سورة الأنفال الآية 41-60

وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ، أي: الّذي أخذتموه من الكفّار قهرا. 

مِنْ شَيْ‏ءٍ: ممّا يقع عليه اسم الشّي‏ء، حتّى الخيط.

و في أصول الكافي»: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن‏

 عبد الصّمد بن بشير، عن حكيم مؤذّن ابن عيسى قال: سألت أبا عبد اللَّه- عليه السّلام- عن قول اللَّه- عزّ وجلّ-: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى.

فقال أبو عبد اللَّه- عليه السّلام- بمرفقيه على ركبتيه. ثمّ أشار بيده. ثمّ قال:

هي، واللَّه، الإفادة يوما بيوم. إلّا أنّ أبي جعل شيعته في حل ليزكوا .

فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ: مبتدأ خبره محذوف، أي: فثابت أنّ للّه خمسه.

و قرئ : «فإنّ» بالكسر.

و الجمهور من العامّة: على أنّ ذكر اللَّه- تعالى- للتّعظيم، كما في قوله: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ. وأنّ المراد قسم الخمس على الخمسة المعطوفين.

وَ لِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ.

في تهذيب الأحكام : عليّ بن الحسين بن فضّال، عن محمّد بن إسماعيل الزّعفرانيّ، عن حمّاد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس الهلاليّ، عن أمير المؤمنين- عليه السّلام- قال: سمعته يقول كلاما كثيرا.

ثمّ قال: وأعظم  من ذلك كلّه سهم ذي القربى، الّذين قال اللَّه- تعالى-:

إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ. نحن، واللَّه، عنى بذي القربى. و[هم‏]  الّذين قرنهم اللَّه بنفسه ونبيّه، فقال: فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ منّا خاصّة. ولم يجعل لنا في سهم الصدّقة نصيبا، أكرم اللَّه نبيّه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ أيدي النّاس.

و في أصول الكافي : الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن محمّد بن أورمة ومحمّد بن عبد اللَّه، عن عليّ بن حسّان، عن عبد الرّحمن بن كثير، عن أبي عبد اللَّه- عليه السلام- في قول اللَّه- تعالى-: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ (الآية).

قال أمير المؤمنين- عليه السّلام- والأئمّة- عليهم السّلام-.الحسين بن محمّد ، عن معلّى [بن محمّد] ، عن الوشّاء، عن أبان، عن محمد  ابن مسلم، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قول اللَّه- عزّ وجلّ-: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى.

 

قال: وهم قرابة رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله-. والخمس [للّه و]  للرّسول- صلّى اللَّه عليه وآله- [و لنا] .

أحمد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرّضا- عليه السّلام- قال: سئل عن قول اللَّه: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى. فقيل له:

فما كان للّه، فلمن هو؟

فقال: لرسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله-. وما كان لرسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- فهو للإمام.

فقيل له: أ رأيت إن كان صنف من الأصناف أكثر وصنف أقلّ، ما يصنع به؟

قال: ذاك إلى الإمام. أ رأيت رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- كيف يصنع، أليس إنّما كان يعطي على ما يرى؟ وكذلك الإمام.

و في روضة الكافي ، خطبة لأمير المؤمنين- عليه السّلام-. يقول فيها: قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- [متعمّدين لخلافه، ناقضين لعهده، مغيّرين لسنّته‏]  ولو حملت الناس على تركها وحولتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- لتفرّق عنّي جندي حتّى أبقى وحدي، أو قليل من شيعتي الّذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب اللَّه وسنة رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله-.

إلى أن قال: إذا لتفرقوا عني. ثمّ قال- عليه السّلام- واللَّه، لقد أمرت النّاس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلّا في فريضة.

إلى أن قال: وأعطيت من ذلك سهم ذي القربى، الّذي قال اللَّه- عزّ وجلّ-:إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ. فنحن، واللَّه، عنى بذي  القربى. الّذي قرننا اللَّه بنفسه وبرسوله- صلّى اللَّه عليه وآله- فقال:

فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ فينا خاصّة.

عليّ بن محمّد ، عن عليّ بن عبّاس، عن الحسن بن عبد الرّحمن، عن عاصم بن حميد، [عن أبي حمزة] ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: قلت له: إنّ بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم.

فقال لي: الكف عنهم أجمل.

ثمّ قال: واللَّه، يا أبا حمزة، إنّ الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا.

قلت: فكيف لي بالمخرج من هذا؟

فقال لي: يا أبا حمزة، كتاب اللَّه المنزل يدلّ عليه. إنّ اللَّه- تبارك وتعالى- جعل لنا أهل البيت سهاما ثلاثة في جميع الفي‏ء. ثم قال- عزّ وجلّ-: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ (الآية). فنحن أصحاب الخمس والفي‏ء، وقد حرّمناه على جميع النّاس ما خلا شيعتنا.

و الحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

و في كتاب الاحتجاج للطبرسيّ : عن عليّ بن الحسين- عليهما السّلام- حديث طويل. يقول فيه لبعض الشّاميّين: فهل قرأت هذه الآية: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى؟

فقال له الشّامي: بلى.

فقال له- عليه السّلام-: فنحن ذو القربى.

و في تهذيب الأحكام : سعد بن عبد اللَّه، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد اللَّه بن مسكان قال: حدثنا زكريا بن مالك الجعفيّ، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- إنّه سئل عن قول اللَّه- عزّ وجلّ-: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ (الآية).

