(صلح الامام الحسن(ع

* حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال حدثنا جبرئيل بن أحمد عن موسى بن جعفر البغدادي قال حدثني الحسن بن محمد الصيرفي عن حنان بن سدير عن أبيه سدير بن حكيم عن أبيه عن أبي سعيد عقيصا قال لما صالح الحسن بن علي ع معاوية بن أبي سفيان دخل عليه الناس فلامه بعضهم على بيعته فقال ع ويحكم ما تدرون ما عملت و الله الذي عملت خير لشيعتي مما طلعت عليه الشمس أو غربت ألا تعلمون أنني إمامكم مفترض الطاعة عليكم و أحد سيدي شباب أهل الجنة بنص من رسول الله ص علي قالوا بلى قال أ ما علمتم أن الخضر ع لما خرق السفينة و أقام الجدار و قتل الغلام كان ذلك سخطا لموسى بن عمران إذ خفي عليه وجه الحكمة في ذلك و كان ذلك عند الله تعالى ذكره حكمة و صوابا أ ما علمتم أنه ما منا أحد إلا و يقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلا القائم الذي يصلي روح الله عيسى ابن مريم ع خلفه فإن الله عز و جل يخفي ولادته و يغيب شخصه لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج ذلك التاسع من ولد أخي الحسين بن سيدة الإماء يطيل الله عمره في غيبته ثم يظهره بقدرته في صورة شاب دون أربعين سنة ذلك ليعلم أن الله على كل شي‏ء قدير.[1]

 

* حدثنا علي بن أحمد بن محمد رحمه الله قال حدثنا محمد بن موسى بن داود الدقان قال حدثنا الحسن بن أحمد بن الليث قال حدثنا محمد بن حميد قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا أبو العلا الخفاف عن أبي سعيد عقيصا قال قلت للحسن بن علي بن أبي طالب يا ابن رسول الله لم داهنت معاوية و صالحته و قد علمت أن الحق لك دونه و أن معاوية ضال باغ فقال يا أبا سعيد أ لست حجة الله تعالى ذكره على خلقه و إماما عليهم بعد أبي ع قلت بلى قال أ لست الذي قال رسول الله ص لي و لأخي الحسن و الحسين إمامان قاما أو قعدا قلت بلى قال فأنا إذن إمام لو قمت و أنا إمام إذ لو قعدت يا أبا سعيد علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله ص لبني ضمرة و بني أشجع و لأهل مكة حين انصرف من الحديبية أولئك كفار بالتنزيل و معاوية و أصحابه كفار بالتأويل يا أبا سعيد إذا كنت إماما من قبل الله تعالى ذكره لم يجب أن يسفه رأيي فيما أتيته من مهادنة أو محاربة و إن كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبسا أ لا ترى الخضر ع لما خرق السفينة و قتل الغلام و أقام الجدار سخط موسى ع فعله لاشتباه وجه الحكمة عليه حتى أخبره فرضي هكذا أنا سخطتم علي بجهلكم بوجه الحكمة فيه و لو لا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قتل .[2]

 

* أبي رحمه الله قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله عن ابن فضال عن ثعلبة عن عمر بن أبي نصر عن سدير قال قال أبو جعفر ع و معنا ابني يا سدير اذكر لنا أمرك الذي أنت عليه فإن كان فيه إغراق كففناك عنه و إن كان مقصرا أرشدناك قال فذهبت أن أتكلم فقال أبو جعفر ع أمسك حتى أكفيك أن العلم الذي وضع رسول الله ص عند علي ع من عرفه كان علل‏الشرائع ج : 1 ص : 211مؤمنا و من جحده كان كافرا ثم كان من بعده الحسن ع قلت كيف يكون بذلك المنزلة و قد كان منه ما كان دفعها إلى معاوية فقال اسكت فإنه أعلم بما صنع لو لا ما صنع لكان أمر عظيم .[3]

 

