أبواب آداب القاضي

 باب 1 -جملة منها

1    دعائم الإسلام، عن عليّ ع أنّه كتب إلى رفاعة لمّا استقضاه على الأهواز كتابا فيه ذر المطامع و خالف الهوى و زيّن العلم بسمت صالح نعم عون الدّين الصّبر لو كان الصّبر رجلا كان رجلا صالحا إيّاك و الملالة فإنّها من السّخف و النّذالة لا تحضر مجلسك من لا يشبهك تخيّر لودّك و اقض بالظّاهر و فوّض إلى العالم ]الباطن[ و دع عنك أظنّ و أحسب و أرى ليس في الدّين إشكال لا تمار سفيها و لا فقيها أمّا الفقيه فيحرمك خيره و أمّا السّفيه فيحزنك شرّه و لا تجادل أهل الكتاب إلّا بالّتي هي أحسن بالكتاب و السّنّة و لا تعوّد نفسك الضّحك فإنّه يذهب البهاء و يجرّئ الخصوم على الاعتداء إيّاك و قبول التّحف من الخصوم و حاذر الدّخلة من ائتمن امرأة حمق و من شاورها فقبل منها ندم احذر دمعة المؤمن فإنّها تقصف من دمّعها و تطفئ بحور النّيران عن صاحبها لا تبتز الخصوم و لا تنهر السّائل و لا تجالس في مجلس القضاء غير فقيه و لا تشاور في القضاء فإنّ المشورة في الحرب و مصالح العاجل و الدّين فليس بالرّأي إنّما هو الاتّباع لا تضيّع الفرائض و تتّكل على النّوافل أحسن إلى من أساء إليك و اعف عمّن ظلمك و ارع من نصرك و أعط من حرمك و تواضع لمن أعطاك و اشكر اللّه على ما أولاك و احمد على ما أبلاك العلم ثلاثة آية محكمة و سنّة متّبعة و فريضة عادلة و ملاكهنّ أمرنا

، و عنه ع عن رسول اللّه ص فيما عهده إليه و في رواية في عهده إلى مالك حين ولّاه مصر انظر في القضاء بين النّاس نظر عارف بمنزلة الحكم عند اللّه فإنّ الحكم ميزان قسط اللّه الّذي وضع في الأرض لإنصاف المظلوم من الظّالم و الأخذ للضّعيف من القويّ و إقامة حدود اللّه على سننها و منهاجها الّتي لا يصلح العباد و البلاد إلّا عليها فاختر للقضاء بين النّاس أفضل رعيّتك في نفسك و أجمعهم للعلم و الحلم و الورع ممّن لا تضيق به الأمور و لا تمحّكه الخصوم و لا يضجره عيّ العيّ و لا يفرطه جور الظّلّم ولا تشرف نفسه على الطّمع و لا يدخل في إعجاب و لا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه أوقفهم عند الشّبهة و آخذهم لنفسه بالحجّة و أقلّهم تبرّما من تردّد الحجج و أصبرهم على كشف الأمور و إيضاح الخصمين و لا يستميله الإغراء و لا يأخذ فيه التّبليغ بأن يقال قال فلان و قال فلان فولّ القضاء من كان كذلك الخبر

 و رواه في النّهج، عنه ع باختلاف تقدّم في كتاب المكاسب

 باب 2 -كراهة القضاء في حال الغضب و عدم جواز الحكم من غير تأمّل

1    دعائم الإسلام، عن رسول اللّه ص أنّه نهى أن يقضي القاضي و هو غضبان أو جائع أو ناعس و قال يقول اللّه جلّ و عزّ ]يا ابن آدم[ اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب و إلّا أمحقك فيمن أمحق

، و عن عليّ ع أنّه قال لرفاعة لا تقض و أنت غضبان و لا من النّوم سكران

 و تقدّم قوله ع و لا يدخل في إعجاب يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه

باب 3 -استحباب مساواة القاضي بين الخصمين في الإشارة و النّظر و المجلس و كراهة ضيافة أحد الخصمين دون الآخر

1    فقه الرّضا، ع اعلم أنّه يجب عليك أن تساوي بين الخصمين حتّى النّظر إليهما حتّى لا يكون نظرك إلى أحدهما أكثر من نظرك إلى الثّاني

2    دعائم الإسلام، عن رسول اللّه ص أنّه نهى أن ينزل الخصم على قاض

، و نزل رجل على عليّ ع بالكوفة فأضافه ثمّ جاءه في خصومة فقال ]له عليّ[ ع أ خصم أنت تحوّل عنّي فإنّ رسول اللّه ص نهى أن ينزل الخصم إلّا و معه خصمه