فقال: أما خمس اللَّه- عزّ وجلّ- فللرّسول، يضعه في سبيل اللَّه. وأمّا خمس الرسول فلأقاربه، وخمس ذوي القربى فهم أقرباؤه، واليتامى يتامى أهل بيته. فجعل هذه‏الأربعة أسهم فيهم. وأما المساكين وابن السّبيل، فقد عرفت أنّا لا نأكل الصّدقة ولا تحلّ لنا، فهي للمساكين وابن السّبيل.

و عنه ، عن أحمد بن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن بكير، عن بعض أصحابه، عن أحدهما- عليهما السّلام- في قول اللَّه- عزّ وجلّ-: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ (الآية).

قال: خمس اللَّه- عزّ وجلّ- للإمام، وخمس الرّسول للإمام وخمس ذي القربى لقرابة الرّسول والإمام. واليتامى [يتامى‏]  آل الرّسول، والمساكين منهم، وأبناء السّبيل منهم. فلا يخرج منهم إلى غيرهم.

و في عوالي اللّئالي : ونقل عن عليّ- عليه السّلام- أنّه قيل له: إنّ اللَّه- تبارك وتعالى- يقول: وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ.

فقال: أيتامنا ومساكيننا.

و في تفسير الثعلبي : عن المنهال بن عمر قال: سألت زين العابدين- عليه السّلام- عن الخمس.

قال: هو لنا.

فقلت: إنّ اللَّه- تعالى- يقول: وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ.

قال: أيتامنا ومساكيننا.

و في كتاب الخصال : عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالب- عليهم السّلام-، عن النبيّ- صلّى اللَّه عليه وآله- أنّه قال في وصيّة له: يا عليّ، إن عبد المطلب سنّ في الجاهلية خمس سنن أجراها اللَّه له في الإسلام.

إلى قوله: ووجد كنزا، فأخرج منه الخمس وتصدّق به. فأنزل اللَّه- تعالى-:

وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ (الآية).

و في عيون الأخبار ، في باب مجلس الرّضا- عليه السّلام- مع المأمون في الفرق بين العترة والأمّة حديث طويل. وفيه: قالت العلماء له: فأخبرنا هل فسّر اللَّه- تعالى-الاصطفاء في الكتاب؟

فقال الرّضا- عليه السّلام-: فسّر الاصطفاء في الظاهر دون الباطن في اثني عشر موطنا وموضعا. فأوّل ذلك قوله- عزّ وجلّ-.

إلى أن قال: وأمّا الآية الثّامنة فقوله- عزّ وجلّ-: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى. فقرن سهم ذي القربى مع سهمه وسهم رسوله- صلّى اللَّه عليه وآله-. فهذا فصل  بين الآل والأمة. لأنّ اللَّه- تعالى- جعلهم في حيّز وجعل النّاس في حيز دون ذلك، ورضي لهم ورضي لنفسه واصطفاهم فيه. فبدأ بنفسه، ثمّ ثنّى برسوله، ثمّ بذي القربى بكلّ ما كان من الفي‏ء والغنيمة وغير ذلك ممّا رضيه- جلّ وعزّ- لنفسه ورضيه لهم. فقال- وقوله الحقّ-: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى. فهذا تأكيد مؤكّد وأثر قائم لهم إلى يوم القيامة في كتاب اللَّه الناطق لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ . وأمّا قوله: وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ، فإنّ اليتيم إذا انقطع يتمه خرج من الغنائم ولم يكن له فيها نصيب. وكذلك المسكين إذا انقطع مسكنته، لم يكن له نصيب من المغنم ولا يحلّ له أخذه. وسهم ذي القربى إلى يوم القيامة قائم فيهم للغنيّ والفقير منهم. لأنّه لا أحد أغنى من اللَّه- عزّ وجلّ- ولا من رسوله- صلّى اللَّه عليه وآله-. فجعل لنفسه منها سهما، ولرسوله منها سهما. فما رضيه لنفسه ولرسوله، رضيه لهم. وكذلك الفي‏ء، ما رضيه منه لنفسه ولنبيه، رضيه لذي القربى، كما أجراهم في الغنيمة، فبدأ بنفسه- جلّ جلاله- ثمّ برسوله ثمّ بهم، وقرن سهمهم بسهم [اللَّه وسهم‏]  رسوله.

و كذلك في الطاعة قال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ . فبدأ بنفسه، ثمّ برسوله، ثمّ بأهل بيته.

و كذلك آية الولاية: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا. فجعل طاعتهم وولايتهم مع طاعة الرّسول مقرونة بطاعته، كما جعل سهمهم مع سهم الرّسول مقرونا بسهمه في الغنيمة والفي‏ء. فتبارك اللَّه وتعالى، ما أعظم نعمته على أهل هذا البيت! فلمّا جاءت قصّة الصّدقة، نزّه نفسه ورسوله ونزّه أهل بيته فقال:إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ . فهل تجد في شي‏ء من ذلك أنّه- عزّ وجلّ- سمّى لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى؟ لأنّه لمّا نزّه نفسه عن الصّدقة ونزّه رسوله، نزّه أهل بيته. لا بل حرّم عليهم، لأنّ الصدقة محرمة على محمّد وآله. وهي أوساخ أيدي النّاس لا تحلّ  لهم، لأنّهم طهّروا من كلّ دنس ووسخ. فلما طهرهم واصطفاهم، رضي لهم ما رضي لنفسه، وكره لهم ما كره لنفسه. فهذه الثامنة.

