صلاة المسافر

قصر الصلاة :

قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شيء إلاّ المغرب ثلاث »([1]) أي تبقى على حالها .

وقال  عليه‏السلام : « المتمّم في السفر كالمقصّر في الحضر »([2]) .

الفقهاء  :

قالوا : إنّ الصلاة الرباعيّة في السفر تصير ثنائيّة ، فيصلّي كُلاًّ من الظهر والعصر والعشاء ركعتين ، أمّا المغرب فتبقى على حالها .

وقالوا : إنّ قصر الصلاة في السفر عزيمة لا رخصة ، ومعنى الرخصة أن يترك الخيار للمسافر ؛ إن شاء قصّر ، وإن شاء أتمّ . ومعنى العزيمة أن يتعيّن القصر ، ولا يصحّ منه التمام بحال .

ومن الخير أن نذكر هنا ما دار بين زرارة ومحمّد بن مسلم ، وبين اُستاذهما وإمامهما الإمام الباقر أبي الإمام جعفر الصادق  عليهماالسلام .

قالا له : ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي ؟ وكم هي ؟

قال : « إنّ اللّه‏ عزّ وجلّ يقول :   وَإِذَا ضَرَبتُم فِي الأَرضِ فَلَيسَ عَلَيكُم جُنَاحٌ أَن تَقصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ   فصار التقصير في السفر واجباً ، كوجوب التمام في الحضر » .

قالا : ولكن اللّه‏ قال : ليس عليكم جناح ، ولم يقل : افعلوا ، فكيف وجب ذلك ؟ أي كيف صار عزيمة لا رخصة .

قال : « أليس قد قال اللّه‏ عزّ وجلّ في الصفا والمروة :   فَمَن حَجَّ البَيتَ أَو اعتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا   ألا ترون أنّ الطواف بهما واجب مفروض ؛ لأنّ اللّه‏ قد ذكره في كتابه وصنعه نبيّه ، وكذلك التقصير في السفر شيء ذكره في كتابه وصنعه نبيّه »([3]) .

_________________

[1] الوسائل 8 : 505 ، ب16 من أبواب صلاة المسافر ، ح2 .

[2] الوسائل 8 : 518 ، ب22 من أبواب صلاة المسافر ، ح4 .

[3] الوسائل 8 : 517 ، ب22 من أبواب صلاة المسافر ، ح2 .

 

 

سقوط النافلة :

قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شيء إلاّ المغرب ، فإنّ بعدها أربع ركعات ، لا تدعهنّ في سفر ولا حضر ، وليس عليك قضاء صلاة النهار ـ أي نافلتها ـ وصلّ صلاة الليل واقضها »([1]) .

وسئل عن صلاة النافلة بالنهار في السفر ؟ فقال  عليه‏السلام : « يا بني لو صلحت النافلة في السفر تمّت الفريضة »([2]) .

وقال عليه‏السلام : « كان أبي لا يدع ثلاث عشرة ركعة في الليل في سفرٍ ولا حضرٍ »([3]) ، يريد بثلاث عشرة ركعة صلاة الليل مع صلاة الفجر .

الفقهاء  :

قالوا : تسقط في السفر نافلة الظهر والعصر ، ولا تسقط نافلة المغرب والفجر ، ولا صلاة الليل ، واختلفوا : هل تسقط الوتيرة في السفر وهي نافلة العشاء ؟ قال صاحب الجواهر : ( المشهور كما حكاه غير واحد السقوط ) . وبعد أن ناقش القائلين بعدم سقوطها وردّ أدلّتهم قال : ( وبذلك كلّه ظهر لك ما في أدلّة عدم السقوط ، وأنّ الأولى خلافه )([4]) أي الأولى السقوط لا الثبوت([5]) .

_____________________

[1] الوسائل 4 : 83 ، ب21 من أبواب أعداد الفرائض ، ح7 .

[2] الوسائل 4 : 82 ، ب21 من أبواب أعداد الفرائض ، ح4 .

[3] الوسائل 4 : 90 ، ب25 من أبواب أعداد الفرائض ، ح1 .

[4] الجواهر 7 : 46 ، 50 .

[5] في الطبعات السابقة « الأولى الثبوت لا السقوط » والصحيح ما أثبتناه .

