باب 2- قصص ولادته عليه السلام إلى كسر الأصنام و ما جرى بينه و بين فرعونه و بيان حال أبيه

الآيات البقرة أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الأنعام وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَ تَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَ قَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ  فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ حاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَ تُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَ قَدْ هَدانِ وَ لا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً أَ فَلا تَتَذَكَّرُونَ وَ كَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَ لا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ وَ تِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ التوبة وَ ما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ مريم وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَ لا يُبْصِرُ وَ لا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا قالَ أَ راغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَ اهْجُرْنِي مَلِيًّا قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ أَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا الأنبياء وَ لَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَ كُنَّا بِهِ عالِمِينَ إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَ قَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ قالُوا أَ جِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَ أَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ وَ تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ قالُوا أَ أَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ  أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ قالَ أَ فَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَ لا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَ لِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ قالُوا حَرِّقُوهُ وَ انْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ وَ أَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ وَ نَجَّيْناهُ وَ لُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ

 الشعراء وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَ قَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ قالَ أَ فَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَ آباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَ الَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَ يَسْقِينِ وَ إِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَ الَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَ الَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ وَ اجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ وَ اغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ وَ لا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ العنكبوت وَ إِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اتَّقُوهُ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً وَ تَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَ اعْبُدُوهُ وَ اشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَ إِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ثم قال تعالى فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وَ قالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَ مَأْواكُمُ النَّارُ وَ ما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَ قالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الصافات وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَ قَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ أَ إِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ  فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَ لا تَأْكُلُونَ ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ قالَ أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَ قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ وَ قالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ الزخرف وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَ قَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ الممتحنة قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَ الَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَ مِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَ بَدا بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَ الْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَ ما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَ إِلَيْكَ أَنَبْنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَ اغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ تفسير قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى أَ لَمْ تَرَ أي أ لم ينته علمك إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ أي خاصمه و هو نمرود بن كنعان و هو أول من تجبر و ادعى الربوبية و اختلف في وقت الحاجة فقيل عند كسر الأصنام قبل إلقائه في النار و قيل بعده و هو المروي عن الصادق ع فِي رَبِّهِ أي في رب إبراهيم الذي يدعو إلى توحيده و عبادته أَنْ آتاهُ اللَّهُ أي لأن آتاه الْمُلْكَ و الهاء تعود إلى المحاج لإبراهيم أي بطر الملك و نعيم الدنيا حمله على المحاجة و الملك على هذا الوجه جائز أن ينعم الله به على أحد فأما الملك بتمليك الأمر و النهي و تدبير أمور الناس و إيجاب الطاعة على الخلق فلا يجوز أن يؤتيه الله إلا من يعلم أنه يدعو إلى الصلاح و السداد و الرشاد و قيل إن الهاء تعود إلى إبراهيم ع إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ الإماتة هي إخراج الروح من بدن الحي من غير جرح و لا نقص بنية و لا إحداث فعل يتصل بالبدن من جهة و هذا خارج عن قدرة البشر قالَ أَنَا أُحْيِي بالتخلية من الحبس وَ أُمِيتُ بالقتل و هذا جهل من الكافر لأنه اعتمد في المعارضة على العبارة فقط دون المعنى عادلا عن وجه الحجة بفعل الحياة للميت أو الموت للحي على سبيل الاختراع الذي ينفرد

   سبحانه به و لا يقدر عليه سواه فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ أي تحير عند الانقطاع بما بان له من ظهور الحجة. فإن قيل فهلا قال له نمرود فليأت بها ربك من المغرب قيل عن ذلك جوابان أحدهما أنه لما علم بما رأى من الآيات أنه لو اقترح ذلك لأتى به الله تصديقا لإبراهيم فكان يزداد بذلك فضيحة عدل عن ذلك و الثاني أن الله خذله و لطف لإبراهيم ع حتى أنه لم يأت بشبهة و لم يلبس وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ بالمعونة على بلوغ البغية من الفساد أو إلى المحاجة أو إلى الجنة أو لا يهديهم بألطافه و تأييده إذا علم أنه لا لطف لهم. و في تفسير ابن عباس أن الله سلط على نمرود بعوضة فعضت شفته فأهوى إليها ليأخذها بيده فطارت في منخره فذهب ليستخرجها فطارت في دماغه فعذبه الله بها أربعين ليلة ثم أهلكه. وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ أي مثل ما وصفناه من قصة إبراهيم و قوله لأبيه ما قال نري مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أي القدرة التي تقوى بها دلالته على توحيد الله و قيل معناه كما أريناك يا محمد أريناه آثار قدرتنا فيما خلقنا من العلويات و السفليات ليستدل بها و قيل ملكوت السماوات و الأرض ملكهما بالنبطية و قيل أطلق الملكوت على المملوك الذي هو في السماوات و الأرض

 قال أبو جعفر ع كشط الله له عن الأرضين حتى رآهن و ما تحتهن و عن السماوات حتى رآهن و ما فيهن من الملائكة و حملة العرش

 وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ أي المتيقنين بأن الله سبحانه هو خالق ذلك و المالك له. فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ أي أظلم و ستر بظلامه كل ضياء رَأى كَوْكَباً قيل هو الزهرة و قيل هو المشتري فَلَمَّا أَفَلَ أي غرب بازِغاً أي طالعا إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ أي نفسي حَنِيفاً أي مخلصا مائلا عن الشرك إلى الإخلاص و ذكر أهل التفسير و التاريخ أن إبراهيم ع ولد في زمن نمرود بن كنعان و زعم  بعضهم أن نمرود كان من ولاة كيكاوس و بعضهم قال كان ملكا برأسه و قيل لنمرود إنه يولد مولود في بلدة هذه السنة يكون هلاكه و زوال ملكه على يده ثم اختلفوا فقال بعضهم إنما قالوا ذلك من طريق التنجيم و التكهن و قال آخرون بل وجد ذلك في كتب الأنبياء و قال آخرون رأى نمرود كأن كوكبا طلع فذهب بضوء الشمس و القمر فسأل عنه فعبر بأنه يولد غلام يذهب ملكه على يده عن السدي فعند ذلك أمر بقتل كل غلام يولد تلك السنة و أمر بأن يعزل الرجال عن النساء و بأن يتفحص عن أحوال النساء فمن وجدت حبلى تحبس حتى تلد فإن كان غلاما قتل و إن كانت جارية خليت حتى حبلت أم إبراهيم فلما دنت ولادته خرجت هاربة فذهبت به إلى غار و لفته في خرقة ثم جعلت على باب الغار صخرة ثم انصرفت عنه فجعل الله رزقه في إبهامه فجعل يمصها فتشخب لبنا و جعل يشب في اليوم كما يشب غيره في الجمعة و يشب في الجمعة كما يشب غيره في الشهر و يشب في الشهر كما يشب غيره في السنة فمكث ما شاء الله أن يمكث و قيل كانت تختلف إليه أمه فكان يمص أصابعه فوجدته يمص من إصبع ماء و من إصبع لبنا و من إصبع عسلا و من إصبع تمرا و من إصبع سمنا عن أبي روق و محمد بن إسحاق و لما خرج من السرب نظر إلى النجم و كان آخر الشهر فرأى الكوكب قبل القمر ثم رأى القمر ثم الشمس فقال ما قال و لما رأى قومه يعبدون الأصنام خالفهم و كان يعيب آلهتهم حتى فشا أمره و جرت المناظرات. وَ حاجَّهُ قَوْمُهُ أي جادلوه في الدين و خوفوه من ترك عبادة آلهتهم قالَ أي إبراهيم أَ تُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَ قَدْ هَدانِ أي وفقني لمعرفته و لطف لي في العلم بتوحيده و إخلاص العبادة له وَ لا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ أي لا أخاف منه ضررا إن كفرت به و لا أرجو نفعا إن عبدته لأنه بين صنم قد كسر فلا يدفع عن نفسه و نجم دل أفوله على حدثه إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً فيه قولان أحدهما أن معناه إلا أن يقلب الله هذه الأصنام فيحييها و يقدرها فتضر و تنفع فيكون ضررها و نفعها إذ ذاك دليلا على حدثها

   أيضا و على توحيد الله و على أنه المستحق للعبادة دون غيره و الثاني إلا أن يشاء ربي أن يعذبني ببعض ذنوبي أو يشاء الإضرار بي ابتداء و الأول أجود وَ كَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ من الأوثان و هم لا يضرون و لا ينفعون وَ لا تَخافُونَ من هو القادر على الضر و النفع بل تجترءون عليه بأنكم أشركتم. و قيل معناه كيف أخاف شرككم و أنا بري‏ء منه و الله لا يعاقبني بفعلكم و أنتم لا تخافونه و قد أشركتم به فما مصدرية سُلْطاناً أي حجة على صحته. وَ تِلْكَ حُجَّتُنا أي أدلتنا آتَيْناها أي أعطيناها إِبْراهِيمَ و أخطرناها بباله و جعلناها حججا عَلى قَوْمِهِ من الكفار نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ من المؤمنين بحسب أحوالهم في الإيمان و اليقين أو للاصطفاء للرسالة. إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ أي إلا صادرا عن موعدة و اختلف في صاحب هذه الموعدة هل هو إبراهيم أو أبوه فقيل إنها من الأب وعد إبراهيم أنه يؤمن به إن يستغفر له فاستغفر له لذلك فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ و لا يفي بما وعد تَبَرَّأَ مِنْهُ و ترك الدعاء له و قيل إن الموعدة كانت من إبراهيم قال لأبيه إني أستغفر لك ما دمت حيا و كان يستغفر له مقيدا بشرط الإيمان فلما أيس من إيمانه تبرأ منه إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ أي كثير الدعاء و البكاء و هو المروي عن أبي عبد الله ع و قيل الرحيم بعباد الله و قيل الذي إذا ذكر النار قال أوه و قيل الأواه المؤمن بلغة الحبشة و قيل الموقن أو العفيف أو الراجع عن كل ما يكره الله أو الخاشع أو الكثير الذكر و قيل المتأوه شفقا و فرقا المتضرع يقينا بالإجابة و لزوما للطاعة حَلِيمٌ يقال بلغ من حلم إبراهيم ع أن رجلا قد آذاه و شتمه فقال له هداك الله. إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً أي كثير التصديق في أمور الدين وَ لا يُغْنِي عَنْكَ أي لا يكفيك   شَيْئاً و لا ينفعك و لا يضرك صِراطاً سَوِيًّا أي طريقا مستقيما عَصِيًّا أي عاصيا أَنْ يَمَسَّكَ أي يصيبك فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا أي موكولا إليه و هو لا يغني عنك شيئا و قيل أي لاحقا بالشيطان في اللعن و الخذلان أَ راغِبٌ أي معرض أَنْتَ عَنْ عبادة آلِهَتِي لَأَرْجُمَنَّكَ بالحجارة و قيل لأرمينك بالذنب و العيب و أشتمنك و قيل لأقتلنك وَ اهْجُرْنِي مَلِيًّا أي فارقني دهرا طويلا و قيل مليا سويا سليما من عقوبتي قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سلام توديع و هجر على ألطف الوجوه و قيل سلام إكرام و بر تأدية لحق الأبوة. سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي فيه أقوال أحدها أنه إنما وعده بالاستغفار على مقتضى العقل و لم يكن قد استقر بعد قبح الاستغفار للمشركين و ثانيها أنه قال سأستغفر لك على ما يصح و يجوز من تركك عبادة الأوثان و ثالثها أن معناه سأدعو الله أن لا يعذبك في الدنيا. إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا أي بارا لطيفا رحيما وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي أتنحى منكم جانبا و أعتزل عبادة الأصنام وَ أَدْعُوا رَبِّي أي و أعبده عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا كما شقيتم بدعاء الأصنام و إنما ذكر عسى على وجه الخضوع و قيل معناه لعله يقبل طاعتي و لا أشقى بالرد فإن المؤمن بين الرجاء و الخوف. رُشْدَهُ أي الحجج التي توصله إلى الرشد بمعرفة الله و توحيده أو هداه أي هديناه صغيرا و قيل هو النبوة مِنْ قَبْلُ أي من قبل موسى أو محمد أو من قبل بلوغه وَ كُنَّا بِهِ عالِمِينَ أنه أهل لذلك إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَ قَوْمِهِ حين رآهم يعبدون الأصنام ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ أي ما هذه الصور التي أنتم مقيمون على عبادتها و التمثال اسم للشي‏ء المصنوع مشبها بخلق من خلق الله قيل إنهم جعلوها أمثلة لعلمائهم الذين انقرضوا و قيل للأجسام العلوية قالُوا وَجَدْنا اعترفوا بالتقليد إذ لم يجدوا حجة لعبادتهم إياها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ في ذهاب عن الحق ظاهر قالُوا أَ جِئْتَنا بِالْحَقِّ أي

