باب 11- قصص زكريا و يحيى ع

الآيات آل عمران هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَ هُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ سَيِّداً وَ حَصُوراً وَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ قَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَ امْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً وَ اذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَ سَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِبْكارِ مريم كهيعص ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا وَ إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا وَ زَكاةً وَ كانَ تَقِيًّا وَ بَرًّا بِوالِدَيْهِ وَ لَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا وَ سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا الأنبياء وَ زَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ وَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَ أَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَ يَدْعُونَنا رَغَباً وَ رَهَباً وَ كانُوا لَنا خاشِعِينَ

 1-  فس، ]تفسير القمي[ وَ أَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ قال كانت لا تحيض فحاضت

 2-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ماجيلويه عن علي عن أبيه عن الريان بن شبيب قال دخلت على الرضا ع في أول يوم من المحرم فقال يا ابن شبيب أ صائم أنت فقلت لا فقال إن هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا ع ربه فقال رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ فاستجاب الله له و أمر الملائكة فنادت زكريا وَ هُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله عز و جل استجاب الله له كما استجاب لزكريا ع

 3-  كا، ]الكافي[ علي بن محمد عن بعض أصحابه عن محمد بن سنان عن أبي سعيد المكاري عن أبي حمزة عن أبي جعفر ع قال قلت ما عنى الله تعالى بقوله في يحيى وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا وَ زَكاةً قال تحنن الله قال قلت فما بلغ من تحنن الله عليه قال كان إذا قال يا رب قال الله عز و جل له لبيك يا يحيى

  -4  لي، ]الأمالي للصدوق[ القطان عن محمد بن سعيد بن أبي شحمة عن عبد الله بن سعيد بن هشام القناني عن أحمد بن صالح عن حسان بن عبد الله الواسطي عن عبد الله بن لهيعة عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله ص كان من زهد يحيى بن زكريا ع أنه أتى بيت المقدس فنظر إلى المجتهدين من الأحبار و الرهبان عليهم مدارع الشعر و برانس الصوف و إذا هم قد خرقوا تراقيهم و سلكوا فيها السلاسل و شدوها إلى سواري المسجد فلما نظر إلى ذلك أتى أمه فقال يا أماه انسجي لي مدرعة من شعر و برنسا من صوف حتى آتي بيت المقدس فأعبد الله مع الأحبار و الرهبان فقالت له أمه حتى يأتي نبي الله و أؤامره في ذلك فلما دخل زكريا ع أخبرته بمقالة يحيى فقال له زكريا يا بني ما يدعوك إلى هذا و إنما أنت صبي صغير فقال له يا أبة أ ما رأيت من هو أصغر سنا مني قد ذاق الموت قال بلى ثم قال لأمه انسجي له مدرعة من شعر و برنسا من صوف ففعلت فتدرع المدرعة على بدنه و وضع البرنس على رأسه ثم أتى بيت المقدس فأقبل يعبد الله عز و جل مع الأحبار حتى أكلت مدرعة الشعر لحمه فنظر ذات يوم إلى ما قد نحل من جسمه فبكى فأوحى الله عز و جل إليه يا يحيى أ تبكي مما قد نحل من جسمك و عزتي و جلالي لو اطلعت إلى النار اطلاعة لتدرعت مدرعة الحديد فضلا عن المنسوج فبكى حتى أكلت الدموع لحم خديه و بدا للناظرين أضراسه فبلغ ذلك أمه فدخلت عليه و أقبل زكريا ع و اجتمع الأحبار و الرهبان فأخبروه بذهاب لحم خديه فقال ما شعرت بذلك فقال زكريا ع يا بني ما يدعوك إلى هذا إنما سألت ربي أن يهبك لي لتقر بك عيني قال أنت أمرتني بذلك يا أبة قال و متى ذلك يا بني قال أ لست القائل أن بين الجنة و النار لعقبة لا يجوزها إلا البكاءون من خشية الله قال بلى فجد و اجتهد و شأنك غير شأني فقام يحيى فنفض مدرعته فأخذته أمه

 فقالت أ تأذن يا بني أن أتخذ لك قطعتي لبود تواريان أضراسك و تنشفان دموعك فقال لها شأنك فاتخذت له قطعتي لبود تواريان أضراسه و تنشفان دموعه حتى ابتلتا من دموع عينيه فحسر عن ذراعيه ثم أخذهما فعصرهما فتحدر الدموع من بين أصابعه فنظر زكريا ع إلى ابنه و إلى دموع عينيه فرفع رأسه إلى السماء فقال اللهم إن هذا ابني و هذه دموع عينيه و أنت أرحم الراحمين و كان زكريا ع إذا أراد يعظ بني إسرائيل يلتفت يمينا و شمالا فإن رأى يحيى ع لم يذكر جنة و لا نارا فجلس ذات يوم يعظ بني إسرائيل و أقبل يحيى قد لف رأسه بعباءة فجلس في غمار الناس و التفت زكريا ع يمينا و شمالا فلم ير يحيى فأنشأ يقول حدثني حبيبي جبرئيل ع عن الله تبارك و تعالى إن في جهنم جبلا يقال له السكران في أصل ذلك الجبل واد يقال له الغضبان لغضب الرحمن تبارك و تعالى في ذلك الوادي جب قامته مائة عام في ذلك الجب توابيت من نار في تلك التوابيت صناديق من نار و ثياب من نار و سلاسل من نار و أغلال من نار فرفع يحيى ع رأسه فقال وا غفلتاه من السكران ثم أقبل هائما على وجهه فقام زكريا ع من مجلسه فدخل على أم يحيى فقال لها يا أم يحيى قومي فاطلبي يحيى فإني قد تخوفت أن لا نراه إلا و قد ذاق الموت فقامت فخرجت في طلبه حتى مرت بفتيان من بني إسرائيل فقالوا لها يا أم يحيى أين تريدين قالت أريد أن أطلب ولدي يحيى ذكرت النار بين يديه فهام على وجهه فمضت أم يحيى و الفتية معها حتى مرت براعي غنم فقالت له يا راعي هل رأيت شابا من صفته كذا و كذا فقال لها لعلك تطلبين يحيى بن زكريا قالت نعم ذاك ولدي ذكرت النار بين يديه فهام على وجهه قال إني تركته الساعة على عقبة ثنية كذا و كذا ناقعا قدميه في الماء رافعا بصره إلى السماء يقول و عزتك مولاي لا ذقت بارد الشراب حتى أنظر إلى منزلتي منك فأقبلت أمه فلما رأته أم يحيى دنت منه فأخذت برأسه فوضعته بين ثدييها و هي تناشده بالله أن ينطلق معها إلى المنزل فانطلق معها حتى أتى المنزل فقالت له أم يحيى هل لك أن تخلع مدرعة الشعر و تلبس مدرعة الصوف فإنه ألين ففعل و طبخ له عدس فأكل و استوفى فنام فذهب به النوم فلم يقم لصلاته فنودي في منامه يا يحيى بن زكريا أردت دارا خيرا من داري و جوارا خيرا من جواري فاستيقظ فقام فقال يا رب أقلني عثرتي إلهي فو عزتك لا أستظل بظل سوى بيت المقدس و قال لأمه ناوليني مدرعة الشعر فقد علمت أنكما ستورداني المهالك فتقدمت أمه فدفعت إليه المدرعة و تعلقت به فقال لها زكريا يا أم يحيى دعيه فإن ولدي قد كشف له عن قناع قلبه و لن ينتفع بالعيش فقام يحيى ع فلبس مدرعته و وضع البرنس على رأسه ثم أتى بيت المقدس فجعل يعبد الله عز و جل مع الأحبار حتى كان من أمره ما كان

