سورة النّمل الآية 41-60

قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها: بتغيير هيئته وشكله نَنْظُرْ جواب الأمر.

و قرئ ، بالرّفع، على الاستئناف.

أَ تَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ  : إلى معرفته، أو الجواب الصّواب.

و قيل : إلى الإيمان باللّه ورسوله إذا رأت تقدّم عرشها، وقد خلّفته مغلّقة عليه الأبواب موكّلة عليه الحرّاس.

فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَ هكَذا عَرْشُكِ: تشبيها عليها زيادة في امتحان عقلها، إذ ذكرت عنده بسخافة العقل، قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ولم تقل: هو هو. لاحتمال أن يكون مثله، وذلك من كمال عقلها.

وَ أُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ :

قيل : إنّه من تتمّة كلامها، كأنّها  ظنّت أنّه أراد بذلك اختبار عقلها وإظهار معجزة لها فقالت : أُوتِينَا الْعِلْمَ بكمال قدرة اللّه- تعالى- وصحّة نبوّتك قبل هذه الحالة. أو المعجزة بما تقدّم من الآيات.

و قيل : إنّه من كلام سليمان وقومه، وعطفوه على جوابها لما فيه من الدّلالة على إيمانها باللّه ورسوله حيث جوّزت أن يكون ذلك عرشها تجويزا غالبا، وإحضاره ثمّة  من المعجزات الّتي لا يقدر عليها غير اللّه- تعالى- ولا تظهر إلّا على [يد] الأنبياء- عليهم السّلام-، أي: وأوتينا العلم باللّه وقدرته، وصحّة ما جاء به من عنده قبلها، وكنّا منقادين لحكمه، ولم نزل على دينه. ويكون غرضهم فيه، التّحدّث بما أنعم اللّه عليهم من التّقدم في ذلك شكرا له.

و في مهج الدّعوات ، في دعاء العلويّ المصريّ: إلهي، وأسألك باسمك الّذي دعاك به آصف بن برخيا على عرش ملكة سبأ فكان أقلّ من لحظ الطّرف حتّى كان مصورا بين يديه، فلمّا رأته قِيلَ أَ هكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ.

وَ صَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، أي: وصدّها عبادتها الشّمس عن التّقدّم إلى الإسلام. أو وصدّها اللّه عن عبادتها بالتّوفيق للإيمان. إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ  وقرئ ، بالفتح، على الإبدال من فاعل «صدّ»  على الأوّل، أي: صدّها نشؤها بين أظهر الكفّار. أو التّعليل له.

لَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ‏

 قيل : القصر.

و قيل : عرصة الدّار.

َمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها

 نقل : أنّه أمر قبل قدومها ببناء  قصر صحنه من زجاج أبيض وأجري من تحته الماء، وألقي فيه حيوانات البحر، ووضع سريره في صدره فجلس عليه، فلمّا أبصرته ظنته  ماء راكدا فكشفت عن ساقيها.

و قرئ  ابن كثير : «سأقيها» بالهمزة، حملا على جمعه سؤوق وأسؤق.

لَ إِنَّهُ‏

 إنّ ما تظنّينه ماء.

ْحٌ مُمَرَّدٌ

: مملّس.ْ قَوارِيرَ

: من الزّجاج.

لَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي‏

: بعبادتي الشّمس.

و قيل : بظنّي بسليمان، فإنّها حسبت أنّه يغرقها في اللّجّة.

أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏

 : فيما أمر به عباده.

و قد اختلف في أمرها بعد ذلك، فقيل: إنّها تزوّجها سليمان وأقرّها على ملكها.

و قيل : إنّه زوّجها من ملك يقال له: تبّع، وردّها إلى أرضها، وأمر زوبعة  أمير الجنّ باليمن أن يعمل له ويطيع، فصنع له المصانع باليمن.

