باب 18- العبادة و الاختفاء فيها و ذم الشهرة بها

1-  ب، ]قرب الإسناد[ السندي بن محمد عن أبي البختري عن الصادق ع عن آبائه ع قال قال رسول الله ص أعظم العبادة أجرا أخفاها

 أقول سيأتي في باب نوادر المواعظ ما أوحى الله إلى نبي من أنبيائه و أن العمل الصالح إذا كتمه العبد و أخفاه أبى الله عز و جل إلا أن يظهره ليزينه به مع ما يدخره له من ثواب الآخرة

2-  ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن الوليد عن الصفار عن محمد بن عيسى عن عباس بن هلال قال سمعت الرضا ع يقول المستتر بالحسنة تعدل سبعين حسنة و المذيع بالسيئة مخذول و المستتر بالسيئة مغفور له

3-  صح، ]صحيفة الرضا عليه السلام[ عن الرضا عن آبائه ع قال قال علي بن أبي طالب ع من كنوز الجنة إخفاء العمل و الصبر على الرزايا و كتمان المصائب

 محص، ]التمحيص[ عن جابر عن علي ع مثله

4-  ختص، ]الإختصاص[ عن العالم ع قال المستتر بالحسنة له سبعون ضعفا و المذيع له واحد و المستتر بالسيئة مغفور له و المذيع لها مخذول

5-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحسين بن عبيد الله عن علي بن محمد العلوي عن محمد بن أحمد المكتب عن أحمد بن محمد الكوفي عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه   عن الرضا ع قال من شهر نفسه بالعبادة فاتهموه على دينه فإن الله عز و جل يبغض شهرة العبادة و شهرة اللباس ثم قال إن الله عز و جل إنما فرض على الناس في اليوم و الليلة سبع عشرة ركعة من أتى بها لم يسأله الله عز و جل عما سواها و إنما أضاف رسول الله ص إليها مثليها ليتم بالنوافل ما يقع فيها من النقصان و إن الله عز و جل لا يعذب على كثرة الصلاة و الصوم و لكنه يعذب على خلاف السنة

6-  عدة الداعي، روي عنهم ع أن فضل عمل السر على عمل الجهر سبعون ضعفا

7-  إرشاد القلوب، روي عن المفضل بن صالح قال قال لي مولاي الصادق ع يا مفضل إن لله تعالى عبادا عاملوه بخالص من سره فقابلهم بخالص من بره فهم الذين تمر صحفهم يوم القيامة فارغا فإذا وقفوا بين يديه ملأها لهم من سر ما أسروا إليه فقلت و كيف ذاك يا مولاي فقال أجلهم أن تطلع الحفظة على ما بينه و بينهم

8-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله ع قال في التوراة مكتوب يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ قلبك غنى و لا أكلك إلى طلبك و علي أن أسد فاقتك و أملأ قلبك خوفا مني و إن لا تفرغ لعبادتي أملأ قلبك شغلا بالدنيا ثم لا أسد فاقتك و أكلك إلى طلبك

 بيان في القاموس تفرغ تخلى من الشغل أي اجعل نفسك و قلبك فارغا عن أشغال الدنيا و شهواتها و علائقها و اللام للتعليل أو للظرفية أملأ قلبك غنى أي عن الناس و علي بتشديد الياء و الجملة حالية و ربما يقرأ بالتخفيف عطفا على أملأ بحسب المعنى لأنه في قوة على أن أملأ و الأول أظهر و إن لا تفرغ إن للشرط و لا نافية و أكلك بالجزم

    -9  كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن أبي جميلة قال قال أبو عبد الله ع قال الله تبارك و تعالى يا عبادي الصديقين تنعموا بعبادتي في الدنيا فإنكم تتنعمون بها في الآخرة