، و عن رسول اللّه ص أنّه نهى أن يحابي القاضي أحد الخصمين بكثرة النّظر و حضور الذّهن و نهى عن تلقين الشّهود

، و عن عليّ ع أنّه كان يقول ينبغي للحاكم أن يدع التّلفّت إلى خصم دون خصم و أن يقسّم النّظر فيما بينهما بالعدل و لا يدع خصما يظهر بغيا على صاحبه

باب 4 -أنّه لا يجوز للقاضي أن يحكم عند الشّكّ في المسألة و لا في حضور من هو أعلم منه و لا قبل سماع كلام الخصمين و يجب عليه إنصاف النّاس حتّى من نفسه

1    الصّدوق في العيون، عن محمّد بن عمر بن أسلم الجعابيّ عن الحسن بن عبد اللّه الرّازيّ التّميميّ عن أبيه عن الرّضا عن آبائه ع قال أمير المؤمنين ع قال النّبيّ ص لمّا وجّهني إلى اليمن إذا تحوكم إليك فلا تحكم لأحد الخصمين دون أن تسمع من الآخر قال فما شككت في قضاء بعد ذلك

2    دعائم الإسلام، عن رسول اللّه ص أنّه لمّا بعث عليّا أمير المؤمنين ع إلى اليمن قال له يا عليّ إذا قضيت بين رجلين فلا تقض للأوّل حتّى تسمع ما يقول الآخر

 و تقدّم قول عليّ ع فيما كتبه إلى رفاعة و لا تشاور في القضاء فإنّ المشورة في الحرب و مصالح العاجل

 باب 5 -أنّه يستحبّ للإنسان أن يقوم عن يمين خصمه و يستحبّ للقاضي أن يقدّم الّذي عن يمين خصمه بالكلام

1    فقه الرّضا، ع فإذا تحاكمت إلى حاكم فانظر أن تكون عن يمين خصمك إلى أن قال فإذا ادّعيا جميعا فالدّعوى للّذي على يمين خصمه

 باب 6 -كراهة الجلوس إلى قضاة الجور

1    الشّيخ المفيد في أماليه، عن عليّ بن خالد المراغيّ عن ثوابة بن يزيد عن أحمد بن عليّ المثنّى عن شبابة بن سوّار عن المبارك بن سعيد عن خليل الفرّاء عن أبي المجبر قال قال رسول اللّه ص أربعة مفسدة للقلوب إلى أن قال و مجالسة الموتى فقيل له يا رسول اللّه و ما مجالسة الموتى قال مجالسة كلّ ضالّ عن الإيمان و جائر في الأحكام

 باب 7 -أنّ المفتي إذا أخطأ أثم و ضمن

1    دعائم الإسلام، عن رسول اللّه ص أنّه قال من حكم في قيمة عشرة دراهم فأخطأ حكم اللّه جاء يوم القيامة مغلولة يده و من أفتى بغير علم لعنته ملائكة السّماء و ملائكة الأرض

، و عن أبي جعفر محمّد بن عليّ ع أنّه قال من أفتى بغير علم لعنته ملائكة السّماء و ملائكة الأرض و لحقه وزر من عمل بفتياه

، و سأل رجل ربيعة بن أبي عبد الرّحمن عن مسألة فأجابه قال له الأعرابيّ إن أنا فعلت ما أمرتني فهو في عنقك فسكت ربيعة فردّد ذلك عليه مرارا لا يجيبه و أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد ع يسمعه فقال يا أعرابيّ هو في عنقه قال أو لم يقل

 باب 8 -تحريم الرّشوة في الحكم و الرّزق من السّلطان على القضاء

1    دعائم الإسلام، عن جعفر بن محمّد ع أنّه قال من أكل السّحت الرّشوة في الحكم قيل يا ابن رسول اللّه و إن حكم بالحقّ قال و إن حكم بالحقّ قال فأمّا الحكم بالباطل فهو كفر كما قال اللّه عزّ و جلّ و من لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الكافرون

، و عن عليّ ع أنّه قال في حديث و لا بدّ من قاض و رزق للقاضي و كره أن يكون رزق القاضي على النّاس الّذين يقضي لهم و لكن من بيت المال

، و عنه ع عن رسول اللّه ص فيما عهد إليه من أمر القضاة بعد ذكر صفاتهم كما تقدّم ثمّ أكثر تعاهد أمره و قضاياه و ابسط عليه من البذل ما يستغني به عن الطّمع و تقلّ به حاجته إلى النّاس و اجعل له منك منزلة لا يطمع فيها غيره حتّى يأمن من اغتيال الرّجال إيّاه عندك و لا يحابي أحدا للرّجاء و لا يصانعه لاستجلاب حسن الثّناء أحسن توقيره في مجلسك و قرّبه منك الخبر

