم يكن له بأهل كنت أنت أهله و إن شتمك رجل عن يمينك ثم تحول إلى يسارك و اعتذر إليك فاقبل منه .

الحارث بن المغيرة قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) لآخذن البري‏ء منكم بذنب السقيم و لم لا أفعل و يبلغنكم عن الرجل شي‏ء ما يشينكم و يشينني فتجالسونهم و تحدثونهم فيمر المار فيقول هؤلاء شر من هؤلاء فلو أنكم إذا بلغكم عنه ما تكرهون زجرتموهم و نهرتموهم كان أزين لكم و لي .

طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ قال : كانوا ثلاثة أصناف صنف ائتمروا و أمروا فنجوا و صنف ائتمروا و لم يأمروا فمسخوا ذرا و صنف لم يأتمروا و لم يأمروا فهلكوا .

 

محمد بن مسلم قال : كتب أبو عبد الله (عليه السلام) إلى الشيعة ليعطفن ذو السن منكم و النهى و الرأي على ذي الجهل و طلاب الرئاسة أو ليصيبنكم لعنتي أجمعين .

ابن محبوب عمن ذكره عن أبي عبد الله قال : انقطع نعل أبي عبد الله و هو في جنازة فجاءه رجل بشسعه ليناوله فقال أمسك عليك شسعك فإن صاحب المصيبة أولى بالصبر عليها .

الحارث بن المغيرة قال : لقيني أبو عبد الله (عليه السلام) في طريق المدينة فقال من ذا حارث فقلت نعم قال أما لأحملن ذنوب سفهائكم على علمائكم ثم مضى فأتيته فاستأذنت عليه فدخلت فقلت لقيتني فقلت لأحملن ذنوب سفهائكم على علمائكم فدخلني أمر عظيم فقال نعم ما يمنعكم إذا بلغكم عن الرجل منكم ما تكرهون و ما يدخل به علينا الأذى أن تأتوه فتأنبوه و تعدلوه و تقولوا له قولا بليغا فقلت له جعلت فداك إذا لا يطيعوننا و لا يقبلون منا فقال إذا اهجروهم و اجتنبوا مجالستهم .

و عنه (عليه السلام) ,و قد ذكر عليا (عليه السلام) فقال : و الذي ذهب بنفسه ما أكل من الدنيا حراما قليلا و لا كثيرا حتى فارقها و لا عرض له أمران كلاهما لله عز و جل رضا إلا أخذ بأشدهما عليه في بدنه و لا نزل برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شديدة قط إلا وجهه فيها ثقة به و لا أطاق أحد من هذه الأمة عمل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعده غيره و لقد كان يعمل عمل رجل كأنه ينظر إلى الجنة و النار و لقد أعتق من صلب ماله ألف مملوك كل ذلك تحفى فيه يداه و يعرق فيه جبينه التماس ما عند الله و الخلاص من النار و ما كان قوته إلا الخبز و الزيت و حلواه التمر إذا وجده و لباسه الكرابيس و إذا فضل عن ثيابه شي‏ء دعا بالجلم فجزه .

معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ما أكل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متكيا منذ بعثه الله عز و جل إلى أن قبضه تواضعا لله عز و جل و ما زوي ركبتيه أمام جليسه في مجلس قط و لا صافح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجلا قط فنزع يده حتى يكون هو الذي ينزع يده و لا كافى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بسيئة قط قال الله عز و جل ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ففعل و ما منع سائلا قط إن كان عنده أعطى و إلا قال يأتي الله عز و جل له و لا أعطى على الله جل و عز شيئا إلا أجازه الله إن كان ليعطي الجنة فيجيز الله تبارك و تعالى ذلك له .

زيد بن الحسن قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول كان علي (عليه السلام) أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) طعمة و سيرة كان يأكل الخبز و الزيت و يطعم الناس الخبز و اللحم قال و كان علي (عليه السلام) يستقي و يحتطب و كانت فاطمة تطحن و تعجن و تخبز و ترقع الثوب و كانت من أحسن الناس وجها و كان وجنتيها وردتان (عليه السلام) .

إسماعيل بن محمد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن الله عز و جل يقول إني لست كل كلام الحكيم أتقبل إنما أتقبل هواه و همه فإن كان هواه و همه في رضاي جعلت صمته تقديسا و نفسه تسبيحا .

