باب 22- الخوف و الرجاء و حسن الظن بالله تعالى

 الآيات البقرة وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ و قال تعالى وَ إِيَّايَ فَاتَّقُونِ و قال سبحانه إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ آل عمران وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ و قال وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ و قال سبحانه يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ و قال سبحانه إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَ خافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ النساء وَ تَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ المائدة قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ و قال تعالى حاكيا عن ابن آدم ع إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ   و قال تعالى أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ و قال تعالى فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَ اخْشَوْنِ و قال وَ نَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ و قال سبحانه اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ما تَكْتُمُونَ الأنعام قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَ ذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ و قال وَ أَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَ لا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ و قال حاكيا عن إبراهيم ع وَ كَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَ لا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ الأعراف أَ وَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَ هُمْ يَلْعَبُونَ أَ فَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ أَ وَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ و قال وَ فِي نُسْخَتِها هُدىً وَ رَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ   و قال تعالى قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ الَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ إلى قوله أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الأنفال وَ اتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ التوبة أَ تَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ و قال تعالى إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ أَقامَ الصَّلاةَ وَ آتَى الزَّكاةَ وَ لَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ هود وَ كَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَ هِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ يوسف أَ فَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ الرعد وَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَ إِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ و قال تعالى وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ و قال تعالى أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَ اللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَ هُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ إبراهيم ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَ خافَ وَعِيدِ   الحجر نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَ أَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ و قال سبحانه وَ كانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ النحل أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ و قال تعالى وَ لِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَ الْمَلائِكَةُ وَ هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ وَ قالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ وَ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لَهُ الدِّينُ واصِباً أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ إسراء عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَ إِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَ جَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَ يُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً وَ أَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً و قال تعالى رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَ ما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا إلى قوله تعالى وَ يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَ يَخافُونَ عَذابَهُ إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً طه إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى

    و قال تعالى أَ فَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى الأنبياء وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ و قال تعالى قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ إلى قوله تعالى أَ فَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَ فَهُمُ الْغالِبُونَ و قال سبحانه وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَ هارُونَ الْفُرْقانَ وَ ضِياءً وَ ذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَ هُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ و قال تعالى وَ كانُوا لَنا خاشِعِينَ الحج وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ المؤمنون إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إلى قوله تعالى وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ النور يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ و قال تعالى وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَخْشَ اللَّهَ وَ يَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ الشعراء إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ و قال تعالى وَ الَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ   النمل يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ القصص يا مُوسى أَقْبِلْ وَ لا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ العنكبوت مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ و قال تعالى يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ يَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَ إِلَيْهِ تُقْلَبُونَ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ وَ لِقائِهِ أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ لقمان يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَ اخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَ لا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ الأحزاب لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً و قال تعالى وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ و قال سبحانه الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَ يَخْشَوْنَهُ وَ لا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَ كَفى بِاللَّهِ حَسِيباً فاطر إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ و قال تعالى إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ يس إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ   وَ أَجْرٍ كَرِيمٍ ص إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ الزمر أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ و قال تعالى قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ إلى قوله تعالى ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ إلى قوله تعالى مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ السجدة إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَ ذُو عِقابٍ أَلِيمٍ حمعسق تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَ الْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ و قال تعالى وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ الفتح الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ لَعَنَهُمْ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً ق مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ و قال تعالى فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ الذاريات وَ تَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ الطور قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا وَ وَقانا   عَذابَ السَّمُومِ

 الرحمن سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ إلى قوله تعالى وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ الحشر لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ الملك إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ كَبِيرٌ إلى قوله تعالى أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ وَ لَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ أَ وَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَ يَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ بَصِيرٌ أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَ نُفُورٍ المعارج وَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ نوح ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً وَ قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً المدثر كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ إلى قوله تعالى هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ   الدهر وَ يَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً إلى قوله تعالى إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً إلى قوله تعالى نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَ إِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلًا إلى قوله تعالى يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَ الظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً النازعات وَ أَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى إلى قوله تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى و قال تعالى وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى الانفطار عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَ أَخَّرَتْ يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ البروج إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إلى قوله تعالى وَ هُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ الأعلى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى وَ يَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَ لا يَحْيى البينة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ تفسير وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ قيل الرهبة خوف معه تحرز و يدل على أن المؤمن ينبغي أن لا يخاف أحدا إلا الله وَ إِيَّايَ فَاتَّقُونِ أي بالإيمان و اتباع   الحق و الإعراض عن الدنيا و قيل الرهبة مقدمة التقوى. أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ أقول كان فيه دلالة على أن الرجاء لا يكون إلا مع العمل و بدونه غرة و قيل أثبت لهم الرجاء إشعارا بأن العمل غير موجب و لا قاطع في الدلالة سيما و العبرة بالخواتيم. وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ قيل هو تهديد عظيم مشعر بتناهي المنهي في القبح و ذكر النفس ليعلم أن المحذر منه عقاب يصدر منه فلا يؤبه دونه بما يحذر من الكفرة و كرره ثانيا للتوكيد و التذكير وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ إشارة إلى أنه تعالى إنما نهاهم و حذرهم رأفة بهم و مراعاة لصلاحهم أو أنه لَذُو مَغْفِرَةٍ وَ ذُو عِقابٍ فترجى رحمته و يخشى عذابه. يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ هذا وصف لحال المنافقين في غزوة أحد قيل أي يظنون بالله غير الظن الحق الذي يحق أن يظن به و ظن الجاهلية بدله و هو الظن المختص بالملة الجاهلية و أهلها أقول و يدل على حرمة سوء الظن بالله و اليأس من رحمته. إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يعني من يعوقهم عن العود إلى قتال الكفار بعد غزوة أحد و هو نعيم بن مسعود وَ خافُونِ أي في مخالفة أمري إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فإن الإيمان يقتضي إيثار خوف الله على خوف الناس. وَ تَرْجُونَ أي أيها المؤمنون مِنَ اللَّهِ الرحمة و النصرة ما لا يَرْجُونَ أي الكفار فيدل على فضل الرجاء و أنه من صفات المؤمنين.    مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أي يخافون الله يتقونه و يدل على مدح الخوف أَ لَمْ تَعْلَمْ الخطاب للنبي أو لكل أحد و فيها تخويف و تبشير فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَ اخْشَوْنِ قيل نهي للحكام أن يخشوا غير الله في حكوماتهم. وَ أَنْذِرْ أي عظ و خوف بِهِ أي بالقرآن أو بالله الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ في المجمع يريد المؤمنين يخافون يوم القيامة و ما فيها من شدة الأهوال و قيل معناه يعلمون

 و قال الصادق ع أنذر بالقرآن من يرجون الوصول إلى ربهم برغبتهم فيما عنده فإن القرآن شافع مشفع

 لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ أي غير الله لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أي كي يخافوا في الدنيا و ينتهوا عما نهيتم عنه. كَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ و لا يتعلق به ضرر وَ لا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ و هو حقيق بأن يخاف منه كل الخوف لأنه إشراك للمصنوع بالصانع و تسوية بين المقدور العاجز و القادر الضار النافع سُلْطاناً أي حجة و الحاصل أن الكفر و الخطايا مظنة الخوف فلا ينبغي معه الأمن. أَ وَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أي المكذبون لنبينا أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى أي ضحوة النهار و هو في الأصل اسم لضوء الشمس إذا أشرقت و ارتفعت وَ هُمْ يَلْعَبُونَ أي يشتغلون بما لا ينفعهم أَ فَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ مكر الله استعارة لاستدراجه العبد و الأخذ من حيث لا يحتسب و قال علي بن إبراهيم المكر من الله العذاب.   و قال الطبرسي رحمه الله أي أ فبعد هذا كله أمنوا عذاب الله أن يأتيهم من حيث لا يشعرون و سمي العذاب مكرا لنزوله بهم من حيث لا يعلمون كما أن المكر ينزل بالممكور به من جهة الماكر من حيث لا يعلمه و قيل إن مكر الله استدراجه إياهم بالصحة و السلامة و طول العمر و تظاهر النعمة فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ. يسأل عن هذا فيقال إن الأنبياء و المعصومين أمنوا مكر الله و ليسوا بخاسرين و جوابه من وجوه أحدهما أن معناه لا يأمن مكر الله من المذنبين إلا القوم الخاسرين بدلالة قوله سبحانه إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ و ثانيها أن معناه لا يأمن عذاب الله للعصاة إلا الخاسرون و المعصومون لا يؤمنون عذاب الله للعصاة و لهذا سلموا من مواقعة الذنوب و ثالثها لا يأمن عقاب الله جهلا بحكمته إلا الخاسرون و معنى الآية الإبانة عما يجب أن يكون عليه المكلف من الخوف لعقاب الله ليسارع إلى طاعته و اجتناب معاصيه و لا يستشعر الأمن من ذلك فيكون قد خسر في دنياه و آخرته بالتهالك في القبائح. أَ وَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ أي يخلفون من خلا قبلهم في ديارهم و إنما عدي يهد باللام لأنه بمعنى يبين أَنْ لَوْ نَشاءُ أي أنه لو نشاء أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ أي بجزاء ذنوبهم كما أصبنا من قبلهم وَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ مستأنف يعني و نحن نطبع على قلوبهم فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ سماع تفهم و اعتبار. لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ أي يخشون ربهم فلا يعصونه و يعملون بما فيها. عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ قال في المجمع أي ممن عصاني و استحقه بعصيانه و إنما علقه بالمشية لجواز الغفران وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ قال   الحسن و قتادة إن رحمته في الدنيا وسعت البر و الفاجر و هي يوم القيامة للمتقين خاصة و قال العوفي وسعت كل شي‏ء و لكن لا تجب إلا للذين يتقون و ذلك أن الكافر يرزق و يدفع عنه بالمؤمن لسعة رحمة الله للمؤمن فيعيش فيها فإذا صار في الآخرة وجب للمؤمنين خاصة كالمستضي‏ء بنار غيره إذا ذهب صاحب السراج بسراجه و قيل معناه أنها تسع كل شي‏ء إن دخلوها فلو دخل الجميع فيها لوسعتهم إلا أن فيهم من لا يدخل فيها لضلاله فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أي فسأوجب رحمتي للذين يتقون الشرك أي يجتنبونه و قيل يجتنبون الكبائر و المعاصي. لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً قيل بل يعمهم و غيرهم كالمداهنة في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و افتراق الكلمة و ظهور البدع و روى العياشي في هذه الآية قال أصابت الناس فتنة بعد ما قبض الله نبيه حتى تركوا عليا و بايعوا غيره و هي الفتنة التي فتنوا بها و قد أمرهم رسول الله باتباع علي و الأوصياء من آل محمد ع

 و في المجمع عن علي و الباقر ع أنهما قرءا لتصيبن

 فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بعقاب الله و ثوابه و يدل على أن خشية الله تعالى من لوازم الإيمان وَ لَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ قيل يعني في أبواب الدين و أن لا يختار على رضا الله رضا غيره فإن الخشية عن المحاذير جبلية لا يكاد العاقل يتمالك عنها و في المجمع أي لم يخف سوى الله أحدا من المخلوقين و هذا راجع إلى قوله أَ تَخْشَوْنَهُمْ أي إن خشيتموهم فقد ساويتموهم في الإشراك   كما قال فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ الآية. وَ كَذلِكَ أي و مثل ذلك الأخذ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى أي أهلها وَ هِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ أي وجيع صعب و في المجمع عن النبي ص أن الله يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم تلا هذه الآية إِنَّ فِي ذلِكَ أي فيما نزل بالأمم الهالكة لَآيَةً أي لعبرة لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ لعلمه بأنه أنموذج منه. غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أي عقوبة تغشاهم و تشملهم بَغْتَةً أي فجاءه من غير سابقة علامة وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ بإتيانها غير مستعدين لها. وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ خصوصا فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا

 و روى علي بن إبراهيم و الكليني و الصدوق و العياشي عن الصادق عليه السلام أنه تلا هذه الآية حين وافى رجلا استقصى حقه من أخيه و قال أ تراهم يخافون أن يظلمهم أو يجور عليهم و لكنهم خافوا الاستقصاء و المداقة فسماه الله سوء الحساب فمن استقصى فقد أساء

 و في المجمع و العياشي عنه ع أن تحسب عليهم السيئات و تحسب لهم الحسنات و هو الاستقصاء

 نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها قيل أي بذهاب أهلها و في الإحتجاج عن   أمير المؤمنين ع يعني بذلك ما يهلك من القرون فسماه إتيانا

 و في الفقيه عن الصادق ع أنه سئل عن هذه الآية فقال فقد العلماء

و قال علي بن إبراهيم هو موت علمائها

 و في الكافي عن الباقر ع قال كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول إنه يسخي نفسي في سرعة الموت و القتل فينا قول الله تعالى أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها و هو ذهاب العلماء

 لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ أي لا راد له و المعقب الذي يعقب الشي‏ء فيبطله وَ هُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ فيحاسبهم عما قليل. ذلِكَ أي إهلاك الظالمين و إسكان المؤمنين لِمَنْ خافَ مَقامِي أي موقفي للحساب وَ خافَ وَعِيدِ أي وعيدي بالعذاب نَبِّئْ عِبادِي الآية فيها حث على الرجاء و الخوف معا لكن في توصيف ذاته بالغفران و الرحمة دون التعذيب ترجيح الرجاء. آمِنِينَ من الانهدام و نقب اللصوص و تخريب الأعداء لوثاقتها أو من العذاب لفرط غفلتهم ما كانُوا يَكْسِبُونَ أي من بناء البيوت الوثيقة و استكثار الأموال و العدد. مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أي المكرات السيئات قيل هم الذين احتالوا لهلاك الأنبياء و الذين مكروا رسول الله ص و راموا صد أصحابه عن الإيمان أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ كما خسف بقارون أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ بغتة من جانب السماء كما فعل بقوم لوط أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ إذا جاءوا و ذهبوا في   متاجرهم و أعمالهم فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أي فليسوا بفائتين و ما يريده الله بهم من الهلاك لا يمتنع عليه أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ قيل أي على مخافة بأن يهلك قوما قبلهم فيتخوفوا فيأتيهم العذاب و هم متخوفون أو على تنقص بأن ينقصهم شيئا بعد شي‏ء في أنفسهم و أموالهم حتى يهلكوا من تخوفته إذا تنقصته و قال علي بن إبراهيم أي على تيقظ و بالجملة هو خلاف قوله مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ.

 و روى العياشي عن الصادق ع أنه قال هم أعداء الله و هم يمسخون و يقذفون و يسيحون في الأرض

 و في الكافي عن السجاد ع في كلام له في الوعظ و الزهد في الدنيا و لا تكونوا من الغافلين المائلين إلى زهرة الدنيا الذين مكروا السيئات فإن الله يقول في محكم كتابه أَ فَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ الآية فاحذروا ما حذركم الله بما فعل بالظلمة في كتابه لئلا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما توعد به القوم الظالمين في الكتاب و الله لقد وعظكم الله في كتابه بغيركم فإن السعيد من وعظ بغيره

 وَ هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ أي عن عبادته يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ أي يخافونه و هو فوقهم بالقهر وَ هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ.

