باب 28- باب سيرة أمير المؤمنين ع في حروبه

648-  ب، ]قرب الإسناد[ أبو البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده ع عن مروان بن الحكم قال لما هزمنا علي بالبصرة رد على الناس أموالهم من أقام بينة أعطاه و من لم يقم بينة على ذلك حلفه فقال له قائلون يا علي اقسم الفي‏ء بيننا و السبي قال فلما كثروا عليه قال أيكم يأخذ أم المؤمنين في سهمه فسكتوا

649-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن الحميري عن مسعدة بن زياد عن جعفر عن أبيه ع مثله

650-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن النهدي عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن زرارة قال سمعت أبا جعفر ع يقول إنما أشار علي ع بالكف عن عدوه من أجل شيعتنا لأنه كان يعلم أنه سيظهر عليهم بعده فأحب أن يقتدي به من جاء بعده فيسير فيهم بسيرته و يقتدي بالكف بعده

651-  ع، ]علل الشرائع[ علي بن حاتم عن محمد بن جعفر الرازي عن ابن أبي الخطاب عن ابن بزيع عن يونس عن بكار بن أبي بكر الحضرمي قال سمعت أبا عبد الله يقول لسيرة علي بن أبي طالب ع في أهل البصرة كانت خيرا لشيعته مما طلعت عليه الشمس أنه علم أن للقوم دولة فلو سباهم سبيت شيعته قال قلت فأخبرني عن القائم ع يسير بسيرته قال لا إن عليا سار فيهم بالمن لما علم من دولتهم و إن القائم يسير فيهم بخلاف تلك السيرة لأنه لا دولة لهم

652-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن ابن معروف عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر ع قال لو لا أن عليا ع سار في أهل حربه بالكف عن السبي و الغنيمة للقيت شيعته من الناس بلاء عظيما ثم قال و الله لسيرته كانت خيرا لكم مما طلعت عليه الشمس

653-  ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن علي بن الحكم عن الربيع بن محمد عن عبد الله بن سليمان قال قلت لأبي عبد الله ع إن الناس يروون أن عليا ع قتل أهل البصرة و ترك أموالهم فقال إن دار الشرك يحل ما فيها و دار الإسلام لا يحل ما فيها فقال إن عليا ع إنما من عليهم كما من رسول الله ص على أهل مكة و إنما ترك علي ع أموالهم لأنه كان يعلم أنه سيكون له شيعة و أن دولة الباطل ستظهر عليهم فأراد أن يقتدى به في شيعته و قد رأيتم آثار ذلك هوذا يسار في الناس بسيرة علي ع و لو قتل علي ع أهل البصرة جميعا و أخذ أموالهم لكان ذلك له حلالا لكنه من عليهم ليمن على شيعته من بعده

 و قد روي أن الناس اجتمعوا إلى أمير المؤمنين ع يوم البصرة فقالوا يا أمير المؤمنين اقسم بيننا غنائمهم قال أيكم يأخذ أم المؤمنين في سهمه

654-  ع، ]علل الشرائع[ ما أبي عن سعد عن ابن عيسى عن الحسن بن علي فضال عن ثعلبة بن ميمون عن الحسن بن هارون قال كنت عند أبي عبد الله ع جالسا فسأله المعلى بن خنيس أ يسير القائم بخلاف سيره أمير المؤمنين فقال نعم و ذلك أن عليا ع سار فيهم بالمن و الكف لأنه علم أن شيعته سيظهر عليهم عدوهم من بعده و أن القائم ع إذا قام سار فيهم بالبسط و السبي و ذلك أنه يعلم أن شيعته لن يظفر عليهم من بعده أبدا

655-  ف، ]تحف العقول[ سأل يحيى بن أكثم عن علة اختلاف سيرة أمير المؤمنين ع في أهل صفين و في أهل الجمل فكتب أبو الحسن الثالث ع و أما قولك إن عليا ع قتل أهل صفين مقبلين و مدبرين و أجاز على جريحهم و إنه يوم الجمل لم يتبع موليا و لم يجز على جريح و من ألقى سلاحه آمنه و من دخل داره آمنه فإن أهل الجمل قتل إمامهم و لم تكن لهم فئة يرجعون إليها و إنما رجع القوم إلى منازلهم غير محاربين و لا مخالفين و لا منابذين رضوا بالكف عنهم فكان الحكم فيهم رفع السيف عنهم و الكف عن أذاهم إذ لم يطلبوا عليه أعوانا و أهل صفين كانوا يرجعون إلى فئة مستعدة و إمام يجمع لهم السلاح الدروع و الرماح و السيوف و يسني لهم العطاء و يهيئ لهم الأنزال يعود مريضهم و يجبر كسيرهم و يداوي جريحهم و يحمل راجلهم و يكسو حاسرهم و يردهم فيرجعون إلى محاربتهم و قتالهم فلم يساو بين الفريقين في الحكم لما عرف من الحكم في قتال أهل التوحيد لكنه شرح ذلك لهم فمن رغب عرض على السيف أو يتوب من ذلك

