باب 2- العوالم و من كان في الأرض قبل خلق آدم ع و من يكون فيها بعد انقضاء القيامة و أحوال جابلقا و جابرسا

الآيات الفاتحة رَبِّ الْعالَمِينَ الأعراف وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ و قال تعالى وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ. تفسير جمع العالمين يومئ إلى تعدد العوالم كما سيأتي و إن أول بأن الجمعية باعتبار ما تحته من الأجناس المختلفة وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ قال الطبرسي ره أي جماعة يَهْدُونَ بِالْحَقِّ أي يدعون إلى الحق و يرشدون إليه وَ بِهِ يَعْدِلُونَ أي و بالحق يحكمون و يعدلون في حكمهم و اختلف في هذه الأمة من هم على أقوال. أحدها أنهم قوم من وراء الصين بينهم و بين الصين واد جار من الرمل لم يغيروا و لم يبدلوا عن ابن عباس و السدي و الربيع و الضحاك و عطاء و هو المروي عن أبي جعفر ع قالوا و ليس لأحد منهم مال دون صاحبه يمطرون بالليل و يضحون بالنهار و يزرعون لا يصل إليهم منا أحد و لا منهم إلينا و هم على الحق. قال ابن جريح بلغني أن بني إسرائيل لما قتلوا أنبياءهم و كفروا و كانوا اثني عشر سبطا تبرأ سبط منهم مما صنعوا و اعتذروا و سألوا الله أن يفرق بينهم و بينهم ففتح الله لهم نفقا من الأرض فساروا فيه سنة و نصف سنة حتى خرجوا من وراء الصين فهم هناك حنفاء مسلمين يستقبلون قبلتنا و قيل إن جبرئيل   انطلق بالنبي ليلة المعراج إليهم فقرأ عليهم من القرآن عشر سور نزلت بمكة فآمنوا به و صدقوه و أمرهم أن يقيموا مكانهم و يتركوا السبت و أمرهم بالصلاة و الزكاة و لم يكن نزلت فريضة غيرهما ففعلوا قال ابن عباس و ذلك قوله وَ قُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً يعني عيسى ابن مريم يخرجون معه و روى أصحابنا أنهم يخرجون مع قائم آل محمد ص و روي أن ذا القرنين رآهم فقال لو أمرت بالمقام لسرني أن أقيم بين أظهركم. و ثانيها أنهم قوم من بني إسرائيل تمسكوا بالحق و بشريعة موسى ع في وقت ضلالة القوم و قتلهم أنبياءهم و كان ذلك قبل نسخ شريعتهم بشريعة عيسى ع فيكون تقدير الآية و من قوم موسى أمة كانوا يهدون بالحق عن الجبائي. و ثالثها أنهم الذين آمنوا بالنبي ص مثل عبد الله بن سلام و ابن صوريا و غيرهما

 و في حديث أبي حمزة الثمالي و الحكم بن ظهير أن موسى لما أخذ الألواح قال رب إني أجد في الألواح أمة هي خير أمة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر فاجعلهم أمتي قال تلك أمة أحمد قال رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون في الخلق السابقون في دخول الجنة فاجعلهم أمتي قال تلك أمة أحمد قال رب إني أجد في الألواح أنه كتبهم في صدورهم يقرءونها فاجعلهم أمتي قال تلك أمة أحمد قال رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة و إن عملها كتبت له عشر أمثالها و إن هم بسيئة و لم يعملها لم تكتب عليه و إن عملها كتبت عليه سيئة واحدة فاجعلهم أمتي قال تلك أمة أحمد قال رب إني أجد في   الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول و الكتاب الآخر و يقاتلون الأعور الكذاب فاجعلهم أمتي قال تلك أمة أحمد قال رب إني أجد في الألواح أمة هم الشافعون و هم المشفوع لهم فاجعلهم أمتي قال تلك أمة أحمد قال موسى ع رب اجعلني من أمة أحمد

قال أبو حمزة فأعطي موسى آيتين لم يعطوها يعني أمة أحمد قال الله يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَ بِكَلامِي قال وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ قال فرضي موسى كل الرضا.

 و في حديث غير أبي حمزة قال إن النبي ص لما قرأ وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ قال هذه لكم و قد أعطي قوم موسى مثلها انتهى

و أما الآية الثانية فالمشهور أنها لهذه الأمة و دلت الأخبار الكثيرة على أن المراد بهم الأئمة و شيعتهم كما مر في كتاب الإمامة

 و قال الطبرسي ره قال الربيع بن أنس قرأ النبي ص هذه الآية فقال إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى ابن مريم

 و روى العياشي بإسناده عن أمير المؤمنين ع أنه قال و الذي نفسي بيده لتفترقن هذه الأمة على ثلاث و سبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ فهذه التي تنجو

 و روي عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع أنهما قالا نحن هم انتهى

و أقول قال الرازي في تفسيره روي أن بني آدم عشر الجن و الجن و بنو آدم عشر حيوانات البر و هؤلاء كلهم عشر الطيور و هؤلاء كلهم عشر   حيوانات البحر و هؤلاء كلهم عشر ملائكة الأرض الموكلين بها و كل هؤلاء عشر ملائكة السماء الدنيا و كل هؤلاء عشر ملائكة السماء الثانية و على هذا الترتيب إلى السماء السابعة ثم الكل في مقابلة ملائكة الكرسي نزر قليل ثم كل هؤلاء عشر ملائكة سرادق واحد من سرادقات العرش التي عددها ستمائة ألف طول كل سرادق و عرضه و سمكه إذا قوبلت به السماوات و الأرضون و ما فيهما و ما بينهما فإنها كلها تكون شيئا يسيرا و قدرا صغيرا و ما من مقدار موضع قدم إلا و فيه ملك ساجد أو راكع أو قائم لهم زجل بالتسبيح و التقديس ثم كل هؤلاء في مقابلة الملائكة الذين يحومون حول العرش كالقطرة في البحر و لا يعرف عددهم إلا الله ثم مع هؤلاء ملائكة اللوح الذين هم أشياع إسرافيل ع و الملائكة الذين هم جنود جبرئيل ع و هم كلهم سامعون مطيعون لا يفترون مشتغلون بعبادته سبحانه رطاب الألسنة بذكره و تعظيمه يتسابقون في ذلك منذ خلقهم لا يستكبرون عن عبادته آناء الليل و النهار و لا يسأمون لا تحصى أجناسهم و لا مدة أعمارهم و لا كيفية عباداتهم و هذا تحقيق حقيقة ملكوته جل جلاله على ما قال وَ ما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ

1-  الخصال، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن عبد الله بن هلال عن العلا عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر ع يقول لقد خلق الله عز و جل في الأرض منذ خلقها سبعة عالمين ليس هم من ولد آدم خلقهم من أديم الأرض فأسكنهم فيها   واحدا بعد واحد مع عالمه ثم خلق الله عز و جل آدم أبا البشر و خلق ذريته منه و لا و الله ما خلت الجنة من أرواح المؤمنين منذ خلقها و لا خلت النار من أرواح الكفار و العصاة منذ خلقها عز و جل لعلكم ترون أنه إذا كان يوم القيامة و صير الله أبدان أهل الجنة مع أرواحهم في الجنة و صير أبدان أهل النار مع أرواحهم في النار إن الله تبارك و تعالى لا يعبد في بلاده و لا يخلق خلقا يعبدونه و يوحدونه بلى و الله ليخلقن الله خلقا من غير فحولة و لا إناث يعبدونه و يوحدونه و يعظمه و يخلق لهم أرضا تحملهم و سماء تظلهم أ ليس الله عز و جل يقول يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ و قال الله عز و جل أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ

 العياشي، عن محمد مثله

2-  الخصال، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن الحسن بن عبد الصمد عن الحسن بن أبي عثمان قال حدثنا العبادي بن عبد الخالق عمن حدثه عن أبي عبد الله ع قال إن لله عز و جل اثني عشر ألف عالم كل عالم منهم أكبر من سبع سماوات و سبع أرضين ما يرى عالم منهم أن لله عز و جل عالما غيرهم و إني الحجة عليهم

    منتخب البصائر، لسعد بن عبد الله عن الحسن بن عبد الصمد إلى آخر السند و عن محمد بن سنان عن المفضل عنه ع مثله

3-  التوحيد، و الخصال، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد قال سألت أبا جعفر ع عن قول الله عز و جل أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ فقال يا جابر تأويل ذلك أن الله عز و جل إذا أفنى هذا الخلق و هذا العالم و سكن أهل الجنة الجنة و أهل النار النار جدد الله عز و جل عالما غير هذا العالم و جدد عالما من غير فحولة و لا إناث يعبدونه و يوحدونه و يخلق لهم أرضا غير هذه الأرض تحملهم و سماء غير هذه السماء تظلهم لعلك ترى أن الله عز و جل إنما خلق هذا العالم الواحد أو ترى أن الله عز و جل لم يخلق بشرا غيركم بلى و الله لقد خلق الله تبارك و تعالى ألف ألف عالم و ألف ألف آدم و أنت في آخر تلك العوالم و أولئك الآدميين

 بيان قوله عز و جل أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ المشهور أن هذه الآية لإثبات البعث و هو المراد بالخلق الجديد قال الطبرسي ره أي أ فعجزنا حين خلقناهم أولا و لم يكونوا شيئا فكيف نعجز عن بعثهم و إعادتهم بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ أي في ضلال و شك من إعادة الخلق جديد. و الصوفية حملوه على تجدد الأمثال الذي قالوا به مخالفين لسائر العقلاء و المتدينين و لعل التأويل الوارد في الخبر من بطون الآية و الجمع بينه و بين ما   سبق يمكن بأن يكون الأول محمولا على الأجناس و هذا على أنواع العوالم و على أي حال هذه الأخبار تدل على حدوث العالم لا على قدمه كما توهمه بعض القائلين به إذ الزمان المعدود بالكثرة لا يصير غير متناه

