الإحـرام

الإحـرام

للحجّ أفعال ، منها واجبة ومنها مستحبّة .

والواجبة اثنا عشر : الإحرام ، والوقوف بعرفات ، والوقوف بالمشعر ، والنزول في منى ، ورمي الجمار ، والذبح ، والحلق أو التقصير ، وطواف الحجّ وركعتاه ، وطواف النساء وركعتاه . وبعض هذه الواجبات ركن وبعضها غير ركن ، ويعرف ذلك من التفصيل الآتي ، ونبدأ بالإحرام .

 

 

تعريف الإحرام :

اختلف الفقهاء في تعريف الإحرام ، فقال قائل : إنّه مجرّد النيّة فقط . وقال آخر : هو النيّة والتلبية . وذهب ثالث إلى أ نّه النيّة والتلبية ولبس ثوبي الإحرام.

والّذي ليس فيه شكّ أ نّه يتحقّق بوجود هذه الثلاث ، وأ نّه ينتفي بانتفاء النيّة ؛ لأنّ الأعمال بالنيّات ـ كما جاء في الحديث([1]) ـ أمّا انتفاء الإحرام بانتفاء التلبية فقط ، أو لبس الثوبين فقط ، أو هما معاً مع وجود النيّة وتوطين النفس على ترك المنهيّات المعهودة ، أ مّا هذا فسنشير إليه في الفقرة الثانية([2]) .

ثمّ إنّ للإحرام مستحبّات وواجبات ، مع العلم بأ نّ حقيقته واحدة ، سواء أكان جزءً من العمرة المفردة ، أو من الحجّ بشتّى أنواعه .

______________________

[1] الوسائل 1 : 46 ، ب5 من أبواب مقدّمة العبادات .

[2] قال السيّد الخوئي في مناسك الحجّ : ( معنى الإحرام أن يلبّي بقصد أداء فريضة حجّ التمتّع ، والتلبيةشروع في الإحرام ، وبدونها لا يكون إحرام ، كما أ نّ التكبيرة شروع في الصلاة ، وبدونها لا تكون صلاة ) [ مناسك الحجّ للسيّد الخوئي : 86 ، م184] . وعلى هذا ينتفي الإحرام بانتفاء التلبية أيضاً ، تماماً كالنيّة ، ولا ينتفي بانتفاء لبس الثوبين ، وفي الجواهر [ الجواهر 18 : 215 ـ 216] الإجماع على أنّ الإحرام لا يتحقّق بدون التلبية [ منه 1] .

 

 

مستحبّات الإحرام :

يستحبّ لمن يريد الإحرام أنه ينظّف جسده ، ويزيل الشعر عنه ، وأن يقلّم أظافره ، ويأخذ من شاربه ، وأن يغتسل حتّى ولو كانت امرأة في الحيض أو النفاس ؛ لأ نّ الغرض هو النظافة ، وأن يوفّر شعر رأسه من أوّل ذي القعدة إذا أراد حجّ التمتّع ، وإذا اغتسل ثمّ أكل أو لبس ما لا يحلّ للمحرم أكله ولبسه أعاد الغسل استحباباً ، وفي كلّ ذلك روايات عن أهل البيت  عليه‏السلام([1]) .

وأيضاً روي عنهم [  عليهم‏السلام]([2]) أ نّه يستحبّ أن يكون الإحرام بعد صلاة الظهر أو أ يّة فريضة غيرها ، وإن لم يصادف ذلك استحبّ أن يصلّي ستّ ركعات للإحرام

يأتي بها ركعتين ركعتين كصلاة الصبح ، أو يصلّي أربعاً أو اثنتين على الأقلّ .

وأيضاً يستحبّ للمحرم أن يشترط على ربّه عند عقد الإحرام ، كأن يقول:

اللّهم إنّي اُريد ما أمرتني به ، فإن منعني مانع من إتمامه وحبسني عنه حابس فاجعلني في حلّ .

____________________

[1] راجع الوسائل 12 : 315 ، 318 ، 319 ، 322 ، 326 ،  . . . ب2 ، 3 ، 4 ، 6 ، 8 ،  . . . من أبواب الإحرام .

[2] راجع الوسائل 12 : 338 ، ب15 من أبواب الإحرام .

 

 

واجبات الإحرام :

واجبات الإحرام ثلاثة :

1 ـ  النيّة ، قال رجل للإمام  عليه‏السلام : إنّي اُريد التمتّع بالعمرة إلى الحجّ كيف أقول ؟ قال : « تقول : اللّهم إنّي اُريد أن أتمتّع بالعمرة إلى الحجّ على كتابك وسنّة نبيّك ، وإن شئت أضمرت الّذي تريد »([1]) .

وسئل عن رجل يحجّ حجّة التمتّع كيف يصنع ؟ قال [  عليه‏السلام] : « ينوي العمرة ويحرم بالحجّ »([2]) .

وسبق أكثر من مرّة أ نّه لا عبادة بلا نيّة القربة ، وأنّ معناها الداعي والباعث على العمل للّه‏ وحده ، وحيث إنّ الإحرام قد يكون لعمرة مفردة ، وللعمرة التي هي جزء من حجّ التمتّع أو لحجّ التمتّع أو الإفراد أو القران فلابدّ إذن من تعيين المأتي به ، وأنّ الإحرام لهذه الغاية دون غيرها .

أجل ، لا تجب نيّة الوجه من الوجوب والاستحباب ، بل التقرّب إلى اللّه‏ وكفى ، كما لا يجب التلفّظ بالنيّة ، وهذا معنى قول الإمام  عليه‏السلام : « وإن شئت أضمرت » .