 بيان الأنزال جمع النزل و هو ما يهيأ للنزيل و الحاسر الذي لا مغفر عليه و لا درع

656-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ في ليلة الهرير لم تكن صلواتهم الظهر و العصر و المغرب و العشاء عند وقت كل صلاة إلا التكبير و التهليل و التسبيح و التحميد و الدعاء فكانت تلك صلاتهم لم يأمرهم بإعادتها و كان ع لا يتبع موليهم و لا يجيز على جريحهم و لم يسب ذراريهم و كان لا يمنع من مناكحتهم و موارثتهم

 قال أبو علي الجبائي في كتاب الحكمين الذي روي أنه ع سبأ قوما من الخوارج أنهم كانوا قد ارتدوا و تنصروا و كان عليان المجنون مقيما بالكوفة و كان قد ألف دكان طحان فإذا اجتمع الصبيان عليه و آذوه يقول قد حمي الوطيس و طاب اللقاء و أنا على بصيرة من أمري ثم يثب و يحمحم و ينشد 

آريني سلاحي لا أبا لك إنني أرى الحرب لا تزداد إلا تماديا

ثم يتناول قصبة ليركبها فإذا تناولها يقول

أشد على الكتيبة لا أبالي أ حتفي كان فيها أو سواها

 قال فينهزم الصبيان بين يديه فإذا لحق بعضهم يرمي الصبي بنفسه إلى الأرض فيقف عليه و يقول عورة مسلم و حمى مؤمن و لو لا ذلك لتلفت نفس عمرو بن العاص يوم صفين ثم يقول لأسيرن فيكم سيرة أمير المؤمنين لا أتبع موليا و لا أجيز على جريح ثم يعود إلى مكانه و يقول

أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه خشاش كرأس الحية المتوقد

 إيضاح قال في النهاية في حديث حنين الآن حمي الوطيس الوطيس شبه التنور و قيل هو الضراب في الحرب و قيل هو الوطء الذي يطس الناس أي يدقهم. و قال الأصمعي هي حجارة مدورة إذا حميت لم يقدر أحد يطؤها. و لم يسمع هذا الكلام من أحد قبل النبي ص و هو من فصيح الكلام عبر به عن اشتباك الحرب و قيامها على ساق انتهى. و الحمحمة صوت الفرس و الحتف الموت و الحمى ما يمنع منه أي حرمة المؤمن و قال الجوهري الضرب الرجل الخفيف اللحم قال طرفة أنا الرجل البيت و قال قال أبو عمرو رجل خشاش بالفتح و هو الماضي من الرجال ثم ذكر البيت أيضا

657-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن عمرو بن عثمان عن محمد بن عذافر عن عقبة بن بشير عن عبد الله بن شريك عن أبيه قال لما هزم الناس يوم الجمل قال مير المؤمنين ع لا تتبعوا موليا و لا تجهزوا على جريح و من أغلق بابه فهو آمن فلما كان يوم صفين قتل المقبل و المدبر و أجاز على الجريح فقال أبان بن تغلب لعبد الله بن شريك هذه سيرتان مختلفتان فقال إن أهل الجمل قتل طلحة و الزبير و إن معاوية قائما بعينه و كان قائدهم

658-  كا، ]الكافي[ العدة عن سهل عن جعفر بن محمد الأشعري عن ابن القداح عن أبي عبد الله ع قال دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز فأبى أن يبارزه فقال له أمير المؤمنين ما منعك أن تبارزه قال كان فارس العرب و خشيت أن يغلبني فقال له أمير المؤمنين فإنه بغى عليك و لو بارزته لغلبته و لو بغى جبل على جبل لهد الباغي

 و قال أبو عبد الله ع إن الحسين بن علي ع دعا رجلا إلى المبارزة فعلم به أمير المؤمنين ع فقال لئن عدت إلى مثل هذا لأعاقبنك و لئن دعاك أحد إلى مثلها فلم تجبه لأعاقبنك أ ما علمت أنه بغى

 بيان الهد الهدم الشديد و الكسر و لعله كان لتعليم الغير مع أنه مكروه بدون إذن الإمام كما ذكره الأصحاب و ليس بمحرم