   أ جاد أنت فيما تقول محق عند نفسك أم لاعب مازح و إنما قالوا ذلك لاستبعادهم إنكار عبادة الأصنام عليهم. قوله قالَ بَلْ رَبُّكُمْ قال البيضاوي إضراب عن كونه لاعبا بإقامة البرهان على ما ادعاه و هن للسماوات و الأرض أو للتماثيل مِنَ الشَّاهِدِينَ أي من المحققين له و المبرهنين عليه لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ أي لأجتهدن في كسرها بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا عنها مُدْبِرِينَ إلى عيدكم. و قال الطبرسي قيل إنما قال ذلك في سر من قومه و لم يسمع ذلك إلا رجل منهم فأفشاه و قالوا كان لهم في كل سنة مجمع و عيد إذا رجعوا منه دخلوا على الأصنام فسجدوا لها فقالوا لإبراهيم أ لا تخرج معنا فخرج فلما كان ببعض الطريق قال أشتكي رجلي و انصرف فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً أي جعل أصنامهم قطعا قطعا إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ في الخلقة أو في التعظيم تركه على حاله قالوا جعل يكسرهن بفأس في يده حتى لم يبق إلا الصنم الكبير علق الفأس في عنقه و خرج لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ أي إلى إبراهيم فينبههم على جهلهم أو إلى الكبير فيسألونه و هو لا ينطق فيعلمون جهل من اتخذه إلها فلما رجع قومه من عيدهم فوجدوا أصنامهم مكسرة قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ من موصولة أي الذي فعل هذا بآلهتنا فإنه ظالم لنفسه لأنه يقتل إذا علم به و قيل إنهم قالوا من فعل هذا استفهاما و أنكروا عليه بقولهم إنه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى أي قال الرجل الذي سمع من إبراهيم قوله لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ للقوم ما سمعه منه فقالوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ بسوء و قيل إنهم قالوا سمعنا فتى يعيب آلهتنا و يقول إنها لا تضر و لا تنفع و لا تبصر و لا تسمع فهو الذي كسرها عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ أي بحيث يراه الناس و يكون بمشهد منهم لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ عليه بما قاله فيكون ذلك حجة عليه بما فعل كرهوا أن يأخذوه بغير بينة أو لعلهم يحضرون عقابه فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ أي فرجع بعضهم إلى بعض و قال بعضهم لبعض أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ  حيث تعبدون ما لا يقدر الدفع عن نفسه و قيل معناه فرجعوا إلى عقولهم و تدبروا في ذلك إذ علموا صدق إبراهيم ع فيما قاله و حاروا عن جوابه فأنطقهم الله تعالى بالحق فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ لهذا الرجل في سؤاله و هذه آلهتكم حاضرة فاسألوها ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ إذ تحيروا و علموا أنها لا تنطق. و قال البيضاوي أي انقلبوا إلى المجادلة بعد ما استقاموا بالمراجعة شبه عودهم إلى الباطل بصيرورة أسفل الشي‏ء مستعليا على أعلاه. قال الطبرسي فقالوا لَقَدْ عَلِمْتَ يا إبراهيم ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ فيكف نسألهم فأجابهم إبراهيم ع بعد اعترافهم بالحجة أَ فَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً إن عبدتموه وَ لا يَضُرُّكُمْ إن تركتموه لأنها لو قدرت لدفعت عن أنفسها أُفٍّ لَكُمْ تضجر منه على إصرارهم بالباطل البين قالُوا حَرِّقُوهُ أي لما سمعوا منه هذا القول قال بعضهم لبعض حرقوه بالنار وَ انْصُرُوا آلِهَتَكُمْ أي و ادفعوا عنها و عظموها إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ أي إن كنتم ناصريها قيل إن الذي أثار بتحريق إبراهيم بالنار رجل من أكراد فارس فخسف الله به الأرض فهو يتخلخل فيها إلى يوم القيامة و قال وهب إنما قاله نمرود و في الكلام حذف قال السدي فجمعوا الحطب حتى أن الرجل ليمرض فيوصي بكذا و كذا من ماله فيشترى به حطب و حتى أن المرأة لتغزل فتشتري به حطبا حتى بلغوا من ذلك ما أرادوا فلما أرادوا أن يلقوا إبراهيم في النار لم يدروا كيف يلقونه فجاء إبليس فدلهم على المنجنيق و هو أول منجنيق صنعت فوضعوه فيها ثم رموه قُلْنا يا نارُ أي لما جمعوا الحطب و ألقوه في النار قلنا للنار كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ و هذا مثل فإن النار جماد لا يصح خطابه و المراد أنا جعلنا النار بردا عليه و سلامة لا يصيبه من أذاها شي‏ء و قيل يجوز أن يتكلم الله سبحانه بذلك و يكون ذلك صلاحا للملائكة و لطفا لهم. و قال الرازي اختلفوا في أن النار كيف بردت على ثلاثة أوجه أحدها أن الله

   تعالى أزال عنها ما فيها من الحر و الإحراق و أبقى ما فيها من الإضاءة و الإشراق و ثانيها أنه سبحانه خلق في جسم إبراهيم كيفية مانعة من وصول أذى النار إليه كما يفعل بخزنة جهنم في الآخرة كما أنه ركب بنية النعامة بحيث لا يضرها ابتلاع الحديدة المحماة و بدن السمندر بحيث لا يضره المكث في النار و ثالثها أنه خلق بينه و بين النار حائلا يمنع من وصول النار إليه قال المحققون و الأول أولى لأن ظاهر قوله يا نارُ كُونِي بَرْداً أن نفس النار صارت باردة. فإن قيل النار اسم للجسم الموصوف بالحرارة و اللطافة فإذا كانت الحرارة جزء من مسمى النار امتنع كون النار باردة فإذا وجب أن يقال المراد بالنار الجسم الذي هو أحد أجزاء مسمى النار و ذلك مجاز فلم كان مجازكم أولى من المجازين الآخرين قلنا المجاز الذي ذكرناه يبقى معه حصول البرد و في المجازين اللذين ذكرتموهما ما لا يبقى ذلك فكان مجازنا أولى. و قال الطبرسي قال أبو العالية لو لم يقل سبحانه وَ سَلاماً لكانت تؤذيه من شدة بردها و لكان بردها أشد عليه من حرها و لو لم يقل عَلى إِبْراهِيمَ لكان بردها باقيا إلى الأبد.

 و قال أبو عبد الله ع لما أجلس إبراهيم في المنجنيق و أرادوا أن يرموا به في النار أتاه جبرئيل فقال السلام عليك يا إبراهيم و رحمة الله و بركاته أ لك حاجة فقال أما إليك فلا فلما طرحوه دعا الله فقال يا الله يا واحد يا أحد يا صمد يا من لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ فحسرت النار عنه و إنه لمحتبي و معه جبرئيل و هما يتحدثان في روضة خضراء

 و روى الواحدي بإسناده إلى أنس عن النبي ص قال إن نمرود الجبار لما ألقى إبراهيم في النار نزل إليه جبرئيل بقميص من الجنة و طنفسة من الجنة فألبسه القميص و أقعده على الطنفسة و قعد معه يحدثه

