هجرته صلوات الله عليه وآله الى الحبشة ثم الى المدينة

 

الهجرة الى الحبشة:

 في(تفسير القمي) لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا وَ لَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى فإنه كان سبب نزولها أنه لما اشتدت قريش في أذى رسول الله ص و أصحابه الذين آمنوا بمكة قبل الهجرة أمرهم رسول الله ص أن يخرجوا إلى الحبشة و أمر جعفر بن أبي طالب أن يخرج معهم فخرج جعفر و معه سبعون رجلا من المسلمين حتى ركبوا البحر فلما بلغ قريشا خروجهم بعثوا عمرو بن العاص و عمارة بن الوليد إلى النجاشي ليردهم إليهم و كان عمرو و عمارة متعاديين فقالت قريش كيف نبعث رجلين متعاديين فبرئت بنو مخزوم من جناية عمارة و برئت بنو سهم من جناية عمرو بن العاص فخرج عمارة و كان حسن الوجه شابا مترفا فأخرج عمرو بن العاص أهله معه فلما ركبوا السفينة شربوا الخمر فقال عمارة لعمرو بن العاص قل لأهلك تقبلني فقال عمرو أ يجوز سبحان الله فسكت عمارة فلما انتشى عمرو و كان على صدر السفينة فدفعه عمارة و ألقاه في البحر فتشبث عمرو بصدر السفينة و أدركوه و أخرجوه فوردوا على النجاشي و قد كانوا حملوا إليه هدايا فقبلها منهم فقال عمرو بن العاص أيها الملك إن قوما منا خالفونا في ديننا و سبوا آلهتنا و صاروا إليك فردهم إلينا فبعث النجاشي إلى جعفر فجاء فقال يا جعفر ما يقول هؤلاء فقال جعفر أيها الملك و ما يقولون قال يسألون أن أردكم إليهم قال أيها الملك سلهم أ عبيد نحن لهم قال عمرو لا بل أحرار كرام قال فاسألهم أ لهم علينا ديون يطالبوننا بها فقال لا ما لنا عليكم ديون قال فلكم في أعناقنا دماء تطالبوننا بذحول فقال عمرو لا قال فما تريدون منا آذيتمونا فخرجنا من بلادكم فقال عمرو بن العاص أيها الملك خالفونا في ديننا و سبوا آلهتنا و أفسدوا شباننا و فرقوا جماعتنا فردهم إلينا لنجمع أمرنا فقال جعفر نعم أيها الملك خالفناهم بعث الله فينا نبيا أمرنا بخلع الأنداد و ترك الاستقسام بالأزلام و أمرنا بالصلاة و الزكاة و حرم الظلم و الجور و سفك الدماء بغير حقها و الزنا و الربا و الميتة و الدم و أمرنا بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى و نهانا عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ فقال النجاشي بهذا بعث الله عيسى ابن مريم ع ثم قال النجاشي يا جعفر هل تحفظ مما أنزل الله على نبيك شيئا قال نعم فقرأ عليه سورة مريم فلما بلغ إلى قوله وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا فَكُلِي وَ اشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً فلما سمع النجاشي بهذا بكى بكاء شديدا و قال هذا و الله هو الحق و قال عمرو بن العاص أيها الملك إن هذا مخالف لنا فرده إلينا فرفع النجاشي يده فضرب بها وجه عمرو ثم قال اسكت و الله لئن ذكرته بسوء لأفقدنك نفسك فقام عمرو بن العاص من عنده و الدماء تسيل على وجهه و هو يقول إن كان هذا كما تقول أيها الملك فإنا لا نتعرض له و كانت على رأس النجاشي وصيفة له تذب عنه فنظرت إلى عمارة بن الوليد و كان فتى جميلا فأحبته فلما رجع عمرو بن العاص إلى منزله قال لعمارة لو راسلت جارية الملك فراسلها فأجابته فقال عمرو قل لها تبعث إليك من طيب الملك شيئا فقال لها فبعثت إليه فأخذ عمرو من ذلك الطيب و كان الذي فعل به عمارة في قلبه حين ألقاه في البحر فأدخل الطيب على النجاشي فقال أيها الملك إن حرمة الملك عندنا و طاعته علينا عظيم و يلزمنا إذا دخلنا بلاده و نأمن فيه أن لا نغشه و لا نريبه و إن صاحبي هذا الذي معي قد راسل إلى حرمتك و خدعها و بعثت إليه من طيبك ثم وضع الطيب بين يديه فغضب النجاشي و هم بقتل عمارة ثم قال لا يجوز قتله فإنهم دخلوا بلادي بأمان فدعا النجاشي السحرة فقال لهم اعملوا به شيئا أشد عليه من القتل فأخذوه و نفخوا في إحليله الزيبق فصار مع الوحش يغدو