ايمان السحرة بموسى عليه السلام

فلما ارتفع نهار ذلك اليوم ، وجمع فرعون الخلق والسحرة من كل الاقطار ، وجلس هو في القبة التي صنعت له من الحديد والفولاد ، وكانت اذا وقعت الشمس عليها لم يقدر احد ان ينظر اليها من لمع الحديد ووهج الشمس ، وجاء السحرة وقالوا لموسى : اما تلقي انت او نلقي نحن ، فقال لهم موسى : القوا ما انتم ملقون ، فالقوا حبالهم وعصيهم فاقبلت تضطرب مثل الحيات وهاجت ، فلما رأى موسى ذلك خاف وكاد ان ينهزم ، فجائه النداء ، لا تخف يا موسى انك انت الاعلى والقي ما في يمينك ، فالقى العصى واذا هي ثعبان عظيم فتحت فاها واخذت تاكل ما القوه ، وانهزم الناس خوفا منها ، وقتل منهم عشرة آلاف رجل وامراة وصبي وطأ بالاقدام عند الهرب ، ودارت الافعى على قبة فرعون وهامان فاحدثا في ثيابهما من شدة الخوف وغشي عليهما ... بعد ذلك ناداه الله : خذها يا موسى ولا تخف سنعيدها الى سيرتها الاولى ، فادخل يده في فمها ومسكها فاذا هي عصا كما كانت ... فلما رأى السحرة ذلك خروا ساجدين لله تعالى وآمنوا برب العالمين ، رب موسى وهارون. فغضب فرعون عند ذلك غضبا شديدا وقال : آمنتم له قبل ان آذن لكم انه لكبيركم الذي علمكم السحر ، فسوف اقطع ايديكم وارجلكم من خلاف ثم لاصلبنكم اجمعين. فقالوا له لا مانع لنا من ذلك انا آمنا بالله وسوف نعود الى ربنا ونطمع ان يغفر لنا خطايانا لاننا اول من آمن برب العالمين ، افعل ما يحلو لك ... « لا ضير انا الى ربنا لمنقلبون ، انا نطمع ان يغفر لنا ربنا خطايانا ان كنا اول المؤمنون » (1). 

________________________________________

1 ـ الشعراء : 51.