 

 

شروط القصر :

لقصر الصلاة في السفر شروط لا بدّ من وجودها ، بحيث إذا انتفى أحدها انتفى القصر ووجب التمام ، وهي :

1 ـ  المسافة :

السفر ، وليس المراد من السفر هنا معناه العرفي ، بحيث يكون المسافر عرفاً هو نفس المسافر شرعاً ، كلاّ ، وإنّما المراد منه معنى خاصّ يبيّنه ويحدّده الشارع بالذات ، ولذا من لم يقصد السفر مسافة خاصّة أو قصد المعصية من سفره أو أقام عشرة أيّام في مكان خاصّ أثناء سفره أو اتخذ السفر مهنة له ، كلّ هؤلاء ليسوا في نظر الشارع مسافرين كما يأتي . وإذن للشارع حقيقة شرعيّة واصطلاح خاصّ في معنى السفر .

ومن هنا يتبيّن الخلط والجهل في قول من قال : إنّ وجوب القصر والإفطار في السفر كان يوم السفر قطعة من سقر كما عبّر الأوائل ، حيث لا وسيلة له إلاّ الأقدام والدواب والجمال ، وأمّا اليوم وبعد الطيّارة والسيّارة فقد أصبح السفر نزهة ممتعة ، ولم يبق من سبب موجب للقصر والإفطار ، لقد خلط هذا القائل بين الشرع والعرف « في باب العبادات » وذهل عن أنّ معنى السفر عند العرب والناس شيء ، ومعناه عند الشرع المقدّس ، وفي الصوم والصلاة خاصّة شيء آخر .

ومهما يكن فإنّ على من يتكلّم في مسائل دينيّة وشرعيّة أن لا يعتمد على مجرّد إدراكه وفهمه ؛ لأنّ دين اللّه‏ لا يصاب بالعقول كما قال أهل البيت  عليهم‏السلام([1]) ، بل عليه أن يرجع إلى مصادر الدين والشريعة ، ويستنطقها بمعرفة ورويّة ، وقبل أن نرجع إلى هذه المصادر نمهّد بما يلي :

لو افترض أنّ الشارع حدّد السفر الموجب لقصر الصلاة والإفطار بالمساحة والمكان ، لا بالساعات والزمان ، وقال هكذا : إذا سافرت ثمانية فراسخ فقصّر وأفطر وجب ، والحال هذه على من قطع وتجاوز هذه المسافة القصر والإفطار سواء استغرق قطعها ثانية أم يوماً وليلة .

ولو افترض أ نّه حدّد السفر بالساعات والزمان لا بالمساحة والمكان ، وقال هكذا : إذا سافرت يوماً كاملاً فقصّر وأفطر وجب على من استغرق سفره اليوم بكامله أن يقصّر ويفطر ، حتّى ولو لم يقطع إلاّ فرسخاً واحداً ، وإذا لم يستغرق السفر اليوم من أوّله إلى آخره فلا يقصّر ولا يفطر وإن قطع ألف فرسخ .

ولو افترض أ نّه حدّد السفر بالزمان والمكان معاً ، وقال : على من قطع في اليومالواحد ثمانية فراسخ أن يقصّر ويفطر وجب على من سافر يوماً كاملاً وقطع فيه هذه المسافة القصر والإفطار ، وإذا قطع ألف فرسخ ولم يستغرق السفر تمام اليوم أو استغرقه وقطع ثمانية فراسخ إلاّ متراً فلا يجوز القصر ولا الإفطار .

ولو افترض أ نّه أوجب القصر والإفطار بأحد الأمرين غير المعيّن وقال : إذا سافرت يوماً كاملاً أو قطعت ثمانية فراسخ فقصّر وافطر وجب القصر والإفطار على من سافر اليوم بكامله ، وإن لم يقطع الفراسخ الثمانية وعلى من قطعها وإن لم يستغرق سفره اليوم ، ولا يجوز القصر والإفطار لمن قطع دون الثمانية في أقلّ من يوم .

وتسأل : وأيّ شيء اعتبر الشارع من هذه ؟ هل اعتبر الزمان فقط أو المكان فقط أو هما معاً أو أحدهما غير المعيّن ؟

الجواب  :

إنّ من تتبّع أخبار أهل البيت  عليهم‏السلام وآثارهم وجد أنّ بعضها يحدّد السفر بالمساحة والمكان.