4-  تفسير علي بن إبراهيم، عن سعيد بن محمد عن بكر بن سهل عن عبد الغني بن سعيد عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في قوله رَبِّ الْعالَمِينَ قال إن الله عز و جل خلق ثلاثمائة عالم و بضعة عشر عالما خلف قاف و خلف البحار السبعة لم يعصوا الله طرفة عين قط و لم يعرفوا آدم و لا ولده كل عالم منهم يزيد من ثلاثمائة و ثلاثة عشر مثل آدم و ما ولد فذلك قوله إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ

5-  قصص الراوندي، بإسناده إلى الصدوق عن أبيه و محمد بن الحسن بن الوليد معا عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن جابر عن أبي جعفر ع قال سئل أمير المؤمنين ع هل كان في الأرض خلق من خلق الله تعالى يعبدون الله قبل آدم و ذريته فقال نعم قد كان في السماوات و الأرض خلق من خلق الله يقدسون الله و يسبحونه و يعظمونه بالليل و النهار لا يَفْتُرُونَ فإن الله عز و جل لما خلق الأرضين خلقها قبل السماوات ثم خلق الملائكة روحانيين لهم أجنحة يطيرون بها حيث يشاء الله فأسكنهم فيما بين أطباق السماوات يقدسونه الليل و النهار و اصطفى منهم إسرافيل و ميكائيل و جبرئيل ثم خلق عز و جل في الأرض الجن روحانيين لهم أجنحة فخلقهم دون خلق الملائكة و حفظهم أن يبلغوا مبلغ الملائكة في الطيران و غير ذلك فأسكنهم فيما بين أطباق الأرضين السبع و فوقهن يقدسون الله اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ ثم خلق خلقا دونهم لهم أبدان و أرواح بغير أجنحة يأكلون و يشربون   نسناس أشباه خلقهم و ليسوا بإنس و أسكنهم أوساط الأرض على ظهر الأرض مع الجن يقدسون الله اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ قال و كان الجن تطير في السماء فتلقى الملائكة في السماوات فيسلمون عليهم و يزورونهم و يستريحون إليهم و يتعلمون منهم الخبر ثم إن طائفة من الجن و النسناس الذين خلقهم الله و أسكنهم أوساط الأرض مع الجن تمردوا و عتوا عن أمر الله فمرحوا و بغوا في الأرض بغير الحق و علا بعضهم على بعض في العتو على الله تعالى حتى سفكوا الدماء فيما بينهم و أظهروا الفساد و جحدوا ربوبية الله تعالى قال و أقامت الطائفة المطيعون من الجن على رضوان الله و طاعته و باينوا الطائفتين من الجن و النسناس الذين عتوا عن أمر الله تعالى قال فحط الله أجنحة الطائفة من الجن الذين عتوا عن أمر الله و تمردوا فكانوا لا يقدرون على الطيران إلى السماء و إلى ملاقاة الملائكة لما ارتكبوا من الذنوب و المعاصي قال و كانت الطائفة المطيعة لأمر الله من الجن تطير إلى السماء الليل و النهار على ما كانت عليه و كان إبليس و اسمه الحارث يظهر للملائكة أنه من الطائفة المطيعة ثم خلق الله تعالى خلقا على خلاف خلق الملائكة و على خلاف خلق الجن و على خلاف خلق النسناس يدبون كما يدب الهوام في الأرض يأكلون و يشربون كما تأكل الأنعام من مراعي الأرض كلهم ذكران ليس فيهم إناث لم يجعل الله فيهم شهوة النساء و لا حب الأولاد و لا الحرص و لا طول الأمل و لا لذة عيش لا يلبسهم الليل و لا يغشاهم النهار و ليسوا ببهائم و لا هوام لباسهم ورق الشجر و شربهم من العيون الغزار و الأدوية الكبار ثم أراد الله أن يفرقهم فرقتين فجعل فرقة خلف مطلع الشمس من وراء البحر فكون لهم مدينة أنشأها تسمى جابرسا طولها اثنا عشر ألف فرسخ في اثني عشر ألف فرسخ و كون عليها سورا من حديد يقطع الأرض إلى السماء ثم أسكنهم فيها و أسكن الفرقة الأخرى خلف مغرب الشمس من وراء البحر و كون لهم مدينة أنشأها تسمى جابلقا

   طولها اثنا عشر ألف فرسخ في اثني عشر ألف فرسخ و كون لهم سورا من حديد يقطع إلى السماء فأسكن الفرقة الأخرى فيها لا يعلم أهل جابرسا بموضع أهل جابلقا و لا يعلم أهل جابلقا بموضع أهل جابرسا و لا يعلم بهم أهل أوساط الأرض من الجن و النسناس فكانت الشمس تطلع على أهل أوساط الأرضين من الجن و النسناس فينتفعون بحرها و يستضيئون بنورها ثم تغرب في عين حمئة فلا يعلم بها أهل جابلقا إذا غربت و لا يعلم بها أهل جابرسا إذا طلعت لأنها تطلع من دون جابرسا و تغرب من دون جابلقا فقيل يا أمير المؤمنين فكيف يبصرون و يحيون و كيف يأكلون و يشربون و ليس تطلع الشمس عليهم فقال إنهم يستضيئون بنور الله فهم في أشد ضوء من نور الشمس و لا يرون أن الله تعالى خلق شمسا و لا قمرا و لا نجوما و لا كواكب و لا يعرفون شيئا غيره فقيل يا أمير المؤمنين فأين إبليس عنهم قال لا يعرفون إبليس و لا سمعوا بذكره لا يعرفون إلا الله وحده لا شريك له لم يكتسب أحد منهم قط خطيئة و لم يقترف إثما لا يسقمون و لا يهرمون و لا يموتون إلى يوم القيامة يعبدون الله لا يَفْتُرُونَ الليل و النهار عندهم سواء و قال إن الله أحب أن يخلق خلقا و ذلك بعد ما مضى للجن و النسناس سبعة آلاف سنة فلما كان من خلق الله أن يخلق آدم للذي أراد من التدبير و التقدير فيما هو مكونه في السماوات و الأرضين كشط عن أطباق السماوات ثم قال للملائكة انظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجن و النسناس هل ترضون أعمالهم و طاعتهم لي فاطلعت و رأوا ما يعملون فيها من المعاصي و سفك الدماء و الفساد في الأرض بغير الحق أعظموا ذلك و غضبوا لله و أسفوا على أهل الأرض و لم يملكوا غضبهم و قالوا يا ربنا أنت العزيز الجبار القاهر العظيم الشأن و هؤلاء كلهم خلقك الضعيف الذليل في أرضك كلهم يتقلبون في قبضتك و يعيشون برزقك و يتمتعون بعافيتك و هم يعصونك   بمثل هذه الذنوب العظام لا تغضب و لا تنتقم منهم لنفسك بما تسمع منهم و ترى و قد عظم ذلك علينا و أكبرناه فيك قال فلما سمع الله تعالى مقالة الملائكة قال إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فيكون حجتي على خلقي في أرضي فقالت الملائكة سبحانك ربنا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ فقال الله تعالى يا ملائكتي إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ إني أخلق خلقا بيدي و أجعل من ذريته أنبياء و مرسلين و عبادا صالحين و أئمة مهتدين و أجعلهم خلفائي على خلقي في أرضي ينهونهم عن معصيتي و ينذرونهم من عذابي و يهدونهم إلى طاعتي و يسلكون بهم طريق سبيلي أجعلهم حجة لي عذرا أو نذرا و أنفي الشياطين من أرضي و أطهرها منهم فأسكنهم في الهواء و أقطار الأرض و في الفيافي فلا يراهم خلقي و لا يرون شخصهم و لا يجالسونهم و لا يخالطونهم و لا يؤاكلونهم و لا يشاربونهم و أنفر مردة الجن العصاة من نسل بريتي و خلقي و خيرتي فلا يجاورون خلقي و أجعل بين خلقي و بين الجان حجابا فلا يرى خلقي شخص الجن و لا يجالسونهم و لا يشاربونهم و لا يتهجمون تهجمهم و من عصاني من نسل خلقي الذي عظمته و اصطفيته لغيبي أسكنهم مساكن العصاة و أوردهم موردهم و لا أبالي فقالت الملائكة لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ فقال للملائكة إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ قال و كان ذلك من الله تقدمة للملائكة قبل أن يخلقه احتجاجا منه عليهم و ما كان الله ليغير ما بقوم إلا بعد الحجة عذرا أو نذرا فأمر تبارك و تعالى ملكا من الملائكة فاغترف غرفة بيمينه فصلصلها في كفه فجمدت فقال الله عز و جل منك أخلق

 إيضاح أشباه خلقهم أي بالإنس أو بعضهم ببعض أو بالإضافة أي أشباه خلق الجن فمرحوا بالحاء المهملة يقال مرح كفرح أي أشر و بطر   و اختال و نشط تبخترا أو بالجيم و المرج بالتحريك الفساد و القلق و الاختلاط و الاضطراب و الفعل كفرح أيضا لا يلبسهم الليل لعل المعنى أنهم لم يكونوا يحتاجون في الليل إلى ستر و في النهار إلى غشاء و ستر أو أنهم لما لم تطلع عليهم الشمس لا ليل عندهم و لا نهار و يظهر من هذا الخبر أن جابلقا و جابرسا خارجان من هذا العالم خلق السماء الرابعة بل السابعة على المشهور و أهلهما صنف من الملائكة أو شبيه بهم و اختصر الراوندي الخبر و تمامه مر بسند آخر في المجلد الخامس