إسحاق بن عمار و ابن سنان و سماعة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال رسول الله طاعة علي ذل و معصيته كفر قيل يا رسول الله كيف يكون طاعة علي ذلا و معصيته كفرا بالله تعالى فقال إن عليا (عليه السلام) يحملكم على الحق فإن أطعتموه ذللتم و إن عصيتموه كفرتم بالله عز و جل .

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : : الحكمة ضالة المؤمن فحيث ما وجد أحدكم ضالته فليأخذها .

بعض الحكماء قال : إن أحق الناس أن يتمنوا الغنى للناس أهل البخل لأن الناس إذا استغنوا كفوا عن أموالهم و إن أحق الناس أن يتمنى صلاح الناس أهل العيوب لأن الناس إذا صلحوا كفوا عن تتبع عيوبهم و إن أحق الناس أن يتمنى حلم الناس أهل السفه الذين يحتاجون أن يعفى عن سفههم فأصبح أهل البخل يتمنون فقر الناس و أصبح أهل العيوب يتمنون فسقهم و أصبح أهل الذنوب يتمنون سفههم .

الحسن بن راشد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : يا حسن إذا نزلت بك نازلة فلا تشكها إلى أحد من أهل الخلاف و لكن اذكرها لبعض إخوانك فإنك لن تعدم خصلة من أربع خصال إما كفاية و إما معونة بجاه أو دعوة تستجاب و إما مشورة برأي .

من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) : أيها الناس إن الدنيا ليست لكم بدار قرار و إنما أنتم فيها كركب عرسوا فأناخوا ثم استقلوا فغدوا خفافا و راحوا خفافا لم يجدوا عن مضي نزوعا و لا إلى ما تركوا رجوعا جد بهم فجدوا و ركنوا إلى الدنيا فما استعدوا حتى أخذ بكظمهم فلا تغرنكم الحياة الدنيا فإنما أنتم فيها سفر حلول الموت بكم نزول ينتصل فيكم مناياه و يمضى بأخياركم مطاياه إلى دار الثواب و العقاب و الجزاء و الحساب فرحم الله امرأ راقب ربه و خاف ذنبه و كابر هواه و كذب مناه و رحم الله امرأ أزم نفسه من التقوى بزمام و ألجمها من خشية ربها بلجام فقادها إلى الطاعة بزمامها و قدعها عن المعصية بلجامها رافعا إلى المعاد طرفه متوقعا في كل أوان حتفه دائم الفكر طويل السهر عزوف عن الدنيا كدوح لأمر آخرته جعل الصبر مطية نجاته و التقوى عدة وفاته فاعتبر و قاس و ترك الدنيا و الناس أيها الناس أحذركم الدنيا و الاغترار بها فكان قد زالت عن قليل عنكم كما زالت عمن كان قبلكم فاجعلوا اجتهادكم فيها التزود من يومها القصير ليوم الآخرة الطويل فإنها دار عمل و الآخرة دار القرار و الجزاء .

عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : خالط الناس تخبرهم و متى تخبرهم تقلهم .

قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادا و لا لاعبا من أخذ عصا أخيه فليردها .

و قال (عليه السلام) : من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه طوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين .

و عنه (عليه السلام) : ليأتين على الناس زمان لا يبالي الرجل بما يأخذ من مال أخيه بحلال أو حرام .

علي بن الحسين بن محمد الكناسي قال حدثنا من رفعه إلى أبي عبد الله في قوله تبارك و تعالى وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ قال : قوم من شيعتنا ضعفاء ليس عندهم ما يتحملون به إلينا فيستمعون حديثنا و يقتبسون من علمنا فيرحل قوم نوقهم و ينفقون أموالهم و يتعبون أبدانهم حتى يدخلوا علينا فيستمعون حديثنا فينقلونه إليهم فيعيه أولئك و يضيعه هؤلاء فأولئك الذين يجعل الله تبارك و تعالى لهم فرجا و مخرجا و يرزقهم من حيث لا يحتسبون .

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : لما ولي أمير المؤمنين علي (عليه السلام) صعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال إني و الله لا أزراكم من فيئكم درهما ما قام عذق بيثرب فلتصدقكم أنفسكم أ فتروني مانع نفسي و معطيكم قال فقام إليه عقيل فقال و الله لتجعلني و أسود بالمدينة سواء فقال اجلس أ ما كان هاهنا أحد يتكلم غيرك و ما فضلك عليه إلا بسابقة أو تقوى .

