سورة القدر

7

{إنا أنزلناه في ليلة القدر (1) وما أدراك ما ليلة القدر (2) ليلة القدر خير من ألف شهر (3) تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر (4) سلام هي حتى مطلع الفجر (5)}

 

عن أبي عبد الله × قال: رأى رسول الله | في منامه بني أمية يصعدون على منبره من بعده ويضلون الناس عن الصراط القهقرى, فأصبح كئيبا حزينا, قال: فهبط عليه جبرئيل × فقال: يا رسول الله, ما لي أراك كئيبا حزينا؟ قال: يا جبرئيل, إني رأيت بني أمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي ويضلون الناس عن الصراط القهقرى, فقال: والذي بعثك بالحق نبيا إن هذا شي‏ء ما اطلعت عليه, فعرج إلى السماء, فلم يلبث أن نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها قال: {أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون} وأنزل عليه {إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر} جعل الله عز وجل ليلة القدر لنبيه | خيرا {من ألف شهر} ملك بني أمية. [1]

 

عن أبي عبد الله × أنه قال: إن أبي حدثني عن أبيه, عن جده, عن علي عليهم السلام: أن رسول الله | أخذته نعسة وهو على منبره, فرأى في منامه رجالا ينزون على منبره نزو القردة يردون الناس على أعقابهم القهقرى, فاستوى رسول الله | جالسا والحزن يعرف في وجهه, فأتاه جبريل × بهذه الآية: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا} يعني بني أمية, قال: يا جبريل, أعلى عهدي يكونون وفي زمني؟ قال: لا، ولكن تدور رحى الإسلام من مهاجرك فتلبث بذلك عشرا، ثم تدور رحى الإسلام على رأس خمسة وثلاثين من مهاجرك فتلبث بذلك خمسا، ثم لا بد من رحى ضلالة هي قائمة على قطبها، ثم ملك الفراعنة قال: وأنزل الله تعالى في ذلك: {إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر} تملكها بنو أمية ليس فيها ليلة القدر. [2]

 

عن الإمام الحسن × في إحتجاج طويل: وذلك حين رآهم رسول الله | ومن يملك بعده منهم أمر هذه الأمة, يعني في المنام, فساءه ذلك وشق عليه, فأنزل الله عز وجل في كتابه {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن} يعني بني أمية, وأنزل أيضا {ليلة القدر خير من ألف شهر}‏. [3]

 

عن أبي عبد الله ×, قال: سمعته يقول: قال لي أبي محمد × قرأ علي بن أبي طالب × {إنا أنزلناه في ليلة القدر} وعنده الحسن والحسين ‘, فقال له الحسين ×: يا أبتاه, كأن بها من فيك حلاوة, فقال له: يا ابن رسول الله وابني, إني أعلم فيها ما لا تعلم‏, إنها لما أنزلت بعث إلي جدك رسول الله | فقرأها علي فضرب على كتفي الأيمن وقال: يا أخي ووصيي ووليي على أمتي وحرب أعدائي إلى يوم يبعثون، هذه السورة لك من بعدي ولولديك من بعدك، إن جبرئيل × أخي من الملائكة أحدث إلي أحداث أمتي في سنتها وإنه ليحدث ذلك إليك كأحداث النبوة، ولها نور ساطع في قلبك وقلوب أوصيائك إلى مطلع فجر القائم #. [4]

 

عن حمران قال: سألت أبا عبد الله × عما يفرق في ليلة القدر, هل هو ما يقدر الله فيها؟ قال: لا توصف قدرة الله إلا أنها قال: {فيها يـفرق كل أمر حكيم}، فكيف يكون حكيما إلا ما فرق، ولا توصف قدرة الله سبحانه لأنه يحدث ما يشاء، وأما قوله: {ليلة القدر خـير من ألف شهر}، يعني فاطمة ÷، وقوله: {تنزل الملائكة والروح فيها} والملائكة في هذا الموضع المؤمنون الذين يملكون علم آل محمد |، والروح روح القدس وهو في فاطمة ÷ {من كل أمر سلام} يقول من كل أمر مسلمة {حـتى مطـلع الفجر} يعني حتى يقوم القائم #.[5]

 

عن أبي عبد الله × أنه قال: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} الليلة فاطمة ÷, والقدر الله, فمن عرف فاطمة ÷ حق معرفتها فقد أدرك ليلة القدر, وإنما سميت فاطمة ÷ لأن الخلق فطموا عن معرفتها[6] - أو من معرفتها, الشك من أبي القاسم - وقوله {وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر} يعني خير من ألف مؤمن وهي أم المؤمنين, {تنزل الملائكة والروح فيها} والملائكة المؤمنون الذين يملكون علم آل محمد | والروح القدس هي فاطمة ÷ {بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر} يعني حتى يخرج القائم #. [7]

 

عن داود بن فرقد قال: سألته × عن قول الله عز وجل {إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر} قال: نزل فيها ما يكون من السنة إلى السنة, من موت أو مولود, قلت له: إلى من؟ فقال ×: إلى من عسى أن يكون؟ إن الناس في تلك الليلة في صلاة ودعاء ومسألة, وصاحب هذا الأمر في شغل, تنزل الملائكة إليه بأمور السنة من غروب الشمس إلى طلوعها {من كل أمر سلام هي} له إلى أن يطلع {الفجر}. [8]

 

عن أبي جعفر × قال: قال أبو عبد الله × {إنا أنزلناه‏} نور كهيئة العين على رأس النبي | والأوصياء, لا يريد أحد منا علم أمر من أمر الأرض أو أمر من أمر السماء إلى الحجب التي بين الله وبين العرش إلا رفع طرفه إلى ذلك النور فرأى تفسير الذي أراد فيه مكتوبا. [9]

