باب 20- نوح الجن عليه صلوات الله عليه

1-  أقول وجدت في بعض كتب المناقب المعتبرة أنه روي عن سيد الحفاظ أبي منصور الديلمي عن الرئيس أبي الفتح الهمداني عن أحمد بن الحسين الحنفي عن عبد الله بن جعفر الطبري عن عبد الله بن محمد التميمي عن محمد بن الحسن العطار عن عبد الله بن محمد الأنصاري عن عمارة بن زيد عن بكر بن حارثة عن محمد بن إسحاق عن عيسى بن عمر عن عبد الله بن عمر الخزاعي عن هند بنت الجون قالت نزل رسول الله ص بخيمة خالتها أم معبد و معه أصحاب له فكان من أمره في الشاة ما قد عرفه الناس فقال في الخيمة هو و أصحابه حتى أبرد و كان يوم قائظ شديد حره فلما قام من رقدته دعا بماء فغسل يديه فأنقاهما ثم مضمض فاه و مجه على عوسجة كانت إلى جنب خيمة خالتها ثلاث مرات و استنشق ثلاثا و غسل وجهه و ذراعيه ثم مسح برأسه و رجليه و قال لهذه العوسجة شأن ثم فعل من كان معه من أصحابه مثل ذلك ثم قام فصلى ركعتين فعجبت و فتيات الحي من ذلك و ما كان عهدنا و لا رأينا مصليا قبله فلما كان من الغد أصبحنا و قد علت العوسجة حتى صارت كأعظم دوحة عادية و أبهى و خضد الله شوكها و ساخت عروقها و كثرت أفنانها و اخضر ساقها و ورقها ثم أثمرت بعد ذلك و أينعت بثمر كأعظم ما يكون من الكمأة في لون الورس المسحوق و رائحة العنبر و طعم الشهد و الله ما أكل منها جائع إلا شبع و لا ظمآن إلا روي و لا سقيم إلا برأ و لا ذو حاجة و فاقة إلا استغنى و لا أكل من ورقها بعير و لا ناقة و لا شاة إلا سمنت و در لبنها و رأينا النماء و البركة في أموالنا منذ يوم نزل و أخصبت بلادنا و أمرعت فكنا نسمي تلك الشجرة المباركة و كان ينتابنا من حولنا من أهل البوادي يستظلون بها و يتزودون من ورقها في الأسفار و يحملون معهم في الأرض القفار فيقوم لهم مقام الطعام و الشراب فلم تزل كذلك و على ذلك أصبحنا ذات يوم و قد تساقط ثمارها و اصفر ورقها فأحزننا ذلك و فرقنا له فما كان إلا قليل حتى جاء نعي رسول الله فإذا هو قد قبض ذلك اليوم فكانت بعد ذلك تثمر ثمرا دون ذلك في العظم و الطعم و الرائحة فأقامت على ذلك ثلاثين سنة فلما كانت ذات يوم أصبحنا و إذا بها قد تشوكت من أولها إلى آخرها فذهبت نضارة عيدانها و تساقط جميع ثمرها فما كان إلا يسيرا حتى وافى مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فما أثمرت بعد ذلك لا قليلا و لا كثيرا و انقطع ثمرها و لم نزل و من حولنا نأخذ من ورقها و نداوي مرضانا بها و نستشفي به من أسقامنا فأقامت على ذلك برهة طويلة ثم أصبحنا ذات يوم فإذا بها قد انبعثت من ساقها دما عبيطا جاريا و ورقها ذابلة تقطر دما كماء اللحم فقلنا أن قد حدث عظيمة فبتنا ليلتنا فزعين مهمومين نتوقع الداهية فلما أظلم الليل علينا سمعنا بكاء و عويلا من تحتها و جلبة شديدة و رجة و سمعنا صوت باكية تقول

أيا ابن النبي و يا ابن الوصي و يا من بقية ساداتنا الأكرمينا

ثم كثرت الرنات و الأصوات فلم نفهم كثيرا مما كانوا يقولون فأتانا بعد ذلك قتل الحسين ع و يبست الشجرة و جفت فكسرتها الرياح و الأمطار بعد ذلك فذهبت و اندرس أثرها

 قال عبد الله بن محمد الأنصاري فلقيت دعبل بن علي الخزاعي بمدينة الرسول فحدثته بهذا الحديث فلم ينكره

