الشـكّ

قدّمنا أنّ الشاكّ هو الحائر المتردّد الّذي لم يوقن بشيء منذ البداية ، ونتكلّم الآن عن حكم الشكّ وما يترتّب عليه في الصلاة وهو على وجوه :

منها  : الشكّ في أصل حدوث الصلاة وصدورها .

ومنها  : الشكّ في شروطها وأجزائها غير الركعات .

ومنها  : الشكّ في عدد الركعات .

وبيان حكم الجميع فيما يلي :

 

 

الشكّ في أصل الصلاة :

قال الإمام أبو جعفر  عليه‏السلام : « متى استيقنت أو شككت في وقت فريضة أ نّك لم تصلّها أو في وقت فوتها أ نّك لم تصلّها صلّيتها ، وإن شككت بعد ما خرج الوقت وقد دخل حائل فلا إعادة عليك من شكّ حتّى تستيقن ، فإن استيقنتها فعليك أن تصلّيها في أ يّة حالة كنت »([573]) .

الفقهاء  :

قالوا : من شكّ ولم يدرِ هل أدّى الفريضة أو لا ؟ ينظر فإن كان الوقت باقياً فعليه أن يصلّي تماماً كما لو تيقّن بأ نّه لم يأتِ بها من الأساس ، وإن كان ذلك في خارج الوقت فلا شيء حتّى يحصل اليقين بأ نّه لم يصلِّ .

________________

[1] الوسائل 4 : 283 ، ب60 من أبواب المواقيت ، ح1 .

 

 

الشكّ بعد الفراغ :

قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « إذا شكّ الرجل بعد ما ينصرف من صلاته لا يعيد ، ولا شيء عليه »([1]) .

وقال الإمام أبو جعفر  عليه‏السلام : « كلّ ما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض ولا تعد »([2]) .

وهذا محلّ وفاق بين الجميع .

________________

[1] الوسائل 8 : 246 ، ب 27 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح1.

[2] الوسائل 8 : 246 ، ب27 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح2 .

 

 

الشكّ في شرط الصلاة :

إذا شكّ في شرط من شروط الصلاة ـ كالطهارة والساتر ـ فإن كان الشكّ قبل الشروع بالصلاة وجب عليه أن يحرزه ، ويتثبّت من وجوده ، كما هو الشأن في كلّ شرط.

وإن كان ذلك في أثناء الصلاة قطعها وأوجد الشرط ؛ لما تقدّم ، ولاستصحاب عدم وجود الشرط . ولا تجري قاعدة الفراغ بالقياس إلى الصلاة ؛ لأ نّه لم يفرغ منها ، ولا بالقياس إلى الوضوء ، أو غيره من الشروط ؛ لأ نّه شاكّ في أصل حدوثه وصدوره.

وإن كان الشكّ بعد الفراغ من الصلاة فلا شيء عليه ؛ لما تقدّم في الفقرة السابقة ، ولكن عليه أن يحرز بالقياس إلى غيرها من الصلاة .

 

 

الشكّ في أفعال الصلاة :

قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « إذا لم يدرِ أسجد واحدةً أو اثنتين فليسجد الاُخرى »([1]) .

وسئل عن رجل يشكّ وهو قائم لا يدري أركع أو لم يركع ؟ قال [  عليه‏السلام] : « يركع ويسجد »([2]) .

هذا إذا شكّ في الشيء قبل أن يتجاوزه إلى غيره .

وسئل عن رجل شكّ في الأذان وقد دخل في الإقامة ؟ قال : « يمضي » ، فقيل له : شكّ في الإقامة وقد كبّر ؟ قال : « يمضي » ، وفي التكبير وقد قرأ ؟ قال : « يمضي » ، وفي القراءة وقد ركع ؟ قال : « يمضي » ، وفي الركوع وقد سجد ؟ قال : « يمضي » . إلى أن قال الإمام  عليه‏السلام : « إذا خرجت من شيء ثمّ دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء »([3]) .

هذا ، إذا شكّ في الشيء بعد أن تجاوزه إلى غيره .