 

عن المفضل بن عمر قال: ذكر عند أبي عبد الله × {إنا أنزلناه في ليلة القدر} قال: ما أبين فضلها على السور, قال: قلت: وأي شي‏ء فضلها؟ قال: نزلت ولاية أمير المؤمنين × فيها, قلت: في ليلة القدر التي نرتجيها في شهر رمضان؟ قال: نعم, هي ليلة قدرت فيها السماوات والأرض, وقدرت ولاية أمير المؤمنين × فيها. [10]

 

عن أبي عبد الله × إنه قال في قول الله تعالى: {تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر} قال: نزل جبرائيل × في ثلاثين الفا من الملائكة ليلة القدر بولاية علي × وولاية الأوصياء من ولده صلوات الله عليهم أجمعين. [11]

 

* شرف الدين الحسيني في تأويل الآيات, روى عن محمد بن جمهور, عن صفوان, عن عبد الله بن مسكان, عن أبي بصير, عن أبي عبد الله × قال: قوله عز وجل‏ {خير من‏ ألف‏ شهر} هو سلطان بني أمية, وليلة من إمام عدل {خير من ألف شهر} ملك بني أمية وقال‏ {تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم‏} أي عند ربهم على محمد وآل محمد | بكل أمر سلام. [12]

 

عن أبي عبد الله × إنه كان يقرأ هذه الآية {بإذن ربهم من كل أمر سلام‏} أي بكل أمر إلى محمد وعلي ‘ {سلام}. [13]

 

عن أبي عبد الله × في حديث طويل أن الإمام يقول عند ولادته: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم‏ قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم}‏ قال: فإذا قال ذلك أعطاه الله العلم الأول, والعلم الآخر, واستحق زيارة الروح في ليلة القدر, قلت: جعلت فداك, الروح ليس هو جبرئيل؟ قال: الروح هو أعظم من جبرئيل, إن جبرئيل من الملائكة وإن الروح هو خلق أعظم من‏ الملائكة, أليس يقول الله تبارك وتعالى {تنزل الملائكة والروح‏}. [14]

 

عن ابن عباس في قوله تعالى {تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام} قال: لقد صام رسول لله | سبع رمضانات, وصام علي بن أبي طالب × معه, فكان كل ليلة القدر ينزل فيها جبريل على علي × فيسلم عليه من ربه. [15]

 

عن أبي عبد الله × في حديث المعراج وصلاة رسول الله |: أوحى الله عز وجل إليه | اقرأ: {إنا أنزلناه} فإنها نسبتك ونسبة أهل بيتك (عليهم السلام)  إلى يوم القيامة. [16]

 