6-  البصائر، عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن رجاله عن أبي   عبد الله ع يرفع الحديث إلى الحسن بن علي ع أنه قال إن لله مدينتين إحداهما بالمشرق و الأخرى بالمغرب عليهما سوران من حديد و على كل مدينة ألف ألف مصراع من ذهب و فيها سبعين ألف ألف لغة يتكلم كل لغة بخلاف لغة صاحبه و أنا أعرف جميع اللغات و ما فيهما و ما بينهما و ما عليهما حجة غيري و الحسين أخي

 و منه عن أحمد بن الحسين عن أبيه بهذا الإسناد مثله

7-  و منه، عن محمد بن المثنى عن أبيه عن عثمان بن زيد عن جابر عن أبي جعفر ع قال سألته عن قول الله عز و جل وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قال فكنت مطرقا إلى الأرض فرفع يده إلى فوق ثم قال لي ارفع رأسك فرفعت رأسي فنظرت إلى السقف قد انفجر حتى خلص بصري إلى نور ساطع حار بصري دونه قال ثم قال لي رأى إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض هكذا قال لي أطرق فأطرقت ثم قال لي ارفع رأسك فرفعت رأسي فإذا السقف على حاله قال ثم أخذ بيدي و قام و أخرجني من البيت الذي كنت فيه و أدخلني بيتا آخر فخلع ثيابه التي كانت عليه و لبس ثيابا غيرها ثم قال لي غض بصرك فغضضت بصري و قال لي لا تفتح عينك فلبثت ساعة ثم قال لي أ تدري أين أنت قلت لا جعلت فداك فقال لي في الظلمة التي سلكها ذو القرنين فقلت له جعلت فداك أ تأذن لي أن أفتح عيني فقال لي افتح فإنك لا ترى شيئا ففتحت عيني فإذا أنا في ظلمة لا أبصر فيها موضع قدمي ثم سار قليلا و وقف فقال لي هل تدري أين أنت قلت لا قال أنت واقف على عين الحياة التي شرب منها الخضر و خرجنا من ذلك العالم إلى عالم آخر فسلكنا فيه فرأينا كهيئة عالمنا في بنائه و مساكنه و أهله ثم خرجنا إلى عالم ثالث كهيئة الأول   و الثاني حتى وردنا خمسة عوالم قال ثم قال هذه ملكوت الأرض و لم يرها إبراهيم و إنما رأى ملكوت السماوات و هي اثنا عشر عالما كل عالم كهيئة ما رأيت كلما مضى منا إمام سكن أحد هذه العوالم حتى يكون آخرهم القائم في عالمنا الذي نحن ساكنوه قال ثم قال لي غض بصرك فغضضت بصري ثم أخذ بيدي فإذا نحن في البيت الذي خرجنا منه فنزع تلك الثياب و لبس الثياب التي كانت عليه و عدنا إلى مجلسنا فقلت جعلت فداك كم مضى من النهار قال ثلاث ساعات

 بيان و لم يرها إبراهيم أي كلها أو في وقت الاحتجاج على قومه و رآها بعدا و كأن في قراءتهم ع و الأرض بالنصب

8-  البصائر، عن أحمد بن محمد عن جعفر بن محمد بن مالك الكوفي عن محمد بن عمار عن أبي بصير قال كنت عند أبي عبد الله ع فركض برجله الأرض فإذا بحر فيه سفن من فضة فركب و ركبت معه حتى انتهى إلى موضع فيه خيام من فضة فدخلها ثم خرج فقال رأيت الخيمة التي دخلتها أولا فقلت نعم قال تلك خيمة رسول الله ص و الأخرى خيمة أمير المؤمنين ع و الثالثة خيمة فاطمة و الرابعة خيمة خديجة و الخامسة خيمة الحسن و السادسة خيمة الحسين و السابعة خيمة علي بن الحسين و الثامنة خيمة أبي و التاسعة خيمتي و ليس أحد منا يموت إلا و له خيمة يسكن فيها

9-  و منه، عن عبد الله بن محمد الحجال عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن سدير قال قال أبو جعفر ع يا أبا الفضل إني لأعرف رجلا من المدينة أخذ قبل مطلع الشمس و قبل غروبها إلى الفئة التي قال الله وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ لمشاجرة كانت فيما بينهم فأصلح بينهم

10-  و منه، عن محمد بن عبد الله عن إسماعيل بن موسى عن أبيه عن جده   عن عمه عبد الصمد بن علي قال دخل رجل على علي بن الحسين ع فقال له علي بن الحسين من أنت قال أنا منجم قال فأنت عراف قال فنظر إليه ثم قال هل أدلك على رجل قدم مذ دخلت علينا في أربعة عشر عالما كل عالم أكبر من الدنيا ثلاث مرات لم يتحرك من مكانه قال من هو قال أنا و إن شئت أنبأتك بما أكلت و ادخرت في بيتك

11-  و منه، عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عن أبيه عن علي بن الحسين عن أمير المؤمنين ع قال إن لله بلدة خلف المغرب يقال لها جابلقا و في جابلقا سبعون ألف أمة ليس منها أمة إلا مثل هذه الأمة فما عصوا الله طرفة عين فما يعملون عملا و لا يقولون قولا إلا الدعاء على الأولين و البراءة منهما و الولاية لأهل بيت رسول الله ص

12-  و منه، عن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الجريري عن أبي عمران الأرمني عن الحسين بن الجارود عمن حدثه عن أبي عبد الله ع قال إن من وراء أرضكم هذه أرضا بيضاء ضوؤها منها فيها خلق يعبدون الله لا يشركون به شيئا يتبرءون من فلان و فلان

13-  و منه، عن أحمد بن موسى عن الحسين بن موسى الخشاب عن علي بن حسان عن عبد الرحيم بن كثير عن أبي عبد الله ع قال إن من وراء عين شمسكم هذه أربعين عين شمس فيها خلق كثير و إن من وراء قمركم أربعين قمرا فيها خلق كثير لا يدرون أن الله خلق آدم أم لم يخلقه ألهموا إلهاما لعنة فلان و فلان

14-  و منه، عن سلمة بن الخطاب عن سليمان بن سماعة و عبد الله بن محمد عن عبد الله بن القاسم عن سماعة يرفعه إلى الحسن و أبي الجارود و ذكراه عن أبي سعيد الهمداني قال قال الحسن بن علي ع إن لله مدينة في المشرق و مدينة في المغرب على كل واحد سور من حديد في كل سور سبعون ألف مصراع يدخل   من كل مصراع سبعون ألف لغة آدمي ليس منها لغة إلا مخالف الأخرى و ما منها لغة إلا و قد علمناها و ما فيهما و ما بينهما ابن نبي غيري و غير أخي و أنا الحجة عليهم

15-  و منه، عن أحمد بن الحسين عن علي بن الزيات عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان عن أبي الحسن ع قال سمعته يقول إن لله خلف هذا النطاق زبرجدة خضراء فمن خضرتها اخضرت السماء قال قلت و ما النطاق قال الحجاب و لله وراء ذلك سبعون ألف عالم أكثر من عدد الإنس و الجن و كلهم يلعن فلانا و فلانا

 بيان لعل المراد بالنطاق الجبال المحسوسة لنا و بالزبرجدة جبل قاف أو المراد بالنطاق ذلك الجبل و الزبرجدة خلفه و يحتمل على بعد السماء قال في النهاية في حديث العباس يمدح النبي ص. حتى احتوى بيتك المهيمن من. خندف علياء تحتها النطق. النطق جمع نطاق و هي أعراض من جبال بعضها فوق بعض أي نواح و أوساط منها شبهت بالنطق التي تشد بها أوساط الناس انتهى و في بعض الكتب النطاف بالفاء جمع نطفة و هي الماء الصافي أي خلف البحار فتفسيرها بالحجاب لأنها موانع من الوصول إلى ما وراءها لكنه بعيد. أقول أوردنا أخبارا كثيرة من هذا الباب في كتاب الحجة في باب أنهم الحجة على جميع العوالم

16-  جامع الأخبار، قال رسول الله ص إن موسى سأل ربه عز و جل   أن يعرفه بدء الدنيا منذ كم خلقت فأوحى الله تعالى إلى موسى تسألني عن غوامض علمي فقال يا رب أحب أن أعلم ذلك فقال يا موسى خلقت الدنيا منذ مائة ألف ألف عام عشر مرات و كانت خرابا خمسين ألف عام ثم بدأت في عمارتها فعمرتها خمسين ألف عام ثم خلقت فيها خلقا على مثال البقر يأكلون رزقي و يعبدون غيري خمسين ألف عام ثم أمتهم كلهم في ساعة واحدة ثم خربت الدنيا خمسين ألف عام ثم بدأت في عمارتها فمكثت عامرة خمسين ألف عام ثم خلقت فيها بحرا فمكث البحر خمسين ألف عام لا شي‏ء مجاجا من الدنيا يشرب ثم خلقت دابة و سلطتها على ذلك البحر فشربته بنفس واحد ثم خلقت خلقا أصغر من الزنبور و أكبر من البق فسلطت ذلك الخلق على هذه الدابة فلدغها و قتلها فمكثت الدنيا خرابا خمسين ألف عاما ثم بدأت في عمارتها فمكثت خمسين ألف سنة ثم جعلت الدنيا كلها آجام القصب و خلقت السلاحف و سلطتها عليها فأكلتها حتى لم يبق شي‏ء ثم أهلكتها في ساعة واحدة فمكثت الدنيا خرابا خمسين ألف عام ثم بدأت في عمارتها فمكثت عامرة خمسين ألف عام ثم خلقت ثلاثين آدم ثلاثين ألف سنة من آدم إلى آدم ألف سنة فأفنيتهم كلهم بقضائي و قدري ثم خلقت فيها خمسين ألف ألف مدينة من الفضة البيضاء و خلقت في كل مدينة مائة ألف ألف قصر من الذهب الأحمر فملأت المدن خردلا عند الهواء يومئذ ألذ من الشهد و أحلى من العسل و أبيض من الثلج ثم خلقت طيرا واحدا أعمى و جعلت طعامه في كل ألف سنة حبة من الخردل أكلها حتى فنيت ثم خربتها فمكثت خرابا خمسين ألف عام ثم بدأت في عمارتها فمكثت عامرة خمسين ألف عام ثم خلقت أباك آدم ع بيدي يوم الجمعة وقت الظهر و لم أخلق من الطين غيره و أخرجت من صلبه النبي محمدا