و في مجمع البيان : قال عون بن عبد اللّه: جاء رجل إلى عبد اللّه بن عتبة  فسأله هل تزوّجها سليمان؟

قال: عهدي بها قالت: أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏

، يعني: أنّه لا يعلم ذلك، وأنّ آخر ما سمع  من حديثها هذا القول.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وكان سليمان- عليه السّلام- قد أمر أن يتّخذ لها بيتا  من قوارير ووضعه على الماء، ثمّ‏يلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ‏

 فظنّت أنّه ماء فرفعت [ثوبها وأبدت ساقيها، فإذا عليها شعر كثير، فقيل لها:نَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ‏]

 عَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فتزوّجها سليمان، وهي بلقيس بنت الشّرح الحميريّة. وقال  [سليمان- عليه السّلام- للشّياطين‏] : اتّخذوا لها شيئا يذهب هذا الشّعر عنها. فعملوا لها الحمّامات وطبخوا النّورة، فالحمّامات والنّورة ممّا اتّخذته الشّياطين لبلقيس، وكذا الأرحية الّتي تدور على الماء.

و في الكافي : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، [عن عليّ بن محمّد القاساني، عمّن ذكره، عن عبد اللّه بن القاسم، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-]  عن أبيه،

 عن جدّه- عليهم السّلام- قال: قال أمير المؤمنين- صلوات اللّه عليه-: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو.

... [إلى أن قال- عليه السّلام-] : وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان- عليه السّلام-.

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ: بأن اعبدوه.

و قرئ ، بضمّ النّون، على اتّباعها الباء .

فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ : ففاجئوا التّفرّق والاختصام، فآمن فريق وكفر فريق. والواو لمجموع الفريقين.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ.

 

يقول: مصدّق ومكذّب. قال الكافرون منهم أ تشهدون أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ  قال المؤمنون: إنّا بالّذي أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ  قال الكافرون منهم: إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ .

قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ: بالعقوبة، فتقولون: ائْتِنا بِما تَعِدُنا.

قَبْلَ الْحَسَنَةِ: قبل التّوبة، فتؤخّرونها إلى نزول العقاب، فإنّهم كانوا يقولون: إن صدق إيعاده تبنا حينئذ.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم - رحمه اللّه-: «و أمّا قوله- عزّ وجلّ-: لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ فإنّهم سألوه قبل أن [تأتيهم النّاقة]  أن يأتيهم بعذاب أليم، فأرادوا بذلك امتحانه، فقال: يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ يقول: بالعذاب قبل الرّحمة.

لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ: قبل نزوله .لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ : بقبولها، فإنّها لا تقبل حينئذ.

قالُوا اطَّيَّرْنا: تشاء منا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ إذ تتابعت علينا الشّدائد، أو وقع بيننا الافتراق مذ اخترعتم دينكم.

قالَ طائِرُكُمْ: سببكم الّذي جاء منه شرّكم عِنْدَ اللَّهِ وهو قدّره. أو عملكم المكتوب عنده.

بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ : تختبرون بتعاقب السّرّاء والضّرّاء.

و الإضراب، من بين طائرهم الّذي هو مبدأ ما يحيق بهم إلى ذكر ما هو الدّاعي إليه.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم - رحمه اللّه-: وأمّا قوله- عزّ وجلّ-: قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ فإنّهم أصابهم جوع شديد، فقالوا: هذا من شؤمك وشؤم من معك أصابنا هذا القحط، وهي الطّيرة، قال: إنّما  طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ يقول: خيركم وشرّكم من عند اللّه بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ يقول: تبتلون بالاختبار.

وَ كانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ: تسعة أنفس. وإنّما وقع تمييزا للتّسعة باعتبار المعنى والفرق بينه وبين النّفر أنّه من الثّلاثة أو السّبعة إلى العشرة، والنّفر من الثّلاثة إلى التّسعة.

يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ ، أي: شأنهم الإفساد الخالص عن شوب الصّلاح.

