وصيته عليه السلام

وصيته قبل ارتحاله صلوات الله عليه :

                            

في (المجالس للمفيد) ، (الأمالي للشيخ الطوسي) المفيد عن عمر بن محمد بن علي الصيرفي عن محمد بن همام الإسكافي عن جعفر بن محمد بن مالك عن أحمد بن سلامة الغنوي عن محمد بن الحسن العامري عن معمر عن أبي بكر بن عياش عن الفجيع العقيلي قال حدثني الحسن بن علي بن أبي طالب ع قال لما حضرت والدي الوفاة أقبل يوصي فقال هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أخو محمد رسول الله ص و ابن عمه و صاحبه أول وصيتي أني أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسوله و خيرته اختاره بعلمه و ارتضاه لخيرته و إن الله باعث من في القبور و سائل الناس عن أعمالهم عالم بما في الصدور ثم إني أوصيك يا حسن و كفى بك وصيا بما أوصاني به رسول الله ص فإذا كان ذلك يا بني الزم بيتك و ابك على خطيئتك و لا تكن الدنيا أكبر همك و أوصيك يا بني بالصلاة عند وقتها و الزكاة في أهلها عند محلها و الصمت عند الشبهة والاقتصاد و العدل في الرضا و الغضب و حسن الجوار و إكرام الضيف و رحمة المجهود و أصحاب البلاء و صلة الرحم و حب المساكين و مجالستهم و التواضع فإنه من أفضل العبادة و قصر الأمل و اذكر الموت و ازهد في الدنيا فإنك رهين موت و غرض بلاء و طريح سقم و أوصيك بخشية الله في سر أمرك و علانيتك و أنهاك عن التسرع بالقول و الفعل و إذا عرض شي‏ء من أمر الآخرة فابدأ به و إذا عرض شي‏ء من أمر الدنيا فتأنه حتى تصيب رشدك فيه و إياك و مواطن التهمة و المجلس المظنون به السوء فإن قرين السوء يغر جليسه و كن لله يا بني عاملا و عن الخنى زجورا و بالمعروف آمرا و عن المنكر ناهيا و واخ الإخوان في الله و أحب الصالح لصلاحه و دار الفاسق عن دينك و أبغضه بقلبك و زايله بأعمالك لئلا تكون مثله و إياك و الجلوس في الطرقات و دع المماراة و مجاراة من لا عقل له و لا علم و اقتصد يا بني في معيشتك و اقتصد في عبادتك و عليك فيها بالأمر الدائم الذي تطيقه و الزم الصمت تسلم و قدم لنفسك تغنم و تعلم الخير تعلم و كن لله ذاكرا على كل حال و ارحم من أهلك الصغير و وقر منهم الكبير و لا تأكلن طعاما حتى تصدق منه قبل أكله و عليك بالصوم فإنه زكاة البدن و جنة لأهله و جاهد نفسك و احذر جليسك و اجتنب عدوك و عليك بمجالس الذكر و أكثر من الدعاء فإني لم آلك يا بني نصحا و هذا فراق بيني و بينك و أوصيك بأخيك محمد خيرا فإنه شقيقك و ابن أبيك و قد تعلم حبي له و أما أخوك الحسين فهو ابن أمك و لا أريد الوصاة بذلك و الله الخليفة عليكم و إياه أسأل أن يصلحكم و أن يكف الطغاة البغاة عنكم والصبر الصبر حتى ينزل الله الأمر و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

