الشهيد والقافلة

بغية المريد في الكشف عن أحوال الشهيد للشيخ الفاضل الأجل تلميذه محمّد بن عليّ بن الحسن العودي قال في ضمن وقائع سفر الشهيد رحمه الله من دمشق إلى مصر ما لفظه:

واتفق له في الطريق ألطاف إلهية، وكرامات جلية حكى لنا بعضها. منها ما أخبرني به ليلة الأربعاء عاشر ربيع الأوّل سنة ستين وتسعمائة أنه في الرملة مضى إلى مسجدها المعروف بالجامع الأبيض لزيارة الأنبياء والذين في الغار وحده، فوجد الباب مقفولا وليس في المسجد أحد، فوضع يده على القفل وجذبه فانفتح فنزل إلى الغار، واشتغل بالصلاة والدعاء، وحصل له إقبال على الله بحيث ذهل عن انتقال القافلة، فوجدها قد ارتحلت، ولم يبق منها أحد فبقي متحيرا في أمره مفكرا في اللحاق مع عجزه عن المشي وأخذ أسبابه ومخافته وأخذ يمشي على أثرها وحده فمشى حتّى أعياه التعب، فلم يلحقها، ولم يرها من البعد.

فبينما هو في هذا المضيق إذ أقبل عليه رجل لاحق به وهو راكب بغلا، فلما وصل إليه قال له: اركب خلفي.

فردفه ومضى كالبرق، فما كان إلا قليلا حتّى لحق بالقافلة(1) وأنزله وقال له: اذهب إلى رفقتك.

ودخل هو في القافلة قال: فتحريته مدة الطريق أني أراه ثانيا فما رأيته أصلا ولا قبل ذلك.

 

 

 

 

(1) في النسخة (لحق به القافلة) والسياق يقتضي ما أثبتناه.