مظلوميته وما جرى عليه واستشهاده


* الشيخ الكليني في الكافي, علي بن إبراهيم, عن محمد بن عيسى, عن بعض أصحابنا, عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: إن الله عز وجل غضب على الشيعة فخيرني نفسي أو هم, فوقيتهم والله بنفسي.[1]


* محمد بن جرير الطبري في دلائل الإمامة,
حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري قال: حدثني محمد بن إسماعيل الحسيني, عن أبي محمد الحسن بن علي الثاني عليه السلام, قال: إن موسى عليه السلام قبل وفاته بثلاثة أيام دعا المسيب وقال له: إني ظاعن[2] عنك في هذه الليلة إلى مدينة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله, لأعهد إلى من بها عهداً أن يعمل به بعدي، قال المسيب: قلت: مولاي, كيف تأمرني والحرس والابواب! كيف أفتح لك الابواب والحرس معي على الابواب وعليها أقفالها؟! فقال: يا مسيب, ضعفت نفسك في الله وفينا! قلت: يا سيدي, بيّن لي، فقال: يا مسيب, إذا مضى من هذه الليلة المقبلة ثلثها, فقف فانظر.

قال المسيب: فحرمت على نفسي الانضجاع في تلك الليلة, فلم أزل راكعاً وساجداً وناظراً ما وعدنيه, فلما مضى من الليل ثلثه غشيني النعاس وأنا جالس, فإذا أنا بسيدي موسى يحركني برجله, ففزعت وقمت قائماً, فإذا بتلك الجدران المشيدة, والابنية المعلاة, وما حولنا من القصور والابنية, قد صارت كلها أرضاً! فظننت بمولاي أنه أخرجني من المحبس الذي كان فيه, قلت: مولاي, خذ بيدي من ظالمك وظالمي, فقال: يا مسيب, تخاف القتل؟ قلت: مولاي, معك لا, فقال: يا مسيب فاهدأ على حالتك, فإنني راجع إليك بعد ساعة واحدة, فإذا وليت عنك فسيعود المحبس إلى شأنه, قلت: يا مولاي, فالحديد الذي عليك, كيف تصنع به؟ فقال: ويحك يا مسيب! بنا والله ألان الله الحديد لنبيه داود, كيف يصعب علينا الحديد؟! قال المسيب: ثم خطا فمر بين يدي خطوة ولم أدر كيف غاب عن بصري, ثم ارتفع البنيان وعادت القصور على ما كانت عليه, واشتد اهتمام نفسي, وعلمت أن وعده الحق, فلم أزل قائماً على قدمي, فلم ينقض إلا ساعة كما حده لي, حتى رأيت الجدران والابنية قد خرت إلى الارض سجداً! وإذا أنا بسيدي عليه السلام وقد عاد إلى حبسه, وعاد الحديد إلى رجليه, فخررت ساجداً لوجهي بين يديه, فقال لي: ارفع رأسك يا مسيب, وأعلم أن سيدك راحل عنك إلى الله في ثالث هذا اليوم الماضي، فقلت: مولاي, فأين سيدي علي عليه السلام؟ فقال: شاهد غير غائب يا مسيب, وحاضر غير بعيد, يسمع ويرى، قلت: يا سيدي, فإليه قصدت؟ قال: قصدت والله يا مسيب, كل منتخب لله على وجه الارض شرقاً وغرباً, حتى الجن في البراري والبحار, حتى الملائكة في مقاماتهم وصفوفهم, قال: فبكيت, قال: لا تبك يا مسيب, إنا نور لا نطفأ, إن غبت عنك, فهذا علي ابني يقوم مقامي بعدي, هو أنا, فقلت: الحمد لله، قال: ثم إن سيدي في ليلة اليوم الثالث دعاني فقال لي: يا مسيب, إن سيدك يصبح من ليلة يومه على ما عرفتك من الرحيل إلى الله تعالى, فإذا أنا دعوت بشربة ماء فشربتها فرأيتني قد انتفخت بطني يا مسيب واصفر لوني واحمر واخضر وتلون ألواناً, فخبر الظالم بوفاتي, وإياك بهذا الحديث أن تظهر عليه أحداً من عندي إلا بعد وفاتي، قال المسيب: فلم أزل أترقب وعده, حتى دعا بشربة الماء فشربها, ثم دعاني فقال: إن هذا الرجس السندي بن شاهك سيقول إنه يتولى أمري ودفني, وهيهات هيهات أن يكون ذلك أبداً!! فإذا حملت نعشي إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش, فالحدوني بها, ولا تعلوا على قبري علواً واحداً, ولا تأخذوا من تربتي لتتبركوا بها, فإن كل تربة لنا محرمة إلا تربة جدي الحسين بن علي عليه السلام, فإن الله جعلها شفاء لشيعتنا وأوليائنا.

قال: فرأيته تختلف ألوانه وتنتفخ بطنه, ثم قال: رأيت شخصاً أشبه الاشخاص به, جالساً إلى جانبه في مثل هيئته, وكان عهدي بسيدي الرضا عليه السلام في ذلك الوقت غلاماً, فأقبلت أريد سؤاله, فصاح بي سيدي موسى عليه السلام: قد نهيتك يا مسيب, فتوليت عنهم, ولم أزل صابراً حتى قضى, وعاد ذلك الشخص, ثم أوصلت الخبر إلى الرشيد, فوافى الرشيد وابن شاهك, فوالله, لقد رأيتهم بعيني وهم يظنون أنهم يغسلونه ويحنطونه ويكفنونه, وكل ذلك أراهم لا يصنعون به شيئاً, ولا تصل أيديهم إلى شيء منه, ولا إليه, وهو مغسول, مكفن, محنط, ثم حمل ودفن في مقابر قريش, ولم يعل على قبره إلى الساعة.[3]


[1] الكافي ج1 ص260، مدينة المعاجز ج6 ص379. 

[2] ظعن: سار أو ارتحل.

[3] دلائل الإمامة ص313, عيون أخبار الرضا × ج2 ص94 باختلاف, عنه البحار ج48 ص224, عيون المعجزات ص91 باختلاف, مدينة المعاجز ج6 ص447, الهداية الكبرى ص265, تفسير الثقلين ج4 ص89 باختلاف.