عن أبي جعفر الثاني × قال: قال أبو عبد الله ×: بينا أبي × يطوف بالكعبة إذا رجل معتجر قد قيض له فقطع عليه اسبوعه حتى ادخله إلى دار جنب الصفا، فأرسل الي فكنا ثلاثة فقال: مرحبا يا ابن رسول الله, ثم وضع يده على رأسي وقال: بارك الله فيك يا امين الله بعد أبائه, يا أبا جعفر إن شئت فأخبرني, وإن شئت فأخبرتك, وإن شئت سلني, وإن شئت سألتك, وإن شئت فاصدقني, وإن شئت صدقتك, قال ×: كل ذلك أشاء، قال: فأياك ان ينطق لسانك عند مسألتي بأمر تضمر لي غيره, قال ×: إنما يفعل ذلك من في قلبه علمان يخالف أحدهما صاحبه, وإن الله عز وجل أبى أن يكون له علم فيه اختلاف قال: هذه مسألتي وقد فسرت طرفا منها, أخبرني عن هذا العلم الذي ليس فيه اختلاف، من يعلمه؟ قال: أما جملة العلم فعند الله جل ذكره، وأما ما لا بد للعباد فعند الاوصياء، قال: ففتح الرجل عجيرته واستوى جالسا وتهلل وجهه، وقال: هذه أردت ولها أتيت, زعمت أن علم ما لا اختلاف فيه من العلم عند الاوصياء، فكيف يعلمونه؟ قال: كما كان رسول الله | يعلمه إلا أنهم لا يرون ما كان رسول الله | يرى، لانه كان نبيا وهم محدثون، وأنه كان يفد إلى الله عز وجل فيسمع الوحي وهم لا يسمعون، فقال: صدقت يا ابن رسول الله, سآتيك بمسألة صعبة. أخبرني عن هذا العلم ماله لا يظهر؟ كما كان يظهر مع رسول الله |؟ قال ×: فضحك أبي × وقال: أبى الله عز وجل أن يطلع على علمه إلا ممتحنا للايمان به كما قضى على رسول الله | أن يصبر على أذى قومه، ولا يجاهدهم، إلا بأمره، فكم من اكتتام قد اكتتم به حتى قيل له: {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين} وأيم الله أن لو صدع قبل ذلك لكان آمنا، ولكنه إنما نظر في الطاعة، وخاف الخلاف فلذلك كف، فوددت أن عينك تكون مع مهدي هذه الامة، والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والارض تعذب أرواح الكفرة من الاموات، وتلحق بهم أرواح أشباههم من الاحياء. ثم أخرج سيفا ثم قال: ها إن هذا منها، قال: فقال: أبي ×: إي والذي اصطفى محمدا على البشر، قال: فرد الرجل اعتجاره وقال: أنا إلياس، ما سألتك عن أمرك وبي منه جهالة غير أني أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لاصحابك وساخبرك بآية انت تعرفها إن خاصموا بها فلجوا قال: فقال له أبي ×: إن شئت أخبرتك بها؟ قال: قد شئت، قال: إن شيعتنا إن قالوا لاهل الخلاف لنا: إن الله عز وجل يقول لرسوله |: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} - إلى آخرها - فهل كان رسول الله | يعلم من العلم - شيئا لا يعلمه - في تلك الليلة أو يأتيه به جبرئيل × في غيرها؟ فإنهم سيقولون: لا، فقل لهم: فهل كان لما علم بد من أن يظهر؟ فيقولون: لا، فقل لهم: فهل كان فيما أظهر رسول الله | من علم الله عز ذكره اختلاف؟ فان قالوا: لا، فقل لهم: فمن حكم بحكم الله فيه اختلاف فهل خالف رسول الله |؟ فيقولون: نعم, فإن قالوا: لا، فقد نقضوا أول كلامهم, فقل لهم: {ما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم}. فإن قالوا: من الراسخون في العلم؟ فقل: من لا يختلف في علمه، فإن قالوا فمن هو ذاك؟ فقل: كان رسول الله | صاحب ذلك، فهل بلغ اولا؟ فإن قالوا: قد بلغ فقل: فهل مات | والخليفة من بعده يعلم علما ليس فيه اختلاف؟ فإن قالوا: لا، فقل: إن خليفة رسول الله | مؤيد ولا يستخلف رسول الله | إلا من يحكم بحكمه وإلا من يكون مثله إلا النبوة، وإن كان رسول الله | لم يستخلف في علمه أحدا فقد ضيع من في أصلاب الرجال ممن يكون بعده. فإن قالوا لك: فإن علم رسول الله | كان من القرآن فقل: {حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها} إلى قوله {إنا كنا مرسلين} فإن قالوا لك: لا يرسل الله عز وجل إلا إلى نبي فقل: هذا الامر الحكيم الذي يفرق فيه هو من الملائكة والروح التي تنزل من سماء إلى سماء، أو من سماء إلى أرض؟ فإن قالوا: من سماء إلى سماء، فليس في السماء أحد يرجع من طاعة إلى معصية، فإن قالوا: من سماء إلى أرض, وأهل الارض أحوج الخلق إلى ذلك, فقل: فهل لهم بد من سيد يتحاكمون إليه؟ فإن قالوا: فإن الخليفة هو حكمهم فقل: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور} إلى قوله {خالدون} لعمري ما في الارض ولا في السماء ولي لله عز ذكره إلا وهو مؤيد، ومن ايد لم يخظ، وما في الارض عدو لله عز ذكره إلا وهو مخذول، ومن خذل لم يصب، كما أن الامر لا بد من تنزيله من السماء يحكم به أهل الارض، كذلك لابد من وال، فإن قالوا: لا نعرف هذا فقل لهم: قولوا ما أحببتم، أبى الله عز وجل بعد محمد | أن يترك العباد ولا حجة عليهم. قال أبو عبد الله ×: ثم وقف فقال: ههنا يا أبن رسول الله باب غامض أرأيت إن قالوا: حجة الله القرآن؟ قال: إذن أقول لهم: إن القرآن ليس بناطق يأمر وينهى، ولكن للقرآن أهل يأمرون وينهون، وأقول: قد عرضت لبعض أهل الارض مصيبة ما هي في السنة والحكم الذي ليس فيه اختلاف، وليست في القرآن، أبى الله لعلمه بتلك الفتنة أن تظهر في الارض، وليس في حكمه راد لها ومفرج عن أهلها. فقال: ههنا تفلجون يا أبن رسول الله، أشهد أن الله عز ذكره قد علم بما يصيب الخلق من مصيبة في الارض أو في أنفسهم من الدين أو غيره، فوضع القرآن دليلا قال: فقال الرجل: هل تدري يا ابن رسول الله دليل ما هو؟ قال أبو جعفر ×: نعم فيه جمل الحدود، وتفسيرها عند الحكم فقال أبى الله أن يصيب عبدا بمصيبة في دينه أو في نفسه أو في ماله ليس في أرضه من حكمه قاض بالصواب في تلك المصيبة. قال: فقال الرجل: أما في هذا الباب فقد فلجتهم بحجة إلا أن يفتري خصمكم على الله فيقول: ليس لله جل ذكره حجة ولكن أخبرني عن تفسير {لكيلا تأسوا على ما فاتكم}؟ مما خص به علي × {ولا تفرحوا بما آتاكم} قال: في أبي فلان واصحابه واحدة مقدمة وواحدة مؤخرة {لا تأسوا على ما فاتكم} مما خص به علي × {ولا تفرحوا بما آتاكم} من الفتنة التي عرضت لكم بعد رسول الله |، فقال الرجل: أشهد أنكم أصحاب الحكم الذي لا اختلاف فيه, ثم قام الرجل وذهب فلم أره. [17]

 