 بيان المدرعة بكسر الميم القميص و البرنس قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام و اللبود جمع اللبد و غمار الناس بالضم و الفتح زحمتهم و كثرتهم و ثنية الجبل منعطفه

 5-  من خط الشهيد قدس سره نقلا من كتاب زهد الصادق، عنه ع قال بكى يحيى بن زكريا ع حتى ذهب لحم خديه من الدموع فوضع على العظم لبودا يجري عليها الدموع فقال له أبوه يا بني إني سألت الله تعالى أن يهبك لي لتقر عيني بك فقال يا أبة إن على نيران ربنا معاثر لا يجوزها إلا البكاءون من خشية الله عز و جل و أتخوف أن آتيها فأزل منها فبكى زكريا ع حتى غشي عليه من البكاء

 6-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن حنان بن سدير عن عبد الله بن الفضل الهمداني عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين ع قال مر عليه رجل عدو لله و لرسوله فقال فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما كانُوا مُنْظَرِينَ ثم مر عليه الحسين بن علي ع فقال لكن هذا لتبكين عليه السماء و الأرض و قال و ما بكت السماء و الأرض إلا على يحيى بن زكريا و الحسين بن علي ع

 7-  ب، ]قرب الإسناد[ عنهما عن حنان عن الصادق ع قال زوروا الحسين ع و لا تجفوه فإنه سيد شباب الشهداء و سيد شباب أهل الجنة و شبيه يحيى بن زكريا ع و عليهما بكت السماء و الأرض

 8-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع أن أمير المؤمنين ع كان يقرأ وَ إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي يعني أنه لم يكن له وارث حتى وهب الله له بعد الكبر

 9-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ سهل بن أحمد الدينوري معنعنا عن أبي عبد الله ع و ساق الحديث في أحوال القيامة إلى أن قال ثم ينادي المنادي و هو جبرئيل ع أين فاطمة بنت محمد أين خديجة بنت خويلد أين مريم بنت عمران أين آسية بنت مزاحم أين أم كلثوم أم يحيى بن زكريا فيقمن الحديث

 10-  فس، ]تفسير القمي[ هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَ هُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ سَيِّداً وَ حَصُوراً وَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ الحصور الذي لا يأتي النساء قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ قَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَ امْرَأَتِي عاقِرٌ و العاقر التي قد يئست من المحيض قالَ كَذلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ قالَ زكريا رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ و ذلك أن زكريا ظن أن الذين بشروه هم الشياطين و قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً فخرس ثلاثة أيام

 بيان قال الطبرسي رحمه الله هُنالِكَ أي عند ما رأى عند مريم ع فاكهة الصيف في الشتاء و فاكهة الشتاء في الصيف على خلاف العادة دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً أي طمع في رزق الولد من العاقر و قوله طَيِّبَةً أي مباركة و قيل صالحة تقية نقية العمل إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ بمعنى قابل الدعاء و مجيب له فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ قيل ناداه جبرئيل أي أتاه النداء من هذا الجنس و قيل نادته جماعة من الملائكة وَ هُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أي في المسجد و قيل في محراب المسجد أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى سماه الله بهذا الاسم قبل مولده و اختلف فيه لم سمي بيحيى فقيل لأن الله أحيا به عقر أمه عن ابن عباس و قيل لأن الله سبحانه أحياه بالإيمان عن قتادة و قيل لأنه سبحانه أحيا قلبه بالنبوة و لم يسم قبله أحدا بيحيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ أي بعيسى و عليه جميع المفسرين إلا ما حكي عن أبي عبيدة أنه قال بكتاب الله و كان يحيى أكبر سنا من عيسى ع بستة أشهر و كلف التصديق به و كان أول من صدقه و شهد أنه كلمة الله و روحه و كان ذلك إحدى معجزات عيسى و أقوى الأسباب لإظهار أمره فإن الناس كانوا يقبلون قول يحيى لمعرفتهم بصدقه و زهده  وَ سَيِّداً في العلم و العبادة و قيل في الحلم و التقوى و حسن الخلق و قيل كريما على ربه و قيل فقيها عالما و قيل مطيعا لربه و قيل مطاعا و قيل سيدا للمؤمنين بالرئاسة عليهم و الجميع يرجع إلى أصل واحد وَ حَصُوراً و هو الذي لا يأتي النساء عن ابن عباس و ابن مسعود و الحسن و قتادة و هو المروي عن أبي جعفر ع و معناه أنه يحصر نفسه عن الشهوات أي يمنعها و قيل الحصور أنه لا يدخل في اللعب و الأباطيل عن المبرد و قيل العنين و هذا لا يجوز على الأنبياء لأنه عيب و ذم و لأن الكلام خرج مخرج المدح وَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ أي رسولا شريفا رفيع المنزلة من جملة الأنبياء قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ أي من أين يكون و قيل كيف يكون لِي غُلامٌ وَ قَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ أي أصابني الشيب و نالني الهرم قال ابن عباس كان يومئذ ابن عشرين و مائة سنة و كانت امرأته بنت ثمان و تسعين سنة وَ امْرَأَتِي عاقِرٌ أي عقيم لا تلد فإن قيل لم راجع زكريا هذه المراجعة و قد بشره الله بأن يهب له ذرية طيبة قيل إنما قال ذلك على سبيل التعرف عن كيفية حصول الولد أ يعطيهما و هما على ما كانا عليه من الشيب أم يصرفهما إلى حال الشباب ثم يرزقهما الولد و يحتمل أن يكون اشتبه الأمر عليه أن يعطيه الولد من امرأته العجوز أم من امرأة أخرى شابة فقال تعالى كَذلِكَ و تقديره كذلك الأمر الذي أنتما عليه و على تلك الحال اللَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ معناه يرزقك الله الولد منها فإنه هين عليه و قيل فيه وجه آخر و هو أنه إنما قال ذلك على سبيل الاستعظام لمقدور الله تعالى و التعجب الذي يحصل للإنسان عند ظهور آية عظيمة كمن يقول لغيره كيف سمحت نفسك لإخراج ذلك المال النفيس من يدك تعجبا من جوده و قيل إنه قال ذلك على وجه التعجب من أنه كيف أجابه الله إلى مراده فيما دعا و كيف استحق لذلك