و في تفسير العيّاشيّ : عن محمد بن مسلم، عن أحدهما- عليهما السّلام- قال: سألته عن قول اللَّه- عزّ وجلّ-: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى.

قال: هم قرابة رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله-.

فسألته: منهم اليتامى والمساكين وابن السبيل؟

قال: نعم.

عن عبد اللَّه بن سنان»، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- قال: سمعته يقول: أنّ نجدة الحروريّ كتب إلى ابن عبّاس يسأله عن موضع الخمس: لمن هو؟

فكتب إليه: أمّا الخمس، فإنّا نزعم أنه لنا. ويزعم قومنا أنّه ليس لنا، فصبرنا.

عن زرارة  ومحمّد بن مسلم وأبي بصير أنّهم قالوا له: ما حقّ الإمام في أموال النّاس؟

قال: الفي‏ء والأنفال والخمس. فكلّ ما دخل منه أو في‏ء أو أنفال أو خمس أو غنيمة، فإنّ له  خمسه. فإنّ اللَّه- تعالى- يقول: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ. وكل شي‏ء في الدّنيا، فإنّ لهم فيه نصيبا. فمن وصلهم بشي‏ء فما يدعون له، أكبر ممّا يأخذون منه.عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الرّضا- عليه السّلام- قال: سألته عن قول اللَّه- عزّ وجلّ-: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى.

قال: الخمس للّه وللرّسول. وهو لنا.

عن الحلبي ، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام-: في الرّجل من أصحابنا في لوائهم، فيكون معهم فيصيب غنيمة.

قال: يؤدي خمسنا، ويطيب له.

إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ: متعلّق بمحذوف دلّ عليه «و اعلموا»، أي: كنتم آمنتم بالله، فاعلموا أنه جعل الخمس لهؤلاء. فسلّموه إليهم، واقتسموا بالأخماس الأربعة الباقية. فإنّ العلم العمليّ إذا أمر به لم يرد منه العلم المجرّد، لأنّه مقصود بالعرض، والمقصود بالذّات هو العمل.

وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا: محمّد- صلّى اللَّه عليه وآله- من الآيات والملائكة والنّصر.

و قرئ: «عبدنا» بضمتين، أي: الرّسول والمؤمنين.

يَوْمَ الْفُرْقانِ: يوم بدر. فإنّه فرق فيه بين الحقّ والباطل.

يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ: المسلمون والكفّار.

و في كتاب الخصال : عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: الغسل في سبعة عشر موطنا، ليلة سبع عشرة  من شهر رمضان. وهي ليلة التقى الجمعان ليلة بدر.

و في تفسير العيّاشيّ : عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- قال: في تسعة عشر من شهر رمضان يلتقي الجمعان.

قلت: ما معنى قوله: يلتقي الجمعان؟

قال: يجمع فيهما ما يريد من تقديمه وتأخيره وإرادته وقضائه.

وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ : فيقدر على نصر القليل على الكثير، والإمداد بالملائكة.

إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا: بدل من «يوم الفرقان».

و «العداوة» بالحركات الثّلاث: شطّ الوادي، وقد قرئ بها. والمشهور الضمّ والكسر، وهو قراءة ابن كثير وأبي عمرو ويعقوب.

وَ هُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى: البعدى من المدينة. تأنيث الأقصى. وكان قياسه قلب الواو، كالدّنيا والعليا، تفرقة بين الاسم والصّفة. فجاء على الأصل، كالقود. وهو أكثر استعمالا من القصيا.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وقوله- عزّ وجلّ-: إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا (الآية)، يعني: قريشا حين نزلوا بالعدوة اليمانيّة، ورسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- حين نزل بالعدوة الشّاميّة.

وَ الرَّكْبُ، أي: العير، أو قوّادها.

و في تفسير العيّاشيّ : عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- في قوله: وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ.

قال: أبا سفيان وأصحابه.

و موافق لما ذكره عليّ بن إبراهيم ، أنّ أبا سفيان كان مع العير.

أَسْفَلَ مِنْكُمْ: في مكان أسفل من مكانكم، يعني: السّاحل.

و هو منصوب على الظرف، واقع موقع الخبر. والجملة حال من الظرف قبله.

و فائدتها الدّلالة على قوة العدوّ، واستظهارهم بالرّكب، وحرصهم على المقاتلة، وتوطين نفوسهم على أن لا يخلوا مراكزهم ويبذلوا منتهى جهدهم، وضعف شأن المسلمين والتياث أمرهم واستبعاد غلبتهم عادة. وكذا ذكر مراكز الفريقين، فإنّ العدوة الدّنيا كانت رخوة تسوخ فيها الأرجل ولا يمشى فيها إلّا بتعب ولم يكن بها ماء، بخلاف العدوة القصوى.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وقوله- عزّ وجلّ-: وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وهوالعير الّتى أفلتت.

وَ لَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ: أي: لو تواعدتم أنتم وهم للقتال ثمّ علمتم حالكم وحالهم، لاختلفتم في الميعاد هيبة منهم ويأسا من الظّفر عليهم. ليتحقّقوا أنّ ما اتّفق لهم من الفتح ليس إلّا صنعا من اللَّه خارقا للعادة، فيزدادوا إيمانا وشكرا.

وَ لكِنْ: جميع بينكم على هذه الحال من غير ميعاد.

لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا: حقيقا بأن يفعل. وهو نصر أوليائه، وقهر أعدائه.