 في المجمع قد صح عن النبي ص أن لله ملائكة في السماء السابعة سجودا منذ خلقهم إلى يوم القيامة ترعد فرائصهم من مخافة الله لا تقطر من دموعهم قطرة إلا صار ملكا فإذا كان يوم القيامة رفعوا رءوسهم و قالوا ما عبدناك حق عبادتك

   قال بعض أهل المعرفة إن أمثال هذه الآيات تدل على أن العالم كله في مقام الشهود و العبادة إلا كل مخلوق له قوة التفكر و ليس إلا النفوس الناطقة الإنسانية و الحيوانية خاصة من حيث أعيان أنفسهم لا من حيث هياكلهم فإن هياكلهم كسائر العالم في التسبيح له و السجود فأعضاء البدن كلها مسبحة ناطقة أ لا تراها تشهد على النفوس المسخرة لها يوم القيامة من الجلود و الأيدي و الأرجل و الألسنة و السمع و البصر و جميع القوى فالحكم لله العلي الكبير. إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ أكد العدد في الموضعين دلالة على العناية به فإنك لو قلت إنما هو إله لخيل أنك أثبت الإلهية لا الوحدانية فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ كأنه قيل و أنا هو فإياي فارهبون لا غير وَ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ خلقا و ملكا وَ لَهُ الدِّينُ أي الطاعة واصِباً قيل أي لازما

 و روى العياشي عن الصادق ع قال واجبا

 أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ و لا ضار سواه كما لا نافع غيره كما قال وَ ما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ. حَصِيراً أي محبسا لا يقدرون على الخروج منها أبدا لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ أي للطريقة التي هي أقوم الطرق و أشد استقامة

 و في الكافي عن الصادق ع أي يدعو

 و عنه ع يهدي إلى الإمام

 و روى العياشي عن الباقر ع يهدي إلى الولاية

 وَ أَنَّ الَّذِينَ أي يبشر المؤمنين ببشارتين ثوابهم و عقاب أعدائهم. وَ ما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا أي موكولا إليك أمرهم تجبرهم على   الإيمان و إنما أرسلناك مبشرا و نذيرا فدارهم و مر أصحابك بالاحتمال منهم كانَ مَحْذُوراً أي حقيقا بأن يحذره كل أحد حتى الملائكة و الرسل. لِمَنْ يَخْشى أي لمن في قلبه خشية و رقة يتأثر بالإنذار. أَ فَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ قال علي بن إبراهيم أي يبين لهم يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ أي يشاهدون آثار هلاكهم لِأُولِي النُّهى أي لذوي العقول الناهية عن التغافل و التعامي. وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ أي من عظمته و مهابته مُشْفِقُونَ أي مرتعدون و أصل الخشية خوف مع تعظيم و لذلك خص بها العلماء و الإشفاق خوف مع اعتناء فإن عدي بمن فمعنى الخوف فيه أظهر و إن عدي بعلى فبالعكس. قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ أي يحفظكم مِنَ الرَّحْمنِ أي من بأسه إن أراد بكم و في لفظ الرحمن تنبيه على أن لا كالئ غير رحمته العامة و أن اندفاعه بها مهلة بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ لا يخطرونه ببالهم فضلا أن يخافوا بأسه. أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ قيل أرض الكفرة نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها قيل أي بتسلط المسلمين عليها و هو تصوير لما يجريه الله على أيدي المسلمين أَ فَهُمُ الْغالِبُونَ رسول الله و المؤمنين

 و في الكافي، و المجمع، عن الصادق ع ننقصها يعني بموت العلماء

قال نقصانها ذهاب عالمها و قد مر الكلام فيه. الْفُرْقانَ أي الكتاب الجامع لكونه فارقا بين الحق و الباطل و ضياء يستضاء به في ظلمات الحيرة و الجهالة و ذكرا يتعظ به المتقون بِالْغَيْبِ حال من الفاعل أو المفعول مُشْفِقُونَ أي خائفون. وَ كانُوا لَنا خاشِعِينَ أي مخبتين أو دائمي الوجل    وَ بَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ قيل أي المتواضعين أو المخلصين فإن الإخبات صفتهم قال علي بن إبراهيم أي العابدين وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ هيبة منه لإشراق أشعة جلاله عليها. مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ قيل أي من خوف عذابه يحذرون وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا قيل يعطون ما أعطوه من الصدقات و قال علي بن إبراهيم من العبادة و الطاعة و يؤيده قراءة يأتون ما أتوا في الشواذ و ما يأتي من الروايات وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أي خائفة أن لا يقبل منهم و أن لا يقع على الوجه اللائق فيؤاخذ به أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ أي لأن مرجعهم إليه أو من أن مرجعهم إليه و هو يعلم ما يخفى عليهم

 و قد روى الكليني في الروضة بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال سألته عن قول الله عز و جل وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قال هي إشفاقهم و رجاؤهم يخافون أن ترد عليهم أعمالهم إن لم يطيعوا الله عز ذكره و يرجون أن تقبل منهم

 و في الأصول بإسناده عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله ع أنه قال في حديث ألا و من عرف حقنا و رجا الثواب فينا و رضي بقوته نصف مد في كل يوم و ما ستر عورته و ما أكن رأسه و هم و الله في ذلك خائفون وجلون ودوا أنه حظهم من الدنيا و كذلك وصفهم الله تعالى فقال وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ الآية فقال ما الذي أتوا أتوا و الله الطاعة مع المحبة و الولاية و هم في ذلك خائفون ليس خوفهم خوف شك و لكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا و طاعتنا

    و في المجمع قال أبو عبد الله ع معناه خائفة أن لا يقبل منهم

 و في رواية أخرى يؤتي ما آتى و هو خائف راج

 يَخافُونَ يَوْماً أي مع ما هم عليه من الذكر و الطاعة تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ قيل أي تضطرب و تتغير من الهول أو تتقلب أحوالها فتفقه القلوب ما لم تكن تفقه و تبصر الأبصار ما لم تكن تبصر أو تتقلب القلوب من توقع النجاة و خوف الهلاك و الأبصار من أي ناحية يؤخذ بهم و يؤتى كتابهم. وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فيما يأمرانه وَ يَخْشَ اللَّهَ على ما صدر عنه من الذنوب وَ يَتَّقْهِ فيما بقي من عمره فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ بالنعيم المقيم. أَنْ كُنَّا أي لأن كنا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ من أتباع فرعون أو من أهل المشهد أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي قيل ذكر ذلك هضما لنفسه و تعليما للأمة أن يجتنبوا المعاصي و يكونوا على حذر و طلب لأن يغفر لهم ما يفرط منهم و استغفارا لما عسى يندر منه من ترك الأولى. لا تَخَفْ قيل أي من غير ثقة بي أو مطلقا لقوله إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ حين يوحى إليهم من فرط الاستغراق فإنهم أخوف الناس أي من الله أو لا يكون لهم عندي سوء عاقبة فيخافون منه إِلَّا مَنْ ظَلَمَ المشهور أن الاستثناء منقطع و قال علي بن إبراهيم معنى إِلَّا مَنْ ظَلَمَ لا من ظلم فوضع حرف مكان حرف و قيل عاطفة قال في القاموس و تكون عاطفة بمنزلة   الواو لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ و قرئ في الشواذ ألا بالفتح و التخفيف. إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ أي من المخاوف كما مر مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ قيل المراد بلقاء الله الوصول إلى ثوابه أو إلى العاقبة من الموت و البعث و الحساب و الجزاء على تمثيل حاله بحال عبد قدم على سيده بعد زمان مديد و قد اطلع السيد على أحواله فإما أن يلقاه ببشر لما رضي من أفعاله أو بسخط لما سخطه منها و قال علي بن إبراهيم قال من أحب لقاء الله جاءه الأجل و في التوحيد عن أمير المؤمنين ع يعني من كان يؤمن بأنه مبعوث فإن وعد الله لآت من الثواب و العقاب قال فاللقاء هاهنا ليس بالرؤية و اللقاء هو البعث وَ هُوَ السَّمِيعُ لأقوال العباد الْعَلِيمُ بعقائدهم و أعمالهم. وَ إِلَيْهِ تُقْلَبُونَ أي تردون وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ربكم عن إدراككم فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ إن فررتم من قضائه بالتواري في إحداهما مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ يحرسكم عن بلائه و لقائه بالبعث أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي لإنكارهم البعث و الجزاء وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بكفرهم. لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ أي لا يقضي عنه و قرئ لا يجزئ من أجزأ أي لا يغني إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ بالثواب و العقاب. أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قيل أي خصلة حسنة من حقها أن يؤتسى بها كالثبات في الحرب و مقاساة الشدائد لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ أي ثواب الله أو لقاءه و نعيم الآخرة أو أيام الله و اليوم الآخر خصوصا و الرجاء يحتمل الأمل   و الخوف و قرن بالرجاء كثرة الذكر المؤدية إلى ملازمة الطاعة فإن المؤتسي بالرسول من كان كذلك. وَ تَخْشَى النَّاسَ أي تعييرهم إياك وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ إن كان فيه ما يخشى وَ كَفى بِاللَّهِ حَسِيباً فينبغي أن لا يخشى إلا منه. الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ قيل أي غائبين عن عذابه أو عن الناس في خلواتهم أو غائبا عنهم عذابه إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إذ شرط الخشية معرفة المخشي و العلم بصفاته و أفعاله فمن كان أعلم به كان أخشى منه و لذلك قال النبي ص إني أخشاكم لله و أتقاكم له إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ تعليل لوجوب الخشية لدلالته على أنه معاقب للمصر على طغيانه غفور للتائب عن عصيانه

 و في المجمع عن الصادق ع يعني بالعلماء من صدق قوله فعله و من لم يصدق قوله فعله فليس بعالم

 و في الحديث أعلمكم بالله أخوفكم لله

 و في الكافي عن السجاد ع و ما العلم بالله و العمل إلا إلفان مؤتلفان فمن عرف الله خافه و حثه الخوف على العمل بطاعة الله و إن أرباب العلم و أتباعهم الذين عرفوا الله فعملوا له و رغبوا إليه و قد قال الله إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ

 و عن الصادق أن من العبادة شدة الخوف من الله ثم تلا هذه الآية

 و في مصباح الشريعة عنه ع دليل الخشية التعظيم لله و التمسك بخالص الطاعة و أوامره و الخوف و الحذر و دليلهما العلم ثم تلا هذه الآية

    إِنَّما تُنْذِرُ أي إنذارا يترتب عليه الأثر مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ قيل هو القرآن و في الحديث أنه علي ع وَ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ قيل أي خاف عقابه قبل حلوله و معاينة أهواله أو في سريرية و لا يغتر برحمته فإنه كما هو رحمان منتقم قهار إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ. أي جعلناهم خالصين لنا بخصلة خالصة لا شوب فيها هي ذِكْرَى الدَّارِ تذكرهم للآخرة دائما فإن خلوصهم في الطاعة بسببها و ذلك لأنه كان مطمح نظرهم فيما يأتون و يذرون جوار الله و الفوز بلقائه و إطلاق الدار للإشعار بأنها الدار الحقيقية و الدنيا معبر. أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ أي قائم بوظائف الطاعات آناءَ اللَّيْلِ أي ساعاته يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ يدل على مدح الجمع بين الخوف و الرجاء. ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ أي ذلك العذاب هو الذي يخوفهم به ليجتنبوا ما يوقعهم فيه يا عِبادِ فَاتَّقُونِ و لا تتعرضوا لما يوجب سخطي. مَثانِيَ في المجمع سمي بذلك لأنه يثنى فيه القصص و الأخبار و الأحكام و المواعظ بتصريفها في ضروب البيان و يثنى أيضا في التلاوة فلا يمل لحسن مسموعه تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ أي يأخذهم قشعريرة خوفا مما في القرآن من الوعيد ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ إذا سمعوا ما فيه الوعد بالثواب و الرحمة و المعنى أن قلوبهم تطمئن و تسكن إلى ذكر الله الجنة و الثواب فحذف مفعول الذكر للعلم به

 و روي عن العباس بن   عبد المطلب أن النبي ص قال إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه ذنوبه كما تتحات عن الشجرة اليابسة ورقها

و قال قتادة هذا نعت لأولياء الله نعتهم الله بأن تقشعر جلودهم و تطمئن قلوبهم إلى ذكر الله و لم ينعتهم بذهاب عقولهم و الغشيان عليهم إنما ذلك في أهل البدع و هو من الشيطان. تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ أي يتشققن من عظمة الله

 و روى علي بن إبراهيم عن الباقر ع أي يتصدعن

 مِنْ فَوْقِهِنَّ أي من جهتهن الفوقانية أو من فوق الأرضين لِمَنْ فِي الْأَرْضِ قال للمؤمنين من الشيعة التوابين خاصة و لفظ الآية عام و المعنى خاص

 و في الجوامع عن الصادق ع وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ من المؤمنين

 قَرِيبٌ أي إتيانها يستعجل بها أي استهزاء مُشْفِقُونَ مِنْها أي خائفون منها مع اعتناء بها لتوقع الثواب وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ الكائن لا محالة. الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ و هو أن لا ينصر رسوله و المؤمنين عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ أي دائرة ما يظنونه و يتربصونه بالمؤمنين لا يتخطاهم. مَنْ يَخافُ وَعِيدِ فإنه لا ينتفع به غيره. آيَةً أي علامة للذين يخافون فإنهم المعتبرون بها مُشْفِقِينَ قال علي بن إبراهيم أي خائفين من العذاب فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا بالرحمة عَذابَ السَّمُومِ أي عذاب النار النافذة في المسام نفوذ السموم و قال علي بن إبراهيم   السموم الحر الشديد. سَنَفْرُغُ لَكُمْ قيل أي سنتجرد لحسابكم و جزائكم و ذلك يوم القيامة فإنه ينتهي يومئذ شئون الخلق كلها فلا يبقى إلا شأن واحد و هو الجزاء فجعل ذلك فراغا على سبيل التمثيل و قيل تهديد مستعار من قولك لمن تهدده سأفرغ لك فإن المتجرد للشي‏ء كان أقوى عليه و أجد فيه و الثقلان الجن و الإنس إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا أي إن قدرتم أن تخرجوا من جوانب السماوات و الأرض هاربين من الله فارين من قضائه فَانْفُذُوا فاخرجوا لا تَنْفُذُونَ أي لا تقدرون على النفوذ إِلَّا بِسُلْطانٍ قيل أي إلا بقوة و قهر و أنى لكم ذلك أو إن قدرتم أن تنفذوا لتعلموا ما في السماوات و الأرض فانفذوا لتعلموا لكن لا تنفذون و لا تعلمون إلا ببينة نصبها الله فتعرجون عليها بأفكاركم. و أقول قد مرت الأخبار في ذلك في كتاب المعاد. وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ قال البيضاوي أي موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب أو قيامه على أحواله من قام عليه إذا راقبه أو مقام الخائف عند ربه للحساب بأحد المعنيين فأضاف إلى الرب تفخيما و تهويلا أو ربه و مقام مقحم للمبالغة جَنَّتانِ جنة للخائف الإنسي و الأخرى للخائف الجني فإن الخطاب للفريقين و المعنى لكل خائفين منكما أو لكل واحد جنة لعقيدته و أخرى لعمله أو جنة لفعل الطاعات و أخرى لترك المعاصي أو جنة يثاب بها و أخرى يتفضل بها عليه أو روحانية و جسمانية. لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ الآية في المجمع تقديره لو كان   الجبل مما ينزل عليه القرآن و يشعر به مع غلظة و جفاء طبعه و كبر جسمه لخشع لمنزله و انصدع من خشيته تعظيما لشأنه فالإنسان أحق بهذا لو عقل الأحكام التي فيه و قيل معناه لو كان الكلام ببلاغته يصدع الجبل لكان هذا القرآن يصدعه و قيل إن المراد ما يقتضيه الظاهر بدلالة قوله وَ إِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ و هذا وصف للكافر بالقسوة حيث لم يلن قلبه بمواعظ القرآن الذي لو نزل على جبل لتخشع و يدل على أن هذا تمثيل قوله و تِلْكَ الْأَمْثالُ إلخ. بِالْغَيْبِ أي يخافون عذابه غائبا عنهم لم يعاينوه بعد أو غائبين عنه أو عن أعين الناس أو بالمخفي فيهم و هو قلوبهم لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لذنوبهم و أَجْرٌ كَبِيرٌ يصغر دونه لذائذ الدنيا أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ يعني الملائكة الموكلين على تدبير هذا العالم أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فيغيبكم فيها كما فعل بقارون فَإِذا هِيَ تَمُورُ أي تضطرب أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً أي يمطر عليكم حصباء فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ أي كيف إنذاري إذا شاهدتم المنذر به و لكن لا ينفعكم العلم حينئذ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ أي إنكاري عليهم بإنزال العذاب و هو تسلية للرسول ص و تهديد لقومه صافَّاتٍ أي باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها فإنهن إذا بسطتها صففن قوادمها وَ يَقْبِضْنَ أي و إذا ضربن بها جنوبهن وقتا بعد وقت للاستعانة به على التحريك ما يُمْسِكُهُنَّ في الجو على خلاف الطبع إِلَّا الرَّحْمنُ الواسع رحمته كل شي‏ء إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ بَصِيرٌ يعلم كيف ينبغي أن يخلقه. أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يعني أ و لم تنظروا في أمثال هذه الصنائع فتعلموا قدرتنا على تعذيبكم بنحو خسف و إرسال حاصب أم هذا الذي تعبدونه من دون الله لكم جند ينصركم من دون الله أن يرسل عليكم عذابه فهو

    كقوله أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا و فيه إشعار بأنهم اعتقدوا القسم الثاني حيث أخرج مخرج الاستفهام عن تعيين من ينصرهم إِلَّا فِي غُرُورٍ أي لا معتمد لهم إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ أي بإمساك المطر و سائر الأسباب المحصلة و الموصلة له إليكم بَلْ لَجُّوا أي تمادوا فِي عُتُوٍّ أي عناد وَ نُفُورٍ أي شراد عن الحق لتنفر طباعهم عنه. مُشْفِقُونَ أي خائفون على أنفسهم إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ اعتراض يدل على أنه لا ينبغي لأحد أن يأمن من عذاب الله و إن بالغ في طاعته. لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً قال البيضاوي أي لا تأملون له توقيرا أي تعظيما لمن عبده و أطاعه فتكونون على حال تأملون فيها تعظيمه إياكم أو لا تعتقدون له عظمة فتخافوا عصيانه و إنما عبر عن الاعتقاد التابع لأدنى الظن مبالغة وَ قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً حال مقدرة للإنكار من حيث إنها موجبة للرجاء فإن خلقهم أطوارا أي تارات إذ خلقهم أولا عناصر ثم مركبات تغذي الإنسان ثم أخلاطا ثم نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما و لحوما ثم أنشأهم خلقا آخر يدل على أنه يمكن أن يعيدهم تارة أخرى فيعظمهم بالثواب و على أنه تعالى عظيم القدرة تام الحكمة.

