الترغيب والترهيب

يستمر نوح عليه السلام في تبليغه المؤثر لقومه المعاندين العصاة ويعتمد في هذه المرة على عوامل الترغيب والتشجيع ، ويوعدهم بانفتاح ابواب الرحمة الالهية من كل جهة فيما اذا تابوا من الشرك واصلحوا انفصهم وعبدوا الله ، وبالفعل دعى لهم نوح وطلب من الله ان ينزل عليهم الرحمة والرزق ويفيض عليهم الامطار المعنوية والمادية ، وبالفعل استجاب الله له وامطر عليهم من رحمته المعنوية والمادية وكثرة الاموال والاولاد والثروات الانسانية والحيوانية ... ولكن عندما اصر قوم نوح على الكفر وامتنعوا من عبادة الله حل عليهم القحط وهلك الحرث والزرع والاولاد ، وتلفت الاموال واصاب نسائهم العقم ، وقل عندهم الانجاب. فقال لهم نوح عليه السلام : ان تؤمنوا بالله فسيدفع عنكم كل هذه البلايا والمصائب وتعود عليكم النٍعَم ، ولكنهم ما اتعظوا بذلك وضلوا في طغيانهم يعمهون ، واستمروا في غيهم حتى حل عليهم العذاب النهائي. وان سبب الحرمات والكوارث من زلازل وفيضانات وشحة الامطار في العالم سببه العقوبات على الذنوب التي يرتكبها الانسان ، وفي الوقت الذي يتوب الانسان ولا يرتكب الذنوب ويتخذ طريق الحق والتقوى ، يصرف الله تعالى عنه هذه العقوبات ، وحتى لو تحدث الكوارث الطبيعية لا تؤثر فيه ولا تنشل الحركة. واذا كنا نرى ان هناك مجتمعات يواجهون تقدما في الامور المادية والعلوم الاستراتيجية وذلك مع كفرهم وانعدام التقوى فيهم ، يجب ان نعرف ايضا ان ذلك لابد من ان يكون مرهونا بالمحافظة النسبية لبعض الاصول الاخلاقية ، مثل : الاخلاص في العمل ، وعدم الكذب ، وعدم السرقة والغش ، وغير ذلك فلمثل هذه الامور لها اثار وضعية مهمة جدا ، ولذلك نرى الله تعالى يرزق هؤلاء مقابل صدقهم وصفائهم. علما ان الواقع هو قوله تعالى : « ولا يحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لانفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين » (1).
________________________________________
1 ـ ال عمران : 178.