 إيضاح تنعموا بعبادتي الظاهر أن الباء صلة فإن الصديقين و المقربين يلتذون بعبادة ربهم و يتقوون بها و هي عندهم أعظم اللذات الروحانية و قيل الباء سببية فإن العبادة سبب الرزق كما قال تعالى وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً و هو بعيد فإنكم تتنعمون بها أي بأصل العبادة فإنها أشهى عندهم من اللذات الجسمانية فهم يعبدون للذة لا للتكليف كما أن الملائكة طعامهم التسبيح و شرابهم التقديس أو بسببها أو بقدرها أو بعوضها و الأول أظهر

10-  كا، ]الكافي[ عن علي عن محمد بن عيسى عن يونس عن عمرو بن جميع عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص أفضل الناس من عشق العبادة فعانقها و أحبها بقلبه و باشرها بجسده و تفرغ لها فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا على عسر أم على يسر

 بيان عشق من باب تعب و الاسم العشق و هو الإفراط في المحبة أي أحبها حبا مفرطا من حيث كونه وسيلة إلى القرب الذي هو المطلوب الحقيقي و ربما يتوهم أن العشق مخصوص بمحبة الأمور الباطلة فلا يستعمل في حبه سبحانه و ما يتعلق به و هذا يدل على خلافه و إن كان الأحوط عدم إطلاق الأسماء المشتقة منه على الله تعالى بل الفعل المشتق منه أيضا بناء على التوقيف. قيل ذكرت الحكماء في كتبهم الطبية أن العشق ضرب من الماليخوليا و الجنون و الأمراض السوداوية و قرروا في كتبهم الإلهية أنه من أعظم الكمالات   و السعادات و ربما يظن أن بين الكلامين تخالفا و هو من واهي الظنون فإن المذموم هو العشق الجسماني الحيواني الشهواني و الممدوح هو الروحاني الإنساني النفساني و الأول يزول و يفنى بمجرد الوصال و الاتصال و الثاني يبقى و يستمر أبد الآباد و على كل حال. على ما أصبح أي على أي حال دخل في الصباح أو صار أم على يسر فيه دلالة على أن اليسر و المال لا ينافي حبه تعالى و حب عبادته و تفريغ القلب عن غيرها لأجلها و إنما المنافي له تعلق القلب به

11-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن شاذان بن الخليل قال و كتبت من كتابه بإسناد له يرفعه إلى عيسى بن عبد الله قال قال عيسى بن عبد الله لأبي عبد الله ع جعلت فداك ما العبادة قال حسن النية بالطاعة من الوجوه التي يطاع الله منها أما إنك يا عيسى لا تكون مؤمنا حتى تعرف الناسخ من المنسوخ قال قلت جعلت فداك و ما معرفة الناسخ من المنسوخ قال فقال أ ليس تكون مع الإمام موطنا نفسك على حسن النية في طاعته فيمضي ذلك الإمام و يأتي إمام آخر فتوطن نفسك على حسن النية في طاعته قال قلت نعم قال هذا معرفة الناسخ من المنسوخ

 بيان حسن النية بالطاعة كأن المعنى أن العبادة الصحيحة المقبولة هي ما يكون مع النية الحسنة الخالصة من شوائب الرئاء و السمعة و غيرها مع طاعة أئمة الحق ع و تكون تلك العبادة مأخوذة من الوجوه التي يطاع الله منها أي لا تكون مبتدعة بل تكون مأخوذة عن الدلائل الحقة و الآثار الصحيحة أو تكون تلك الطاعة مستندة إلى البراهين الواضحة ليخرج منها طاعة أئمة الضلالة أو المعنى شدة العزم في طاعة من تجب طاعته حال كون تلك الطاعة من الوجوه التي يطاع الله منها أي لم تكن مخلوطة ببدعة و لا رئاء و لا سمعة و هذا أنسب بما بعده و قيل يعني أن يكون له في طاعة من يعبده نية حسنة فإن   تيسر له الإتيان بما وافق نيته و إلا فقد أدى ما عليه من العبادة بحسن نيته أ ليس تكون هذا المعنى للناسخ و المنسوخ موافق و مؤيد لما ورد في الأخبار في تفسير قوله تعالى ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أن المراد به ذهاب إمام و نصب إمام بعده فهو خير منه أو مثله و قيل لعل المراد بهذه الوجوه الأئمة ع واحد بعد واحد لأنهم الوجوه التي يطاع الله منها لإرشادهم و هدايتهم و بالطاعة الطاعة المعلومة بتعليمهم و إطاعتهم و الانقياد لهم و بحسن النية تعلق القلب بها من صميمه بلا منازعة و لا مخاطرة و يحتمل أن يراد بالوجوه وجوه العبادات و أنواعها و بحسن النية تخليصها عن شوائب النقص