وتسأل : تقدّم أنّ النائي عن مكّة فرضه التمتّع ، وأنّ التمتّع يتأ لّف من العمرة والحجّ ، وأنّ لابدّ لكلّ منهما من إحرام ، وأنّ إحرام العمرة يكون من الميقات ، وإحرام الحجّ من مكّة ، فهل يصحّ للمتمتّع أن ينوي بإحرام واحد العمرة والحجّ معاً ؟

الجواب :

حيث إنّ لكلّ من الحجّ والعمرة إحراماً مستقلاًّ ، فإذا نوى بإحرام واحد الحجّ والعمرة للحجّ معاً فقد نوى ما لم يشرّع ، وعليه يقع الإحرام باطلاً ، قال صاحب الجواهر : ( إنّ الحجّ والعمرة لا يقعان بنيّة واحدة وفي إحرام واحد ، بل عن الشيخ الإجماع على عدم جواز القران بينهما بإحرام واحد )([3]) .

2 ـ  التلبيات الأربع ، قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « التلبية هي لبّيك اللّهمّ لبّيك ، لبّيك لا شريك لك لبّيك ، إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك »([4]) .

وقال [  عليه‏السلام] : إنّ رسول اللّه‏  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم لبّى بالأربع([5]) .

لابدّ من الإشارة إلى أ نّ التلبية لابدّ منها في حجّ التمتّع والعمرة له والعمرة المفردة وحجّ الإفراد ، بحيث لا ينعقد الإحرام في واحد من هذه الاُمور إلاّ بالتلبية إجماعاً محصّلاً ومنقولاً بشهادة صاحب الجواهر([6]) . فإذا نوى الإحرام ولبس ثوبيه ولم يلبّ ثمّ أتى بما نهي عنه المحرم فلا شيء عليه . فقد سئل الإمام  عليه‏السلام عن الرجل يقع على أهله بعد ما يعقد الإحرام ولم يلبّ ؟ قال : « ليس عليه شيء »([7]) .

أ مّا الإحرام لحجّ القران فيتخيّر القارن بين التلبية وبين الإشعار أو التقليد ، والإشعار مختصّ بالإبل ، والتقليد مشترك بينها وبين غيرها من أنواع الهدي . ومعنى الإشعار أن يشقّ الجانب الأيمن من سنام الناقة . ومعنى التقليد أن يجعل في عنق الهدي نعلاً بالية ؛ ليعرف بها أ نّه هدي .

قال صاحب الجواهر : ( هذا هو المشهور ، وفيه روايات مستفيضة ، منها : قول الإمام الصادق  عليه‏السلام : « يوجب الإحرام ثلاثة أشياء : التلبية والإشعار والتقليد ، فإذا فعل شيئاً من هذه الثلاث فقد أحرم » )([8]) .

ويبتدئ بالتلبية عند الإحرام ، ويستحبّ الاستمرار بها إلى رمي جمرة العقبة ، ويقطعها إذا شاهد بيوت مكّة . وأيضاً يستحبّ الجهر بها لغير المرأة إلاّ في مسجد

الجماعات .

3 ـ  لبس ثوبي الإحرام للرجل يأتزر بأحدهما ويرتدي بالآخر ، قال الإمام   عليه‏السلام : « إذا انتهيت إلى ميقات من هذه المواقيت وأنت تريد الإحرام فاغتسل والبس ثوبيك »([9]) . وفي رواية اُخرى : تفيض عليك الماء ، وتلبس ثوبيك إن شاء اللّه‏([10]) .

اتّفق الفقهاء على أنّ المحرم يجب عليه أن يلبس إزاراً ورداءً ، والإزار هو ما يستتر به من سرّته إلى ركبتيه ـ أي الوزرة ـ والرداء هو ما يكون على الظهر والصدر والكتفين ، ويجوز للمحرم أن يلبس أكثر من ثوبين على شريطة أن لا يكون مخيطاً ، كما يجوز له أن يبدّل ثياب الإحرام ، ولكنّ الأفضل أن يطوف بالثوبين اللذين أحرم بهما.

واشترطوا في لباس المحرم كلّ ما اشترطوه في لباس المصلّي من الطهارة ، وعدم كونه حريراً للرجال ، أو جلداً ممّا لا يؤكل لحمه ، بل قال جماعة من الفقهاء : لا يجوز أن يكون من نوع الجلد إطلاقاً .

وأيضاً اتّفقوا على أ نّ المحرم لا يجوز له أن يلبس قميصاً ولا سراويل ، ولا ثوباً يزرره ، ولا أن يغطّي رأسه ووجهه ، أ مّا المرأة فتغطّي رأسها وتكشف وجهها إلاّ إذا خافت أن ينظر الرجال إليها بريبة ، وليس لها أن تلبس القُفّاز ـ أي الكفوف ـ ولها أن تلبس الحرير والخفّين .

وتسأل : هل لبس ثوبي الإحرام شرط لصحّة الإحرام ، بمعنى أ نّه لو أحرم عارياً أو لا بساً مخيطاً لم ينعقد الإحرام من الأساس أو أ نّه ينعقد ولكن يأثم تارك الثوبين ويستحقّ العقاب ؟

الجواب :

إنّ الإحرام يتحقّق بدون لبس الثوبين ، ويدلّ على ذلك قول الإمام الصادق عليه‏السلام : « يوجب الإحرام ثلاثة أشياء : التلبية والإشعار والتقليد ، فإذا فعل شيئاً من هذه الثلاثة فقد أحرم »([11]) . فإنّ تحقّق الإحرام بهذه الثلاثة ظاهر في أنّ لبس الثوبين ليس شرطاً ولا جزءً من الإحرام ، وإلاّ وجب ذكره وبيانه .

____________________

[1] الوسائل 12 : 343 ، ب17 من أبواب الإحرام ، ح2 .

[2] الوسائل 12 : 348 ، ب21 من أبواب الإحرام ، ح2 .

[3] الجواهر 18 : 207 .

[4] الوسائل 12 : 382 ، ب40 من أبواب الإحرام ، ح1 ، وفيه : « والملك لا شريك لك لبّيك . . . » .

[5] الوسائل 12 : 384 ، ب40 من أبواب الإحرام ، ح4 .

[6] الجواهر 18 : 216 ، وفيه : « محصّلاً ومحكيّاً » .

[7] الوسائل 12 : 333 ، ب14 من أبواب الإحرام ، ح2 .