دس معاوية إلى عمرو بن حريث و الأشعث بن قيس و إلى حجر بن الحجر و شبث بن ربعي دسيسا أفرد كل واحد منهم بعين من عيونه أنك إن قتلت الحسن بن علي فلك مائتا ألف درهم و جند من أجناد الشام و بنت من بناتي فبلغ الحسن ع ذلك فاستلام و لبس درعا و كفرها و كان يحترز و لا يتقدم للصلاة بهم إلا كذلك فرماه أحدهم في الصلاة بسهم فلم يثبت فيه لما عليه من اللامة فلما صار في مظلم ساباط ضربه أحدهم بخنجر مسموم فعمل فيه الخنجر فأمر ع أن يعدل به إلى بطن جريحي و عليها عم المختار بن أبي عبيد مسعود بن قيلة فقال المختار لعمه تعال حتى نأخذ الحسن و نسلمه إلى معاوية فيجعل لنا العراق فبدر بذلك الشيعة من قول المختار لعمه فهموا بقتل المختار فتلطف عمه لمسألة الشيعة بالعفو عن المختار ففعلوا

 فقال الحسن ع ويلكم و الله إن معاوية لا يفي لأحد منكم بما ضمنه في قتلي و إني أظن أني إن وضعت يدي في يده فأسالمه لم يتركني أدين لدين جدي ص و إني أقدر أن أعبد الله وحدي و لكني كأني أنظر إلى أبنائكم واقفين على أبواب أبنائهم يستسقونهم و يستطعمونهم بما جعله الله لهم فلا يسقون و لا يطعمون فبعدا و سحقا لما كسبته أيديكم و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون

فجعلوا يعتذرون بما لا عذر لهم فيه

 فكتب الحسن ع من فوره ذلك إلى معاوية أما بعد فإن خطبي انتهى إلى اليأس من حق أحييه و باطل أميته و خطبك خطب من انتهى إلى مراده و إنني أعتزل هذا الأمر و أخليه لك و إن كان تخليتي إياه شرا لك في معادك و لي شروط أشرطها لا تبهظنك إن وفيت لي بها بعهد و لا تخف إن غدرت و كتب الشرط في كتاب آخر فيه يمنيه بالوفاء و ترك الغدر و ستندم يا معاوية كما ندم غيرك ممن نهض في الباطل أو قعد عن الحق حين لم ينفع الندم و السلام .[4]

 

* عن سليم بن قيس قال قام الحسن بن علي بن أبي طالب ع على المنبر حين اجتمع مع معاوية فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أيها الناس إن معاوية زعم أني رأيته للخلافة أهلا و لم أر نفسي لها أهلا و كذب معاوية أنا أولى الناس بالناس في كتاب الله و على لسان نبي الله فأقسم بالله لو أن الناس بايعوني و أطاعوني و نصروني لأعطتهم السماء قطرها و الأرض بركتها و لما طمعت فيها يا معاوية و قد قال رسول الله ص ما ولت أمة أمرها رجلا قط و فيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ملة عبدة العجل و قد ترك بنو إسرائيل هارون و اعتكفوا على العجل و هم يعلمون أن هارون خليفة موسى و قد تركت الأمة عليا ع و قد سمعوا رسول الله ص يقول بحارالأنوار ج : 44 ص : 23لعلي ع أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير النبوة فلا نبي بعدي و قد هرب رسول الله ص من قومه و هو يدعوهم إلى الله حتى فر إلى الغار و لو وجد عليهم أعوانا ما هرب منهم و لو وجدت أنا أعوانا ما بايعتك يا معاوية و قد جعل الله هارون في سعة حين استضعفوه و كادوا يقتلونه و لم يجد عليهم أعوانا و قد جعل الله النبي ص في سعة حين فر من قومه لما لم يجد أعوانا عليهم و كذلك أنا و أبي في سعة من الله حين تركتنا الأمة و بايعت غيرنا و لم نجد أعوانا و إنما هي السنن و الأمثال يتبع بعضها بعضا أيها الناس إنكم لو التمستم فيما بين المشرق و المغرب لم تجدوا رجلا من ولد نبي غيري و غير أخي .[5]

 