  و من زعم أنه إنما قال ذلك للوسوسة التي خالطت قلبه من الشيطان أو خيلت إليه أن النداء كان من غير الملائكة فقد أخطأ لأن الأنبياء لا بد أن يعرفوا الفرق بين كلام الملك و وسوسة الشيطان و لا يجوز أن يتلاعب الشيطان بهم حتى يختلط عليهم طريق الإفهام ثم سأل الله سبحانه علامة يعرف بها وقت حمل امرأته ليزيد في العبادة شكرا و قيل ليتعجل السرور قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً أي علامة لوقت الحمل و الولد فجعل الله تلك العلامة في إمساك لسانه عن الكلام إلا إيماء من غير آفة حدثت فيه بقوله قالَ آيَتُكَ أي قال الله أو جبرئيل أي علامتك أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً أي إيماء و قيل الرمز تحريك الشفتين و قيل أراد به صومه ثلاثة أيام لأنهم كانوا إذا صاموا لم يتكلموا إلا رمزا وَ اذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً أي في هذه الأيام الثلاثة و معناه أنه لما منع عن الكلام عرف أنه لم يمنع عن الذكر لله سبحانه و التسبيح له و ذلك أبلغ في الإعجاز وَ سَبِّحْ أي نزه الله و قيل معناه صل بِالْعَشِيِّ وَ الْإِبْكارِ آخر النهار و أوله

 11-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن سعد عن أحمد بن حمزة الأشعري عن ياسر الخادم قال سمعت الرضا ع يقول إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن يوم يلد فيخرج من بطن أمه فيرى الدنيا و يوم يموت فيعاين الآخرة و أهلها و يوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا و قد سلم الله على يحيى في هذه الثلاثة المواطن و آمن روعته فقال وَ سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا و قد سلم عيسى ابن مريم ع على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال وَ السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا

 12-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ ابن الصلت عن ابن عقدة عن الحسن بن القاسم عن ثبير بن إبراهيم عن سليم بن بلال المدني عن الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمد عن آبائه ع أن إبليس كان يأتي الأنبياء من لدن آدم ع إلى أن بعث الله المسيح ع يتحدث عندهم و يسائلهم و لم يكن بأحد منهم أشد أنسا منه بيحيى بن زكريا ع فقال له يحيى يا با مرة إن لي إليك حاجة فقال له أنت أعظم قدرا من أن أردك بمسألة فسلني ما شئت فإني غير مخالفك في أمر تريده فقال يحيى يا با مرة أحب أن تعرض علي مصائدك و فخوخك التي تصطاد بها بني آدم فقال له إبليس حبا و كرامة و واعده لغد فلما أصبح يحيى ع قعد في بيته ينتظر الموعد و أغلق عليه الباب إغلاقا فما شعر حتى ساواه من خوخة كانت في بيته فإذا وجهه صورة وجه القرد و جسده على صورة الخنزير و إذا عيناه مشقوقتان طولا و إذا أسنانه و فمه مشقوق طولا عظما واحدا بلا ذقن و لا لحية و له أربعة أيد يدان في صدره و يدان في منكبه و إذا عراقيبه قوادمه و أصابعه خلفه و عليه قباء و قد شد وسطه بمنطقة فيها خيوط معلقة بين أحمر و أصفر و أخضر و جميع الألوان و إذا بيده جرس عظيم و على رأسه بيضة و إذا في البيضة حديدة معلقة شبيهة بالكلاب فلما تأمله يحيى ع قال له ما هذه المنطقة التي في وسطك فقال هذه المجوسية أنا الذي سننتها و زينتها لهم فقال له فما هذه الخيوط الألوان قال له هذه جميع أصباغ النساء لا تزال المرأة تصبغ الصبغ حتى تقع مع لونها فأفتتن الناس بها فقال له فما هذا الجرس الذي بيدك قال هذا مجمع كل لذة من طنبور و بربط و معزفة و طبل و ناي و صرناي و إن القوم ليجلسون على شرابهم فلا يستلذونه فأحرك الجرس فيما بينهم فإذا سمعوه استخفهم الطرب فمن بين من يرقص و من بين من يفرقع أصابعه و من بين من يشق ثيابه فقال له و أي الأشياء أقر لعينك قال النساء هن فخوخي و مصائدي فإني إذا اجتمعت علي دعوات الصالحين و لعناتهم صرت إلى النساء فطابت نفسي بهن فقال له يحيى ع فما هذه البيضة التي على رأسك قال بها أتوقى دعوة المؤمنين قال فما هذه الحديدة التي أرى فيها قال بهذه أقلب قلوب الصالحين قال يحيى ع فهل ظفرت بي ساعة قط قال لا و لكن فيك خصلة تعجبني قال يحيى فما هي قال أنت رجل أكول فإذا أفطرت أكلت و بشمت فيمنعك ذلك من بعض صلاتك و قيامك بالليل قال يحيى ع فإني أعطي الله عهدا ألا أشبع من الطعام حتى ألقاه قال له إبليس و أنا أعطي الله عهدا أني لا أنصح مسلما حتى ألقاه ثم خرج فما عاد إليه بعد ذلك