و قال كعب ما أحرقت النار  من إبراهيم غير وثاقه و قيل إن إبراهيم ألقي في النار و هو ابن ست عشرة سنة. وَ أَرادُوا بِهِ كَيْداً أي شرا و تدبيرا في إهلاكه فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ قال ابن عباس هو أن سلط الله على نمرود و خيله البعوض حتى أخذت لحومهم و شربت دماءهم و وقعت واحدة في دماغه حتى أهلكته. إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا أي الشام أو بيت المقدس أو مكة فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ أي مصلين عن ابن عباس أو نقيم على عبادتها مداومين هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ أي هل يستجيبون دعاءكم إذا دعوتموهم أو ينفعونكم إذا عبدتموهم أو يضرونكم إذا تركتم عبادتها أَ فَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أي الذي كنتم تعبدونه من الأصنام أَنْتُمْ الآن وَ آباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ أي المتقدمون فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي أي إن عباد الأصنام معها عدو لي إلا أنه غلب ما يعقل و قيل إنه يعني الأصنام و إنما قال فإنهم لما وصفها بالعداوة التي لا تكون إلا من العقلاء و جعل الأصنام كالعدو في الضرر من جهة عبادتها و يجوز أن يكون قال فإنهم لأنه كان منهم من يعبد الله مع عبادته الأصنام فغلب ما يعقل و لذلك استثنى فقال إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ استثناه من جميع المعبودين قال الفراء إنه من المقلوب و المعنى فإني عدو لهم فَهُوَ يَهْدِينِ أي يرشدني إلى ما فيه نجاتي أو إلى جنته وَ الَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي إنما قال ذلك ع على سبيل الانقطاع منه إلى الله تعالى من غير ذنب أو المعنى أن يغفر لمن يشفعني فيه فأضافه إلى نفسه رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً أي حكمة و علما أو نبوة وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ أي ثناء حسنا و ذكرا جميلا في الذين يأتون بعدي إلى يوم القيامة و قيل ولد صدق و هو محمد ص وَ لا تُخْزِنِي هذا أيضا على الانقطاع. أَوْثاناً أي أصناما من حجارة لا تضر و لا تنفع وَ تَخْلُقُونَ إِفْكاً أي تفعلون  كذبا بأن تسموا هذه الأوثان آلهة. مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ أي لتتوادوا بها فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ أي فصدق بإبراهيم و هو ابن أخته و هو أول من صدق بإبراهيم وَ قالَ إبراهيم إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي أي خارج من جملة الظالمين على جهة الهجر لهم على قبيح أعمالهم إلى حيث أمرني ربي و قيل معناه قال لوط إني مهاجر و خرج إبراهيم و معه لوط و امرأته سارة و كانت ابنة عمته من كوثى و هي قرية من سواد الكوفة إلى أرض الشام. وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ أي من شيعة نوح يعني أنه على منهاجه و سننه في التوحيد و العدل و اتباع الحق و قيل من شيعة محمد ص إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ أي حين صدق الله و آمن به بقلب خالص من الشرك بري‏ء من المعاصي و الغل و الغش على ذلك عاش و عليه مات و قيل بقلب سليم من كل ما سوى الله لم يتعلق بشي‏ء غيره عن أبي عبد الله ع. أَ إِفْكاً آلِهَةً قال البيضاوي أي تريدون آلهة دون الله إفكا فقدم المفعول للعناية ثم المفعول له لأن الأهم أن يقرر أنهم على الباطل و يجوز أن يكون إفكا مفعولا به و آلهة بدل منه على أنها إفك في أنفسها للمبالغة و المراد عبادتها فحذف المضاف أو حالا بمعنى آفكين. قال الطبرسي فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ أن يصنع بكم مع عبادتكم غيره أو كيف تظنون برب تأكلون رزقه و تعبدون غيره أو ما تظنون بربكم أنه على أي صفة و من أي جنس من أجناس الأشياء حتى شبهتم به هذه الأصنام فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ أي فمال إليها فَقالَ أَ لا تَأْكُلُونَ خاطبها و إن كانت جمادا على وجه التهجين لعابديها و تنبيههم على أن من لا يقدر على الجواب كيف تصح عبادتها و كانوا صنعوا للأصنام طعاما

   تقربا إليها و تبركا بها فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ أي فمال على الأصنام يكسرها و يضربها باليد اليمنى لأنها أقوى و قيل المراد باليمين القوة و قيل أي بالقسم الذي سبق منه بقوله تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ. يَزِفُّونَ أي يسرعون فإنهم أخبروا بصنيع إبراهيم بأصنامهم فقصدوه مسرعين و حملوه إلى بيت أصنامهم و قالوا له أَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا فأجابهم بقوله أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ استفهاما على الإنكار و التوبيخ وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَ أي و خلق ما عملتم من الأصنام قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً قال ابن عباس بنوا حائطا من حجارة طوله في السماء ثلاثون ذراعا و عرضه عشرون ذراعا و ملئوه نارا و طرحوه فيها فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ قال الفراء كل نار بعضها فوق بعض فهي جحيم و قيل إن الجحيم النار العظيمة فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ بأن أهلكناهم و نجينا إبراهيم و سلمناه و رددنا كيدهم عنه إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي أي إلى حيث أمرني أو إلى مرضاة ربي بعملي و نيتي سَيَهْدِينِ أي يهديني ربي فيما بعد إلى طريق المكان الذي أمرني بالمصير إليه أو إلى الجنة بطاعتي إياه. وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً أي جعل كلمة التوحيد باقية في ذريته فلم يزل فيهم من يقولها و قيل الكلمة هي براءة إبراهيم من الشرك و قيل هي الإمامة إلى يوم القيامة عن أبي عبد الله ع لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ عما هم عليه بالاقتداء بأبيهم إبراهيم ع. أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ أي اقتداء حسن كَفَرْنا بِكُمْ أي جحدنا دينكم و أنكرنا معبودكم إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ أي اقتدوا بإبراهيم في كل أموره إلا في هذا القول فلا تقتدوا به فيه فإنه ع إنما استغفر لأبيه عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ بالإيمان فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ قال الحسن و إنما تبين له ذلك عند موت أبيه و قيل كان آزر ينافق إبراهيم و يريه أنه مسلم و يعده إظهار الإسلام ليستغفر له وَ ما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ إن أراد عقابك رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا أي و كانوا يقولون ذلك وَ إِلَيْكَ أَنَبْنا أي إلى طاعتك  رجعنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ و إلى حكمك المرجع و هذه حكاية لقول إبراهيم و قومه و يحتمل أن يكون تعليما لعباده أن يقولوا ذلك لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً أي لا تعذبنا بأيديهم و لا ببلاء من عندك فيقولوا لو كان هؤلاء على حق لما أصابهم هذا و قيل أي لا تسلطهم علينا فيفتنونا عن دينك و قيل أي الطف لنا حتى نصبر على أذاهم و لا نتبعهم فنصير فتنة لهم

 1-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن مرار عن يونس عن هشام عن أبي عبد الله ع قال كشط له عن الأرض و من عليها و عن السماء و ما فيها و الملك الذي يحملها و العرش و من عليه و فعل ذلك برسول الله ص و أمير المؤمنين ع

 2-  فس، ]تفسير القمي[ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أي صدقوا و لم ينكثوا و لم يدخلوا في المعاصي فيبطل إيمانهم وَ تِلْكَ حُجَّتُنا يعني ما قد احتج إبراهيم على أبيه و عليهم

 3-  فس، ]تفسير القمي[ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ قال إبراهيم لأبيه إن لم تعبد الأصنام استغفرت لك فلما لم يدع الأصنام تبرأ منه إبراهيم إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ أي دعاء

 و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع قال الأواه المتضرع إلى الله في صلاته و إذا خلا في قفر في الأرض و في الخلوات

 4-  فس، ]تفسير القمي[ وَ تَخْلُقُونَ إِفْكاً أي تقدرون كذبا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ إلى قوله إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ و انقطع خبر إبراهيم ع ثم خاطب الله أمة محمد ص فقال وَ إِنْ تُكَذِّبُوا إلى قوله وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ثم عطف على خبر إبراهيم ع فقال فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إلى قوله لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ فهذا من المنقطع المعطوف فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ  أي لإبراهيم وَ قالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي قال المهاجر من هجر السيئات و تاب إلى الله

 5-  فس، ]تفسير القمي[ أبو العباس عن محمد بن أحمد عن محمد بن عيسى عن النضر بن سويد عن سماعة عن أبي بصير عن أبي جعفر ع أنه قال ليهنئكم الاسم قلت ما هو جعلت فداك قال وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ و قوله فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فليهنئكم الاسم

 و قال علي بن إبراهيم في قوله إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قال القلب السليم من الشك قوله فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ فقال أبو عبد الله ع و الله ما كان سقيما و ما كذب و إنما عنى سقيما في دينه مرتادا قوله وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً يعني الإمامة

 6-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن صفوان عن ابن مسكان قال قال أبو عبد الله ع إن آزر أبا إبراهيم كان منجما لنمرود بن كنعان فقال له إني أرى في حساب النجوم أن هذا الزمان يحدث رجلا فينسخ هذا الدين و يدعو إلى دين آخر فقال له نمرود في أي بلاد يكون قال في هذه البلاد و كان منزل نمرود بكوثى ربى فقال له نمرود قد خرج إلى الدنيا قال آزر لا قال فينبغي أن يفرق بين الرجال و النساء ففرق بين الرجال و النساء و حملت أم إبراهيم بإبراهيم ع و لم يبين حملها فلما  حانت ولادتها قالت يا آزر إني قد اعتللت و أريد أن أعتزل عنك و كان في ذلك الزمان المرأة إذا اعتلت اعتزلت عن زوجها فخرجت و اعتزلت في غار و وضعت بإبراهيم ع و هيأته و قمطته و رجعت إلى منزلها و سدت باب الغار بالحجارة فأجرى الله لإبراهيم ع لبنا من إبهامه و كانت تأتيه أمه و وكل نمرود بكل امرأة حامل فكان يذبح كل ولد ذكر فهربت أم إبراهيم بإبراهيم من الذبح و كان يشب إبراهيم ع في الغار يوما كما يشب غيره في الشهر حتى أتى له في الغار ثلاث عشرة سنة فلما كان بعد ذلك زارته أمه فلما أرادت أن تفارقه تشبث بها فقال يا أمي أخرجيني فقالت له يا بني إن الملك إن علم أنك ولدت في هذا الزمان قتلك فلما خرجت أمه خرج من الغار و قد غابت الشمس نظر إلى الزهرة في السماء فقال هذا رَبِّي فلما غابت الزهرة فقال لو كان هذا ربي ما تحرك و لا برح ثم قال لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ و الآفل الغائب فلما نظر إلى المشرق رأى و قد طلع القمر قال هذا رَبِّي هذا أكبر و أحسن فلما تحرك و زال قال لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فلما أصبح و طلعت الشمس و رأى ضوأها و قد أضاءت الشمس الدنيا لطلوعها قال هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ و أحسن فلما تحركت و زالت كشط الله عن السماوات حتى رأى العرش و من عليه و أراه الله ملكوت السماوات و الأرض فعند ذلك قال يا قَوْمِ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فجاء إلى أمه و أدخلته دارها و جعلته بين أولادها و سئل أبو عبد الله ع عن قول إبراهيم هذا رَبِّي لغير الله هل أشرك في قوله هذا رَبِّي فقال من قال هذا اليوم فهو مشرك و لم يكن من إبراهيم شرك