659-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة عن عقيل الخزاعي أن أمير المؤمنين كان إذا حضر الحرب يوصي المسلمين بكلمات فيقول تعاهدوا الصلاة و حافظوا عليها و استكثروا منها و تقربوا بها فإنها كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً و قد علم ذلك الكفار حين سئلوا ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ و قد عرف حقها من طرقها و أكرم بها من المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زين متاع و لا قرة عين من مال و لا ولد يقول الله عز و جل رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ و كان رسول الله ص منصبا لنفسه بعد البشرى له بالجنة من ربه فقال عز و جل وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها و كان يأمر بها أهله و يصبر عليها نفسه ثم إن الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا لأهل الإسلام على أهل الإسلام و من لم يعطها طيب النفس بها يرجو بها من الثواب ما هو أفضل منها فإنه جاهل بالسنة مغبون الأجر ضال العمر طويل الندم بترك أمر الله عز و جل و الرغبة عما عليه صالحوا عباد الله يقول الله عز و جل وَ مَنْ... يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى من الأمانة فقد خسر من ليس من أهلها و ضل عمله عرضت على السماوات المبنية و الأرض المهاد و الجبال المنصوبة فلا أطول و لا أعرض و لا أعلى و لا أعظم لو امتنعن من طول أو عرض أو عظم أو قوة أو عزة امتنعن و لكن أشفقن من العقوبة ثم إن الجهاد أشرف الأعمال بعد الإسلام و هو قوام الدين و الأجر فيه عظيم مع العزة و المنعة و هو الكرة فيه الحسنات و البشرى بالجنة بعد الشهادة و بالرزق غدا عند الرب و الكرامة يقول الله عز و جل وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثم إن الرعب و الخوف من جهاد المستحق للجهاد و المتوازرين على الضلال ضلال في الدين و سلب للدنيا مع الذل و الصغار و فيه استيجاب النار بالفرار من الزحف عند حضرة القتال يقول الله عز و جل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ فحافظوا على أمر الله عز و جل في هذه المواطن التي الصبر عليها كرم و سعادة و نجاة في الدنيا و الآخرة من فظيع الهول و المخالفة فإن الله عز و جل لا يعبأ بما العباد مقترفون ليلهم و نهارهم لطف به علما و كل ذلك فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَ لا يَنْسى فاصبروا و صابروا و اسألوا النصر و وطنوا أنفسكم على القتال و اتقوا الله عز و جل ف إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ

 و في حديث يزيد بن إسحاق عن أبي صادق قال سمعت عليا صلوات الله عليه يحرض الناس في ثلاثة مواطن الجمل و صفين و يوم النهر يقول عباد الله اتقوا الله و غضوا الأبصار و اخفضوا الأصوات و وطنوا أنفسكم على المنازلة و المجادلة و المبارزة و المناضلة و المنابذة و المعانقة و المكادمة و أثبتوا وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَ لا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ

660-  كتاب، صفين لنصر بن مزاحم عن عمر بن سعد عن إسماعيل بن يزيد عن أبي صادق عن الحضرمي مثله و زاد في آخره اللهم ألهمهم الصبر و أنزل عليهم النصر و أعظم لهم الأجر

661-  كا، ]الكافي[ و في حديث عبد الرحمن بن جندب عن أبيه أن أمير المؤمنين ع كان يأمر في كل موطن لقينا فيه عدونا فيقول لا تقاتلوا القوم حتى يبدءوكم فإنكم بحمد الله على حجة و ترككم إياهم حتى يبدءوكم حجة أخرى لكم فإذا هزمتموهم فلا تقتلوا لهم مدبرا و لا تجيزوا على جريح و لا تكشفوا عورة و لا تمثلوا بقتيل

 بيان روى ابن أبي الحديد الخبر الثاني من كتاب نصر بن مزاحم عن عمرو بن سعد عن إسماعيل بن يزيد عن أبيه عن أبي صادق و روى السيد الرضي رضي الله عنه الحديث الأول في النهج هكذا بعد ما ساق أول الخطبة إلى قوله كتابا موقوتا أ لا تسمعون إلى جواب أهل النار حين سئلوا ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ و إنها لتحت الذنوب حت الورق و تطلقها إطلاق الربق و شبهها رسول الله ص بالحمة تكون على باب الرجل فهو يغتسل منها في اليوم و الليلة خمس مرات فما عسى أن يبقى عليه من الدرن و قد عرف حقها و ساقه إلى قوله و كان رسول الله ص نصبا بالصلاة بعد التبشير له بالجنة لقول الله سبحانه وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَ اصْطَبِرْ عَلَيْها فكان يأمر بها أهله و يصبر عليها نفسه ثم إن الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا لأهل الإسلام فمن أعطاها و ساق الكلام إلى قوله ع و لكن أشفقن من العقوبة و عقلن ما جهل من هو أضعف منهن و هو الإنسان إنه كان ظلوما جهولا إن الله سبحانه لا يخفى عليه ما العباد مقترفون في ليلهم و نهارهم لطف به خبرا و أحاط به علما أعضاؤكم شهوده و جوارحكم جنوده و ضمائركم عيونه و خلواتكم عيانه انتهى