و يروح و كان لا يأنس بالناس فبعثت قريش بعد ذلك فكمنوا له في موضع حتى ورد الماء مع الوحش فأخذوه فما زال يضطرب في أيديهم و يصيح حتى مات و رجع عمرو إلى قريش فأخبرهم أن جعفرا في أرض الحبشة في أكرم كرامة فلم يزل بها حتى هادن رسول الله ص قريشا و صالحهم و فتح خيبر أتى بجميع من معه و ولد لجعفر بالحبشة من أسماء بنت عميس عبد الله بن جعفر و ولد للنجاشي ابنا فسماه النجاشي محمدا و كانت أم حبيب بنت أبي سفيان تحت عبد الله فكتب رسول الله ص إلى النجاشي يخطب أم حبيب فبعث إليها النجاشي فخطبها لرسول الله ص فأجابته فزوجها منه و أصدقها أربعمائة دينار و ساقها عن رسول الله ص و بعث إليها بثياب و طيب كثير و جهزها و بعثها إلى رسول الله ص و بعث إليه بمارية القبطية أم إبراهيم و بعث إليه بثياب و طيب و فرس و بعث ثلاثين رجلا من القسيسين فقال لهم انظروا إلى كلامه و إلى مقعده و مشربه و مصلاه فلما وافوا المدينة دعاهم رسول الله ص إلى الإسلام و قرأ عليهم القرآن إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَ عَلى والِدَتِكَ إلى قوله فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ فلما سمعوا ذلك من رسول الله بكوا و آمنوا و رجعوا إلى النجاشي و أخبروه خبر رسول الله ص و قرءوا عليه ما قرأ عليهم فبكى النجاشي و بكى القسيسون و أسلم النجاشي و لم يظهر للحبشة إسلامه و خافهم على نفسه و خرج من بلاد الحبشة يريد النبي ص فلما عبر البحر توفي فأنزل الله على رسوله لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ إلى قوله وَ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ

**في (الأمالي للشيخ الطوسي) المفيد عن أحمد بن الحسين بن أسامة عن عبيد الله بن محمد الواسطي عن أبي جعفر محمد بن يحيى عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن جعفر عن أبيه ع أنه قال أرسل النجاشي ملك الحبشة إلى جعفر بن أبي طالب و أصحابه فدخلوا عليه و هو في بيت له جالس على التراب و عليه خلقان الثياب قال فقال جعفر بن أبي طالب فأشفقنا منه حين رأيناه على تلك الحال فلما رأى ما بنا و تغير وجوهنا قال الحمد لله الذي نصر محمدا و أقر عيني به أ لا أبشركم فقلت بلى أيها الملك فقال إنه جاءني الساعة من نحو أرضكم عين من عيوني هناك و أخبرني أن الله قد نصر نبيه محمدا ص و أهلك عدوه و أسر فلان و فلان و قتل فلان و فلان التقوا بواد يقال له بدر كأني أنظر إليه حيث كنت أرعى لسيدي هناك و هو رجل من بني ضمرة فقال له جعفر أيها الملك الصالح ما لي أراك جالسا على التراب و عليك هذه الخلقان فقال ياجعفر إنا نجد فيما أنزل على عيسى صلى الله عليه أن من حق الله على عباده أن يحدثوا لله تواضعا عند ما يحدث لهم من نعمة فلما أحدث الله تعالى لي نعمة بنبيه محمد ص أحدثت لله هذا التواضع قال فلما بلغ النبي ص ذلك قال لأصحابه إن الصدقة تزيد صاحبها كثرة فتصدقوا يرحمكم الله و إن التواضع يزيد صاحبه رفعة فتواضعوا يرفعكم الله و إن العفو يزيد صاحبه عزا فاعفوا يعزكم الله

**في (الخصال), (عيون أخبار الرضا عليه السلام) المفسر بإسناده إلى أبي محمد العسكري عن آبائه عن علي ع قال إن رسول الله ص لما أتاه جبرئيل بنعي النجاشي بكى بكاء حزين عليه و قال إن أخاكم أصحمة و هو اسم النجاشي مات ثم خرج إلى الجبانة و كبر سبعا فخفض الله له كل مرتفع حتى رأى جنازته و هو بالحبشة

 في (إعلام الورى ) , (قصص الأنبياء عليهم السلام) فيما رواه أبو عبد الله الحافظ عن محمد بن إسحاق أن رسول الله ص بعث عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي في شأن جعفر بن أبي طالب و أصحابه و كتب معه كتابا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من محمد رسول الله إلى النجاشي الأصحم صاحب الحبشة سلام عليك إني أحمد إليك الله الملك القدوس المؤمن المهيمن و أشهد