باب 1- فضل الماء و أنواعه

 الآيات الأنفال وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ الحجر فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ النحل هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَ مِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ الأنبياء وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ المؤمنون وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَ إِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ النور وَ يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ الفرقان وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَ نُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَ أَناسِيَّ كَثِيراً ق وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً الواقعة أَ فَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ المرسلات وَ أَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً النبأ وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً.   تفسير الآيات في ذلك كثيرة و قد مر أكثرها بتفاسيرها فمنها ما يدل على بركة ماء السماء و نفعه و منها ما تضمن الامتنان بجميع المياه و أنها من السماء فتدل على جواز الانتفاع بها و شربها و استعمالها فيما يحتاج الناس إليه فالأصل فيها الإباحة و لكل من الناس في كل ماء حق الانتفاع إلا ما خرج بالدليل و يؤيده ما

 روي بطرق عديدة ثلاثة أشياء الناس فيها شرع سواء الماء و الكلاء و النار

و يؤنسه أن المنع من ذلك يوجب حرجا عظيما لا سيما في الأسفار فإذا ورد قوم مسافرون عطاش على ماء و كان استعمالهم موقوفا على استرضاء أهل القرية لم يحصل لهم إلا بعد مرور أيام فلم يمكنهم الشرب منه إلا بقدر سد الرمق و يلزمهم إيقاع الصلاة بالتيمم و مع النجاسة في مدة مديدة مع أنه قلما تتيسر قرية لم تكن فيها جماعة من الغيب و الأيتام فكيف يمكن تحصيل الرضا منهم و إنا نعرف من عادة السلف أنهم لم يكونوا يحترزون عن مثل ذلك. و أيضا وردت أخبار كثيرة سألوا فيها أئمتنا ع أنا نرد قرية فيها ماء و سألوا عن خصوصياته و أجابوهم بجواز استعماله و لم يأمروهم باستئذان أهل القرية و ما تمسكوا به من أن قرائن الأحوال تشهد برضا أربابها فكثير من الموارد ليست فيها تلك القرائن على أنه مع احتمال الأيتام و المجانين لا تنفع تلك القرائن فظهر أن كمال الامتنان الذي تدل عليه تلك الآيات لا يتم إلا بكون الحقوق الضرورية مشتركة بين جميع المؤمنين في تلك المياه و الله أعلم بحقائق الأحكام و حججه الكرام. فَأَسْقَيْناكُمُوهُ أي مكناكم من استعماله لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ أي لكم من ذلك الماء شراب تشربونه فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ظاهره أن جميع مياه الأرض من السماء كما مر تقريره فَيُصِيبُ بِهِ أي بالبرد و ضرره مَنْ يَشاءُ فيهلك زرعه و ماله وَ يَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ أي ضرره فإصابته نقمة و صرفه رحمة ماءً طَهُوراً أي مطهرا و الامتنان به و بما بعده من الشرب و سقي الأنعام إنما يتم بجواز استعماله فيها و في أشباهها ماءً مُبارَكاً يدل على بركة ماء السماء كما ورد في الخبر.

 و روى الكليني رحمه الله عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن يعقوب بن يزيد   عن علي بن يقطين عن عمرو بن إبراهيم عن خلف بن حماد عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر ع يقول قال رسول الله ص قال الله عز و جل وَ نَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً قال ليس من ماء في الأرض إلا و قد خالطه ماء السماء

أقول و في أكثر نسخ الكافي و أنزلنا على بناء الإفعال و كأنه من النساخ. مِنَ الْمُزْنِ أي من السحاب أُجاجاً أي مرا شديد المرارة أو شديد الملوحة وَ أَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً قال ابن عباس أي و جعلنا لكم سقيا من الماء العذب و المعصرات الرياح أو السحاب ثَجَّاجاً أي صبابا دفاعا في انصبابه

1-  مجمع البيان، قال روى العياشي بإسناده عن الحسين بن علوان قال سئل أبو عبد الله ع عن طعم الماء قال سل تفقها و لا تسأل تعنتا طعم الماء طعم الحياة قال الله سبحانه وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَيٍّ

 بيان في القاموس العنت محركة الفساد و الإثم و الهلاك و دخول المشقة على الإنسان و جاءه متعنتا أي طالبا زلته قوله ع طعم الحياة كأن الغرض أنه أفضل الطعوم و أشهى اللذات و لا يناسب سائر الطعوم و لما كان من أعظم الأسباب لاستقامة الحياة و بقائها فكان طعمه طعم الحياة لو كان لها طعم أو أنه لما استشعر عند شربه بقاء الحياة فكأنه يجد طعم الحياة عند الشرب