 قوله ع من طرقها لعله من الطروق بمعنى الإتيان بالليل أي واظب عليها في الليالي و قيل أي جعلها دابة و صنعته من قولهم هذا طرقة رجل أي صنعته. و لا يخفى ما فيه و لا يبعد أن يكون تصحيف طوق بها على المجهول أي ألزمها كالطوق بقرينة أكرم بها على بناء المجهول أيضا. و في النهج و قد عرف حقها رجال من المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زينة متاع و لا قرة عين من ولد و لا مال. و قال الجوهري نصب الرجل بالكسر نصبا تعب و أنصبه غيره. قوله ع على أهل الإسلام الظاهر أنه سقط هنا شي‏ء. و في النهج قربانا لأهل الإسلام فمن أعطاها طيب النفس بها فإنها تجعل له كفارة و من النار حجازا و وقاية فلا يتبعنها أحد نفسه و لا يكثرن عليها لهفه فإن من أعطاها غير طيب النفس بها يرجو بها ما هو أفضل منها فهو جاهل بالسنة مغبون الأجر ضال العمل طويل الندم. ثم أداء الأمانة فقد خاب من ليس من أهلها أنها عرضت على السماوات المبنية و الأرضين المدحوة و الجبال ذات الطول المنصوبة فلا أطول و لا أعرض و لا أعلى و لا أعظم منها و لو امتنع شي‏ء بطول أو عرض أو قوة أو عز لامتنعن و لكن أشفقن من العقوبة إلى آخر ما مر. قوله ع من الأمانة لعله بيان لسبيل المؤمنين أي المراد بسبيل المؤمنين ولاية أهل البيت ع و هي الأمانة المعروضة و الأصوب ما في و الأصوب هو ما في النهج. و قال ابن ميثم ذكر كون السماوات مبنية و غيرها تنبيه للإنسان على جرأته على المعاصي و تضييع هذه الأمانة إذ أهل لها و حملها و تعجب منه في ذلك. و قوله و لو امتنع شي‏ء إلخ إشارة إلى أن امتناعهن لم يكن لعزة و عظمة أجساد و لا استكبار عن الطاعة و إنه لو كان كذلك لكانت أولى بالمخالفة لأعظمية أجرامها بل إنما ذلك عن ضعف و إشفاق من خشية الله و عقلهن ما جهل الإنسان. قيل إن الله تعالى عند خطابها خلق فيها فهما و عقلا و قيل إن إطلاق العقل مجاز في سببه و هو الامتناع عن قبول هذه الأمانة. قوله ع و هو الكرة أي الحملة على العدو و هي في نفسها أمر مرغوب فيه أو ليس هو إلا مرة واحدة و حمله فيها سعادة الأبد. و يمكن أن يقرأ الكره بالهاء أي هو مكروه للطباع فيكون إشارة إلى قوله تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَ هُوَ كُرْهٌ لَكُمْ و لعله أصوب. و قال الجوهري زحف إليه زحفا مشى و الزحف الجيش يزحفون إلى العدو. قوله ع لطف به الضمير راجع إلى الموصول في قوله ما العباد مقترفون و كدم الصيد طرده و الفشل الجبن

662-  نهج، ]نهج البلاغة[ في حديثه ع أنه شيع جيشا يغزيه فقال أعذبوا عن النساء ما استطعتم

 قال السيد الرضي و معناه اصدفوا عن ذكر النساء و شغل القلب بهن و امتنعوا من المقاربة لهن لأن ذلك يفت في عضد الحمية و يقدح في معاقد العزيمة و يكسر عن العدو و يلفت عن الإبعاد في الغزو و كل من امتنع عن شي‏ء فقد أعذب عنه و العاذب و العذوب الممتنع عن الأكل و الشرب

663-  كا، ]الكافي[ أحمد بن محمد الكوفي عن ابن جمهور عن أبيه عن محمد بن سنان عن مفضل بن عمر عن أبي عبد الله ع و عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم عن حريز عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع لأصحابه إذا لقيتم عدوكم في الحرب فأقلوا الكلام و اذكروا الله عز و جل و لا تولوهم الأدبار فتسخطوا الله تبارك و تعالى و تستوجبوا غضبه و إذا رأيتم من إخوانكم المجروح و من قد نكل به أو من قد طمع عدوكم فيه فقوه بأنفسكم