 و قال علي بن إبراهيم في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً يقول لا تخافون لله عظمة

و قال علي بن إبراهيم في قوله وَ قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً قال على اختلاف الأهواء و الإرادات و المشيات كَلَّا قيل ردع عن اقتراحهم الآيات بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ فلذلك   أعرضوا عن التذكرة هُوَ أَهْلُ التَّقْوى أي حقيق بأن يتقى عقابه وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ أي حقيق بأن يغفر عباده

 و في التوحيد عن الصادق ع في هذه الآية قال قال تعالى أنا أهل أن أتقى و لا يشرك بي عبدي شيئا و أنا أهل إن لم يشرك بي أن أدخله الجنة

 كانَ شَرُّهُ قيل أي شدائده مُسْتَطِيراً أي فاشيا منتشرا غاية الانتشار و فيه إشعار بحسن عقيدتهم و اجتنابهم عن المعاصي و في المجالس للصدوق عن الباقر ع يقول كلوحا عابسا و قال علي بن إبراهيم المستطير العظيم يَوْماً أي عذاب يوم عَبُوساً أي يعبس فيه الوجوه أو يشبه الأسد العبوس في ضراوته و قَمْطَرِيراً شديد العبوس كالذي يجمع ما بين عينيه و قال علي بن إبراهيم القمطرير الشديد وَ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً عن الباقر ع نضرة في الوجوه و سرورا في القلوب وَ شَدَدْنا أَسْرَهُمْ أي و أحكمنا ربط مفاصلهم بالأعصاب و قال علي بن إبراهيم أي خلقهم بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلًا أي أهلكنا و بدلنا أمثالهم في الخلقة و شدة الأسر يعني النشأة الآخرة أو المراد تبديلهم بغيرهم ممن يطيع في الدنيا فِي رَحْمَتِهِ بالهداية و التوفيق للطاعة و في الكافي عن الكاظم ع في ولايتنا. وَ أَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ قيل أي و أرشدك إلى معرفته فَتَخْشى بأداء الواجبات و ترك المحرمات إذ الخشية إنما تكون بعد المعرفة لِمَنْ يَخْشى لمن كان شأنه الخشية مَقامَ رَبِّهِ أي مقامه بين يديه لعلمه بالمبدإ و المعاد وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى لعلمه بأن الهوى يرديه قال علي بن إبراهيم هو العبد إذا وقف   على معصية الله و قدر عليها ثم تركها مخافة الله و نهى النفس عنها فمكافاته الجنة. عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَ أَخَّرَتْ أي من خير و شر و قيل و ما أخرت من سنة حسنة استن بها بعده أو سنة سيئة استن بها بعده ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ أي أي شي‏ء خدعك و جرأك على عصيانه قيل ذكر الكريم للمبالغة في المنع عن الاغترار و الإشعار بما به يغره الشيطان فإنه يقول افعل ما شئت فإن ربك كريم لا يعذب أحدا و قيل إنما قال سبحانه الْكَرِيمِ دون سائر أسمائه و صفاته لأنه كأنه لقنه الجواب حتى يقول غرني كرم الكريم

 و في المجمع روي أن النبي ص لما تلا هذه الآية قال غره جهله

 فَسَوَّاكَ جعل أعضاءك سليمة مسواة معدة لمنافعها فَعَدَلَكَ جعل بنيتك معتدلة متناسبة الأعضاء فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ أي ركبك في أي صورة شاء و ما مزيدة و في المجمع عن الصادق ع قال لو شاء ركبك على غير هذه الصورة. إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ مضاعف عنفه فإن البطش أخذ بعنف وَ هُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ لمن تاب و أطاع سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى أي سيتعظ و ينتفع بها من يخشى الله وَ يَتَجَنَّبُهَا أي يتجنب الذكرى النَّارَ الْكُبْرى قال نار يوم القيامة ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها فيستريح وَ لا يَحْيى حياة تنفعه فيكون كما قال الله وَ يَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَ ما هُوَ بِمَيِّتٍ. وَ رَضُوا عَنْهُ لأنه بلغهم أقصى أمانيهم ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ فإن   الخشية ملاك الأمر و الباعث على كل خير

1-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن أحمد بن محمد عن علي بن حديد عن منصور بن يونس عن الحارث بن المغيرة أو أبيه عن أبي عبد الله ع قال قلت له ما كان في وصية لقمان قال كان فيها الأعاجيب و كان أعجب ما كان فيها أن قال لابنه خف الله عز و جل خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك و ارج الله رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك ثم قال أبو عبد الله ع كان أبي ع يقول إنه ليس من عبد مؤمن إلا في قلبه نوران نور خيفة و نور رجاء لو وزن هذا لم يزد على هذا و لو وزن هذا لم يزد على هذا

 بيان الأعاجيب جمع الأعجوبة و هي ما يعجبك حسنه أو قبحه و المراد هنا الأول و يدل على أنه ينبغي أن يكون الخوف و الرجاء كلاهما كاملين في النفس و لا تنافي بينهما فإن ملاحظة سعة رحمة الله و غنائه و جوده و لطفه على عباده سبب الرجاء و النظر إلى شدة بأس الله و بطشه و ما أوعد العاصين من عباده موجب للخوف مع أن أسباب الخوف ترجع إلى نقص العبد و تقصيره و سوء أعماله و قصوره عن الوصول إلى مراتب القرب و الوصال و انهماكه فيما يوجب الخسران و الوبال و أسباب الرجاء تئول إلى لطف الله و رحمته و عفوه و غفرانه و وفور إحسانه و كل منهما في أعلى مدارج الكمال. قال بعضهم كلما يلاقيك من مكروه و محبوب ينقسم إلى موجود في الحال و إلى موجود فيما مضى و إلى منتظر في الاستقبال فإذا خطر ببالك موجود فيما مضى سمي فكرا و تذكرا و إن كان ما خطر بقلبك موجودا في الحال سمي إدراكا و إن كان خطر ببالك وجود شي‏ء في الاستقبال و غلب ذلك على قلبك سمي انتظارا و توقعا فإن كان المنتظر مكروها حصل منه ألم في القلب سمي خوفا و إشفاقا و إن كان محبوبا حصل من انتظاره و تعلق القلب به و إخطار وجوده بالبال لذة   في القلب و ارتياح يسمى ذلك الارتياح رجاء. فالرجاء هو ارتياح القلب لانتظار ما هو محبوب و لكن ذلك المحبوب المتوقع لا بد و أن يكون له سبب فإن كان انتظاره لأجل حصول أكثر أسبابه فاسم الرجاء عليه صادق و إن كان ذلك انتظارا مع عدم تهيئ أسبابه و اضطرابها فاسم الغرور و الحمق عليه أصدق من اسم الرجاء و إن لم تكن الأسباب معلومة الوجود و لا معلومة الانتفاء فاسم التمني أصدق على انتظاره لأنه انتظار من غير سبب. و على كل حال فلا يطلق اسم الرجاء و الخوف إلا على ما يتردد فيه أما ما يقطع به فلا إذ لا يقال أرجو طلوع الشمس وقت الطلوع و أخاف غروبها وقت الغروب لأن ذلك مقطوع به نعم يقال أرجو نزول المطر و أخاف انقطاعه. و قد علم أرباب القلوب أن الدنيا مزرعة الآخرة و القلب كالأرض و الإيمان كالبذر فيه و الطاعات جارية مجرى تقليب الأرض و تطهيرها و مجرى حفر الأنهار و سياقة الماء إليها و القلب المستغرق بالدنيا كالأرض السبخة التي لا ينمو فيها البذر و يوم القيامة الحصاد و لا يحصد أحد إلا ما زرع و لا ينمو زرع إلا من بذر الإيمان و قلما ينفع إيمان مع خبث القلب و سوء أخلاقه كما لا ينبو بذر في أرض سبخة. فينبغي أن يقاس رجاء العبد للمغفرة برجاء صاحب الزرع فكل من طلب أرضا طيبة و ألقى فيها بذرا جيدا غير عفن و لا مسوس ثم أمده بما يحتاج إليه و هو سياق الماء إليه في أوقاته ثم نقى الأرض عن الشوك و الحشيش و كل ما يمنع نبات البذر أو يفسده ثم جلس منتظرا من فضل الله رفع الصواعق و الآيات المفسدة إلى أن يثمر الزرع و يبلغ غايته سمي انتظاره رجاء و إن بث البذر في أرض صلبة سبخة مرتفعة لا ينصب الماء إليها و لم يشغل بتعهد البذر أصلا ثم انتظر حصاد الزرع يسمى انتظاره حمقا و غرورا لا رجاء و إن بث البذر في أرض طيبة و لكن لا ماء لها و ينتظر مياه الأمطار حيث لا تغلب الأمطار و لا يمتنع سمي انتظاره تمنيا لا رجاء.

    فإذا اسم الرجاء إنما يصدق على انتظار محبوب تمهدت جميع أسبابه الداخلة تحت اختيار العبد و لم يبق إلا ما ليس يدخل تحت اختياره و هو فضل الله بصرف القواطع و المفسدات. فالعبد إذا بث بذر الإيمان و سقاه بماء الطاعة و طهر القلب عن شوك الأخلاق الردية و انتظر من فضل الله تثبيته على ذلك إلى الموت و حسن الخاتمة المفضية إلى المغفرة كان انتظاره رجاء حقيقيا محمودا في نفسه باعثا له على المواظبة و القيام بمقتضى الإيمان في إتمام أسباب المغفرة إلى الموت و إن انقطع عن بذر الإيمان تعهده بماء الطاعات أو ترك القلب مشحونا برذائل الأخلاق و انهمك في طلب لذات الدنيا ثم انتظر المغفرة فانتظاره حمق و غرور كما قال تعالى فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَ يَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا و إنما الرجاء بعد تأكد الأسباب و لذا قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ. و أما من ينهمك فيما يكرهه الله و لا يذم نفسه عليه و لا يعزم على التوبة و الرجوع فرجاؤه المغفرة حمق كرجاء من بث البذر في أرض سبخة و عزم أن لا يتعهدها بسقي و لا تنقية. فإذا عرفت حقيقة الرجاء و مظنته فقد عرفت أنها حالة أثمرها العلم بجريان أكثر الأسباب و هذه الحالة تثمر الجهد للقيام ببقية الأسباب على حسب الإمكان فإن من حسن بذره و طابت أرضه و غزر ماؤه صدق رجاؤه فلا يزال يحمله صدق الرجاء على تفقد الأرض و تعهده و تنقية كل حشيش ينبت فيه و لا يفتر عن تعهده أصلا إلى وقت الحصاد و هذا لأن الرجاء يضاده اليأس و اليأس يمنع من التعهد و الخوف ليس بضد للرجاء بل هو رفيق له و باعث آخر بطريق الرهبة كما أن الرجاء باعث بطريق الرغبة انتهى.   ثم ظاهر الخبر أنه لا بد أن يكون العبد دائما بين الخوف و الرجاء لا يغلب أحدهما على الآخر إذ لو رجح الرجاء لزم الأمن لا في موضعه و قال تعالى أَ فَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ و لو رجح الخوف لزم اليأس الموجب للهلاك كما قال سبحانه لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ. و قيل يستحب أن يغلب في حالة الصحة الخوف فإذا انقضى الأجل يستحب أن يغلب الرجاء ليلقى الله على حالة هي أحب إليه إذ هو سبحانه الرحمن الرحيم و يحب الرجاء. و قيل ثمرة الخوف الكف عن المعاصي فعند دنو الأجل زالت تلك الثمرة فينبغي غلبة الرجاء و قال بعضهم الخوف ليس من الفضائل و الكمالات العقلية في النشأة الآخرة و إنما هو من الأمور النافعة للنفس في الهرب عن المعاصي و فعل الطاعات ما دامت في دار العمل و أما عند انقضاء الأجل و الخروج من الدنيا فلا فائدة فيه و أما الرجاء فإنه باق أبدا إلى يوم القيامة لا ينقطع لأنه كلما نال العبد من رحمة الله أكثر كان ازدياد طمعه فيما عند الله أعظم و أشد لأن خزائن جوده و خيره و رحمته غير متناهية لا تبيد و لا تنقص فثبت أن الخوف منقطع و الرجاء أبدا لا ينقطع انتهى. و الحق أن العبد ما دام في دار التكليف لا بد له من الخوف و الرجاء و بعد مشاهدة أمور الآخرة يغلب عليه أحدهما لا محالة بحسب ما يشاهده من أحوالها

2-  كا، ]الكافي[ محمد بن الحسن عن سهل بن زياد عن يحيى بن المبارك عن عبد الله بن جبلة عن إسحاق بن عمار قال قال أبو عبد الله ع يا إسحاق خف الله كأنك تراه و إن كنت لا تراه فإنه يراك و إن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت و إن كنت تعلم أنه يراك ثم برزت له بالمعصية فقد جعلته من أهون الناظرين   عليك

 توضيح اعلم أن الرؤية تطلق على الرؤية بالبصر و على الرؤية القلبية و هي كناية عن غاية الانكشاف و الظهور و المعنى الأول هنا أنسب أي خف الله خوف من يشاهده بعينه و إن كان محالا و يحتمل الثاني أيضا فإن المخاطب لما لم يكن من أهل الرؤية القلبية و لم يرتق إلى تلك الدرجة العلية فإنها مخصوصة بالأنبياء و الأوصياء ع قال كأنك تراه و هذه مرتبة عين اليقين و أعلى مراتب السالكين. و قوله فإن لم تكن تراه أي إن لم تحصل لك هذه المرتبة من الانكشاف و العيان فكن بحيث تتذكر دائما أنه يراك و هذه مقام المراقبة كما قال تعالى أَ فَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً و المراقبة مراعاة القلب للرقيب و اشتغاله به و المثمر لها هو تذكر أن الله تعالى مطلع على كل نفس بما كسبت و أنه سبحانه عالم بسرائر القلوب و خطراتها فإذا استقر هذا العلم في القلب جذبه إلى مراقبة الله سبحانه دائما و ترك معاصيه خوفا و حياء و المواظبة على طاعته و خدمته دائما. و قوله و إن كنت ترى تعليم لطريق جعل المراقبة ملكة للنفس فتصير سببا لترك المعاصي و الحق أن هذه شبهة عظيمة للحكم بكفر أرباب المعاصي و لا يمكن التفصي عنها إلا بالاتكال على عفوه و كرمه سبحانه و من هنا يظهر أنه لا يجتمع الإيمان الحقيقي مع الإصرار على المعاصي كما مرت الإشارة إليه. ثم برزت له بالمعصية أي أظهرت له المعصية أو من البراز للمقاتلة كأنك عاديته و حاربته و عليك متعلق بأهون

3-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن حمزة بن عبد الله الجعفري   عن جميل بن دراج عن أبي حمزة قال قال أبو عبد الله ع من عرف الله خاف الله و من خاف الله سخت نفسه عن الدنيا

 بيان يقال سخي عن الشي‏ء يسخى من باب تعب ترك و يدل على أن الخوف من الله لازم لمعرفته كما قال تعالى إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ و ذلك لأن من عرف عظمته و غلبته على جميع الأشياء و قدرته على جميع الممكنات بالإيجاد و الإفناء خاف منه و أيضا من علم احتياجه إليه في وجوده و بقائه و سائر كمالاته في جميع أحواله خاف سلب ذلك منه و معلوم أن الخوف من الله سبب لترك ملاذ الدنيا و شهواتها الموجبة لسخط الله

4-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن ابن أبي نجران عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال قلت له قوم يعملون بالمعاصي و يقولون نرجو فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم الموت فقال هؤلاء قوم يترجحون في الأماني كذبوا ليسوا براجين إن من رجا شيئا طلبه و من خاف من شي‏ء هرب منه

 و رواه علي بن محمد رفعه قال قلت لأبي عبد الله ع إن قوما من مواليك يلمون بالمعاصي و يقولون نرجو فقال كذبوا ليسوا لنا بموال أولئك قوم ترجحت بهم الأماني من رجا شيئا عمل له و من خاف من شي‏ء هرب منه

