سورة الشّعراء الآية 101-120

وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ : إذ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ.

أو فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ ممّن نعدهم شفعاء وأصدقاء. أو وقعنا في مهلكة لا يخلّصنا منها شافع ولا صديق.

و جمع «الشّافع» ووحدة «الصّديق» لكثرة الشّفعاء في العادة وقلّة الصّديق، ولأنّ الصّديق الواحد يسعى أكثر ممّا يسعى الشّفعاء، أو لإطلاق الصّديق على الجمع، كالعدوّ، لأنّه في الأصل مصدر، كالحنين والصّهيل.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أسامة، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- وأبي جعفر- عليه السّلام- أنّهما  قالا: واللّه، لنشفعنّ في المذنبين من شيعتنا حتّى يقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.

و في شرح الآيات الباهرة : قال محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه-: حدّثنا محمّد بن عثمان بن  أبي شيبة، عن محمّد بن الحسين الخثعميّ، عن عبّاد بن يعقوب، عن عبد اللّه بن زيدان ، عن الحسن بن محمّد بن أبي عاصم، عن عيسى بن عبد اللّه بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّد- عليهما السّلام- قال: نزلت هذه الآية فينا وفي شيعتنا، وذلك أنّ اللّه- سبحانه- يفضّلنا ويفضّل شيعتنا حتّى أنّا لنشفع ويشفعون، فإذا رأى ذلك من ليس منهم قالوا: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.

 [و قال- أيضا-: حدّثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه البرقيّ، عن رجل، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام-عن قول اللّه- عزّ وجلّ-: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ. فقال: لمّا يرانا هؤلاء وشيعتنا نشفع يوم القيامة يقولون: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ‏] ، يعني بالصّديق: المعرفة، وبالحميم: القرابة.

و روى البرقي : عن ابن سيف، عن أخيه، عن أبيه، عن عبد الكريم بن عمرو، عن سليمان بن خالد قال: كنّا عند أبي عبد اللّه- عليه السّلام- فقرأ: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ [و قال: واللّه، لنشفعنّ ثلاثا ولتشفعنّ شيعتنا ثلاثا حتّى يقول عدوّنا:

فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.]

 

و في روضة الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن عمر بن أبان، عن عبد الحميد الوابشيّ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال في حديث طويل: وإنّ الشّفاعة لمقبولة وما تقبل في ناصب، وإنّ المؤمن ليشفع في جاره  وماله حسنة فيقول: يا ربّ، جاري كان يكفّ عنّي الأذى.

فيشفع فيه، فيقول اللّه- تبارك وتعالى-: أنا ربّك، وأنا أحقّ من كافئ عنك. فيدخله اللّه الجنّة وما له من حسنة، وإنّ أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنسانا، فعند ذلك يقول أهل النّار: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.

و في أمالي شيخ الطّائفة- قدس سرّه-  بإسناده إلى الحسن بن صالح بن حيّ قال: سمعت جعفر بن محمّد يقول: لقد عظمت منزلة الصّديق حتّى أنّ أهل النّار يستغيثون به ويدعون به في النّار قبل القريب الحميم، قال اللّه مخبرا عنهم: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.]

 

و بإسناده  إلى [أبي العبّاس‏]  الفضل بن عبد الملك: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- أنّه قال: يا فضل، لا تزهدوا في فقراء شيعتنا، فإنّ الفقير منهم ليشفع يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر.ثمّ قال: يا فضل، إنّما سمّي المؤمن: مؤمنا، لأنّه يؤمن على اللّه فيجير أمانه.

ثمّ قال: أما سمعت اللّه- تعالى- يقول في أعدائكم إذا رأوا شفاعة الرّجل منكم لصديقه يوم القيامة: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.

و في مصباح شيخ الطّائفة- قدّس سرّه-  في دعاء يوم المباهلة المرويّ عن أبي إبراهيم، موسى بن جعفر- عليهما السّلام-: أللّهمّ، إنّا قد تمسّكنا بكتابك وبعترة نبيّك، محمّد- صلواتك عليه وعليهم- الّذين أقمتهم لنا دليلا وعلما وأمرتنا باتّباعهم، أللّهمّ، فإنّا قد تمسّكنا بهم فارزقنا شفاعتهم حين يقول الخائبون: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.

و في محاسن البرقي : عنه، عن عمر بن عبد العزيز، عن المفضّل أو غيره، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قول اللّه: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ قال:

 «الشّافعون» الأئمّة، و«الصّديق» من المؤمنين.

و في مجمع البيان : وفي الخبر المأثور عن جابر بن عبد اللّه قال: سمعت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- يقول: إنّ الرّجل يقول في الجنّة: ما فعل صديقي فلان؟ وصديقه في الجحيم، فيقول اللّه- تعالى-: اخرجوا له صديقه إلى الجنّة. فيقول من بقي في النّار:

فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.

و عن أبان بن تغلب  قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: إنّ المؤمن ليشفع يوم القيامة لأهل بيته، فيشفع فيهم حتّى يبقى خادمه فيقول ويرفع سبّابتيه: [يا ربّ‏]  خويدمي كان يقيني الحرّ والبرد. فيشفع فيه.

و في خبر آخر : عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: إنّ المؤمن ليشفع في جاره وماله حسنة، فيقول: يا ربّ، جاري كان يكفّ عنّي الأذى. فيشفع فيه، وإنّ أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنسانا.

و في شرح الآيات الباهرة : محمّد بن يعقوب- رحمه اللّه-، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن عمر بن أبان، عن عبد الحميد الوابشىّ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: قلت له: إنّ لنا جارا ينتهك‏المحارم كلّها، حتّى أنّه ليترك الصّلاة فضلا عن غيرها.

فقال: سبحان اللّه، أو عظم  ذلك عليك  ألا أخبرك بمن هو شرّ منه؟

 [فقلت: بلى.

فقال: الناصب لنا شرّ منه،]  أما إنّه ليس من عبد يذكر عنده أهل البيت فيرقّ لذكرنا إلّا مسحت الملائكة ظهره، وغفر اللّه له ذنوبه كلّها إلّا أن يجي‏ء بذنب يخرجه من الإيمان، وإن الشّفاعة لمقبولة وما تقبل في ناصب، وإنّ المؤمن ليشفع لجاره وماله من حسنة [فيقول: يا ربّ، جاري كان يكفّ عنّي الأذى فيشفع فيه، فيقول اللّه- تبارك وتعالى- أنا ربّك، وأنا أحقّ من كافئ عنك فيدخله الجنّة وماله من حسنة]  وإنّ من أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنسانا، فعند ذلك يقول أهل النّار: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ.

فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً: تمّن للرّجعة، وأقيم فيه «لو» مقام «ليت» لتلاقيهما في معنى التّقدير. أو شرط حذف جوابه.

فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ : جواب التّمنّي. أو عطف على كرّة، أي: لو أنّ لنا أن نكرّ فنكون من المؤمنين .

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قال: من المهتدين ، قال: لأنّ الإيمان قد لزمهم بالإقرار.