[8] الجواهر 18 : 225 .

[9] الوسائل 12 : 339 ، ب15 من أبواب الإحرام ، ح6 .

[10] الوسائل 12 : 325 ، ب7 من أبواب الإحرام ، ح3 .

[11] الوسائل 11 : 279 ، ب12 من أبواب أقسام الحجّ ، ح20 .

 

 

مكروهات الإحرام :

يكره للمحرم اُمور : منها : أن يحرم في غير الثياب البيض ، وأن يكون ثوب الإحرام قذراً ، وأن يروي الشعر ، وأن يخضب بالحناء ، وأن يشمّ الرياحين([1]) .

_________________

[1] وقد تعرّض المصنّف إلى الحنّاء وشمّ الرياحين في باب تروك الإحرام.

 

 

يجب على المحرم أن يترك الأشياء التالية :

 

صيد البرّ :

قال تعالى :  يَا أَ يُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقتُلُوا الصَّيد وَأَنتُم حُرُمٌ ([1]) .

وقال :  أُحِلَّ لَكُم صَيدُ البَحرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُم ولِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيكُم صَيدُ البَرِّ مَا دُمتُم حُرُماً ([2]) .

وقال الإمام  عليه‏السلام : « لا تستحلّنّ شيئاً من الصيد وأنت حرام ، ولا أنت حلال في الحرم ، ولا تدلّنّ عليه محلاًّ ولا محرماً فيصطاده ، ولا تشر إليه فيستحلّ من أجلك ، فإنّ فيه فداء لمن تعمّده »([3]) .

الفقهاء :

اتّفقوا على أنّ صيد البحر حلال للمحرم ، وأنّ صيد البرّ حرام اصطياداً وأكلاً وإشارة ودلالة وذبحاً .

وإذا ذبح المحرم الصيد كان ميتة لا يحلّ أكله . قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « إذا ذبح المحرم الصيد لم يأكله المحلّ والمحرم وهو كالميتة »([4]) .

ويجوز للمحرم أن يقتل المؤذيات ، كالحيّة والعقرب والفأرة والذئب والكلب العقور ، وكلّ ما يخاف منه على نفسه ، ولا فدية عليه .

قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « يقتل المحرم كلّ ما خشيه على نفسه »([5]) .

قال [  عليه‏السلام] : « يقتل الأسود ـ أي الحيوانات والطيور الكاسرة ـ ويقتل الأفعى والفأرة والعقرب وكلّ حيّة ، وإن أرادك السبع فاقتله ، وإن لم يردك فلا تقتله ، والكلب العقور إذا أرادك فاقتله »([6]) .

_____________________________

[1] المائدة : 95 .

[2] المائدة : 96 .

[3] الوسائل 12 : 415 ، ب1 من أبواب تروك الإحرام ، ح1 .

[4] الوسائل 12 : 432 ، ب10 من أبواب تروك الإحرام ، ح4 ، وفيه : « عن جعفر عن أبيه عن عليّ: » .

[5] الوسائل 12 : 546 ، ب81 من أبواب تروك الإحرام ، ح7 .

[6] الوسائل 12 : 547 ، ب81 من أبواب تروك الإحرام ، ح10 .

 

 

قال تعالى :  يَا أَ يُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقتُلُوا الصَّيدَ وأَنتُم حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِّثلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحكُمُ بِهِ ذَوَا عَدلٍ مِّنكُم هَدياً بَالِغَ الكَعبَةِ أَو كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدلُ ذَلِكَ صِيَاماً ([1]) .

قال صاحب مجمع البيان : ( المراد بالصيد صيد البرّ مأكولاً كان أو غير مأكول عند أصحابنا ، والمراد بالمماثلة في قوله تعالى :  مِّثلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ  المماثلة في الخلقة ، ففي النعامة بدنة ، وفي حمار الوحش وشبهه بقرة ، وفي الظبي والأرنب شاة ، وهو المرويّ عن أهل البيت عليهم‏السلام . ومعنى قوله [ تعالى] :  يَحكُمُ بِهِ ذَوَا عَدلٍ مِّنكُم  أن ينظر عدلان عارفان من أهل دينكم وملّتكم ، ويقارنا بين الصيد وبين أشبه الأشياء به من النعم فيحكما به ، فيذبحه ويتصدّق به . ومعنى قوله :  هَدياً بَالِغَ الكَعبَةِ  عند أصحابنا أن يذبح المحرم الحيوان الأهلي المماثل بمكّة قبالة الكعبة إن كان محرماً بالعمرة ،

وإن كان محرماً للحجّ ذبحه بمنى ، ومعنى قوله :  أَو كَفَّارةٌ طَعامُ مَسَاكِين  أن يقوم المماثل بدراهم ويشتري بها طعاماً ، ثمّ يتصدّق به على المساكين ، لكلّ مسكين مدّان ، أو يصوم عن كلّ مدّين يوماً ، وهذا معنى  أَو عَدلُ ذَلِكَ صِيَّاماً  وهوالمرويّ عن أهل‏البيت عليهم‏السلام )([2]) .

والخلاصة أ نّ الفقهاء قالوا : من اصطاد شيئاً فعليه أن يفدي بمثله من النعم الأهليّة ، ومع العجز يقوّمه ويشتري بالثمن طعاماً ، يتصدّق به على المساكين ، لكلّ واحد منهم مدّان ، ولا يلزمه ما زاد على ستّين مسكيناً . ومع العجز يصوم عن كلّ مدّين يوماً ، ومع العجز يصوم ثمانية عشر يوماً .

وقد أطال الفقهاء الكلام في الصيد وكفّارته ، وابتدأوا من صيد النعامة التي تشبه الناقة إلى صيد الجرادة ، وفرّعوا فروعاً ، وافترضوا صوراً شتّى ، ومن أراد التفصيل والتطويل فليرجع إلى الجواهر والحدائق([3]) ([4]) . وقد اكتفينا نحن بهذه الإشارة ؛ لعدم الجدوى من الإطناب ، فإنّ من يذهب إلى الحرمين الشريفين يذهب ناسكاً زاهداً ، لا متنزّهاً صائداً .