عن أبي عبيدة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على الصفا فقال يا بني هاشم يا بني عبد المطلب إني رسول الله إليكم و إني شفيق عليكم و إن لي عملي و لكل رجل منكم عمله فلا تقولوا إن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) منا و سندخل مدخله لا و الله ما أوليائي منكم و لا من غيركم إلا المتقون ألا فلا أعرفنكم يوم القيامة تأتون تحملون الدنيا على ظهوركم و يأتون الناس يحملون الآخرة ألا إني قد أعذرت لكم فيما بيني و بينكم و فيما بيني و بين الله عز و جل فيكم .

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ثلاث من كن فيه فلا ترجوا خيره من لم يستح من العيب و يخش الله عز و جل بالغيب و يرعو عند الشيب.

الفضيل بن يسار قال : قال لي أبو جعفر (عليه السلام) إذا رأيت الفاقة و الحاجة قد كثرت و أنكر الناس بعضهم بعضا فعند ذلك فانتظر أمر الله عز و جل فقلت جعلت فداك أما هذه الحاجة و الفاقة فقد عرفتهما فما إنكار الناس بعضهم بعضا قال بلى يأتي الرجل منكم أخاه فيسأله الحاجة فينظر به إليه بغير الوجه الذي كان ينظر إليه و يكلمه بغير اللسان الذي كان يكلمه .

عن أبي مريم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قال أبي (عليه السلام) يوما و عنده أصحابه من منكم تطيب نفسه أن يأخذ جمرة في كفه فيمسكها حتى تطفي قال فكاع الناس كلهم و نكلوا قال فقمت فقلت يا أبت أ تأمرني أن أفعل قال فليس إياك عنيت إنما أنت مني و أنا منك بل إياهم أردت قال فكرر هذا ثلاثا ثم قال ما أكثر الوصف و أقل الفعل إن أهل الفعل قليل إلا و أنا أعرف أهل الفعل و الوصف معا قال فو الله لكأنما مادت بهم الأرض حيا .

موسى بن بكر الواسطي قال : قال أبو الحسن (عليه السلام) لو ميزت شيعتي لم أجدهم إلا واصفة و لو امتحنتهم لما وجدتهم إلا مرتدين و لو محصتهم لما خلص من الألف واحد و لو غربلتهم غربلة لم يبق منهم إلا ما كان لي إنهم طال ما اتكئوا على الأرائك فقالوا نحن شيعة علي إنما شيعة علي من صدق قوله فعله .

عبد الأعلى مولى آل سام قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول يؤتى بالمرأة الحسناء يوم القيامة التي افتتنت في حسنها فتقول يا رب حسنت خلقي حتى لقيت ما لقيت فيجاء بمريم فيقال أنت أحسن أم هذه قد حسناها فلم يفتتن و يجاء بالرجل الحسن الذي قد افتتن في حسنه فيقول يا رب قد حسنت خلقي حتى لقيت من الناس ما لقيت فيجاء بيوسف (عليه السلام) فيقال له أنت أحسن أم هذا فقد حسناه فلم يفتتن و يجاء بصاحب البلاء الذي قد أصابه الفتنة في بلائه فيقول يا رب شددت على البلاء حتى افتتنت فيؤتى بأيوب (عليه السلام) فيقال أ بليتك أشد أم بلية هذا قد ابتلي فلم يفتتن .

عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول رحم الله عبدا حببنا إلى الناس و لم يبغضنا إليهم أما و الله لو يروون محاسن كلامنا لكانوا به أعز و ما استطاع أحد أن يتعلق عليهم بشي‏ء و لكن أحدهم يسمع الكلمة فيمط إليها عشرا .

عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين قال : لا حسب لقرشي و لا لعربي إلا بالتواضع و لا كرم إلا بالتقوى و لا عمل إلا بالنية و لا عبارة إلا بالتفقه ألا و إن أبغض الناس إلى الله عز و جل من يقتدي بسنة إمام و لا يقتدي بعمله .

عن جويرية بن مسهر قال : اشتددت خلف أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال يا جويرية لم يهلك هؤلاء الحمقى بهلاك إلا بخفق النعال خلفهم ما جاء بك قلت جئت لأسألك عن ثلاث عن الشرف و عن المروءة و عن العقل قال أما الشرف فمن شرفه السلطان شرف و أما المروءة فإصلاح المعيشة و أما العقل فمن اتقى الله عز و جل عقل .