 و قال حدثني أبي عن جدي عن أمه سعيدة بنت مالك الخزاعية أنها أدركت تلك الشجرة فأكلت من ثمرها على عهد علي بن أبي طالب ع و أنها سمعت تلك الليلة نوح الجن فحفظت من جنية منهن

يا ابن الشهيد و يا شهيدا عمه خير العمومة جعفر الطيارعجبا لمصقول أصابك حده في الوجه منك و قد علاه غبار

قال دعبل فقلت في قصيدتي

زر خير قبر بالعراق يزار و اعص الحمار فمن نهاك حمارلم لا أزورك يا حسين لك الفدا قومي و من عطفت عليه نزارو لك المودة في قلوب ذوي النهى و على عدوك مقتة و دماريا ابن الشهيد و يا شهيدا عمه خير العمومة جعفر الطيار

 بيان خضدت الشجر قطعت شوكها

2-  و قال ابن نما رحمه الله في مثير الأحزان ناحت عليه الجن و كان نفر من أصحاب النبي ص منهم المسور بن مخرمة يستمعون النوح و يبكون

 و ذكر صاحب الذخيرة عن عكرمة أنه سمع ليلة قتله بالمدينة مناد يسمعونه و لا يرون شخصه

أيها القاتلون جهلا حسينا أبشروا بالعذاب و التنكيل‏كل أهل السماء يدعو عليكم من نبي و ملأك و قبيل‏قد لعنتم على لسان ابن داود و موسى و صاحب الإنجيل

 و روي أن هاتفا سمع بالبصرة ينشد ليلا

إن الرماح الواردات صدورها نحو الحسين تقاتل التنزيلاو يهللون بأن قتلت و إنما قتلوا بك التكبير و التهليلافكأنما قتلوا أباك محمدا صلى عليه الله أو جبريلا

 و ذكر ابن الجوزي في كتاب النور في فضائل الأيام و الشهور نوح الجن عليه فقالت 

لقد جئن نساء الجن يبكين شجيات و يلطمن خدودا كالدنانير نقيات‏و يلبسن الثياب السود بعد القصبيات

3-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ قال دعبل حدثني أبي عن جدي عن أمه سعدي بنت مالك الخزاعية أنها سمعت نوح الجن على الحسين ع

يا ابن الشهيد و يا شهيدا عمه خير العمومة جعفر الطيارعجبا لمصقول أصابك حده في الوجه منك و قد علاك غبار

 إبانة بن بطة أنه سمع من نوحهم

أيا عين جودي و لا تجمدي و جودي على الهالك السيدفبالطف أمسى صريعا فقد رزئنا الغداة بأمر بدي

و من نوحهم

نساء الجن يبكين من الحزن شجيات و أسعدن بنوح للنساء الهاشميات‏و يندبن حسينا عظمت تلك الرزيات و يلطمن خدودا كالدنانير نقيات‏و يلبسن ثياب السود بعد القصبيات

و من نوحهم

احمرت الأرض من قتل الحسين كما اخضر عند سقوط الجونة العلق‏يا ويل قاتله يا ويل قاتله فإنه في سعير النار يحترق

و من نوحهم

أبكى ابن فاطمة الذي من قتله شاب الشعرو لقتله زلزلتم و لقتله خسف القمر

و سمع نوح جن قصدوه لموازرته

و الله ما جئتكم حتى بصرت به بالطف منعفر الخدين منحورا

 قال الطبري و سمع نوح الملائكة في أول منزل نزلوا قاصدين إلى الشام

أيها القاتلون جهلا حسينا أبشروا بالعذاب و التنكيل‏كل أهل السماء يدعو عليكم من نبي و مرسل و قتيل

 قد لعنتم على لسان ابن داود و موسى و صاحب الإنجيل

 بيان بأمر بدي أي بأمر بديع غريب و قال الجوهري الجونة عين الشمس و إنما سميت جونة عند مغيبها لأنها تسود حين تغيب و العلق القطعة من الدم أي كما يخضر الأفق عند سقوط الشفق و لعل الأظهر كما احمر

4-  مل، ]كامل الزيارات[ أبي عن سعد عن محمد بن الحسين عن نصر بن مزاحم عن عبد الرحمن بن أبي حماد عن أبي ليلى الواسطي عن عبد الله بن حسان الكناني قال بكت الجن على الحسين بن علي بن أبي طالب ع فقالت