_________________________________________

[1] المائدة : 95 .

[2] مجمع البيان 3 ـ 4 : 378 ـ 379 .

[3] راجع الجواهر 20 : 190 . الحدائق 15 : 173 وما بعدها .

[4] وقد أطال صاحب الحدائق في كفّارة الصيد وتوابعها إطالة تستغرق مائة صفحة من صفحات هذا الكتاب [ منه 1 ]

 

 

قال بعض الفقهاء : لا يجوز للمحرم قتل هوامّ الجسد كالقمّل والقراد ، ويجوز نقله([1]) . وقال آخر : يجوز قتل البقّ والبرغوث ؛ ليدفعه عن نفسه([2]) .

أمّا نحن فلا شكّ أبداً في جواز إزالة كلّ مؤذٍ ، وإن توقّف ذلك على قتله جاز . جاء رجل إلى الإمام الصادق  عليه‏السلام وسأله عن محرم قتل زنبوراً ؟ قال الإمام [  عليه‏السلام] :

« إن كان خطأ فليس عليه شيء » ، قال السائل : بل متعمّداً ، قال الإمام [  عليه‏السلام] : « يطعم شيئاً من طعام » . قال السائل : إنّه أرادني ، قال الإمام [  عليه‏السلام] : « إن أرادك فاقتله »([3]) .

_________________________________

[1] القواعد 1 : 424 .

[2] الإرشاد 1 : 320 .

[3] الوسائل 12 : 547 ، ب81 من أبواب تروك الإحرام ، ح9 ، وفيه : « قلت : لا بل متعمّداً » .]

 

 

قال الإمام الصادق عليه‏السلام : « المحرم لا يتزوّج ولا يزوّج ، فإنّ نكاحه باطل »([1]) .

وقال [عليه‏السلام] : « إذا تزوّج المحرم وهو يعلم أ نّه حرام لم تحلّ له أبداً »([2]) .

وقال [عليه‏السلام] : « المحرم لا يَنكح ولا يُنكح ولا يخطب ولا يشهد النكاح ، وإن نكح فنكاحه باطل »([3]) .

الفقهاء :

قالوا : لا يجوز للمحرم أن يعقد الزواج لنفسه ولا لغيره ، ولا أن يوكّل فيه ، ولو

فعل شيئاً من ذلك لم ينعقد الزواج ، وكذا لا يجوز له أن يشهد عليه ، وإذا أجرى العقد

وهو عالم بالتحريم حرمت عليه المرأة أبداً بمجرّد العقد حتّى ولو لم يدخل ، أ مّا إذا كان

جاهلاً بالتحريم فلا تحرم عليه حتّى ولو دخل . ويجوز للمحرم أن يطلّق ؛ لقول

الإمام عليه‏السلام : « المحرم يطلّق ولا يتزوّج »([4]) .

______________________________________

[1] الوسائل 12 : 438 ، ب14 من أبواب تروك الإحرام ، ح9 ، والرواية مضمرة.

[2] الوسائل 20 : 491 ، ب31 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ح1 .

[3] الكافي 4 : 372 ، ح1 . الوسائل 12 : 438 ، ب14 من أبواب تروك الإحرام ، ح7 .

[4] الوسائل 12 : 441 ، ب17 من أبواب تروك الإحرام ، ح1 .

 

 

سئل الإمام الصادق عليه‏السلام عن رجل محرم وقع على أهله ؟ فقال : « إن كان جاهلاً فليس عليه شيء ، وإن لم يكن جاهلاً فإنّ عليه أن يسوق بدنه ، ويفرّق بينهما حتّى يقضيا المناسك ، ويرجعا إلى المكان الّذي أصابا فيه ما أصابا ، وعليهما الحجّ من قابل »([1]) .

وسئل عن الرجل يعبث بامرأته حتّى يمني وهو محرم من غير جماع ، أو يفعل ذلك في شهر رمضان ؟ فقال [  عليه‏السلام] : « عليهما جميعاً الكفّارة مثل ما على الّذي يجامع »([2]) .

وقال [  عليه‏السلام] : « من قبّل امرأته على غير شهوة وهو محرم فعليه دم شاة ، ومن قبّل امرأته على شهوة فأمنى فعليه جزور ، ويستغفر ربّه »([3]) .

الفقهاء :

اتّفقوا على أ نّه لا يجوز للمحرم أن يجامع زوجته أو يستمتع بها بشتّى أنواع الاستمتاع ، وإذا جامع فسد حجّه ، ولكن عليه المضيّ في حجّه وإتمامه ، ثمّ القضاء في العام القادم ، على أن يفرّق بين الزوجين وجوباً في حجّ القضاء من المكان الّذي أحدثا فيه ما أحدثا .

قال العلاّمة في التذكرة : ( ومعنى التفريق أن لا يخلوا بأنفسهما ، ومتى اجتمعا كان معهما ثالث محرم ؛ لأ نّ وجوده يمنع من الإقدام على المواقعة )([4]) .

وإذا كانت المرأة مطاوعة فسد حجّها ، وعليها أن تكفّر ببدنة ، وأن تقضي في العام القادم ، وإن تكن مكرهة فلا شيء عليها ، وعلى الزوج أن يكفّر ببدنتين : إحداهما عنه والثانية عنها ، وإن كانت محلّة وهو محرم فلا تَسأل عن شيء ، ولا تجب عليها الكفّارة ولا على الرجل بسببها .

ولو قبّل زوجته بشهوة كفّر بجزور ، وبدون شهوة بشاة .

ولو نظر إلى أجنبيّة فأمنى لم يفسد حجّه ، وعليه بدنة إن كان موسراً ، وبقرة إن كان متوسّطاً ، وشاة إن كان معسراً .