أن عيسى ابن مريم روح الله وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ البتول الطيبة الحصينة فحملت بعيسى فخلقه من روحه و نفخه كما خلق آدم بيده و نفخه فيه و إني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له و الموالاة على طاعته و أن تتبعني و تؤمن بي و بالذي جاءني فإني رسول الله قد بعثت إليكم ابن عمي جعفر بن أبي طالب معه نفر من المسلمين فإذا جاءوك فاقرهم و دع التجبر فإني أدعوك و جيرتك إلى الله تعالى و قد بلغت و نصحت فاقبلوا نصيحتي و السلام على من اتبع الهدى فكتب إليه النجاشي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إلى محمد رسول الله من النجاشي الأصحم بن أبحر سلام عليك يا نبي الله من الله و رحمة الله و بركاته لا إله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام و قد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى فو رب السماء و الأرض إن عيسى ما يزيد على ما ذكرت و قد عرفنا ما بعثت به إلينا و قد قرينا ابن عمك و أصحابه و أشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا و قد بايعتك و بايعت ابن عمك و أسلمت على يديه لله رب العالمين و قد بعثت إليك يا رسول الله أريحا بن الأصحم بن أبحر فإني لا أملك إلا نفسي إن شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله إني أشهد أن ما تقول حق ثم بعث إلى رسول الله هدايا و بعث إليه بمارية القبطية أم إبراهيم و بعث إليه بثياب و طيب كثير و فرس و بعث إليه بثلاثين رجلا من القسيسين لينظروا إلى كلامه و مقعده و مشربه فوافوا المدينة و دعاهم رسول الله ص إلى الإسلام فآمنوا و رجعوا إلى النجاشي

في (إعلام الورى)و في حديث جابر بن عبد الله أن رسول الله ص صلى على النجاشي

الهجرة الى المدينة المنورة:

في (إعلام الورى)، (قصص الأنبياء عليهم السلام) فس، (تفسير القمي) وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ فإنها نزلت بمكة قبل الهجرة و كان سبب نزولها أنه لما أظهر رسول الله ص الدعوة بمكة قدمت عليه الأوس و الخزرج فقال لهم رسول الله ص تمنعوني و تكونون لي جارا حتى أتلو عليكم كتاب ربي و ثوابكم على الله الجنة فقالوا نعم خذ لربك و لنفسك ما شئت فقال لهم موعدكم العقبة في الليلة الوسطى من ليالي التشريق فحجوا و رجعوا إلى منى و كان فيهم ممن قد حج بشر كثير فلما كان اليوم الثاني من أيام التشريق قال لهم رسول الله ص إذا كان الليل فاحضروا دار عبد المطلب على العقبة و لا تنبهوا نائما و لينسل واحد فواحد فجاء سبعون رجلا من الأوس و الخزرج فدخلوا الدار فقال لهم رسول الله ص تمنعوني و تجيروني حتى أتلو عليكم كتاب ربي و ثوابكم على الله الجنة فقال أسعد بن زرارة و البراء بن معرور و عبد الله بن حزام نعم يا رسول الله اشترط لربك و لنفسك ما شئت فقال أما ما أشترط لربي فأن تعبدوه و لا تشركوا به شيئا و أشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون أنفسكم و تمنعون أهلي مما تمنعون أهاليكم و أولادكم فقالوا فما لنا على ذلك فقال الجنة في الآخرة و تملكون العرب و تدين لكم العجم في الدنيا و تكونون ملوكا في الجنة فقالوا قد رضينا فقال أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا يكونون شهداء عليكم بذلك كما أخذ موسى ع من بني إسرائيل اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً فأشار إليهم جبرئيل فقال هذا نقيب و هذا نقيب تسعة من الخزرج و ثلاثة من الأوس فمن الخزرج أسعد بن زرارة و البراء بن معرور و عبد الله بن حزام أبو جابر بن عبد الله و رافع بن مالك و سعد بن عبادة و المنذر بن عمر و عبد الله بن رواحة و سعد بن الربيع و عبادة بن الصامت و من الأوس أبو الهيثم بن التيهان و هو من اليمن و أسيد بن حضير و سعد بن خيثمة فلما اجتمعوا و بايعوا لرسول الله صاح إبليس يا معشر قريش