 بيان و يقولون نرجو أي رحمة الله و غفرانه حتى يأتيهم الموت أي بلا توبة و لا تدارك و الترجح تذبذب الشي‏ء المعلق في الهواء و التميل من جانب إلى جانب و ترجحت به الأرجوحة مالت و هي حبل يعلق و يركبه الصبيان فكأنه ع شبه أمانيهم بأرجوحة يركبه الصبيان يتحرك بأدنى نسيم و حركة فكذا هؤلاء يميلون بسبب الأماني من الخوف إلى الرجاء بأدنى وهم و في يحتمل الظرفية و السببية و كونه بمعنى على و لما كان الخوف و الرجاء متلازمين ذكر الخوف أيضا فإن الرجاء كل شي‏ء مستلزم للخوف من فواته و في   القاموس ألم باشر اللمم و به نزل كلم و اللمم صغار الذنوب. ليسوا لنا بموال لأن الموالاة ليست مجرد القول بل هي اعتقاد و محبة في الباطن و متابعة و موافقة في الظاهر لا ينفك أحدهما عن الآخر

 و روي في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين ع أنه قال بعد كلام طويل لمدع كاذب إنه يرجو الله يدعي أنه يرجو الله كذب و الله العظيم ما باله لا يتبين رجاؤه في عمله و كل من رجا عرف رجاؤه في عمله إلا رجاء الله فإنه مدخول و كل خوف محقق إلا خوف الله فإنه معلول يرجو الله في الكبير و يرجو العباد في الصغير فيعطي العبد ما لا يعطي الرب فما بال الله جل ثناؤه يقصر به عما يصنع لعباده أ لا تخاف أن تكون في رجائك له كاذبا أو تكون لا تراه للرجاء موضعا و كذلك إن هو خاف عبدا من عبيده أعطاه من خوفه ما لا يعطي ربه فجعل خوفه من العباد نقدا و خوفه من خالقه ضمارا و وعدا

و قال ابن ميثم في شرح هذا الكلام المدخول الذي فيه شبهة و ريبة و المعلول الغير الخالص و الضمار الذي لا يرجى من الموعود. قال و بيان الدليل أن كل من رجا أمرا من سلطان أو غيره فإنه يخدمه الخدمة التامة و يبالغ في طلب رضاه و يكون عمله له بقدر قوة رجائه له و خلوصه و يرى هذا المدعي للرجاء غير عامل فيستدل بتقصيره في الأعمال الدينية على عدم رجائه الخالص في الله و كذلك كل خوف محقق إلا خوف الله فإنه معلول توبيخ للسامعين في رجائه مع تقصيرهم في الأعمال الدينية انتهى. و الحاصل أن الأحاديث الواردة في سعة عفو الله سبحانه و جزيل رحمته و وفور مغفرته كثيرة جدا و لكن لا بد لمن يرجوها و يتوقعها من العمل الخالص المعد لحصولها و ترك الانهماك في المعاصي المفوت لهذا الاستعداد كما عرفت   في التمثيل بالبارزين سابقا. فاحذر أن يغرك الشيطان و يثبطك عن العمل و يقنعك بمحض الرجاء و الأمل و انظر إلى حال الأنبياء و الأولياء و اجتهادهم في الطاعة و صرفهم العمر في العبادات ليلا و نهارا أ ما كانوا يرجون عفو الله و رحمته بلى و الله إنهم كانوا أعلم بسعة رحمته و أرجى لها منك و من كل أحد و لكن علموا أن رجاء الرحمة من دون العمل غرور محض و سفه بحت فصرفوا في العبادات أعمارهم و قصروا على الطاعة ليلهم و نهارهم

5-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن بعض أصحابه عن صالح بن حمزة رفعه قال قال أبو عبد الله ع إن من العباد شدة الخوف من الله عز و جل إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ و قال جل ثناؤه فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَ اخْشَوْنِ و قال تبارك و تعالى وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً قال و قال أبو عبد الله ع إن حب الشرف و الذكر لا يكونان في قلب الخائف الراهب

 بيان إن من العبادة أي من أعظم أسبابها أو هي بنفسها عبادة أمر الله بها كما سيأتي و الخوف مبدؤه تصور عظمة الخالق و وعيده و أهوال الآخرة و التصديق بها و بحسب قوة ذلك التصور و هذا التصديق يكون قوة الخوف و شدته و هي مطلوبة ما لم تبلغ حد القنوط. إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ هم الذين علموا عظمة الله و جلاله و عزه و قهره و جوده و فضله علما يقينيا يورث العمل و معاينة أحوال الآخرة و أهوالها كما مر.   و قال المحقق الطوسي قدس سره في أوصاف الأشراف ما حاصله أن الخوف و الخشية و إن كانا بمعنى واحد في اللغة إلا أن بينهما فرقا بين أرباب القلوب و هو أن الخوف تألم النفس من المكروه المنتظر و العقاب المتوقع بسبب احتمال فعل المنهيات و ترك الطاعات و هو يحصل لأكثر الخلق و إن كانت مراتبه متفاوتة جدا و المرتبة العليا منه لا تحصل إلا للقليل و الخشية حالة نفسانية تنشأ عن الشعور بعظمة الرب و هيبته و خوف الحجب عنه و هذه الحالة لا تحصل إلا لمن اطلع على جلال الكبرياء و ذاق لذة القرب و لذلك قال سبحانه إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ و الخشية خوف خاص و قد يطلقون عليها الخوف أيضا انتهى. وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً التقوى على مراتب أولها التبري عن الشرك و ما يوجب الخلود في النار و ثانيها التجنب عما يؤثم و الاتقاء عن العذاب مطلقا و ثالثها التنزه عما يشغل القلب عن الحق و بناء الكل على الخوف من العقوبة و البعد عن الحق. و لعل المراد هنا إحدى الأخيرتين أي وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ خوفا منه يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً من شدائد الدنيا و الآخرة كما روي عن ابن عباس أو من ضيق المعاش كما يشعر به قوله تعالى وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ قيل و كأن السر في الأول أن شدائد الدارين من الحرص على الدنيا و اقتراف الذنوب و الغفلة عن الحق و المتقي منزه عن جميع ذلك و في الثاني أن فيضه تعالى و جوده عام لا بخل فيه و إنما المانع من قبول فيضه هو بعد العبد عنه و عدم استعداده له بالذنوب فإذا اتقى منها قرب منه تعالى و استحق قبول فيضه بلا تعب و لا كلفة فيجمع بذلك خير الدنيا و الآخرة. إن حب الشرف و الذكر أي حب الجاه و الرئاسة و العزة في الناس و حب الذكر و المدح و الثناء منهم و الشهرة فيهم لا يكونان في قلب الخائف الراهب لأن حبهما من آثار الميل إلى الدنيا و أهلها و الخائف الراهب منزه   عنه و أيضا حبهما من الأمراض النفسانية المهلكة و الخوف و الرهبة ينزهان النفس عنها و ذكر الراهب بعد الخائف من قبيل ذكر الخاص بعد العام إذ الرهبة بمعنى الخشية و هي أخص من الخوف

6-  كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن البرقي عن الحسن بن الحسين عن محمد بن سنان عن أبي سعيد المكاري عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين ع قال إن رجلا ركب البحر بأهله فكسر بهم فلم ينج ممن كان في السفينة إلا امرأة الرجل فإنها نجت على لوح من ألواح السفينة حتى ألجئت إلى جزيرة من جزائر البحر و كان في تلك الجزيرة رجل يقطع الطريق و لم يدع لله حرمة إلا انتهكها فلم يعلم إلا و المرأة قائمة على رأسه فرفع رأسه إليها فقال إنسية أم جنية فقالت إنسية فلم يكلمها كلمة حتى جلس منها مجلس الرجل من أهله فلما أن هم بها اضطربت فقال لها ما لك تضطربين فقالت افرق من هذا و أومأت بيدها إلى السماء قال فصنعت من هذا شيئا قالت لا و عزته قال فأنت تفرقين منه هذا الفرق و لم تصنعي من هذا شيئا و إنما استكرهتك استكراها فأنا و الله أولى بهذا الفرق و الخوف و أحق منك قال فقام و لم يحدث شيئا و رجع إلى أهله و ليس له همة إلا التوبة و المراجعة فبينما هو يمشي إذ صادفه راهب يمشي في الطريق فحميت عليهما الشمس فقال الراهب للشاب ادع الله يظلنا بغمامة فقد حميت علينا الشمس فقال الشاب ما أعلم أن لي عند ربي حسنة فأتجاسر على أن أسأله شيئا قال فأدعو أنا و تؤمن أنت قال نعم فأقبل الراهب يدعو و الشاب يؤمن فما كان بأسرع من أن أظلتهما غمامة فمشيا تحتها مليا من النهار ثم انفرقت الجادة جادتين فأخذ الشاب في واحدة و أخذ الراهب في واحدة فإذا السحاب مع الشاب فقال الراهب أنت خير مني لك استجيب و لم يستجب لي فخبرني ما قصتك فأخبره بخبر المرأة فقال غفر لك ما مضى حيث دخلت الخوف فانظر كيف تكون فيما تستقبل

    توضيح ركب البحر البحر مفعول به أو مفعول فيه أي ركب السفينة في البحر و قيل أراد بالبحر السفينة من قبيل تسمية الحال باسم المحل بقرينة رجوع الضمير المستتر في قوله فكسر إليه و الباء في بأهله بمعنى مع و انتهاك الحرمة تناولها بما لا يحل و الحرمة بالضم ما لا يحل انتهاكه فلم يعلم أي تلك الواقعة إلا في حالة كانت المرأة قائمة على رأسها مجلس الرجل أي وقت الجماع و يقال فرق كتعب أي خاف و المصدر الفرق بالتحريك و صادفه وجده و لقيه و حمي الشمس كرضي اشتد حرها و تجاسر عليه اجترأ و تؤمن على بناء التفعيل أي تقول آمين. فما كان أي شي‏ء أسرع من تظليل الغمامة و في النهاية الملي طائفة من الزمان لا حد لها يقال مضى ملي من النهار و ملي من الدهر أي طائفة منه و يدل على أن ترك كبيرة واحدة مع القدرة عليها خوفا من الله و خالصا لوجهه موجب لغفران الذنوب كلها و لو كان حق الناس لأن الرجل كان يقطع الطريق مع احتمال أن تكون المغفرة للخوف مع التوبة إلى الله و المراجعة إلى الناس في حقوقهم كما يفهم من قوله و ليس له همة إلا التوبة و المراجعة

7-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن البرقي عن علي بن النعمان عن حمزة بن حمران قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن مما حفظ من خطب النبي ص أنه قال أيها الناس إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم و إن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم ألا إن المؤمن يعمل بين مخافتين بين أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه و بين أجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه فليأخذ العبد المؤمن من نفسه لنفسه و من دنياه لآخرته و في الشبيبة قبل الكبر و في الحياة قبل الممات فو الله الذي نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من مستعتب و ما بعدها من دار إلا الجنة و النار

 تبيين إن لكم معالم في القاموس معلم الشي‏ء كمقعد مظنته و ما يستدل به و في الصحاح المعلم الأثر يستدل به على الطريق و المراد هنا إما الآيات   القرآنية لا سيما الآيات الدالة على إمامة أئمة الدين و وجوب متابعتهم أو كل ما يعلم منه حكم من أحكام الدين أصولا و فروعا من الكتاب و السنة بل البراهين القاطعة العقلية أيضا و يمكن شموله لكل ما يعتبر به من آيات الله في الآفاق و الأنفس أو المراد بها أئمة الدين ع فإنهم معالم الحلال و الحرام و الحكم و الأحكام كما مر في الأخبار و النهاية بالكسر الغاية التي ينتهي إليها و المراد هنا إما الإمام بقرينة الإفراد إذ ليس في كل عصر إلا إمام واحد أو المراد نهاية كل شخص في القرب و الكمال بحسب استعداده و قابليته و قيل المستقر في الجنة و القرار دار القرار و قيل المراد به الأجل الموعود و هو بعيد. قوله بين أجل قد مضى المراد بالأجل هنا العمر و قيل دل هذا على أن الخوف يطلق بالنسبة إلى ما مضى و لا يخفى وهنه لأن الخوف ليس من الأجل بل من العقوبة المترتبة على ما عمل في ما مضى من العمر فالخوف من المستقبل بل المعنى يعمل بين سبب مخافتين و قوله لا يدري ما الله قاض فيه شامل للمصائب الدينية و الدنيوية معا فليأخذ العبد من نفسه لنفسه يعني ليجتهد في الطاعة و العبادة و يروض نفسه بالأعمال الصالحة في أيام قلائل لراحة الأبد و النعيم المخلد و من دنياه لآخرته بأن ينفق ما حصله في دنياه لتحصيل آخرته. و في الشبيبة قبل الكبر كذا في بعض النسخ الشبيبة بالباءين كسفينة قال الجوهري الشباب الحداثة و كذلك الشبيبة و هو خلاف الشيب و في بعض النسخ و في الشيبة و هي كبر السن و ابيضاض الشعر. و على الأول و هو الأظهر المعنى و ليعمل في سن الشباب قبل سن الشيخوخة لأنه قد لا يصل إلى الكبر و إن وصل فالعمل في الحالتين أفضل من العمل في حالة واحدة مع أن المرء في الشباب أقوى على العمل منه في المشيب و إذا صار العمل ملكة في الشباب تصير سببا لسهولة العمل عليه في المشيب و أيضا إذا أقبل   على الطاعات في شبابه لا يتكدر و لا يرين مرآة قلبه بالفسوق و المعاصي و إذا أقبل على المعاصي و ران قلبه بها قلما ينفك عنها و لو تركها قلما تصفو نفسه من كدوراتها. و على الثاني المراد بالكبر سن الهرم و الزمن أي ينبغي أن يغتنم أوائل الشيخوخة للطاعة قبل تعطل القوى و ذهاب العقل فيكون قريبا من الفقرة الآتية و في الحياة قبل الممات أي ينبغي أن يغتنم كل جزء من الحياة و لا يسوف العمل لاحتمال انقطاع الحياة بعده و المستعتب إما مصدر أو اسم مكان و الاستعتاب الاسترضاء قال في النهاية أعتبني فلان إذا عاد إلى مسرتي و استعتب طلب أن يرضى عنه كما يقول استرضيته فأرضاني و المعتب المرضي و منه الحديث لا يتمنين أحدكم الموت أما محسنا فلعله يزداد و أما مسيئا فلعله يستعتب أي يرجع عن الإساءة و يطلب الرضا و منه الحديث و لا بعد الموت من مستعتب أي ليس بعد الموت من استرضاء لأن الأعمال بطلت و انقضى زمانها و ما بعد الموت دار جزاء لا دار عمل و العتبى الرجوع عن الذنب و الإساءة

8-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن داود الرقي عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ قال من علم أن الله يراه و يسمع ما يقول و يفعله و يعلم ما يعمله من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال فذلك الذي خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى

 بيان قوله فذلك الذي إشارة إلى تفسير آية أخرى تنبيها على تقارب مضمون الآيتين و اتحاد الموصول في الموضعين و أن نهي النفس عن الهوى مراد في تلك الآية أيضا فإن الخوف بدون ترك المعاصي ليس بخوف حقيقة و وحدة الجنة فيها لا تنافي التثنية في الأخرى لأن المراد بها الجنس و أشار ع إلى أن الخوف   تابع للعلم كما قال سبحانه إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ

9-  كا، ]الكافي[ عن محمد عن أحمد عن ابن سنان عن ابن مسكان عن الحسن بن أبي سارة قال سمعت أبا عبد الله ع يقول لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا و لا يكون خائفا راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف و يرجو

10-  كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن فضيل بن عثمان عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله ع قال المؤمن بين مخافتين ذنب قد مضى لا يدري ما صنع الله فيه و عمر قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه من المهالك فهو لا يصبح إلا خائفا و لا يصلحه إلا الخوف

11-  سن، ]المحاسن[ عن الحسن بن علي بن فضال عن أبي جميلة عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله ع في قول الله الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ قال يعملون ما عملوا من عمل و هم يعلمون أنهم يثابون عليه

12-  سن، ]المحاسن[ عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال يعملون و يعلمون أنهم سيثابون عليه

13-  الفقيه، في مناهي النبي ص من عرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة الله عز و جل حرم الله عليه النار و آمنه من الفزع الأكبر و أنجز له ما وعده في كتابه في قوله عز و جل وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ

14-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن جميل بن صالح عن بريد بن معاوية عن أبي جعفر ع قال وجدنا في كتاب علي ع أن رسول الله ص قال و هو على منبره و الذي لا إله إلا هو ما أعطي مؤمن   قط خير الدنيا و الآخرة إلا بحسن ظنه بالله و رجائه له و حسن خلقه و الكف عن اغتياب المؤمنين و الذي لا إله إلا هو لا يعذب الله مؤمنا بعد التوبة و الاستغفار إلا بسوء ظنه بالله و تقصير من رجائه و سوء خلقه و اغتيابه للمؤمنين و الذي لا إله إلا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده المؤمن لأن الله كريم بيده الخيرات يستحيي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن ثم يخلف ظنه و رجاه فأحسنوا بالله الظن و ارغبوا إليه