 بيان الخوخة كوة تؤدي الضوء إلى البيت و العراقيب جمع العرقوب و هو عصب غليظ فوق عقب الإنسان و قال الفيروزآبادي المعازف الملاهي كالعود و الطنبور و الواحد عزف أو معزف كمنبر و مكنسة و قال البشم محركة التخمة و السأمة بشم كفرح

 13-  فس، ]تفسير القمي[ في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا يقول ذكر ربك زكريا فرحمه إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي يقول ضعف وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا يقول لم يكن دعائي خائبا عندك وَ إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي يقول خفت الورثة من بعدي وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً و لم يكن لزكريا يومئذ ولد يقوم مقامه و يرثه و كانت هدايا بني إسرائيل و نذورهم للأحبار و كان زكريا رئيس الأحبار و كانت امرأة زكريا أخت مريم بنت عمران بن ماثان و يعقوب بن ماثان و بنو ماثان إذ ذاك رؤساء بني إسرائيل و بنو ملوكهم و هم من ولد سليمان بن داود ع فقال زكريا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا يقول لم يسم باسم يحيى أحد قبله قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا فهو البؤس قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا صحيحا من غير مرض

 بيان قال الطبرسي رحمه الله ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا أي هذا خبر رحمة ربك زكريا عبده و يعني بالرحمة إجابته إياه حين دعاه و سأله الولد و زكريا اسم نبي من أنبياء بني إسرائيل كان من أولاد هارون بن عمران و قيل معناه ذكر ربك عبده بالرحمة إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا أي سرا غير جهر لا يريد به رياء. و قيل إنما أخفاه لئلا يهزأ به الناس قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي أي ضعف و إنما أضاف إلى العظم لأنه مع صلابته إذا ضعف فكيف باللحم و العصب وَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً أي إن الشيب قد عم الرأس وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا أي و لم أكن بدعائي إياك فيما مضى مخيبا محروما و المعنى أنك قد عودتني حسن الإجابة فلا تخيبني فيما أسألك وَ إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي و هم الكلالة عن ابن عباس و قيل العصبة عن مجاهد و قيل هم العمومة و بنو العم عن أبي جعفر ع و قيل بنو العم و كانوا شرار بني إسرائيل وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً أي عقيما لا تلد فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ولدا يليني و يكون أولى بميراثي يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ و هو يعقوب بن ماثان و أخوه عمران بن ماثان أبو مريم عن الكلبي و مقاتل و قيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا أي مرضيا عندك ممتثلا لأمرك فاستجاب الله دعاءه و أوحى إليه يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا أي لم نسم قبله أحدا باسمه.

 و قال أبو عبد الله ع و كذلك الحسين ع لم يكن له من قبل سمي و لم تبك السماء إلا عليهما أربعين صباحا قيل له و ما بكاؤها قال كانت تطلع حمراء و تغيب حمراء و كان قاتل يحيى ع ولد زنا و قاتل الحسين ع ولد زنا

 و روى سفيان بن عيينة عن علي بن زيد عن علي بن الحسين ع قال خرجنا مع الحسين ع فما نزل منزل و لا ارتحل منه إلا و ذكر يحيى بن زكريا ع و قال يوما من هوان الدنيا على الله عز و جل أن رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل

و قيل إن معنى قوله لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا لم تلد العواقر مثله ولدا و هو كقوله هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا أي مثلا عن ابن عباس و مجاهد قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا أي قد بلغت من كبر السن إلى حال اليبس و الجفاف و نحول العظم قال قتادة كان له بضع و سبعون سنة قالَ كَذلِكَ أي قال الله سبحانه الأمر على ما أخبرتك من هبة الولد على الكبر قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ أي من قبل يحيى وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً أي شيئا موجودا.

 و روى الحكم بن عتيبة عن أبي جعفر ع قال إنما ولد يحيى بعد البشارة له من الله بخمس سنين

 قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً و علامة أستدل بها على وقت كونه قالَ الله سبحانه آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا أي و أنت سوي صحيح سليم فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ أي من مصلاه فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أي أشار إليهم و أومأ بيده و قيل كتب لهم في الأرض أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا أي صلوا بكرة و عشيا و قيل أراد التسبيح بعينه قال ابن جريح أشرف عليهم زكريا ع من فوق غرفة كان يصلي فيها لا يصعد إليها إلا بسلم و كانوا يصلون معه الفجر و العشاء فكان يخرج إليهم فيؤذن لهم بلسانه فلما اعتقل لسانه خرج على عادته و أذن لهم بغير كلام فعرفوا عند ذلك أنه قد جاء وقت حمل امرأته بيحيى فمكث ثلاثة أيام لا يقدر على الكلام معهم و يقدر على التسبيح و الدعاء ثم قال سبحانه يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ تقديره فوهبنا له يحيى و أعطيناه الفهم و العقل و قلنا له يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ يعني التوراة بما قواك الله عليه و أيدك به و معناه و أنت قادر على أخذه قوي على العمل و قيل معناه بجد و صحة عزيمة على القيام بما فيه وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا أي و آتيناه النبوة في حال صباه و هو ابن ثلاث سنين عن ابن عباس.