  و إنما كان في طلب ربه و هو من غيره شرك فلما أدخلت أم إبراهيم إبراهيم دارها نظر إليه آزر فقال من هذا الذي قد بقي في سلطان الملك و الملك يقتل أولاد الناس قالت هذا ابنك ولدته وقت كذا و كذا حين اعتزلت فقال ويحك إن علم الملك هذا زالت منزلتنا عنده و كان آزر صاحب أمر نمرود و وزيره و كان يتخذ الأصنام له و للناس و يدفعها إلى ولده فيبيعونها و كان على دار الأصنام فقالت أم إبراهيم لآزر لا عليك إن لم يشعر الملك به بقي لنا ولدنا و إن شعر به كفيتك الاحتجاج عنه و كان آزر كلما نظر إلى إبراهيم أحبه حبا شديدا و كان يدفع إليه الأصنام ليبيعها كما يبيع إخوته فكان يعلق في أعناقها الخيوط و يجرها على الأرض و يقول من يشتري ما لا يضره و لا ينفعه و يغرقها في الماء و الحماة و يقول لها اشربي و تكلمي فذكر إخوته ذلك لأبيه فنهاه فلم ينته فحبسه في منزله و لم يدعه يخرج وَ حاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ إبراهيم أَ تُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَ قَدْ هَدانِ أي بين لي وَ لا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً أَ فَلا تَتَذَكَّرُونَ ثم قال لهم وَ كَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَ لا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أي أنا أحق بالأمن حيث أعبد الله أو أنتم الذين تعبدون الأصنام

 7-  كا، ]الكافي[ العدة عن سهل عن بعض أصحابنا عن أبي الحسن الأول ع قال في أول يوم من ذي الحجة ولد إبراهيم خليل الرحمن ع

 8-  فس، ]تفسير القمي[ وَ لَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ إلى قوله بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ قال فلما نهاهم إبراهيم ع و احتج عليهم في عبادتهم الأصنام فلم ينتهوا حضر عيد لهم و خرج نمرود و جميع أهل مملكته إلى عيد لهم و كره أن يخرج إبراهيم معه فوكله ببيت الأصنام فلما ذهبوا عمد إبراهيم إلى طعام فأدخله بيت أصنامهم فكان يدنو من  صنم صنم فيقول له كل و تكلم فإذا لم يجبه أخذ القدوم فكسر يده و رجله حتى فعل ذلك بجميع الأصنام ثم علق القدوم في عنق الكبير منهم الذي كان في الصدر فلما رجع الملك و من معه من العيد نظروا إلى الأصنام مكسرة فقالوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ فقالوا هاهنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ و هو ابن آزر فجاءوا به إلى نمرود فقال نمرود لآزر خنتني و كتمت هذا الولد عني فقال أيها الملك هذا عمل أمه و ذكرت أنها تقوم بحجته فدعا نمرود أم إبراهيم فقال لها ما حملك على أن كتمتني أمر هذا الغلام حتى فعل بآلهتنا ما فعل فقالت أيها الملك نظرا مني لرعيتك قال و كيف ذلك قالت رأيتك تقتل أولاد رعيتك فكان يذهب النسل فقلت إن كان هذا الذي يطلبه دفعته إليه ليقتله و يكف عن قتل أولاد الناس و إن لم يكن ذلك فبقي لنا ولدنا و قد ظفرت به فشأنك فكف عن أولاد الناس فصوب رأيها ثم قال لإبراهيم مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا يا إبراهيم قال إبراهيم فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ فقال الصادق ع و الله ما فعله كبيرهم و ما كذب إبراهيم فقيل فكيف ذلك فقال إنما قال فعله كبيرهم هذا إن نطق و إن لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئا فاستشار نمرود قومه في إبراهيم فقالوا له حَرِّقُوهُ وَ انْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ فقال الصادق ع كان فرعون إبراهيم و أصحابه لغير رشدة فإنهم قالوا لنمرود حَرِّقُوهُ وَ انْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ و كان فرعون موسى و أصحابه لرشدة فإنه لما استشار أصحابه في موسى قالوا أَرْجِهْ وَ أَخاهُ وَ أَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ فحبس إبراهيم و جمع له الحطب حتى إذا كان اليوم الذي ألقى فيه نمرود إبراهيم في النار برز نمرود و جنوده و قد كان بني لنمرود بناء ينظر منه إلى إبراهيم كيف تأخذه النار فجاء إبليس و اتخذ لهم المنجنيق لأنه لم يقدر أحد أن يتقارب من النار و كان الطائر إذا مر في الهواء يحترق فوضع إبراهيم ع في المنجنيق و جاء أبوه فلطمه لطمة و قال له ارجع عما أنت عليه و أنزل الرب إلى السماء الدنيا و لم يبق شي‏ء إلا طلب  إلى ربه و قالت الأرض يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره فيحرق و قالت الملائكة يا رب خليلك إبراهيم يحرق فقال الله عز و جل أما إنه إن دعاني كفيته و قال جبرئيل يا رب خليلك إبراهيم ليس في الأرض أحد يعبدك غيره سلطت عليه عدوه يحرقه بالنار فقال اسكت إنما يقول هذا عبد مثلك يخاف الفوت هو عبدي آخذه إذا شئت فإن دعاني أجبته فدعا إبراهيم ع ربه بسورة الإخلاص يا الله يا واحد يا أحد يا صمد يا من لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ نجني من النار برحمتك قال فالتقى معه جبرئيل في الهواء و قد وضع في المنجنيق فقال يا إبراهيم هل لك إلي من حاجة فقال إبراهيم أما إليك فلا و أما إلى رب العالمين فنعم فدفع إليه خاتما عليه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله ألجأت ظهري إلى الله و أسندت أمري إلى الله و فوضت أمري إلى الله فأوحى الله إلى النار كُونِي بَرْداً فاضطربت أسنان إبراهيم من البرد حتى قال وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ و انحط جبرئيل و جلس معه يحدثه في النار و نظر إليه نمرود فقال من اتخذ إلها فليتخذ مثل إله إبراهيم فقال عظيم من عظماء أصحاب نمرود إني عزمت على النار أن لا تحرقه فخرج عمود من النار نحو الرجل فأحرقه و نظر نمرود إلى إبراهيم في روضة خضراء في النار مع شيخ يحدثه فقال لآزر يا آزر ما أكرم ابنك على ربه قال و كان الوزغ ينفخ في نار إبراهيم و كان الضفدع يذهب بالماء ليطفئ به النار قال و لما قال الله تبارك و تعالى للنار كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً لم تعمل النار في الدنيا ثلاثة أيام وَ نَجَّيْناهُ وَ لُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا  فِيها لِلْعالَمِينَ

إلى الشام و سواد الكوفة

 9-  فس، ]تفسير القمي[ أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ الآية فإنه لما ألقى نمرود إبراهيم في النار و جعلها الله عليه بردا و سلاما قال نمرود يا إبراهيم من ربك قال رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ قالَ له نمرود أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ فقال له إبراهيم كيف تحيي و تميت قال أعمد إلى رجلين ممن قد وجب عليهما القتل فأطلق عن واحد و أقتل واحدا فأكون قد أمت و أحييت فقال إبراهيم إن كنت صادقا فأحي الذي قتلته ثم قال إبراهيم دع هذا فإن ربي يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فكان كما قال الله فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ أي انقطع و ذلك أنه علم أن الشمس أقدم منه

 بيان قال الطبرسي رحمه الله قيل في انتقاله من حجة إلى أخرى وجهان أحدهما أن ذلك لم يكن انتقالا و انقطاعا عن إبراهيم فإنه يجوز من كل حكيم إيراد حجة أخرى على سبيل التأكيد بعد تمام ما ابتدأ به من الحجاج و علامة تمامه ظهوره من غير اعتراض عليه بشبهة لها تأثير عند التأمل و التدبر. و الثاني أن إبراهيم إنما قال ذلك ليبين أن من شأن من يقدر على إحياء الأموات و إماتة الأحياء أن يقدر على إتيان الشمس من المشرق فإن كنت قادرا على ذلك فأت بها من المغرب و إنما فعل ذلك لأنه لو تشاغل معه بأني أردت اختراع الحياة و الموت من غير سبب و لا علاج لاشتبه على كثير ممن حضر فعدل إلى ما هو أوضح لأن الأنبياء ع إنما بعثوا للبيان و الإيضاح و ليست أمورهم مبنية على لجاج الخصمين و طلب كل واحد منهما غلبة خصمه

 و قد روي عن الصادق ع أن إبراهيم ع قال له أحي من قتلته إن كنت صادقا ثم استظهر عليه بما قاله ثانيا

 10-  ج، ]الإحتجاج[ عن موسى بن جعفر ع في ذكر معجزات النبي ص في مقابلة معجزات  الأنبياء أن إبراهيم حجب عن نمرود بحجب ثلاث

 إيضاح لعل المراد بالحجب الثلاث حجاب البطن و الغار و النار أو الأولان مع الاعتزال عنه إلى بلاد الشام أو حجبه عند الحمل و عند الولادة و عند النمو أو حجبه في البطن بثلاث البطن و الرحم و المشيمة حيث جعله بحيث لم يتبين حمله و قد يقال إنه إشارة إلى القميص و الخاتم و التوسل بالأئمة ع أو بسورة التوحيد كما مر كلها و سيجي‏ء فالمعنى أنه حجب عن نار نمرود و شره بتلك الحجب و الله يعلم

 11-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ أبي عن سعد عن البرقي عن محمد بن علي الكوفي عن الحسن بن أبي العقبة الصيرفي عن الحسين بن خالد عن الرضا ع قال إن إبراهيم ع لما وضع في كفة المنجنيق غضب جبرئيل ع فأوحى الله عز و جل ما يغضبك يا جبرئيل قال يا رب خليلك ليس من يعبدك على وجه الأرض غيره سلطت عليه عدوك و عدوه فأوحى الله عز و جل إليه اسكت إنما يعجل العبد الذي يخاف الفوت مثلك فأما أنا فإنه عبدي آخذه إذا شئت قال فطابت نفس جبرئيل ع فالتفت إلى إبراهيم ع فقال هل لك حاجة فقال أما إليك فلا فأهبط الله عز و جل عندها خاتما فيه ستة أحرف لا إله إلا الله محمد رسول الله لا حول و لا قوة إلا بالله فوضت أمري إلى الله أسندت ظهري إلى الله حسبي الله فأوحى الله جل جلاله إليه أن تختم بهذا الخاتم فإني أجعل النار عليك بردا و سلاما

 ل، ]الخصال[ أبي عن أحمد بن إدريس عن الأشعري عن عبد الله بن أحمد عن محمد بن علي الصيرفي عن الحسين بن خالد عنه ع مثله

 12-  ل، ]الخصال[ ابن المتوكل عن الأسدي عن البرمكي عن عبد الله بن أحمد الشامي عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال سألت أبا عبد الله الصادق ع عن موسى بن عمران ع لما رأى حبالهم و عصيهم كيف أوجس في نفسه خيفة و لم يوجسها إبراهيم ع  حين وضع في المنجنيق و قذف به في النار فقال ع إن إبراهيم ع حين وضع في المنجنيق كان مستندا إلى ما في صلبه من أنوار حجج الله عز و جل و لم يكن موسى ع كذلك فلهذا أوجس في نفسه خيفة و لم يوجسها إبراهيم ع