ما ذا تقولون إذ قال النبي لكم ما ذا فعلتم و أنتم آخر الأمم‏بأهل بيتي و إخواني و مكرمتي من بين أسرى و قتلى ضرجوا بدم

5-  مل، ]كامل الزيارات[ حكيم بن داود بن حكيم عن سلمة عن علي بن الحسين عن معمر بن خلاد عن أبي الحسن الرضا ع قال بينا الحسين ع يسير في جوف الليل و هو متوجه إلى العراق و إذا رجل يرتجز و يقول

 و حدثني أبي عن سعد عن ابن عيسى عن معمر بن خلاد عن الرضا ع مثل ألفاظ سلمة قال و هو يقول

يا ناقتي لا تذعري من زجري و شمري قبل طلوع الفجربخير ركبان و خير سفر حتى تحلى بكريم البحربماجد الجد رحيب الصدر أثابه الله لخير أمرثمت أبقاه بقاء الدهر

فقال الحسين بن علي ع 

سأمضي و ما بالموت عار على الفتى إذا ما نوى حقا و جاهد مسلماو واسى الرجال الصالحين بنفسه و فارق مثبورا و خالف مجرمافإن عشت لم أندم و إن مت لم ألم كفى بك موتا أن تذل و تغرما

6-  مل، ]كامل الزيارات[ أبي و جماعة مشايخي عن سعد عن محمد بن يحيى المعاذي عن عباد بن يعقوب عن عمرو بن ثابت عن عمرو بن عكرمة قال أصبحنا ليلة قتل الحسين بالمدينة فإذا مولى لنا يقول سمعنا البارحة مناديا ينادي و يقول

أيها القاتلون جهلا حسينا أبشروا بالعذاب و التنكيل‏كل أهل السماء يدعو عليكم من نبي و مرسل و قتيل‏قد لعنتم على لسان بن داود و ذي الروح حامل الإنجيل

7-  مل، ]كامل الزيارات[ حكيم بن داود بن حكيم عن سلمة عن عبد الله بن محمد بن سنان عن عبد الله بن القاسم بن الحارث عن داود الرقي قال حدثتني جدتي إن الجن لما قتل الحسين ع بكت عليه بهذه الأبيات

يا عين جودي بالعبر و ابكي فقد حق الخبرابكي ابن فاطمة الذي ورد الفرات فما صدرالجن تبكي شجوها لما أتى منه الخبرقتل الحسين و رهطه تعسا لذلك من خبرفلأبكينك حرقة عند العشاء و بالسحرو لأبكينك ما جرى عرق و ما حمل الشجر

8-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن أبي الخطاب عن نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد عن عمرو بن ثابت عن حبيب بن أبي ثابت عن أم سلمة زوجة النبي ص قالت ما سمعت نوح الجن منذ قبض النبي إلا الليلة و لا أراني إلا و قد أصبت بابني قال و جاءت الجنية منهم تقول

ألا يا عين فانهملي بجهدي فمن يبكي على الشهداء بعدي

 على رهط تقودهم المنايا إلى متجبر في ملك عبد

 مل، ]كامل الزيارات[ محمد بن جعفر القرشي عن ابن أبي الخطاب مثله قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ أمالي النيسابوري و الطوسي مثله

 و روي في المناقب القديم عن شهردار الديلمي عن محمود بن إسماعيل عن أحمد بن فازشاه قال و أخبرني أبو علي مناولة عن أبي نعيم الحافظ قالا أخبرنا الطبراني عن القاسم بن عباد الخطابي عن سويد بن سعيد عن عمرو بن ثابت مثله و فيه

ألا يا عين فاحتفلي بجهد

9-  جا، ]المجالس للمفيد[ ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن عمر بن محمد عن علي بن العباس عن عبد الكريم بن محمد عن سليمان بن مقيل الحارثي عن المحفوظ بن المنذر قال حدثني شيخ من بني تميم كان يسكن الرابية قال سمعت أبي يقول ما شعرنا بقتل الحسين حتى كان مساء ليلة عاشوراء فإني لجالس بالرابية و معي رجل من الحي فسمعنا هاتفا يقول