 و روى العياشي بإسناده عن علي بن أسباط قال قدمت المدينة و أنا أريد مصر فدخلت على أبي جعفر محمد بن علي الرضا ع و هو إذ ذاك خماسي فجعلت أتأمله لأصفه لأصحابنا بمصر فنظر إلي فقال يا علي إن الله أخذ في الإمامة كما أخذ في النبوة قال وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ اسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَ عِلْماً و قال وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا فقد يجوز أن يعطى الحكم ابن أربعين سنة و يجوز أن يعطاه الصبي

و قيل إن الحكم الفهم و عن معمر قال إن الصبيان قالوا ليحيى اذهب بنا نلعب فقال ما للعب خلقت فأنزل الله تعالى فيه وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا و روي ذلك عن أبي الحسن الرضا ع وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا و الحنان العطف و الرحمة أي و آتيناه رحمة من عندنا و قيل تحننا على العباد و رقة قلب عليهم ليدعوهم إلى طاعة الله و قيل محبة منا و قيل تحنن الله عليه كان إذا قال يا رب قال له لبيك يا يحيى و هو المروي عن الباقر ع و قيل تعطفا منا وَ زَكاةً أي و عملا صالحا زاكيا أو زكاة لمن قبل دينه حتى يكونوا أزكياء و قيل يعني بالزكاة طاعة الله و الإخلاص و قيل و صدقة تصدق الله بها على أبويه و قيل و زكيناه بحسن الثناء عليه وَ كانَ تَقِيًّا أي مخلصا مطيعا متقيا لما نهى الله عنه قالوا و كان من تقواه أنه لم يعمل خطيئة و لم يهم بها وَ بَرًّا بِوالِدَيْهِ أي بارا بهما وَ لَمْ يَكُنْ جَبَّاراً أي متكبرا متطاولا على الخلق عَصِيًّا أي عاصيا لربه وَ سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا أي سلام عليه منا في هذه الأحوال و قيل سلامة و أمان له منا انتهى ملخص تفسيره رحمه الله. أقول قول علي بن إبراهيم و يعقوب بن ماثان إما عطف على زكريا أي كانت الرئاسة في ذلك الزمان لزكريا و يعقوب عم زوجته أو يعقوب مبتدأ و ابن ماثان خبره أي يعقوب الذي ذكره الله هو ابن ماثان لا ابن إسحاق أو هو مبتدأ و بنو ماثان معطوف عليه و قوله رؤساء خبرهما فيكون من قبيل عطف العام على الخاص. و قال البيضاوي قيل يعقوب كان أخا زكريا أو عمران بن ماثان من نسل سليمان انتهى. و أما تفسيره العتي بالبؤس أو اليأس فلعله بيان لحاصل المعنى و لازمه قال الجوهري عتى الشيخ كبر و ولى

 14-  ج، ]الإحتجاج[ سأل سعد بن عبد الله القائم ع عن تأويل كهيعص قال ع هذه الحروف من أنباء الغيب أطلع الله عليها عبده زكريا ثم قصها على محمد ص و ذلك أن زكريا سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرئيل ع فعلمه إياها فكان زكريا ع إذا ذكر محمدا ص و عليا و فاطمة و الحسن ع سري عنه همه و انجلى كربه و إذا ذكر اسم الحسين ع خنقته العبرة و وقعت عليه البهرة فقال ع ذات يوم إلهي ما بالي إذ ذكرت أربعة منهم تسليت بأسمائهم من همومي و إذا ذكرت الحسين تدمع عيني و تثور زفرتي فأنبأه الله تبارك و تعالى عن قصته فقال كهيعص فالكاف اسم كربلاء و الهاء هلاك العترة و الياء يزيد و هو ظالم الحسين ع و العين عطشه و الصاد صبره فلما سمع ذلك زكريا ع لم يفارق مسجده ثلاثة أيام و منع فيهن الناس من الدخول عليه و أقبل على البكاء و النحيب و كان يرثيه إلهي أ تفجع خير جميع خلقك بولده إلهي أ تنزل بلوى هذه الرزية بفنائه إلهي أ تلبس عليا و فاطمة ثياب هذه المصيبة إلهي أ تحل كربة هذه المصيبة بساحتها ثم كان يقول إلهي ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر فإذا رزقتنيه فافتني بحبه ثم افجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده فرزقه الله يحيى و فجعه به و كان حمل يحيى ع ستة أشهر و حمل الحسين ع كذلك الخبر

 بيان سري عنه الهم على بناء التفعيل مجهولا انكشف و البهرة بالضم تتابع النفس و انقطاعه من الإعياء و زفر أخرج نفسه بعد مده إياه

 15-  ع، ]علل الشرائع[ بالإسناد إلى وهب قال انطلق إبليس يستقري مجالس بني إسرائيل أجمع ما يكونون و يقول في مريم و يقذفها بزكريا ع حتى التحم الشر و شاعت الفاحشة على زكريا ع فلما رأى زكريا ع ذلك هرب و أتبعه سفهاؤهم و شرارهم و سلك في واد كثير النبت حتى إذا توسطه انفرج له جذع شجرة فدخل ع فيه و انطبقت عليه الشجرة و أقبل إبليس يطلبه معهم حتى انتهى إلى الشجرة التي دخل فيها زكريا ع فقاس لهم إبليس الشجرة من أسفلها إلى أعلاها حتى إذا وضع يده على موضع القلب من زكريا ع أمرهم فنشروا بمنشارهم و قطعوا الشجرة و قطعوه في وسطها ثم تفرقوا عنه و تركوه و غاب عنهم إبليس حين فرغ مما أراد فكان آخر العهد منهم به و لم يصب زكريا ع من ألم المنشار شي‏ء ثم بعث الله عز و جل الملائكة فغسلوا زكريا و صلوا عليه ثلاثة أيام من قبل أن يدفن و كذلك الأنبياء ع لا يتغيرون و لا يأكلهم التراب و يصلى عليهم ثلاثة أيام ثم يدفنون

 16-  ك، ]إكمال الدين[ القطان عن السكري عن الجوهري عن ابن عمارة عن أبيه عن الصادق ع قال أفضي الأمر بعد دانيال ع إلى عزير ع و كانوا يجتمعون إليه و يأنسون به و يأخذون عنه معالم دينهم فغيب الله عنهم شخصه مائة عام ثم بعثه و غابت الحجج بعده و اشتدت البلوى على بني إسرائيل حتى ولد يحيى بن زكريا ع و ترعرع فظهر و له سبع سنين فقام في الناس خطيبا فحمد الله و أثنى عليه و ذكرهم بأيام الله و أخبرهم أن محن الصالحين إنما كانت لذنوب بني إسرائيل و إن العاقبة للمتقين و وعدهم الفرج بقيام المسيح ع بعد نيف و عشرين سنة من هذا القول