فقد روى الفضل بن شاذان : أنّ الإمام الرضا  عليه‏السلام كتب إلى المأمون : « التقصير في ثمانية فراسخ وما زاد ، وإذا قصّرت أفطرت »([2]) .

وروى محمّد بن مسلم ، عن الإمام الباقر  عليه‏السلام أ نّه قال : « يجب التقصير في بريدين »([3]) . والبريد أربع فراسخ([4]) .

ومنها : ما يدلّ على التحديد بالزمان ، فقد روى ابن يقطين ، عن الإمام الرضا   عليه‏السلام أ نّه قال : « يجب التقصير في مسيرة يوم »([5]) .

ومنها : ما يدلّ على التحديد بأحدهما ، فقد روى أبو بصير أ نّه سأل الإمام الصادق  عليه‏السلام : في كم يقصّر الرجل ؟ قال : « في بياض يوم أو بريدين »([6]) .

والرواية الاُولى التي اعتبرت التحديد بالمكان تلازم هذه الرواية ، ولا تنفكّ بحال ؛ لأنّ من قطع ثمانية فراسخ وجب عليه القصر بمنطوق الروايتين .

ولا بدّ من حمل هذه الروايات وما جرى مجراها على معنى واحد ، بحيث يكون هو الأصل والأساس ، وما عداه محمول عليه ومأوّل به ، وهذا المعنى الأساسي لا يخلو من واحد من ثلاثة : إمّا المكان فقط أي ثمانية فراسخ ، وإمّا الزمان فقط وهو بياض يوم ، وإمّا أحدهما غير المعيّن ، ولكن الأدلّة تعيّن الفراسخ الثمانية ، وما عداها كاليوم مفسّر بها ، وهذه الأدلّة هي :

أوّلاً  : أنّ اليوم لا ضابط له ؛ لأ نّه يختلف طولاً وقصراً باختلاف الفصول ، بخلاف الفراسخ فإنّها على وتيرة واحدة ، وإذن لا بدّ من تفسير اليوم بالفراسخ دون العكس ، وقد تنبّه عبدالرحمن بن الحجاج إلى اختلاف الأيّام وتفاوتها ، وسأل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن ذلك ، وفسّر الإمام اليوم بالفراسخ .

قال عبدالرحمن : قلت للإمام  عليه‏السلام : كم أدنى ما يقصّر فيه الصلاة ؟ قال : « جرت السنّة ببياض يوم » ، قلت له : إنّ بياض يوم يختلف ، يسير الرجل خمسة عشر فرسخاً في يوم ، ويسير الآخر أربعة فراسخ ، وخمسة فراسخ في يوم ، قال : « ليس إلى ذلك ينظر ، أما رأيت سير هذه الأثقال بين مكّة والمدينة » ثمّ أومأ بيده أربعة وعشرين ميلاً تكون ثمانية فراسخ([7]) .

ومثلها رواية سماعة ، قال : سألته عن المسافر في كم يقصّر الصلاة ؟ قال [  عليه‏السلام] : « في مسيرة يوم ، وذلك بريدان ، وهما ثمانية فراسخ »([8]) .

وبعد أنّ فسّر الإمام اليوم بالفراسخ فلا يبقى مجال لتحديد السفر بالزمان.

ثانياً  : أنّ الإنسان قد يسير في اليوم ثمانية فراسخ ، وقد يسير أكثر ، وقد يسير أقلّ من ذلك ، فمسير اليوم شامل للثمانية وغيرها ، ولا بدّ من حمل المطلق على المقيّد .

هذا إلى أنّ الروايات الدالّة على المساحة والمكان أكثر بكثير ممّا دلّ على اليوم والزمان .

ثالثاً  : إجماع الفقهاء على أنّ من سار ثمانية فراسخ وجب عليه القصر والإفطار ، وإن قطعها في أقلّ من يوم.

قال صاحب الجواهر : ( إنّ الإجماع بقسميه متحقّق في قطع البريدين وإن كان بعض اليوم )([9]) .

وقال صاحب مصباح الفقيه : ( فالعبرة ببلوغ هذا الحدّ ، سواء أقطعها في يوم أم أقلّ أم أكثر ، والحدّ الحقيقي بريدان ، وهما ثمانية فراسخ )([10]) .