 و تقدّم قول عليّ ع فيما كتب إلى رفاعة احذر التّحف من الخصوم و حاذر الدّخلة

4    الجعفريّات، بإسناده عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليّ بن الحسين عن أبيه عن عليّ بن أبي طالب ع أنّه قال من السّحت ثمن الميتة إلى أن قال و الرّشوة في الحكم و أجر القاضي إلّا قاض يجرى عليه من بيت المال الخبر

، و بهذا الإسناد عن عليّ بن أبي طالب ع أنّه قال لا بدّ من قاض و رزق للقاضي

6    كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرميّ، عن عبد اللّه بن طلحة عن أبي عبد اللّه ع أنّه قال من أكل السّحت سبعة الرّشوة في الحكم الخبر

7    الشّيخ المفيد في أماليه، عن جعفر بن محمّد بن قولويه عن أبيه عن سعد بن عبد اللّه عن أحمد بن محمّد بن عيسى و محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب جميعا عن الحسن بن محبوب عن ابن سنان ]عن أبي حمزة الثّماليّ[ عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر ع في حديث قال قال موسى بن عمران ع إلهي فمن ينزل دار القدس عندك قال الّذين لا تنظر أعينهم إلى الدّنيا و لا يذيعون أسرارهم في الدّين و لا يأخذون على الحكومة الرّشا الخبر

8    عوالي اللآّلي، عن النّبيّ ص أنّه قال لعن اللّه الرّاشي و المرتشي و من بينهما يمشي

 باب 9 -تحريم الحيف في الحكم و الميل مع أحد الخصمين

1    دعائم الإسلام، عن عليّ ع أنّه كتب إلى رفاعة قاضيه على الأهواز اعلم يا رفاعة أنّ هذه الإمارة أمانة فمن جعلها خيانة فعليه لعنة اللّه إلى يوم القيامة و من استعمل خائنا فإنّ محمّدا ص منه بري‏ء في الدّنيا و الآخرة

، و عن أبي جعفر محمّد بن عليّ ع أنّه قال كان في بني إسرائيل قاض و كان يقضي بينهم بالحقّ فلمّا حضره الموت قال لامرأته إذا أنا متّ و دليت في لحدي فانزلي إليّ و انظري إلى وجهي فإنّك ترين ما يسرّك إن شاء اللّه ففعلت فرأت دودة عظيمة تعترض في منخره ففزعت من ذلك فلمّا كان اللّيل رأته في منامها فقال لها أ فزعك ما رأيت منّي قالت أجل لقد فزعت قال ما كان الّذي رأيت إلّا من أجلك خاصم إليّ أخوك رجلا فلمّا جلسا إليّ قلت في نفسي اللّهمّ اجعل الحقّ له و وجّه القضاء على صاحبه فلمّا اختصما كان الحقّ كما أحببت فوجّهت القضاء فأصابني من ذلك ما رأيت

3    القطب الرّاونديّ في قصص الأنبياء، بإسناده إلى الصّدوق عن محمّد بن موسى بن المتوكّل عن عبد اللّه بن جعفر الحميريّ عن أحمد بن محمّد عن أبي حمزة الثّماليّ عن أبي جعفر ع قال كان قاض في بني إسرائيل و كان يقضي بالحقّ فيهم فلمّا حضرته الوفاة قال لامرأته إذا متّ فاغسليني و كفّنيني و غطّي وجهي و ضعيني على سريري فإنّك لا ترين سوءا إن شاء اللّه تعالى فلمّا مات فعلت ما كان أمرها به ثمّ مكثت بعد ذلك حينا ثمّ إنّها كشفت عن وجهه فإذا دودة تقرض من منخره ففزعت من ذلك فلمّا كان اللّيل أتاها في منامها يعني رأته في النّوم فقال لها فزعت ممّا رأيت قالت أجل قال و اللّه ما هو إلّا في أخيك و ذلك أنّه أتاني و معه خصم له فلمّا جلسا قلت اللّهمّ اجعل الحقّ له فلمّا اختصما كان الحقّ له ففرحت فأصابني ما رأيت لموضع هواي مع موافقة الحقّ

