اتهام يوسف بالسرقة

روي ان يعقوب عندما ولد له يوسف دفعه الى اخته ابنة اسحاق تحضنه ، فاحبته حبا شديدا ، واحبه يعقوب ايضا حبا شديدا ، فقال لاخته : اخيّة ، سلمي اليّ يوسف فو الله ما اقدر ان يغيب عني ساعة ، فقالت : والله ما انا بتاركته ساعة ، فاصر يعقوب على اخذه منها. فقالت : اتركه عندي اياما لعل ذلك يسليني ، ثم عمدت الى منطقة اسحاق ، وكانت عندها ، فحزمتها على وسط يوسف ثم قالت : فقد فقدت المنطقة فانظروا من اخذها ، فكشفوا اهل البيت فوجدوها مع يوسف ، وكان من مذهبهم ان صاحب السرقة يأخذ السارق له لا يعارضه فيه احد ، فاخذت يوسف فامسكته عندها حتى ماتت ، واخذه يعقوب بعد موتها. فهذا الذي تاول اخوة يوسف في قولهم : « ان يسرق فقد سَرق اخ له من قبل ». وقيل غير هذا ... وحينما سمع كلامهم يوسف تأثر تأثيرا شديدا لكنه كتمه في نفسه ولم يبدها لهم ، بل قال لهم : انكم احقر واشر مكانا ممن تتهمونه وتنسبون اليه السرقة ، وانتم احقر الناس عندي « قال انتم شر مكانا ». صدر الحكم على بنيامين كما هو المرسوم عندهم ، ان يبقى عند العزيز ويقوم بخدمته ويكون عبدا له كسائر عبيده. حاول الاخوة ان يستنقذوا اخاهم بشتى الطرق ، وقالوا للعزيز يوسف الذي كان مجهول الهوية عندهم : ان ابانا شيخ كبير فخذ احدنا مكانه واترك هذا لنا كي نرجعه الى ابيه فانه شيخ كبير ولا طاقة له بفراق ولده العزيز ، فنرجوا منك ان تترحم علينا وعلى ابيه. فرفض يوسف طلبهم وقال لهم : معاذ الله ان ناخذ الا من وجدنا متاعنا عنده ، فان العدل والانصاف ان يكون المعاقب هو السارق ولو فعلنا لعدنا من الظالمين. فبعد ان فشلوا في تبرئة اخيهم ، وبعد ان رفض العزيز استعباد احدهم بدل بنيامين ، استولى عليهم اليأس وصمموا على الرجوع والعودة الى كنعان لكي يخبروا اباهم بما حدث. وعندما وصلوا الى مدينتهم ودخلوا على ابيهم ، رآهم منهوكي القوى والالم والحزن بادي على وجوههم ولم يكن معهم بنيامين واخيه الاكبر ، سألهم ما الخبر ؟ اخبروه بالواقعة بالتفصيل ، استولى عليه الحزن والغضب وقال لهم : ان اهوائكم الشيطانية هي التي استولت عليكم وزينت لكم الأمر بهذه الصورة التي انتم تصفون. ولكن بعد العتاب المليء بالحزن والاسى رجع يعقوب الى قرارة نفسه وقال : فصبر جميل لكني على امل بان الله سبحانه وتعالى سوف يعيد لي اولادي ، يوسف وبنيامين واخوهم الاكبر ، « اخاهم الاكبر الذي لم يرجع معهم وبقي في مصر حزنا وتألما على ابيه الذي اخذ منهم المواثيق بان يردوا له بنيامين ، وقال : لا ابرح من هذه الارض حتى اموت فيها ، او ان يفتح الله سبحانه وتعالى لنا سبيلا للنجاة ، او عذرا مقبولا عند ابينا ». ثم بعد هذه المحاورات بين يعقوب واولاده ، استولى عليه الحزن والالم ، وتذكر ولده يوسف ، وتذكر تلك الايام الجميلة التي كان يحتضن فيها ولده الجميل ، وعلى اثر ذلك ابتعد يعقوب عن اولاده واخذ يبكي على ولديه يوسف وبنيامين حتى فقد بصره وصار بصيرا ، وكان يقول : « انما اشكوا بثي وحزني الى الله واعلم من الله ما لا تعملون ».