و العرب هذا محمد و الصباة من أهل يثرب على جمرة العقبة يبايعونه على حربكم فأسمع أهل منى و هاجت قريش فأقبلوا بالسلاح و سمع رسول الله ص النداء فقال للأنصار تفرقوا فقالوا يا رسول الله إن أمرتنا أن نميل عليهم بأسيافنا فعلنا فقال رسول الله ص لم أؤمر بذلك و لم يأذن الله لي في محاربتهم قالوا فتخرج معنا قال أنتظر أمر الله فجاءت قريش على بكرة أبيها قد أخذوا السلاح و خرج حمزة و أمير المؤمنين ع و معهما السيف فوقفا على العقبة فلما نظرت قريش إليهما قالوا ما هذا الذي اجتمعتم له فقال حمزة ما اجتمعنا و ما هاهنا أحد و الله لا يجوز هذه العقبة أحد إلا ضربته بسيفي فرجعوا إلى مكة و قالوا لا نأمن أن يفسد أمرنا و يدخل واحد من مشايخ قريش في دين محمد فاجتمعوا في دار الندوة و كان لا يدخل دار الندوة إلا من أتى عليه أربعون سنة فدخلوا أربعين رجلا من مشايخ قريش و جاء إبليس في صورة شيخ كبير فقال له البواب من أنت قال أنا شيخ من أهل نجد لا يعدمكم مني رأي صائب إني حيث بلغني اجتماعكم في أمر هذا الرجل فجئت لأشير عليكم فقال ادخل فدخل إبليس فلما أخذوا مجلسهم قال أبو جهل يا معشر قريش إنه لم يكن أحد من العرب أعز منا نحن أهل الله تفد إلينا العرب في السنة  مرتين و يكرموننا و نحن في حرم الله لا يطمع فينا طامع فلم نزل كذلك حتى نشأ فينا محمد بن عبد الله فكنا نسميه الأمين لصلاحه و سكونه و صدق لهجته حتى إذا بلغ ما بلغ و أكرمناه ادعى أنه رسول الله و أن أخبار السماء تأتيه فسفه أحلامنا و سب آلهتنا و أفسد شباننا و فرق جماعتنا و زعم أنه من مات من أسلافنا ففي النار فلم يرد علينا شي‏ء أعظم من هذا و قد رأيت فيه رأيا قالوا و ما رأيت قال رأيت أن ندس إليه رجلا منا ليقتله فإن طلبت بنو هشام بدمه أعطيناهم عشر ديات فقال الخبيث هذا رأي خبيث قالوا و كيف ذاك قال لأن قاتل محمد مقتول لا محالة فمن هذا الذي يبذل نفسه للقتل منكم فإنه إذا قتل محمد تعصب بنو هاشم و حلفاؤهم من خزاعة و إن بني هاشم لا ترضى أن يمشي قاتل محمد على وجه الأرض فيقع بينكم الحروب في حرمكم و تتفانوا فقال آخر منهم فعندي رأى آخر قال و ما هو قال نلقيه في بيت و نلقي إليه قوته حتى يأتيه ريب المنون فيموت كما مات زهير و النابغة و إمرؤ القيس فقال إبليس هذا أخبث من الآخر قال و كيف ذاك قال لأن بني هاشم لا ترضى بذلك فإذا جاء موسم من مواسم العرب استغاثوا بهم و اجتمعوا عليكم فأخرجوه قال آخر منهم لا و لكنا نخرجه من بلادنا و نتفرغ نحن لعبادة آلهتنا فقال إبليس هذا أخبث من الرأيين المتقدمين قالوا و كيف قال لأنكم تعمدون إلى أصبح الناس وجها و أنطق الناس لسانا و أفصحهم لهجة فتحملوه إلى بوادي العرب فيخدعهم و يسحرهم بلسانه فلا يفجؤكم إلا و قد ملأها عليكم خيلا و رجلا فبقوا حائرين ثم قالوا لإبليس فما الرأي فيه يا شيخ قال ما فيه إلا رأي واحد  قالوا و ما هي قال يجتمع من كل بطن من بطون قريش و قبائل العرب ما أمكن و يكون معهم من بني هاشم رجل فيأخذون سكينة أو حديدة أو سيفا فيدخلون عليه فيضربونه كلهم ضربة واحدة حتى يتفرق دمه في قريش كلها فلا يستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه و قد شاركوه فيه فإن سألوكم أن تعطوهم الدية فأعطوهم ثلاث ديات فقالوا نعم و عشر ديات ثم قال الرأي رأي الشيخ النجدي فاجتمعوا فيه و دخل معهم في ذلك أبو لهب عم النبي ص و نزل جبرئيل على رسول الله ص و أخبره أن قريشا قد اجتمعت في دار الندوة يدبرون عليك و أنزل الله عليه في ذلك وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ و اجتمعت قريش أن يدخلوا عليه ليلا فيقتلوه و خرجوا إلى المسجد يصفرون و يصفقون و يطوفون بالبيت فأنزل الله وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً

 فالمكاء التصفير و التصدية صفق اليدين و هذه الآية معطوفة على قوله وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا و قد كتبت بعد آيات كثيرة  فلما أمسى رسول الله ص جاءت قريش ليدخلوا عليه فقال أبو لهب لا أدعكم أن تدخلوا عليه بالليل فإن في الدار صبيانا و نساء و لا نأمن أن تقع يد خاطئة فنحرسه الليلة فإذا أصبحنا دخلنا عليه فناموا حول حجرة رسول الله ص و أمر رسول الله ص أن يفرش له ففرش له فقال لعلي بن أبي طالب ع افدني بنفسك قال نعم يا رسول الله قال نم على فراشي و التحف ببردتي فنام على فراش رسول الله ص و التحف ببردته و جاء جبرئيل فأخذ بيد رسول الله فأخرجه على قريش و هم نيام و هو يقرأ عليهم وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ و قال جبرئيل خذ على طريق ثور و هو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثور فدخل الغار و كان من أمره ما كان فلما أصبحت قريش وثبوا إلى الحجرة و قصدوا الفراش فوثب علي ع في وجوههم فقال ما شأنكم قالوا له أين محمد قال أ جعلتموني عليه رقيبا أ لستم قلتم نخرجه من بلادنا فقد خرج عنكم فأقبلوا على أبي لهب يضربونه و يقولون أنت تخدعنا منذ الليلة فتفرقوا في الجبال و كان فيهم رجل من خزاعة يقال له أبو كرز يقف الآثار فقالوا يا أبا كرز اليوم اليوم فوقف بهم على باب حجرة رسول الله ص فقال هذه قدم محمد و الله لأنها لأخت القدم التي في المقام و كان أبو بكر استقبل رسول الله ص فرده معه فقال أبو كرز و هذه قدم أبي قحافة أو ابنه ثم قال و هاهنا غير ابن أبي قحافة فما زال بهم حتى أوقفهم على باب الغار ثم قال ما جازوا هذا المكان إما أن يكونوا صعدوا إلى السماء أو دخلوا تحت الأرض و بعث الله العنكبوت فنسجت على باب الغار و جاء فارس من الملائكة حتى وقف على باب الغار ثم قال ما في الغار أحد فتفرقوا في الشعاب و صرفهم الله عن رسول الله ص ثم أذن لنبيه في الهجرة

  في (الأمالي للشيخ الطوسي) أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال حدثنا أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن عمار الثقفي سنة إحدى و عشرين و ثلاثمائة قال حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي سنة خمسين و مائتين قال حدثني الحسن بن حمزة أبو محمد النوفلي قال حدثني أبي و خالي يعقوب بن الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن يزيد بن سعيد الهاشمي قال حدثنيه أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر رضي الله عنه بين القبر و الروضة عن أبيه و عبيد الله بن أبي رافع جميعا عن عمار بن ياسر رضي الله عنه و أبي رافع مولى النبي ص قال أبو عبيدة و حدثنيه سنان بن أبي سنان الدؤلي و كان ممن ولد على عهد النبي ص فأخبرني سنان بن أبي سنان أن هند بن أبي هند بن أبي هالة الأسيدي حدثه عن أبيه هند بن أبي هالة ربيب رسول الله ص و أمه خديجة رضي الله عنها زوج النبي و أخته لأمه فاطمة صلوات الله عليها قال أبو عبيدة و كان هؤلاء الثلاثة هند بن أبي هالة و أبو رافع و عمار بن ياسر جميعا يحدثون عن هجرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع إلى رسول الله ص بالمدينة و مبيته قبل ذلك على فراشه قال و صدر هذا الحديث عن هند بن أبي هالة و اقتصاصه عن الثلاثة هند و عمار و أبي رافع و قد دخل حديث بعضهم في بعض قالوا كان الله عز و جل مما يمنع نبيه ص بعمه أبي طالب ع فما يخلص إليه امرؤ بسوء من قومه مدة حياته فلما مات أبو طالب نالت قريش من رسول الله ص بغيتها و أصابته بعظيم من الأذى حتى تركته لقى فقال ص لأسرع ما وجدنا فقدك يا عم وصلتك رحم و جزيت خيرا يا عم ثم ماتت خديجة بعد أبي طالب بشهر و اجتمع بذلك على رسول الله ص حزنان حتى عرف ذلك فيه قال هند ثم انطلق ذوو الطول و الشرف من قريش إلى دار الندوة ليرتئوا و يأتمروا في رسول الله ص و أسروا ذلك بينهم فقال بعضهم نبني له علما و نترك فرجا نستودعه فيه فلا يخلص من الصباة