2-  المحاسن، عن عثمان بن عيسى رفعه قال قال أمير المؤمنين ع إن نهركم يصب فيه ميزابان من ميازيب الجنة و قال أبو عبد الله ع لو كان بيني و بينه أميال لأتيناه نستشفي به

 الكافي، عن محمد بن يحيى عن علي بن الحسين عن ابن أورمة عن الحسين بن سعيد رفعه قال قال أمير المؤمنين ع إن نهركم هذا يعني ماء الفرات يصب إلى قوله قال فقال أبو عبد الله ع لو كان بيننا الخبر

    -3  و منه، بإسناده عن أبي عبد الله ع قال ما إخال أحدا يحنك بماء الفرات إلا أحبنا أهل البيت و قال ع ما سقي أهل الكوفة ماء الفرات إلا لأمر ما و قال يصب فيه ميزابان من الجنة

 بيان قال الجوهري خلت الشي‏ء أي ظننته و تقول في مستقبله إخال بكسر الألف و هو الأفصح و بنو أسد تقول أخال بالفتح و هو قياس قوله ع لأمر ما أي رسوخ الولاية في قلوب أهلها

4-  الكافي، بسند مرسل كالموثق عن أبي عبد الله ع قال يدفق في الفرات في كل يوم دفقات من الجنة

 بيان في الصحاح دفقت الماء أدفقه دفقا صببته فهو ماء دافق أي مدفوق

5-  الكافي، بإسناده إلى أمير المؤمنين ع قال أما إن أهل الكوفة لو حنكوا أولادهم بماء الفرات لكانوا شيعة لنا

6-  و منه، بإسناده عن حكيم بن جبير قال سمعت سيدنا علي بن الحسين ع يقول إن ملكا يهبط من السماء في كل ليلة معه ثلاثة مثاقيل مسك من مسك الجنة فيطرحها في الفرات و ما من نهر في شرق الأرض و لا غربها أعظم بركة منه

 أقول قد مر بعض الأخبار في باب الماء و سيأتي أكثرها في كتاب المزار

7-  الكافي، بإسناده عن ابن القداح عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع ماء زمزم خير ماء على وجه الأرض و شر ماء على وجه الأرض ماء برهوت الذي بحضرموت ترده هام الكفار بالليل

8-  و منه، بسند معتبر عندي عن أبي عبد الله ع قال ماء زمزم شفاء من كل داء و أظنه قال كائنا ما كان

9-  و منه بإسناده عن أبي عبد الله عن أمير المؤمنين ع قال قال رسول الله ص   ماء زمزم دواء لما شرب له

10-  و منه، بإسناده عن أبي عبد الله ع قال كانت زمزم أشد بياضا من اللبن و أحلى من العسل و كانت سائحة فبغت على المياه فأغارها الله عز و جل و أجرى عليها عينا من صبر

 بيان يدل بظاهره على أن للجمادات شعورا ما و يمكن أن يكون المراد بغي أهلها بحذف المضاف كقوله وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ أو يكون كناية عن أنها لما كانت لشرافتها مفضلة على سائر المياه نقص من طعمها للعدل بينها فكأنها بغت لفضلها

11-  الكافي، بإسناده عن أبي عبد الله ع قال البرد لا يؤكل لأن الله عز و جل يقول يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ

 بيان الاستدلال بالآية لدلالتها على أن إصابته نقمة

12-  الكافي، بإسناده عن أمير المؤمنين ع قال ماء نيل مصر يميت القلب

13-  و منه، بإسناده عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ الآية قال يعني ماء العقيق

 بيان كأن المراد به وادي العقيق و إنما ذكره ع على وجه التمثيل أي مثله من المواضع التي ليس فيها ماء و إنما فيها برك و غدران يجتمع فيها ماء السماء أو يقال خص هذا الموضع لاحتياجهم فيه إلى الماء للدين و الدنيا لوقوع غسل الإحرام فيه أو كان أولا نزول الآية لهذا الموضع بسبب من الأسباب لا نعرفه و أما حمله على فطر ماء العقيق كما قيل فلا يخفى بعده