قال صاحب الحدائق : ( هذا هو المشهور ؛ لرواية أبي بصير عن الإمام الصادق  [  عليه‏السلام] قال : قلت له : رجل محرم نظر إلى ساق امرأة فأمنى ، قال : « إن كان موسراً فعليه بدنة ، وإن كان وسطاً فعليه بقرة ، وإن كان فقيراً فعليه شاة » )([5]) .

_________________________________

[1] التهذيب 5 : 318 ، ح1095 . الوسائل 13 : 110 ، ب3 من أبواب كفارات الاستمتاع ، ح2 ، وفيه : « وعليه الحجّ من قابل » .

[2] الوسائل 13 : 132 ، ب14 من أبواب كفّارات الاستمتاع ، ح1 ، وفيه : « وهو محرم حتّى يمني » .

[3] الوسائل 13 : 139 ، ب18 من أبواب كفّارات الاستمتاع ، ح3 .

[4] التذكرة 8 : 35 ، وفيه : « ثالث محترم » .

[5] الحدائق 15 : 399 ـ 400 .

 

 

قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « لا يمسّ المحرم شيئاً من الطيب ولا الريحان ، ولا يتلذّذ به . . . »([1]) .

« ومن أكل زعفراناً متعمّداً أو طعاماً فيه طيب فعليه دم ، وإن كان ناسياً فلا شيء عليه ويتوب إلى اللّه‏ »([2]) .

وقال أبوه الإمام الباقر  عليه‏السلام : « من نتف إبطه ـ أي المحرم ـ أو قلّم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوباً لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاماً لا ينبغي له أكله وهو محرم ففعل ذلك ناسياً أو جاهلاً فليس عليه شيء ، ومن فعله متعمّداً فعليه دم شاة »([3]) .

وسئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن خلوق الكعبة ـ نوع من الطيب ـ يصيب ثوب المحرم ؟ قال : « لا بأس به »([4]) .

الفقهاء :

اتّفقوا على أ نّ المحرم رجلاً كان أو امرأة يحرم عليه الطيب شمّاً وتطيّباً وأكلاً ، وأ نّ المحرم إذا مات لا يجوز تغسيله ، ولا تحنيطه بالكافور ولا بغيره من أنواع الطيب ، وإذا تطيّب المحرم أو أكل الطيب ناسياً أو جاهلاً فلا كفّارة عليه ، وكذا إذا اضطرّ إلى استعماله لمرض ، وإذا استعمله عامداً فعليه شاة سواء استعمله أكلاً أو صبغاً أو شمّاً ، ولا بأس بخلوق الكعبة وأكل الفاكهة . فقد سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن التفّاح والاُترج . . . ؟ قال : « يمسك عن شمّه ويأكله »([5]) .

_________________________________

[1] الوسائل 13 : 152 ، ب5 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام ، ح6 .

[2] الوسائل 13 : 150 ـ 151 ، ب5 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام ، ح1 ، وفيه : «ويستغفر اللّه‏ ويتوب إليه » .

[3] الوسائل 13 : 157 ، ب8 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام ، ح1 .

[4] الوسائل 12 : 449 ، ب21 من أبواب تروك الإحرام ، ح1 .

[5] الوسائل 12 : 456 ، ب26 من أبواب تروك الإحرام ، ح3 .

 

 

قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « لا بأس أن يكتحل وهو محرم بما لم يكن فيه طيب يوجد ريحه ، فأمّا للزينة فلا »([1]) .

وقال  عليه‏السلام : « لا يكتحل الرجل والمرأة المحرمان بالكحل الأسود إلاّ من علّة »([2]) .

الفقهاء :

أجمعوا ـ بشهادة العلاّمة الحلّي([3]) ـ على أ نّه لا يجوز الاكتحال بالسواد ، ولا بكحل فيه طيب ، سواءً أكان المحرم رجلاً أو امرأة ، ويجوز فيما عدا ذلك.

_________________________________

[1] الوسائل 12 : 468 ، ب33 من أبواب تروك الإحرام ، ح1 .

[2] الوسائل 12 : 468 ، ب33 من أبواب تروك الإحرام ، ح2 .

[3] التذكرة 7 : 324 .

 

 

سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن الحنّاء للمحرم ؟ قال : « ما هو بطيب ، وما به بأس »([1]) .

وقال صاحب اللمعة : ( المشهور أ نّ الخضاب مكروه ، وليس بمحرّم )([2]) .

_________________________________

[1] الوسائل 12 : 451 ، ب23 من أبواب تروك الإحرام ، ح1 .

[2] الدروس 1 : 385 .

 

 

سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن رجل قلّم ظفراً من أظافره وهو محرم ؟ قال : « عليه مدّ من طعام حتّى يبلغ عشر أظافر ، فإن قلّم أصابع يديه كلّها فعليه دم شاة » . قال السائل : فإن قلّم أظافر يديه ورجليه جميعاً ؟ قال : « إذا فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم شاة ، وإن كان فعله متفرّقاً في مجلسين فعليه دمان »([1]) .

وقال [  عليه‏السلام] : « من قلّم ظفره أو حلق رأسه متعمّداً فعليه دم شاة »([2]) .

وقال [  عليه‏السلام] : « مرّ رسول اللّه‏  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم بكعب بن عجرة الأنصاري والقمّل يتناثر من رأسه ، فقال له : أتؤذيك هوامّك ؟ قال : « نعم » ، فأنزل اللّه‏ سبحانه :  فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَو بِهِ أَذَىً مِّن رَّأسِهِ فَفِديَةٌ مِن صِيَامٍ أَو صَدَقَةٍ أَو نُسُكٍ  . فأمره رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلمأن يحلق رأسه ، وجعل عليه كفّارة مخيّراً بين صيام ثلاثة أيّام ، أو إطعام ستّة مساكين ، لكلّ مسكين مدّان ـ المدّ ( 800 ) غرام ـ أو ذبح شاة »([3]) وهو معنى النسك في الآية الكريمة .