الفقهاء  :

قالوا : إنّ الشكّ في فعل من أفعال الصلاة غير الركعات ينقسم إلى نوعين:

الأوّل  : أن يشكّ في الشيء قبل أن ينتقل من محلّه إلى غيره ، كما لو شكّ في النيّة قبل أن يكبّر ، أو في التكبير قبل أن يقرأ ، أو في القراءة قبل أن يركع ، أو في الركوع قبل أن يسجد ، وما إلى ذاك ممّا لم يتجاوز محلّ المشكوك . وأفتوا بوجوب الإتيان بالمشكوك والحال هذه ؛ للأصل المعزّز والمؤيّد بروايات أهل البيت  عليهم‏السلام .

الثاني  : أن يشكّ في الشيء بعد التجاوز والانتقال من محلّه ، والدخول في غيره ، كما لو شكّ في التكبير وهو في القراءة ، أو في القراءة وهو في الركوع ، أو في الركوع وهو في السجود ، وما إلى ذاك ممّا تجاوز محلّه ودخل بالغير . وأفتى الفقهاء هنا بالمضي ، وإلغاء الشكّ ، وعدم الإتيان بالمشكوك فيه ، مع اعترافهم بأنّ ذلك خلاف ما يستدعيه الأصل عملاً بالدليل الوارد على الأصل الثابت عن أهل البيت   عليهم‏السلام .

وتجدر الإشارة إلى أنّ المراد بالتجاوز عن محلّ المشكوك فيه أن يدخل ويتلبّس بفعل من أفعال الصلاة بالذات لا بشيء أجنبيّ عنها ، وأن يكون مكانه في الترتيب متأخّراً عمّا شكّ فيه ، أمّا الغير الّذي دخل وتلبّس بفعله فالمراد به مطلق الغير قراءةً كان أو فعلاً . فمن شكّ في القراءة كلاًّ أو بعضاً وهو في البعض الآخر الّذي يليه أو شكّ في أيّ فعل وقد تلبّس في آخر ـ كما لو شكّ في الركوع وقد هوى إلى السجود أو في السجود وقد قام ـ كلّ ذلك وما إليه يلغى فيه الشكّ ، ويمضي المصلّي في الإتمام.

قال صاحب الجواهر : ( كما هو خيرة الأكثر ، بل عن البعض دعوى الإجماع عليه ، وهو الحجّة ، مضافاً إلى قول الإمام  عليه‏السلام : « وإن شكّ في السجود بعد ما قام فليمض » . وقوله  عليه‏السلام : « قد ركع » جواباً لمن سأله عن رجل هوى إلى السجود ولم يدرِ أركع أم لم يركع )([4]) .

__________________

[1] الوسائل 6 : 368 ، ب15 من أبواب السجود ، ح1 ، 2 .

[2] الوسائل 6 : 316 ، ب12 من أبواب الركوع ، ح2 .

[3] الوسائل 8 : 237 ، ب23 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح1 .

[4] الجواهر 12 : 320 .

 

 

الشكّ في عدد الركعات :

يقع الشكّ في عدد الركعات على وجوه : منها المبطل ، ومنها غير المبطل.

والمبطل أقسام :

1 ـ  الشكّ في المغرب والصبح وصلاة السفر يوجب البطلان وفساد الصلاة إطلاقاً ؛ للإجماع والنصّ ، ومنه قول الإمام الصادق  عليه‏السلام : « إذا شككت في المغرب فأعد ، وإذا شككت في الفجر فأعد »([1]) . « وإذا لم تدرِ واحدة صلّيت أو اثنتين فأعد الصلاة من أوّلها ، والجمعة أيضاً إذا سها فيها الإمام فعليه أن يعيد الصلاة ؛ لأ نّها ركعتان »([2]) .

وكلّ نصّ خالف هذا النصّ فهو شاذّ متروك ، وقوله  عليه‏السلام : « لأ نّها ركعتان » نصّ على علّة الحكم ، فيكون بمنزلة قوله : كلّ شكّ في الصلاة الثنائيّة موجب لفساد الصلاة وبطلانها .

2 ـ الشكّ بين الركعة والأكثر فإنّه مبطل للصلاة إجماعاً ونصّاً . قال صاحب الجواهر : ( والنصّ على ذلك مستفيض إن لم يكن متواتراً ، ودالاًّ على البطلان بأنواع الدلالات . ومنه قول الإمام الصادق  عليه‏السلام : « إذا شككت فلم تدرِ : أ في ثلاث أنت أم في اثنتين أم في واحدة أم في أربع فأعد ، ولا تمضِ على الشكّ » )([3]) .