14-  الكافي، بإسناده عن أبي حمزة الثمالي قال كنت عند حوض زمزم فأتاني رجل فقال لي لا تشرب من هذا الماء يا با حمزة فإن هذا تشترك فيه الجن و الإنس   و هذا لا يشترك فيه إلا الإنس فتعجبت منه و قلت من أين علم هذا قال ثم قلت لأبي جعفر ع ما كان من قول الرجل لي فقال ع ذاك رجل من الجن أراد إرشادك

 بيان كأنه أشار أولا إلى الحوض و ثانيا إلى البئر أو الدلو أي اشرب من الدلاء قبل الصب في الحوض فإن الحوض يستعمله الجن أيضا كالإنس فتذهب بركته أو لوجه آخر و يحتمل أن يكون أشار أولا إلى دلو مخصوص قد علم مشاركة الجن فيه و ثانيا إلى غيره و الأول أظهر

15-  المكارم، كان رسول الله ص يأكل البرد و يتفقد ذلك أصحابه فيلتقطونه له فيأكله و يقول إنه يذهب بأكلة الأسنان

 بيان يدل على مدح البرد و قد مر ما يدل على ذمه و كان أقوى سندا إذ الظاهر أن هذا الخبر عامي و يمكن الجمع بأن التجويز إذا كانت في الأسنان أكلة أو مظنة ذلك فيكون أكله للدواء و إن كان بعيدا

16-  المكارم، من طب الأئمة عن الصادق ع قال سيد شراب أهل الجنة الماء

 و عن الصادق ع قال ماء زمزم شفاء لما شرب له

 و روي في حديث آخر ماء زمزم شفاء من كل داء و أمان من كل خوف

 و عن خالد بن جرير قال قال أبو عبد الله ع لو أني عندكم لأتيت الفرات كل يوم فاغتسلت و أكلت من رمان سوراء في كل يوم رمانة

 و قال علي بن أبي طالب ع ماء نيل مصر يميت القلب و لا تغسلوا رءوسكم من طينها فإنها تورث الزمانة الدياثة

 و قال أمير المؤمنين ع صبوا على المحموم الماء البارد فإنه يطفئ حرها

 و عن الصادق ع قال الماء البارد يطفئ الحرارة و يسكن الصفراء و يذيب الطعام في المعدة و يذهب بالحمى

    و عنه ع قال الماء المغلي ينفع من كل شي‏ء و لا يضر من شي‏ء

 و عنه ع قال إذا دخل أحدكم الحمام فليشرب ثلاثة أكف ماء حار فإنه يزيد في بهاء الوجه و يذهب بالألم من البدن

 و عن الرضا ع قال الماء المسخن إذا غليته سبع غليات و قلبته من إناء إلى إناء فهو يذهب بالحمى و ينزل القوة في الساقين و القدمين

17-  دعوات الراوندي، عن الصادق ع البرد لا يؤكل لقوله يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ

 و عن ابن عباس أن الله يرفع المياه العذب قبل يوم القيامة غير زمزم و إن ماءها يذهب بالحمى و الصداع و الاطلاع فيها يجلو البصر و من شربه للشفاء شفاه الله و من شربه للجوع أشبعه الله

18-  الدعائم، عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه ع أن رسول الله ص قال الماء سيد الشراب في الدنيا و الآخرة

19-  الفردوس، ماء زمزم شفاء من كل داء و هو دواء لما شرب له و ماء الميزاب يشفي المريض و ماء السماء يدفع الأسقام و نهي عن البرد لقوله تعالى يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ و ماء الفرات يصب فيه ميزابان من الجنة و تحنيك الولد به يحببه إلى الولاية

 و عن الصادق ع تفجرت العيون من تحت الكعبة و ماء نيل مصر يميت القلوب و الأكل في فخارها و غسل الرأس بطينها يذهب بالغيرة و يورث الدياثة

20-  قرب الإسناد، عن الحسن بن طريف عن الحسين بن علوان عن جعفر عن أبيه ع قال قال رسول الله ص سيد طعام الدنيا و الآخرة اللحم و سيد شراب الدنيا و الآخرة الماء

21-  العيون، بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه عن النبي ص مثله

 صحيفة الرضا، عنه ع مثله

    -22  قرب الإسناد، عن ابن طريف عن ابن علوان عن جعفر ع قال كنت عنده جالسا إذ جاءه رجل فسأله عن طعم الماء و كانوا يظنون أنه زنديق فأقبل أبو عبد الله يضرب فيه و يصعد ثم قال له ويلك طعم الماء طعم الحياة إن الله جل و عز يقول وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ

 بيان في القاموس الزنديق بالكسر من الثنوية أو القائل بالنور و الظلمة أو من لا يؤمن بالآخرة و بالربوبية أو من يبطن الكفر و يظهر الإيمان أو هو معرب زن دين أي دين المرأة انتهى قوله يضرب فيه و يصعد أي يسرع في الجواب و يقطع بوادي التحقيق و يصعد العوالي فيه فالضمير راجع إلى السؤال أو إلى الزنديق كناية عن غلبته و استيلائه عليه و إرجاعه إلى الماء و حمله على الحقيقة بأن يكون عنده ع ماء يضرب يده و يصعده بعيد في القاموس ضرب في الأرض أسرع أو ذهب و الشي‏ء بالشي‏ء خلطه كضربه و في الماء سبح و تحرك و طال و أعرض و أشار و قال صعد في السلم كسمع صعودا و صعد في الجبل و عليه تصعيدا رقي و أصعد في الأرض مضى و في الوادي انحدر كصعد تصعيدا انتهى. و أقول يومئ ما قلنا إلى معان أخرى قريبة من الأول فتأمل و هذا على ما في أكثر النسخ من يضرب. و في بعض النسخ يصوب و هو الصواب قال في النهاية فيه فصعد في النظر و صوبه أي نظر إلى أعلاي و أسفلي يتأملني و يظهر منه أنه ليس المراد بالماء في الآية ماء المني قال البيضاوي أي خلقنا من الماء كل حيوان لقوله و الله خلق كل دابة من ماء و ذلك لأنه من أعظم مواده أو لفرط احتياجه إليه و انتفاعه به بعينه أو صيرنا كل شي‏ء بسبب من الماء لا يحيا دونه و قرئ حيا على أنه صفة كل أو مفعول ثان و الظرف لغو و الشي‏ء مخصوص بالحيوان

23-  العيون، بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه عن علي ع في قول الله   عز و جل ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قال الرطب و الماء البارد

 الصحيفة، عنه ع مثله

24-  مجالس ابن الشيخ، عن والده عن هلال بن محمد عن إسماعيل بن علي الدعبلي عن أبيه عن الرضا عن آبائه عن علي بن الحسين ع قال شيئان ما دخلا جوفا إلا أصلحاه الرمان و الماء الفاتر

25-  المحاسن، عن بعض أصحابنا رفعه عن أبي عبد الله ع مثله

26-  الخصال، عن أبيه عن سعد عن اليقطيني عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن أبي بصير و محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عن آبائه ع قال قال أمير المؤمنين ع اكسروا حر الحمى بالبنفسج و الماء البارد فإن حرها من فيح جهنم

27-  و منه، بهذا الإسناد قال ع اشربوا ماء السماء فإنه يطهر البدن و يدفع الأسقام قال الله تبارك و تعالى وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ

28-  المحاسن، عن القاسم بن يحيى عن جده عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع مثله

 المكارم، عن ع مثله بيان المشهور أنها نزلت في غزوة بدر حيث نزل المسلمون على كثيب أعفر تسوخ فيه الأقدام على غير ماء و ناموا فاحتلم أكثرهم فمطروا ليلا حتى جرى الوادي فاغتسلوا و تلبد الرمل حتى تثبت عليه الأقدام فذهب عنهم رجز الشيطان و هو الجنابة و ربط على قلوبهم بالوثوق على لطف الله و يظهر من الخبر أن الأحكام الواردة فيها عامة و إن كان مورد النزول خاصا و أن رجز الشيطان أعم من الوساوس   الشيطانية و الأسقام المترتبة على متابعة الشيطان من المعاصي

29-  ثواب الأعمال، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن ابن فضال رفعه إلى أبي عبد الله ع قال من تلذذ بالماء في الدنيا لذذه الله من أشربة الجنة

 بيان التلذذ بالماء يحتمل وجوها الأول التأمل في لذته و معرفة قدر الماء و الشكر عليه الثاني شربه مصا و بثلاثة أنفاس و بالتأني كما سيأتي لأن إدراك لذة الماء فيه أكثر الثالث أن يكون المعنى التلذذ به عوضا عن الأشربة المحرمة الرابع أن يكون المعنى الشرب عند عدم غلبة العطش لإدراك اللذة كما يومئ إليه بعض الأخبار الآتية

30-  المحاسن، عن إسماعيل أو غيره عن منصور بن يونس بن بزرج عن أبي عبد الله ع قال تفجرت العيون من تحت الكعبة

