ظهور العجائب حين الولادة

 

لما ولد النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم ظهرت عجائب وغرائب حين ولادته صلى الله عليه واله وسلم يقول عبد المطلب لما ولد محمد صلى الله عليه واله وسلم اتيته فرايت النور بين عينيه يزهر ، فحملته وتفرست في وجهه فوجدت منه ريح المسك ، وصرت كاني قطعة مسك من شدة ريحي ، ثم اخذته الى الحرم وعوذته باركان الكعبة.     وتقول امنة بنت وهب سلام الله عليها : انه لما اخذني الطلق ، واشتد بي الامر ، سمعت جلبة وكلاما لا يشبه كلام الادميين ، ورايت علما من سندس على قضيب من ياقوت قد ضرب بين السماء والارض ، ورايت نورا يسطع من راسه حتى بلغ السماء ، ورايت قصور الشامات كانها شعلة نار اضاءت بنورها قصور الشامات ... » (1).     وروي عن الصادق عليه السلام :     كان ابليس لعنه الله يخترق السماوات السبع فلما ولد عيسى عليه السلام حجب عن ثلاث سماوات ، وكان يخترق اربع سماوات ، فلما ولد محمد صلى الله عليه واله وسلم حجب عن السبع كلها ، ورميت الشياطين بالنجوم ، وقالت قريش : هذا اليوم قيام الساعة الذي كنا نسمع اهل الكتاب يذكرونه ، وقال عمر بن امية : وكان من افضل اهل الجاهلية ، انظروا الى هذه النجوم التي يهتدي بها ، ويعرف بها ازمان الشتاء والصيف ، فان كان رمي بها فهو هلاك كل شيء ، وان كانت ثبتت ورمي بغيرها فهو امر حدث.     واصبحت الاصنام كلها صبيحة ولد النبي صلى الله عليه واله وسلم ليس منها صنم الا وهو منكب على وجهه ، وارتجس (2) في تلك الليلة ايوان كسرى ، وسقطت منه اربعة عشر شرفة (3).     وغاصت بحيرة ساوة (4).     وفاض وادي السماوة (5).     وخمدت نيران فارس ، ولم تخمد قبل ذلك بالف عام.     وراى المؤبذان (6) في تلك الليلة في المنام ابلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة ، واستويت في بلادهم.     وانفصم طاق الملك كسرى من وسطه ، « ولا يزال الى اليوم موجود في بغداد ».     وانخرقت عليه دجلة العوراء.     وانتشر في تلك اليله نور من قبل الحجاز ثم استطار حتى بلغ المشرق.     ولم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا الا اصبح منكوسا ، والملك مخرسا لا يتكلم يومه ذلك.     وانتزع علم الكهنة ، وبطل سحر السحرة ، ولم يبق كاهنة في العرب الا حجبت عن صاحبها.     وعظمت قريش في العرب ، وسموا ال الله عزوجل.     قال ابو عبد الله الصادق عليه السلام : انما سموا ال الله لانهم في بيت الله الحرام.     وقيل ايضا لما ولد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : صاح ابليس لعنه الله ابالسته فاجتمعوا اليه ، فقالوا : ما الذي افزعك يا سيدنا ؟ فقال لهم : ويلكم لقد انكرت السماء والارض منذ الليلة ، لقد حدث في الارض حدث عظيم ما حدث مثله منذ رفع عيسى بن مريم عليه السلام : فاخرجوا وانظروا ما هذا الحدث الذي قد حدث ، فافترقوا ، ثم اجتمعوا اليه فقالوا : ما وجدنا شيئا ، فقال ابليس لعنه الله : انا لهذا الامر ، ثم انغمس في الدنيا فجالها حتى انتهى الى الحرم فوجد الحرم محفوظا بالملائكة ، فذهب ليدخل فصاحوا به ، فرجع ، ثم صار مثل الصر ، وهو العصفور الصغير ، فدخل من القصر ، فقال له جبرئيل ؛ وراك لعنك الله ، فقال له : حرف اسالك عنه جبرئيل ، ما هذا الحدث الذي حدث منذ الليلة في الارض ؟ فقال له : ولد محمد صلى الله عليه واله وسلم فقال له : هل لي فيه نصيب ؟ قال : لا ، قال : ففي امته ؟ قال : نعم ، قال : رضيت (7).     عن امير المؤمنين علي عليه السلام قال : لما ولد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم القيت الاصنام في الكعبة على وجوهها ، فلما امسى سمع صيحة في السماء : « جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا » (8). 
________________________________________
1 ـ نفس المصدر : ص 256. 
2 ـ الارتجاس : الاضطراب والتزلزل الذي له صوت شديد. 
3 ـ اي يملك الحكم بعد كسرى اربعة عشر ملك من الفرس وبعد ذلك ينتهي حكم ملوك كسرى. 
4 ـ ساوة : بحيرة في ايران. 
5 ـ السماوة : بين الكوفة والشام. 
6 ـ المؤبذان : فقيه الفرس وحاكم المجوس. 
7 ـ امالي الصدوق ص 171 عنه البحار : ج 15 ص 257. 
8 ـ نفس المصدر : ص 274.