12-  كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن ابن محبوب عن جميل عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله ع قال إن العباد ثلاثة قوم عبدوا الله عز و جل خوفا فتلك عبادة العبيد و قوم عبدوا الله تبارك و تعالى طلب الثواب فتلك عبادة الأجراء و قوم عبدوا الله عز و جل حبا له فتلك عبادة الأحرار و هي أفضل العبادة

 إيضاح العباد ثلاثة في بعض النسخ هكذا فلا يحتاج إلى تقدير و في بعضها العبادة فيحتاج إلى تقدير إما في العبادة أي ذوو العبادة أو في الأقوام أي عبادة قوم و حاصل المعنى أن العبادة الصحيحة المرتبة عليها الثواب و الكرامة في الجملة ثلاثة أقسام و أما غيرها كعبادة المراءين و نحوها فليست بعبادة و لا داخلة في المقسم. فتلك عبادة العبيد إذ العابد فيها شبيه بالعبيد في أنه يطيع السيد خوفا منه و تحرزا من عقوبته. فتلك عبادة الأجراء فإنهم يعبدون للثواب كما أن الأجير يعمل للأجر   حبا له أي لكونه محبا له و المحب يطلب رضا المحبوب أو يعبده ليصل إلى درجة المحبين و يفوز بمحبة رب العالمين و الأول أظهر. فتلك عبادة الأحرار أي الذين تحرروا من رق الشهوات و خلعوا من رقابهم طوق طاعة النفس الأمارة بالسوء الطالبة للذات و الشهوات فهم لا يقصدون في عبادتهم شيئا سوى رضا عالم الأسرار و تحصيل قرب الكريم الغفار و لا ينظرون إلى الجنة و النار و كونها أفضل العبادة لا يخفى على أولي الأبصار و في صيغة التفضيل دلالة على أن كلا من الوجهين السابقين أيضا عبادة صحيحة و لها فضل في الجملة فهو حجة على من قال ببطلان عبادة من قصد التحرز عن العقاب أو الفوز بالثواب

13-  كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص ما أقبح الفقر بعد الغنى و أقبح الخطيئة بعد المسكنة و أقبح من ذلك العابد لله ثم يدع عبادته

 بيان ما أقبح الفقر بعد الغنى لعل المعنى قبحه عند الناس و إن كان ممدوحا عند الله أو يكون محمولا على من فعل ذلك باختياره بالإسراف و التبذير أو ترك الكسب و أشباهه أو يكون المراد التعيش بعيش الفقراء بعد حصول الغناء على سياق قوله ع و أقبح الخطيئة بعد المسكنة فإن الظاهر أن المراد به بيان قبح ارتكاب الخطايا بعد حصول الفقر و المسكنة لضعف الدواعي و قلة الآلات و الأدوات و إن احتمل أن يكون الغرض بيان قبح الذنوب بعد كونه مبتلى بالفقر و المسكنة فأغناه الله فارتكب بعد ذلك الخطايا لتضمنه كفران النعمة و نسيان الحالة السابقة و يحتمل أن يكون المراد بالمسكنة التذلل لله بترك المعصية فيكون أنسب بما قبله و بعده. و أقبح مبتدأ أو خبر فالعابد أيضا يحتملهما ثم يدع عطف على العابد إذ اللام في اسم الفاعل بمعنى الذي فهو بتقدير الذي يعبد الله ثم يدع

    -14  كا، ]الكافي[ عن الحسين بن محمد عن المعلى عن الوشاء عن عاصم بن حميد عن أبي حمزة عن علي بن الحسين ع قال من عمل بما افترض الله فهو من أعبد الناس