 13-  ل، ]الخصال[ ابن البرقي عن أبيه عن جده رفعه إلى أبي عبد الله ع قال ملك الأرض كلها أربعة مؤمنان و كافران فأما المؤمنان فسليمان بن داود و ذو القرنين و الكافران نمرود و بخت‏نصر و اسم ذو القرنين عبد الله بن ضحاك بن معد

 14-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ علي بن محمد بن عمر الزهري معنعنا عن أبي عبد الله ع في قول الله تعالى قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ قال إن أول منجنيق عمل في الدنيا منجنيق عمل لإبراهيم بسور الكوفة في نهر يقال لها كوثى و في قرية يقال لها قنطانا قال عمل إبليس المنجنيق و أجلس فيه إبراهيم ع و أرادوا أن يرموا به في نارها أتاه جبرئيل ع قال السلام عليك يا إبراهيم و رحمة الله و بركاته أ لك حاجة قال ما لي إليك حاجة بعدها قال الله تعالى قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ

 15-  ل، ]الخصال[ ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ سأل الشامي أمير المؤمنين ع عن قول الله عز و جل يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ من هم فقال ع قابيل يفر من هابيل و الذي يفر من أمه موسى و الذي يفر من أبيه إبراهيم و الذي يفر من صاحبته لوط و الذي يفر من ابنه نوح يفر من ابنه كنعان

 16-  ل، ]الخصال[ أبي عن أحمد بن إدريس عن الأشعري عن إبراهيم بن إسحاق عن الحسن بن زياد عن داود الرقي عن أبي عبد الله ع قال لما أضرمت النار على إبراهيم ع شكت هوام الأرض إلى الله عز و جل و استأذنته أن تصب عليها الماء فلم  يأذن الله عز و جل بشي‏ء منها إلا للضفدع فاحترق منه الثلثان و بقي منه الثلث الخبر

 17-  ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن معروف عن ابن محبوب عن حنان بن سدير عن رجل من أصحاب أبي عبد الله ع قال سمعته يقول إن أشد الناس عذابا يوم القيامة لسبعة نفر أولهم ابن آدم الذي قتل أخاه و نمرود الذي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ و اثنان في بني إسرائيل هودا قومهم و نصراهم و فرعون الذي قال أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى و اثنان في هذه الأمة

 18-  ج، ]الإحتجاج[ قال الصادق ع في حكمة خلق الأشياء فأما البعوض و البق فبعض سببه أنه جعل أرزاق الطير و أهان بها جبارا تمرد على الله و تجبر و أنكر ربوبيته فسلط الله عليه أضعف خلقه ليريه قدرته و عظمته و هي البعوض فدخلت في منخره حتى وصلت إلى دماغه فقتلته

 19-  ع، ]علل الشرائع[ ل، ]الخصال[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ قال أمير المؤمنين ع في جواب أسئلة الشامي يوم الأربعاء ألقي إبراهيم الخليل ع في النار و يوم الأربعاء وضعوه في المنجنيق و يوم الأربعاء سلط الله على نمرود البقة و يوم الأربعاء خر عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ

 20-  ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار عن عباد بن سليمان عن محمد بن سليمان عن أبيه عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسى ع أنه قال يا إسحاق إن في النار لواديا يقال له سقر لم يتنفس منذ خلقه الله لو أذن الله عز و جل له في التنفس بقدر مخيط لاحترق ما على وجه الأرض و إن أهل النار ليتعوذون من حر ذلك الوادي و نتنه و قذره و ما أعد الله فيه لأهله و إن في ذلك الوادي لجبلا يتعوذ جميع أهل ذلك الوادي من حر ذلك الجبل و نتنه و قذره و ما أعد الله فيه لأهله و إن في ذلك الجبل لشعبا يتعوذ جميع أهل  ذلك الجبل من حر ذلك الشعب و نتنه و قذره و ما أعد الله فيه لأهله و إن في ذلك الشعب لقليبا يتعوذ جميع أهل ذلك الشعب من حر ذلك القليب و نتنه و قذره و ما أعد الله فيه لأهله و إن في ذلك القليب لحية يتعوذ جميع أهل ذلك القليب من خبث تلك الحية و نتنها و قذرها و ما أعد الله في أنيابها من السم لأهلها و إن في جوف تلك الحية لسبعة صناديق فيها خمسة من الأمم السالفة و اثنان من هذه الأمة قال قلت جعلت فداك من الخمسة و من الاثنان قال فأما الخمسة فقابيل الذي قتل هابيل و نمرود الذي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ ف قالَ أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ و فرعون الذي قال أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى و يهود الذي هود اليهود و بولس الذي نصر النصارى و من هذه الأمة أعرابيان

 أقول قد مضى و سيأتي مثله بأسانيد في كتاب المعاد و كتاب الفتن

 21-  ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن محمد العطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن داود بن أبي يزيد عن عبد الله بن هلال عن أبي عبد الله ع قال لما ألقي إبراهيم ع في النار فلقاه جبرئيل في الهواء و هو يهوي فقال يا إبراهيم أ لك حاجة فقال أما إليك فلا

 22-  ع، ]علل الشرائع[ بهذا الإسناد عن ابن أورمة عن الحسن بن علي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال لما ألقي إبراهيم في النار أوحى الله عز و جل إليها و عزتي و جلالي لئن آذيته لأعذبنك و قال لما قال الله عز و جل يا نارُ كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ ما انتفع أحد بها ثلاثة أيام و ما سخنت ماؤهم

 23-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن محمد العطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن الحسين بن علي عن عمر عن أبان عن حجر عن أبي عبد الله ع قال خالف إبراهيم ع قومه و عادى آلهتهم حتى أدخل على نمرود فخاصمه فقال إبراهيم رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ الآية و كان في عيد لهم دخل على آلهتهم قالوا ما اجترأ عليها إلا الفتى الذي يعيبها و يبرأ منها فلم يجدوا له مثلة أعظم من النار فأخبروا نمرود  فجمع له الحطب و أوقد عليه ثم وضعه في المنجنيق ليرمي به في النار و إن إبليس دل على عمل المنجنيق لإبراهيم ع

 24-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن سعد عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن أبي عبد الله ع قال أخبرني أبي عن جدي عن النبي ص عن جبرئيل قال لما أخذ نمرود إبراهيم ليلقيه في النار قلت يا رب عبدك و خليلك ليس في أرضك أحد يعبدك غيره قال الله تعالى هو عبدي آخذه إذا شئت و لما ألقي إبراهيم ع في النار تلقاه جبرئيل ع في الهواء و هو يهوي إلى النار فقال يا إبراهيم لك حاجة فقال أما إليك فلا و قال يا الله يا أحد يا صمد يا من لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ نجني من النار برحمتك فأوحى الله تعالى إلى النار كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ

 25-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحسين بن إبراهيم القزويني عن محمد بن وهبان عن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن علي الزعفراني عن البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال كان لنمرود مجلس يشرف منه على النار فلما كان بعد ثالثة أشرف على النار هو و آزر فإذا إبراهيم ع مع شيخ يحدثه في روضة خضراء قال فالتفت نمرود إلى آزر فقال يا آزر ما أكرم ابنك على ربه قال ثم قال نمرود لإبراهيم اخرج عني و لا تساكني

 26-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن البزنطي عن أبان بن عثمان عن محمد بن مروان عن أبي جعفر ع قال كان دعاء إبراهيم ع يومئذ يا أحد يا صمد يا من لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ثم توكلت على الله فقال كفيت و قال لما قال الله تعالى للنار كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ لم يعمل يومئذ نار على وجه الأرض و لا انتفع بها أحد ثلاثة أيام قال فنزل جبرئيل يحدثه وسط النار قال نمرود من اتخذ إلها فليتخذ مثل إله إبراهيم  فقال عظيم من عظمائهم إني عزمت على النيران أن لا تحرقه قال فخرجت عنق من النار فأحرقته و كان نمرود ينظر بشرفة على النار فلما كان بعد ثلاثة أيام قال نمرود لآزر اصعد بنا حتى ننظر فصعدا فإذا إبراهيم في روضة خضراء و معه شيخ يحدثه قال فالتفت نمرود إلى آزر فقال ما أكرم ابنك على الله و العرب تسمي العم أبا قال تعالى في قصة يعقوب قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ و إسماعيل كان عم يعقوب و قد سماه أبا في هذه الآية

 27-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن النقاش عن ابن عقدة عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن الرضا ع قال لما رمي إبراهيم في النار دعا الله بحقنا فجعل الله النار عليه بردا و سلاما

 28-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال الإمام ع قال النبي ص في احتجاجه على اليهود بمحمد و آله الطيبين نجى الله تعالى نوحا من الكرب العظيم و برد الله النار على إبراهيم و جعلها عليه سلاما و مكنه في جوف النار على سرير و فراش وثير لم ير ذلك الطاغية مثله لأحد من ملوك الأرض و أنبت من حواليه من الأشجار الخضرة النضرة النزهة و غمر ما حوله من أنواع النور بما لا يوجد إلا في فصول أربعة من السنة

 29-  فض، ]كتاب الروضة[ ضه، ]روضة الواعظين[ عن مجاهد عن أبي عمرو و أبي سعيد الخدري عن النبي ص في خبر طويل قال إن إبراهيم ع هرب به أبوه من الملك الطاغي فوضعته أمه بين تلال بشاطئ نهر متدفق يقال له حزران من غروب الشمس إلى إقبال الليل فلما وضعته و استقر على وجه الأرض قام من تحتها يمسح وجهه و رأسه و يكثر من شهادة أن لا إله إلا الله ثم أخذ ثوبا و اتشح به و أمه تراه فذعرت منه ذعرا شديدا ثم مضى يهرول بين يديها مادا عينيه إلى السماء فكان منه ما قال الله عز و جل وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ  مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً إلى آخر الآيات