خالد بن نجيح عن أبي عبد الله قال : قال لرجل اقنع بما قسم الله لك و لا تنظر إلى ما عند غيرك و لا تتمن ما لست نائله فإنه من قنع شبع و من لم يقنع لم يشبع و خذ حظك من آخرتك .

و عنه (عليه السلام) : أنفع الأشياء للمرء سبقة الناس إلى عيب نفسه و أشد شي‏ء مئونة إخفاء الفاقة و أقل الأشياء عناء النصيحة لمن لا يقبلها و مجاورة الحريص و أروح الروح احتمال اليأس على الناس .

و قال (عليه السلام) : لا تكن ضجرا و لا غلقا و ذلل نفسك باحتمال من خالفك ممن هو فوقك ممن له الفضل عليك و إنما أقررت بفضله لئلا تخالفه و من لا يعرف لأحد الفضل فهو المعجب برأيه .

و قال (عليه السلام) : لرجل اعلم أنه لا عز لمن لا يتذلل لله عز و جل و لا رفعة لمن لا يتواضع لله تبارك و تعالى .

و قال (عليه السلام) : لرجل أحكم أمر دينك كما أحكم أهل الدنيا أمر دنياهم و إنما جعلت الدنيا شاهدا يعرف بها ما غاب عنا من الآخرة فاعرف الآخرة بها و لا تنظر إلى الدنيا إلا بالاعتبار .

أعرابي ذكر رجلا فقال : أفسد آخرته بصلاح دنياه ففارق ما عمر غير راجع إليه و قدم على ما أخرب غير منتقل عنه .

بعض الحكماء : العلم قائد و العمل سائق و النفس حرون فإذا كان قائد بلا سائق نكدت و إذا كان سائق بلا قائد أخذت يمينا و شمالا فإذا اجتمعا استقامت طوعا و كرها .

بعضهم : الكلام إذا خرج من القلب وقع على القلب و إذا خرج من اللسان لم يجاوز الآذان .

بعض الحكماء كما لا يستطيع المرء أن يكتب في صحيفة فيها كتابه حتى يمحو الكتابة منها كذلك لا يستطيع أن يعي العلوم الشريفة حتى يمحو من ذهنه الأمور الدنية و كما لا يستطيع أن ينظر إلى السماء بإحدى عينيه و إلى الأرض بالأخرى كذلك لا يستطيع أن يصرف ذهنه إلى الأمور الشريفة و الدنية معا و كما أن البدن الصحيح يحتمل ما أكل و شرب و السقيم يستوخمه كذلك المرء الصالح يصلح على الشدة و الرخاء و الطالح يفسد على الأمرين كليهما و كما أن الذباب يتبع مواضع الجروح فينكاها و يجتنب المواضع الصحيحة كذلك الأشرار يتبعون معايب الناس فينشرونها و يكتمون محاسنهم و يدفنونها .

حكي أن بعض الناس حضر عند سلمان الفارسي رضي الله عنه و كان عليه ثياب رفيعة فأخذ يتحدث في بحر الزهد فلم يجبه إلا بعطفه فلما انفصل الإنسان حكى ذلك لمن يأنس به فقال له هذا جوابك تلبس هذه الثياب و تتحدث بالزهد .

أمير المؤمنين (عليه السلام) : اتقوا معاصي الله في الخلوات فإن الشاهد هو الحاكم .

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : أولي العلم بك ما لا يصلح لك العمل إلا به و أوجب العلم عليك ما أنت مسئول عنه و ألزم العلم لك ما دلك على صلاح قلبك و أظهر لك فساده و أحمد العلم عاقبة ما زاد في عملك العاجل فلا تشغلن بعلم لا يضرك جهله و لا تغفلن عن علم يزيد في جهلك تركه .

و عنه : الدعاء مقاليد الفلاح و مصابيح النجاح و خير الدعاء ما صدر عن صدر تقي و قلب نقي و في المناجاة سبب النجاة و في الإخلاص يكون الخلاص و إذا اشتد الفزع فإلى الله المفزع .

و عنه (عليه السلام) : تعطروا بالاستغفار لئلا تفضحكم روائح الذنوب .

و عنه : قال من لزم الخلوة بربه فقد حصل في الحمى الأمنع و العيش الأمتع و اعلم أنه لا ينال ما عند الله إلا بنفس جاهدة و عين شاهدة .

