الاعتراف بالذنب

لم يوافق يوسف على الخروج من السجن دون ان يثبت براءته وطهارته امام الجميع ، كما يُثبت ضمنا تلوث النظام الحكومي وما يجري في قصر الملك وقصر وزيره ! فالتفت الى رسول الملك وقال له : ارجع الى الملك واسأله ما بال النسوة التي قطعن ايديهن. عندما جاء الرسول واخبر الملك بطلب يوسف ، احضر النسوة وكانت العزيزة حاضرة ايضا وسألهن وقال : « ما خطبكن اذ راودتن يوسف عن نفسه » ، هل كان عنده من تقصير او ذنب ؟ فتيقظ الوجدان ونطقن بالحق جميعا وقلن : « حاش لله ما علمنا عليه من سوء » واعترفن بذنبهن. وقالت العزيزة حيث كانت حاضرة تسمع وترى ، فلم تجد القدرة في نفسها على السكوت ، ودون ان تُسأل واحست بضميرها يستيقظ والوقت قد حان لان تعترف وتنزه يوسف ، وخاصة انها رأت كرم يوسف المنقطع النظير من خلال رسالته الى الملك ، اذ لم يعرض فيها بالطعن في شخصيتها ولم يذكرها بسوء ، بل كان كلامه مغلقا تحت عنوان « نسوة مصر ». فصرخت وقالت : « الآن حصحص الحق انا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين ». نعم واخيرا اعترفت العزيزة بذنبها وطلبت من الله عزوجل العفو والتوبة وقالت : « وما ابرئ نفسي ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربي ان ربي غفور رحيم ». وقد تركت العشق المجازي والمادي ، وتمسكت بالعشق الحقيقي الروحاني وهو « عشق الله » والاخلاص لعبودية الله الواحد الاحد ، اله يوسف ويعقوب. وبهذا ثبتت براءة يوسف وخرج من السجن واصبح من المقربين للملك ، ومن المخلصين للرعية ، ومتنفذا للمستضعفين ، وملجأ للمحرومين.