عن أبي جعفر الثاني ×, عن أبي عبد الله × قال: بينا أبي × جالس وعنده نفر إذا استضحك حتى اغرورقت عيناه‏ دموعا، ثم قال: هل تدرون ما أضحكني؟ قال: فقالوا: لا، قال: زعم ابن عباس أنه من‏ {الذين قالوا ربنا الله‏ ثم استقاموا}، فقلت له‏: هل رأيت الملائكة يا ابن عباس، تخبرك‏ بولايتها لك‏ في الدنيا والآخرة مع الأمن من الخوف والحزن؟ قال: فقال: إن الله يقول: {إنما المؤمنون إخوة} وقد دخل في هذا جميع الأمة، فاستضحكت. ثم قلت: صدقت يا ابن عباس، أنشدك الله‏ هل في حكم الله اختلاف؟ قال: فقال: لا، فقلت: ما ترى في رجل ضرب رجلا أصابعه بالسيف حتى سقطت، ثم ذهب وأتى رجل آخر، فأطار كفه، فأتي به إليك وأنت قاض، كيف أنت صانع‏؟ قال‏: أقول لهذا القاطع: أعطه دية كفه‏، وأقول لهذا المقطوع‏: صالحه على‏ ما شئت، وابعث‏ به إلى ذوي عدل. قلت: جاء الاختلاف في حكم الله عز ذكره، ونقضت القول الأول، أبى الله‏ أن يحدث في خلقه شيئا من الحدود ليس‏ تفسيره في الأرض؛ اقطع‏ قاطع الكف أصلا، ثم أعطه دية الأصابع، هكذا حكم الله ليلة ينزل‏ فيها أمره، إن جحدتها بعد ما سمعت من رسول الله |، فأدخلك الله النار، كما أعمى بصرك يوم جحدتها على ابن أبي طالب ×، قال‏: فلذلك عمي بصري‏، قال: وما علمك بذلك؟ فو الله‏، إن عمي بصره‏ إلا من صفقة جناح الملك، قال‏: فاستضحكت، ثم تركته يومه ذلك لسخافة عقله. ثم لقيته، فقلت: يا ابن عباس، ما تكلمت بصدق مثل أمس، قال لك علي بن أبي طالب ×: إن ليلة القدر في كل سنة، وإنه‏ ينزل في تلك الليلة أمر السنة، وإن لذلك الأمر ولاة بعد رسول الله |، فقلت: من هم؟ فقال: أنا وأحد عشر من‏ صلبي أئمة محدثون‏، فقلت: لا أراها كانت إلا مع رسول الله | فتبدى لك‏ الملك الذي يحدثه‏، فقال: كذبت يا عبد الله، رأت‏ عيناي الذي حدثك به علي × ولم تره عيناه، ولكن وعى قلبه‏، ووقر في سمعه, ثم صفقك‏ بجناحه‏ فعميت. قال: فقال ابن عباس: ما اختلفنا في شي‏ء فحكمه إلى الله‏، فقلت له: فهل‏ حكم الله في حكم من حكمه بأمرين؟ قال: لا، فقلت: هاهنا هلكت وأهلكت. [18]

 

عن أبي جعفر الثاني ×, عن أبي جعفر × قال: قال الله عز وجل في ليلة القدر {فيها يفرق كل أمر حكيم} يقول: ينزل فيها كل أمر حكيم، والمحكم ليس بشيئين، إنما هو شئ واحد، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف، فحكمه من حكم الله عز وجل، ومن حكم بأمر فيه أختلاف فرأى أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت, إنه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الأمور سنة سنة، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا، وفي أمر الناس بكذا وكذا، وإنه ليحدث لولي الأمر سوى ذلك كل يوم علم الله عز وجل الخاص والمكنون العجيب المخزون، مثل ما ينزل في تلك الليلة من الأمر، ثم قرأ: {ولو أن ما في الارض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم}. [19]

 

عن أبي جعفر الثاني ×, عن أبي عبد الله ×، قال: كان علي بن الحسين × يقول: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} صدق الله عز وجل، أنزل الله‏ القرآن في ليلة القدر {وما أدراك ما ليلة القدر} قال رسول الله |: لا أدري‏, قال الله عز وجل: {ليلة القدر خير من ألف شهر} ليس فيها ليلة القدر، قال لرسول الله |: وهل تدري لم هي خير من ألف شهر؟ قال: لا، قال: لأنها {تنزل الملائكة والروح‏ فيها بإذن ربهم‏ من كل أمر} وإذا أذن الله بشي‏ء، فقد رضيه, {سلام هي حتى مطلع الفجر} يقول: تسلم‏ عليك يا محمد، ملائكتي وروحي بسلامي من أول ما يهبطون إلى مطلع الفجر, ثم قال في بعض كتابه: {واتقوا فتنة لا تصيبن‏ الذين ظلموا منكم خاصة} في‏ {إنا أنزلناه‏ في ليلة القدر}، وقال في بعض كتابه‏: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل‏ أفإن‏ مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم‏ ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين}, يقول في الآية الأولى: إن محمدا | حين يموت يقول أهل الخلاف لأمر الله عز وجل: مضت ليلة القدر مع رسول الله |؛ فهذه فتنة أصابتهم خاصة، وبها ارتدوا على أعقابهم, لأنهم إن قالوا: لم تذهب‏، فلا بد أن يكون لله فيها أمر، وإذا أقروا بالأمر، لم يكن له من صاحب بد. [20]

 

عن أبي جعفر الثاني ×, عن أبي عبد الله × قال: كان علي × كثيرا ما يقول: ما أجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله | وهو يقرأ: {إنا انزلناه} بتخشع وبكاء فيقولان: ما أشد رقتك لهذه السورة؟ فيقول رسول الله |: لما رأت عيني ووعا قلبي، ولما يرى قلب هذا من بعدي, فيقولان: وما الذي رأيت وما الذي يرى؟ قال: فيكتب لهما في التراب {تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر} قال: ثم يقول: هل بقي شئ بعد قوله عز وجل: {كل أمر} فيقولان: لا، فيقول: هل تعلمان من المنزل إليه بذلك؟ فيقولان: أنت يا رسول الله، فيقول: نعم، فيقول: هل تكون ليلة القدر من بعدى؟ فيقولان: نعم، قال: فيقول: فهل ينزل ذلك الامر فيها؟ فيقولان: نعم، قال: فيقول: إلى من؟ فيقولان: لا ندري، فيأخذ برأسي ويقول: إن لم تدريا فادريا، هو هذا من بعدي قال: فإن كانا ليعرفان تلك الليلة بعد رسول الله | من شدة ما يداخلهما من الرعب. [21]

 