وممّا قدّمنا تبيّن أنّ للشارع حقيقة شرعيّة ، واصطلاحاً خاصّاً في معنى السفر والسير الموجب للقصر والإفطار ، وأ نّه حدّد هذا المعنى ، وفسّره في ثمانية فراسخ ، وبديهة أ نّه لا اجتهاد في قبال النصّ بخاصّة في العبادات ، ولا وجه فيها للفلسفات ، والتفسير بالأوقات ، والتعليق على الأتعاب والمشقّات .

 

التلفيق من الذهاب والإياب :

قيل للإمام الصادق  عليه‏السلام : ما أدنى ما يقصّر فيه المسافر الصلاة ؟ قال : « بريد ذاهباً ، وبريد جائياً »([11]) .

وسئل عن التقصير ؟ قال [  عليه‏السلام] : « في أربعة فراسخ »([12]) .

وسئل أبوه الإمام الباقر  عليه‏السلام عن ذلك ؟ فقال : « بريد » ، فتعجّب السائل ، وقال : بريد ! فقال له الإمام  عليه‏السلام : « إنّه ذهب بريداً ورجع بريداً فقد شغل يومه »([13]) .

الفقهاء  :

اتّفقوا على عدم الفرق في الفراسخ الثمانية بين أن تكون امتداديّة ، بحيث يقطعها المسافر في ذهابه فقط ، وبين أن تكون ملفّقة من أربعة أو أكثر ذهاباً ، وأربعة أو دونها إياباً ، بحيث يكون المجموع من الذهاب والإياب ثمانية فراسخ ، على أن لاينقص الذهاب عن الأربعة ، وعلى أن يعود المسافر إلى بيته في ضمن ال 24 ساعة التي سافر فيها.

وأيضاً اتّفقوا على أنّ هذا المسافر لا يقصّر ولا يفطر إذا نوى الإقامة عشرة أيّام في البلد الّذي قصده ولم يرد الرجوع فيما دون العشرة ، واتّفقوا أيضاً على أنّ من تردّد ذاهباً وعائداً في أقلّ من أربعة فراسخ يوماً كاملاً لم يجز له القصر والإفطار ؛ لأنّ قول الإمام  عليه‏السلام : « بريد ذاهباً وبريد جائياً » يدلّ بصراحة على أن يكون المجموع من ذهاب واحد وإياب واحد ثمانية فراسخ ، لا من ذهابات وإيابات متعدّدة ، واختلفوا في مسألتين :

الاُولى  : إذا كان طريق الذهاب أقلّ من أربعة فراسخ وطريق الإياب أكثر من أربعة ولكن المجموع ثمانية فهل يقصّر ويفطر أو لا ؟ قال السيّد كاظم صاحب العروة الوثقى : ( يقصّر ويفطر على الأقوى )([14]) .

الثانية  : إذا لم يرجع ليومه بل بقي أيّاماً ولكنّها دون العشرة قال صاحب الجواهر : ( يقصّر ويفطر ؛ لأنّ العبرة في المسافة قصدها لا قطعها في يوم واحد )([15]) ، ويبقى على الصوم والتمام لو نوى إقامة عشرة أ يّام ؛ لأ نّه بذلك ينقطع سفره ، كما يأتي .

 

 

2 ـ  قصد المسافة:

قصد المسافة ، سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عمّن خرج من بغداد يلحق رجلاً حتّى بلغ النهروان ؟ قال : « لا يقصّر ولا يفطر ؛ لأ نّه خرج من منزله ، وليس مريداً للسفر ثمانية فراسخ ، وإنّما خرج ليلحق صاحبه في بعض الطريق ، فتمادى به السير إلى الموضع الّذي بلغه »([16]) .

الفقهاء  :

قالوا : الشرط الثاني من شروط القصر أن يقصد السير ثمانية فراسخ امتداديّة أو ملفّقة من أوّل الأمر ، فمن خرج من بيته دون هذا القصد كمن ذهب في طلب حاجة يرجع إلى مقرّه ساعة يجدها فلا يقصّر إلاّ إذا كان قد قطع ثمانية فراسخ ، فإنّه يقصّر من حين شروعه بالرجوع ، حيث تشمله والحال هذه الأدلّة الدالّة على وجوب القصر .