و في كتاب مقتل الحسين- عليه السّلام- لأبي مخنف: أنّ الحسين- عليه السّلام- بعد أن بلغه قتل مسلم وهانى ونزوله بالعقبة قال له بعض من حضر: ناشدتك اللَّه، إلا ما رجعت. فو اللَّه، ما تقدم إلّا على أطراف الأسنّة وحرارات السّيوف. وأنّ هؤلاء القوم الذين بعثوا إليك لو كان فيهم صلاح، لكفوك مؤنة الحرب والقتال، وطيّبوا لك الطريق، ولكان الوصول إليهم رأيا سديدا. فالرأي عندنا، أن ترجع عنهم ولا تقدم عليهم.

فقال له الحسين- عليه السّلام-: صدقت، يا عبد اللَّه، فيما تقول وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا.

لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ: بدل منه. أو متعلّق بقوله: «مفعولا».

قيل : والمعنى: ليموت من يموت عن بينة عاينها، ويعيش من يعيش عن حجّة شاهدها لئلا يكون له حجة ومعذرة. فإنّ وقعة بدر من الآيات الواضحة. أو ليصدر كفر من كفر، وإيمان من آمن عن وضوح بيّنة. على استعارة الهلاك والحياة، للكفر والإسلام.

و المراد ب «من هلك» و«من حيّ»: المشارف للهلاك والحياة. أو من هذا حاله في علم اللَّه وقضائه.

و قرئ : «ليهلك» بالفتح.

و قرأ  ابن كثير، برواية البزيّ، ونافع وأبو بكر ويعقوب: «من حيي» بفكّ‏الأدغام، للحمل على المستقبل.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: يعلم من بقي أنّ اللَّه- عزّ وجلّ- نصره.

وَ إِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ : بكفر من كفر وعقابه، وإيمان من آمن وثوابه.

و لعلّ الجمع بين الوصفين، لاشتمال الأمرين على القول والاعتقاد.

و في مصباح شيخ الطائفة - قدس سرّه- خطبة لأمير المؤمنين- عليه السّلام- خطب بها في يوم الغدير. وفيها: ولم يدع الخلق في بهم صما ولا عميا ، بل جعل لهم عقولا مازجت شواهدهم وتفرقت في هياكلهم وحققها في نفوسهم واستعبد لها حواسّهم. فقدر  بها على أسماع ونواظر أفكار وخواطر، ألزمهم بها حجته وأراهم بها محجته وأنطقهم عمّا شهدته بألسن ذريّة بما قام فيها من قدرته وحكمته وبيّن عندهم بها لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ. بصير شاهد خبير.

إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا: مقدر «بأذكر». أو بدل ثان من «يوم الفرقان». أو متعلق ب «عليم»، أي: يعلم المصالح.

فقر : إذ يقلّلهم في عينك في رؤياك. وهو أن تخبر به أصحابك، فيكون تثبيتا لهم وتشجيعا على عدوّهم.

و الضّمير المخاطب مفعول أول. والضّمير الغائب مفعول ثان. و«قليلا» ثالث.

و «في منامك» متعلّق بالفعل بعد التّجريد.

وَ لَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ، أي: في أمر القتال، وتفرّقت آراؤكم بين الثّبات والفرار.

وَ لكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ: أنعم بالسّلامة من الفشل والتنازع.

إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ : يعلم ما سيكون فيها، وما يغيّر أحوالها من الجرأة والجبن.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : فالمخاطبة لرسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله-، والمعنى لأصحابه. أراهم اللَّه قريشا في منامهم أنهم قليل، ولو أراهم كثيرا لفزعوا.و في روضة الكافي ، بإسناده إلى زرارة: عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: كان إبليس يوم بدر يقلل المسلمين في أعين الكفار، ويكثر الكفّار في أعين المسلمين  الناس.

فشد عليه جبرئيل- عليه السّلام- بالسّيف، فهرب منه. وهو يقول: يا جبرائيل، [إني مؤجّل‏] . حتى وقع في البحر.

قال: فقلت لأبي جعفر- عليه السّلام-: لأي شي‏ء كان يخاف، وهو مؤجّل؟

قال: يقطع بعض أطرافه.

وَ إِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا الضّميران مفعولا «يرى».

و «قليلا» حال من الثاني.

قيل : وانّما قللهم في أعين المسلمين، تصديقا لرؤيا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- وتثبيتا لهم.

و في الجوامع : عن ابن مسعود: لقد قللوا في أعيننا حتى قلت لرجل إلى جنبي:

أ تراهم سبعين؟

قال: أراهم مائة.

فأسرنا رجلا منهم، فقلنا: كم كنتم؟

قال: ألفا.

وَ يُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ: حتّى قال قائل منهم: إنّ محمّدا وأصحابه أكلة جزور.

و قال أبو جهل: ما هم إلّا أكلة رأس. لو بعثنا إليهم عبيدنا، لأخذوهم باليد، كما مرّ ذكره في القصّة.

و إنّما قلّلهم في أعينهم قبل التحام القتال، ليجترءوا عليهم ولا يستعدّوا لهم. ثمّ كثّرهم حتّى يرونهم مثليهم، لتفاجئهم الكثرة فتبهتهم وتكسر قلوبهم. وهذا من عظائم آيات تلك الواقعة. فإنّ البصر، وإن كان يرى الكثير قليلا والقليل كثيرا، لكن لا على هذا الوجه ولا إلى هذا الحدّ. وإنّما يتصور ذلك بصد اللّه الأبصار عن إبصار بعض دون‏بعض، مع التساوي في الشروط.

لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا: كرّره، لاختلاف الفعل المعلل به. أو لأنّ المراد الأمر ثمّة  الاكتفاء على الوجه المحكيّ، وها هنا إعزاز الإسلام وأهله وإذلال الشرك وحزبه.

وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ، كما يمكن أن يوجد الكثير والقليل، يجوز أن يقلل الكثير ويرى الكثير قليلا.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً: حاربتم جماعة. ولم يصفها، لأنّ المؤمنين ما كانوا يلقون إلّا الكفّار. واللّقاء ممّا غلب في القتال.

فَاثْبُتُوا: للقائهم.

وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً: في مواطن الحرب. داعين له، مستظهرين بذكره، مترقّبين لنصره.

لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ : تظفرون بمرادكم من النصر والمثوبة.

و فيه تنبيه على أنّ العبد ينبغي أن لا يشغله شي‏ء عن ذكر اللَّه، وأن يلتجئ إليه عند الشّدائد، ويقبل عليه بشراشره فارغ البال، واثقا بأنّ لطفه لا ينفكّ عنه في شي‏ء من الأحوال.

وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا: باختلاف الآراء، كما فعلتم ببدر واحد.

فَتَفْشَلُوا: جواب النّهي.

و قيل : عطف عليه. ولذلك قرئ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ: بالجزم.

و الرّيح مستعارة للدولة. من حيث أنّها في تمشي أمرها ونفاذه، مشبّهة بها في هبوبها ونفوذها.

و قيل : المراد بها الحقيقة. فإنّ النّصرة لا تكون إلّا بريح يبعثها اللَّه. وفي الحديث: نصرت بالصّباء، وأهلكت عادا بالدّبور.

وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ : بالكلاءة والنّصر.

وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ، يعني: أهل مكة، حين خرجوا منها لحماية العير.بَطَراً: فخرا وأشرا.

وَ رِئاءَ النَّاسِ: ليثنوا عليه بالشّجاعة والسّماحة. وذلك أنّهم لمّا بلغوا جحفة وافاهم رسول أبي سفيان، أن ارجعوا فقد سلمت عيركم. فقال أبو جهل: لا واللَّه، حتّى نقدم بدرا ونشرب بها الخمور وتعرف علينا القيان ونطعم بها من حضرنا من العرب.

فوافوها، ولكن سقوا كأس المنايا وناحت عليهم النّوائح مكان القيان. فنهي المؤمنون أن يكونوا أمثالهم بطرين مرائين. وأمرهم بأن يكونوا أهل تقوى وإخلاص، من حيث إن النّهي عن الشي‏ء أمر بضدّه.

وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ: معطوف على «بطرا»، إن جعل مصدرا في موضع الحال. وكذا إن جعل مفعولا له، لكن على تأويل المصدر.

وَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ : فيجازيكم عليه.

وَ إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ: مقدر «باذكر».

أَعْمالَهُمْ: من معاداة الرّسول وغيرها، بأن وسوس إليهم.

وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ: قد مرّ تفسيره.

و قيل : قال مقالة نفسانية. والمعنى: أنّه ألقى في روعهم وخيّل إليهم أنّهم لا يغلبون ولا يطاقون لكثرة عددهم وعددهم، وأوهمهم أنّ اتباعهم إياه فيما يظنّون أنّها قربان  مجير لهم، حتّى قالوا: اللّهمّ، انصر اهدى الفئتين وأفضل الدّينين.

و «لكم» خبر «لا غالب»، أو صفته. وليس صلته، وإلّا لانتصب، كقولك:

لا ضاربا زيدا عندنا.

فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ، أي: تلاقى الفريقان.

نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ: رجع القهقرى.

و قيل : أي: بطل كيده، وعاد ما خيّل إليهم أنه مجيرهم سبب هلاكهم.

وَ قالَ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ.

قيل : أي: تبرّأ منهم، وخاف عليهم، وأيس من حالهم لمّا رأى إمداد اللَّه المسلمين بالملائكة.وَ اللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ : يجوز أن يكون من كلامه، وأن يكون مستأنفا.

و في مجمع البيان : وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ (الآية). اختلف في ظهور الشّيطان يوم بدر كيف كان.

فقيل: إنّ قريشا لمّا أجمعت المسير، ذكرت الّذي بينها وبين بني بكر بن عبد مناف بن كنانية من الحرب وكاد ذلك أن يثبتهم»

. فجاء إبليس في جند من الشياطين. فتبدى لهم في صورة سراقة بن مالك بن خيثم  الكنانيّ، ثمّ المدلجيّ وكان من أشراف كنانة وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ، أي: مجيركم من كنانة. فلمّا رأى إبليس الملائكة نزلوا من السّماء وعلم أنّه لا طاعة له بهم نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ. عن ابن عبّاس والسّديّ والكلبيّ وغيرهم.

و

قيل: إنّهم لمّا التقوا، كان إبليس في صف المشركين آخذا بيد الحارث بن هشام فنكص على عقبيه.

فقال له الحارث: يا سراقة، أ تخذلنا على هذه الحال!؟

فقال له: إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ.

فقال: واللَّه ما نرى إلّا جعاسيس  يثرب. فدفع في صدر الحارث وانطلق وهزم الناس.

فلمّا قدم  مكّة قالوا: هزم الناس سراقة. [فبلغ ذلك سراقة]  فقال: واللَّه ما شعرت بمسيركم حتّى بلغني هزيمتكم.