664-  كا، ]الكافي[ العدة عن سهل عن جعفر بن محمد عن ابن القداح عن أبيه الميمون عن أبي عبد الله ع أن أمير المؤمنين ع كان إذا أراد القتال قال هذه الدعوات اللهم إنك أعلمت سبيلا من سبلك جعلت فيه رضاك و ندبت إليه أولياءك و جعلته أشرف سبلك عندك ثوابا و أكرمها لديك مآبا و أحبها إليك مسلكا ثم اشتريت فيه مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وعدا عليك حقا فاجعلني ممن اشترى فيه منك نفسه ثم وفى لك ببيعة الذي بايعك عليه غير ناكث و لا ناقض عهد و لا مبدل تبديلا بل استيجابا لمحبتك و تقربا به إليك فاجعله خاتمة عملي و صير فيه فناء عمري و ارزقني فيه لك و به مشهدا توجب لي به منك الرضا و تحط به عني الخطايا و تجعلني في الأحياء المرزوقين بأيدي العداة و العصاة تحت لواء الحق و راية الهدى ماضيا على نصرتهم قدما غير مول دبرا و لا محدث شكا اللهم و أعوذ بك عند ذلك من الجبن عند موارد الأهوال و من الضعف عند مساورة الأبطال و من الذنب المحبط للأعمال فأحجم من شك أو أمضي بغير يقين فيكون سعيي في تباب و عملي غير مقبول

 بيان قوله ع و به عطف علي فيه و لعله زيد من النساخ. و في كتاب الإقبال و ارزقني فيه لك و بك مشهدا و هو أصوب. و في الصحاح قدما بضم الدال لم يعرج و لم ينثن و قال ساوره أي واثبه و قال حجمته فأحجم أي كففته فكف و قال التباب الخسران و الهلاك

665-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن أحمد البزنطي عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال كان شعارنا يوم صفين يا نصر الله

666-  ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن الصفار عن معاوية بن حكيم عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن يحيى بن أبي العلاء عن أبي عبد الله ع قال كان علي لا يقاتل حتى تزول الشمس و يقول تفتح أبواب السماء و تقبل التوبة و ينزل النصر و يقول هو أقرب إلى الليل و أجدر أن يقل القتل و يرجع الطالب و يفلت المهزوم

  -667  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير مثله

668-  نهج، ]نهج البلاغة[ و قال لابنه الحسن ع لا تدعون إلى مبارزة و إن دعيت إليها فأجب فإن الداعي باغ و الباغي مصروع

 بيان مصروع أي مستحق لأن يصرع و يهلك و بعيد من نصر الله سبحانه

669-  نوادر الراوندي بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه ع قال قال الحسن بن علي ع كان علي ع يباشر القتال بنفسه و لا يأخذ السلب

670-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم قال قال أمير المؤمنين ع لو لا أن المكر و الخديعة في النار لكنت أمكر الناس

671-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن علي بن أسباط عن عمه عن يعقوب بن سالم عن أبي الحسن العبدي عن سعد بن طريف عن ابن نباتة قال قال أمير المؤمنين ذات يوم و هو يخطب على المنبر بالكوفة يا أيها الناس لو لا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس ألا إن لكل غدرة فجرة و لكل فجرة كفرة ألا و إن الغدر و الفجور و الخيانة في النار

672-  نهج، ]نهج البلاغة[ و من كلام له ع قاله لأصحابه في وقت الحرب و أي امرئ منكم أحس من نفسه رباطة جاش عند اللقاء و رأى من أحد من إخوانه فشلا فليذب عن أخيه بفضل نجدته التي فضل بها عليه كما يذب عن نفسه فلو شاء الله لجعله مثله إن الموت طالب حثيث لا يفوته المقيم و لا يعجزه الهارب إن أكرم الموت القتل و الذي نفس ابن أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة على الفراش

 و منه و كأني أنظر إليكم تكشون كشيش الضباب لا تأخذون حقا و لا تمنعون ضيما قد خليتم و الطريق فالنجاة للمقتحم و الهلكة للمتلوم