 30-  ك، ]إكمال الدين[ أبي و ابن الوليد معا عن سعد عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال كان أبو إبراهيم منجما لنمرود بن كنعان و كان نمرود لا يصدر إلا عن رأيه فنظر في النجوم ليلة من الليالي فأصبح فقال لقد رأيت في ليلتي هذه عجبا فقال له نمرود و ما هو فقال رأيت مولودا يولد في أرضنا هذه يكون هلاكنا على يديه و لا يلبث إلا قليلا حتى يحمل به فعجب من ذلك نمرود و قال هل حمل به النساء فقال لا و كان فيما أوتي من العلم أنه سيحرق بالنار و لم يكن أوتي أن الله سينجيه قال فحجب النساء عن الرجال فلم يترك امرأة إلا جعلت بالمدينة حتى لا يخلص إليهن الرجال قال و باشر أبو إبراهيم امرأته فحملت به فظن أنه صاحبه فأرسل إلى نساء من القوابل لا يكون في البطن شي‏ء إلا علمن به فنظرن إلى أم إبراهيم فألزم الله تبارك و تعالى ذكره ما في الرحم الظهر فقلن ما نرى شيئا في بطنها فلما وضعت أم إبراهيم أراد أبوه أن يذهب به إلى نمرود فقالت له امرأته لا تذهب بابنك إلى نمرود فيقتله دعني أذهب به إلى بعض الغيران أجعله فيه حتى يأتي عليه أجله و لا تكون أنت تقتل ابنك فقال لها فاذهبي فذهبت به إلى غار ثم أرضعته ثم جعلت على باب الغار صخرة ثم انصرفت عنه فجعل الله رزقه في إبهامه فجعل يمصها فيشرب لبنا و جعل يشب في اليوم كما يشب غيره في الجمعة و يشب في الجمعة كما يشب غيره في الشهر و يشب في الشهر كما يشب غيره في السنة فمكث ما شاء الله أن يمكث ثم إن أمه قالت لأبيه لو أذنت لي أن أذهب إلى ذلك الصبي فأراه فعلت قال ففعل فأتت الغار فإذا هي بإبراهيم ع و إذا عيناه تزهران كأنهما سراجان فأخذته و ضمته إلى صدرها و أرضعته ثم انصرفت عنه فسألها أبوه عن الصبي فقالت قد واريته في التراب فمكثت تعتل فتخرج في الحاجة و تذهب إلى إبراهيم ع فتضمه إليها و ترضعه ثم  تنصرف فلما تحرك أتته أمه كما كانت تأتيه و صنعت كما كانت تصنع فلما أرادت الانصراف أخذ ثوبها فقالت له ما لك فقال اذهبي بي معك فقالت له حتى أستأمر أباك فلم يزل إبراهيم في الغيبة مخفيا لشخصه كاتما لأمره حتى ظهر فصدع بأمر الله تعالى ذكره و أظهر الله قدرته فيه

 31-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بهذا الإسناد عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال كان آزر عم إبراهيم ع منجما لنمرود و كان لا يصدر إلا عن رأيه فقال لقد رأيت في ليلتي عجبا فقال ما هو قال إن مولودا يولد في أرضنا هذه يكون هلاكنا على يديه فحجبت الرجال عن النساء و كان تارخ وقع على أم إبراهيم فحملت و ساق الحديث إلى آخره

 بيان الظاهر أن ما رواه الراوندي هو هذا الخبر بعينه و إنما غيره ليستقيم على أصول الإمامية و سيأتي القول فيه. و قوله ع و جعل يشب في اليوم الظاهر أن التشبيه في الفقرات لمحض كثرة النمو لا في خصوص المقادير كما هو الشائع في المحاورات و يحتمل أن يكون المراد أنه كان يشب في الأسبوع الأول كل يوم كما يشب غيره في أسبوع و إلى تمام الشهر كان ينمو كل أسبوع كما ينمو غيره في الشهر و إلى تمام السنة كان نموه كل شهر كنمو غيره في سنة

 32-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده عن ابن عيسى عن ابن فضال عن يونس بن يعقوب عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال لما دخل يوسف ع على الملك يعني نمرود قال كيف أنت يا إبراهيم قال إني لست بإبراهيم أنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم قال و هو صاحب إبراهيم الذي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ قال و كان أربعمائة سنة شابا

 33-  سن، ]المحاسن[ أبي عن إبراهيم بن إسحاق عن علي بن محمد عن زكريا بن يحيى  رفعه إلى علي بن الحسين ع أن هاتفا يهتف به فقال يا علي بن الحسين أي شي‏ء كانت العلامة بين يعقوب و يوسف فقال لما قذف إبراهيم ع في النار هبط عليه جبرئيل ع بقميص فضة فألبسه إياه ففرت عنه النار و نبت حوله النرجس فأخذ إبراهيم ع القميص فجعله في عنق إسحاق في قصبة فضة و علقها إسحاق في عنق يعقوب و علقها يعقوب في عنق يوسف ع و قال له إن نزع هذا القميص من بدنك علمت أنك ميت أو قد قتلت فلما دخل عليه إخوته أعطاهم القصبة و أخرجوا القميص فاحتملت الريح رائحته فألقتها على وجه يعقوب بالأردن فقال إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ

 34-  شي، ]تفسير العياشي[ عن حنان بن سدير عن رجل من أصحاب أبي عبد الله ع قال سمعته يقول إن أشد الناس عذابا يوم القيامة لسبعة نفر أولهم ابن آدم الذي قتل أخاه و نمرود بن كنعان الذي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ

 35-  أقول روى الشيخ أحمد بن فهد في المهذب و غيره بأسانيدهم عن المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله ع قال يوم النيروز هو اليوم الذي كسر فيه إبراهيم ع أصنام قومه

 36-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الحارث عن علي بن أبي طالب ع قال إن نمرود أراد أن ينظر إلى ملك السماء فأخذ نسورا أربعة فرباهن و جعل تابوتا من خشب و أدخل فيه رجلا ثم شد قوائم النسور بقوائم التابوت ثم جعل في وسط التابوت عمودا و جعل في رأس العمود لحما فلما رأى النسور اللحم طرن و طرن بالتابوت و الرجل فارتفعن إلى السماء فمكث ما شاء الله ثم إن الرجل أخرج من التابوت رأسه فنظر إلى السماء فإذا هي  على حالها و نظر إلى الأرض فإذا هو لا يرى الجبال إلا كالذر ثم مكث ساعة فنظر إلى السماء فإذا هي على حالها و نظر إلى الأرض فإذا هو لا يرى إلا الماء ثم مكث ساعة فنظر إلى السماء فإذا هي على حالها و نظر إلى الأرض فإذا هو لا يرى شيئا ثم وقع في ظلمة لم ير ما فوقه و ما تحته ففزع فألقى اللحم فاتبعته النسور منقضات فلما نظرت الجبال إليهن و قد أقبلن منقضات و سمعت حفيفهن فزعت و كادت أن تزول مخافة أمر السماء و هو قول الله وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ

 37-  كا، ]الكافي[ في الروضة علي بن إبراهيم عن أبيه عن البزنطي عن أبان بن عثمان عن حجر عن أبي عبد الله ع قال خالف إبراهيم ع قومه و عاب آلهتهم حتى أدخل على نمرود فخاصمهم فقال إبراهيم ع رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ و قال أبو جعفر ع عاب آلهتهم و نظر نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ قال أبو جعفر ع و الله ما كان سقيما و ما كذب فلما تولوا عنه مدبرين إلى عيد لهم دخل إبراهيم ع إلى آلهتهم بقدوم فكسرها إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ و وضع القدوم في عنقه فرجعوا إلى آلهتهم فنظروا إلى ما صنع بها فقالوا لا و الله ما اجترأ عليها و لا كسرها إلا الفتى الذي كان يعيبها و يبرأ منها فلم يجدوا له قتلة أعظم من النار فجمع له الحطب و استجادوه حتى إذا كان اليوم الذي يحرق فيه برز له نمرود و جنوده و قد بني له بناء لينظر إليه كيف تأخذه النار و وضع إبراهيم ع في منجنيق و قالت الأرض يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره يحرق بالنار قال الرب إن دعاني كفيته

 38-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه و عدة من أصحابنا عن سهل جميعا عن ابن محبوب عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن إبراهيم ع  كان مولده بكوثى ربى و كان أبوه من أهلها و كانت أم إبراهيم و أم لوط سارة و ورقة و في نسخة رقبة أختين و هما ابنتان للاحج و كان لاحج نبيا منذرا و لم يكن رسولا و كان إبراهيم ع في شبيبته على الفطرة التي فطر الله عز و جل الخلق عليها حتى هداه الله تبارك و تعالى إلى دينه و اجتباه و إنه تزوج سارة ابنة لاحج و هي ابنة خالته و كانت سارة صاحبة ماشية كثيرة و أرض واسعة و حال حسنة و كانت قد ملكت إبراهيم جميع ما كانت تملكه فقام فيه و أصلحه و كثرت الماشية و الزرع حتى لم يكن بأرض كوثى ربى رجل أحسن حالا منه و إن إبراهيم ع لما كسر أصنام نمرود و أمر به نمرود فأوثق و عمل له حيرا و جمع له فيه الحطب و ألهب فيه النار ثم قذف إبراهيم ع في النار لتحرقه ثم اعتزلوها حتى خمدت النار ثم أشرفوا على الحير فإذا هم بإبراهيم سليما مطلقا من وثاقه فأخبر نمرود خبره فأمرهم أن ينفوا إبراهيم من بلاده و أن يمنعوه من الخروج بماشيته و ماله فحاجهم إبراهيم ع عند ذلك فقال إن أخذتم ماشيتي و مالي فإن حقي عليكم أن تردوا علي ما ذهب من عمري في بلادكم و اختصموا إلى قاضي نمرود فقضى على إبراهيم ع أن يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم و قضى على أصحاب نمرود أن يردوا على إبراهيم ع ما ذهب من عمره في بلادهم و أخبر بذلك نمرود فأمرهم أن يخلوا سبيله و سبيل ماشيته و ماله و أن يخرجوه و قال إنه إن بقي في بلادكم أفسد دينكم و أضر بآلهتكم فأخرجوا إبراهيم و لوطا معه من بلادهم إلى الشام فخرج إبراهيم و معه لوط لا يفارقه و سارة و قال لهم إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ يعني إلى بيت المقدس فتحمل إبراهيم ع بماشيته وماله و عمل تابوتا و جعل فيه سارة و شد عليها الأغلاق غيرة منه عليها و مضى حتى خرج من سلطان نمرود و سار إلى سلطان رجل