3 ـ  الشكّ بين الركعتين وما زاد قبل إكمال السجدتين ؛ لأنّ الشكّ في هذه الحال يرجع إلى الشكّ في الركعتين بالذات ، وعليه فلا يكون المصلّي على يقين من إتمامها ، فيتحتّم البطلان . قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « من شكّ في الاُوليين أعاد حتّى يحفظ ، ويكون على يقين »([4]) أي متأكّداً من إتمام الركعتين .

4 ـ  إذا شكّ المصلّي وهو في الرباعيّة بين الاثنتين والخمس تبطل صلاته ، حتّى ولو كان الشكّ بعد إتمام السجدتين وإحرازهما ؛ لأنّ الصلاة باطلة على كلّ حال ، فإن تكن في الواقع ركعتين بطلت للنقصان ، وإن تكن خمساً بطلت لمكان الزيادة . هذا ، إلى أنّ الشكّ الموجب لصحّة الصلاة هو الّذي يبني معه على الأكثر من أحد طرفي الشكّ ، على شريطة أن لا يتنافى البناء على الأكثر مع صحّة الصلاة . وليس من شكّ أنّ البناء على الخمس يستدعي البطلان لمكان الزيادة .

5 ـ  الشكّ في عدد ركعات صلاة الجمعة والعيدين والكسوف والخسوف والزلازل مبطل ؛ لأ نّها ثنائيّة .

6 ـ  من لم يدرِ كم صلّى بطلت صلاته ؛ لقول الإمام  عليه‏السلام : « إن كنت لا تدري كم صلّيت ولم يقع وهمك على شيء فأعد الصلاة »([5]) .

__________________

[1] الوسائل 8 : 194 ، ب2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح5 .

[2] الوسائل 8 : 195 ، ب2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح8 .

[3] الجواهر 12 : 329 .

[4] الوسائل 8 : 188 ، ب1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح1 .

[5] الوسائل 8 : 226 ، ب15 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح1 .

 

 

الشكّ الصحيح :

وهنالك حالات من الشكّ في عدد الركعات لا توجب البطلان ، بل تصحّ الصلاة وتجزي مع العلاج ، على شريطة أن يكون الشكّ في الرباعيّة فقط ، منها :

1 ـ  إذا شكّ بين الاثنتين والثلاث بعد أن أحرز السجدتين وإكمالهما فإنّه يبني على الثلاث ، ويأتي بالركعة الرابعة ، ويتشهّد ويسلّم ، وقبل أن يأتي بالمنافي يحتاط بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس ، والواحدة قائماً أفضل من الاثنتين جالساً في هذه الحال . قال الإمام الصادق  عليه‏السلام لأحد أصحابه : « ألا اُعلّمك ما إذا فعلته ثمّ ذكرت أ نّك أتممت أو نقصت لم يكن عليك شيء . . . إذا سهوت ـ أي شككت ـ فابنِ على الأكثر ، فإذا فرغت وسلّمت فقم فصلِّ ما ظننت أ نّك نقصت ، فإن كنت قد أتممت لم يكن عليك شيء ، وإن ذكرت أ نّك كنت نقصت كان ما صلّيت تمام ما نقصت »([1]) .

ويتّضح ما أراده الإمام بهذا المثال : رجل شكّ بين الثلاث والأربع فبنى على الأربع وبعد الانتهاء أتى بركعة الاحتياط ، وحينئذٍ لا تخلو صلاته الأصليّة ، إمّا أن تكون في الواقع ثلاثاً ، وإمّا أن تكون أربعاً . فإن كانت ثلاثاً فقد أتمّها بركعة

الاحتياط ، وإن كانت أربعاً تقع ركعة الاحتياط نفلاً ، وتكون الحال أشبه بما لو كنت مديوناً لإنسان بمبلغ لا تدري هل هو ثلاثة دراهم أو أربعة ؟ فتعطيه أربعة ، فإن كنت مطلوباً بها كاملة فقد فرغت ذمّتك قطعاً ، وكذلك إن كنت مطلوباً بثلاثة فقط ، ويكون الدرهم الزائد إحساناً وتفضّلاً .

2 ـ  إذا شكّ بين الثلاث والأربع في أيّ موضع كان فإنّه يبني على الثلاث ويأتي بالرابعة ، ويتشهّد ويسلّم ، ثمّ يحتاط بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس ، تماماً كالصورة الاُولى ، سوى أنّ الأفضل هنا اختيار الركعتين من جلوس . فلقد سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن رجل لا يدري أثلاثاً صلّى أم أربعاً ووهمه في ذلك سواء ؟ فقال : « إذا اعتدل الوهم في الثلاث والأربع فهو بالخيار ، إن شاء صلّى ركعة وهو قائم ، وإن شاء صلّى ركعتين وأربع سجدات وهو جالس »([2]) .