 بيان هذه من روايات المخالفين أوردها صاحب الجامع فأوردتها و لم أعتمد عليها

    -17  كتاب منتخب البصائر، و كتاب المحتضر، عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى و محمد بن عيسى اليقطيني عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن القاسم بن بريد عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله ع عن ميراث العلم ما مبلغه أ جوامع ما هو من هذا العلم أم تفسير كل شي‏ء من هذه الأمور التي نتكلم فيها فقال إن لله عز و جل مدينتين مدينة بالمشرق و مدينة بالمغرب فيهما قوم لا يعرفون إبليس و لا يعلمون بخلق إبليس نلقاهم في كل حين فيسألونا عما يحتاجون إليه و يسألونا عن الدعاء فنعلمهم و يسألونا عن قائمنا متى يظهر و فيهم عبادة و اجتهاد شديد و لمدينتهم أبواب ما بين المصراع إلى المصراع مائة فرسخ لهم تقديس و تمجيد و دعاء و اجتهاد شديد لو رأيتموهم لاحتقرتم عملكم يصلي الرجل منهم شهرا لا يرفع رأسه من سجدته طعامهم التسبيح و لباسهم الورق و وجوههم مشرقة بالنور إذا رأوا منا واحدا لحسوه و اجتمعوا إليه و أخذوا من أثره من الأرض يتبركون به لهم دوي إذا صلوا كأشد من دوي الريح العاصف منهم جماعة لم يضعوا السلاح منذ كانوا ينتظرون قائمنا يدعون الله عز و جل أن يريهم إياه و عمر أحدهم ألف سنة إذا رأيتهم رأيت الخشوع و الاستكانة و طلب ما يقربهم إلى الله عز و جل إذا احتبسنا عنهم ظنوا أن ذلك من سخط يتعاهدون أوقاتنا التي نأتيهم   فيها لا يَسْأَمُونَ و لا يَفْتُرُونَ يتلون كتاب الله عز و جل كما علمناهم و إن فيما نعلمهم ما لو تلي على الناس لكفروا به و لأنكروه يسألونا عن الشي‏ء إذا ورد عليهم من القرآن لا يعرفونه فإذا أخبرناهم به انشرحت صدورهم لما يستمعون منا و سألوا لنا طول البقاء و أن لا يفقدونا و يعلمون أن المنة من الله عليهم فيما نعلمهم عظيمة و لهم خرجة مع الإمام إذا قام يسبقون فيها أصحاب السلاح و يدعون الله عز و جل أن يجعلهم ممن ينتصر بهم لدينه فيهم كهول و شبان إذا رأى شاب منهم الكهل جلس بين يديه جلسة العبد لا يقوم حتى يأمره لهم طريق هم أعلم به من الخلق إلى حيث يريد الإمام ع فإذا أمرهم الإمام بأمر قاموا عليه أبدا حتى يكون هو الذي يأمرهم بغيره لو أنهم وردوا على ما بين المشرق و المغرب من الخلق لأفنوهم في ساعة واحدة لا يختل فيهم الحديد لهم سيوف من حديد غير هذا الحديد لو ضرب أحدهم بسيفه جبلا لقده حتى يفصله و يغزو بهم الإمام ع الهند و الديلم و الكرد و الروم و بربر و فارس و بين جابرسا إلى جابلقا و هما مدينتان واحدة بالمشرق و واحدة بالمغرب لا يأتون على أهل دين إلا دعوهم إلى الله عز و جل و إلى الإسلام و الإقرار بمحمد ص و التوحيد و ولايتنا أهل البيت فمن أجاب منهم و دخل في الإسلام تركوه و أمروا عليه أميرا منهم و من لم يجب و لم يقر بمحمد ص و لم يقر بالإسلام و لم يسلم قتلوه حتى لا يبقى بين المشرق و المغرب و ما دون الجبل أحد إلا آمن

18-  البصائر، للصفار عن أحمد بن محمد بن الحسين عن أحمد بن إبراهيم عن عمار عن إبراهيم بن الحسين عن بسطام عن عبد الله بن بكير عن عمر بن يزيد عن هشام الجواليقي عن أبي عبد الله ع قال إن لله مدينة خلف البحر سعتها مسيرة أربعين يوما للشمس فيها قوم لم يعصوا الله قط و لا يعرفون إبليس إلى آخر الخبر

 بيان كان حديث محمد بن مسلم حديثان سقط من الراوي أو الناسخ آخر   الأول و أول الثاني و آخر الأول ما تقدم بهذا السند في كتاب الإمامة

 حيث قال من هذه الأمور التي يتكلم فيها الناس من الطلاق و الفرائض فقال إن عليا ع كتب العلم كله القضاء و الفرائض فلو ظهر أمرنا فلم يكن شي‏ء إلا و فيه سنة نمضيها

و صدر الثاني ما ذكرناه برواية الصفار. و اللحس أخذ الشي‏ء باللسان و لعل المراد به هنا بيان اهتمامهم في أخذ العلم كأنهم يريدون أن يأخذوا جميع علمه كما أن من يلحس القصعة يأخذ جميع ما فيه و في بعض النسخ لحبسوه أي للاستفادة قوله لا يختل فيهم الحديد أي لا ينفذ إما افتعال من قولهم اختله بالرمح أي نفذه و انتظمه و تخلله به طعنة إثر أخرى أو من الختل بمعنى الخديعة مجازا و في بعض النسخ لا يحتك من الحك أي لا يعمل فيهم شيئا قليلا و في بعضها لا يحيك بالياء من حاك السيف أي أثر و هو أظهر و المراد بالجبل هو المحيط بالدنيا

19-  منتخب البصائر، عن سعد عن الحسين بن عبد الصمد عن الحسن بن علي عن ابن أبي عمير عن أبي الهيثم خالد الأرمني عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال إن لله عز و جل مدينة بالمشرق اسمها جابلقا لها اثنا عشر ألف باب من ذهب بين كل باب إلى صاحبه مسيرة فرسخ على كل باب برج فيه اثنا عشر ألف مقاتل يهلبون الخيل و يشحذون السيوف و السلاح ينتظرون قيام قائمنا و إن لله عز و جل بالمغرب مدينة يقال لها جابرسا لها اثنا عشر ألف باب من ذهب بين كل باب إلى صاحبه مسيرة فرسخ على كل باب برج فيه اثنا عشر ألف مقاتل يهلبون الخيل و يشحذون السلاح و السيوف ينتظرون قائمنا و أنا الحجة عليهم

 بيان الهلب بالضم ما غلظ من شعر أو شعر الذنب و هلبه نتف هلبه كهلبه و يقال شحذ السكين كمنع أي أحدها كأشحذها

20-  الكافي، عن الحسين بن محمد عن المعلى عن أحمد بن محمد بن عبد الله   عن العباس بن العلا عن مجاهد عن ابن عباس قال سئل أمير المؤمنين ع عن الخلق فقال خلق الله ألفا و مائتين في البر و ألفا و مائتين في البحر و أجناس بني آدم سبعون جنسا و الناس ولد آدم ما خلا يأجوج و مأجوج

21-  و منه، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن عبد الله بن سنان عن أبي حمزة قال قال لي أبو جعفر ع ليلة و أنا عنده و نظر إلى السماء فقال يا أبا حمزة هذه قبة أبينا آدم ع و إن لله عز و جل سواها تسعا و ثلاثين قبة فيها خلق ما عصوا الله طرفة عين

22-  و منه، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبي يحيى الواسطي عن عجلان بن صالح قال دخل رجل على أبي عبد الله ع فقال له جعلت فداك هذه قبة آدم قال نعم و لله قباب كثيرة أ لا إن خلف مغربكم هذا تسعة و ثلاثون مغربا أرضا بيضاء مملوة خلقا يستضيئون بنوره لم يعصوا الله عز و جل طرفة عين ما يدرون خلق آدم أم لم يخلق يبرءون من فلان و فلان

23-  الخرائج، بإسناده عن محمد بن عيسى بن عبيد عن زكريا المؤمن عن حسان الجمال عن أبي داود السبيعي عن بريدة الأسلمي عن رسول الله   ص أنه قال يا علي إن الله أشهدك معي سبعة مواطن فذكرها حتى الموطن الثاني فقال أتاني جبرئيل فأسري بي إلى السماء فقال أين أخوك فقلت أودعته خلفي فقال ادع الله أن يأتيك به فدعوت الله فإذا أنت معي و كشط لي عن السماوات السبع و الأرضين السبع حتى رأيت سكانها و عمارها و موضع كل ملك فيها فلم أر من ذلك شيئا إلا و قد رأيته