673-  و منه فقدموا الدارع و أخروا الحاسر و عضوا على الأضراس فإنه أنبى للسيوف عن الهام و التووا في أطراف الرماح فإنه أمور للأسنة و غضوا الأبصار فإنه أربط للجأش و أسكن للقلوب و أميتوا الأصوات فإنه أطرد للفشل و رأيتكم فلا تميلوها و لا تخلوها و لا تجعلوها إلا بأيدي شجعانكم و المانعين الذمار منكم فإن الصابرين على نزول الحقائق هم الذين يحفون براياتهم و يكتنفونها حفافيها و وراءها و أمامها لا يتأخرون عنها فيسلموها و لا يتقدمون عليها فيفردها أجزأ امرؤ قرنه و آسى أخاه بنفسه و لم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه و قرن أخيه و ايم الله لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلموا من سيف الآخرة أنتم لهاميم الهرب و السنام الأعظم إن في الفرار موجدة الله و الذل اللازم و العار الباقي و إن الفار لغير مزيد في عمره و لا محجوز بينه و بين يومه من رائح إلى الله كالظمآن يرد الماء الجنة تحت أطراف العوالي اليوم تبلى الأخبار و الله لأنا أشوق إلى لقائهم منهم إلى ديارهم اللهم فإن ردوا الحق فافضض جماعتهم و شتت كلمتهم و أبسلهم بخطاياهم إنهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك يخرج منه النسيم و ضرب يفلق الهام و يطيح العظام و يندر السواعد و الأقدام و حتى يرموا بالمناسر تتبعها المناسر و يرجموا بالكتائب تقفوها الجائب و حتى يجر ببلادهم الخميس يتلوه الخميس و حتى تدعق الخيول في نواحر أرضهم و بأعنان مساربهم و مسارحهم

 قال الشريف الرضي الدعق الدق أي تدق الخيول بحوافرها أرضهم و نواحر أرضهم متقابلاتها يقال منازل بني فلان تتناحر أي تتقابل. تبيين قوله ع أحس من نفسه أي علم و وجد و رباطة الجأش شدة القلب و الذب الدفع و النجدة الشجاعة كما يذب عن نفسه أي بنهاية الاهتمام و الجد لجعله مثله أي مثل أخيه في الجبن أو أخاه مثله في الشجاعة و الحثيث السريع و المقيم للموت الراضي به كما أن الهارب عنه الساخط له أهون من ميتة إما مطلقا أو عنده ع لما يعلم ما فيه من الدرجات. و قال النهاية كشيش الأفعى صوت جلدها إذا تحركت و قد كشت تكش و ليس صوت فمها لأن ذلك فحيحها و منه حديث علي ع كأني أنظر إليكم تكشون كشيش الضباب. و قال ابن أبي الحديد أي كأنكم لشدة خوفكم و اجتماعكم من الجبن كالضباب المجتمعة التي تحك بعضها بعضا قال الراجز

كشيش أفعى أجمعت لعض و هي تحك بعضها ببعض

. و اقتحم عقبة أو وهدة رمى بنفسه فيها و التلوم الانتظار و التوقف. قوله أجزأ امرؤ قال ابن أبي الحديد من الناس من يجعل هذا أو نحوه أمرا بلفظ الماضي كالمستقبل في قوله تعالى وَ الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ. و منهم من قال معنى ذلك هلا أجزأ فيكون تحضيضا محذوف الصيغة للعلم بها و أجزأ أي كفي و قرنك مقارنك في القتال و نحوه و آسى أخاه بنفسه بالهمزة أي جعله أسوة لنفسه و يجوز واسيت زيدا بالواو و هي لغة ضعيفة و الموجدة الغضب و السخط قوله ع و الذل اللازم قيل يروى اللاذم بالذال المعجمة بمعناه و الرائح المسافر وقت الرواح أو مطلقا كما قاله الأزهري و يناسب الأول ما مر من أن قتاله ع كان غالبا بعد الزوال. قوله ع تحت أطراف العوالي يحتمل أن يكون المراد بالعوالي الرماح قال ابن الأثير في النهاية العالية ما يلي السنان من الرمح و الجمع العوالي أو المراد منه السيوف كما يظهر من ابن أبي الحديد فيحتمل أن يكون من علا يعلو إذا ارتفع أي السيوف التي تعلو فوق الرءوس أو من علوته بالسيف إذا ضربته به و يؤيده قول النبي ص الجنة تحت ظلال السيوف. قوله ع تبلى الأخبار بالباء الموحدة أي تختبر الأفعال و الأسرار كما قال تعالى وَ نَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ. و في بعض النسخ بالياء المثناة التحتانية أي تمتاز الأخيار من الأشرار. قوله ع إلى لقائهم أي الأعداء لقتالهم و الفض التفريق. و أبسلت فلانا أسلمته إلى الهلكة. قوله ع طعن دراك أي متتابع يتلو بعضه بعضا و يخرج منه النسيم أي لسعته و روي النسم أي طعن يخرق الجوف بحيث يتنفس المطعون من الطعنة و روي القشم بالقاف و الشين المعجمة و هو اللحم و الشحم و الفلق الشق و طاح الشي‏ء سقط أو هلك أو تاه في الأرض و أطاحه غيره و أندره أسقطه. قال ابن أبي الحديد يمكن أن يفسر النواحر بأمر آخر و هو أن يراد به أقاصي رضهم من قولهم لآخر ليلة من الشهر ناحرة. و قد مر تفسير بعض أجزاء الخطبة في مواضعها