كانت هذه التّسعة نفر من أشرافهم، وهم غواة قوم صالح، وهم الّذين سعوا في عقر النّاقة، وذكر ابن عبّاس أسماءهم قال: هم قدار بن سالف، ومصدع، ودهمي، وذهيم ، ودعمي، ودعيم، وأسلم، وقتال، وصداف .

قالُوا، أي: قال بعضهم لبعض تَقاسَمُوا بِاللَّهِ: أمر مقول، أو خبر وقع بدلا أو حالا بإضمار «قد».

لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ: لنباغتنّ صالحا وأهله ليلا.و قرأ  حمزة والكسائي، بالتّاء، على خطاب بعضهم لبعض.

و قرئ ، بالياء، على أنّ «تقاسموا» خبر.

ثُمَّ لَنَقُولَنَّ فيه القراءات الثّلاث لِوَلِيِّهِ: لوليّ دمه.

ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ: فضلا أن تولّينا إهلاكهم.

و هو يحتمل المصدر والزّمان والمكان، وكذا «مهلك» في قراءة حفص فإنّ مفعلا قد جاء مصدرا، كمرجع.

و قرأ  أبو بكر، بالفتح، فيكون مصدرا.

وَ إِنَّا لَصادِقُونَ : فيما ذكرنا، لأنّ الشّاهد للشّي‏ء غير المباشر له عرفا، أو لأنّا ما شهدنا مهلكهم وحده بل مهلكه ومهلكهم، كقولك: ما رأيت ثمّة  رجلا بل رجلين.

وَ مَكَرُوا مَكْراً: بهذه المواضعة.

وَ مَكَرْنا مَكْراً: بأن جعلناها سببا لإهلاكهم.

وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ  بذلك.

نقل : أنّه كان لصالح في الحجر مسجد في شعب يصلّي فيه، فقالوا: زعم أنّه يفرغ منّا إلى ثلاث، فنفرغ منه ومن أهله قبل الثّلاث. فذهبوا إلى الشّعب  ليقتلوه، فوقع عليهم صخرة حيالهم وطبقت عليهم فمه فهلكوا ثمّة، وهلك الباقون في أماكنهم بالصّيحة، كما أشار إليه بقوله: فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ  و«كان» إن جعلت ناقصة فخبره  «كيف» و«أنّا دمّرناهم» استئناف، أو خبر محذوف، لا خبر كان لعدم العائد. وإن جعلتها تامّة «فكيف» حال.

و قرأ  الكوفيّون ويعقوب: «أنّا دمّرناهم» بالفتح، على أنّه خبر محذوف، أو بدل من اسم «كان»، أو خبر له و«كيف» حال.

و في كتاب الخصال : عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قام رجل إلى‏أمير المؤمنين- عليه السّلام- في الجامع بالكوفة فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن يوم الأربعاء والتّطيّر منه وثقله، وأيّ أربعاء هو؟

فقال- عليه السّلام-: آخر أربعاء في الشّهر، وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه، ويوم الأربعاء ألقي إبراهيم- عليه السّلام- في النّار، ويوم الأربعاء قال اللّه- تعالى-: أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ. والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

 

 [و في عيون الأخبار ، مثله.]

 

 

فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً خالية، من خوى البطن: إذا خلا. أو ساقطة منهدمة، من خوى النّجم: إذا سقط.

و هي حال، عمل فيها معنى الإشارة.

و قرئ  بالرّفع، على أنّه خبر مبتدأ محذوف.

بِما ظَلَمُوا: بسبب ظلمهم.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم - رحمه اللّه-: وقوله- عزّ وجلّ-: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا قال: لا تكون الخلافة في آل فلان ولا آل فلان [و لا آل فلان‏]،  ولا آل طلحة والزّبير .

و في أصول الكافي : الحسين بن محمّد، عن محمّد بن أحمد النّهديّ، عن عمرو بن عثمان، عن رجل، عن أبي الحسن- عليه السّلام- قال: حقّ على اللّه- عزّ وجلّ- أن لا يعصى في دار إلّا أضحاها للشّمس حتّى تطهّرها.

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ : فيتّعظون.