24-  أقول روى البرسي في مشارق الأنوار عن الثمالي عن علي بن الحسين ع قال إن الله خلق محمدا و عليا و الطيبين من ذريتهما من نور عظمته و أقامهم أشباحا قبل المخلوقات ثم قال أ تظن أن الله لم يخلق خلقا سواكم بلى و الله لقد خلق الله ألف ألف آدم و ألف ألف عالم و أنت و الله في آخر تلك العوالم

25-  و روي من كتاب الواحدة عن الصادق ع أن لله مدينتين إحداهما بالمغرب و الأخرى بالمشرق يقال لهما جابلقا و جابرسا طول كل مدينة منهما اثنا عشر ألف فرسخ في كل فرسخ باب يدخلون في كل يوم من كل باب سبعون ألفا و يخرج منها مثل ذلك و لا يعودون إلى يوم القيامة لا يعلمون أن الله خلق آدم و لا إبليس و لا شمس و لا قمر هم و الله أطوع لنا منكم يأتونا بالفاكهة في غير أوانها موكلين بلعنة فرعون و هامان و قارون

26-  و روي عن ابن عباس عن أمير المؤمنين ع أنه قال إن من وراء قاف عالما لا يصل إليه أحد غيري و أنا المحيط بما وراءه و علمي به كعلمي بدنياكم هذه و أنا الحفيظ الشهيد عليها و لو أردت أن أجوب الدنيا بأسرها و السماوات السبع و الأرضين في أقل من طرفة عين لفعلت لما عندي من الاسم الأعظم و أنا الآية العظمى و المعجز الباهر

27-  و روي أيضا قال قال أمير المؤمنين ع ذات يوم آه لو أجد له حملة قال فقام إليه رجل في عنقه كتاب فقال رافعا صوته أيها المدعي ما لا يعلم و المتقلد ما لا يفهم إني سائلك فأجب قال فوثب إليه أصحاب علي ع ليقتلوه فقال   لهم أمير المؤمنين ع دعوه لأن حجج الله لا تقوم بالطيش و لا بالباطل تظهر براهين الله ثم التفت إلى الرجل و قال سل بكل لسانك فإني مجيب إن شاء الله فقال كم بين المشرق و المغرب فقال مسافة الهواء قال فكم مسافة الهواء قال دوران الفلك فقال كم دوران الفلك قال مسيرة يوم للشمس قال الرجل صدقت فمتى القيامة قال عند حضور المنية و بلوغ الأجل قال صدقت فكم عمر الدنيا قال يقال سبعة آلاف ثم لا تحديد قال صدقت فأين مكة من بكة قال مكة أكناف الحرم و بكة مكان البيت قال و لم سميت مكة مكة قال لأن الله مك الأرض من تحتها أي دحاها قال فلم سميت بكة قال لأنها بكت عيون الجبارين و المذنبين قال صدقت قال و أين كان الله قبل خلق عرشه فقال أمير المؤمنين ع سبحان من لا يدرك كنه صفته حملة عرشه على قرب زمراتهم من كراسي كرامته و لا الملائكة المقربون من أنوار سبحات جلاله ويحك لا يقال لم و لا كيف و لا أين و لا متى و لا بم و لا مم و لا حيث و لا أنى فقال الرجل صدقت فكم مقدار ما لبث العرش على الماء قبل خلق الأرض و السماء فقال أ تحسن أن تحسب فقال نعم فقال أمير المؤمنين ع أ فرأيت لو صبت في الأرض خردل حتى سد الهواء و ملأ ما بين الأرض و السماء ثم أذن لك على ضعفك أن تنقله حبة حبة من المشرق إلى المغرب ثم مد لك في العمر حتى نقلته و أحصيته لكان ذلك أيسر من إحصاء ما لبث العرش على الماء قبل خلق الأرض و السماء و إنما وصفت لك جزءا من عشر عشير ما لبث العرش على الماء قبل خلق الأرض و السماء و إنما وصفت لك جزءا من عشر عشير من جزء من مائة ألف جزء و أستغفر الله من التقليل في التحديد قال فحرك الرجل   رأسه و قال أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله

28-  المحتضر، بإسناده قال خطب أمير المؤمنين ع فقال سلوني فإني لا أسأل عن شي‏ء دون العرش إلا أجبت فيه لا يقولها بعدي إلا جاهل مدع أو كذاب مفتر فقام رجل ثم ذكر نحوه

29-  و قال البرسي روى الرازي في كتابه المسمى بمفاتيح الغيب قال قال رسول الله ص ليلة أسري بي إلى السماء رأيت في السماء السابعة ميادين كميادين أرضكم هذه و رأيت أفواجا من الملائكة يطيرون لا يقف هؤلاء لهؤلاء و لا هؤلاء لهؤلاء قال فقلت لجبرئيل من هؤلاء فقال لا أعلم فقلت من أين جاءوا فقال لا أعلم فقلت و أين يمضون فقال لا أعلم فقلت سلهم فقال لا أقدر و لكن سلهم أنت يا حبيب الله قال فاعترضت ملكا منهم فقلت له ما اسمك فقال كيكائيل فقلت من أين أتيت فقال لا أعلم فقلت و أين تمضي فقال لا أعلم فقلت و كم لك في السير فقال لا أعلم غير أني يا حبيب الله أعلم أن الله سبحانه يخلق في كل ألف سنة كوكبا و قد رأيت ستة آلاف كوكب خلقن و أنا في السير

30-  النجوم، قال ذكر محمد بن علي مؤلف كتاب الأنبياء و الأوصياء روي أن رجلا أتى علي بن الحسين ع و عنده أصحابه فقال له ممن الرجل قال أنا منجم قائف عراف فنظر إليه ثم قال هل أدلك على رجل قد مر منذ يوم دخلت علينا في أربعة آلاف عالم قال من هو قال أما الرجل فلا أذكره و لكن إن شئت أخبرتك بما أكلت و ادخرت في بيتك قال نبئني قال أكلت في هذا اليوم حيسا فأما في بيتك فعشرون دينارا منها ثلاثة دنانير وازنة فقال له الرجل أشهد أنك الحجة العظمى و الْمَثَلُ الْأَعْلى و كلمة التقوى فقال له و أنت صديق امتحن الله قلبك بالإيمان و أثبت

 بيان أراد بالرجل نفسه ع و الحيس تمر ينزع نواه و يدق مع أقط و يعجنان بالسمن ثم يدلك باليد حتى يبقى كالتريد و الوازنة الكاملة الوزن أو   الصحيحة الوزن التي توزن بها غيرها قال في المصباح المنير وزن الشي‏ء نفسه ثقل فهو وازن

31-  أقول وجدت في كتاب من كتب قدماء الأصحاب في نوادر المعجزات بإسناده إلى الصدوق عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن زكريا عن أبي المعافا عن وكيع عن زاذان عن سلمان قال كنا مع أمير المؤمنين ع و نحن نذكر شيئا من معجزات الأنبياء فقلت له يا سيدي أحب أن تريني ناقة ثمود و شيئا من معجزاتك قال أفعل ثم وثب فدخل منزله و خرج إلي و تحته فرس أدهم و عليه قباء أبيض و قلنسوة بيضاء و نادى يا قنبر أخرج إلي ذلك الفرس فأخرج فرسا أغر أدهم فقال لي اركب يا أبا عبد الله قال سلمان فركبته فإذا له جناحان ملتصقان إلى جنبه فصاح به الإمام فتحلق في الهواء و كنت أسمع خفيق أجنحة الملائكة تحت العرش ثم خطرنا على ساحل بحر عجاج مغطمط الأمواج فنظر إليه الإمام شزرا فسكن البحر فقلت يا سيدي سكن البحر من غليانه من نظرك إليه فقال يا سلمان حسبني أني آمر فيه بأمر ثم قبض على يدي و سار على وجه الماء و الفرسان يتبعاننا لا يقودهما أحد فو الله ما ابتلت أقدامنا و لا حوافر الخيل فعبرنا ذلك البحر و وقعنا إلى جزيرة كثيرة الأشجار و الأثمار و الأطيار و الأنهار و إذا شجرة عظيمة بلا ثمر بل ورد و زهر فهزها بقضيب كان في يده فانشقت و خرج منها ناقة طولها ثمانون ذراعا و عرضها أربعون ذراعا خلفها فصيل فقال لي ادن منها و اشرب من لبنها فدنوت و شربت حتى رويت و كان أعذب من الشهد و ألين من الزبد و قد اكتفيت قال هذا حسن قلت حسن يا سيدي قال تريد أن أريك أحسن منها فقلت نعم يا سيدي قال يا سلمان ناد اخرجي يا حسناء فناديت فخرجت ناقة طولها مائة و عشرون ذراعا و عرضها ستون ذراعا من الياقوت الأحمر و زمامها من الياقوت الأصفر و جنبها الأيمن من الذهب و جنبها الأيسر من الفضة و ضرعها من اللؤلؤ الرطب فقال يا سلمان   اشرب من لبنها قال سلمان فالتقمت الضرع فإذا هي تحلب عسلا صافيا محضا فقلت يا سيدي هذه لمن قال هذه لك و لسائر الشيعة من أوليائي ثم قال لها ارجعي فرجعت من الوقت و سار بي في تلك الجزيرة حتى ورد بي إلى شجرة عظيمة و في أصلها مائدة عظيمة عليها طعام تفوح منه رائحة المسك و إذا بطائر في صورة النسر العظيم قال فوثب ذلك الطير فسلم عليه و رجع إلى موضعه فقلت يا سيدي ما هذه المائدة قال هذه مائدة منصوبة في هذا الموضع للشيعة من موالي إلى يوم القيامة فقلت ما هذا الطائر فقال ملك موكل بها فقلت وحده يا سيدي فقال يجتاز به الخضر في كل يوم مرة ثم قبض على يدي فسار بي إلى بحر ثان فعبرنا و إذا بجزيرة عظيمة فيها قصر لبنة من الذهب و لبنة من الفضة البيضاء و شرفه العقيق الأصفر و على كل ركن من القصر سبعون صنفا من الملائكة فجلس الإمام على ذلك الركن و أقبلت الملائكة تأتي و تسلم عليه ثم أذن لهم فرجعوا إلى مواضعهم قال سلمان ثم دخل ع إلى القصر فإذا فيه أشجار و أنهار و أطيار و ألوان النبات فجعل الإمام يمشي فيه حتى وصل إلى آخره فوقف على بركة كانت في البستان ثم صعد إلى سطحه فإذا كراسي من الذهب الأحمر فجلس عليه و أشرفنا منه فإذا بحر أسود يغطمط بأمواجه كالجبال الراسيات فنظر إليه شزرا فسكن من غليانه حتى كان كالمذيب فقلت يا سيدي سكن البحر من غليانه لما نظرت إليه قال حسبني أني آمر فيه بأمر أ تدري يا سلمان أي بحر هذا فقلت لا يا سيدي فقال هذا البحر الذي غرق فيه فرعون و قومه إن المدينة حملت على معاقل جناح جبرئيل ثم رمى بها في هذا البحر فهويت لا تبلغ قراره إلى يوم القيامة فقلت يا سيدي هل سرنا فرسخين فقال يا سلمان لقد سرت خمسين ألف فرسخ و درت حول الدنيا عشرين مرة فقلت يا سيدي فكيف هذا فقال يا سلمان إذا كان ذو القرنين طاف