عن أبي جعفر الثاني ×, عن أبي جعفر × قال: يا معشر الشيعة خاصموا بسورة {إنا أنزلناه} تفلحوا، فوالله إنها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله | وإنها لسيدة دينكم، وإنها لغاية علمنا, يا معشر الشيعة خاصموا ب{حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين} فإنها لولاة الأمر خاصة بعد رسول الله |، يا معشر الشيعة يقول الله تبارك وتعالى: {وإن من امة إلا خلا فيها نذير} قيل: يا أبا جعفر, نذيرها محمد |؟ قال: صدقت، فهل كان نذير وهو حي من البعثة في أقطار الارض، فقال السائل: لا، قال أبو جعفر ×: أرأيت بعيثه أليس نذيره، كما أن رسول الله | في بعثته من الله عز وجل نذير، فقال: بلى، قال: فكذلك لم يمت محمد | إلا وله بعيث نذير, قال: فإن قلت: لا, فقد ضيع رسول الله | من في أصلاب الرجال من امته، قال: وما يكفيهم القرآن؟ قال: بلي إن وجدوا فله مفسرا قال: وما فسره رسول الله |؟ قال: بلى قد فسره لرجل واحد، وفسر للامة شأن ذلك الرجل وهو علي بن أبي طالب ×.[22] قال السائل: يا أبا جعفر كان هذا أمر خاص لا يحتمله العامة؟ قال: أبى الله أن يعبد إلا سرا حتى يأتي إبان أجله الذي يظهر فيه دينه، كما أنه كان رسول الله | مع خديجة مستترا حتى امر بالاعلان، قال السائل: ينبغي لصاحب هذا الدين أن يكتم؟ قال: أو ما كتم علي بن أبي طالب × يوم أسلم مع رسول الله | حتى ظهر أمره؟ قال: بلى، قال: فكذلك أمرنا {حتى يبلغ الكتاب أجله}. [23]

 

عن أبي جعفر الثاني ×, عن أبي جعفر × قال: لقد خلق الله جل ذكره ليلة القدر أول ما خلق الدنيا, ولقد خلق فيها أول نبي يكون، وأول وصي يكون، ولقد قضى أن يكون في كل سنة ليلة يهبط فيها بتفسير الامور إلى مثلها من السنة المقبلة، من جحد ذلك فقد رد على الله عز وجل علمه، لانه لا يقوم الانبياء والرسل والمحدثون إلا أن تكون عليهم حجة بما يأتيهم في تلك الليلة، مع الحجة التي يأتيهم بها جبرئيل ×، قلت: والمحدثون أيضا يأتيهم جبرئيل أو غيره من الملائكة ×؟ قال: أما الانبياء والرسل صلى الله عليهم فلا شك، ولا بد لمن سواهم من أول يوم خلقت فيه الارض إلى آخر فناء الدنيا أن تكون على أهل الارض حجة ينزل ذلك في تلك الليلة إلى من أحب من عباده. وأيم الله لقد نزل الروح والملائكة بالامر في ليلة القدر على آدم، وأيم الله ما مات آدم إلا وله وصي، وكل من بعد آدم من الانبياء قد أتاه الامر فيها، ووضع لوصيه من بعده، وأيم الله إن كان النبي ليؤمر فيما يأتيه، من الامر في تلك الليلة من آدم إلى محمد | أن أوصى إلى فلان، ولقد قال الله عز وجل في كتابه لولاة الامر من بعد محمد | خاصة: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم} إلى قوله {فاولئك هم الفاسقون} يقول: أستخلفكم لعلمي وديني وعبادتي بعد نبيكم كما استخلف وصاة آدم من بعده حتى يبعث النبي الذي يليه {يعبدونني لا يشركون بي شيئا} يقول: يعبدونني بإيمان لا نبي بعد محمد | فمن قال غير ذلك {فاولئك هم الفاسقون} فقد مكن ولاة الامر بعد محمد | بالعلم ونحن هم، فاسألونا فإن صدقناكم فأقروا وما أنتم بفاعلين أما علمنا فظاهر، وأما إبان أجلنا الذي يظهر فيه الدين منا حتى لا يكون بين الناس اختلاف، فإن له أجلا من ممر الليالي والايام، إذا أتى ظهر، وكان الامر واحدا. وأيم الله لقد قضي الامر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف، ولذلك جعلهم شهداء على الناس ليشهد محمد | علينا، ولنشهد على شيعتنا، ولتشهد شيعتنا على الناس، أبى الله عز وجل أن يكون في حكمه اختلاف، أو بين أهل علمه تناقض. ثم قال أبو جعفر × فضل إيمان المؤمن بحمله {إنا أنزلنا} وبتفسيرها على من ليس مثله في الايمان بها، كفضل الانسان على البهائم، وإن الله عز وجل ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها في الدنيا, لكمال عذاب الآخرة لمن علم أنه لا يتوب منهم, ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين ولا أعلم أن في هذا الزمان جهادا إلا الحج والعمرة والجوار. [24]

 