674-  نهج، ]نهج البلاغة[ من وصيته ع لعسكره قبل لقاء العدو بصفين لا تقاتلوهم حتى يبدءوكم فإنكم بحمد الله على حجة و ترككم إياهم حتى يبدءوكم حجة أخرى لكم عليهم فإذا كانت الهزيمة بإذن الله فلا تقتلوا مدبرا و لا تصيبوا معورا و لا تجهزوا على جريح و لا تهيجوا النساء بأذى و إن شتمن أعراضكم و سببن أمراءكم فإنهن ضعيفات القوى و الأنفس و العقول إن كنا لنؤمر بالكف عنهن و إنهن لمشركات و إن كان الرجل ليتناول المرأة في الجاهلية بالفهر أو الهراوة فيعير بها و عقبه من بعده

 إيضاح قال ابن ميثم رحمه الله روي أنه ع كان يوصي أصحابه في كل موطن يلقون العدو فيه بهذه الوصية و زاد في روايته عن نصر بن مزاحم بعد قوله و لا تجهزوا على جريح قوله و لا تكشفوا لهم عورة و لا تمثلوا بقتيل فإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سترا و لا تدخلوا دارا إلا بإذن و لا تأخذوا شيئا من أموالهم و لا تهيجوا النساء إلى آخر ما مر

 قوله ع حجة أخرى قال ابن ميثم و بيان هذه من وجهين أحدهما أنه دخول في حرب الله و حرب رسوله ص لقوله ص يا علي حربك حربي و تحقق سعيهم في الأرض بقتلهم النفس التي حرم الله فتحقق دخولهم في عموم قوله تعالى إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا الآية. و ثانيها دخولهم في قوله تعالى فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ. قوله ع و لا تصيبوا معورا قال ابن ميثم أعور الصيد أمكن من نفسه و أعور الفارس ظهر فيه موضع خلل للضرب ثم قال أي لا تصيبوا الذي أمكنتكم الفرصة في قتله بعد انكسار العدو كالمعور من الصيد. و قال ابن أبي الحديد هو الذي يعتصم منك في الحرب بإظهار عورته لتكف عنه و يجوز أن يكون المعور هنا المريب الذي يظن أنه من القوم و أنه حضر للحرب و ليس منهم لعله حضر لأمر آخر. و قال في النهاية كل عيب و خلل في شي‏ء فهو عورة و منه حديث علي ع و لا تصيبوا معمورا أعور الفارس إذ بدا فيه موضع خلل للضرب و إن في قوله ع إن كنا مخففة من المثقلة و كذا في قوله و إن كان و الواو في قوله و إنهن للحال و الفهر بالكسر الحجر ملأ الكف و قيل مطلقا و الهراوة بالكسر العصا و التناول بهما كناية عن الضرب بهما و قوله ع و عقبه عطف على الضمير المستكن المرفوع في قوله فيعير و لم يؤكد للفصل بقوله بها كقوله تعالى ما أَشْرَكْنا وَ لا آباؤُنا

675-  نهج، ]نهج البلاغة[ و كان يقول ع لأصحابه عند الحرب لا تشتدن عليكم فرة بعدها كرة و لا جولة بعدها حملة و أعطوا السيوف حقوقها و وطنوا للجنوب مصارعها و اذمروا أنفسكم على الطعن الدعسي و الضرب الطلحفي و أميتوا الأصوات فإنه أطرد للفشل و الذي فلق الحبة و برأ النسمة ما أسلموا و لكن استسلموا و أسروا الكفر فلما وجدوا عليه أعوانا أظهروه