فقالوا: إنّك أتيتنا يوم كذا! فحلف لهم. فلمّا أسلموا، علموا أنّ ذلك كان الشّيطان. عن الكلبيّ. وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد اللَّه- عليه السّلام-.

و في تفسير العيّاشيّ : عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين قال: لمّا عطش القوم بيوم بدر، انطلق عليّ بالقربة ليستقي. وهو على القليب إذ جاءت‏ريح شديدة ثمّ مضت فلبث ما بدا له، ثمّ جاءت ريح أخرى ثمّ مضت، ثمّ جاءته أخرى كاد أن تشغله وهو على القليب، ثمّ جلس حتّى مضى. فلما رجع إلى رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- أخبره بذلك.

فقال رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- أمّا الرّيح الأوّل جبرائيل  مع ألف من الملائكة، والثّانية فيها ميكائيل مع ألف من الملائكة، والثّالثة فيها إسرافيل مع ألف من الملائكة. وقد سلّموا عليك، وهم مدد لنا. و هم الّذين رآهم إبليس ف نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ يمشي القهقرى حين يقول: إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ، وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ.

و في هذا الخبر دلالة على أنّ اللَّه شديد العقاب من قول الشّيطان.

إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قيل : الّذين لم يطمئنّوا إلى الإيمان بعد، وبقي في قلوبهم شبهة.

و قيل: هم المشركون.

و قيل: هم المنافقون. والعطف لتغاير الوصفين.

غَرَّ هؤُلاءِ، يعنون: المؤمنين.

دِينُهُمْ: حتّى تعرضوا لما لا قوة لهم به، فخرجوا وهم ثلاثمائة وبضعة عشر إلى زهاء ألف.

وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ: جواب لهم.

فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ: غالب. لا يذلّ من استجار به، وإن قلّ.

حَكِيمٌ : يفعل بحكمته البالغة ما يستبعده العقل، ويعجز عن إدراكه.

وَ لَوْ تَرى: ولو رأيت. لإنّ «لو» تجعل المضارع ماضيا عكس «أنّ».

إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ: ببدر.

و «إذ» ظرف «ترى». والمفعول محذوف، أي: ولو ترى الكفرة، أو حالهم.

و «الملائكة» فاعل «يتوفى». ويدلّ عليه قراءة ابن عامر، بالتّاء.و يجوز أن يكون الفاعل ضمير اللَّه- تعالى-. وهو مبتدأ، خبره يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ. والجملة حال من «الّذين كفروا»، واستغنى فيه بالضّمير عن الواو. وهو على الأول حال منهم، أو من «الملائكة»، أو منهما، لاشتماله على الضّميرين.

وَ أَدْبارَهُمْ.

قيل : ظهورهم وأستاههم. ولعلّ المراد تعميم الضرب، أي: يضربون ما أقبل منهم وما أدبر.

و في تفسير العيّاشيّ : أبو عليّ المحموديّ، عن أبيه، رفعه في قول اللَّه: «يضربون وجوههم وأدبارهم».

قال: إنّما أراد أستاههم. إنّ اللَّه كريم يكني.

وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ : عطف على «يضربون» بإضمار القول، أي: ويقولون لهم: ذوقوا، بشارة لهم بعذاب الآخرة.

و قيل : كانت معهم مقامع من حديد. كلما ضربوا بها، التهبت النّار منها.

و في مجمع البيان : روى مجاهد، أنّ رجلا قال للنبيّ- صلّى اللَّه عليه وآله-: إني حملت على رجل من المشركين فذهبت لأضربه فندر  رأسه.

فقال: سبقك إليه الملائكة.

و جواب «لو» محذوف، لتفظيع الأمر وتهويله.

ذلِكَ، أي: الضرب والعذاب.

بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ: بسبب ما كسبتم من الكفر والمعاصي. وهو خبر «لذلك».

وَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ : عطف على «ما»، للدّلالة على أنّ سببيته مقيدة بانضمامه إليه. إذ لولاه لأمكن أن يعذّبهم بغير ذنوبهم، لا أن لا يعذّبهم بذنوبهم. فإنّ ترك التّعذيب من مستحقّه ليس بظلم شرعا ولا عقلا، حتّى ينتهض نفي الظّلم سببا للتّعذيب.و «ظلّام» للتّكثير، لأجل العبيد.

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ، أي: دأب هؤلاء، مثل دأب آل فرعون. وهو عملهم وطريقهم الّذي دأبوا فيه، أي: داوموا عليه.

وَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ: من قبل آل فرعون.

كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ: تفسير لدأبهم.

فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ، كما أخذ هؤلاء.

إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ : لا يغلبه في دفعه شي‏ء.

ذلِكَ: إشارة إلى ما حل بهم.

بِأَنَّ اللَّهَ: بسبب أنّ اللَّه.

لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ: مبدّلا إيّاها بالنّقمة.

حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ: يبدّلوا ما بهم من الحال إلى حال أسوا، كتغيير قريش حالهم في صلة الرّحم والكف عن تعرّض الآيات والرسل، بمعاداة الرّسول ومن تبعه منهم والسعي في إراقة دمائهم والتّكذيب بالآيات والاستهزاء بها إلى غير ذلك ممّا أحدثوه بعد المبعث. وليس السّبب عدم تغيير اللَّه ما أنعم عليهم حتّى يغيّروا حالهم، بل ما هو المفهوم له. وهو جرى عادته- تعالى- على تغييره متّى يغيّروا حالهم.