عن أبي جعفر الثاني × قال: قال رجل لأبي جعفر ×: يا ابن رسول الله لا تغضب علي قال: لماذا؟ قال: لما اريد أن أسألك عنه، قال: قل، قال: ولا تغضب؟ قال: ولا أغضب قال: أرأيت قولك في ليلة القدر، وتنزل الملائكة والروح فيها إلى الاوصياء، يأتونهم بأمر لم يكن رسول الله | قد علمه؟ أو ياتونهم بامر كان رسول الله | علمه؟ وقد علمت أن رسول الله | مات وليس من علمه شئ إلا وعلي × له واع، قال أبو جعفر ×: مالي ولك أيها الرجل ومن أدخلك علي؟ قال: أدخلني عليك القضاء لطلب الدين، قال: فافهم ما أقول لك. إن رسول الله | لما اسري به لم يهبط حتى أعلمه الله جل ذكره علم ما قد كان وما سيكون، وكان كثير من علمه ذلك جملا يأتي تفسيرها في ليلة القدر، وكذلك كان علي بن أبي طالب × قد علم جمل العلم ويأتي تفسيره في ليالي القدر، كما كان مع رسول الله |، قال السائل: أوما كان في الجمل تفسير؟ قال: بلى ولكنه إنما يأتي بالامر من الله تعالى في ليالي القدر إلى النبي وإلى الاوصياء: افعل كذا وكذا، لامر قد كانوا علموه، امروا كيف يعملون فيه؟ قلت: فسر لي هذا, قال: لم يمت رسول الله | إلا حافظا لجملة وتفسيره، قلت: فالذي كان يأتيه في ليالي القدر علم ما هو؟ قال: الامر واليسر فيما كان قد علم، قال السائل: فما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا؟ قال: هذا مما امروا بكتمانه، ولا يعلم تفسير ما سألت عنه إلا الله عز وجل. قال السائل: فهل يعلم الاوصياء ما لا يعلم الانبياء؟ قال: لا وكيف يعلم وصي غير علم ما اوصي إليه، قال السائل: فهل يسعنا أن نقول: إن أحدا من الوصاة يعلم ما لا يعلم الآخر؟ قال: لا لم يمت نبي إلا وعلمه في جوف وصيه وإنما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد، قال السائل: وما كانوا علموا ذلك الحكم؟ قال: بلى قد علموه ولكنهم لا يستطيعون إمضاء شئ منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة، قال السائل: يا أبا جعفر لا أستطيع إنكار هذا, قال أبو جعفر ×: من أنكره فليس منا. قال السائل: يا أبا جعفر أرأيت النبي | هل كان يأتيه في ليالي القدر شئ لم يكن علمه؟ قال: لا يحل لك أن تسأل عن هذا، أما علم ما كان وما سيكون فليس يموت نبي ولا وصي إلا والوصي الذي بعده يعلمه، أما هذا العلم الذي تسأل عنه فإن الله عز وجل أبى أن يطلع الاوصياء عليه إلا أنفسهم، قال السائل: يا ابن رسول الله كيف أعرف أن ليلة القدر تكون في كل سنة؟ قال: إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كل ليلة مائة مرة فاذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي سالت عنه. [25]

 

عن أبي جعفر الثاني ×: قال‏ أبو جعفر ×: لما ترون‏ من بعثه الله للشقاء على أهل الضلالة من أجناد الشياطين وأزواجهم أكثر مما ترون‏ خليفة الله الذي بعثه‏ للعدل والصواب من الملائكة, قيل: يا أبا جعفر، وكيف يكون شي‏ء أكثر من الملائكة؟ قال: كما شاء الله عز وجل. قال السائل: يا أبا جعفر، إني لو حدثت بعض الشيعة بهذا الحديث، لأنكروه‏. قال: كيف ينكرونه؟ قال: يقولون : إن الملائكة أكثر من الشياطين, قال: صدقت، افهم عني ما أقول أنه‏ ليس من يوم ولا ليلة إلا وجميع الجن والشياطين تزور أئمة الضلالة، ويزور إمام‏ الهدى عددهم من الملائكة، حتى إذا أتت ليلة القدر فيهبط فيها من‏ الملائكة إلى ولي‏ الأمر، خلق الله‏ - أو قال: قيض الله‏ - عز وجل من الشياطين بعددهم، ثم زاروا ولي الضلالة، فأتوه بالإفك‏ والكذب حتى لعله يصبح فيقول: رأيت كذا وكذا، فلو سأل‏ ولي الأمر عن ذلك، لقال: رأيت شيطانا أخبرك بكذا وكذا حتى يفسر له تفسيرا، ويعلمه‏ الضلالة التي هو عليها. وايم الله‏، إن من صدق بليلة القدر ليعلم‏ أنها لنا خاصة؛ لقول رسول الله | لعلي × حين دنا موته: هذا وليكم من بعدي، فإن أطعتموه رشدتم‏، ولكن من لا يؤمن بما في ليلة القدر منكر، ومن آمن بليلة القدر ممن على غير رأينا فإنه لا يسعه في الصدق إلا أن يقول: إنها لنا، ومن لم يقل فإنه‏ كاذب؛ إن‏ الله أعظم من أن ينزل الأمر مع الروح والملائكة إلى كافر فاسق, فإن قال: إنه ينزل إلى الخليفة الذي هو عليها، فليس قولهم ذلك بشي‏ء, وإن‏ قالوا: إنه ليس ينزل إلى أحد، فلا يكون أن ينزل شي‏ء إلى غير شي‏ء. وإن قالوا, وسيقولون: ليس هذا بشي‏ء، فقد ضلوا ضلالا بعيدا. [26]

 