الفقهاء :

قالوا : ليس للمحرم أن يقصّ أظافره ، ولا يزيل شعره من رأسه ، وسائر بدنه بحلق أو نتفٍ أو غيرهما ، وإن فعل شيئاً من ذلك جهلاً أو نسياناً فلا شيء عليه ؛ لقول الإمام الباقر  عليه‏السلام : « من حلق رأسه أو نتف إبطه ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه »([4]) .

ومن أزال شعره متعمّداً ولو لأذى فيه فعليه كفّارة ، وهي شاة أو إطعام ستّة مساكين ـ وقيل : عشرة([5]) ـ أو صيام ثلاثة أيّام .

وفي تقليم كلّ ظفر مدّ من طعام ، وإن قلّم يديه ورجليه في مجلس فعليه شاة ، وإن تعدّد المجلس فشاتان .

_________________________________

[1] الوسائل 13 : 162 ، ب12 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام ، ح1.

[2] الوسائل 13 : 160 ، ب10 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام ، ح6.

[3] الوسائل 13 : 166 ، ب14 من أبواب بقية كفّارات الإحرام ، ح1 .

[4] الوسائل 13 : 159 ، ب10 من أبواب بقية كفّارات الإحرام ، ح1 .

[5] القواعد 1 : 471 .

 

 

قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « كلّ شيء ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين ، إلاّ ما أنبتّه أنت أو غرسته »([1]) .

وسئل عن المحرم ينزع الحشيش من الحرم ؟ قال [  عليه‏السلام] : « لا »([2]) .

الفقهاء :

قالوا : لا يجوز للمحرم أن يقطع أو يقلع شجر الحرم والحشيش ممّا أ نبته اللّه‏ دون توسّط آدميّ حتّى ولو كان شوكاً إلاّ نوعاً يسمّى الأذخر ، ويجوز قطع وقلع ما أنبته الآدميّ ، ولا شيء فيه ، ولا كفّارة في قلع الحشيش الّذي أنبته اللّه‏ ، ولكن فاعله آثم ومعاقب

أمّا كفارة قلع الشجرة النابتة بدون توسّط آدميّ ففي الكبيرة منها بقرة ولو كان الفاعل غير محرم ، وفي الصغيرة شاة ، وفي أبعاضها قيمته . هذا هو المشهور بين المتأخّرين بشهادة صاحب الحدائق([3]) .

_________________________________

[1] الوسائل 12 : 552 ، ب86 من أبواب تروك الإحرام ، ح4 .

[2] الوسائل 12 : 552 ، ب85 من أبواب تروك الإحرام ، ح2 .

[3] الحدائق 15 : 531 ـ 532 .

 

 

قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « لا تنظر في المرآة وأنت محرم فإنّه من الزينة »([1]) . متّفق عليه . ولا بأس بالنظر في الماء .

_________________________________

[1] الوسائل 12 : 472 ، ب34 من أبواب تروك الإحرام ، ح1 .

 

 

اتّفقوا على جواز الحجامة عند الحاجة والضرورة ، واختلفوا مع عدمها ، فمنهم من منع ؛ لرواية عن الإمام  عليه‏السلام تقول : « لا يحتجم المحرم إلاّ أن يخاف على نفسه »([1]) . ومنهم من منع ؛ لرواية ثانية تقول : « لا بأس أن يحتجم المحرم ما لم يحلق أو يقطع الشعر »([2]) .

ونختار نحن الجواز على كراهيّة جمعاً بين الروايتين ، بحمل التي نَفَت البأس على مجرّد الإباحة وجواز الفعل ، وحمل التي نهت عن الحجامة على الكراهيّة دون التحريم . وهذا الجمع لا يحتاج إلى رواية ثالثة تدلّ على الكراهيّة صراحة ؛ لأ نّه معروف ومألوف كثيراً في الاستعمال عند العرف والشرع . وعلى افتراض التحريم فلا كفّارة عليه بل الإثم وكفى .

_________________________________

[1] الوسائل 12 : 513 ، ب62 من أبواب تروك الإحرام ، ح2 .

[2] الوسائل 12 : 513 ، ب62 من أبواب تروك الإحرام ، ح5 .

 

 

قال رجل للإمام  عليه‏السلام : اُظلّل وأنا محرم ؟ قال : « لا » ، قال الرجل : اُظلّل واُكفَر ؟ قال الإمام : « لا » ، قال الرجل : فإن مرضت ؟ قال الإمام [  عليه‏السلام] : « ظلّل وكفّر »([1]) .

وسئل الإمام  عليه‏السلام عن المحرم يظلّل على نفسه ؟ فقال : « أمن علّة ؟ » قيل : يؤذيه حرّ الشمس وهو محرم ، فقال : « هي علّة يظلّل ويفدي »([2]) .

وسئل الإمام الباقر أبو الإمام الصادق  عليهماالسلام عن الرجل المحرم يريد أن ينام أيغطّي وجهه من الذباب ؟ قال : « نعم ، ولا يخمّر رأسه »([3]) .

وقال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « لا يرتمس المحرم في الماء ولا الصائم »([4]) .

وسئل عن المحرم يغطّي رأسه ناسياً ؟ قال [  عليه‏السلام] : « يلقي القناع ويلبّي ولا شيء عليه »([5]) .

الفقهاء :

قالوا : لا يجوز للرجل المحرم أن يستظلّ حال السير ، ويحرم عليه الركوب فيما يوجب ذلك كالطائرة والسيّارة إن كان لها سقف ، أ مّا إذا كان ماشياً فيجوز له أن يمرّ تحت الظلّ عابراً ، وله أن يستظلّ بالسقف والحائط والشجرة والخيمة حال الاستقرار وعدم السير . أمّا المرأة فلها أن تستظلّ إطلاقاً ولو كانت سائرة .

وأيضاً لا يجوز للمحرم أن يرتمس في الماء ، بحيث يعلو فوق رأسه ، وله أن يفيض عليه الماء ، وإذا استظلّ أو غطّى رأسه أو ارتمس نسياناً فلا شيء .