 أقول تمامه في باب قصة طالوت

 17-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق عن أبيه عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان عن أبي حمزة عن أبي جعفر ع قال لما ولد يحيى ع رفع إلى السماء فغذي بأنهار الجنة حتى فطم ثم نزل إلى أبيه و كان البيت يضي‏ء بنوره

 18-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بهذا الإسناد عن ابن أبي عمير عن رجل عن أبي عبد الله ع قال دعا زكريا ع ربه فقال فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ فبشره الله تعالى بيحيى فلم يعلم أن ذلك الكلام من عند الله تعالى جل ذكره و خاف أن يكون من الشيطان فقال أنى يكون لي ولد و قال رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً فأسكت فعلم أنه من الله تعالى

 19-  تفسير النعماني، بإسناده عن الصادق ع قال قال أمير المؤمنين ع حين سألوه عن معنى الوحي فقال منه وحي النبوة و منه وحي الإلهام و منه وحي الإشارة و ساقه إلى أن قال و أما وحي الإشارة فقوله عز و جل فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا أي أشار إليهم لقوله تعالى أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً

 20-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن ماجيلويه عن عمه عن الكوفي عن عبد الله بن محمد الحجال عن أبي إسحاق عن عبد الله بن هلال عن أبي عبد الله ع قال إن ملكا كان على عهد يحيى بن زكريا ع لم يكفه ما كان عليه من الطروقة حتى تناول امرأة بغيا فكانت تأتيه حتى أسنت فلما أسنت هيأت ابنتها ثم قالت لها إني أريد أن آتي بك الملك فإذا واقعك فيسألك ما حاجتك فقولي حاجتي أن تقتل يحيى بن زكريا ع فلما واقعها سألها عن حاجتها فقالت قتل يحيى بن زكريا ع فلما كان في الثالثة بعث إلى يحيى فجاء به فدعا بطست ذهب فذبحه فيها و صبوه على الأرض فيرتفع الدم و يعلو و أقبل الناس يطرحون عليه التراب فيعلو عليه الدم حتى صار تلا عظيما و مضى ذلك القرن فلما كان من أمر بخت‏نصر ما كان رأى ذلك الدم فسأل عنه فلم يجد أحدا يعرفه حتى دل على شيخ كبير فسأله فقال أخبرني أبي عن جدي أنه كان من قصة يحيى بن زكريا ع كذا و كذا و قص عليه القصة و الدم دمه فقال بخت‏نصر لا جرم لأقتلن عليه حتى يسكن فقتل عليه سبعين ألفا فلما وفى عليه سكن الدم

 21-  و في خبر آخر إن هذه البغي كانت زوجة ملك جبار قبل هذا الملك و تزوجها هذا بعده فلما أسنت و كان لها ابنة من الملك الأول قالت لهذا الملك تزوج أنت بها فقال لأسأل يحيى بن زكريا ع عن ذلك فإن أذن فعلت فسأله عنه فقال لا يجوز فهيأت بنتها و زينتها في حال سكره و عرضتها عليه فكان من حال قتل يحيى ع ما ذكر فكان ما كان

 22-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ أبي عن علي عن أبيه عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال إن زكريا ع كان خائفا فهرب فالتجأ إلى شجرة فانفرجت له و قالت يا زكريا ادخل في فجاء حتى دخل فيها فطلبوه فلم يجدوه فأتاهم إبليس و كان رآه فدلهم عليه فقال لهم هو في هذه الشجرة فاقطعوها و قد كانوا يعبدون تلك الشجرة فقالوا لا نقطعها فلم يزل بهم حتى شقوها و شقوا زكريا ع

 23-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن محمد بن أبي القاسم عن الكوفي عن أبي عبد الله الخياط عن عبد الله بن القاسم عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله ع إن الله عز و جل إذا أراد أن ينتصر لأوليائه انتصر لهم بشرار خلقه و إذا أراد أن ينتصر لنفسه انتصر بأوليائه و لقد انتصر ليحيى بن زكريا ع ببخت‏نصر

  -24  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ في خبر آخر أن عيسى ابن مريم ع بعث يحيى بن زكريا ع في اثني عشر من الحواريين يعلمون الناس و ينهاهم عن نكاح ابنة الأخت قال و كان لملكهم بنت أخت تعجبه و كان يريد أن يتزوجها فلما بلغ أمها أن يحيى ع نهى عن مثل هذا النكاح أدخلت بنتها على الملك مزينة فلما رآها سألها عن حاجتها قالت حاجتي أن تذبح يحيى بن زكريا فقال سلي غير هذا فقالت لا أسألك غير هذا فلما أبت عليه دعا بطشت و دعا بيحيى ع فذبحه فبدرت قطرة من دمه فوقعت على الأرض فلم تزل تعلو حتى بعث الله بخت‏نصر عليهم فجاءته عجوز من بني إسرائيل فدلته على ذلك الدم فألقى في نفسه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يسكن فقتل عليها سبعين ألفا في سنة واحدة حتى سكن

 25-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى عن عثمان بن عيسى عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر ع قال إن عاقر ناقة صالح كان أزرق بن بغي و إن قاتل يحيى بن زكريا ع ابن بغي و إن قاتل علي ع ابن بغي و كانت مراد تقول ما نعرف له فينا أبا و لا نسبا و إن قاتل الحسين بن علي ع ابن بغي و إنه لم يقتل الأنبياء و لا أولاد الأنبياء إلا أولاد البغايا و قال في قوله تعالى جل ذكره لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا قال يحيى بن زكريا ع لم يكن له سمي قبله و الحسين بن علي ع لم يكن له سمي قبله و بكت السماء عليهما أربعين صباحا و كذلك بكت الشمس عليهما و بكاؤها أن تطلع حمراء و تغيب حمراء و قيل أي بكى أهل السماء و هم الملائكة

 بيان قد يوجه بكاء السماء و الأرض كما ذكره الراوندي رحمه الله يمكن أن يقال كناية عن شدة المصيبة حتى كأنه بكى عليه السماء و الأرض أو عن أنه وصل ضرر تلك المصيبة إلى السماء و الأرض و أثرت فيهما و ظهر بها آثار التغير فيهما أو أنه أمطرت السماء دما و كان يتفجر الأرض دماء عبيطا فهذا بكاؤهما كما فسر به في الخبر و لعل الأخير أظهر

