خروج موسى عليه السلام من السجن

فحبس فرعون من آمن بموسى في السجن حتى انزل الله تعالى على فرعون وقومه الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم فتالم فرعون وعلم ان هذا غضب الرب عليهم لانه سجن موسى عليه السلام واصحابه فاضطر الى اطلاق سراحهم. بعدما خرج موسى وقومه من السجن اوصى الله اليه ان اخرج من هذه البلاد مع الذين آمنوا بي من عبادي ، واعلمهم انه سوف يتبعهم فرعون وجنوده. فخرج موسى ومعه بني اسرائيل وبينما هم سائرون واذا اعترضهم في الطريق بحر عظيم لا يمكن عبوره ، وفي نفس الوقت خرج فرعون وجميع من معه من اصحابه وجنوده ، وركب هو في الف الف وخرج لقتال موسى عليه السلام واصحابه ، وتركوا المدينة وما فيها من كنوز واموال. فلما قرب موسى من البحر وقرب فرعون من موسى ، خاف اصحاب موسى من فرعون وجنوده وقالوا لقد ادركنا فرعون ، فقال لهم موسى عليه السلام لا تخافوا ان الله معنا سوف ينجينا من الخطر. في هذه اللحظة الحرجة انقذ الله موسى واصحابه واوحى الله الى موسى « ان اضرب بعصاك البحر » فضربه فانفلق البحر كالطود العظيم ، اي كالجبل العظيم ، وارتفع الماء وظهرت الارض يابسة وطلعت عليها الشمس فيبست ، وامره الله ان يدخل مع قومه وقال له : « لا تخاف دركا ولا تخشى » (1) ودخل موسى واصحابه البحر ، وكان معه اثني عشر سبطا ، فضرب الله لهم في البحر اثنى عشر طريقا ، فاخذ كل سبط في طريق ، وكان الماء قد ارتفع على رؤوسهم مثل الجبل ، وكان ينظر بعضهم الى بعض ويتحدثون. فلما وصل فرعون الى البحر ورآها قد انفلق الى موسى ، « استغل هذه الفرصة » قال لاصحابه : الا تعلمون اني ربكم الاعلى وقد انفرج لي البحر ؟ ادخلوا ولا تخافوا ، فلم يجسر احد ان يدخل البحر وامتنعت الخيل منه لهول الماء ، فاقتحم فرعون البحر واقتحم اصحابه خلفه ، فلما دخلوا كلهم ، ودخل آخر من دخل من اصحابه وخرج آخر من خرج من اصحاب موسى عليه السلام ، امر الله تعالى الرياح فضربت البحر بعضه ببعض ، فاقبل الماء يقع عليهم مثل الجبال واغرقهم جميعا ، فلما رأى فرعون الموت المحقق قال : « آمنت انه لا اله الا الذي آمنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين » (2) فاخذ جبرئيل كفا من حمأة فدسها في فيه وقال : الآن وقد عصيت الله من قبل وكنت من المفسدين ، فهلك فرعون ومن معه ونجى موسى عليه السلام ومن معه ..

 ________________________________________

1 ـ طه : 77. 

2 ـ يونس : 90.