  من القبط يقال له عرارة فمر بعاشر له فاعترضه العاشر ليعشر ما معه فلما انتهى إلى العاشر و معه التابوت قال العاشر لإبراهيم ع افتح هذا التابوت حتى نعشر ما فيه فقال له إبراهيم ع قل ما شئت فيه من ذهب أو فضة حتى نعطي عشرة و لا نفتحه قال فأبى العاشر إلا فتحه قال و غضب إبراهيم ع على فتحه فلما بدت له سارة و كانت موصوفة بالحسن و الجمال قال له العاشر ما هذه المرأة منك قال إبراهيم هي حرمتي و ابنة خالتي فقال له العاشر فما دعاك إلى أن خبيتها في هذا التابوت فقال إبراهيم ع الغيرة عليها أن يراها أحد فقال له العاشر لست أدعك تبرح حتى أعلم الملك حالها و حالك قال فبعث رسولا إلى الملك فأعلمه فبعث الملك رسولا من قبله ليأتوه بالتابوت فأتوا ليذهبوا به فقال لهم إبراهيم ع إني لست أفارق التابوت حتى يفارق روحي جسدي فأخبروا الملك بذلك فأرسل الملك أن احملوه و التابوت معه فحملوا إبراهيم ع و التابوت و جميع ما كان معه حتى أدخل على الملك فقال له الملك افتح التابوت فقال له إبراهيم ع أيها الملك إن فيه حرمتي و بنت خالتي و أنا مفتد فتحه بجميع ما معي قال فغصب الملك إبراهيم على فتحه فلما رأى سارة لم يملك حلمه سفهه أن مد يده إليها فأعرض إبراهيم ع وجهه عنها و عنه غيرة منه و قال اللهم احبس يده عن حرمتي و ابنة خالتي فلم تصل يده إليها و لم ترجع إليه فقال له الملك إن إلهك هو الذي فعل بي هذا فقال له نعم إن إلهي غيور يكره الحرام و هو الذي حال بينك و بين ما أردت من الحرام فقال له الملك فادع إلهك يرد علي يدي فإن أجابك فلم أعرض لها فقال إبراهيم ع إلهي رد إليه يده ليكف عن حرمتي قال فرد الله عز و جل إليه يده فأقبل الملك نحوها ببصره ثم عاد بيده نحوها فأعرض إبراهيم عنه بوجهه غيرة منه و قال اللهم احبس يده عنها قال فيبست يده و لم تصل إليها فقال الملك لإبراهيم ع إن إلهك لغيور و إنك لغيور فادع إلهك يرد علي يدي فإنه إن فعل لم أعد فقال إبراهيم ع أسأله ذلك على أنك إن عدت لم تسألني أن أسأله فقال له الملك نعم فقال إبراهيم اللهم إن كان صادقا فرد يده عليه فرجعت إليه يده فلما رأى ذلك الملك من الغيرة ما رأى و رأى الآية  في يده عظم إبراهيم و هابه و أكرمه و اتقاه و قال له قد أمنت من أن أعرض لها أو لشي‏ء مما معك فانطلق حيث شئت و لكن لي إليك حاجة فقال إبراهيم ع ما هي فقال له أحب أن تأذن لي أن أخدمها قبطية عندي جميلة عاقلة تكون لها خادما قال فأذن له إبراهيم فدعا بها فوهبها لسارة و هي هاجر أم إسماعيل فسار إبراهيم بجميع ما معه و خرج الملك معه يمشي خلف إبراهيم إعظاما لإبراهيم ع و هيبة له فأوحى الله تبارك و تعالى إلى إبراهيم أن قف و لا تمش قدام الجبار المتسلط و يمشي و هو خلفك و لكن اجعله أمامك و امش خلفه و عظمه و هبه فإنه مسلط و لا بد من إمرة في الأرض برة أو فاجرة فوقف إبراهيم ع و قال للملك امض فإن إلهي أوحى إلي الساعة أن أعظمك و أهابك و أن أقدمك أمامي و أمشي خلفك إجلالا لك فقال له الملك أوحى إليك بهذا فقال له إبراهيم نعم فقال له الملك أشهد أن إلهك لرفيق حليم كريم و أنك ترغبني في دينك قال و ودعه الملك فسار إبراهيم حتى نزل بأعلى الشامات و خلف لوطا ع في أدنى الشامات ثم إن إبراهيم ع لما أبطأ عليه الولد قال لسارة لو شئت لبعتيني هاجر لعل الله أن يرزقنا منها ولدا فيكون لنا خلفا فابتاع إبراهيم ع هاجر من سارة فوقع عليها فولدت إسماعيل ع

 إيضاح كوثى ربى كان قرية من قرى الكوفة كما ذكره المؤرخون و الذي ذكره اللغويون هو كوثى قال الجزري كوثى العراق هي سرة السواد و بها ولد إبراهيم الخليل ع انتهى و الشبيبة الحداثة و الشباب قوله ابنة لاحج الظاهر أن كلمة ابنة كانت مكررة فأسقط إحداهما النساخ لتوهم التكرار و يحتمل أن يكون المراد ابنة الابنة مجازا أو يكون المراد بلاحج ثانيا غير الأول و الحير بالفتح شبه الحظيرة و يقال عشرت القوم أعشرهم بالضم إذا أخذت عشر أموالهم و غصب فلانا على الشي‏ء أي قهره.  ثم إن هاهنا فوائد لا بد من التعرض لها الأولى اعلم أن العامة اختلفوا في والد إبراهيم ع قال الرازي في تفسير قوله تعالى وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ ظاهر هذه الآية تدل على أن اسم والد إبراهيم هو آزر و منهم من قال اسمه تارخ و قال الزجاج لا خلاف بين النسابين أن اسمه تارخ و من الملحدة من جعل هذا طعنا في القرآن. أقول ثم ذكر لتوجيه ذلك وجوها إلى أن قال و الوجه الرابع أن والد إبراهيم كان تارخ و آزر كان عما له و العم قد يطلق عليه لفظ الأب كما حكى الله عن أولاد يعقوب أنهم قالوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ و معلوم أن إسماعيل كان عما ليعقوب و قد أطلقوا عليه لفظ الأب فكذا هاهنا. أقول ثم قال بعد كلام قالت الشيعة إن أحدا من آباء الرسول و أجداده ما كانوا كافرا و أنكروا أن والد إبراهيم كان كافرا و ذكروا أن آزر كان عم إبراهيم و ما كان والدا له و احتجوا على قولهم بوجوه الحجة الأولى أن آباء نبينا ما كانوا كفارا و يدل عليه وجوه. منها قوله تعالى الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ قيل معناه أنه كان ينقل روحه من ساجد إلى ساجد و بهذا التقدير فالآية دالة على أن جميع آباء محمد صلوات الله عليهم أجمعين كانوا مسلمين و حينئذ يجب القطع بأن والد إبراهيم كان مسلما ثم قال و مما يدل أيضا على أن أحدا من آباء محمد صلوات الله عليهم ما كانوا مشركين قوله ص لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات و قال تعالى إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ و ذلك يوجب أن يقال إن أحدا من أجداده ما كان من المشركين انتهى. و قال الشيخ الطبرسي قدس الله روحه بعد نقل ما مر من كلام الزجاج و هذا  الذي قاله الزجاج يقوي ما قاله أصحابنا إن آزر كان جد إبراهيم لأمه أو كان عمه من حيث صح عندهم أن آباء النبي صلوات الله عليهم إلى آدم كلهم كانوا موحدين و أجمعت الطائفة على ذلك انتهى. أقول الأخبار الدالة على إسلام آباء النبي صلوات الله عليهم من طرق الشيعة مستفيضة بل متواترة و قد عرفت إجماع الفرقة المحقة على إسلام ولد إبراهيم بنقل المخالف و المؤالف فالأخبار الدالة على أنه كان أباه حقيقة محمولة على التقية. الثانية في قول إبراهيم ع إِنِّي سَقِيمٌ و اختلف في معناه على أقوال أحدها أنه ع نظر في النجوم فاستدل بها على وقت حمى كانت تعتوره فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ أراد أنه قد حضر وقت علته و زمان نوبتها فكأنه قال إني سأسقم لا محالة و حان الوقت الذي يعتريني فيه الحمى و قد يسمى المشارف للشي‏ء باسم الداخل فيه قال الله تعالى إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ. و ثانيها أنه نظر في النجوم كنظرهم لأنهم كانوا يتعاطون علم النجوم فأوهمهم أنه يقول بمثل قولهم فقال عند ذلك إِنِّي سَقِيمٌ فتركوه ظنا منهم أن نجمه يدل على سقمه. و ثالثها أن يكون الله أعلمه بالوحي أنه سيسقمه في وقت مستقبل و جعل العلامة على ذلك إما طلوع نجم على وجه مخصوص أو اتصاله بآخر على وجه مخصوص فلما رأى إبراهيم تلك الأمارة قال إِنِّي سَقِيمٌ تصديقا لما أخبره الله تعالى.

   و رابعها أن معنى قوله إِنِّي سَقِيمٌ إني سقيم القلب أو الرأي حزنا من إصرار القوم على عبادة الأصنام و هي لا تسمع و لا تبصر و يكون على هذا معنى نظره في النجوم فكرته في أنها محدثة مخلوقة مدبرة و تعجبه في أنه كيف ذهب على العقلاء ذلك من حالها حتى عبدوها. و خامسها أن معناه نظر في النجوم نظر تفكر فاستدل بها كما قصه الله في سورة الأنعام على كونها محدثة غير قديمة و لا آلهة و أشار بقوله إِنِّي سَقِيمٌ إلى أنه في حال مهلة النظر و ليس على يقين من الأمر و لا شفاء من العلم و قد يسمى الشك بأنه سقم كما يسمى العلم بأنه شفاء ذكره أبو مسلم و لا يخفى ضعفه هذا ما ذكره القوم من الوجوه و قد عرفت مما أوردنا من الأخبار في هذا الباب و باب العصمة أن الظاهر منها أنه ع أوهمهم بالنظر في النجوم موافقتهم و قال إِنِّي سَقِيمٌ تورية و قد وردت أخبار كثيرة في تجويز الكذب و التورية عند التقية و فيها الاستدلال بهذه الآية و بيان أنها لكونها على جهة التورية و المصلحة ليست بكذب و ما ذكر من الوجوه يصلح للتورية و قد مر أنه كان مراده حزن القلب بما يفعل بالحسين ع و قيل يمكن أن يكون على وجه التعريض بمعنى أن كل من كتب عليه الموت فهو سقيم و إن لم يكن به سقم في الحال. الثالثة قوله ع هذا رَبِّي و في تأويله وجوه الأول أنه ع إنما قال ذلك عند كمال عقله في زمان مهلة النظر فإنه تعالى لما أكمل عقله و حرك دواعيه على الفكر و التأمل رأى الكوكب فأعظمه و أعجبه نوره و حسنه و بهاؤه و قد كان قومه يعبدون الكواكب فقال هذا رَبِّي على سبيل الفكر فلما غاب علم أن الأفول لا يجوز على الإله فاستدل بذلك على أنه محدث مخلوق و كذلك كانت حاله في رؤية القمر و الشمس و قال في آخر كلامه يا قَوْمِ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ و كان هذا القول منه عقيب معرفته بالله تعالى و علمه بأن صفات المحدثين لا تجوز عليه و يحتمل أن يكون هذا قبل البلوغ و التكليف و بعده و الأول هو مختار الأكثر و هو أظهر و إلى هذا الوجه يشير بعض الأخبار السالفة و يمكن حملها على بعض الوجوه الآتية كما لا يخفى.  الثاني أنه ع كان عارفا بعدم صلاحيتها للربوبية و لكن قال ذلك في مقام الاحتجاج على عبدة الكواكب على سبيل الفرض الشائع عند المناظرة فكأنه أعاد كلام الخصم ليلزم عليه المحال و يؤيده قوله تعالى بعد ذلك وَ تِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ. الثالث أن يكون المراد هذا ربي في زعمكم و اعتقادكم و نظيره أن يقول الموحد للمجسم إن إلهه جسم محدود أي في زعمه و اعتقاده و قوله تعالى وَ انْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً. الرابع أن المراد منه الاستفهام على سبيل الإنكار إلا أنه أسقط حرف الاستفهام عنه كما هو الشائع. الخامس أن يكون القول مضمرا فيه و التقدير قال يقولون هذا ربي و إضمار القول كثير كقوله تعالى وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ رَبَّنا أي يقولان. السادس أن يكون قوله ذلك على سبيل الاستهزاء كما يقال لذليل ساد قوما هذا سيدكم على وجه الهزء. السابع أنه ع أراد أن يبطل قولهم بربوبية الكواكب إلا أنه كان قد عرف من تقليدهم لأسلافهم و بعد طبائعهم عن قبول الدلائل أنه لو صرح بالدعوة إلى الله لم يقبلوه و لم يلتفتوا إليه فمال إلى طريق به يستدرجهم إلى استماع الحجة و ذلك بأنه ذكر كلاما يوهم كونه مساعدا لهم على مذهبهم مع أن قلبه كان مطمئنا بالإيمان فكأنه بمنزلة المكره على إجراء كلمة الكفر على اللسان على وجه المصلحة لإحياء الخلق بالإيمان. الرابعة وجه استدلاله ع بالأفول على عدم صلاحيتها للربوبية قال الرازي في تفسيره الأفول عبارة عن غيبوبة الشي‏ء بعد ظهوره و إذا عرفت هذا فلسائل أن يقول الأفول إنما يدل على الحدوث من حيث إنه حركة و على هذا يكون الطلوع أيضا دليلا على