وإذا قطع أقلّ من ثمانية فراسخ بدون قصدها ثمّ تجدّد له القصد بأن يقطع فراسخ أُخرى وكان المجموع منها ومن فراسخ العودة ثمانية فراسخ قصّر وأفطر ، على شريطة أن يكون عازماً على الرجوع حين تجدّد القصد . وبكلمة أنّ الضابط للقصر هو أن يقصد السير ثمانية فراسخ من البدء ، بحيث يجمعها بكاملها في قصد واحد ، أمّا لو قصد أوّلاً أربعة ثمّ قصد خمسة ثمّ قصد ستّة أو سبعة فلا يقصّر ، مع العلم بأنّ

المجموع ثمانية أو أكثر .

وكما يجب قصد السفر يجب أيضاً استمرار هذا القصد ، فلو عدل أو تردّد وهو في أثناء الطريق انتفى الشرط ، ويكفي قصد كلّي السفر من حيث هو بصرف النظر عن الأفراد والمقاصد ، فلو قصد دمشق ـ مثلاً ـ ثمّ عدل في الأثناء إلى القاهرة فلابأس ما دام أصل القصد متحقّقاً . وبكلمة أنّ المراد من القصد واستمراره في قبال عدم القصد بالمرّة .

ولا فرق في قصد المسافة الشرعيّة بين أن يكون بالأصالة أو بالتّبع([17]) ، كالزوجة تتبع الزوج ، والخادم يتبع المخدوم ، ولا بين أن يحصل القصد بالإرادة والاختيار أو بالإكراه والاضطرار ، كالأسير ما دام على علم من قطع المسافة .

 

3 ـ  إقامة عشرة أ يّام :

الشرط الثالث أن لايقطع سفره بنيّة الإقامة عشرة أيّام ، قال الإمام الصادق عليه‏السلام : « إذا دخلت بلداً وأنت تريد المقام عشرة أ يّام فأتمّ الصلاة حين تقدم ، وإن أردت المقام دون العشرة فقصّر ، وإن أقمت تقول : غداً أخرج أو بعد غدٍ ولم تجمع على عشرة فقصّر ما بينك وبين شهر ، فإذا تمّ الشهر فأتمّ الصلاة »([18]) .

الفقهاء  :

اتّفقوا كلمة واحدة على العمل بهذه الرواية ، وقالوا : إذا قصد المسافة الشرعيّة ولكنّه في الوقت نفسه قصد أن يقيم في أثنائها وقبل تجاوزها عشرة أ يّام في مكان خاصّ انقطع سفره ، ووجب عليه التمام . وكذا إذا تجاوزها ولكنّه بعد أن وصل إلى رأسها نوى الإقامة عشراً فإنّه يتمّ ، ولا يعود إلى القصر إلاّ إذا أنشأ سفراً جديداً مع سائر الشروط ، تماماً كما يخرج من بيته .

ومن تجاوز المسافة ووصل إلى البلد الّذي يريد ولم ينوِ الإقامة عشرة أ يّام وبقي فيه متردّداً فإنّه يقصّر ويفطر شهراً كاملاً ، وعليه بعد انتهاء الشهر أن يتمّ حتّى ولو لم يبق له إلاّ ساعة واحدة .

 

الوطن :

ليس للشارع حقيقة شرعيّة واصطلاح خاصّ في معنى الوطن ، فإذا جاء لفظه موضوعاً في الأدلّة الشرعيّة رجعنا في تفسيره وتحديده إلى العرف ، تماماً كغيره من الموضوعات التي أوكل الشارع إدراكها وتفهّمها إلى الناس ، وإذا أعطى الشارع حكم الوطن لمكانٍ ما فليس معنى ذلك أنّ الشارع قد اعتبره وطناً شرعيّاً ، أو أعطاه هذا الحكم ؛ لأ نّه وطن في الواقع ، كلاّ فإنّ من نوى الإقامة عشرة أ يّام أو تردّد ثلاثين يوماً بحكم المواطن عند الشارع مع العلم بانتفاء الوصف عنهما ، بخاصّة بعد أن عرفنا أنّ من طريقة الشارع أن يجمع في حكم واحد بين المتفرّقات ، ويفرّق في أحكامه بين المجتمعات.