   شرقها و غربها و بلغ إلى سد يأجوج و مأجوج فأنى يتعذر علي و أنا أخو سيد المرسلين و أمين رب العالمين و حجته على خلقه أجمعين يا سلمان أ ما قرأت قول الله تعالى حيث قال عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فقلت بلى يا سيدي فقال يا سلمان أنا المرتضى من الرسول الذي أظهره على غيبه أنا العالم الرباني أنا الذي هون الله علي الشدائد و طوى لي البعيد قال سلمان فسمعت صائحا يصيح في السماء نسمع الصوت و لا نرى الشخص يقول صدقت صدقت أنت الصادق المصدق ثم وثب فركب الفرس و ركبت معه و صاح به فتحلق في الهواء ثم حضرنا بأرض الكوفة هذا و ما مضى من الليل ثلاث ساعات فقال يا سلمان الويل ثم الويل على من لا يعرفنا حق معرفتنا و أنكر ولايتنا يا سلمان أيما أفضل محمد أم سليمان بن داود قلت بل محمد فقال يا سلمان فهذا آصف بن برخيا قدر أن يحمل عرش بلقيس من اليمن إلى بيت المقدس في طرفة عين و عنده علم الكتاب و لا أفعل ذلك و عندي علم مائة ألف كتاب و أربعة و عشرين ألف كتاب أنزل منها على شيث بن آدم خمسين صحيفة و على إدريس ثلاثين صحيفة و على إبراهيم عشرين صحيفة و التوراة و الإنجيل و الزبور فقلت صدقت يا سيدي قال الإمام ع اعلم يا سلمان إن الشاك في أمورنا و علومنا كالممتري في معرفتنا و حقوقنا و قد فرض الله عز و جل ولايتنا في كتابه و بين فيه ما أوجب العمل به و هو غير مكشوف

 بيان قال في النهاية كان يخطر في مشيته أي يتمايل و يمشي مشية المعجب انتهى و الغطمطة اضطراب أمواج البحر و الشزر نظر الغضبان بمؤخر العين و أقول الخبر في غاية الغرابة و لا أعتمد عليه لعدم كونه مأخوذا من أصل معتبر و إن نسب إلى الصدوق ره

    -32  البصائر، عن محمد بن الحسين عن علي بن سعدان عن عبد الله بن القاسم عن عمر بن أبان الكلبي عن أبان بن تغلب قال كنت عند أبي عبد الله ع حيث دخل عليه رجل من علماء أهل اليمن فقال أبو عبد الله يا يماني أ فيكم علماء قال نعم قال فأي شي‏ء يبلغ من علم علمائكم قال إنه ليسير في ليلة واحدة مسيرة شهرين يزجر الطير و يقفو الآثار فقال له فعالم المدينة أعلم من عالمكم قال فأي شي‏ء يبلغ من علم عالمكم بالمدينة قال إنه يسير في صباح واحد مسير سنة كالشمس إذا أمرت إنها اليوم غير مأمورة و لكن إذا أمرت تقطع اثني عشر شمسا و اثني عشر قمرا و اثني عشر مشرقا و اثني عشر مغربا و اثني عشر برا و اثني عشر بحرا و اثني عشر عالما قال فما بقي في يدي اليماني فما درى ما يقول و كف أبو عبد الله ع

 بيان لعل المراد بسير اليماني مسيرة شهرين الحكم بحسب النجوم في ليلة واحدة على قدر مسيرة شهرين من البلاد و أهلها و يؤيده أن في الاحتجاج هكذا إن عالمهم ليزجر الطير و يقفو الأثر في ساعة واحدة مسيرة شهر للراكب المحث و لعل المراد بقفو الأثر الحكم بأوضاع النجوم و حركاتها و بزجر الطير ما كان بين العرب من الاستدلال بحركات الطيور و أصواتها على الحوادث

33-  البصائر، عن الحسين بن أحمد عن سلمة عن الحسن بن علي بن   بقاح عن ابن جبلة عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله ع فقال لي حوض ما بين بصرى إلى صنعاء أ تحب أن تراه قلت نعم جعلت فداك قال فأخذ بيدي و أخرجني إلى ظهر المدينة ثم ضرب برجله فنظرت إلى نهر يجري لا يدرك حافتاه إلا الموضع الذي أنا فيه قائم فإنه شبيه بالجزيرة فكنت أنا و هو وقوفا فنظرت إلى نهر جانبه ماء أبيض من الثلج و من جانبه هذا لبن أبيض من الثلج و في وسط خمر أحسن من الياقوت فما رأيت شيئا أحسن من تلك الخمر بين اللبن و الماء فقلت له جعلت فداك من أين يخرج هذا و ما مجراه فقال هذه العيون التي ذكرها الله في كتابه أنهار في الجنة عين من ماء و عين من لبن و عين من خمر تجري في هذا النهر و رأيت حافته عليه شجر فيهن حور معلقات برءوسهن شعر ما رأيت شيئا أحسن منهن و بأيديهن آنية ما رأيت آنية أحسن منها ليست من آنية الدنيا فدنا من إحداهن فأومأ بيده لتسقيه فنظرت إليها و قد مالت لتغرف من النهر فمال الشجر معها فاغترفت فمالت الشجرة معها ثم ناولته فناولني فشربت فما رأيت شرابا كان ألين منه و لا ألذ منه و كانت رائحته رائحة المسك فنظرت في الكأس فإذا فيه ثلاثة ألوان من الشراب فقلت له جعلت فداك ما رأيت كاليوم قط و لا كنت أرى أن الأمر هكذا فقال لي هذا أقل ما أعده الله لشيعتنا إن المؤمن إذا توفي صارت روحه إلى هذا النهر و رعت في رياضه و شربت من شرابه و إن عدونا إذا توفي صارت روحه إلى وادي برهوت فأخلدت في عذابه و أطعمت من زقومه و أسقيت من حميمه فاستعيذوا بالله من ذلك الوادي

34-  و منه، عن أحمد بن محمد عن ابن سنان عن أبي خالد و أبي سلام عن   سورة عن أبي جعفر ع قال أما إن ذا القرنين قد خير بين السحابين فاختار الذلول ذخر لصاحبكم الصعب قال قلت و ما الصعب قال ما كان من سحاب فيه رعد و صاعقة أو برق فصاحبكم يركبه أما إنه سيركب السحاب و يرقى في الأسباب أسباب السماوات السبع و الأرضين السبع خمس عوامر و اثنتان خرابان

35-  و منه، عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن سماعة بن مهران عن أبي بصير عن أبي جعفر ع أنه قال إن عليا ع ملك ما في الأرض و ما تحتها فعرضت له السحابان الصعب و الذلول فاختار الصعب و كان في الصعب ملك ما تحت الأرض و في الذلول ملك ما فوق الأرض و اختار الصعب على الذلول فدارت به سبع أرضين فوجد ثلاث خراب و أربع عوامر