 26-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ عن أبي عبد الله ع أن الحسين بن علي ع بكى لقتله السماء و الأرض و احمرتا و لم يبكيا على أحد قط إلا على يحيى بن زكريا ع

 27-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن علي عن أبيه عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله ع في قوله تعالى فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ قال لم تبك السماء على أحد قبل قتل يحيى بن زكريا ع و بعده حتى قتل الحسين ع فبكت عليه

 28-  مل، ]كامل الزيارات[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن ابن فضال عن مروان بن مسلم عن إسماعيل بن كثير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول كان قاتل الحسين بن علي ع ولد زنا و كان قاتل يحيى بن زكريا ع ولد زنا و لم تبك السماء و الأرض إلا لهما و ذكر الحديث

 29-  مل، ]كامل الزيارات[ محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن صفوان عن داود بن فرقد عن أبي عبد الله ع قال كان الذي قتل الحسين بن علي ع ولد زنا و الذي قتل يحيى بن زكريا ع ولد زنا

 30-  مل، ]كامل الزيارات[ أبي و ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة عن عبد الخالق عن أبي عبد الله ع مثله

 أقول أوردنا بعض الأخبار في ذلك في باب أحوال الحسين ع

 31-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إن زكريا لما دعا ربه أن يهب له فنادته الملائكة بما نادته به فأحب أن يعلم أن ذلك الصوت من الله أوحي إليه أن آية ذلك أن يمسك لسانه عن الكلام ثلاثة أيام قال لما أمسك لسانه و لم يتكلم علم أنه لا يقدر على ذلك إلا الله و ذلك قول الله رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً

 بيان يمكن أن يقال اشتبه عليه في خصوص هذا الموضع لحكمة فاحتاج إلى استعلام ذلك أو يقال أنه ع إنما فعل ذلك لزيادة اليقين كما في سؤال إبراهيم ع

 32-  ل، ]الخصال[ ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ في أسئلة الشامي عن أمير المؤمنين ع قال و يوم الأربعاء قتل يحيى بن زكريا ع

 33-  شي، ]تفسير العياشي[ عن حماد عمن حدثه عن أحدهما ع قال لما سأل ربه أن يهب له ذكرا فوهب الله له يحيى فدخله من ذلك فقال رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً فكان يومئ برأسه و هو الرمز

 34-  شي، ]تفسير العياشي[ عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر ع وَ سَيِّداً وَ حَصُوراً الحصور الذي لا يأتي النساء وَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ

 35-  شي، ]تفسير العياشي[ عن حسين بن أحمد عن أبيه عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول إن طاعة الله خدمته في الأرض فليس شي‏ء من خدمته تعدل الصلاة فمن ثم نادت الملائكة زكريا وَ هُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ

 36-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال الله تعالى في قصة يحيى يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا قال لم يخلق أحدا قبله اسمه يحيى فحكى الله قصته إلى قوله يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا قال و من ذلك الحكم أنه كان صبيا فقال له الصبيان هلم نلعب فقال أوه و الله ما للعب خلقنا و إنما خلقنا للجد لأمر عظيم ثم قال وَ حَناناً مِنْ لَدُنَّا يعني تحننا و رحمة على والديه و سائر عبادنا وَ زَكاةً يعني طهارة لمن آمن به و صدقه وَ كانَ تَقِيًّا يتقي الشرور و المعاصي وَ بَرًّا بِوالِدَيْهِ محسنا إليهما مطيعا لهما وَ لَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا يقتل على الغضب و يضرب على الغضب لكنه ما من عبد لله عز و جل إلا و قد أخطأ أو هم بخطيئة ما خلا يحيى بن زكريا ع فإنه لم يذنب و لم يهم بذنب ثم قال الله عز و جل وَ سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا و قال أيضا في قصة يحيى هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ يعني لما رأى زكريا ع عند مريم فاكهة الشتاء في الصيف و فاكهة الصيف في الشتاء و قال لها يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ و أيقن زكريا أنه من عند الله إذ كان لا يدخل عليها أحد غيره قال عند ذلك في نفسه إن الذي يقدر أن يأتي مريم بفاكهة الشتاء في الصيف و فاكهة الصيف في الشتاء لقادر أن يهب لي ولدا و إن كنت شيخا وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً ف هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ف قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ قال الله عز و جل فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ يعني نادت زكريا وَ هُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ قال مصدقا بعيسى يصدق يحيى بعيسى وَ سَيِّداً يعني رئيسا في طاعة الله على أهل طاعته وَ حَصُوراً و هو الذي لا يأتي النساء وَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ قال و كان أول تصديق يحيى بعيسى أن زكريا كان لا يصعد إلى مريم في تلك الصومعة غيره يصعد إليها بسلم فإذا نزل أقفل عليها ثم فتح لها من فوق الباب كوة صغيرة يدخل عليها منها الريح فلما وجد مريم و قد حبلت ساءه ذلك و قال في نفسه ما كان يصعد إلى هذه إلى أحد غيري و قد حبلت و الآن أفتضح في بني إسرائيل لا يشكون أني أحبلتها فجاء إلى امرأته فقال لها ذلك فقالت يا زكريا لا تخف فإن الله لن يصنع بك إلا خيرا و ائتني بمريم أنظر إليها و أسألها عن حالها فجاء بها زكريا ع إلى امرأته فكفى الله مريم مئونة الجواب عن السؤال فلما دخلت إلى أختها و هي الكبرى و مريم الصغرى لم تقم إليها امرأة زكريا فأذن الله ليحيى و هو في بطن أمه فنخص في بطنها و أزعجها و نادى أمه تدخل إليك سيدة نساء العالمين مشتملة على سيد رجال العالمين فلا تقومين إليها فانزعجت و قامت إليها و سجد يحيى و هو في بطن أمه لعيسى ابن مريم فذلك أول تصديقه فكذلك قول رسول الله ص في الحسن و الحسين ع إنهما سيدا شباب أهل الجنة إلا ما كان من ابني الخالة يحيى و عيسى