   الحدوث فلم ترك إبراهيم ع الاستدلال على حدوثها بالطلوع و عول في إثبات هذا المطلوب على الأفول و الجواب أنه لا شك أن الطلوع و الغروب يشتركان في الدلالة على الحدوث إلا أن الدليل الذي يحتج به الأنبياء في معرض دعوة الخلق كلهم إلى الإله لا بد و أن يكون ظاهرا جليا بحيث يشترك في فهمه الذكي و الغبي و العاقل و دلالة الحركة على الحدوث و إن كانت يقينية إلا أنها دقيقة لا يعرفها إلا الأفاضل من الخلق و أما دلالة الأفول فكانت على هذا المقصود أتم و أيضا قال بعض المحققين الهوي في خطيرة الإمكان أفول و أحسن الكلام ما يحصل فيه حصة الخواص و حصة الأوساط و حصة العوام فالخواص يفهمون من الأفول الإمكان و كل ممكن محتاج و المحتاج لا يكون مقطعا للحاجة فلا بد من الانتهاء إلى ما يكون منزها عن الإمكان حتى تنقطع الحاجات بسبب وجوده كما قال وَ أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى و أما الأوساط فإنهم يفهمون من الأفول مطلق الحركة فكل متحرك محدث و كل محدث فهو محتاج إلى القديم القادر فلا يكون الآفل إلها بل الإله هو الذي احتاج إليه هذا الآفل و أما العوام فإنهم يفهمون من الأفول الغروب و هم يشاهدون أن كل كوكب يقرب من الأفول فإنه يزول نوره و ينتقص ضوؤه و يذهب سلطانه و يصير كالمعدوم و من كان كذلك فإنه لم يصلح للإلهية فهذه الكلمة الواحدة أعني قوله لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ كلمة مشتملة على نصيب المقربين و أصحاب اليمين و أصحاب الشمال فكانت أكمل الدلائل و أفضل البراهين و فيه دقيقة أخرى و هي أنه ع إنما كان يناظرهم و هم كانوا منجمين و مذهب أهل النجوم أن الكواكب إذا كان في الربع الشرقي و يكون صاعدا إلى وسط السماء كان قويا عظيم التأثير و أما إذا كان غربيا و قريبا من الأفول فإنه يكون ضعيف الأثر قليل القوة فنبه بهذه الدقيقة على أن الإله هو الذي لا يتغير قدرته إلى العجز و كماله إلى النقص و مذهبكم أن الكوكب حال كونه في الربع الغربي يكون ضعيف القوة ناقص التأثير عاجزا عن التدبير و ذلك يدل على القدح في إلهيته فظهر أن

   على قول المنجمين للأفول مزيد اختصاص في كونه موجبا للقدح في الإلهية انتهى. أقول يمكن إرجاع كلامه ع إلى الدليل المشهور بين المتكلمين من عدم الانفكاك عن الحوادث و الاستدلال به على إمكانها و افتقارها إلى المؤثر أو إلى أنها محل للتغيرات و الحوادث و الواجب تعالى لا يكون كذلك أو إلى أن الأفول و الغروب نقص و هو لا يجوز على الصانع أو إلى أن هذه الحركة الدائمة المستمرة تدل على أنها مسخرة لصانع كما مر في كتاب التوحيد و العقل يحكم بأن الصانع مثل هذا الخلق لا يكون مصنوعا أو أن الغيبة و الحضور و الطلوع و الأفول من خواص الأجسام و يلزمها الإمكان لوجوه شتى و لعل الوجه الثاني و الثالث بتوسط ما ذكره الرازي أخيرا أظهر الوجوه و أما ما سواهما فلا يخفى بعدها و لنقتصر على ذلك فإن بسط القول في تلك البراهين يوجب الإطناب الذي عزمنا على تركه في هذا الكتاب. الخامسة تأويل قوله تعالى بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ و يمكن توجيهه بوجوه الأول ما ذكره السيد المرتضى قدس الله روحه و هو أن الخبر مشروط غير مطلق لأنه قال إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ و معلوم أن الأصنام لا تنطق و أن النطق مستحيل عليها فما علق بهذا المستحيل من الفعل أيضا مستحيل و إنما أراد إبراهيم ع بهذا القول تنبيه القوم و توبيخهم و تعنيفهم بعبادة من لا يسمع و لا يبصر و لا ينطق و لا يقدر أن يخبر عن نفسه بشي‏ء فقال إن كانت هذه الأصنام تنطق فهي الفاعلة للتكسير لأن من يجوز أن ينطق يجوز أن يفعل و إذا علم استحالة النطق عليها علم استحالة الفعل و علم باستحالة الأمرين أنه لا يجوز أن تكون آلهة معبودة و أن من عبدها ضال مضل و لا فرق بين قوله إنهم فعلوا ذلك إن كانوا ينطقون و بين قوله إنهم ما فعلوا ذلك و لا غيره لأنهم لا ينطقون و لا يقدرون و أما قوله فَسْئَلُوهُمْ فإنما هو أمر بسؤالهم أيضا على شرط و النطق منهم شرط في الأمرين فكأنه قال إن كانوا ينطقون فاسألوهم فإنه لا يمتنع أن يكونوا فعلوه و هذا يجري مجرى قول أحدنا لغيره من فعل هذا الفعل فيقول زيد إن كان فعل كذا و كذا و يشير إلى فعل يضيفه السائل إلى زيد و ليس في الحقيقة من فعله و يكون غرض المسئول نفي الأمرين عن زيد و تنبيه السائل على خطائه في إضافة

   ما أضافه إلى زيد و قد قرأ محمد بن السميع اليماني فعله كبيرهم بتشديد اللام و المعنى فلعله أي فلعل فاعل ذلك كبيرهم و قد جرت عادة العرب بحذف اللام الأولى من لعل انتهى. الثاني أنه لم يكن قصد إبراهيم ع إلى أن ينسب الفعل الصادر عنه إلى الصنم و إنما قصد تقريره لنفسه و إثباته لها على وجه تعريضي و هذا كما لو قال لك صاحبك و قد كتبت كتابا بخط رشيق و أنت تحسن الخط أنت كتبت هذا و صاحبك أمي لا يحسن الخط فقلت له بل كتبت أنت كان قصدك بهذا الجواب تقريره لك مع الاستهزاء لا نفيه عنك. و الثالث أن إبراهيم ع غاظته تلك الأصنام حين أبصرهم مصففة مرتبة فكان غيظه من كبيرتها أشد لما رأى من زيادة تعظيمهم لها فأسند الفعل إليه لأنه هو السبب في استهانته و حطمه لها و الفعل كما يسند إلى مباشره يسند إلى الحامل عليه. و الرابع أن يكون حكاية لما يلزم على مذهبهم كأنه قال نعم ما تنكرون أن يفعله كبيرهم فإن من حق من يعبد أو يدعي إلها أن يقدر على هذا و أشد منه أو أنه يلزمكم على قولكم أن لا يقدر على كسرهم إلا إله أكبر منهم فإن غير الإله لا يقدر أن يكسر الإله. و الخامس أنه كناية عن غير مذكور أي فعله من فعله و كبيرهم ابتداء كلام و السادس ما يروى عن الكسائي أنه كان يقف عند قوله كَبِيرُهُمْ ثم يبتدئ فيقول هذا فَسْئَلُوهُمْ و المعنى بل فعله كبيرهم و عنى نفسه لأن الإنسان أكبر من كل صنم. أقول قد مضى في باب العصمة الخبر الدال على الوجه الأول و يظهر من كثير من الأخبار أن هذا صدر عنه ع على وجه التورية و المصلحة و يمكن توجيه التورية ببعض الوجوه المتقدمة

 و روى الكليني عن أبي علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار  عن الحجال عن ثعلبة عن معمر بن عمر عن عطا عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص لا كذب على مصلح ثم تلا أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ فقال و الله ما سرقوا و ما كذب ثم تلا بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ثم قال و الله ما فعلوه و ما كذب

 و روي عن علي بن إبراهيم عن البزنطي عن حماد بن عثمان عن الحسن الصيقل قال قلت لأبي عبد الله ع إنا قد روينا عن أبي جعفر ع في قول يوسف ع أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ فقال و الله ما سرقوا و ما كذب و قال إبراهيم بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ فقال و الله ما فعلوا و ما كذب قال فقال أبو عبد الله ع ما عندكم فيها يا صيقل قلت ما عندنا فيها إلا التسليم قال فقال إن الله أحب اثنين و أبغض اثنين أحب الخطر فيما بين الصفين و أحب الكذب في الإصلاح و أبغض الخطر في الطرقات و أبغض الكذب في غير الإصلاح إن إبراهيم ع قال بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ و هذا إرادة الإصلاح و دلالة على أنهم لا يعقلون و قال يوسف ع إرادة الإصلاح

 و روى عن عدة من أصحابه عن البرقي عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله ع التقية من دين الله قلت من دين الله قال إي و الله من دين الله قال يوسف أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ و الله ما كانوا سرقوا شيئا و لقد قال إبراهيم إِنِّي سَقِيمٌ و الله ما كان سقيما