و أصل «يك» «يكون»، فحذفت الحركة للجزم، ثمّ الواو لالتقاء الساكنين، ثمّ النّون لشبهه بالحروف اللّيّنة تخفيفا.

وَ أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ: لما يقولون.

عَلِيمٌ : بما يفعلون.

و في أصول الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد. وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا عن ابن محبوب، عن الهيثم بن واقد الجريريّ  قال: سمعت أبا عبد اللَّه- عليه السّلام- يقول: إنّ اللَّه- عزّ وجلّ- بعث نبيّا من أنبيائه إلى قومه. وأوحى إليه: أن قل لقومك: إنّه ليس من أهل قرية ولا ناس كانوا على طاعتي فأصابهم فيها سرّاء فتحوّلوا عمّا أحبّ إلى ما أكره، إلّا تحوّلت بهم عمّا يحبّون إلى ما يكرهون. وليس من أهل قرية ولا أهل بيت كانوا على معصيتي فأصابهم فيها ضراء فتحولوا عما أكره إلى ما أحبّ، إلّا

تحوّلت بهم عمّا يكرهون إلى ما يحبّون.

 (الحديث).

محمّد بن يحيى  وأبو علي الأشعريّ، عن الحسين بن إسحاق، عن عليّ بن مهزيار، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عمرو المدائني، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- قال: سمعته يقول: كان أبي- عليه السّلام- [يقول: إنّ اللَّه‏]  قضى قضاء حتما، لا ينعم على العبد بنعمة فيسلبها إيّاه حتّى يحدث العبد ذنبا يستحق بذلك النّقمة.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن سماعة قال :

 

سمعت أبا عبد اللَّه- عليه السّلام- يقول: ما أنعم اللَّه على عبد بنعمة فسلبها إيّاه، حتّى يذنب ذنبا يستحقّ بذلك السّلب.

و في نهج البلاغة : قال- عليه السّلام-: وليس [شي‏ء]  أدعى [إلى‏]  تغيير نعم اللَّه وتعجيل نقمته من إقامة علم ظلم. فإنّ اللَّه سميع دعوة [المضطهدين، وهو للظالمين‏]  بالمرصاد.

و قال- عليه السّلام- أيضا : إيّاك والدّماء وسفكها بغير حلّها. فإنّه ليس شي‏ء أدعى  لنقمته ، ولا أعظم لتبعته ، ولا أحرى بزوال النّعمة  وانقطاع يده  من سفك الدّماء بغير حقّ.

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ قيل : تكرير للتأكيد، ولما نيط به من الدلالة على كفران النّعم بقوله- تعالى-: «بآيات ربّهم»، وبيان ما أخذ به آل فرعون.

و قيل : الأوّل، لتشبيه الكفر والأخذ به. والثاني، لتشبيه التّغيير في النّعمة بسبب تغييرهم ما بأنفسهم.و في قوله : بِآياتِ رَبِّهِمْ زيادة دلالة على كفران النّعم وجحود الحقّ. وفي ذكر الإغراق بيان للأخذ بالذّنوب.

وَ كُلٌّ: من الفرق المكذّبة، أو من غرقى القبط وقتلى قريش.

كانُوا ظالِمِينَ : أنفسهم، بالكفر والمعاصي.

إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا: وأصرّوا على الكفر ورسخوا فيه.

فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ : فلا يتوقّع منهم إيمان. ولعلّه إخبار عن قوم مطبوعين على الكفر، بأنّهم لا يؤمنون.

و «الفاء» للعطف، والتّنبيه على أنّ تحقق المعطوف عليه يستدعي تحقّق المعطوف.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثنا جعفر بن أحمد قال: حدّثنا عبد الكريم بن عبد الرّحيم، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ (الآية).

قال أبو جعفر- عليه السّلام-: نزلت في بني أميّة. فهم أشرّ خلق اللَّه. هم الّذين كفروا في باطن القرآن.

و في تفسير العيّاشي : عن جابر، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: سألته عن هذه الآية: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ.

قال: نزلت في بني أميّة. هم شرّ خلق اللَّه. هم الّذين كفروا في بطن القرآن، وهم الّذين لا يؤمنون. [شرّ خلق اللَّه‏] .

الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ: بدل من الَّذِينَ كَفَرُوا بدل البعض، للبيان والتخصيص.

قيل : وهم يهود قريظة. عاهدهم رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- أن لا يمالئوا عليه، فأعانوا المشركين بالسّلاح وقالوا: نسينا. ثمّ عاهدهم، فنكثوا ومالئوهم عليه يوم الخندق. وركب كعب بن الأشرف إلى مكّة، فحالفهم.و «من» لتضمين المعاهدة معنى الأخذ.

و المراد بالمرة: مرّة المعاهدة، أو المحاربة.

وَ هُمْ لا يَتَّقُونَ : عاقبة الغدر. وما فيه من العار والنّار. أو لا يتّقون اللّه فيه. أو نصره للمؤمنين وتسليطه عليهم.

فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ: فإمّا تصادفنّهم وتظفرنّ بهم.

فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ: ففرّق عن مناصبتك ومحاربتك، ونكّل عنها قتلهم والنّكاية فيهم.

مَنْ خَلْفَهُمْ: من وراءهم من الكفرة.

و «التّشريد» تفريق على اضطراب.

و قرئ : «فشرّذ» بالذّال المعجمة. فكأنّه مقلوب «شذر» ومن خلفهم. والمعنى واحد، فإنّه إذا شرّد من ورائهم فقد فعل التشريد في الوراء.

لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ : لعلّ المشردين يتّعظون.

وَ إِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ: معاهدين.

خِيانَةً: نقض عهد، بأمارات تلوح لك.

فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ: فاطرح إليهم عهدهم.

عَلى سَواءٍ: على عدل، وطريق قصد في العداوة. وذلك بأن تخبرهم بنقض العهد إخبارا ظاهرا مكشوفا، يتبين لهم أنّك قطعت ما بينك وبينهم. ولا تناجزهم الحرب، فإنّه يكون خيانة منك.

و قيل : أو على سواء في الخوف، أو العلم بنقض العهد. وهو في موضع الحال من النّابذ على الوجه الأوّل، أي: ثابتا على طريق سويّ. أو منه. أو من المنبوذ. أو منهما على غيره.

و قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ : تعليل للأمر بالنّبذ والنّهي عن مناجزة القتال، المدلول عليه بالحال على طريقة الاستئناف.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : نزلت في معاوية لما خان أمير المؤمنين- عليه‏السلام-.

و في كشف الغمّة  لابن طاوس- عليه الرّحمة-: عن أمير المؤمنين- عليه السّلام- حديث طويل. وفيه: وقدمت البصرة ، وقد ألتفت إلى  الوجوه كلّها إلّا الشام.

فأحببت أن أتّخذ [الحجّة] ، وأقضي العذر. وأخذت بقول اللَّه: وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ. فبعثت جرير بن عبد اللَّه إلى معاوية معذرا إليه، متّخذ الحجّة عليه. فردّ كتابي، وجحد حقي، ودفع بيعتي.

و في أصول الكافي : عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابه، عن عبد اللَّه بن سنان، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- قال: قال رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله-: ثلاث من كنّ فيه كان منافقا، وان صام وصلّى وزعم أنّه مسلم: من إذا ائتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف. إنّ اللَّه- عزّ وجلّ- قال في كتابه: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ. قال: أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ . وفي قوله- تعالى-:

وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا .

وَ لا يَحْسَبَنَّ : خطاب للنبيّ- صلّى اللَّه عليه وآله-. وقوله: الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا: مفعولاه.

و قرأ ابن عامر وحمزة وحفص، بالياء. على أنّ الفاعل ضمير «أحد»، أو «من خلفهم»، أو «الّذين كفروا». والمفعول الأوّل «أنفسهم»، فحذف للتكرار.

أو على تقدير: أن سبقوا. وهو ضعيف. لأنّ «أن» المصدرية، كالموصول، فلا تحذف.

أو على إيقاع الفعل على إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ  بالفتح، على قراءة ابن عامر. وأنّ «لا» صلة. و«سبقوا» حال، بمعنى: سابقين، أي: مفلتين.

و الأظهر أنّه تعليل للنهي، أي: لا تحسبنّهم سبقوا، فأفلتوا. لأنّهم لا يفوتون‏اللَّه، ولا يجدون طالبهم عاجزا عن إدراكهم.

و كذا ان كسرت «إن» إلّا أنّه تعليل على سبيل الاستئناف. ولعل الآية إزاحة لما يحذر به من نبذ العهد وإيقاظ العدو.

و قيل : نزلت في من أفلت من [فلّ‏]  المشركين.

وَ أَعِدُّوا: أيّها المؤمنون.

لَهُمْ: لناقضي العهد، أو للكفّار.

مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ: من كلّ ما يتقوّى به في الحرب.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: السّلاح.

و في من لا يحضره الفقيه : وقال- عليه السّلام- في قول اللَّه- عزّ وجلّ-: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ.

قال: منه الخضاب بالسّواد.

و في تفسير العيّاشيّ : عن محمّد بن عيسى، عمن ذكره، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- في قول اللَّه- عزّ وجلّ-: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ.

قال: سيف وترس.

و في الكافي : عن محمّد بن يحيى، عن عمران بن موسى، عن الحسن بن طريف، عن عبد اللَّه بن المغيرة رفعه، قال: قال رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- في قول اللَّه- عزّ وجلّ-: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ. قال: الرّمي.

و في مجمع البيان : وروي، عن عقبة بن عامر، عن النّبيّ- صلّى اللَّه عليه وآله-: أنّ القوة، الرّمي.

وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ: اسم للخيل التي تربط في سبيل اللَّه. فعال، بمعنى:

مفعول. أو مصدر سمي به، يقال: ربطه، ربطا، ورباطا. ورابطه، مرابطة، ورباطا.

أو جمع، ربيط، كفصيل وفصال.و قرئ: «ربط الخيل» بضمّ الباء وسكونها جمع، رباط. وعطفها على القوّة، كعطف جبرائيل وميكائيل على الملائكة.

و في مجمع البيان : وروي عن النّبيّ- صلّى اللَّه عليه وآله-: فاربطوا الخيل. فإنّ ظهورها لكم عزّ، وأجوافها كنز.

تُرْهِبُونَ بِهِ: تخوّفون به.

و عن يعقوب: «ترهّبون» بالتّشديد. والضّمير ل «ما استطعتم»، أو للإعداد.

عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ، يعني: كفّار مكّة.

وَ آخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ: من غيرهم من الكفرة.

قيل : هم اليهود.

و قيل: المنافقون.

و قيل: الفرس.

لا تَعْلَمُونَهُمُ: لا تعرفونهم بأعيانهم.

اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ: يعرفهم.

وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْ‏ءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ: جزاؤه.

وَ أَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ : بتضييع العمل، أو نقص الثّواب.