وَ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا، صالحا ومن معه.

وَ كانُوا يَتَّقُونَ : الكفر والمعاصي، فلذلك خصّوا بالنّجاة.

وَ لُوطاً: واذكر لوطا. أو وأرسلنا لوطا لدلالة وَلَقَدْ أَرْسَلْنا عليه.

إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ بدل على الأوّل، وظرف على الثّاني.

أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ : تعلمون فحشها، من بصر القلب، واقتراف القبائح من العالم بقبحها أقبح. أو يبصرها بعضكم من بعض، لأنّهم كانوا يعلنون بها فيكون أفحش.

أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً: بيان لإتيانهم الفاحشة، وتعليله بالشّهوة للدّلالة على قبحه، والتّنبيه على أنّ الحكمة في المواقعة طلب النّسل لا قضاء الوطر .

مِنْ دُونِ النِّساءِ: اللّاتي خلقن لذلك.

بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ : تفعلون فعل من جهل قبحها. أو يكون سفيها لا يميّز بين الحسن والقبيح. أو تجهلون العاقبة.

و التّاء فيه لكون الموصوف به في معنى المخاطب.

فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ : يتنزّهون عن أفعالنا. أو عن الأقذار، ويعدّون فعلنا قذرا.

فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ : قدّرنا كونها من الباقين في العذاب.

وَ أَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ : مرّ مثله.

قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى: أمر رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-، بعد ما قصّ عليه القصص الدّالّة على كمال قدرته وعظم شأنه وما خصّ به رسله من الآيات الكبرى والانتصار من العدى، بتحميده والسّلام على المصطفين من عباده، شكرا على ما أنعم عليهم، أو علمه  ما جهل من أحوالهم وعرفانا لفضلهم وحقّ تقدّمهم واجتهادهم في الدّين. أو لوطا بأن يحمده على هلاك كفرة قومه، ويسلّم على من اصطفاه بالعصمة من الفواحش و[النجاة]  من الهلاك.و في تفسير عليّ بن إبراهيم - رحمه اللّه-: وقال عليّ بن إبراهيم في قوله- تعالى-:

قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى: محمّد وآله- عليهم السّلام-.

آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ : إلزام لهم وتهكّم وتسفيه» لرأيهم، إذ من المعلوم أنّ لا خير فيما أشركوه رأسا حتّى يوازن بينه وبين من هو مبدأ كلّ خير.

و قرأ  أبو عمرو وعاصم ويعقوب، بالتاء.

و في تهذيب الأحكام ، في الموثق: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: على الرّجل إذا قرأ: آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ أن يقول: اللّه خير، اللّه أكبر.

قلت: فإن لم يقل الرّجل شيئا من هذا إذا قرأ؟

قال: ليس عليه شي‏ء.

و الحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

و في جوامع الجامع : الصّادق- عليه السّلام- يقول إذا قرأها: اللّه خير، ثلاث مرّات.

أَمَّنْ: بل من خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ: الّتي هي أصول الكائنات ومبادئ المنافع.

و قرئ : «أمن» بالتّخفيف، على أنّه بدل من «اللّه».

وَ أَنْزَلَ لَكُمْ: لأجلكم مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ عدل به عن الغيبة إلى التّكلّم لتأكيد اختصاص الفعل بذاته، والتّنبيه على أنّ إنبات الحدائق البهيّة المختلفة الأنواع المتباعدة الطّباع من المواد المتشابهة لا يقدر عليه غيره، كما أشار إليه بقوله: ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها شجر الحدائق، وهي البساتين، من الإحداق وهو الإحاطة.

أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ: أغيره يقرن به ويجعل له شريكا، وهو المتفرّد بالخلق والتّكوين؟

و قرئ : «أ إلهاً» بإضمار فعل، مثل: أ تدعون، أو أ تشركون، وبتوسيط مدّة بين الهمزتين وإخراج الثّانية بين بين.

بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ  عن الحقّ، الّذي هو التّوحيد.