 بيان قوله ع إلا بحسن ظنه قيل معناه حسن ظنه بالغفران إذا ظنه حين يستغفر و بالقبول إذا ظنه حين يتوب و بالإجابة إذا ظنه حين يدعو و بالكفاية إذا ظنها حين يستكفي لأن هذه صفات لا تظهر إلا إذا حسن ظنه بالله تعالى و كذلك تحسين الظن بقبول العمل عند فعله إياه فينبغي للمستغفر و التائب و الداعي و العامل أن يأتوا بذلك موقنين بالإجابة بوعد الله الصادق فإن الله تعالى وعد بقبول التوبة الصادقة و الأعمال الصالحة و أما لو فعل هذه الأشياء و هو يظن أن لا يقبل و لا ينفعه فذلك قنوط من رحمة الله تعالى و القنوط كبيرة مهلكة و أما ظن المغفرة مع الإصرار و ظن الثواب مع ترك الأعمال فذلك جهل و غرور يجر إلى مذهب المرجئة و الظن هو ترجيح أحد الجانبين بسبب يقتضي الترجيح فإذا خلا عن سبب فإنما هو غرور و تمن للمحال

15-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن ابن بزيع عن الرضا ع قال أحسن الظن بالله فإن الله عز و جل يقول أنا عند حسن ظن عبدي المؤمن بي إن خيرا فخيرا و إن شرا فشرا

 بيان أنا عند حسن ظن عبدي أقول هذا الخبر مروي من طريق العامة أيضا و قال الخطابي معناه أنا عند ظن عبدي في حسن عمله و سوء عمله لأن من حسن عمله حسن ظنه و من ساء عمله ساء ظنه

    -16  كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن الجوهري عن المنقري عن سفيان بن عيينة قال سمعت أبا عبد الله ع يقول حسن الظن بالله أن لا ترجو إلا الله و لا تخاف إلا ذنبك

 بيان فيه إشارة إلى أن حسن الظن بالله ليس معناه و مقتضاه ترك العمل و الاجتراء على المعاصي اتكالا على رحمة الله بل معناه أنه مع العمل لا يتكل على عمله و إنما يرجو قبوله من فضة و كرمه و يكون خوفه من ذنبه و قصور عمله لا من ربه فحسن الظن لا ينافي الخوف بل لا بد من الخوف و ضمه مع الرجاء و حسن الظن كما مر

17-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن الهيثم بن أبي مسروق عن يزيد بن إسحاق شعر عن الحسين بن عطية عن أبي عبد الله ع قال المكارم عشر فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن فإنها تكون في الرجل و لا تكون في ولده و تكون في الولد و لا تكون في أبيه و تكون في العبد و لا تكون في الحر قيل و ما هن قال صدق البأس و صدق اللسان و أداء الأمانة و صلة الرحم و إقراء الضيف و إطعام السائل و المكافاة على الصنائع و التذمم للجار و التذمم للصاحب و رأسهن الحياء

    تبيين في القاموس الكرم محركة ضد اللؤم كرم بضم الراء كرامة فهو كريم و مكرمة و أكرمه و كرمه عظمه و نزهه و الكريم الصفوح و المكرم و المكرمة بضم رائهما فعل الكرم و أرض مكرمة كريمة طيبة انتهى و المكارم جمع المكرمة أي الأخلاق و الأعمال الكريمة الشريفة التي توجب كرم المرء و شرافته فإن استطعت يدل على أن تحصيل تلك الصفات أو كمالها لا يتيسر لكل أحد فإنها من العنايات الربانية و المواهب السبحانية التابعة للطينات الحسنة الطيبة و بين ع بقوله فإنها تكون في الرجل و لا تكون في ولده مع شدة المناسبة و الخلطة و المعاشرة بينهما و كذا العكس و لا مدخل للشرافة النسبية في ذلك و لا الكرامة الدنيوية و بين ع ذلك بقوله و تكون في العبد إلخ. فإن قيل إذا كانت هذه الصفات من المواهب الربانية فلا اختيار للعباد فيها فلا يتصور التكليف بها و المذمة على تركها قلت يمكن أن يجاب عنه بوجهين الأول أن يكون المراد بالاستطاعة سهولة التحصيل لا القدرة و الاختيار و تكون العناية الإلهية سببا لسهولة الأمر لا التمكن منه الثاني أن تكون الاستطاعة في المستحبات كإقراء الضيف و إطعام السائل و التذمم و الحياء لا في الواجبات كصدق اللسان و أداء الأمانة. قوله ع صدق البأس في بعض نسخ الكتاب و مجالس الشيخ و غيره بالياء المثناة التحتانية و في بعضها بالباء الموحدة فعلى الأول المراد به اليأس عما في أيدي الناس و قصر النظر على فضله تعالى و لطفه و المراد بصدقه عدم كونه بمحض الدعوى من غير ظهور آثاره إذ قد يطلق الصدق في غير الكلام من أفعال الجوارح فيقال صدق في القتال إذا وفى حقه و فعل على ما يجب و كما يجب و كذب في القتال إذا كان بخلاف ذلك و قد يطلق على مطلق الحسن نحو قوله تعالى مَقْعَدِ صِدْقٍ و قَدَمَ صِدْقٍ و على الثاني المراد بالبأس إما الشجاعة و شدة في الحرب و غيره أي الشجاعة   الحسنة الصادقة في الجهاد في سبيل الله و إظهار الحق و النهي عن المنكر. أو من البؤس و الفقر كما قيل أريد بصدق البأس موافقة خشوع ظاهره و إخباته لخشوع باطنه و إخباته لا يرى التخشع في الظاهر أكثر مما في باطنه انتهى و هو بعيد عن اللفظ إذ الظاهر حينئذ البؤس بالضم و هو خلاف المضبوط من الرسم قال في القاموس البأس العذاب و الشدة في الحرب بؤس ككرم بأسا فهو بئيس شجاع و بئس كسمع بؤسا اشتدت حاجته و التباؤس التفاقر و أن يرى تخشع الفقراء إخباتا و تضرعا انتهى و كأنه أخذه من المعنى الأخير و لا يخفى ما فيه. و قال بعضهم صدق البأس أي الخوف أو الخضوع أو الشدة و الفقر و منه البائس الفقير أو القوة و صدق الخوف من المعصية بأن يتركها و من التقصير في العمل بأن يسعى في كماله و من عدم الوصول إلى درجة الأبرار بأن يسعى في اكتساب الخيرات و صدق الخضوع بأن يخضع لله لا لغيره و صدق الفقر بأن يترك عن نفسه هواها و متمنياتها و صدق القوة بأن يصرفها في الطاعات انتهى و في أكثرها تكلف مستغنى عنه. و أداء الأمانة الأمانة ضد الخيانة و ما يؤتمن عليه و كأنها تعم المال و العرض و السر و غيرها من حقوق الله و حقوق النبي و الأئمة ع و سائر الخلق كما قال تعالى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها و قد فسرت الأمانة في هذه الآية و غيرها بالودائع و التكاليف و الإمامة و الخلافة في أخبار كثيرة مر بعضها و في النهاية قد تكرر في الحديث ذكر صلة الرحم و هي كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب و الأصهار و التعطف عليهم و الرفق بهم و الرعاية لأحوالهم و كذلك إن بعدوا و أساءوا و قطع الرحم ضد ذلك كله يقال وصل رحمه يصلها وصلا و صلة و الهاء فيها عوض من الواو المحذوفة فكأنه بالإحسان إليهم وصل ما بينه و بينهم من علاقة القرابة و الصهر انتهى و شمولها للأصهار لا يخلو

    من نظر و إن كان حسنا. و إقراء الضيف كذا في نسخ الكتاب و غيره إلا في رواية أخرى رواها الشيخ في المجالس موافقة المضامين لهذه الرواية فإن فيها قرى الضيف و هو أظهر و أوفق لما في كتب اللغة في القاموس قرى الضيف قرى بالكسر و القصر و الفتح و المد إضافة و استقرى و اقترى و أقرى طلب ضيافة انتهى لكن قد نرى كثيرا من الأبنية مستعملة في الأخبار و العرف العام و الخاص لم يتعرض لها اللغويون و قد يقال الإفعال هنا للتعريض نحو أباع البعير. و قيل إقراء الضيف طلبه للضيافة و لم أدر من أين أخذه و كأنه أخذه من آخر كلام الفيروزآبادي و لا يخفى ما فيه و القرى و الإطعام إما مختصان بالمؤمن أو بالمسلم مطلقا كما يدل عليه بعض الأخبار و إن كان يأباه بعضها أو الأعم منه و من الكفار كما اشتهر على الألسن أكرم الضيف و لو كان كافرا أما الحربي فالظاهر العدم ثم هنا يتفاوتان في الفضل بحسب تفاوت نية القاري أو المطعم و احتياجهما و استحقاق الضيف أو السائل و صلاحهما و الغالب استحبابهما و قد يجبان عند خوف هلاك الضيف و السائل. و المكافاة على الصنائع أي المجازاة على الإحسان في القاموس كافأه مكافاة و كفاء جازاه و في النهاية الاصطناع افتعال من الصنيعة و هي العطية و الكرامة و الإحسان و لعلها من المستحبات و الآداب لجواز الأخذ من غير عوض لما رواه إسحاق بن عمار قال قلت له الرجل الفقير يهدي إلي الهدية يتعرض لما عندي فآخذها و لا أعطيه شيئا قال نعم هي لك حلال و لكن لا تدع أن تعطيه.   و هذا هو الأشهر الأقوى و عن الشيخ أن مطلق الهبة يقتضي الثواب و مقتضاه لزوم بذله و إن لم يطلبه الواهب و هو بعيد و عن أبي الصلاح أن هبة الأدنى للأعلى تقتضي الثواب فيعوض عنها بمثلها و لا يجوز التصرف فيها ما لم يعوض و الأظهر خلافه نعم إن اشترط الواهب على المتهب العوض و عينه لزم و إن أطلق و لم يتفقا على شي‏ء فالظاهر أنه يلزم المتهب مثل الموهوب أو قيمته إن أراد اللزوم و هل يجب على المتهب الوفاء بالشرط أو له التخيير فيه و في رد العين فيه قولان. و في النهاية التذمم للصاحب هو أن يحفظ ذمامه و يطرح عن نفسه ذم الناس له إن لم يحفظه و في القاموس تذمم استنكف يقال لو لم أترك الكذب تأثما لتركته تذمما و الحاصل أن يدفع الضرر عمن يصاحبه سفرا أو حضرا و عمن يجاوره في البيت أو في المجلس أيضا أو من أجاره و آمنه خوفا من اللوم و الذم لكنه مقيد بما إذا لم ينته إلى الحمية و العصبية بأن يرتكب المعاصي لإعانته في القاموس الجار المجاور و الذي أجرته من أن يظلم و المجير و المستجير و الحليف و رأسهن الحياء لأن جميع ما ذكر إنما يحصل و يتم بالحياء من الله أو من الخلق فهي بالنسبة إليها كالرأس من البدن و الحياء انقباض النفس عن القبائح و تركها لذلك

18-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن عثمان بن عيسى عن عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله ع قال إن الله عز و جل خص رسله بمكارم الأخلاق فامتحنوا أنفسكم فإن كانت فيكم فاحمدوا الله و اعلموا أن ذلك من خير و إن لا تكن فيكم فاسألوا الله و ارغبوا إليه فيها قال فذكر عشرة اليقين و القناعة و الصبر و الشكر و الحلم و حسن الخلق و السخاء و الغيرة و الشجاعة و المروة قال و روى بعضهم بعد هذه الخصال العشرة و زاد فيها الصدق و أداء الأمانة

    بيان الخلق بالضم ملكة للنفس يصدر عنها الفعل بسهولة و منها ما تكون خلقية و منها ما تكون كسبية بالتفكر و المجاهدة و الممارسة و تمرين النفس عليها فلا ينافي وقوع التكليف بها كما أن البخيل يعطي أولا بمشقة و مجادلة للنفس ثم يكرر ذلك حتى يصير خلقا و عادة له و المراد بتخصيص الرسل بها أن الفرد الكامل منها مقصورة عليهم أو هم مقصورون عليها دون أضدادها فإن الباء قد تدخل على المقصور كما هو المشهور و قد تدخل على المقصور عليه أو المعنى خص الرسل بإنزال المكارم عليهم و أمرهم بتبليغها كما

 روي عن النبي ص بعثت لأتمم مكارم الأخلاق

و اعلموا أن ذلك من خير أي من خير عظيم أراد الله بكم أو علم الله فيكم من صفاء طينتكم أو من عمل خير أو نية خير صدر عنكم فاستحققتم أن يتفضل عليكم بذلك أو اعلموا أن ذلك من توفيق الله سبحانه و لا يمكن تحصيل ذلك إلا به أو عدوه من الخيرات العظيمة أو خص رسله من بين سائر الخلق بالنبوة و الرسالة و الكرامة بسبب مكارم الأخلاق التي علمها فيهم. و اليقين أعلى مراتب الإيمان بحيث يبعث على العمل بمقتضاه كما مر و القناعة الاجتزاء باليسير من الأعراض المحتاج إليها يقال قنع يقنع قناعة إذا رضي و الأظهر عندي أنها الاكتفاء بما أعطاه الله تعالى و عدم طلب الزيادة منه قليلا كان أم كثيرا و الصبر هو حبس النفس عن الجزع عند المصيبة و عن ترك الطاعة لمشقتها و عن ارتكاب المعصية لغلبة شهوتها و الشكر مكافاة نعم الله في جميع الأحوال باللسان و الجنان و الأركان و الحلم ضبط النفس عن المبادرة إلى الانتقام فيما يحسن لا مطلقا. و حسن الخلق هو المعاشرة الجميلة مع الناس بالبشاشة و التودد و التلطف و الإشفاق و احتمال الأذى عنهم و السخاء بذل المال بسهولة على قدر لا يؤدي إلى الإسراف في موضعه و أفضله ما كان بغير سؤال و الغيرة الحمية في الدين و ترك المسامحة فيما يرى في نسائه و حرمه من القبائح لا تغير الطبع بالباطل و الحمية   فيه و القتل و الضرب بالظن من غير ثبوت شي‏ء عليه شرعا و أمثال ذلك و الشجاعة الجرأة في الجهاد مع أعادي الدين مع تحقق شرائطه و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و مجاهدة النفس و الشيطان. و المروءة بالهمز و قد يشدد الواو بتخفيف الهمزة هي الإنسانية و هي صفات إذا كانت في الإنسان يحق أن يسمى إنسانا أو يحق للإنسان من حيث إنه إنسان أن يأتي بها فهو مشتق من المرء فهي من أمهات الصفات الكمالية قال في المصباح المروءة آداب نفسانية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق و جميل العادات انتهى و قريب منه معنى الفتوة و يعبر عنها بالفارسية بمردي و جوانمردي و يرجع أكثر ما يندرج فيه إلى البذل و السخاء و حسن المعاشرة و كثرة النفع للعباد و الإتيان بما يعظم عند الناس من ذلك.