وإذا اضطرّ إلى الظلّ جاز له ، وعليه أن يفدي دم شاة ، فقد سئل الإمام  عليه‏السلام عن فداء الظلّ ؟ فقال : « شاة »([6]) .

_________________________________

[1] الوسائل 12 : 516 ، ب64 من أبواب تروك الإحرام ، ح3 .

[2] الوسائل 13 : 155 ، ب6 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام ، ح4 .

[3] الوسائل 12 : 510 ، ب59 من أبواب تروك الإحرام ، ح1 .

[4] الوسائل 12 : 509 ، ب58 من أبواب تروك الإحرام ، ح3 .

[5] الوسائل 12 : 505 ، ب55 من أبواب تروك الإحرام ، ح3 .

[6] الوسائل 13 : 155 ، ب6 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام ، ح5 .

 

 

سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن المحرم يؤذيه ضرسه أيقلعه ؟ قال : « نعم »([1]) .

_________________________________

[1] الوسائل 12 : 564 ، ب95 من أبواب تروك الإحرام ، ح2 .

 

 

قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « لا تلبس ثوباً له أزرار وأنت محرم إلاّ أن تنكسه ، ولا ثوباً تدرعه ، ولا سراويل إلاّ أن لا يكون إزاراً ، ولا خفّين إلاّ أن لا يكون نعل »([1]) .

الفقهاء :

قال صاحب الحدائق : ( لا شيء من الروايات يدلّ على تحريم لبس المخيط ، ولا تعرّض له بالكلّيّة ، وإنّما دلّت على النهي عن أثواب مخصوصة ، وبذلك اعترف الشهيد الأوّل في الدروس ، حيث قال : لم أقف إلى الآن على رواية بتحريم عين المخيط ، وإنّما نهي عن القميص والقباء والسراويل ، ويعضده ما عن الشيخ([2]) المفيد في المقنعة من أ نّه لم يذكر إلاّ المنع عن أشياء معيّنة ، ولم يتعرّض لذكر المخيط )([3]) .

والّذي ليس فيه شكّ أنّ الإجماع قائم ومتحقّق على أنّ الرجل المحرم ممنوع من لبس المخيط والمحيط أيضاً كالعمامة والطربوش والقلنسوة ، وأنّ المرأة يجوز لها ذلك إلاّ القفّاز وثوباً مسّه طيب .

قال صاحب الجواهر : ( لبس المخيط حرام على المحرم ، فلو لبسه عالماً عامداً مختاراً كان عليه دم شاة . ولو اضطرّ إلى لبسه يتّقي به الحرّ أو البرد جاز ، وعليه دم شاة بلا خلاف أجده ، بل الإجماع على ذلك بقسميه ـ أي المحصّل والمنقول ـ وهو الحجّة )([4]) .

ورغم احتمالنا بأنّ سبب الإجماع هو الاحتياط أو فهم المجمعين من القميص والقباء والسراويل مطلق المخيط ، على الرغم من ذلك فنحن لا نجرأ هنا على مخالفة الإجماع والسيرة المستمرّة منذ أقدم العصور . وعلى هذا إذا لبس الرجل المحرم المخيط ضحّى بشاة ، حتّى ولو كان ذلك لضرورة واتّقاء للحرّ أو البرد ، وإذا لبسه ناسياً أو جاهلاً فلا شيء .

ولا يجوز للمحرم أن يلبس الخفّين إلاّ إذا لم يجد نعلاً فيلبسهما بعد أن يقطع أسفل الكعبين([5]) .

_________________________________

[1] الوسائل 12 : 473 ، ب35 من أبواب تروك الإحرام ، ح1 .

[2] في الطبعات السابقة : « شيخ » وما أثبتناه من المصدر .

[3] الحدائق 15 : 435 .

[4] الجواهر 20 : 404 .

[5] النعل له أسفل ، وليس له كعب وجوانب ، ولا ما يستر ظهر القدم . والخفّ حذاء تامّ في كعبه وجوانبه ، ويسمّى كندرة أو صباط ، وما إلى ذلك [ منه 1] .

 

 

سئل الإمام الصادق عليه‏السلام عن المحرم أيلبس الخاتم ؟ قال : « لا يلبسه للزينة »([1]) .

قال الفقهاء : يحرم على المحرم لبس الخاتم مع قصد الزينة ، وإن قصد به السنّة النبويّة فلا بأس ، كما أ نّه لا يجوز للمرأة لبس الحلي للزينة .

_________________________________

[1] الوسائل 12 : 490 ، ب46 من أبواب تروك الإحرام ، ح4 .

 

 

قال صاحب الحدائق : ( ذهب المشهور إلى تحريم لبس السلاح للمحرم إلاّ لضرورة ، ويدلّ عليه قول الإمام الصادق  عليه‏السلام : « إنّ المحرم إذا خاف العدوّ فلبس السلاح فلا كفّارة عليه » ، ودلالة هذه الرواية وغيرها على التحريم ، وإن كان بالمفهوم إلاّ أ نّه مفهوم الشرط ، وهو حجّة عند محقّقي الاُصول )([1]) .

والكلام عن حمل السلاح دفاعاً عن النفس تماماً كالكلام عن الاحتشاش لعلف الناقة ممّا لا مجال للحديث عنهما في هذا العصر ، عصر السرعة والأمان .

_________________________________

[1] الحدائق 15 : 449 .

 

 

قال تعالى :  فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحَجِّ وَمَا تَفعَلُوا مِن خَيرٍ يَعلَمهُ اللّه‏َ وَتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيرَ الزَّادِ التَّقوَى وَاتَّقُونِ يَا اُولىِ الألبَابِ ([1]) .

وقال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « إذا أحرمت فعليك بتقوى اللّه‏ ، وذكر اللّه‏ كثيراً ، وقلّة الكلام إلاّ بخير ، فإنّ من تمام الحجّ والعمرة أن يحفظ المرء لسانه إلاّ من خير ، كما

قال تعالى :  فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحَجِّ  . والرفث الجماع ، والفسوق الكذب والسباب ، والجدال قول الرجل : لا واللّه‏ وبلى واللّه‏ »([2]) .