 باب 10 -تحريم الحكم بالجور

1    الجعفريّات، أخبرنا عبد اللّه أخبرنا محمّد حدّثني موسى قال حدّثنا أبي عن أبيه عن جدّه جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليّ بن الحسين عن أبيه أنّ عليّا ع اشتكى عينيه فعاده رسول اللّه ص فإذا عليّ ع يصيح فقال له النّبيّ ص أ جزعا أم وجعا فقال عليّ ع ما وجعت وجعا قطّ أشدّ منه فقال يا عليّ إنّ ملك الموت إذا نزل لقبض روح الفاجر نزل معه بسفّود من نار فنزع روحه فتصيح جهنّم فاستوى عليّ ع جالسا فقال يا رسول اللّه هل يصيب ذلك أحدا من أمّتك فقال نعم حاكم جائر و آكل مال اليتيم و شاهد الزّور

2    عوالي اللآّلي، عن النّبيّ ص قال إذا جلس القاضي في مجلسه هبط عليه ملكان يسدّدانه و يرشدانه فإذا جار عرجا و تركاه

3    دعائم الإسلام، عن رسول اللّه ص أنّه قال من جار متعمّدا أو مخطئا فهو في النّار

، و عن عليّ ع أنّه قال إذا فشا الزّنى ظهر موت الفجأة و إذا جار الحاكم قحط المطر

، و عنه ع أنّه قال القضاة ثلاثة واحد في الجنّة و اثنان في النّار رجل جار متعمّدا فذلك في النّار

6    أمين الإسلام الطّبرسيّ في مجمع البيان، عن البراء بن عازب قال كان معاذ بن جبل جالسا قريبا من رسول اللّه ص في منزل أبي أيّوب الأنصاريّ فقال معاذ يا رسول اللّه أ رأيت قول اللّه تعالى يوم ينفخ في الصّور فتأتون أفواجا الآيات فقال يا معاذ سألت عن عظيم ]من[ الأمر ثمّ أرسل عينيه ثمّ قال تحشر عشرة أصناف من أمّتي أشتاتا قد ميّزهم اللّه تعالى من المسلمين و بدّل صورهم إلى أن قال و بعضهم عمي يتردّدون إلى أن قال و العمي الجائرون في الحكم الخبر

7    القطب الرّاونديّ في لبّ اللّباب، عن النّبيّ ص أنّه قال من حكم بين اثنين فجار فقد ظلم فلعنة اللّه على الظّالمين

 و قال ص إنّي أخاف على أمّتي من بعدي ثلاثة زلّة عالم و حكم جائر و هوى متّبع

 باب 11 -نوادر ما يتعلّق بأبواب آداب القاضي

1    دعائم الإسلام، عن رسول اللّه ص أنّه نهى أن يتكلّم القاضي قبل أن يسمع قول الخصمين يعني يتكلّم بالحكم

، و عن رسول اللّه ص أنّه قال لأسامة بن زيد و قد سأله حاجة لبعض من خاصم إليه يا أسامة لا تسألني حاجة إذا جلست مجلس القضاء فإنّ الحقوق ليس فيها شفاعة

، و عن عليّ ع أنّه بلغه أنّ شريحا يقضي في بيته فقال يا شريح اجلس في المسجد فإنّه أعدل بين النّاس فإنّه وهن بالقاضي أن يجلس في بيته

، و عنه ع أنّه قال دخلت المسجد فإذا برجلين من الأنصار يريدان أن يختصما إلى رسول اللّه ص فقال أحدهما لصاحبه هلمّ نختصم إلى عليّ ع فجزعت من قوله فنظر إليّ رسول اللّه ص و قال انطلق و اقض بينهما قلت و كيف أقضي بحضرتك يا رسول اللّه قال نعم فافعل فانطلقت فقضيت بينهما فما رفع إليّ قضاء بعد ذلك اليوم إلّا وضح لي

5    إبراهيم بن محمّد الثّقفيّ في كتاب الغارات، عن إسماعيل بن أبان عن عمر بن شمر عن سالم الجعفيّ عن الشّعبيّ قال وجد عليّ ع درعا له عند نصرانيّ فجاء به إلى شريح يخاصمه إليه فلمّا نظر إليه شريح ذهب يتنحّى فقال مكانك فجلس إلى جنبه و قال يا شريح أما لو كان خصمي مسلما ما جلست إلّا معه و لكنّه نصرانيّ و قال رسول اللّه ص إذا كنتم و إيّاهم في طريق فالجئوهم إلى مضائقه و صغّروا بهم كما صغّر اللّه بهم في غير أن تظلموا الخبر

6    عوالي اللآّلي، روي أنّ أمير المؤمنين ع ولّى أبا الأسود الدؤليّ القضاء ثمّ عزله فقال له لم عزلتني و ما خنت و لا جنيت فقال ع إنّي رأيت كلامك يعلو كلام خصمك

، و عن عليّ ع قال لا يعدي الحاكم على الخصم إلّا أن يعلم بينهما معاملة