 بيان نخسه أي غرزه بعود أو إصبع أو نحوهما و في بعض النسخ بيده ثم اعلم أن المؤرخين اختلفوا في أن إيشاع أم يحيى هل كانت أخت مريم أو خالته و الخبر يدل على الأول و سيأتي تأويل آخر الخبر في قصة المباهلة

 37-  كا، ]الكافي[ علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن علي بن الحكم عن ربيع بن محمد عن عبد الله بن سليم العامري عن أبي عبد الله ع قال إن عيسى ابن مريم ع جاء إلى قبر يحيى بن زكريا ع و كان سأل ربه أن يحييه له فدعاه فأجابه و خرج إليه من القبر فقال له ما تريد مني فقال له أريد أن تؤنسني كما كنت في الدنيا فقال له يا عيسى ما سكنت عني حرارة الموت و أنت تريد أن تعيدني إلى الدنيا و تعود إلي حرارة الموت فتركه فعاد إلى قبره

 38-  إرشاد القلوب، كان يحيى ع لباسه الليف و أكله ورق الشجرة

  -39  يه، ]من لا يحضر الفقيه[ قال الصادق ع إن رجلا جاء إلى عيسى ابن مريم ع فقال له يا روح الله إني زنيت فطهرني فأمر عيسى ع أن ينادي في الناس لا يبقى أحد إلا خرج لتطهير فلان فلما اجتمع و اجتمعوا و صار الرجل في الحفرة نادى الرجل في الحفرة لا يحدني من لله تعالى في جنبه حد فانصرف الناس كلهم إلا يحيى و عيسى ع فدنا منه يحيى فقال له يا مذنب عظني فقال له لا تخلين بين نفسك و بين هواها فتردى قال زدني قال لا تعيرن خاطئا بخطيئته قال زدني قال لا تغضب قال حسبي

 40-  كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن الحسن بن الجهم عن إبراهيم بن مهزم عن أبي الحسن الأول ع قال كان يحيى بن زكريا ع يبكي و لا يضحك و كان عيسى ابن مريم ع يضحك و يبكي و كان الذي يصنع عيسى ع أفضل من الذي كان يصنع يحيى ع

 41-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق بإسناده إلى ابن أورمة عن الحسن بن علي عن الحسن بن الجهم عن الرضا ع مثله

 أقول قال صاحب الكامل لما دعا زكريا ربه و سأله الولد بينا هو يصلي في المذبح الذي لهم فإذا برجل شاب و هو جبرئيل ع ففزع زكريا منه فقال أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ و يحيى أول من آمن بعيسى و صدقه و ذلك أن أمه كانت حاملا فاستقلب مريم و هي حامل بعيسى ع فقالت لها يا مريم أ حامل أنت قالت لما ذا تسأليني قالت إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك فذلك تصديقه و قيل صدق المسيح ع و له ثلاث سنين و إنما ولد قبل المسيح ع بثلاث سنين و قيل بستة أشهر و كان يأكل العشب و أوراق الشجر و قيل كان يأكل خبز الشعير فمر به إبليس و معه رغيف شعير فقال أنت تزعم أنك زاهد و قد ادخرت رغيف شعير فقال يحيى يا ملعون هو القوت فقال إبليس إن أقل من القوت يكفي لمن يموت فأوحى الله إليه اعقل ما يقول لك و نبئ صغيرا فكان يدعو الناس إلى عبادة الله و يلبس الشعر و لم يكن له دينار و لا درهم و لا بيت يسكن إليه أينما جنه الليل أقام و لم يكن له عبد و لا أمة فنهى ملك زمانه عن تزويج بنت أخيه أو بنت زوجته فقتله فلما سمع أبوه بقتله فر هاربا فدخل بستانا عند بيت المقدس فيه أشجار فأرسل الملك في طلبه فمر زكريا ع بشجرة فنادته هلم إلي يا نبي الله فلما أتاها انشقت فدخل فيها فانطبقت عليه فبقي في وسطها فأتى عدو الله إبليس فأخذ هدب ردائه فأخرجه من الشجرة ليصدقوه إذا أخبرهم ثم لقي الطلب فقال لهم ما تريدون فقالوا نلتمس زكريا فقال إنه سحر هذه الشجرة فانشقت له فدخلها قالوا لا نصدقك فأراهم طرف ردائه فأخذوا الفأس و قطعوا الشجرة و شقوها بالمنشار فمات زكريا ع فيها فسلط الله عليهم أخبث أهل الأرض فانتقم به منهم و قيل إن السبب في قتله أن إبليس جاء إلى مجالس بني إسرائيل فقذف زكريا بمريم و قال لهم ما أحبلها غيره و هو الذي كان يدخل عليها فطلبوه فهرب إلى آخر ما مر. أقول قال الشيخ في المصباح في أول يوم من المحرم استجاب الله تعالى دعوة زكريا ع و كذا روى السيد في الإقبال عن المفيد و رواه الصدوق في الفقيه أيضا و سيأتي بعض أخبار هذا الباب في أبواب قصص مريم و عيسى ع و بعضها في باب أحوال بخت‏نصر

 42-  ك، ]إكمال الدين[ بإسناده عن أبي رافع عن النبي ع قال لما رفع الله عيسى ابن مريم ع و استخلف في قومه شمعون بن حمون فلم يزل شمعون في قومه يقوم بأمر الله عز و جل حتى استخلص ربنا تبارك و تعالى و بعث في عباده نبيا من الصالحين و هو يحيى بن زكريا ع فمضى شمعون و ملك عند ذلك أردشير بن أشكاس أربع عشرة سنة و عشرة أشهر و في ثمان سنين من ملكه قتلت اليهود يحيى بن زكريا ع فلما أراد الله أن يقبضه أوحى إليه أن يجعل الوصية في ولد شمعون إلى آخر ما سيأتي في باب أحوال ملوك الأرض

 بيان الجمع بين الأخبار الدالة على تقدم وفاة يحيى ع على رفع عيسى ع و بين ما دل على تأخرها عنه مشكل إلا أن يحمل بعضها على التقية أو يقال إن الله أحيا يحيى بعد موته و بعثه إليهم و الله يعلم