تضوع المسك في سرداب الغيبة

حدثني الثقة العدل الأمين آغا محمّد المجاور لمشهد العسكريين عليهما السلام المتولي لأمر الشموعات، لتلك البقعة العالية، فيما ينيف على أربعين سنة، وهو أمين السيد الأجل الاستاذ دام علاه، عن امه وهي من الصالحات قالت: كنت يوما في السرداب الشريف، مع أهل بيت العالم الرباني والمؤيد السبحاني المولى زين العابدين السلماسي المتقدم ذكره رحمه الله وكان حين مجاورته في هذه البلدة الشريفة لبناء سورها.

قالت: وكان يوم الجمعة، والمولى المذكور يقرأ دعاء الندبة، وكنا نقرؤها بقراءته، وكان يبكي بكاء الواله الحزين، ويضج ضجيج المستصرخين، وكنا نبكي ببكائه، ولم يكن معنا فيه غيرنا.

فبينا نحن في هذه الحالة، وإذا بشرق مسك ونفحته قد انتشر في السرداب وملاء فضاءه وأخذ هواءه واشتد نفاحه، بحيث ذهبت عن جميعنا تلك الحالة فسكتنا كأن على رؤوسنا الطير، ولم نقدر على حركة وكلام، فبقينا متحيرين إلى أن مضى زمان قليل، فذهب ما كنا نستشمه من تلك الرائحة الطيبة ورجعنا إلى ما كنا فيه من قراءة الدعاء فلما رجعنا إلى البيت سألت عن المولى رحمه الله عن سبب ذلك الطيب، فقال: مالك والسؤال عن هذا وأعرض عن جوابي.

وحدثني الأخ الصفي العالم المتقي الآغا عليّ رضا الاصفهاني الذي مر ذكره، وكان صديقه وصاحب سره، قال: سألته يوما عن لقائه الحجة عليه السلام وكنت أظن في حقه ذلك كشيخه السيد المعظم العلامة الطباطبائي كما تقدم فأجابني بتلك الواقعة، حرفا بحرف، وقد ذكرت في دار السلام بعض كراماته ومقاماته رحمة الله عليه.