* عن زيد بن وهب الجهني قال لما طعن الحسن بن علي ع بالمدائن أتيته و هو متوجع فقلت ما ترى يا ابن رسول الله فإن الناس متحيرون فقال أرى و الله معاوية خيرا لي من هؤلاء يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي و انتهبوا ثقلي و أخذوا مالي و الله لأن آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمي و آمن به في أهلي خير من أن يقتلوني فتضيع أهل بيتي و أهلي و الله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلما فو الله لأن أسالمه و أنا عزيز خير من أن يقتلني و أنا أسيره أو يمن علي فتكون سبة على بني هاشم إلى آخر الدهر و معاوية لا يزال يمن بها و عقبه على الحي منا و الميت قال قلت تترك يا ابن رسول الله شيعتك كالغنم ليس لهم راع قال و ما أصنع يا أخا جهينة إني و الله أعلم بأمر قد أدى به إلي عن ثقاته أن أمير المؤمنين ع قال لي ذات يوم و قد رآني فرحا يا حسن أ تفرح كيف بك إذا رأيت أباك قتيلا أم كيف بك إذا ولي هذا الأمر بنو أمية و أميرها الرحب البلعوم الواسع الأعفاج يأكل و لا يشبع يموت و ليس له في السماء ناصر و لا في الأرض عاذر ثم يستولي على غربها و شرقها تدين له العباد و يطول ملكه يستن بسنن البدع و الضلال و يميت الحق و سنة رسول الله ص يقسم المال في أهل ولايته و يمنعه من هو أحق به و يذل في ملكه المؤمن و يقوى في سلطانه الفاسق و يجعل المال بين أنصاره دولا و يتخذ عباد الله خولا و يدرس في سلطانه الحق و يظهر الباطل و يلعن الصالحون و يقتل من ناواه على الحق و يدين من والاه على الباطل فكذلك حتى يبعث الله رجلا في آخر الزمان و كلب من الدهر و جهل من الناس يؤيده الله بملائكته و يعصم أنصاره و ينصره بآياته و يظهره على بحارالأنوار ج : 44 ص : 21الأرض حتى يدينوا طوعا و كرها يملأ الأرض عدلا و قسطا و نورا و برهانا يدين له عرض البلاد و طولها حتى لا يبقى كافر إلا آمن ولا طالح إلا صلح و تصطلح في ملكه السباع و تخرج الأرض نبتها و تنزل السماء بركتها و تظهر له الكنوز يملك ما بين الخافقين أربعين عاما فطوبى لمن أدرك أيامه و سمع كلامه.[6]

 

*  وعن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد قال حدثني رجل منا قال أتيت الحسن بن علي ع فقلت يا ابن رسول الله أذللت رقابنا و جعلتنا معشر الشيعة عبيدا ما بقي معك رجل قال و مم ذاك قال قلت بتسليمك الأمر لهذا الطاغية قال و الله ما سلمت الأمر إليه إلا أني لم أجد أنصارا و لو وجدت أنصارا لقاتلته ليلي و نهاري حتى يحكم الله بيني و بينه و لكني عرفت أهل الكوفة و بلوتهم و لا يصلح لي منهم من كان فاسدا إنهم لا وفاء لهم و لا ذمة في قول و لا فعل إنهم لمختلفون و يقولون لنا إن قلوبهم معنا و إن سيوفهم لمشهورة علينا قال و هو يكلمني إذ تنخع الدم فدعا بطست فحمل من بين يديه ملي‏ء مما خرج من جوفه من الدم فقلت له ما هذا يا ابن رسول الله ص إني لأراك وجعا قال أجل دس إلي هذا الطاغية من سقاني سما فقد وقع على كبدي و هو يخرج قطعا كما ترى قلت أ فلا تتداوى قال قد سقاني مرتين و هذه الثالثة لا أجد لها دواء و لقد رقي إلي أنه كتب إلى ملك الروم يسأله أن يوجه إليه من السم القتال شربة فكتب إليه ملك الروم أنه لا يصلح لنا في ديننا أن نعين على قتال من لا يقاتلنا فكتب إليه أن هذا ابن الرجل الذي خرج بأرض تهامة و قد خرج يطلب ملك أبيه و أنا أريد أن أدس إليه من يسقيه ذلك فأريح العباد و البلاد منه و وجه إليه بهدايا و ألطاف فوجه إليه ملك الروم بهذه الشربة التي دس فيها فسقيتها و اشترط عليه في ذلك شروطا.[7]


[1] كمال الدين ج1 ص315، عنه البحار ج44 ص19/ج51 ص132، كشف الغمة ج2 ص521، اعلام الورى ص426،الاحتجاج ج2 ص289، كفاية الأثر 224.

[2]  علل الشرائع ج1 ص211، عنه البحار ج44 ص1، الطرائف ج1 ص196،  

[3] علل الشرائع ج1 ص210، عنه البحار ج44 ص1.

[4] علل الشرائع  ج1 ص220، عنه البحار ج44 ص33.

[5] العدد القوية ص938، الاحتجاج ج2 ص288، عنهما البحار ج44 ص22،

[6] الاحتجاج ج2 ص290, عنه البحار ج44 ص20.

[7] الاحتجاج ج2 ص291، عنه البحار ج44 ص147.