« علة خلق آدم عليه السلام وابليس « لع

من سؤال الزنديق الذي سأل ابا عبد الله الصادق عليه السلام عن مسائل كثيرة انه قال :

« فلأي علة خلق الله الخلق وهو غير محتاج اليهم ، ولا مضطر الى خلقهم ، ولا يليق به التعبث بنا ؟

قال عليه السلام : خلقهم لاظهار حكمته وانفاذ علمه وامضاء تدبيره.

قال : افمن حكمته ان جعل لنفسه عدوا ، وقد كان ولا عدو له ، فخلق كما زعمت « ابليس » فسلطه على عبيده يدعوهم الى خلاف طاعته ، ويامرهم بمعصيته ، ويصل الى قلوبهم فيوسوس اليهم ... فلِم سلط عدوه على عبيده ، وجعل له السبيل الى اغوائهم ؟

قال عليه السلام : ان هذا العدو الذي ذكرت لا تضره عداوته ، ولا تنفعه ولايته ، وعداوته لا تنقص من ملكه شيئا ، وولايته لا تزيد فيه شيئا ، وانما يتقي العدو اذا كان في قوة يضر وينفع ، ان هم بملك اخذه ، او بسلطان قهره.

فاما ابليس فعبد ، خلقه ليعبده ويوحده ، وقد علم حين خلقه ما هو الى ما يصير اليه ، فلم يزل يعبده مع ملائكته حتى امتحنه بسجود آدم ، فامتنع من ذلك

حسدا ، وشقاوة غلبت عليه فلعنه عند ذلك ، واخرجه عن صفوف الملائكة ، وانزله الى الارض ملعونا مدحورا فصار عدو آدم وولده بذلك السبب ، وماله من السلطنة على ولده الا الوسوسة ، والدعاء الى غير السبيل ، وقد اقر مع معصيته لربه بربوبيته.

قال : أفيصلح السجود لغير الله ؟

قال عليه السلام : لا.

قال : فكيف امر الله الملائكة بالسجود لآدم ؟

فقال عليه السلام : ان من سجد بأمر الله فقد سجد لله ، فكان سجوده لله اذا كان عن امر الله تعالى. (1) وذلك مثل سجود يعقوب وابنائه مقابل يوسف شكرا لله تعالى حيث قال عزوجل : « ورفع ابويه على العرش وخروا له سجدا ... » (2) فكان سجودهم هذا شكرا لله عزوجل على حسن العاقبة ومعرفة الحقيقة وارجاع يوسف لابويه وحصوله على هذه المنزلة العظيمة من الله تعالى ، كذلك كان سجود الملائكة لآدم عليه السلام سجودا بأمر من الله ، وسجود عبادة خالصة لله عزوجل.

________________________________________

1 ـ الاحتجاج : ج 2 ص 217.

2 ـ يوسف : 100.