 و روى الصدوق رحمه الله في معاني الأخبار بسند مرفوع إلى أبي عبد الله ع قال تذاكرنا أمر الفتوة عنده فقال أ تظنون أن الفتوة بالفسق و الفجور إنما الفتوة طعام موضوع و نائل مبذول و بشر معروف و أذى مكفوف و أما تلك فشطارة و فسق ثم قال ما المروءة قلنا لا نعلم قال المروءة و الله أن يضع الرجل خوانه في فناء داره

قوله قال و روى بعضهم الظاهر أن فاعل قال البرقي حيث روي من كتابه و يحتمل ابن مسكان أيضا و على التقديرين قوله روى و زاد فيها تنازعا في الصدق فقوله و زاد فيها تأكيد للكلام السابق لئلا يتوهم أنه أتى بهما بدلا من خصلتين من العشر تركهما فلا بد من سقوط عشرة من الرواية الأخيرة كما في الرواية الآتية أو إبدالها باثنتي عشرة و يحتمل أن يكون المراد بقوله و زاد فيها أنه زاد في الأصل العدد أيضا بما ذكرنا من الإبدال و الله أعلم بحقيقة الحال

    -19  كا، ]الكافي[ عن العدة عن البرقي عن بكر بن صالح عن جعفر بن محمد الهاشمي عن إسماعيل بن عباد قال بكر و أظنني قد سمعته من إسماعيل عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله ع قال إنا لنحب من كان عاقلا فهما فقيها حليما مداريا صبورا صدوقا وفيا إن الله عز و جل خص الأنبياء بمكارم الأخلاق فمن كانت فيه فليحمد الله على ذلك و من لم تكن فيه فليتضرع إلى الله عز و جل و ليسأله إياها قال قلت جعلت فداك و ما هن قال هن الورع و القناعة و الصبر و الشكر و الحلم و الحياء و السخاء و الشجاعة و الغيرة و البر و صدق الحديث و أداء الأمانة

 بيان قد مر تفسير العقل في أول الكتاب و الأظهر هنا أنه ملكة للنفس تدعو إلى اختيار الخير و النافع و اجتناب الشرور و المضار و بها تقوى النفس على زجر الدواعي الشهوية و الغضبية و الوساوس الشيطانية و الفهم هو جودة تهيئ الذهن لقبول ما يرد عليه من الحق و ينتقل من المبادي إلى المطالب بسرعة و الفقه العلم بالأحكام من الحلال و الحرام و بالأخلاق و آفات النفوس و موانع القرب من الحق و قيل بصيرة قلبية في أمر الدين تابعة للعلم و العمل مستلزمة للخوف و الخشية و قال الراغب الفقه هو التوصل إلى علم غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم قال تعالى فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ إلى غير ذلك من الآيات و الفقه العلم بأحكام الشريعة يقال فقه الرجل إذا صار فقيها و تفقه إذا طلبه فتخصص به قال تعالى لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ. و المداراة الملاطفة و الملاينة مع الناس و ترك مجادلتهم و مناقشتهم و قد   يهمز قال في القاموس درأه كجعله دفعه و دارأته داريته و دافعته و لا ينته ضد و في النهاية فيه كان لا يداري و لا يماري أي لا يشاغب و لا يخالف و هو مهموز فأما المداراة في حسن الخلق و الصحبة فغير مهموز و قد يهمز انتهى. و الوفي الكثير الوفاء بعهود الله و عهود الخلق و هو قريب من الصدق ملازم له

 كما قال أمير المؤمنين ع الوفاء توأم الصدق

و يومئ الحديث إلى التحريص على محبة الموصوف بالصفات المذكورة و اختيار مصاحبته و الورع قريب من التقوى بل أخص منها ببعض معانيها فإنه يعتبر فيه الكف عن الشبهات بل المكروهات و بعض المباحات قال في النهاية فيه ملاك الدين الورع الورع في الأصل الكف عن المحارم و التحرج منه ثم استعير للكف عن المباح و الحلال و البر هو الإحسان بالوالدين و الأقربين بل بالناس أجمعين و قد يطلق على جميع الأعمال الصالحة و الخيرات

20-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن سهل و علي عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبي حمزة عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله ص أ لا أخبركم بخير رجالكم قلنا بلى يا رسول الله قال إن من خير رجالكم التقي النقي السمح الكفين النقي الطرفين البر بوالديه و لا يلجئ عياله إلى غيره

 توضيح بخير رجالكم ربما يتوهم التنافي بين هذا و بين قوله من خير رجالكم و أجيب بأن المراد بالأول الصنف و بالثاني كل فرد من هذا الصنف أو الحصر في الأول إضافي بالنسبة إلى من لم يوجد فيه الصفات المذكورة دون الخير على الإطلاق. و أقول يحتمل أن يكون ع أراد ذكر الكل ثم اكتفى بذكر البعض أو المراد أن المتصف بكل من الصفات المذكورة من جملة الخير أو المراد بقوله بخير رجالكم ببعضهم بقرينة الأخير و مرجعه إلى بعض الوجوه المتقدمة   التقي أي من الشرك و ما يوجب الخروج من الإيمان أو من سائر المعاصي أيضا فقوله النقي الطرفين تخصيص بعد التعميم أو المراد به الاحتراز عن الشبهات و النقي النظيف الطاهر من الأوساخ الجسمانية و الأدناس النفسانية من رذائل العقائد و الأخلاق. السمح الكفين قال في النهاية سمح و أسمح إذا جاد و أعطى عن كرم و سخاء انتهى و الإسناد إلى الكفين لظهور العطاء منهما و التثنية للمبالغة أو إشارة إلى عطاء الواجبات و المندوبات النقي الطرفين أي الفرج عن الحرام و الشبهة و اللسان عن الكذب و الخناء و الافتراء و الفحش و الغيبة و سائر المعاصي و ما لا يفيد من الكلام أو الفرجين أو الفرج و الفم عن أكل الحرام و الشبهة أو المراد كريم الأبوين و الأول أظهر قال في النهاية طرفا الإنسان لسانه و ذكره و منه قولهم لا يدري أي طرفيه أطول و فيه و ما أدري أي طرفيه أسرع أراد حلقه و دبره أي أصابه القي‏ء و الإسهال فلم أدر أيهما أسرع خروجا من كثرته انتهى و المعنى الثالث أيضا حسن

 لما روي عن النبي ص أن أكثر ما يدخل النار الأجوفان قالوا يا رسول الله و ما الأجوفان قال الفرج و الفم

و أيضا قرنوا في أخبار كثيرة في بيان المهلكات بين شهوة البطن و الفرج و روي في معاني الأخبار أنه قال من ضمن لي ما بين لحييه و ما بين رجليه ضمنت له الجنة و حمله الأكثر على المعنى الأول قال الصدوق رحمه الله يعني من ضمن لي لسانه و فرجه و أسباب البلايا تنفتح من هذين العضوين انتهى. البر بوالديه أي المحسن إليهما و المطيع لهما و المتحري لمحابهما و لا يلجئ عياله إلى غيره أي لم يضطرهم لعدم الإنفاق عليهم مع القدرة عليه إلى السؤال عن غيره يقال ألجأته إليه و لجأته بالهمزة و التضعيف أي اضطررته و كرهته

21-  كا، ]الكافي[ عن الحسين بن محمد عن المعلى عن الوشاء عن عبد الله بن سنان عن رجل من بني هاشم قال أربع من كن فيه كمل إسلامه و لو كان من قرنه   إلى قدمه خطايا لم تنقصه الصدق و الحياء و حسن الخلق و الشكر

 بيان كأن المراد برجل من بني هاشم الصادق ع عبر هكذا لشدة التقية أو الرجل راو و ضمير قال له ع أربع أي أربع خصال لم تنقصه ضمير المفعول للإسلام أو الموصول أي لم ينقصه شيئا من الإسلام و قيل أي يوفقه الله للتوبة بسبب تلك الخصال فلا ينقصه شيئا من ثواب الآخرة مع أن حصول تلك الصفات يوجب ترك أكثر المعاصي و يستلزمه

22-  لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن سعد و الحميري جميعا عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن البطائني عن أبي بصير عن الثمالي عن علي بن الحسين ع قال كان في بني إسرائيل رجل ينبش القبور فاعتل جار له فخاف الموت فبعث إلى النباش فقال كيف كان جواري لك قال أحسن جوار قال فإن لي إليك حاجة قال قضيت حاجتك قال فأخرج إليه كفنين فقال أحب أن تأخذ أحبهما إليك و إذا دفنت فلا تنبشني فامتنع النباش من ذلك و أبى أن يأخذه فقال له الرجل أحب أن تأخذه فلم يزل به حتى أخذ أحبهما و مات الرجل فلما دفن قال النباش هذا قد دفن فما علمه بأني تركت كفنه أو أخذته لآخذنه فأتى قبره فنبشه فسمع صائحا يقول و يصيح به لا تفعل ففزع النباش من ذلك فتركه و ترك ما كان عليه و قال لولده أي أب كنت لكم قالوا نعم الأب كنت لنا قال فإن لي إليكم حاجة قالوا قل ما شئت فإنا سنصير إليه إن شاء الله قال فأحب إذا أنا مت أن تأخذوني فتحرقوني بالنار فإذا صرت رمادا فدفوني ثم تعمدوا بي ريحا عاصفا فذروا نصفي في البر و نصفي في البحر قالوا نفعل فلما مات فعل بعض ولده ما أوصاهم به فلما ذروه قال الله عز و جل للبر اجمع ما فيك و قال للبحر اجمع ما فيك فإذا الرجل قائم بين يدي الله جل جلاله قال الله عز و جل ما حملك على ما أوصيت ولدك أن يفعلوه بك قال   حملني على ذلك و عزتك خوفك فقال الله جل جلاله فإني سأرضي خصومك و قد آمنت خوفك و غفرت لك

23-  لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن الحميري عن ابن أبي الخطاب عن الحسن بن علي بن فضال عن مثنى عن ليث بن أبي سليم قال سمعت رجلا من الأنصار يقول بينما رسول الله ص مستظل بظل شجرة في يوم شديد الحر إذ جاء رجل فنزع ثيابه ثم جعل يتمرغ في الرمضاء يكوي ظهره مرة و بطنه مرة و جبهته مرة و يقول يا نفس ذوقي فما عند الله عز و جل أعظم مما صنعت بك و رسول الله ينظر إلى ما يصنع ثم إن الرجل لبس ثيابه ثم أقبل فأومأ إليه النبي ص بيده و دعاه فقال له يا عبد الله لقد رأيتك صنعت شيئا ما رأيت أحدا من الناس صنعه فما حملك على ما صنعت فقال الرجل حملني على ذلك مخافة الله عز و جل و قلت لنفسي يا نفس ذوقي فما عند الله أعظم مما صنعت بك فقال النبي ص لقد خفت ربك حق مخافته فإن ربك ليباهي بك أهل السماء ثم قال لأصحابه يا معاشر من حضر ادنوا من صاحبكم حتى يدعو لكم فدنوا منه فدعا لهم و قال لهم اللهم اجمع أمرنا على الهدى و اجعل التقوى زادنا و الجنة مآبنا

24-  لي، ]الأمالي للصدوق[ سئل أمير المؤمنين ع أي الناس خير عند الله عز و جل قال أخوفهم لله و أعملهم بالتقوى و أزهدهم في الدنيا

25-  لي، ]الأمالي للصدوق[ في خبر مناهي النبي ص قال ص من عرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة الله عز و جل حرم الله عليه النار و آمنه من الفزع الأكبر و أنجز له ما وعده في كتابه في قوله وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ

    -26  فس، ]تفسير القمي[ قال الصادق ع كفى بخشية الله علما و كفى بالاغترار بالله جهلا

27-  فس، ]تفسير القمي[ وَ أَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى قال هو العبد إذا وقف على معصية الله و قدر عليها ثم يتركها مخافة الله و نهى النفس عنها فمكافاته الجنة

28-  ل، ]الخصال[ الخليل بن أحمد عن ابن المعاذ عن الحسين المروزي عن عبد الله بن عوف عن الحسن قال قال رسول الله ص قال الله تبارك و تعالى و عزتي و جلالي لا أجمع على عبدي خوفين و لا أجمع له أمنين فإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة و إذا خافني في الدنيا آمنته يوم القيامة

 أقول قد مر كثير من الأخبار في باب جوامع المكارم و في باب صفات الشيعة و سيأتي في أبواب المواعظ

29-  ل، ]الخصال[ الخليل بن أحمد عن محمد بن إسحاق السراج عن الوليد بن شجاع عن علي بن مسهر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله ص بينا ثلاثة نفر فيمن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر فأووا إلى غار فانطبق عليهم فقال بعضهم لبعض يا هؤلاء و الله ما ينجيكم إلا الصدق فليدع كل رجل منكم بما يعلم الله عز و جل أنه قد صدق فيه فقال أحدهم اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فرق أرز فزرعته فصار من أمره إلى أن اشتريت من ذلك الفرق بقرا ثم أتاني فطلب أجره فقلت اعمد إلى تلك البقر فسقها فقال إنما لي عندك فرق من أرز فقلت اعمد إلى تلك البقر فسقها فإنها من ذلك فساقها فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك   من خشيتك ففرج عنا فانساحت الصخرة عنهم و قال الآخر اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي فأبطأت عليهما ذات ليلة فأتيتهما و قد رقدا و أهلي و عيالي يتضاغون من الجوع و كنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي فكرهت أن أوقظهما من رقدتهما و كرهت أن أرجع فيستيقظا لشربهما فلم أزل أنتظرهما حتى طلع الفجر فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا فانساحت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء و قال الآخر اللهم إن كنت تعلم أنه كانت لي ابنة عم أحب الناس إلي و إني راودتها عن نفسها فأبت علي إلا أن آتيها بمائة دينار فطلبتها حتى قدرت عليها فجئت بها فدفعتها إليه فأمكنتني من نفسها فلما قعدت بين رجليها قالت اتق الله و لا تفض الخاتم إلا بحقه فقمت عنها و تركت لها المائة فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا ففرج الله عز و جل عنهم فخرجوا

 أقول قد مضى بإسناد آخر في باب قصة أصحاب الكهف و أوردناه بتغيير ما في باب الإخلاص

30-  ل، ]الخصال[ أنواع الخوف خمسة خوف و خشية و وجل و رهبة و هيبة   فالخوف للعاصين و الخشية للعالمين و الوجل للمخبتين و الرهبة للعابدين و الهيبة للعارفين أما الخوف فلأجل الذنوب قال الله عز و جل وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ و الخشية لأجل رؤية التقصير قال الله عز و جل إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ و أما الوجل فلأجل ترك الخدمة قال الله عز و جل الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ و الرهبة لرؤية التقصير قال الله عز و جل وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ يشير إلى هذا المعنى

 و روي عن النبي ص أنه كان إذا صلى سمع لصدره أزيز كأزيز المرجل من الهيبة حدثنا بذلك أبو عبد الله بن حامد رفعه إلى بعض الصالحين ع

31-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن ابن قولويه عن سعد عن ابن عيسى عن ابن أسباط عن عمه عن أبي الحسن العبدي عن الصادق ع قال ما كان عبد ليحبس نفسه على الله إلا أدخله الله الجنة

32-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الجعابي عن ابن عقدة عن سليمان بن محمد الهمداني عن محمد بن عمران عن محمد بن عيسى الكندي عن جعفر بن محمد ع قال من خاف الله عز و جل أخاف الله منه كل شي‏ء و من لم يخف الله عز و جل أخافه الله من كل شي‏ء الخبر

33-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الحسن بن حمزة العلوي عن محمد بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن هارون عن ابن زياد عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال في   حكمة آل داود يا ابن آدم كيف تتكلم بالهدى و أنت لا تفيق عن الردي يا ابن آدم أصبح قلبك قاسيا و أنت لعظمة الله ناسيا فلو كنت بالله عالما و بعظمته عارفا لم تزل منه خائفا و لمن وعده راجيا ويحك كيف لا تذكر لحدك و انفرادك فيه وحدك

34-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الجعابي عن ابن عقدة عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن عم أبيه الحسين بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين ع قال إن المؤمن لا يصبح إلا خائفا و إن كان محسنا و لا يمسي إلا خائفا و إن كان محسنا لأنه بين أمرين بين وقت قد مضى لا يدري ما الله صانع به و بين أجل قد اقترب لا يدري ما يصيبه من الهلكات الخبر

35-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن أحمد بن الوليد عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن الثمالي قال كان علي بن الحسين ع يقول ابن آدم لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك و ما كانت المحاسبة من همك و ما كان الخوف لك شعارا و الحزن لك دثارا ابن آدم إنك ميت و مبعوث و موقوف بين يدي الله عز و جل و مسئول فأعد جوابا

36-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ بالإسناد إلى أبي قتادة عن صفوان قال قال الصادق ع للمعلى بن خنيس يا معلى اعتزز بالله يعززك الله قال بما ذا يا ابن رسول الله قال يا معلى خف الله يخف منك كل شي‏ء الخبر

37-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ ابن بسران عن الحسن بن صفوان عن عبد الله بن محمد عن أبي خيثمة عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه عن صالح بن كيسان عن نافع أن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله ص بينما ثلاثة رهط يتماشون أخذهم المطر   فأووا إلى غار في جبل فبينما هم فيه انحطت صخرة فأطبقت عليهم فقال بعضهم لبعض انظروا أفضل أعمال عملتموها فاسألوه بها لعله يفرج عنكم قال أحدهم اللهم إنه كان لي والدان كبيران و كانت لي امرأة و أولاد صغار فكنت أرعى عليهم فإذا أرحت عليهم غنمي بدأت بوالدي فسقيتهما فلم آت حتى نام أبواي فطيبت الإناء ثم حلبت ثم قمت بحلابي عند رأس أبوي و الصبية يتضاغون عند رجلي أكره أن أبدأ بهم قبل أبوي و أكره أن أوقظهما من نومهما فلم أزل كذلك حتى أضاء الفجر اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجة نرى منها السماء ففرج له فرجه فرأى منها السماء و قال الآخر اللهم إنه كان لي بنت عم فأحببتها حبا كانت أعز الناس إلي فسألتها نفسها فقالت لا حتى تأتيني بمائة دينار فسعيت حتى جمعت مائة دينار فأتيتها بها فلما كنت بين رجليها قالت اتق الله و لا تفتح الخاتم إلا بحقه فقمت عنها اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فيها فرجة ففرج الله لهم فيها فرجة و قال الثالث اللهم إني كنت استأجرت أجيرا بفرق ذرة فلما قضى عمله عرضت عليه فأبى أن يأخذها و رغب عنه فلم أزل أعتمل به حتى جمعت منه بقرا و رعاءها فجاءني و قال اتق الله و أعطني حقي و لا تظلمني فقلت له اذهب إلى تلك البقر و رعاتها فخذها فذهب و استاقها اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما بقي منها ففرج الله عنهم فخرجوا يتماشون

38-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي العباس عن أبي عبد الله ع قال إن قوما أصابوا ذنوبا فخافوا منها و أشفقوا فجاءهم قوم آخرون فقالوا لهم ما لكم فقالوا إنا أصبنا ذنوبا فخفنا منها و أشفقنا فقالوا لهم نحن نحملها عنكم فقال الله تبارك و تعالى يخافون و تجترءون علي فأنزل الله عليهم العذاب