فيه إليه أحد و لا نزال في رفق من العيش حتى يتضيفه ريب المنون و صاحب هذه المشورة العاص بن وائل و أمية و أبي ابنا خلف فقال قائل كلا ما هذا لكم برأي و لئن صنعتم ذلك ليتنمرن له الحدب الحميم و المولى الحليف ثم ليأتين المواسم و الأشهر الحرم بالأمن فلينتزعن من أنشوطتكم قولوا قولكم. فقال عتبة و شيبة و شركهما أبو سفيان قالوا فإنا نرى أن نرحل بعيرا صعبا و نوثق محمدا عليه كتافا ثم نقطع البعير بأطراف الرماح فيوشك أن يقطعه بين الدكادك إربا إربا فقال صاحب رأيهم إنكم لم تصنعوا بقولكم هذا شيئا أ رأيتم إن خلص به البعير سالما إلى بعض الأفاريق فأخذ بقلوبهم بسحره و بيانه و طلاقة لسانه فصبا القوم إليه و استجابت القبائل له قبيلة فقبيلة فليسيرن حينئذ إليكم بالكتائب و المقانب فلتهلكن كما هلكت أياد و من كان قبلكم. قولوا قولكم فقال له أبو جهل لكن أرى لكم أن تعمدوا إلى قبائلكم العشرة فتنتدبوا من كل قبيلة منها رجلا نجدا ثم تسلحوه حساما عضبا و تمهد الفتية حتى إذا غسق الليل و غور بيتوا بابن أبي كبشة بياتا فيذهب دمه في قبائل قريش جميعا فلا يستطيع بنو هاشم و بنو المطلب مناهضة قبائل قريش في صاحبهم فيرضون حينئذ بالعقل منهم فقال صاحب رأيهم أصبت يا با الحكم ثم أقبل عليهم فقال هذا الرأي فلا تعدلن به رأيا و أوكئوا في ذلك أفواهكم حتى يستتب أمركم فخرج القوم عزين و سبقهم بالوحي بما كان من كيدهم جبرئيل ع فتلا هذه الآية على رسول الله ص وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ فلما أخبره جبرئيل بأمر الله في ذلك و وحيه و ما عزم له من الهجرة دعا رسول الله ص علي بن أبي طالب لوقته فقال له يا علي إن الروح هبط علي بهذه الآية آنفا يخبرني أن قريشا اجتمعت على المكر بي و قتلي و إنه أوحي إلي عن ربي عز و جل أن أهجر دار قومي و أن أنطلق إلى غار ثور تحت ليلتي و إنه أمرني أن آمرك بالمبيت على ضجاعي أو قال مضجعي لتخفي بمبيتك عليه أثري فما أنت قائل و صانع فقال علي ع أ و تسلمن بمبيتي هناك يا نبي الله قال نعم فتبسم علي ع ضاحكا و أهوى إلى الأرض ساجدا شكرا لما أنبأه به رسول الله ص من سلامته فكان علي ع أول من سجد لله شكرا و أول من وضع وجهه على الأرض بعد سجدته من هذه الأمة بعد رسول الله ص فلما رفع رأسه قال له امض لما أمرت فداك سمعي و بصري و سويداء قلبي و مرني بما شئت أكن فيه كمسرتك واقع منه بحيث مرادك و إن توفيقي إلا بالله و قال و أن ألقي عليك شبه مني أو قال شبهي قال إن يمنعني نعم قال فارقد على فراشي و اشتمل ببردي الحضرمي ثم إني أخبرك يا علي إن الله تعالى يمتحن أولياءه على قدر إيمانهم و منازلهم من دينه فأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل و قد امتحنك يا ابن أم و امتحنني فيك بمثل ما امتحن به خليله إبراهيم ع و الذبيح إسماعيل ع فصبرا صبرا ف إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ثم ضمه النبي ص إلى صدره و بكى إليه وجدا به و بكى علي ع جشعا لفراق رسول الله ص و استتبع رسول الله ص أبا بكر بن أبي قحافة و هند بن أبي هالة فأمرهما أن يقعدا له بمكان ذكره لهما من طريقه إلى الغار و لبث رسول الله ص بمكانه مع علي ع يوصيه و يأمره في ذلك بالصبر حتى صلى العشاءين ثم خرج ص في فحمة العشاء و الرصد من قريش قد أطافوا بداره ينتظرون أن ينتصف الليل و تنام الأعين فخرج و هو يقرأ هذه الآية وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ و كان بيده قبضة من تراب فرمى بها في رءوسهم فما شعر القوم به حتى تجاوزهم و مضى حتى أتى إلى هند و أبي بكر فنهضا معه حتى وصلوا إلى الغار ثم رجع هند إلى مكة بما أمره به رسول ص و دخل رسول الله ص و أبو بكر إلى الغار فلما خلق الليل و انقطع الأثر أقبل القوم على علي ع قذفا بالحجارة و الحلم فلا يشكون أنه رسول الله ص حتى إذا برق الفجر و أشفقوا أن