عن النبي فيما أوصى به أمير المؤمنين (عليه السلام) : يا علي من خاف الناس لسانه فهو من أهل النار يا علي شر الناس من أكرمه الناس اتقاء شره يا علي شر الناس من باع آخرته بدنياه .

و عنه (عليه السلام) : من لم يغتب أحدا نصره الله في الدنيا و الآخرة أما نصرته في الدنيا فليس أحد يتناوله إلا كانت الملائكة تكيدهم عنه و أما نصرته في الآخرة فيغفر له قبيح ما صنع و يتقبل منه أحسن ما عمل .

و عنه (عليه السلام) : لا تضربن أدبا فوق ثلاث فإنك إن فعلت فهو قصاص يوم القيامة .

و عنه (عليه السلام) : أدب صغار أهل بيتك بلسانك على الصلاة و الطهور فإذا بلغوا عشر سنين فاضرب و لا تجاوز ثلاثا .

و عنه (عليه السلام) : إن استطعت أن لا يكون لأحد من الظالمين عندك يد و لا لسان فكن فإني أحب ذلك .

و عنه (عليه السلام) : إن ظلمك إنسان فلا تشكه و لا تجاوبه فتكون أنت و هو سواء .

و عنه (عليه السلام) : إن عيرك أخوك المسلم بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه يكون لك أجرا و عليه إثم اسمع الخير تؤجر .

و عنه (عليه السلام) : يا ابن مسعود إياك و سكر الخطيئة فإن للدنيا و الخطيئة سكر كسكر الشراب .

و عنه : يا ابن مسعود إياك أن تدع طاعة الله و تركب معصيته شفقة على أهلك و ولدك لأن الله تعالى قال في كتابه يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَ اخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَ لا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً .

عن الصادق (عليه السلام) عن أمير المؤمنين قال : جاء الفقراء إلى رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا يا رسول الله إن للأغنياء ما يعتقون و ليس لنا و لهم ما يحجون و ليس لنا و لهم ما يتصدقون و ليس لنا و لهم ما يجاهدون و ليس لنا و لهم ما يزكون و ليس لنا فقال (عليه السلام) من كبر الله تبارك اسمه مائة مرة كان أفضل من عتق مائة رقبة و من سبح الله مائة مرة كان أفضل من سياق مائة بدنة و من حمد الله مائة مرة كان أفضل من حملان مائة فرس في سبيل الله بسروجها و لجمها و ركبها و من قال لا إله إلا الله مائة مرة كان أفضل الناس عملا ذلك اليوم إلا من زاد قال فبلغ ذلك الأغنياء فصنعوه فقال (عليه السلام) ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .

قال علي (عليه السلام) : وجدت في قائم سيف من سيوف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صل من قطعك و قل الحق و لو على نفسك و أحسن إلى من أساء عليك .

و قال : رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) خمس لا أدعهن إلى الممات الأكل على الخضيض مع العبيد و ركوبي الحمار مردفا و حلبي العنز بيدي و لبس الصوف و التسليم على الصبيان ليكون سنة من بعدي صلوات الله عليه و آله .

عن الرضا (عليه السلام) في قول الله تعالى فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ قال : العفو بغير عتاب .

و عنه (عليه السلام) : أنه قال من لم يقدر على ما يكفر به ذنوبه فليكثر من الصلاة على محمد و آله فإنها تهدم الذنوب هدما .

قال ابن عباس : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول من دان بديني و سلك منهاجي و اتبع سنتي فليدن بتفضيل الأئمة من أهل بيتي على جميع أمتي فإن مثلهم في هذه الأمة كمثل باب حطة في بني إسرائيل .

عن عروة بن الزبير قال : كنا جلوسا في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فتذاكرنا أحوال أهل بدر و بيعة الرضوان فقال أبو الدرداء يا قوم أ لا أخبركم بأقل القوم مالا و أكثرهم ورعا و أشدهم اجتهادا في العبادة ?

قالوا : من هو ?

قال : علي بن أبي طالب (عليه السلام) .

قال : فو الله إن كان في جماعة ذلك المجلس إلا معرض عنه بوجهه ; ثم انتدب له رجل من الأنصار يقال له عويمر فقال لقد تكلمت بكلمة ما وافقك عليها أحد منذ أتيت بها .

فقال أبو الدرداء : يا قوم إني قائل ما رأيت ; و ليقل كل واحد منكم ما رأى .