36-  من بعض مؤلفات القدماء من القاضي أبي الحسن الطبري عن سعيد بن يونس المقدسي عن المبارك عن خالص بن أبي سعيد عن وهب الجمال عن عبد المنعم بن سلمة عن وهب الرائدي عن يونس بن ميسرة عن الشيخ المعتمر الرقي رفعه إلى أبي جعفر ميثم التمار قال كنت بين يدي مولاي أمير المؤمنين ع إذ دخل غلام و جلس في وسط المسلمين فلما فرغ من الأحكام نهض إليه الغلام و قال يا أبا تراب أنا إليك رسول جئتك برسالة تزعزع لها الجبال من رجل حفظ كتاب الله من أوله إلى آخره و علم علم القضايا و الأحكام و هو أبلغ منك في الكلام و أحق منك بهذا المقام فاستعد للجواب و لا تزخرف المقال فلاح الغضب في وجه أمير المؤمنين ع و قال لعمار اركب جملك و طف في قبائل الكوفة و قل لهم أجيبوا عليا ليعرفوا الحق من الباطل   و الحلال و الحرام و الصحة و السقم فركب عمار فما كان إلا هنيهة حتى رأيت العرب كما قال الله تعالى إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ فضاق جامع الكوفة و تكاثف الناس تكاثف الجراد على الزرع الغض في أوانه و نهض العالم الأروع و البطل الأنزع و رقي في المنبر و راقى ثم تنحنح فسكت جميع من في الجامع فقال رحم الله من سمع فوعى أيها الناس من يزعم أنه أمير المؤمنين و الله لا يكون الإمام إماما حتى يحيي الموتى أو ينزل من السماء مطرا أو يأتي بما يشاكل ذلك مما يعجز عنه غيره و فيكم من يعلم أني الآية الباقية و الكلمة التامة و الحجة البالغة و لقد أرسل إلي معاوية جاهلا من جاهلية العرب عجرف في مقاله و أنتم تعلمون لو شئت لطحنت عظامه طحنا و نسفت الأرض من تحته نسفا و خسفتها عليه خسفا ألا إن احتمال الجاهل صدقة ثم حمد الله و أثنى عليه و صلى على النبي ص و أشار بيده إلى الجو فدمدم و أقبلت غمامة و علت سحابة و سمعنا منها نداء يقول السلام عليك يا أمير المؤمنين و يا سيد الوصيين و يا إمام المتقين و يا غياث المستغيثين و يا كنز المساكين و معدن الراغبين و أشار إلى السحابة فدنت قال ميثم فرأيت الناس كلهم قد أخذتهم السكرة فرفع رجله و ركب السحابة و قال لعمار اركب معي و قل بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها فركب عمار و غابا عن أعيننا فلما كان بعد ساعة أقبلت سحابة حتى أظلت جامع الكوفة فالتفت فإذا مولاي جالس على دكة القضاء و عمار بين يديه و الناس حافون به ثم قام و صعد المنبر و أخذ بالخطبة المعروفة بالشقشقية فلما فرغ اضطرب الناس و قالوا فيه أقاويل مختلفة فمنهم من زاده الله إيمانا و يقينا و منهم من زاده كفرا و طغيانا قال عمار قد طارت بنا السحابة في الجو فما كان هنيهة حتى أشرفنا على بلد كبير حواليها أشجار و أنهار فنزلت بنا السحابة و إذا نحن في مدينة كبيرة و   الناس يتكلمون بكلام غير العربية فاجتمعوا عليه و لاذوا به فوعظهم و أنذرهم بمثل كلامهم ثم قال يا عمار اركب ففعلت ما أمرني فأدركنا جامع الكوفة ثم قال لي يا عمار تعرف البلدة التي كنت فيها قلت الله أعلم و رسوله و وليه قال كنا في الجزيرة السابعة من الصين أخطب كما رأيتني إن الله تبارك و تعالى أرسل رسوله إلى كافة الناس و عليه أن يدعوهم و يهدي المؤمنين منهم إلى الصراط المستقيم و اشكر ما أوليتك من نعمة و اكتم من غير أهله فإن لله تعالى ألطافا خفية في خلقه لا يعلمها إلا هو و من ارتضى من رسول ثم قالوا أعطاك الله هذه القدرة الباهرة و أنت تستنهض الناس لقتال معاوية فقال إن الله تعبدهم بمجاهدة الكفار و المنافقين و الناكثين و القاسطين و المارقين و الله لو شئت لمددت يدي هذه القصيرة في أرضكم هذه الطويلة و ضربت بها صدر معاوية بالشام و أجذب بها من شاربه أو قال من لحيته فمد يده و ردها و فيها شعرات كثيرة فتعجبوا من ذلك ثم وصل الخبر بعد مدة أن معاوية سقط من سريره في اليوم الذي كان ع مد يده و غشي عليه ثم أفاق و افتقد من شاربه و لحيته شعرات

 بيان الأروع من الرجال الذي يعجبك حسنه و العجرفة الخرق و قلة المبالاة و يقال دمدم عليه أي كلمه مغضبا

37-  كتاب الحسين بن عثمان، عن أبي عبد الله ع قال تقول الجنة يا رب ملأت النار كما وعدتها فاملأني كما وعدتني قال فيخلق الله خلقا يومئذ فيدخلهم الجنة ثم قال أبو عبد الله ع طوبى لهم لم يروا أهوال الدنيا و لا غمومها

38-  الدر المنثور، عن ابن جريج في قوله وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ الآية قال بلغني أن بني إسرائيل لما قتلوا أنبياءهم و كفروا و كانوا اثني عشر سبطا تبرأ سبط منهم مما صنعوا و اعتذروا و سألوا الله أن يفرق بينهم و بينهم ففتح الله لهم نفقا في الأرض فساروا فيه حتى خرجوا من وراء الصين فهم هنالك حنفاء مسلمين يستقبلون قبلتنا قال ابن جريج قال ابن عباس فذلك قوله وَ قُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ   اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً و وعد الآخرة عيسى ابن مريم قال ابن عباس ساروا في السرب سنة و نصفا

39-  و عن مقاتل قال إن مما فضل الله به محمدا ص أنه عاين ليلة المعراج قوم موسى الذين من وراء الصين و ذلك أن بني إسرائيل حين عملوا بالمعاصي و قتلوا الذين يأمرون بالقسط من الناس دعوا ربهم و هم بالأرض المقدسة فقالوا اللهم أخرجنا من بين أظهرهم فاستجاب لهم فجعل سربا في الأرض فدخلوا عليه و جعل معهم نهرا يجري و جعل لهم مصباحا من نور من بين أيديهم فساروا فيه سنة و نصفا و ذلك من بيت المقدس إلى مجلسهم الذي هم فيه فأخرجهم الله إلى الأرض تجتمع فيها الهوام و البهائم و السباع مختلطين بها ليست فيها ذنوب و لا معاص فأتاهم النبي ص تلك الليلة و معه جبرئيل فآمنوا به و صدقوه و علمهم الصلاة و قالوا إن موسى قد بشرهم به

40-  و عن السدي في قوله وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ قال بينكم و بينهم نهر من سهل يعني من رمل يجري

41-  و عن صفوان بن عمرو قال هم الذين قال الله وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ يعني سبطا من أسباط بني إسرائيل يوم الملحمة العظمى ينصرون الإسلام و أهله

42-  و عن الشعبي قال إن لله عبادا من وراء الأندلس لا يرون أن الله عصاه مخلوق رضراضهم الدر و الياقوت و جبالهم الذهب و الفضة لا يزرعون و لا يحصدون و لا يعملون عملا لهم شجر على أبوابهم لها أوراق عراض هي لبوسهم   و لهم شجر على أبوابهم لها ثمر فمنها يأكلون

43-  و عن بعض أئمة الكوفة قال قام ناس من أصحاب رسول الله ص فقصد نحوهم فسكتوا فقال ما كنتم تقولون قالوا نظرنا إلى الشمس فتفكرنا فيها من أين تجي‏ء و أين تذهب و تفكرنا في خلق الله فقال كذلك فافعلوا و تفكروا في خلق الله و لا تفكروا في الله فإن لله تعالى وراء المغرب أرضا بيضاء بياضها و نورها مسيرة الشمس أربعين يوما فيها خلق من خلق الله لم يعصوا الله طرفة عين قيل يا نبي الله من ولد آدم هم قال ما يدرون خلق آدم أم لم يخلق قيل يا نبي الله فأين إبليس عنهم قال ما يدرون خلق إبليس أم لم يخلق

44-  و عن ابن عباس قال دخل علينا رسول الله ص و نحن في المسجد حلق حلق فقال لنا فيم أنتم قلنا نتفكر في الشمس كيف طلعت و كيف غربت قال أحسنتم كونوا هكذا تفكروا في المخلوق و لا تفكروا في الخالق فإن الله خلق ما شاء لما شاء و تعجبون من ذلك أن من وراء قاف سبع بحار كل بحار خمسمائة عام و من وراء ذلك سبع أرضين يضي‏ء نورها لأهلها و من وراء ذلك سبعين ألف أمة خلقوا على أمثال الطير هو و فرخه في الهواء لا يفترون عن تسبيحة واحدة و من وراء ذلك سبعين ألف أمة خلقوا من ريح فطعامهم ريح و شرابهم ريح و ثيابهم من ريح و آنيتهم من ريح و دوابهم من ريح لا تستقر حوافر دوابهم إلى الأرض إلى قيام الساعة أعينهم في صدورهم ينام أحدهم نومة واحدة ينتبه و رزقه عند رأسه و من وراء ذلك ظل العرش و في ظل العرش سبعون ألف أمة ما يعلمون أن الله خلق آدم و لا ولد آدم و لا إبليس و لا ولد إبليس و هو قوله وَ يَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ

45-  و عن ابن عباس في قوله تعالى وَ الْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ قال الأنام الخلق و هم ألف أمة ستمائة في البحر و أربعمائة في البر

    أقول أوردت أخبارا كثيرة من هذا الباب في المجلد السابع في باب أنهم الحجة على جميع العوالم و جميع المخلوقات

46-  و روى الكفعمي و البرسي في فضل الدعاء المعروف بالجوشن الكبير بإسناديهما عن موسى بن جعفر عن آبائه ع عن النبي ص أنه قال له جبرئيل و الذي بعثك بالحق نبيا إن خلف المغرب أرضا بيضاء فيها خلق من خلق الله يعبدونه و لا يعصونه و قد تمزقت لحومهم و وجوههم من البكاء فأوحى الله إليهم لم تبكون و لم تعصوني طرفة عين قال نخشى أن يغضب الله علينا و يعذبنا بالنار قال علي ع قلت يا رسول الله ليس هناك إبليس أو أحد من بني آدم فقال و الذي بعثني بالحق نبيا ما يعلمون أن الله خلق آدم و لا إبليس و لا يحصي عددهم إلا الله و مسير الشمس في بلادهم أربعون يوما لا يأكلون و لا يشربون الخبر