3 ـ  إذا شكّ بين الاثنتين والأربع بعد إكمال السجدتين فإنّه يبني على الأربع ، وبعد الإتمام يحتاط بركعتين من قيام . قال الإمام  عليه‏السلام : « إذا لم تدرِ اثنتين صلّيت أم أربعاً ولم يذهب وهمك إلى شيء فتشهّد وسلّم ، ثمّ صلّ ركعتين وأربع سجدات تقرأ فيهما بأُمّ الكتاب ، ثمّ تتشهّد وتسلّم ، فإن كنت إنّما صلّيت ركعتين كانتا هاتان تمام الأربع ، وإن كنت صلّيت أربعاً كانتا هاتان نافلة »([3]) .

4 ـ  إذا شكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع بعد إتمام السجدتين فإنّه يبني على الأربع ويتمّ صلاته ، ثمّ يحتاط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس ، والأفضل تقديم الركعتين من قيام ، وتأخير الركعتين من جلوس . سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن رجل صلّى فلم يدرِ اثنتين صلّى أم ثلاثاً أم أربعاً ؟ قال : « يقوم فيصلّي ركعتين من قيام ويسلّم ثمّ يصلّي ركعتين من جلوس ويسلّم ، فإن كانت أربع ركعات كانت الركعتان نافلة ، وإلاّ تمّت الأربع »([4]) .

5 ـ  إذا شكّ بين الأربع والخمس نظر ، فإن حصل له الشكّ وهو قائم جلس ، وبهذا يرجع شكّه إلى الشكّ بين الثلاث والأربع فيبني على الأربع ويتمّ الصلاة ويأتي بركعتين من جلوس أو ركعة من قيام.

وإن حصل له هذا الشكّ بعد أن سجد السجدتين بنى على الأربع وتشهّد وسلّم ، ثمّ سجد سجدتي السهو .

وإذا تبيّن له بعد الانتهاء أنّ صلاته كانت ناقصة صحّت ولا إعادة عليه.

وكذلك الحكم لو تبيّن النقصان وهو في صلاة الاحتياط ؛ لأنّ قول الإمام  عليه‏السلام : « إن كانت ناقصة تمّمها الاحتياط » يشمل الحالين معاً .

_________________

[1] الوسائل 8 : 213 ، ب8 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح3 .

[2] الوسائل 8 : 216 ، ب10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح2 .

[3] الوسائل 8 : 219 ، ب11 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح1 .

[4] الوسائل 8 : 223 ، ب 13 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح4.

 

 

 

الشكّ في النافلة :

الشكّ في عدد ركعات النافلة لا يبطل ، والمصلّي بالخيار إن شاء بنى على الأقلّ وهو الأفضل ، وإن شاء بنى على الأكثر ، على شريطة أن لا يكون الأكثر مبطلاً للصلاة . سئل الإمام  عليه‏السلام عن السهو في النافلة ؟ قال : « ليس عليك شيء »([1]) .

وقيل : للمصلّي أن يقطع النافلة ، ثم يستأنفها من جديد إن شاء .

___________________

[1] الوسائل 8 : 230 ، ب18 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح1 .

 

 

كثير الشكّ :

كلّ من كثر شكّه فعليه أن يمضي ، ولا يعتني بشكّه إطلاقاً ، سواء أكان في عدد الركعات أم في غيرها من الأفعال أو في القراءة ، وسواء أكان الشكّ في أصل الحدوث والصدور ، أو في صحّته . سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن الرجل الّذي يشكّ كثيراً في صلاته حتّى لا يدري كم صلّى ولا ما بقي عليه ؟ قال : « يعيد » ، قيل له : إنّه يكثر عليه ذلك كلّما أعاد شكّه ، قال : « يمضي في شكّه . . . لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه ، فإنّ الشيطان خبيث معتاد لما عوّد ، فليمض أحدكم في وهمه ، ولا يكثرنّ نقض الصلاة ، فإن فعل ذلك مرّات لم يعد إليه الشكّ . . . إنّما يريد الخبيث أن يطاع ، فإذا عصي لم يعد إلى أحدكم »([1]) .

