من هم الحواريون

قال تعالى : « فلما احس عيسى منهم الكفر قال من انصاري الى الله قال الحواريون نحن انصار الله آمنا بالله واشهد بانا مسلمون » (1). كان اليهود ينتظرون مجيء عيسى المسيح بعدما بشرهم به موسى عليه السلام قبل ان يولد ، وعندما ولد وبعث فيهم نبيا ، اعلن دعوته واثبتها بالادلة الكافية ، وعندما تعرضت مصالح بني اسرائيل للخطر ، وقفوا ضده واخذوا يصرون على المعارضة والعصيان والمعاندة والانحراف ، فنادى فيهم : من انصارى الى الله ، فاستجاب لندائه نفر قليل ، كانوا مؤمنين واطهارا سماهم القرآن الكريم بـ « الحواريين » لبوا نداء المسيح ووقفوا معه لنشر اهدافه وشريعته المقدسة. اعلن الحواريون استعدادهم لتقديم كل عون ومساعدة للمسيح وقالوا : نحن انصار الله آمنا بالله ، لم يقولوا نحن انصارك ، بل قالوا : نحن انصار الله ، يريدون ان يعربوا عن منتهى ايمانهم بالتوحيد ويؤكدوا اخلاصهم ، ولا يشم منهم اي رائحة للشرك ، نحن انصار الله ننصر دينه ونريدك ان تكون شاهدا علينا. و « حواريون » جمع حوري من مادة « حور » بمعنى الغسل والتبييض ، وقد تطلق على الشيء الابيض ، لذلك يطلق العرب على الطعام الابيض « الحواري » ، و « حور » جمع حوراء وهي البيضاء البشرة. اما سبب تسمية تلاميذ المسيح بالحواريين فقد ذكرت له احتمالات كثيرة منها : كانوا فضلا عن طهارة قلوبهم وصفاء ارواحهم ، كانوا دائبين السعي في تطهير الناس وتنوير افكارهم وغسلهم من ادران الذنوب. اما اسماؤهم كما جاءت في انجيل متّى ولوقا ، الباب السادس ، فهي : 1 ـ بطرس 2 ـ اندرياس 3 ـ يعقوب 4 ـ يوحنا 5 ـ فيلوبس 6 ـ برتولولما 7 ـ توما 8 ـ متّى 9 ـ يعقوب بن حلفا 10 ـ شمعون 11 ـ يهوذا اخو يعقوب 12 ـ يهوذا الاسخريوطي الذي خان المسيح. يذكر المرحوم الطبرسي في تفسير « مجمع البيان » ان الحواريين كانوا يرافقون المسيح في رحلاته ، وكلما عطشوا او جاعوا راوا الماء والطعام مهيئا امامهم بأمر الله ، فكانوا يرون في ذلك فخرا لهم ايّ فخر ، وسالوا المسيح : اهناك من هو افضل منا ؟ فقال : نعم ، افضل منكم من يعمل بيده وياكل من كسبه. وعلى اثر ذلك اشتغلوا بغسل الملابس للناس لقاء اجر وانشغلوا بذلك. وروي ان عيسى بن مريم عليه السلام قال : يا معشر الحواريين لي اليكم حاجة اقضوها لي ، قالوا : قضيت حاجتك يا روح الله ، فقام فغسل اقدامهم ، فقالوا : كنا نحن احق بهذا يا روح الله ، فقال : ان احق الناس بالخدمة العالم ، انما تواضعت هكذا حتى تتواضعوا بعدي في الناس كتواضعي لكم ، ثم قال عيسى عليه السلام : بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبر ، وكذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل (2). 

________________________________________

1 ـ آل عمران : 52. 

2 ـ بحار الانوار ج 14 ص 278.