تذنيب

اعلم أن الأخبار الواردة في هذا الباب غريبة و بعضها غير معتبرة الأسانيد كروايات البرسي و جامع الأخبار و المأخوذ من الكتاب القديم و بعضها معتبرة مأخوذة من أصول القدماء و ليس ما تتضمنها بعيدا من قدرة الله تعالى   و جابلقا و جابرسا ذكرهما اللغويون على وجه آخر قال الفيروزآبادي جابلص بفتح الباء و اللام أو سكونها بلد بالمغرب و ليس وراءه إنسي   و جابلق بلد بالمشرق انتهى و يقال إن فيهما أو في إحداهما أصحاب القائم ع و الصوفية و المتألهون من الحكماء أولوا أكثر هذه الأخبار بعالم المثال قال شارح المقاصد ذهب بعض المتألهين من الحكماء و نسب إلى القدماء أن بين عالمي المحسوس و المعقول واسطة تسمى عالم المثل ليس في تجرد المجردات و لا في مخالطة الماديات و فيه لكل موجود من المجردات و الأجسام و الأعراض و الحركات و السكنات و الأوضاع و الهيئات و الطعوم و الروائح مثال قائم بذاته معلق لا في مادة و محل يظهر للحس بمعونة مظهر كالمرآة و الخيال و الماء و الهواء و نحو ذلك و قد ينتقل من مظهر إلى مظهر و قد يبطل كما إذا فسدت المرآة و الخيال أو زالت المقابلة أو التخيل و بالجملة هو عالم عظيم الفسحة غير متناه يحذو حذو العالم الحسي في دوام حركة أفلاكه المثالية و قبول عناصره و مركباته آثار حركات أفلاكه و إشراقات العالم العقلي و هذا ما قال الأقدمون أن في الوجود عالما مقداريا غير العالم الحسي لا يتناهى عجائبه و لا تحصى مدنه و من جملة تلك المدن جابلقا و جابرسا و هما مدينتان عظيمتان لكل منهما ألف باب لا يحصى ما فيها من الخلائق و من هذا عالم يكون فيه الملائكة   و الجن و الشياطين و الغيلان لكونها من قبيل المثل أو النفوس الناطقة المفارقة الظاهرة فيها و به يظهر المجردات في صور مختلفة بالحسن و القبح و اللطافة و الكثافة و غير ذلك بحسب استعداد القابل و الفاعل و عليه بنوا أمر المعاد الجسماني فإن البدن المثالي الذي يتصرف فيه النفس حكمه حكم البدن الحسي في أن له جميع الحواس الظاهرة و الباطنة فيلتذ و يتألم باللذات و الآلام الجسمانية و أيضا تكون من الصور المعلقة نورانية فيها نعيم السعداء و ظلمانية فيها عذاب الأشقياء و كذا أمر المنامات و كثير من الإدراكات فإن جميع ما يرى في المنام أو التخيل في اليقظة بل نشاهد في الأمراض و عند غلبة الخوف و نحو ذلك من الصور المقدارية التي لا تحقق لها في عالم الحس كلها من عالم المثل و كذا كثير من الغرائب و خوارق العادات كما يحكى عن بعض الأولياء أنه مع إقامته ببلدته كان من حاضري المسجد الحرام أيام الحج و أنه ظهر من بعض جدران البيت أو خرج من بيت مسدود الأبواب و الكواء و أنه أحضر بعض الأشخاص و الثمار أو غير ذلك من مسافة بعيدة جدا في زمان قريبة إلى غير ذلك و القائلون بهذا العالم منهم من يدعي ثبوته بالمكاشفة و التجارب الصحيحة و منهم من يحتج بأن ما يشاهد من تلك الصور الجزئية ليست عدما صرفا و لا من عالم الماديات و هو ظاهر و لا من عالم العقل لكونها ذوات مقدار و لا مرتسمة في الأجزاء الدماغية لامتناع ارتسام الكبير في الصغير و لما كانت الدعوى عالية و الشبه واهيه كما سبق لم يلتفت إليه المحققون من الحكماء و المتكلمين انتهى. و نقل بعضهم عن المعلم الأول في الرد على من قال إن العالم الجسماني أكثر من واحد و قد قالت متألهو الحكماء كهرمس و أنباذقلس و فيثاغورس و أفلاطون و غيرهم من الأفاضل القدماء إن في الوجود عوالم أخرى ذوات مقادير غير هذا العالم الذي نحن فيه و غير النفس و العقل و فيها العجائب و الغرائب و فيها من البلاد و العباد و الأنهار و البحار و الأشجار و الصور المليحة و القبيحة

   ما لا يتناهى و يقع هذا العالم في الإقليم الثامن الذي فيه جابلقا و جابرسا و هو إقليم ذات العجائب و هي في وسط ترتيب العوالم و لهذا العالم أفقان الأول و هو ألطف من الفلك الأقصى الذي نحن فيه و هو يقع من إدراك الحواس و الأفق الأعلى يلي النفس الناطقة و هو أكثف منها و الطبقات المختلفة الأنواع من اللطيفة و الكثيفة و المتلذذة و المبهجة و المولمة و المزعجة لا يتناهى بينهما و لا بد لك من المرور عليه و قد يشاهد هذا العالم بعض الكهنة و السحرة و أهل العلوم الروحانية فعليك بالإيمان بها و إياك و الإنكار. و قال أرسطو في أثولوجيا من وراء هذا العالم سماء و أرض و بحر و حيوان و نبات و ناس سماويون و كل من في هذا العالم الجسماني و ليس هناك شي‏ء أرضي و الروحانيون الذي هناك ملائمون للإنس الذي هناك لا ينفر بعضهم عن بعض و كل واحد لا ينفر عن صاحبه و لا يضاده بل يستريح إليه. و قال صاحب الفتوحات في كل خلق الله تعالى عوالم يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ و خلق الله من جملة عوالمها عالما على صورنا إذا أبصرها العارف يشاهد نفسه فيها و قد أشار إلى ذلك عبد الله بن عباس فيما روي عنه في حديث هذه الكعبة و أنها بيت واحد من أربعة عشر بيتا و أن في كل أرض من الأرضين السبع خلقا مثلنا حتى أن فيهم ابن عباس مثلي و صدقت هذه الرواية عند أهل الكشف و كل منها حي ناطق و هي باقية لا تفنى و لا تتبدل و إذا دخلها العارفون إنما يدخلون بأرواحهم لا بأجسامهم فيتركون هياكلهم في هذه الأرض الدنيا و يتجردون و فيها مدائن لا تحصى و بعضها تسمى مدائن النور لا يدخلها من العارفين إلا كل مصطفى مختار و كل حديث و آية وردت عندنا مما صرفها العقل من ظاهرها وجدناها على ظاهرها في هذه الأرض و كل جسد يتشكل فيه الروحاني من ملك و جن و كل صورة يرى الإنسان فيها نفسه في النوم فمن أجساد هذه الأرض انتهى.   و أقول ما أشبه هذه المزخرفات بالخرافات و الخيالات الواهية و الأوهام الفاسدة و لا يتوقف تصحيح شي‏ء مما ذكروه على القول بهذا المذهب السخيف و بسط القول فيه يؤدي إلى الإطناب و أما الأجساد المثالية التي قلنا بها فليس من هذا القبيل كما عرفت تحقيقه في المجلد الثالث و أكثر أخبار هذا الباب يمكن حملها على ظواهرها إذ لم يدر أحد سوى الأنبياء و الأوصياء ما حول جميع العوالم حتى يحكم بعدمها و ما قاله الحكماء و الرياضيون في ذلك فهو على الخرص و التخمين و الله الهادي إلى الحق المبين

تنبيه

قد يستدل على ثبوت عالم المثال بما رواه الشيخ البهائي ره في كتاب مفتاح الفلاح عند تأويل ما ورد في دعاء التعقيب يا من أظهر الجميل و ستر القبيح

 عن الصادق ع أنه قال ما من مؤمن إلا و له مثال في العرش فإذا اشتغل بالركوع و السجود و نحوهما فعل مثاله مثل فعله فعند ذلك تراه الملائكة عند العرش و يصلون و يستغفرون له و إذا اشتغل العبد بمعصية أرخى الله تعالى على مثاله سترا لئلا تطلع الملائكة عليها فهذا تأويل يا من أظهر الجميل و ستر القبيح

انتهى. و أقول و إن أمكن تأويله على ما ذكروه لكن ليس فيه دلالة على الخصوصيات التي أثبتوها و لا على عمومها في كل شي‏ء و كذا الكلام فيما ورد من كون صورة أمير المؤمنين و الحسنين ع و رؤية الرسول ص و آدم ع أشباح الأئمة ع عن يمين العرش و أمثال ذلك كثيرة و الكلام في الجميع واحد و نحن لا ننكر وجود الأجسام المثالية و تعلق الأرواح بها بعد الموت بل نثبتها لدلالة الأحاديث المعتبرة الصريحة عليها بل لا يبعد عندي وجودها قبل الموت أيضا فتتعلق   بها الأرواح في حال النوم و شبهه من الأحوال التي يضعف تعلقها بالأجساد الأصلية فيسير بها في عوالم الملك و الملكوت و لا أستبعد في الأرواح القوية تعلقها بالأجساد المثالية الكثيرة و تصرفها في جميعها في حالة واحدة فلا يستبعد حضورهم في آن واحد عند جمع كثير من المحتضرين و غيرهم لكن على وجه لا ينافي القواعد العقلية و القوانين الشرعية و هذا المقام لا يسع لبسط القول فيها و بعض العقول القاصرة عن درك الحقائق الخفية ربما لم يحتملها فلذا طويناها على غرها و الله الموفق لنيل غوامض الدقائق و سرها