نبوة هود عليه السلام

بالاسناد عن الصدوق ... عن وهب قال

لما تم لهود عليه السلام اربعون سنة اوحى الله تعالى اليه : ان ائت قومك فادعهم الى عبادتي وتوحيدي ، فان اجابوك زدتهم قوة واموالا ، فبينما هم مجتمعون اذ اتاهم هودـ فقال : يا قوم اعبدوا الله مالكم من اله غيره.

فقالوا : يا هود لقد كنت عندنا ثقة امينا ، قال : فاني رسول الله اليكم ، دعوا عبادة الاصنام ، فلما سمعوا ذلك منه بطشوا به وخنقوه وتركوه كالميت ، فبقي يومه وليلته مغشيا عليه ، فلما افاق قال : يا رب اني قد عملت وقد ترى ما فعل بي قومي ، فجاء جبرئيل عليه السلام فقال : يا هود ان الله تعالى يامرك ان لا تفتر عن دعائهم وقد وعدك ان يلقي في قلوبهم الرعب فلا يقدرون على ضربك بعدها.

فبقي هو في قومه يدعوهم الى الله وينهاهم عن عبادة الاصنام حتى تخصب بلادهم وينزل الله عليهم المطر ، وهو قوله عزوجل : « ويا قومي استغفروا ربكم ثم توبوا اليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزيدكم قوة الى قوتكم ولا تتولوا مجرمين » (1).

فقالوا كما حكي الله عزوجل : « يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين » (2).

فلما لم يؤمنوا ارسل الله عليهم الريح الصرصر ـ يعني الباردة ـ قال تعالى : « انا ارسلنا عليهم ريحا صرصرا (3) في يوم نحس مستمر » (4).

وحكى في سورة الحاقة فقال : « واما عاد فاهلكوا بريح صرصر عاتية » (5).

عن ابي جعفر عليه السلام قال : الريح العقيم تخرج من تحت الارضين السبع وما خرج منها شيء قط الا على قوم عاد حين غضب الله عليهم ، فأمر الخزان ان يخرجوا منها مثل سعة الخاتم ، فعصت على الخزنة ، فخرج منها مثل مقدار منخر الثور تغيظا منها على قوم عاد.

فضج الخزنة الى الله من ذلك وقالوا : يا ربنا انها قد عصت علينا ونحن نخاف ان يهلك من لم يعصك من خلقك وعمار بلادك ، فبعث الله جبرئيل فردها بجناحه وقال لها : اخرجي على ما امرت به ، فرجعت وخرجت على ما امرت به فاهلكت قوم عاد ومن كان بحضرتهم. (6)

________________________________________

1 و 2 ـ هود : 52 ـ 53.

3 ـ الصرصر : الريح الباردة واليوم النحس ، اليوم المشؤم.

4 ـ القمر : 19.

5 ـ الحاقة : 6.

6 ـ البحار : ج 11 ص 351.