    -39  لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن البرقي عن أبيه عن جده عن حمزة بن عبد الله الجعفري عن جميل بن دراج عن الثمالي قال قال الصادق ع ارج الله رجاء لا يجرئك على معاصيه و خف الله خوفا لا يؤيسك من رحمته

40-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن القاشاني عن الأصبهاني عن المنقري عن حماد بن عيسى عن الصادق ع قال كان فيما أوصى به لقمان ابنه يا بني خف الله خوفا لو وافيته ببر الثقلين خفت أن يعذبك و ارج الله رجاء لو وافيته بذنوب الثقلين رجوت أن يغفر لك

 أقول قد مضى بإسناد آخر في باب مواعظ لقمان

41-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن البرقي عن القاشاني عمن ذكره عن عبد الله بن القاسم عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول الخائف من لم يدع له الرهبة لسانا ينطق به

42-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج قال قلت لأبي عبد الله ع حديث ترويه الناس في من يؤمر به آخر الناس إلى النار فقال أما إنه ليس كما يقولون قال رسول الله ص إن آخر عبد يؤمر به إلى النار فإذا أمر به التفت فيقول الجبار ردوه فيردونه فيقول له لم التفت فيقول يا رب لم يكن ظني بك هذا فيقول و ما كان ظنك بي فيقول يا رب كان ظني بك أن تغفر لي خطيئتي و تسكنني جنتك قال فيقول الجبار يا ملائكتي و عزتي و جلالي و آلائي و علوي و ارتفاع مكاني ما ظن بي عبدي هذا ساعة من خير قط و لو ظن بي ساعة من خير ما روعته بالنار أجيزوا له كذبه و أدخلوه الجنة ثم قال رسول الله ص ليس من عبد يظن بالله خيرا إلا كان عند ظنه به   و ذلك قوله وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ

43-  ثو، ]ثواب الأعمال[ أبي عن سعد عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير مثله بتغيير ما و قد مضى في باب ما يظهر من رحمة الله في القيامة

 أقول قد مر بعض الأخبار في باب التوكل و التفويض

44-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ جعفر بن نعيم عن عمه محمد بن شاذان عن الفضل بن شاذان عن ابن بزيع عن الرضا ع قال أحسن بالله الظن فإن الله عز و جل يقول أنا عند حسن ظن عبدي المؤمن بي إن خير فخير و إن شر فشر

45-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن ابن قولويه عن الكليني عن عدة من أصحابه عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن داود بن كثير عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص قال الله عز و جل لا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملون بها لثوابي فإنهم لو اجتهدوا و أتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون من كرامتي و النعيم في جناتي و رفيع الدرجات العلي في جواري و لكن برحمتي فليثقوا و فضلي فليرجوا و إلى حسن الظن بي فليطمئنوا فإن رحمتي عند ذلك تدركهم و بمني أبلغهم رضواني ألبسهم عفوي فإني أنا الله الرحمن الرحيم بذلك تسميت

46-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحفار عن محمد بن إبراهيم بن كثير عن الحسن بن هانئ عن هانئ بن حماد بن سلمة عن يزيد الرقاشي عن أنس قال قال رسول الله ص لا يموتن أحدكم حتى يحسن ظنه بالله عز و جل فإن حسن الظن بالله عز و جل   ثمن الجنة

47-  ل، ]الخصال[ ابن المتوكل عن محمد العطار عن الأشعري عن محمد بن آدم رفعه قال قال رسول الله ص يا علي لا تشاورن جبانا فإنه يضيق عليك المخرج و لا تشاورن البخيل فإنه يقصر بك عن غايتك و لا تشاورن حريصا فإنه يزين لك شرها و اعلم يا علي أن الجبن و البخل و الحرص غريزة واحدة يجمعها سوء الظن

48-  ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن الوليد عن الصفار عن عباد بن سليمان عن محمد بن سليمان عن أبيه عن إسحاق بن عمار عن الصادق ع قال يا إسحاق خف الله كأنك تراه فإن كنت لا تراه فإنه يراك فإن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت و إن كنت تعلم أنه يراك ثم استترت عن المخلوقين بالمعاصي و برزت له بها فقد جعلته في حد أهون الناظرين إليك

49-  ثو، ]ثواب الأعمال[ أبي عن سعد عن محمد بن الحسين عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري قال قال أبو عبد الله ع إن قوما أذنبوا ذنوبا كثيرة فأشفقوا منها و خافوا خوفا شديدا و جاء آخرون فقالوا ذنوبكم علينا فأنزل الله عز و جل عليهم العذاب ثم قال تبارك و تعالى خافوني و اجترأتم

 سن، ]المحاسن[ أبي عن ابن أبي عمير مثله

50-  سن، ]المحاسن[ أبي رفعه إلى سلمان رضوان الله عليه قال قال أضحكتني ثلاث و أبكتني ثلاث فأما الثلاث التي أبكتني ففراق الأحبة رسول الله ص و حزبه و الهول عند غمرات الموت و الوقوف بين يدي رب العالمين يوم تكون السريرة   علانية لا أدري إلى الجنة أصير أم إلى النار و أما الثلاث التي أضحكتني فغافل ليس بمغفول عنه و طالب الدنيا و الموت يطلبه و ضاحك مل‏ء فيه لا يدري أ راض عنه سيده أم ساخط عليه

51-  سن، ]المحاسن[ أبي عن ابن فضال عن الحسن بن الجهم عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر ع قال يوقف عبد بين يدي الله يوم القيامة فيأمر به إلى النار فيقول لا و عزتك ما كان هذا ظني بك فيقول ما كان ظنك بي فيقول كان ظني بك أن تغفر لي فيقول قد غفرت لك قال أبو جعفر ع أما و الله ما ظن به في الدنيا طرفة عين و لو كان ظن به طرفة عين ما أوقفه ذلك الموقف لما رأى من العفو

 أقول أوردنا مثله في باب ما يظهر من رحمة الله تعالى في القيامة

52-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده إلى ابن محبوب عن أبي حمزة عن أبي جعفر ع قال خرجت امرأة بغي على شباب من بني إسرائيل فأفتنتهم فقال بعضهم لو كان العابد فلانا لو رآها أفتنته و سمعت مقالتهم فقالت و الله لا أنصرف إلى منزلي حتى أفتنه فمضت نحوه في الليل فدقت عليه فدلك فقالت آوى عندك فأبى عليها فقالت إن بعض شباب بني إسرائيل راودوني عن نفسي فإن أدخلتني و إلا لحقوني و فضحوني فلما سمع مقالتها فتح لها فلما دخلت عليه رمت بثيابها فلما رأى جمالها و هيئتها وقعت في نفسه فضرب يده عليها ثم رجعت إليه نفسه و قد كان يوقد تحت قدر له فأقبل حتى وضع يده على النار فقالت أي شي‏ء تصنع فقال أحرقها لأنها عملت العمل فخرجت حتى أتت جماعة بني إسرائيل فقالت ألحقوا   فلانا فقد وضع يده على النار فأقبلوا فلحقوه و قد احترقت يده

53-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله ع أن عابدا كان في بني إسرائيل فأضاف امرأة من بني إسرائيل فهم بها فأقبل كلما هم بها قرب إصبعا من أصابعه إلى النار فلم يزل ذلك دأبه حتى أصبح فقال اخرجي لبئس الضيف كنت لي

54-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق عن أبيه عن سعد رفعه قال كان يحيى بن زكريا يصلي و يبكي حتى ذهب لحم خده و جعل لبدا و ألزقه بخده حتى يجري الدموع عليه و كان لا ينام فقال أبوه يا بني إني سألت الله أن يرزقنيك لأفرح بك و تقر عيني قم فصل قال فقال له يحيى إن جبرئيل حدثني أن أمام النار مفازة لا يجوزها إلا البكاءون فقال يا بني فابك و حق لك أن تبكي

55-  صح، ]صحيفة الرضا عليه السلام[ عن الرضا ع عن آبائه ع قال قال رسول الله ص قال الله تبارك و تعالى يا ابن آدم لا يغرنك ذنب الناس عن ذنبك و لا نعمة الناس من نعمة الله عليك و لا تقنط الناس من رحمة الله تعالى و أنت ترجوها لنفسك

 ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ عنه ع مثله

56-  ضا، ]فقه الرضا عليه السلام[ روي أن الله تبارك و تعالى أوحى إلى داود ع فلانة بنت فلانة معك في الجنة في درجتك فسار إليها فسألها عن عملها فخبرته فوجده مثل أعمال سائر الناس فسألها عن نيتها فقالت ما كنت في حالة فنقلني منها إلى غيرها إلا كنت بالحالة التي نقلني إليها أسر مني بالحالتي التي كنت فيها فقال حسن ظنك بالله جل و عز

 و أروي عن العالم ع أنه قال و الله ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا و الآخرة إلا بحسن ظنه بالله جل و عز و رجائه منه و حسن خلقه و الكف عن اغتياب المؤمنين و ايم الله لا يعذب الله مؤمنا بعد التوبة و الاستغفار إلا بسوء الظن   بالله و تقصيره من رجائه لله و سوء خلقه و من اغتيابه للمؤمنين و الله لا يحسن عبد مؤمن ظنا بالله إلا كان الله عند ظنه به لأن الله عز و جل كريم يستحيي أن يخلف ظن عبده و رجائه فأحسنوا الظن بالله و ارغبوا إليه و قد قال الله عز و جل الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ

 و روي أن داود ع قال يا رب ما آمن من بك من عرفك فلم يحسن الظن بك

 و روي أن آخر عبد يؤمر به إلى النار فيلتفت فيقول يا رب لم يكن هذا ظني بك فيقول ما كان ظنك بي قال كان ظني بك أن تغفر لي خطيئتي و تسكني جنتك فيقول الله عز و جل يا ملائكتي و عزتي و جلالي و جودي و كرمي و ارتفاعي في علوي ما ظن بي عبدي خيرا ساعة قط و لو ظن بي ساعة خيرا ما روعته بالنار أجيزوا له كذبه و أدخلوه الجنة

 ثم قال العالم ع قال الله عز و جل ألا لا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملونها لثوابي فإنهم لو اجتهدوا و أتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يظنونه عندي من كرامتي و لكن برحمتي فليثقوا و من فضلي فليرجوا و إلى حسن الظن بي فليطمئنوا فإن رحمتي عند ذلك تدركهم و منتي تبلغهم و رضواني و مغفرتي يلبسهم فإني أنا الله الرحمن الرحيم و بذلك سميت

 و أروي عن العالم ع أنه قال إن الله أوحى إلى موسى بن عمران ع أن أجعل في الحبس رجلين من بني إسرائيل فحبسهما ثم أمره بإطلاقهما قال فنظر إلى أحدهما فإذا هو مثل الهدبة فقال له ما الذي بلغ بك ما أرى منك قال الخوف من الله و نظر إلى الآخر لم يتشعب منه شي‏ء فقال له أنت و صاحبك كنتما في أمر واحد و قد رأيت بلغ الأمر بصاحبك و أنت لم يتغير فقال له الرجل إنه كان ظني بالله جميلا حسنا فقال يا رب قد سمعت مقالة عبديك فأيهما أفضل قال   صاحب الظن الحسن أفضل

 و أروي عن العالم ع أن الله أوحى إلى موسى بن عمران ع يا موسى قل لبني إسرائيل أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء يجدني عنده

 و نروي من خاف الله سخت نفسه عن الدنيا

 و نروي خف الله كأنك تراه فإن كنت لا تراه فإنه يراك و إن كنت لا تدري أنه يراك فقد كفرت و إن كنت تعلم أنه يراك ثم استترت عن المخلوقين بالمعاصي و برزت له بها فقد جعلته أهون الناظرين إليك

 و نروي من رجا شيئا طلبه و من خاف من شي‏ء هرب منه ما من مؤمن يجتمع في قلبه خوف و رجاء إلا أعطاه الله ما أمل و آمنه مما يخاف

 و نروي من مات آمنا أن يسلب سلب و من مات خائفا أن يسلب أمن السلب

57-  مص، ]مصباح الشريعة[ قال الصادق ع أوحى الله تعالى إلى داود ع ذكر عبادي من آلائي و نعمائي فإنهم لم يروا مني إلا الحسن الجميل لئلا يظنوا في الباقي إلا مثل الذي سلف مني إليهم و حسن الظن يدعو إلى حسن العبادة و المغرور يتمادى في المعصية و يتمنى المغفرة و لا يكون محسن الظن في خلق الله إلا المطيع له يرجو ثوابه و يخاف عقابه

 قال رسول الله ص يحكي عن ربه تعالى أنا عند حسن الظن عبدي بي يا محمد فمن زاغ عن وفاء حقيقة موجبات ظنه بربه فقد أعظم الحجة على نفسه و كان من المخدوعين في أسر هواه

58-  مص، ]مصباح الشريعة[ قال الصادق ع الخوف رقيب القلب و الرجاء شفيع النفس و من كان بالله عارفا كان من الله خائفا و إليه راجيا و هما جناحا الإيمان يطير العبد المحقق بهما إلى رضوان الله و عينا عقله يبصر بهما إلى وعد الله و وعيده و الخوف طالع عدل الله ناهي وعيده و الرجاء داعي فضل الله و هو يحيي القلب و الخوف يميت النفس

    قال النبي ص المؤمن بين خوفين خوف ما مضى و خوف ما بقي و بموت النفس يكون حياة القلب و بحياة القلب البلوغ إلى الاستقامة و من عبد الله على ميزان الخوف و الرجاء لا يضل و يصل إلى مأموله و كيف لا يخاف العبد و هو غير عالم بما تختم صحيفته و لا له عمل يتوسل به استحقاقا و لا قدرة له على شي‏ء و لا مفر و كيف لا يرجو و هو يعرف نفسه بالعجز و هو غريق في بحر آلاء الله و نعمائه من حيث لا تحصى و لا تعد فالمحب يعبد ربه على الرجاء بمشاهدة أحواله بعين سهر و الزاهد يعبد على الخوف

 قال أويس لهرم بن حيان قد عمل الناس على رجاء فقال بل نعمل على الخوف و الخوف خوفان ثابت و عارض فالثابت من الخوف يورث الرجا و العارض منه يورث خوفا ثابتا و الرجاء رجاءان عاكف و باد فالعاكف منه يقوي نسبة العبد و البادي منه يصحح أمل العجز و التقصير و الحياء

59-  شي، ]تفسير العياشي[ عن صفوان الجمال قال صليت خلف أبي عبد الله ع فأطرق ثم قال اللهم لا تؤمني مكرك ثم جهم فقال فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ

60-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بالله و بما فرض الإيمان به من نبوة نبي الله و ولاية علي بن أبي طالب و الطيبين من آله وَ الَّذِينَ هادُوا يعني اليهود وَ النَّصارى الذين زعموا أنهم في دين الله متناصرون وَ الصَّابِئِينَ الذين زعموا أنهم صبوا إلى دين الله و هم بقولهم كاذبون مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ من هؤلاء   الكفار و نزع عن كفره و من آمن من هؤلاء المؤمنين في مستقبل أعمارهم و أخلص و وفى بالعهد و الميثاق المأخوذين عليه لمحمد و علي و خلفائهما الطاهرين وَ عَمِلَ صالِحاً من هؤلاء المؤمنين فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ ثوابهم عِنْدَ رَبِّهِمْ في الآخرة وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ هناك حين يخاف الفاسقون وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ إذا حزن الظالمون لأنهم لم يعملوا من مخافة الله ما يخاف من فعله و لا يحزن له و نظر أمير المؤمنين علي ع إلى رجل أثر الخوف عليه فقال ما بالك قال إني أخاف الله فقال يا عبد الله خف ذنوبك و خف عدل الله عليك في مظالم عباده و أطعه فيما كلفك و لا تعصه فيما يصلحك ثم لا تخف الله بعد ذلك فإنه لا يظلم أحدا و لا يعذبه فوق استحقاقه أبدا إلا أن تخاف سوء العاقبة بأن تغير أو تبدل فإن أردت أن يؤمنك الله سوء العاقبة فاعلم أن ما تأتيه من خير فبفضل الله و توفيقه و ما تأتيه من سوء فبإمهال الله و أنظاره إياك و حلمه و عفوه عنك

61-  جا، ]المجالس للمفيد[ أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن ابن معروف عن ابن مهزيار عن محمد بن سنان عن الحسن بن أبي سارة قال سمعت أبا عبد الله ع يقول لا يكون العبد مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا و لا يكون خائفا راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف و يرجو

 ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن سنان مثله

62-  جا، ]المجالس للمفيد[ بالإسناد عن ابن مهزيار عن القاسم بن محمد عن علي قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قال من شفقتهم و رجائهم يخافون أن ترد إليهم أعمالهم إذا لم يطيعوا و هم يرجون أن يتقبل منهم

    ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ القاسم بن محمد مثله

63-  قيه، ]الدروع الواقية[ ذكر أبو جعفر أحمد القمي في كتاب زهد النبي ص أن جبرئيل أتاه عند الزوال في ساعة لم يأته فيها و هو متغير اللون و كان النبي ص يسمع حسه و جرسه فلم يسمعه يومئذ فقال له النبي ص يا جبرئيل ما لك جئتني في ساعة لم تكن تجيئني فيها و أرى لونك متغيرا و كنت أسمع حسك و جرسك فلم أسمعه فقال إني جئت حين أمر الله بمنافخ النار فوضعت على النار فقال النبي ص أخبرني عن النار يا جبرئيل حين خلقها الله تعالى فقال الله سبحانه أوقد عليها ألف عام فاحمرت ثم أوقد عليها ألف عام فابيضت ثم أوقد عليها ألف عام فاسودت فهي سوداء مظلمة لا يضي‏ء جمرها و لا ينطفئ لهبها و الذي بعثك بالحق نبيا لو أن مثل خرق إبرة خرج منها على أهل الأرض لاحترقوا عن آخرهم و لو أن رجلا دخل جهنم ثم أخرج منها لهلك أهل الأرض جميعا حين ينظرون إليه لما يرون به و لو أن ذراعا من السلسلة التي ذكرها الله تعالى في كتابه وضع على جميع جبال الدنيا لذابت عن آخرها و لو أن بعض خزان التسعة عشر نظر إليه أهل الأرض لماتوا حين ينظرون إليه و لو أن ثيابا من ثياب أهل جهنم خرج إلى الأرض لمات أهل الأرض من نتن ريحه فأكب النبي ص و أطرق يبكي و كذلك جبرئيل فلم يزالا يبكيان حتى ناداهما ملك من السماء يا جبرئيل و يا محمد إن الله قد آمنكما من أن تعصيانه فيعذبكما قال رسول الله ص رأيت في المنام رجلا قد هوت صحيفته قبل شماله فجاءه خوفه من الله فأخذ صحيفته فجعلها في يمينه و رأيت رجلا من أمتي قد هوى في النار فجاءته دموعه التي بكى من خشية الله فاستخرجه من ذلك

64-  ضه، ]روضة الواعظين[ قال رسول الله ص من كان بالله أعرف كان من الله أخوف و قال ص يا ابن مسعود اخش الله بالغيب كأنك تراه فإن لم تره فإنه يراك   يقول الله تعالى مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ

 و روي أن النبي ص كان يصلي و قلبه كالمرجل يغلي من خشية الله تعالى

 و قال أمير المؤمنين ع يا بني خف الله خوفا أنك لو أتيته بحسنات أهل الأرض لم يقبلها منك و ارج الله رجاء أنك لو أتيته بسيئات أهل الأرض غفرها لك

 و قال النبي ص إذا اقشعر قلب المؤمن من خشية الله تحاتت عنه خطاياه كما تتحات من الشجر ورقها

 و عن أبي جعفر ع قال وجدنا في كتاب علي بن أبي طالب ع أن رسول الله ص قال و هو على منبره و الله الذي لا إله إلا هو ما أعطي مؤمن خير الدنيا و الآخرة إلا بحسن ظنه بالله و رجائه و حسن خلقه و الكف عن اغتياب المؤمنين و الله الذي لا إله إلا هو لا يعذب الله مؤمنا بعد التوبة و الاستغفار إلا بسوء ظنه بالله و تقصير من رجائه بالله و سوء خلقه و اغتيابه للمؤمنين و الله الذي لا إله إلا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده المؤمن به لأن الله كريم بيده الخيرات يستحي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن و الرجاء ثم يخلف ظنه و رجاءه له فأحسنوا بالله الظن و ارغبوا إليه

 و قال ع ليس من عبد ظن به خيرا إلا كان عند ظنه به و ذلك قوله عز و جل ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ

 عنه ع قال قال داود النبي صلى الله عليه يا رب ما آمن من عرفك فلم يحسن الظن بك

65-  مشكاة الأنوار، نقلا من كتاب المحاسن عن أبي جعفر ع قال وجدنا في كتاب علي ع إلى آخر الأخبار الثلاثة

    روضة الواعظين قال رسول الله ص لا يموتن أحدكم إلا و هو يحسن الظن بالله فإن حسن الظن بالله ثمن الجنة

 و من سائر الكتب عن أبي عبد الله ع قال كان في زمن موسى بن عمران رجلان في الحبس فأما أحدهما فسمن و غلظ و أما الآخر فنحل فصار مثل الهدبة فقال موسى بن عمران للمسمن ما الذي أرى بك من حسن الحال في بدنك قال حسن الظن بالله و قال للآخر ما الذي أرى بك من سوء الحال في بدنك قال الخوف من الله فرفع موسى يده إلى الله تعالى فقال يا رب قد سمعت مقالتهما فأعلمني أيهما أفضل فأوحى الله تعالى إليه صاحب حسن الظن بي

66-  كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن الحكم بن مسكين عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله ع قال كان ملك في بني إسرائيل و كان له قاض و للقاضي أخ و كان رجل صدق و له امرأة قد ولدتها الأنبياء فأراد الملك أن يبعث رجلا في حاجة فقال للقاضي ابغني رجلا ثقة فقال ما أعلم أحدا أوثق من أخي فدعاه ليبعثه فكره ذلك الرجل و قال لأخيه إني أكره أن أضيع امرأتي فعزم عليه فلم يجد بدا من الخروج فقال لأخيه يا أخي إني لست أخلف شيئا أهم علي من امرأتي فاخلفني فيها و تول قضاء حاجتها قال نعم فخرج الرجل و قد كانت المرأة كارهة لخروجه فكان القاضي يأتيها و يسألها عن حوائجها و يقوم لها فأعجبته فدعاها إلى نفسه فأبت عليه فحلف عليها لئن لم تفعل لنخبرن الملك أنك قد فجرت فقالت اصنع ما بدا لك لست أجيبك إلى شي‏ء مما طلبت فأتى الملك فقال إن امرأة أخي قد فجرت و قد حق ذلك عندي فقال له الملك طهرها فجاء إليها فقال إن الملك قد أمرني برجمك فما تقولين تجيبني و إلا رجمتك فقالت لست أجيبك فاصنع ما بدا لك   فأخرجها فحفر لها فرجمها و معه الناس فلما ظن أنها قد ماتت تركها و انصرف و جن بها الليل و كان بها رمق فتحركت فخرجت من الحفيرة ثم مشت على وجهها حتى خرجت من المدينة فانتهت إلى دير فيها ديراني فنامت على باب الدير فلما أصبح الديراني فتح الباب و رآها فسألها عن قصتها فخبرته فرحمها و أدخلها الدير و كان له ابن صغير لم يكن له غيره و كان حسن الحال فداواها حتى برئت من علتها و اندملت ثم دفع إليها ابنه فكانت تربيه و كان للديراني قهرمان يقوم بأمره فأعجبته فدعاها إلى نفسه فأبت فجهد بها فأبت فقال لئن لم تفعلي لأجتهدن في قتلك فقالت اصنع ما بدا لك فعمد إلى الصبي فدق عنقه و أتى الديراني فقال له عمدت إلى فاجرة قد فجرت فدفعت إليها ابنك فقتلته فجاء الديراني فلما رآها قال لها ما هذا فقد تعلمين صنيعي بك فأخبرته بالقصة فقال لها ليس تطيب نفسي أن تكون عندي فاخرجي فأخرجها ليلا و دفع إليها عشرين درهما و قال لها تزودي هذه الله حسبك فخرجت ليلا فأصبحت في قرية فإذا فيها مصلوب على خشبة و هو حي فسألت عن قصته فقالوا عليه دين عشرون درهما و من كان عليه دين عندنا لصاحبه صلب حتى يؤدي إلى صاحبه فأخرجت عشرين درهما و دفعتها إلى غريمه و قالت لا تقتلوه فأنزلوه عن الخشبة فقال لها ما أحد أعظم علي منة منك نجيتني من الصلب و من الموت فأنا معك حيث ما ذهبت فمضى معها و مضت حتى انتهيا إلى ساحل البحر فرأى جماعة و سفنا فقال لها اجلسي حتى أذهب أنا أعمل لهم و أستطعم و آتيك به فأتاهم فقال لهم ما في سفينتكم هذه قالوا في هذه تجارات و جوهر و عنبر و أشياء من التجارة و أما هذه فنحن فيها قال و كم يبلغ ما في سفينتكم قالوا كثير لا نحصيه قال

   فإن معي شيئا هو خير مما في سفينتكم قالوا و ما معك قال جارية لم تروا مثلها قط فقالوا بعناها قال نعم على شرط أن يذهب بعضكم فينظر إليها ثم يجيئني فيشتريها و لا يعلمها و يدفع إلي الثمن و لا يعلمها حتى أمضي أنا فقالوا ذلك لك فبعثوا من نظر إليها فقال ما رأيت مثلها قط فاشتروها منه بعشرة آلاف درهم و دفعوا إليه الدراهم فمضى بها فلما أمعن أتوها فقالوا لها قومي و ادخلي السفينة قالت و لم قالوا قد اشتريناك من مولاك قالت ما هو بمولاي قالوا لتقومين أو لنحملنك فقامت و مضت معهم فلما انتهوا إلى الساحل لم يؤمن بعضهم بعضا عليها فجعلوها في السفينة التي فيها الجوهر و التجارة و ركبوا هم في السفينة الأخرى فدفعوها فبعث الله عز و جل عليهم رياحا فغرقتهم و سفينتهم و نجت السفينة التي كانت فيها حتى انتهت إلى جزيرة من جزائر البحر و ربطت السفينة ثم دارت في الجزيرة فإذا فيه ماء و شجر فيه ثمر فقالت هذا ماء أشرب منه و ثمر آكل منه أعبد الله في هذا الموضع فأوحى الله عز و جل إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن يأتي ذلك الملك فيقول إن في جزيرة من جزائر البحر خلقا من خلقي فاخرج أنت و من في مملكتك حتى أتوا خلقي هذا فتقروا له بذنوبكم ثم تسألوا ذلك الخلق أن يغفر لكم فإن غفر لكم غفرت لكم فخرج الملك بأهل مملكته إلى تلك الجزيرة فرأوا امرأة فتقدم إليها الملك فقال لها إن قاضي هذا أتاني فخبرني أن امرأة أخيه فجرت فأمرته برجمها و لم يقم عندي البينة فأخاف أن أكون قد تقدمت على ما لا يحل لي فأحب أن تستغفري لي فقالت غفر الله لك اجلس ثم أتى زوجها و لا يعرفها فقال إنه كان لي امرأة و كان من فضلها و صلاحها و إني خرجت عنها و هي كارهة لذلك فاستخلفت أخي عليها فلما رجعت سألت عنها فأخبرني أخي أنها فجرت فرجمها و أنا أخاف أن أكون قد ضيعتها فاستغفري لي غفر الله لك فقالت غفر الله لك اجلس فأجلسته إلى جنب الملك ثم أتى القاضي فقال إنه كان لأخي امرأة و إنها   أعجبتني فدعوتها إلى الفجور فأبت فأعلمت الملك أنها قد فجرت و أمرني برجمها فرجمتها و أنا كاذب عليها فاستغفري لي قالت غفر الله لك ثم أقبلت على زوجها فقالت اسمع ثم تقدم الديراني فقص قصته و قال أخرجتها بالليل و أنا أخاف أن تكون قد لقيها سبع فقتلها فقالت غفر الله لك اجلس ثم تقدم القهرمان فقص قصته فقالت للديراني اسمع غفر الله لك ثم تقدم المصلوب فقص قصته فقالت لا غفر الله لك قال ثم أقبلت على زوجها فقالت أنا امرأتك و كل ما سمعت فإنما هو قصتي و ليست لي حاجة في الرجال و أنا أحب أن تأخذ هذه السفينة و ما فيها و تخلي سبيلي فأعبد الله عز و جل في هذه الجزيرة فقد ترى ما لقيت من الرجال ففعل و أخذ السفينة و ما فيها و خلى سبيلها و انصرف الملك و أهل مملكته

67-  ختص، ]الإختصاص[ قال رسول الله ص من ترك معصية من مخافة الله عز و جل أرضاه الله يوم القيامة

68-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ فضالة عن أبي المغراء عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع في قول الله تبارك و تعالى يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قال يأتي ما أتى و هو خاش راج

69-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي بصير و النضر عن عاصم عن أبي عبد الله ع في قول الله يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ قال يعملون و يعلمون أنهم سيثابون

70-  نوادر الراوندي، بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه ع قال قال رسول الله ص من قال إني خير الناس فهو من شر الناس و من قال   إني في الجنة فهو في النار

71-  نهج، ]نهج البلاغة[ قال ع لا تأمنن على خير هذه الأمة عذاب الله يقول الله سبحانه فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ و لا تيأسن لشر هذه الأمة من روح الله لقوله سبحانه لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ

72-  عدة الداعي، روي عن العالم ع أنه قال و الله ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا و الآخرة إلا بحسن ظنه بالله عز و جل و رجائه له و حسن خلقه و الكف عن اغتياب المؤمنين و الله تعالى لا يعذب عبدا بعد التوبة و الاستغفار إلا بسوء ظنه و تقصيره في رجائه لله عز و جل و سوء خلقه و اغتيابه المؤمنين و ليس يحسن ظن عبد مؤمن بالله عز و جل إلا كان الله عند ظنه لأن الله كريم يستحيي أن يخلف ظن عبده و رجائه فأحسنوا الظن بالله و ارغبوا إليه فإن الله تعالى يقول الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الآية

 و قال أمير المؤمنين ع إن استطعتم أن يحسن ظنكم بالله و يشتد خوفكم منه فاجمعوا بينهما فإنما يكون حسن ظن العبد بربه على قدر خوفه منه و إن أحسن الناس بالله ظنا لأشدهم منه خوفا

 علي بن محمد رفعه قال قلت لأبي عبد الله ع إن قوما من مواليك يلمون بالمعاصي و يقولون نرجو فقال كذبوا أولئك ليسوا لنا بموال أولئك قوم رجحت بهم الأماني و من رجا شيئا عمل له و من خاف شيئا هرب منه

 و قد روي أن إبراهيم ع كان يسمع تأوهه على حد ميل حتى مدحه الله تعالى بقوله إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ و كان في صلاته يسمع له أزيز   كأزيز المرجل و كذلك كان يسمع من صدر سيدنا رسول الله ص مثل ذلك

 و كان أمير المؤمنين ع إذا أخذ في الوضوء يتغير وجهه من خيفة الله تعالى و كانت فاطمة ع تنهج في الصلاة من خيفة الله تعالى و كان الحسن إذا فرغ من وضوئه تتغير لونه فقيل له في ذلك فقال حق على من أراد أن يدخل على ذي العرش أن يتغير لونه و يروى مثل هذا عن زين العابدين ع

 و روى المفضل بن عمر عن الصادق ع قال حدثني أبي عن أبيه ع إن الحسن بن علي ع كان أعبد الناس في زمانه و أزهدهم و أفضلهم و كان إذا حج حج ماشيا و رمى ماشيا و ربما مشى حافيا و كان إذا ذكر الموت بكى و إذا ذكر البعث و النشور بكى و إذا ذكر الممر على الصراط بكى و إذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها و كان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عز و جل و كان إذا ذكر الجنة و النار اضطرب اضطراب السليم و سأل الله الجنة و تعوذ بالله من النار

 و قالت عائشة كان رسول الله ص يحدثنا و نحدثه فإذا حضرت الصلاة فكأنه لم يعرفنا و لم نعرفه

73-  كتاب زيد النرسي، عن أبي عبد الله ع قال من عرف الله خافه و من خاف الله حثه الخوف من الله على العمل بطاعته و الأخذ بتأديبه فبشر المطيعين المتأدبين بأدب الله و الآخذين عن الله أنه حق على الله أن ينجيه من مضلات الفتن و ما رأيت شيئا هو أضر لدين المسلم من الشح

74-  مشكاة الأنوار، عن أبي عبد الله ع قال بعث عيسى ابن مريم رجلين   من أصحابه في حاجة فرجع أحدهما مثل الشن البالي و الآخر شحما و سمينا فقال للذي مثل الشن ما بلغ منك ما أرى قال الخوف من الله و قال للآخر السمين ما بلغ بك ما أرى فقال حسن الظن بالله

75-  نوادر علي بن أسباط، عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله ع قال كان عابد من بني إسرائيل فطرقته امرأة بالليل فقالت له أضفني فقال امرأة مع رجل لا يستقيم قالت إني أخاف أن يأكلني السبع فتأثم فخرج و أدخلها قال و القنديل بيده فذهب يصعد به فقالت له أدخلتني من النور إلى الظلمة قال فرد القنديل فما لبث أن جاءته الشهوة فلما خشي على نفسه قرب خنصره إلى النار فلم يزل كلما جاءته الشهوة أدخل إصبعه النار حتى أحرق خمس أصابع فلما أصبح قال اخرجي فبئست الضيفة كنت لي