يفضحهم الصبح هجموا على علي ع و كانت دور مكة يومئذ سوائب لا أبواب لها فلما بصر بهم علي ع قد انتضوا السيوف و أقبلوا عليه بها يقدمهم خالد بن الوليد بن المغيرة وثب به علي ع فختله و همز يده فجعل خالد يقمص قماصالبكر و إذا له رغاء فابذعر الصبح و هم في عرج الدار من خلفه و شد عليهم علي ع بسيفه يعني سيف خالد فأجفلوا أمامه إجفال النعم إلى ظاهر الدار و تبصروه فإذا علي ع قالوا و إنك لعلي قال أنا علي قالوا فإنا لم نردك فما فعل صاحبك قال لا علم لي به و قد كان علم يعني عليا أن الله تعالى قد أنجى نبيه ص بما كان أخبره من مضيه إلى الغار و اختبائه فيه فأذكت قريش عليه العيون و ركبت في طلبه الصعب و الذلول و أمهل علي ع حتى إذا أعتم من الليلة القابلة انطلق هو و هند بن أبي هالة حتى دخلا على رسول الله ص في الغار فأمر رسول الله ص هندا أن يبتاع له و لصاحبه بعيرين فقال أبو بكر قد كنت أعددت لي و لك يا نبي الله راحلتين نرتحلهما إلى يثرب فقال إني لا آخذهما و لا أحدهما إلا بالثمن قال فهي لك بذلك فأمر ص عليا ع فأقبضه الثمن ثم وصاه بحفظ ذمته و أداء أمانته و كانت قريش تدعو محمدا ص في الجاهلية الأمين و كانت تستودعه و تستحفظه أموالها و أمتعتها و كذلك من يقدم مكة من العرب في الموسم و جاءته النبوة و الرسالة و الأمر كذلك فأمر عليا ع أن يقيم صارخا يهتف بالأبطح غدوة و عشيا من كان له قبل محمد أمانة أو وديعة فليأت فلنؤد إليه أمانته قال فقال ص إنهم لن يصلوا من الآن إليك يا علي بأمر تكرهه حتى تقدم علي فأد أمانتي على أعين الناس ظاهرا ثم إني مستخلفك على فاطمة ابنتي و مستخلف ربي عليكما و مستحفظه فيكما فأمره أن يبتاع رواحل له و للفواطم و من أزمع للهجرة معه من بني هاشم. قال أبو عبيدة فقلت لعبيد الله يعني ابن أبي رافع أ و كان رسول الله ص يجد ما ينفقه هكذا فقال إني سألت أبي عما سألتني و كان يحدث لي هذا الحديث  فقال و أين يذهب بك عن مال خديجة ع قال إن رسول الله ص قال ما نفعني مال قط ما نفعني مال خديجة و كان رسول الله ص يفك في مالها الغارم و العاني و يحمل الكل و يعطي في النائبة و يرفد فقراء أصحابه إذ كان بمكة و يحمل من أراد منهم الهجرة و كانت قريش إذا رحلت عيرها في الرحلتين يعني رحلة الشتاء و الصيف كانت طائفة من العير لخديجة ع و كانت أكثر قريش مالا و كان ص ينفق منه ما شاء في حياتها ثم ورثها هو و ولدها قال و قال رسول الله ص لعلي ع و هو يوصيه فإذا أبرمت ما أمرتك من أمر فكن على أهبة الهجرة إلى الله و رسوله و سر إلي لقدوم كتابي عليك و لا تلبث و انطلق رسول الله ص لوجه يؤم المدينة و كان مقامه في الغار ثلاثا و مبيت علي ع على الفراش أول ليلة. قال عبيد الله بن أبي رافع و قد قال علي بن أبي طالب ع يذكر مبيته على الفراش و مقام رسول الله ص في الغار  وقيت بنفسي خير من وطئ الحصى و من طاف بالبيت العتيق و بالحجرمحمد لما خاف أن يمكروا به. فوقاه ربي ذو الجلال من المكر.و بت أراعيهم متى ينشرونني. و قد وطنت نفسي على القتل و الأسر.و بات رسول الله في الغار آمنا. هناك و في حفظ الإله و في ستر. أقام ثلاثا ثم زمت قلائص. قلائص يفرين الحصى أينما تفري. و لما ورد رسول الله ص المدينة نزل في بني عمرو بن عوف بقباء فأراده أبو بكر على دخوله المدينة و ألاصه في ذلك فقال فما أنا بداخلها حتى يقدم ابن أمي و ابنتي عليا و فاطمة. قالا قال أبو اليقظان فحدثنا رسول الله ص و نحن معه بقباء عما أرادت قريش من المكر به و مبيت علي ع على فراشه قال أوحى الله عز و جل إلى جبرئيل و ميكائيل ع أني قد آخيت بينكما و جعلت عمر أحدكما أطول من عمر صاحبه فأيكما يؤثر أخاه و كلاهما كره الموت فأوحى الله إليهما عبداي أ لا كنتما مثل وليي علي آخيت بينه و بين محمد نبيي فآثره بالحياة على نفسه ثم ظل أو قال رقد على فراشه يقيه بمهجته اهبطا إلى الأرض جميعا فاحفظاه