الفقهاء :

اتّفقوا على تحريم الجدال في الحجّ ، وأنّ المحرّمات والمعاصي تتأكّد في حقّ المحرم أكثر من سواه . وذهب المشهور ـ بشهادة صاحب الحدائق والجواهر([3]) ـ إلى أنّ المحرم إذا كذب مرّة فعليه شاة ، ومرّتين فبقرة ، وثلاثاً فبدنة . وإذا حلف صادقاً فلا شيء عليه ، إلاّ إذا تكرّر الحلف ثلاث مرّات فعليه شاة .

وقد تتبّعت روايات أهل البيت عليهم‏السلام في الوسائل وغيرها فلم أجد هذا التفصيل في رواية واحدة وإن أمكن استخراجه من العديد من الروايات ، حيث جاء في بعضها : « الّذي يجادل وهو صادق عليه شاة والكاذب عليه بقرة »([4]) . وفي رواية ثانية : « إذا حلف ثلاث أيمان متتابعات صادقاً فقد جادل وعليه دم شاة ، وإذا حلف بيمين واحدة كاذباً فقد جادل وعليه دم »([5]) . وفي الثالثة : « إذا جادل مرّتين فعلى المصيب دم يهريقه شاة ، وعلى المخطئ بقرة »([6]) .

ومهما يكن فإنّ طريقتنا في هذا الكتاب أن نعرض رأي المشهور مع الإشارة إلى دليله ، وقد نقلنا ما ذهب إليه المشهور عن صاحب الجواهر والحدائق ، وأشرنا إلى الآية الكريمة وبعض الروايات .

_________________________________

[1] البقرة : 197 .

[2] الوسائل 12 : 463 ، ب32 من أبواب تروك الإحرام ، ح1 .

[3] الحدائق 15 : 465 . الجواهر 20 : 420 .

[4] الوسائل 13 : 147 ، ب22 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام ، ح6.

[5] الوسائل 13 : 146 ، ب22 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام ، ح4.

[6] الوسائل 13 : 145 ، ب22 من أبواب بقيّة كفّارات الإحرام ، ح2 ، وفيه : « إذا جادل فوق مرّتين » .

 

 

1 ـ  قال صاحب الجواهر : ( إذا اجتمعت أسباب الكفّارة واختلفت في حقيقتها كالصيد واللبس وتقليم الأظافر والطيب وجب تعدّد الكفّارة بتعدّد السبب بلا خلاف ولا إشكال ؛ لقاعدة « تعدّد المسبّبات بتعدّد أسبابها » سواءً أفعل ذلك في وقت واحد أو في أكثر ، وسواءً أكان قد كفّر عن الأوّل أم لم يكفّر ؛ لوجود المقتضي وانتفاء المسقط )([1]) .

2 ـ  إذا تكرّر السبب الواحد دون أن تختلف حقيقته كما لو وطئ أو اصطاد أو تطيّب أكثر من مرّة لم يتداخل ، ووجب لكلّ مرّة كفّارة ، قال صاحب الجواهر : ( هذا هو المشهور بين الفقهاء قديماً وحديثاً ، بل عن المرتضى وابن زهرة الإجماع عليه )([2]) .

3 ـ  كلّ محرم لبس أو أكل عالماً عامداً ما لا يحلّ له أكله أو لبسه ولم يكن له مقدّر شرعيّ بخصوصه كأكل النعامة كان عليه دم شاة ، قال صاحب الجواهر : ( لا أجد في ذلك خلافاً ؛ لقول الإمام الباقر  عليه‏السلام : « من نتف إبطه أو قلّم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوباً لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاماً لا ينبغي له أكله وهو محرم ففعل ذلك ناسياً أو جاهلاً فليس عليه شيء ، ومن فعله متعمّداً فعليه دم شاة » )([3]) .

4 ـ  قال صاحب الجواهر : ( تسقط الكفّارة عن الناسي والجاهل والمجنون إلاّ في الصيد فإنّ الكفّارة لازمة على كلّ حال ولو كان سهواً أو جهلاً على المشهور ؛ لقول الإمام الصادق عليه‏السلام : « أيّ رجل ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه » . وقوله [  عليه‏السلام] : « ليس عليك فداء ما أتيته بجهالة إلاّ الصيد ، فإنّ عليك فيه الفداء بجهل كان أو بعمد » )([4]) .

5 ـ  يجوز للمحرم أن يلبس الهميان ـ الكمر ـ يشدّه على وسطه ، فقد سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن المحرم يشدّ الهميان في وسطه ؟ قال : « لا بأس ، أو ليس هي نفقتك وعليها بعد اللّه‏ عزّ وجلّ اعتمادك ؟ »([5]) .

_________________________________

[1] [2]1 و (2) الجواهر 20 : 431 .

[3] [4]3 و (4) الجواهر 20 : 438 .

[5] الوسائل 12 : 492 ، ب47 من أبواب تروك الإحرام ، ح3 .

 

 

لا فرق في تحريم الصيد وقطع الشجر بين حرم مكّة وحرم المدينة ولكلّ من الحرمين الشريفين حدود ، وحدّ الحرم المكّي من جهة الشمال مكان يدّعى « التنعيم » وبينه وبين مكّة ( 6 ) كيلو متراً ، ومن جهة الجنوب « أضاه » وبينه وبين مكّة ( 12 ) كيلو متراً ، ومن جهة الشرق « الجعرانة » وبينها وبين مكّة ( 16 ) كيلو متراً ، ومن جهة الغرب « الشميسي » وبينه وبين مكّة ( 15 ) كليو متراً .

وقد نصبت على هذه الحدود أعلام ، وهي أحجار مرتفعة قدر متر .

أما حدّ الحرم النبويّ الشريف فقدره ( 12 ) ميلاً ، يمتدّ من عير إلى ثور ، وعير جبل عند الميقات ، وثور جبل عند اُحد .