مناجاة امير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من ولده عليهم السلام ، كانوا يدعون بها في شهر شعبان

 اللهم صل على محمد وآل محمد واسمع دعائي إذا دعوتك ، واسمع ندائي إذا ناديتك ، واقبل علي إذا ناجيتك ، فقد هربت إليك ووقفت بين يديك ، مستكينا لك ، متضرعا إليك ، راجيا لما لديك ،تراني ، وتعلم ما في نفسي وتخبر حاجتي وتعرف ضميري ، ولا يخفى عليك أمر منقلبي ومثواي ، وما أريد ان أبدئ به من منطقي ، وأتفوه به من طلبتي ، وارجوه لعافيتي ، وقد جرت مقاديرك علي يا سيدي ، فيما يكون مني إلى آخر عمري ، من سريرتي وعلانيتي ، وبيدك لا بيد غيرك زيادتي ونقصي ، ونفعي وضري . الهي ان حرمتني فمن ذا الذي يرزقني ، وان خذلتني فمن ذا الذي ينصرني ، الهي أعوذ بك من غضبك وحلول سخطك . الهي ان كنت غير مستأهل لرحمتك ، فأنت أهلان تجود علي بفضل سعتك ، الهي كأني بنفسي واقفة بين يديك ، وقد أظلها حسن توكلي عليك ، ففعلت ما أنت أهله وتغمدتني بعفوك . الهي ان عفوت فمن أولى منك بذلك ، وان كان قد دنى اجلي ولم يدنني منك عملي ، فقد جعلت الإقرار بالذنب إليك وسيلتي ، الهي قد جرت على نفسي في النظر لها فلها الويل ان لم تغفر لها . الهي لم يزل برك علي أيام حياتي ، فلا تقطع برك عني في مماتي ، الهي كيف آيس من حسن نظرك لي بعد مماتي ، وأنت لم تولني إلا الجميل في حياتي ، الهي تول من أمري ما أنت أهله وعد علي بفضلك على مذنب قد غمره جهله . الهي قد سترت علي ذنوبا في الدنيا وأنا أحوج إلى سترها علي منك في الأخرى ، الهي قد أحسنت إلي إذ لم تظهرها لأحد من عبادك الصالحين ، فلا تفضحني يوم القيامة على رؤوس الأشهاد . الهي جودك بسط أملي وعفوك أفضل من عملي ، الهي فسرني بلقائك يوم تقضي فيه بين عبادك ، الهي اعتذاري إليك اعتذار من لم يستغن عن قبول عذره ، فاقبل عذري ، يا أكرم من اعتذر إليه المسيئون . الهي لا ترد حاجتي ولا تخيب طمعي ولا تقطع منك رجائي وأملي الهي لو أردت هواني لم تهدني ، ولو أردت فضيحتي لم تعافني ، الهي ما أظنك تردني في حاجة قد أفنيت عمري في طلبها منك . الهي فلك الحمد أبدا أبدا دائما سرمدا يزيد ولا يبيد كما تحب وترضى ، الهي ان أخذتني بجرمي أخذتك بعفوك ، وان أخذتني بذنوبي أخذتك بمغفرتك ، وان أدخلتني النار أعلمت أهلها إني احبك الهي ان كان صغر في جنب طاعتك عملي فقد كبر في جنب رجائك أملي ، الهي كيف انقلب من عندك بالخيبة محروما ، وقد كان حسن ظني بجودك ان تقلبني بالنجاة مرحوما . الهي وقد أفنيت عمري في شره السهو عنك وأبليت شبابي في سكرة التباعد منك ، الهي فلم استيقظ أيام اغتراري بك وركوني إلى سبيل سخطك ، الهي وأنا عبدك وابن عبدك قائم بين يديك ، متوسل بكرمك إليك الهي أنا عبد أتنصل إليك مما كنت أواجهك به من قلة استحيائي من نظرك ، واطلب العفو منك ، إذ العفو نعت لكرمك ،الهي لم يكن لي حول فانتقل به عن معصيتك إلا في وقت أيقظتني لمحبتك وكما أردت ان أكون كنت ، فشكرتك بإدخالي فيكرمك ، ولتطهير قلبي ، من أوساخ الغفلة عنك . الهي انظر إلي نظر من ناديته فأجابك ، واستعملته بمعونتك فأطاعك ، يا قريبا لا يبعد عن المغتر به ، ويا جوادا لا يبخل عمن رجا ثوابه ، الهي هب لي قلبا يدنيه منك شوقه ، ولسانا يرفعه إليك صدقة ، ونظرا يقربه منك حقه. الهي ان من تعرف بك غير مجهول ، ومن لاذ بك غير مخذول ، ومن أقبلت عليه غير مملوك الهي إن من انتهج بك لمستنير ، وإن من اعتصم بك لمستجير ، وقد لذت بك يا الهي فلا تخيب ظني من رحمتك ، ولا تحجبني عن رأفتك ، الهي اقمني في أهل ولايتك مقام من رجا الزيادة من محبتك . الهي وألهمني ولها بذكرك إلى ذكرك ، واجعل همي في روح نجاح أسمائك ومحل قدسك ، الهي بك عليك إلا ألحقتني بمحل أهل طاعتك والمثوى الصالح من مرضاتك ، فاني لا اقدر لنفسي دفعا ولا املك لها نفعا . الهي أنا عبدك الضعيف المذنب ومملوكك المعيب ، فلا تجعلني ممن صرفت عنه وجهك وحجبه سهوه عن عفوك . الهي هب لي كمال الانقطاع إليك ، وأنير أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك ، حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور ، فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك ، الهي واجعلني ممن ناديته فأجابك ولا حظته فصعق لجلالك ، فناجيته سرا وعمل لك جهرا . الهي لم أسلط على حسن ظني قنوط الاياس ولا انقطع رجائي من جميل كرمك الهي ان كانت الخطايا قد أسقطتني لديك فاصفح عني بحسن توكلي عليك ، الهي ان حطتني الذنوب من مكارم لطفك ، فقد نبهني اليقين إلى كرم عطفك . الهي ان انامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك ، فقد نبهتني المعرفة بكرم آلائك ، الهي ان دعاني إلى النار عظيم عقابك ، فقد دعاني إلى الجنة جزيل ثوابك ، الهي فلك اسأل واليك ابتهل وارغب ، ان تصلي على محمد وآل محمد وان تجعلني ممن يديم ذكرك ولا ينقض عهدك ، ولا يغفل عن شكرك ولا يستخف بأمرك . الهي وألحقني بنور عزك الابهج ، فأكون لك عارفا ، وعن سواك منحرفا ، ومنك خائفا مراقبا ، يا ذا الجلال والإكرام وصلى الله على محمد رسوله وآله الطاهرين وسلم تسليما كثيرا . )إقبال الأعمال ج 3 ص 295