و قد ذكرها أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه و أبو الفرج الأصبهاني في مقاتل الطالبيين و في كشف الغمة للاربلي أنه دعا علي صلوات الله عليه حسنا و حسينا(ع) فقال أوصيكما بتقوى الله و لا تبغيا الدنيا و إن بغتكما و لا تبكيا على شي‏ء زوي عنكما و قولا بالحق و ارحما اليتيم و أعينا الضائع و اصنعا للأخرى و كونا للظالم خصما و للمظلوم ناصرا اعملا بما في كتاب الله و لا تأخذكما في الله لومة لائم ثم نظر إلى محمد بن الحنفية فقال هل حفظت ما أوصيت به أخويك قال نعم قال فإني أوصيك بمثله و أوصيك بتوقير أخويك لعظم حقهما عليك فلا توثق أمرا دونهما ثم قال أوصيكما به فإنه شقيقكما و ابن أبيكما و قد علمتما أن أباكما كان يحبه و قال للحسن أوصيك يا بني بتقوى الله و إقام الصلاة لوقتها و إيتاء الزكاة عند محلها فإنه لا صلاة إلا بطهور و لا تقبل الصلاة ممن منع الزكاة و أوصيك بعفو الذنب و كظم الغيظ و صلة الرحم و الحلم عن الجاهل و التفقه في الدين و التثبت في الأمور و التعاهد للقرآن و حسن الجوار و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و اجتناب الفواحش فلما حضرته الوفاة أوصى فكانت وصيته بسم الله الرحمن الرحيم.هذا ما أوصى به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله أرسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون ثم إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا أول المسلمين أوصيكما بتقوى الله و أن لا تبغيا الدنيا و أن بغتكما و لا تأسفا على شي‏ء منها زوي عنكما و قولا بالحق و اعملا للأجر )للآخرة خ ل( و كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا أوصيكما و جميع ولدي و أهل بيتي و من بلغهم كتابي هذا من المؤمنين بتقوى الله و نظم أمركم و صلاح ذات بينكم فإني سمعت رسول الله صلى‏الله‏عليه‏وآله يقول صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام و إن البغضة حالقة الدين و لا قوة إلا بالله انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب و الله الله في الأيتام لا تغيروا أفواههم و لا يضيعوا بحضرتكم فإني  سمعت رسول الله صلى‏الله‏عليه‏وآله يقول من عال يتيما حتى يستغني أوجب الله له الجنة كما أوجب لآكل مال اليتيم النار، و الله الله في القرآن فلا يسبقكم إلى العمل به غيركم و الله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم ما زال يوصينا بهم حتى ظننا أنه سيورثهم و الله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا و إن أدنى ما يرجع به من أمه أن يغفر له ما سلف من ذنبه و الله الله في الصلاة فإنها خير العمل و إنها عمود دينكم و الله الله في الزكاة فإنها تطفئ غضب ربكم و الله الله في صيام شهر رمضان فإن صيامه جنة من النار و الله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم فإنما يجاهد في سبيل الله رجلان إمام هدى و مطيع له مقتد بهداه و الله الله في ذرية نبيكم فلا يظلمن بين أظهركم و الله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا و لم يؤوا محدثا فإن رسول الله صلى‏الله‏عليه‏وآله أوصى بهم و لعن المحدث منهم و من غيرهم و المؤوي للمحدث، و الله الله في الفقراء و المساكين فأشركوهم في معايشكم و الله الله في النساء و ما ملكت أيمانكم فإن آخر ما تكلم به رسول الله صلى‏الله‏عليه‏وآله أن قال أوصيكم بالضعيفين نسائكم و ما ملكت أيمانكم ثم قال الصلاة الصلاة و لا تخافن في الله لومة لائم يكفكم من أرادكم و بغى عليكم قولوا للناس حسنا كما أمركم الله عز و جل و لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيولي الله الأمر شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم عليكم بالتواصل و التباذل و التبار و إياكم و التقاطع و التدابر و التفرق و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله إن الله شديد العقاب حفظكم الله من أهل بيت و حفظ فيكم نبيكم و استودعكم الله خير مستودع و أقرأ عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.

ثم قال للحسن : أبصروا ضاربي أطعموه من طعامي و اسقوه من شرابي.ثم قال للحسن عليه‏السلام إذا أنا مت فلا تغال في كفني و صل علي و كبر علي سبعا و في رواية خمسا و غيب قبري.