رأيت و شاهدت علي بن أبي طالب بسويحات بني النجار و قد اعتزل عن مواليه و اختفى ممن يليه و قد استتر ببعيلات النخل فافتقدته و بعد علي مكانه فقلت لحق بمنزله فإذا بصوت حزين و نغمة شجي و هو يقول :

إلهي كم من موبقة حلمت عن مقابلتها بنعمتك و كم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك إلهي إن طال في عصيانك عمري و عظم في الصحف ذنبي فما أنا مؤمل غير غفرانك و لا أنا راج غير رضوانك فشغلني الصوت و اقتفيت الأثر ; فإذا هو علي بن أبي طالب بعينه فاستترت لأسمع كلامه و أخملت الحركة .

فركع ركعات في جوف الليل الغابر ثم فرغ إلى الدعاء و التضرع و البكاء و البث و الشكوى فكان مما ناجى به الله عز و جل أن قال :

اللهم إني أفكر في عفوك فتهون علي خطيئتي ثم اذكر العظيم من أخذك فتعظم علي بليتي .

ثم قال : آه إن قرأت في الصحف سيئة أنا ناسيها و أنت محصيها فتقول خذوه فيا له من مأخوذ لا تنجيه عشيرته و لا تنفعه قبيلته ترحمه الملأ إذا أذن فيه بالنداء .

ثم قال : آه من نار تنضج الأكباد و الكلي ; آه من نار نزاعة للشوى ; آه من غمرة في ملهبات لظى .

ثم أمعن في البكاء فلم أسمع له حسا و لا حركة فقلت غلب عليه النوم لطول السهر أوقظه لصلاة الفجر .

قال أبو الدرداء : فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة فحركته فلم يتحرك و زويته فلم ينزو فقلت إنا لله و إنا إليه راجعون مات و الله علي بن أبي طالب .

فأتيت منزلة مبادرا أنعاه إليهم .

فقالت فاطمة : يا أبا الدرداء ما كان من شأنه و قصته ?

فأخبرتها الخبر .

فقالت : هي و الله يا أبا الدرداء الغشية التي تأخذه من خشية الله تعالى .

ثم أتوه بماء فنضحوه على وجهه فأفاق , و نظر إلي و أنا أبكي , فقال : ما بكائك يا أبا الدرداء ?

فقلت : مما أراه تنزله بنفسك .

فقال : يا أبا الدرداء , فكيف لو رأيتني و قد دعي بي إلى الحساب , و أيقن أهل الجرائم بالعذاب , و احتوشتني ملائكة غلاظ شداد , و زبانية فظاظ , و أوقفت بين يدي الجبار , و قد أسلمني الأحباء , و رحمني أهل الدنيا ; لكنت أشد رحمة لي بين يدي من لا يخفى عليه خافية .

قال أبو الدرداء : فو الله ما رأيت ذلك لأحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .

عن الصادق جعفر بن محمد قال : خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يوم الفطر فقال أيها الناس إن يومكم هذا يوم يثاب فيه المحسنون و يخسر فيه المبطلون و هو أشبه بيوم قيامكم فاذكروا بخروجكم من منازلكم إلى مصلاكم خروجكم من الأجداث إلى ربكم و اذكروا بوقوفكم في مصلاكم وقوفكم بين يدي ربكم و اذكروا برجوعكم إلى منازلكم رجوعكم إلى منازلكم في الجنة عباد الله إن أدنى ما للصائمين و الصائمات أن يناديهم ملك في آخر يوم من شهر رمضان أبشروا عباد الله فقد غفر لكم ما سلف من ذنوبكم فانظروا كيف تكونون فيما تستأنفون .

عن الباقر محمد بن علي الأول قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) جمع الخير كله في ثلاث خصال النظر و السكوت و الكلام فكل نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو و كل سكوت ليس فيه فكرة فهو غفلة و كل كلام ليس فيه ذكر فهو لغو فطوبى لمن كان نظره عبرة و سكوته فكرة و كلامه ذكرا و بكى على خطيئته و أمن الناس شره .

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : كم من غافل ينسج ثوبا ليلبسه و إنما هو كفنه و يبني بيتا ليسكنه فإنما هو موضع قبره .

و قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام) : ما الاستعداد للموت ? قال : أداء الفرائض و اجتناب المحارم و الاشتمال على المكارم ثم لا يبالي أ وقع علي الموت أو وقع الموت عليه و الله ما يبالي ابن أبي طالب أ وقع على الموت أو وقع عليه الموت .