 بيان يؤنس ذلك دحو الأرض من تحت الكعبة فتفطن و يمكن تخصيصه بعيون مكة ضاعف الله شرفها و يؤيده بعض أخبار زمزم فتفهم و قيل المراد به عيون زمزم كما سيأتي في كتاب الحج ما يومئ إليه

31-  المحاسن، عن محمد بن علي عن عيسى بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب ع عن أبيه عن جده عن علي ع قال الماء سيد الشراب في الدنيا و الآخرة

32-  و منه، عن علي بن الريان رفعه قال قال رسول الله ص سيد شراب الجنة الماء

33-  و منه، عن أبي أيوب المديني عن ابن أبي عمير عن محمد بن حكيم عن عيسى شلقان قال قلت لأبي عبد الله ع ما أقل العوم عندكم و الغمس و ما أرى ذلك إلا لمائكم أنه ملح فقال ماؤكم أفضل منه يعني الفرات

    -34  و منه، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن هشام بن أحمد قال قال أبو الحسن ع إني أكثر شرب الماء تلذذا

 بيان يدل على استحباب كثرة شرب الماء و ينافيه ظاهر ما سيأتي من ذم كثرة شرب الماء و يمكن حمل هذا الخبر على أنه ع كان إكثار الماء موافقا لمزاجه لحرارة غالبة أو غيرها و الأخبار الآتية محمولة على غالب الأمزجة أو هذا محمول على ما إذا اشتهاه و هي على عدم الشهوة أو المراد بإكثار الشرب إطالة مدته و الشرب مصا و قليلا قليلا و بدفعات ثلاث كما هو المستحب بقرينة قوله ع تلذذا فإن إدراك لذة الماء فيه أكثر

35-  المحاسن، عن نوح بن شعيب عن أبي داود المسترق عمن حدثه قال كنت عند أبي عبد الله ع فدعا بتمر و جعل يشرب عليه الماء فقلت جعلت فداك لو أمسكت عن الماء فقال إنما آكل التمر لأني أستطيب عليه الماء

 بيان هذا الخبر يؤيد أوسط الوجوه المتقدمة في الخبر السابق و في القاموس طاب لذ و زكا و استطاب الشي‏ء وجده طيبا

36-  المحاسن، عن أبيه عن محمد بن سليمان الديلمي عن أبيه عن أبي عبد الله ع قال لا يشرب أحدكم الماء حتى يشتهيه فإذا اشتهاه فليقل منه

 و منه عن علي بن حسان عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال إياكم و الإكثار من شرب الماء فإنه مادة لكل داء و في حديث آخر لو أن الناس أقلوا من شرب الماء لاستقامت أبدانهم

37-  و منه، عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن عبيد بن زرارة قال سمعت أبا عبد الله ع يقول و ذكر رسول الله ص فقال اللهم إنك تعلم أنه أحب إلينا من الآباء و الأمهات و ذوي القرابات و من الماء البارد

38-  و منه، عن منصور بن العباس عن سعيد بن جناح عن أحمد بن عمر عن الحلبي رفعه قال قال أبو عبد الله ع و هو يوصي رجلا فقال أقلل من شرب الماء   فإنه يمد كل داء و اجتنب الدواء ما احتمل بدنك الداء

 بيان في الكافي عن أحمد بن عمر الحلبي و ما في المحاسن أحسن لأن أحمد لا يروي عن الصادق ع و إنما روايته عن الرضا و قد يروي عن الكاظم ع فالمراد بالحلبي هنا عبيد الله أو أحد إخوته و في بعض نسخ الكافي بعده رفعه و هو أصوب و يمد من المد بمعنى الجذب أو من الإمداد بمعنى الإعانة و على التقديرين الضمير في قوله فإنه راجع إلى شرب الماء أي إكثاره و يحتمل إرجاعه إلى مصدر أقلل فالمد بمعنى الجذب أي يجذبه ليدفعه و الأول أظهر

39-  المحاسن، عن أبيه عن محمد بن سليمان الديلمي عن عثمان بن أشيم عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال من أقل من شرب الماء صح بدنه

40-  و منه، عن النوفلي بإسناده قال كان النبي ص إذا أكل الدسم أقل من شرب الماء فقيل يا رسول الله إنك لتقل من شرب الماء قال هو أمرأ لطعامي