و الله ما جئتكم حتى بصرت به بالطف منعفر الخدين منحوراو حوله فتية تدمى نحورهم مثل المصابيح يطفون الدجى نوراو قد حثثت قلوصي كي أصادفهم من قبل أن تتلاقى الحرد الحورافعاقني قدر و الله بالغة و كان أمرا قضاه الله مقدوراكان الحسين سراجا يستضاء به الله يعلم أني لم أقل زورا

 صلى الإله على جسم تضمنه قبر الحسين حليف الخير مقبورامجاورا لرسول الله في غرف و للوصي و للطيار مسرورا

فقلنا له من أنت يرحمك الله قال أنا و آلي من جن نصيبين أردنا مؤازرة الحسين ع و مواساته بأنفسنا فانصرفنا من الحج فأصبناه قتيلا

 بيان حرد جمع حارد من قولهم أسد حارد أي غضبان أو من حرد الرجل حرودا إذا تحول عن قومه و فيما سيأتي من رواية ابن قولويه من قبل ما أن يلاقوا الخرد الحورا و هو أظهر قال الفيروزآبادي الخريد و بهاء و الخرود البكر لم تمسس أو الخفرة الطويلة السكوت الخافضة الصوت المتسترة و الجمع خرائد و خرد خرد

10-  مل، ]كامل الزيارات[ أبي عن سعد بن يزيد عن إبراهيم بن عقبة عن أحمد بن عمرو بن مسلم عن الميثمي قال خمسة من أهل الكوفة أرادوا نصر الحسين بن علي ع فعرسوا بقرية يقال لها شاهي إذ أقبل عليهم رجلان شيخ و شاب و سلما عليهم قال فقال الشيخ أنا رجل من الجن و هذا ابن أخي أراد نصر هذا الرجل المظلوم قال فقال لهم الشيخ الجني قد رأيت رأيا قال فقال الفتية الإنسيون و ما هذا الرأي الذي رأيت قال رأيت أن أطير فآتيكم بخبر القوم فتذهبون على بصيرة فقالوا له نعم ما رأيت قال فغاب يوم و ليلته فلما كان من الغد إذا هم بصوت يسمعونه و لا يرون الشخص و هو يقول

و الله ما جئتكم حتى بصرت به

إلى آخر ما مر من الأبيات سوى بيتين مصدرين بقوله فعاقني و بقوله فصلى فأجابه بعض الفتية من الإنسيين يقول

اذهب فلا زال قبر أنت ساكنه إلى القيامة يسقى الغيث ممطوراو قد سلكت سبيلا كنت سالكه و قد شربت بكأس كان مغزورا

 و فتية فرغوا لله أنفسهم و فارقوا المال و الأحباب و الدورا

11-  مل، ]كامل الزيارات[ حكيم بن داود عن سلمة بن الخطاب عن عمر بن سعد عن عمرو بن ثابت عن أبي زياد القندي قال كان الجصاصون يسمعون نوح الجن حين قتل الحسين بن علي ع في السحر بالجبانة و هم يقولون

مسح الرسول جبينه فله بريق في الخدودأبواه في عليا قريش جده خير الجدود

 أقول روي في المناقب القديم عن أبي العلا الحسن بن أحمد الهمداني عن محمود بن إسماعيل عن أحمد بن محمد بن الحسين عن أبي القاسم اللخمي عن محمد بن عثمان عن جندل بن والق عن عبد الله بن الطفيل عن أبي زيد الفقيمي عن أبي حباب الكلبي عن الجصاصين مثله

12-  مل، ]كامل الزيارات[ بالإسناد عن عمر بن سعد عن الوليد بن غسان عمن حدثه قال كانت الجن تنوح على الحسين بن علي صلوات الله عليهما فتقول

لمن الأبيات بالطف على كره بنينه تلك أبيات حسين يتجاوبن الرنينة

13-  مل، ]كامل الزيارات[ حكيم بن داود عن سلمة عن أيوب بن سليمان عن علي بن الحزور قال سمعت ليلى و هي تقول سمعت نوح الجن على الحسين بن علي ع و هي تقول

يا عين جودي بالدموع فإنما يبكي الحزين بحرقة و توجع‏يا عين ألهاك الرقاد بطيبة من ذكر آل محمد و توجع‏باتت ثلاثا بالصعيد جسومهم بين الوحوش و كلهم في مصرع

 قول قد أوردنا بعض الأخبار في باب شهادته صلوات الله عليه