 بيان لا تشتدن عليكم أي لا تستصعبوا و لا يشق عليكم فرار بعده رجوع إلى الحرب و الجولة الدوران في الحرب و الجائل الزائل عن مكانه و هذا حض لهم على أن يكروا و يعودوا إلى الحرب إن وقعت عليهم كرة أو المعنى إذا رأيتم المصلحة في الفرار لجذب العدو إلى حيث تتمكنوا منه فلا تشتد عليكم و لا تعدوه عارا. قوله ع و وطئوا للجنوب مصارعها و في بعض النسخ و وطنوا بالنون أي اجعلوا مصارع الجنوب و مساقطها وطنا لها أو وطيئا لها أي استعدوا للسقوط على الأرض و القتل و الكلام كناية عن العزم على الحرب و عدم الاحتراز عن مفاسدها و قال الجوهري ذمرته ذمرا حثثته. و قال ابن أبي الحديد الطعن الدعسي الذي يحشى به أجواف الأعداء و أصل الدعس الحشو يقال دعست الوعاء أي حشوته. قوله ع و ضرب طلحفي بكسر الطاء و فتح اللام أي شديد و اللام زائدة و الياء للمبالغة. و أميتوا الأصوات أي لا تكثروا الصياح و الفشل الفزع و الجبن و الضعف. قوله ع و لكن استسلموا أي انقادوا خوفا من السيف

676-  نهج، ]نهج البلاغة[ و من كلام له ع وصى به شريح بن هانئ لما جعله على مقدمته إلى الشام اتق الله في كل مساء و صباح و خف على نفسك الدنيا الغرور و لا تأمنها على حال و اعلم أنك إن لم تردع نفسك عن كثير مما تحب مخافة مكروهة سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرر فكن لنفسك مانعا رادعا و لنزوتك عند الحفيظة واقما قامعا

 بيان سمت بك قال ابن أبي الحديد أي أفضت بك و في النهاية فلان يسمو إلى المعالي إذا تطاول إليها و النزوة الوثبة و الحفيظة الغضب و قال الجوهري وقمه أي رده و قال أبو عبيدة أي قهره

677-  و روى ابن أبي الحديد في شرح النهج، ]نهج البلاغة[ عن نصر بن مزاحم و وجدته في أصل كتابه أيضا عن عمر بن سعد بإسناده عن عبد الله جندب عن أبيه أن عليا ع كان يأمرنا في كل موطن لقينا معه عدوه فيقول لا تقاتلوا القوم حتى يبدءوكم فهي حجة أخرى لكم عليهم فإذا قاتلتموهم فهزمتموهم فلا تقتلوا مدبرا و لا تجهزوا على جريح و لا تكشفوا عورة و لا تمثلوا بقتيل فإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سرا و لا تدخلوا دارا إلا بإذن و لا تأخذوا شيئا من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم و لا تهيجوا امرأة بأذى و إن شتمن أعراضكم و تناولن أمراءكم و صلحاءكم فإنهن ضعاف القوى و الأنفس و العقول و لقد كنا لنؤمر بالكف عنهن و هن مشركات و إن كان الرجل ليتناول المرأة في الجاهلية بالهراوة و الحديد فيعير بها عقبه من بعده

678-  و قال ابن ميثم رحمه الله روي أن أمير المؤمنين ع كان إذا اشتد القتال ذكر اسم الله حين يركب ثم يقول الحمد لله على نعمه علينا و فضله العميم سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ثم يستقبل القبلة و يرفع يديه و يقول اللهم إليك نقلت الأقدام و أفضت القلوب و مدت الأعناق و شخصت الأبصار و أنضيت الأبدان اللهم قد صرح مكنون الشنآن و جاشت مراجل الأضغان اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا و كثرة عدونا و تشتت أهواءنا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ ثم يقول سيروا على بركة الله ثم يقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله و الله أكبر يا الله يا أحد يا صمد يا رب محمد بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اللهم كف عنا أيدي الظالمين و كان هذا شعاره بصفين

679-  نهج، ]نهج البلاغة[ و كان ع يقول إذا لقي العدو محاربا اللهم إليك أفضت القلوب و ساق الدعاء إلى قوله و أنت خير الحاكمين و جعل قوله و نقلت الأقدام بعد قوله و شخصت الأبصار

 بيان قال الخليل في العين أفضى فلان إلى فلان أي وصل إليه و أصله أنه صار في فضائه. و قال ابن أبي الحديد أفضت القلوب أي دنت و قربت و يجوز أن يكون أفضت أي بسرها فحذف المفعول انتهى. و يحتمل أن يكون من أفضيت إذا خرجت إلى الفضاء أي خرجت إلى فضاء رحمتك بسؤالك. و شخص بصره فهو شاخص إذا فتح عينيه و جعل لا يطرف و أنضيت الأبدان أي أهزلت و منه النضو و هو البعير المهزول و صرح أي انكشف. و الشنآن البغضة و جاشت القدر أي غلت و المراجل القدور و تشتت أهوائنا أي تفرق آرائنا و اختلاف آمالنا و قال في النهاية فتح الحاكم بين الخصمين إذا فصل بينهما و الفاتح الحاكم