عن أبي جعفر × قال: سأل أبا عبد الله × رجل من أهل بيته عن سورة {إنا أنزلناه في ليلة القدر}. فقال: ويلك! سألت عن عظيم، إياك والسؤال عن مثل هذا، فقام الرجل. قال: فأتيته يوما، فأقبلت عليه فسألته، فقال: {إنا أنزلناه} نور عند الأنبياء والأوصياء، لا يريدون حاجة من السماء ولا من الأرض إلا ذكروها لذلك النور فأتاهم بها. وان مما ذكر علي بن أبي طالب × له من الحوائج: أنه قال لأبي بكر يوما {لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم}: فاشهد أن رسول الله | مات شهيدا، فإياك أن تقول: إنه ميت، والله ليأتينك، فاتق الله إذا جاءك الشيطان غير متمثل به. فعجب به أبو بكر فقال : إن جاءني والله أطعته وخرجت مما أنا فيه. قال: فذكر أمير المؤمنين لذلك النور، فعرج إلى أرواح النبيين، فإذا محمد | قد ألبس وجهه ذلك النور، وأتى وهو يقول: يا أبا بكر آمن بعلي وبأحد عشر من ولده، إنهم مثلي إلا النبوة، وتب إلى الله برد ما في يديك إليهم، فإنه لا حق لك فيه. قال: ثم ذهب فلم ير. فقال أبو بكر: أجمع الناس فأخطبهم بما رأيت، وأبرأ إلى الله مما أنا فيه إليك يا علي، على أن تؤمنني؟ قال: ما أنت بفاعل، ولولا أنك تنسى ما رأيت لفعلت. قال: فانطلق أبو بكر إلى عمر، ورجع نور {إنا أنزلناه} إلى علي، فقال له: قد اجتمع أبو بكر مع عمر. فقلت: أو علم النور؟ قال : إن له لسانا ناطقا وبصرا نافذا يتجسس الاخبار للأوصياء عليهم السلام، ويستمع الاسرار، ويأتيهم بتفسير كل أمر يكتتم به أعداؤهم. فلما أخبر أبو بكر الخبر عمر، قال: سحرك، وانها لفي بني هاشم لقديمة. قال: ثم قاما يخبران الناس، فما دريا ما يقولان. قلت: لما ذا؟ قال: لأنهما قد نسياه. وجاء النور فأخبر عليا × خبرهما، فقال: بعدا لهما كما بعدت ثمود. [27]

 

عن الحسن بن العباس بن الحريش, قال: عرضت هذا الكتاب على أبي جعفر × فأقر به, قال: قال أبو عبد الله ×: قال علي × في‏ صبح أول ليلة القدر التي كانت بعد رسول الله |: سلوني, فوالله لأخبرنكم بما يكون إلى ثلاثمائة وستين يوما من الذر, فما دونها فما فوقها, ثم لأخبرنكم بشي‏ء من ذلك, لا بتكلف ولا برأي ولا بادعاء في علم إلا من علم الله وتعليمه, والله لا يسألني أهل التوراة ولا أهل الإنجيل ولا أهل الزبور ولا أهل الفرقان, إلا فرقت بين كل أهل كتاب بحكم ما في كتابهم, قال: قلت لأبي عبد الله ×: أرأيت ما تعلمونه في ليلة القدر, هل تمضي تلك السنة وبقي منه شي‏ء لم تتكلموا به؟ قال: لا والذي نفسي بيده, لو أنه فيما علمنا في تلك الليلة أن أنصتوا لأعدائكم لنصتنا, فالنصت أشد من الكلام. [28]

 

عن بريدة قال: كنت جالسا مع رسول الله | وعلي × معه, إذ قال: يا علي, ألم أشهدك معي سبعة مواطن, الموطن الخامس ليلة القدر, خصصنا ببركتها ليست لغيرنا. [29]

 

عن عمر بن يزيد قال: قلت لأبي عبد الله ×: أرأيت من لم يقر بما يأتيكم‏ في ليلة القدر كما ذكر ولم يجحده, قال: أما إذا قامت عليه الحجة ممن‏ يثق به في علمنا فلم يثق به فهو كافر, وأما من لا  يسمع ذلك فهو في عذر حتى يسمع, ثم قال × {يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين‏}. [30]

 

عن هشام قال: قلت لأبي عبد الله ×: قول الله تعالى في كتابه {فيها يفرق كل أمر حكيم‏}, قال ×: تلك ليلة القدر, يكتب فيها وفد الحاج وما يكون فيها من طاعة أو معصية أو موت أو حياة, ويحدث الله في الليل والنهار ما يشاء, ثم يلقيه إلى صاحب الأرض. قال الحرث بن المغيرة البصري: قلت: ومن صاحب الأرض: قال: صاحبكم. [31]

 

عن أبي الحسن × في قوله: {سأل سائل بعذاب واقع‏} قال: سأل رجل عن الأوصياء وعن شأن ليلة القدر وما يلهمون فيها، فقال النبي |: سألت عن عذاب واقع, ثم كفر بأن ذلك لا يكون، فإذا وقع ف{ليس له دافع من الله ذي المعارج}‏ قال: {تعرج الملائكة والروح‏} في صبح ليلة القدر إليه من عند النبي | والوصي. [32]

 

عن أبي المهاجر, عن أبي جعفر × قال: يا أبا المهاجر, لا تخفى علينا ليلة القدر, إن الملائكة يطوفون بنا فيها. [33]

 

بمصادر العامة

 

القاسم بن الفضل, عن يوسف بن مازن الراسبي قال: قام رجل إلى الحسن بن علي × فقال: سودت وجوه المؤمنين, فقال: لا تؤنبني رحمك الله, فإن رسول الله | قد أجرة بني أمية يخطبون على منبره رجلا فرجلا فساءه ذلك, فنزلت هذه الآية {إنا أعطيناك الكوثر} نهر في الجنة, ونزلت {إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر} تملكه بني أمية. قال القاسم: فحسبنا ذلك فإذا هو ألف, لا يزيد ولا ينقص. [34]

 

 


[1] الكافي ج 4 ص 159, الفقيه ج 2 ص 156, التهذيب ج 3 ص 59, الأمالي للطوسي ص 687, الوافي ج 2 ص 189, تفسير الصافي ج 4 ص 52, إثبات الهداة ج 1 ص 249, البرهان ج 4 ص 184, بحار الأنوار ج 28 ص 77, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 65, تفسير كنز الدقائق ج 9 ص 509, مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 36 نحوه بإختصار