41-  و منه، عن بعض أصحابنا رفعه قال شرب الماء على أثر الدسم يهيج الداء

 بيان يظهر من هذه الأخبار وجه جمع آخر بينها بأن يحمل أخبار المنع على ما إذا كان بعد أكل الدسم و غيرها على غيره و هو مما تساعده التجربة أيضا و أقول أكثر روايات المنع من إكثار شرب الماء مروية في المكارم مرسلا

42-  المحاسن، عن محمد بن الحسن بن شمون عن ابن أبي طيفور المتطبب قال نهيت أبا الحسن الماضي ع عن شرب الماء قال و ما بأس بالماء و هو يدير الطعام في المعدة و يسكن الغضب و يزيد في اللب و يطفئ المرار

 المكارم، عن ابن أبي طيفور مثله بيان يمكن أن يكون المراد بالإدارة حقيقتها أي يجعل أعلاه أسفله فيحسن الهضم و أن يكون المراد تقليبه في الأحوال كناية عن سرعة الهضم و في بعض النسخ يمرئ و الأول موافق للكافي و ربما يقرأ بالباء الموحدة و في المكارم يذيب من   الإذابة و هو أظهر و كان تسكين الغضب لإطفاء المرار

43-  المحاسن، عن ياسر الخادم عن أبي الحسن الرضا ع قال لا بأس بكثرة شرب الماء على الطعام و أن لا يكثر منه و قال أ رأيت لو أن رجلا أكل مثل ذا طعاما و جمع يديه كلتيهما لم يضمهما و لم يفرقهما ثم لم يشرب عليه الماء أ ليس كانت تنشق معدته

 المكارم، عن ياسر مثله تبيين قوله ع و أن لا يكثر منه أي لا بأس بإكثار الشرب و عدم الإكثار منه و إنما يتضرر الناس بكثرة الطعام فيتوهمون أنه لإكثار الماء لم يضمهما أي لم يلصق إحداهما بالأخرى و لم يفرقهما أي لم يباعد بينهما كثيرا بل قرب إحداهما إلى الأخرى إشارة إلى كثرة الطعام بحيث يملأ الكفين بهذا الوضع و يحتمل أن يكون المراد ضم الأصابع و تفريقها و روي في الكافي هذا الخبر عن علي بن إبراهيم عن ياسر و فيه و لا تكثر منه على غيره و ليس فيه أ ليس بل فيه كان ينشق فعلى هذا الظاهر أن المعنى أن إكثار الماء على الطعام لا يضر بل إنما يضر الإكثار منه على الريق أو المراد بالطعام المطبوخ و الأول أظهر فالإشارة بالكف يحتمل التقليل و التكثير و يكون الغرض لزوم شرب الماء بعد الطعام و إن كان قليلا على الأول و هو الأظهر و إن كان كثيرا فهو آكد على الثاني. و يؤيده على الوجهين لا سيما الأول.

 ما رواه في الكافي عن علي بن محمد عن بعض أصحابه عن ياسر قال قال أبو الحسن الماضي ع عجبا لمن أكل مثل ذا و أشار بيده و في بعض النسخ بكفه و لم يشرب عليه الماء كيف لا تنشق معدته

و هذا الاختلاف في حديث ياسر غريب

44-  المحاسن، عن يعقوب بن يزيد عن يحيى بن المبارك عن عبد الله بن جبلة عن صارم قال اشتكى رجل من إخواننا بمكة حتى سقط للموت فلقيت أبا عبد الله ع في   الطريق فقال يا صارم ما فعل فلان فقلت تركته بحال الموت فقال أما لو كنت لأسقيته من ماء الميزاب قال فطلبناه عند كل أحد فلم نجده فبينا نحن كذلك إذ ارتفعت سحابة ثم أرعدت و أبرقت و أمطرت فجئت إلى بعض من في المسجد فأعطيته درهما و أخذت منه قدحا ثم أخذت من ماء الميزاب فأتيته به فأسقيته فلم أبرح من عنده حتى شرب سويقا و برا

 المكارم، عن صارم مثله و فيه و أخذت منه قدحا من ماء الميزاب

45-  فقه الرضا، قال ع السكر ينفع من كل شي‏ء و لا يضر من شي‏ء و كذلك الماء المقلي و أروى في الماء البارد أنه يطفئ الحرارة و يسكن الصفراء و يهضم الطعام و يذيب الفضلة التي على رأس المعدة و يذهب بالحمى و قيل لا يذهب بالأدواء إلا الدعاء و الصدقة و الماء البارد

 بيان قوله ع و الماء البارد أي شربا أو صبا على البدن كما مر