___________________

[1] الوسائل 8 : 228 ، ب16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح2 .

 

 

صورة صلاة الاحتياط :

يجب في صلاة الاحتياط كلّ ما يجب في الصلاة المستقلّة ، من الطهارة والستر وعدم الغصب والاستقبال والنيّة وتكبيرة الإحرام والقراءة وهي الحمد فقط دون السورة ودون القنوت ، كما يجب فيها الركوع والسجود والتشهّد والتسليم ، ويجب فيها أيضاً الإخفات ، ولا يجوز الجهر .

وهذا دليل واضح على أ نّها صلاة مستقلّة ، لا جزء من الصلاة ، والإكتفاء بها على تقدير نقص الصلاة لا يستدعي أن تكون جزءً منها .

قال صاحب الجواهر : ( لا بدّ في صلاة الاحتياط من النيّة وتكبيرة الإحرام ، ولا يكتفي بالنيّة الاُولى والتكبيرة الاُولى ؛ لظهور النصّ والفتاوى بأ نّها صلاة مستقلّة عن الاُولى واقعة بعد اختتامها بالتسليم مأموراً بها بأمر على حدة بتشهّد وتسليم يختصّان بها )([1]) . ومثله في كتاب مصباح الفقيه للشيخ الهمداني([2]) .

_____________________

[1] الجواهر 12 : 370 .

[2] مصباح الفقيه  الصلاة  : 564 ( حجريّة) .

 

 

مسائل :

1 ـ  إذا عرض له الشكّ فلا يبني للوهلة الاُولى على الأكثر ، ويتمّ ثمّ يحتاط ، بل الأولى والأفضل أن يتأمّل ويتروّى قليلاً عسى أن يزول الشكّ ويحصل الاطمئنان .

2 ـ  إذا غلب على ظنّ المصلّي وترجّح في نظره أحد الطرفين عمل بظنّه ، تماماً كما يعمل بالعلم ، قال الشيخ الهمداني في مصباح الفقيه : ( هذا هو المشهور )([1]) . ويدلّ عليه الحديث النبويّ : « إذا شكّ أحدكم فليتحرّ »([2]) . وقال صاحب العروة الوثقى : ( إنّ الظنّ بالركعات بحكم اليقين ، سواء أكان في الركعتين الاُوليين أم الأخيرتين )([3]) .

3 ـ  إذا سلّم ثمّ صدر منه ما يبطل الصلاة كالكلام عمداً وما إلى ذاك من المبطلات قبل أن يأتي بصلاة الاحتياط فعليه أن يصلّي صلاة الاحتياط على وجهها ، ثمّ يعيد الصلاة من جديد ؛ لأ نّه على يقين من التكليف بالصلاة [  الصحيحة ، فعليه أن يكون على يقين من أ نّه قد أتى بها كذلك ، فإذا صلّى الاحتياط ولم يستأنف الصلاة الواجبة بعدها أو استأنف قبل أن يحتاط يبقى في شكّ من فراغ ذمّته والخروج عن عهدة التكليف بالصلاة . أمّا إذا صلّى الاحتياط ثمّ استأنف فيحصل له القطع والجزم بأ نّه قد تحرّر ممّا وجب عليه دون شكّ .

4 ـ  إذا زاد أو أخلّ بركن من أركان صلاة الاحتياط كالتكبير للإحرام أو الركوع أو السجود بطلت ، تماماً كغيرها من الصلاة دون أدنى تفاوت .

5 ـ  إذا شكّ في عدد ركعاتها بنى على الأكثر ما لم يكن مبطلاً ، وبعد إتمامها يعيد الصلاة من جديد . وقال صاحب العروة الوثقى : ( الأحوط إتمام صلاة الاحتياط ثمّ إعادتها ثمّ إعادة أصل الصلاة )([4]) . ولا سرّ لذلك إلاّ ما أشرنا إليه من أنّ الشغل اليقيني يستدعي الإتيان بجميع الاحتمالات ؛ لأجل العلم والجزم بفراغ الذمّة ]([5]) .

____________________

[1] مصباح الفقيه  الصلاة  : 71 ( حجريّة) .

[2] مسند أحمد بن حنبل 1 : 379 .

[3] العروة الوثقى 1 : 656 ، م5 .

[4] العروة الوثقى 1 : 668 ـ 669 ، م15 .

[5] ما بين المعقوفين ليس في الطبعة الأخيرة .