[2] الصجيفة السجادية ص 18, تفسير الصافي ج 3 ص 201, إثبات الهداة ج 1 ص 274, مدينة المعاجز ج 6 ص 140, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 622, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 363

[3] الإحتجاج ج 1 ص 276, بحار الأنوار ج 44 ص 80

[4] تأويل الآيات ص 794, البرهان ج 5 ص 712, بحار الأنوار ج 25 ص 70

[5] تأويل الآيات ص 791، البرهان ج 5 ص 713, بحار الأنوار ج 25 ص 97, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 372

[6] إلى هنا في بحار الأنوار ورياض الأبرار

[7] تفسير فرات ص 581، بحار الأنوار ج 43 ص 65، رياض الأبرار ج 1 ص 34

[8] بصائر الدرجات ص 220, بحار الأنوار ج 94 ص 22, مستدرك الوسائل ج 7 ص 462

[9] بصائر الدرجات ص 442, بحار الأنوار ج 26 ص 135

[10] معاني الأخبار ص 315, بحار الأنوار ج 94 ص 18, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 617

[11] شرح الأخبار ج 1 ص 242

[12] تأويل الآيات ص 791, البرهان ج 5 ص 713, بحار الأنوار ج 25 ص 96, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 372

[13] تفسير فرات ص 581, بحار الأنوار ج 36 ص 145

[14] الكافي ج 1 ص 386, بصائر الدرجات ص 442, الوافي ج 3 ص 692, البرهان ج 2 ص 471, حلية الأبرار ج 3 ص 226, مدينة المعاجز ج 4 ص 232, بحار الأنوار ج 25 ص 44. بعضه: مختصر البصائر ص 52, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 638, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 370

[15] مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 245, بحار الأنوار ج 39 ص 101

[16] الكافي ج 3 ص 486, علل الشرائع ج 2 ص 316, الوافي ج 7 ص 61, وسائل الشيعة ج 5 ص 467, الجواهر السنية ص 250, هداية الأمة ج 3 ص 41, حلية الأبرار ج 1 ص 426, مدينة المعاجز ج 1 ص 103, غاية المرام ج 6 ص 329, بحار الأنوار ج 18 ص 359, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 616, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 328, تأويل الآيات ص 792 عن الإمام الباقر ×

[17] الكافي ج 1 ص 242, الوافي ج 2 ص 32, البرهان ج 5 ص 701, مدينة المعاجز ج 5 ص 191, بحار الأنوار ج 13 ص 397

[18] الكافي ج 1 ص 247, الوافي ج 2 ص 43, البرهان ج 5 ص 704, بحار الأنوار ج 25 ص 78

[19] الكافي ج 1 ص 248, تأويل الآيات ص 794, الوافي ج 2 ص 45, تفسير الصافي ج 4 ص 403, البرهان ج 5 ص 705, بحار الأنوار ج 25 ص 79, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 622, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 115

[20] الكافي ج 1 ص 248, تأويل الآيات ص 794, الوافي ج 2 ص 47, البرهان ج 5 ص 705, بحار الأنوار ج 25 ص 80, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 635, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 365

[21] الكافي ج 1 ص 249, بصائر لدرجات ص 224, تأويل الآيات ص 795, الوافي ج 2 ص 49, البرهان ج 5 ص 705, مدينة المعاجز ج 2 ص 447, بحار الأنوار ج 25 ص 71, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 365

[22] إلى هنا في تفسير نور الثقلين وتفسير كنز الدقائق

[23] الكافي ج 1 ص 249, تأويل الآيات ص 796, الوافي ج 2 ص 50, البرهان ج 5 ص 706, بحار الأنوار ج 25 ص 71, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 622, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 116

[24] الكافي ج 1 ص 250, تأويل الآيات ص 797, الوافي ج 2 ص 52, البرهان ج 5 ص 707, بحار الأنوار ج 25 ص 73

[25] الكافي ج 1 ص 251, الوافي ج 2 ص 54, البرهان ج 5 ص 708, بحار الأنوار ج 25 ص 80, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 636, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 367

[26] الكافي ج 1 ص 252, الوافي ج 2 ص 55, الفصول المهمة ج 3 ص 374, البرهان ج 5 ص 709, بحار الأنوار ج 25 ص 82, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 637, تفسير كنز الدقائق ج 14 ص 369

[27] بصائر الدرجات ص 280, بحار الأنوار ج 29 ص 30

[28] بصائر الدرجات ص 222, بحار الأنوار ج 94 ص 20

[29] بصائر الدرجات ص 222, بحار الأنوار ج 94 ص 24

[30] بصائر الدرجات ص 224, بحار الأنوار ج 94 ص 21

[31] بصائر الدرجات ص 221, ينابيع المعاجز ص 159, بحار الأنوار ج 94 ص 22, تفسير نور الثقلين ج 4 ص 625, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 120

[32] تفسير القمي ج 2 ص 385, البرهان ج 5 ص 482, بحار الأنوار ج 94 ص 13, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 413, تفسير كنز الدقائق ج 13 ص 430

[33] تفسير القمي ج 2 ص 290, بصائر الدرجات ص 221, تفسير الصافي ج 5 ص 353, البرهان ج 5 ص 13, بحار الأنوار ج 94 ص 13, تفسير نور الثقلين ج 5 ص 639, تفسير كنز الدقائق ج 12 ص 115

[34] المعجم الكبير ج 3 ص 90, أخبار الحسن بن علي × للطبراني ص 151, فضل الأوقات ص 211, شعب الإيمان ص 323, دلائل النوبوة ص 511, مقتل الإمام الحسين × للخورازمي ص 196, تاريخ مدينة دمشق ج 57 ص 340, تفسير الرازي ج 32 ص 133, الكامل في التاريخ ج 3 ص 40