من عدوه فهبط جبرئيل فجلس عند رأسه و ميكائيل عند رجليه و جعل جبرئيل يقول بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب و الله عز و جل يباهي بك الملائكة قال فأنزل الله عز و جل في علي ع و ما كان من مبيته على فراشرسول الله ص وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ. قال أبو عبيدة قال أبي و ابن أبي رافع ثم كتب رسول الله ص إلى علي بن أبي طالب ع كتابا يأمره فيه بالمسير إليه و قلة التلوم و كان الرسول إليه أبا واقد الليثي فلما أتاه كتاب رسول الله ص تهيأ للخروج و الهجرة فأذن من كان معه من ضعفاء المؤمنين فأمرهم أن يتسللوا و يتخففوا إذا ملأ الليل بطن كل واد إلى ذي طوى و خرج علي ع بفاطمة ع بنت رسول الله ص و أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم و فاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب و قد قيل هي ضباعة و تبعهم أيمن ابن أم أيمن مولى رسول الله ص و أبو واقد رسول رسول الله ص فجعل يسوق بالرواحل فأعنف بهم فقال علي ع ارفق بالنسوة أبا واقد إنهن من الضعائف قال إني أخاف أن يدركنا الطالب أو قال الطلب فقال علي ع أربع عليك فإن رسول الله ص قال لي يا علي إنهم لن يصلوا من الآن إليك بأمر تكرهه ثم جعل يعني عليا ع يسوق بهن سوقا رفيقا و هو يرتجز و يقول:

ليس إلا الله فارفع ظنكا يكفيك رب الناس ما أهمكا.  و سار فلما شارف ضجنان أدركه الطلب سبع فوارس من قريش مستلئمين و ثامنهم مولى الحارث بن أمية يدعى جناحا فأقبل علي ع على أيمن و أبي واقد و قد تراءى القوم فقال لهما أنيخا الإبل و اعقلاها و تقدم حتى أنزل النسوة و دنا القوم فاستقبلهم علي ع منتضيا سيفه فأقبلوا عليه فقالوا ظننت أنك يا غدار ناج بالنسوة ارجع لا أبا لك قال فإن لم أفعل قالوا لترجعن راغما أو لنرجعن بأكبرك سعرا و أهون بك من هالك و دنا الفوارس من النسوة و المطايا ليثوروها فحال علي ع بينهم و بينها فأهوى له جناح بسيفه فراغ علي ع عن ضربته و تختله علي ع فضربه على عاتقه فأسرع السيف مضيا فيه حتى مس كاثبة فرسه فكان علي ع يشد على قدمه شد الفرس أو الفارس على فرسه فشد عليهم بسيفه و هو يقول خلوا سبيل الجاهد المجاهد آليت لا أعبد غير الواحد فتصدع القوم عنه فقالوا له أغن عنا نفسك يا ابن أبي طالب قال فإني منطلق إلى ابن عمي رسول الله بيثرب فمن سره أن أفري لحمه و أهريق دمه فليتبعني أو فليدن مني ثم أقبل على صاحبيه أيمن و أبي واقد فقال لهما أطلقا مطاياكما ثم سار ظاهرا قاهرا حتى نزل ضجنان فتلوم بها قدر يومه و ليلته و لحق به نفر من المستضعفين من المؤمنين و فيهم أم أيمن مولاة رسول الله ص فصلى ليلته تلك هو و الفواطم أمه فاطمة بنت أسد رضي الله عنها و فاطمة ع بنت رسول الله ص و فاطمة بنت الزبير يصلون لله ليلتهم و يذكرونه قياما و قعودا و على جنوبهم فلن يزالوا كذلك حتى طلع الفجر فصلى علي ع بهم صلاة الفجر ثم سار لوجهه فجعل و هم يصنعون ذلك منزلا بعد منزل يعبدون الله عز و جل و يرغبون إليه كذلك حتى قدم المدينة و قد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا إلى قوله فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى الذكر علي ع و الأنثى فاطمة ع بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ يقول علي من فاطمة أو قال الفواطم و هن من علي فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أُوذُوا فِي سَبِيلِي وَ قاتَلُوا وَ قُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ و تلا ص وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ قال و قال له يا علي أنت أول هذه الأمة إيمانا بالله و رسوله و أولهم هجرة إلى الله و رسوله و آخرهم عهدا برسوله لا يحبك و الذي نفسي بيده إلا مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان و لا يبغضك إلا منافق أو كافر.