وكلّ من أقام في مكان بنيّة الاستيطان الدائم يصبح ذاك المكان وطناً له عرفاً ولغةً وشرعاً ، سواء أكان له ملك فيه أم لم يكن ، وسواء أمضى عليه ستّة أشهر أم لم يمض ، وقد يكون للمرء وطنان أم أكثر ، كما لو نوى أن يصيّف في بلد ويشتّي في آخر مدى حياته ، أو كانت له زوجتان في بلدين ويقيم عند كلّ منهما اُسبوعاً أو شهراً ما دام حيّاً . ومن أعرض عن بلد بعد أن اتخذه وطناً يصير أجنبيّاً عنه حتّى ولو كان له فيه ملك ، بل كان له بكامله أرضاً وحجراً وشجراً .

واتّفق الفقهاء على أنّ من شرط التقصير أن لا يقطع المسافر سفره بالوصول إلى هذا الوطن ، ولا بنيّة الإقامة عشرة أ يّام ، ولا بالبقاء متردّداً في بلد ثلاثين يوماً ، واختلفوا فيمن وصل إلى بلد لم يتخذه وطناً ولكن كان له فيه ملك هل ينقطع سفره أو لا ؟

قال صاحب مفتاح الكرامة : ( المشهور بين المتأخّرين الاكتفاء بمجرّد الملك ولو نخلة واحدة ، بشرط الاستيطان ستّة أشهر ، وهو خيرة العلاّمة والمحقّق ومن تأخّر عنهما . وفي التذكرة : لو كان له في أثناء المسافة ملك قد استوطنه ستّة أشهر انقطع سفره بوصوله إليه ، ووجب عليه التمام عند علمائنا ، سواء عزم على الإقامة فيه أو لا ، وفي الروض دعوى الإجماع على هذه العبارة دون تفاوت في المعنى )([19]) .

وعلى هذا يكون الوصول إلى الوطن قاطعاً للسفر ، وفي حكمه واحد من ثلاثة : نيّة الإقامة عشرة أ يّام ، والتردّد ثلاثين يوماً ، والوصول إلى بلد له فيه ملك ، على شريطة أن يكون قد استوطن فيه ستّة أشهر متواصلة ، وإن استوطن الستّة دون أن يملك ، أو ملك دون أن يستوطن فلا ينقطع السفر .

ومرّة ثانية نكرّر ونؤكّد أنّ الشارع ليس له حقيقة شرعيّة ولا اصطلاح خاصّ في معنى الوطن ، وأنّ الوطن شيء ، وإعطاء حكم الوطن لمكانٍ ما شيء آخر .

 

4 ـ  إباحة السفر:

قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « من سافر قصّر وأفطر ، إلاّ أن يكون رجلاً سفره إلى صيد ، أو في معصية اللّه‏ ، أو رسولاً لمن يعصي اللّه‏ ، أو في طلب شحناء ، أو سعاية ، أو ضرر على قوم مسلمين »([20]) .

وسئل عن الرجل يخرج إلى الصيد مسيرة يوم أو يومين أو ثلاثة هل يقصّر أو يتمّ ؟ قال [  عليه‏السلام] : « إن خرج لقوته وقوت عياله فليفطر وليقصّر ، وإن خرج لطلب الفضول فلا ولا كرامة »([21]) .

الفقهاء  :

من شروط القصر والإفطار في السفر أن لا يكون الدافع والباعث الأوّل عليه المعصية وفعلها ، كمن سافر لغاية الاتّجار بالخمر أو لقتل بريء أو لشهادة زور أو لإثارة الفتن والقلاقل ، وما إلى ذاك . فإن كانت الغاية الاُولى من السفر فعل الحرام وجب الصوم والتمام ، وإن كانت الغاية والدافع أمراً محلّلاً ولكن فعل الحرام في أثناء السفر كما يفعله وهو في بلده وفي بيته يقصّر ويفطر . والضابط أن لا يكون السفر

محرّماً بذاته كالهارب من وجه العدالة ، أو يكون لغاية محرّمة كمن سافر للسلب والنهب ، أمّا لو حصل فعل الحرام حال السفر وفي أثنائه فلا ينقطع السفر.

ولو سافر منذ البداية بقصد الحرام وفي أثناء الطريق تاب وأناب أنشأ سفراً جديداً وقصّر وأفطر إذا توافرت الشروط ، على أن يكون ما قطعه بحكم العدم . وإذا سافر لغاية محلّلة وفي الطريق عدل بقصده إلى الحرام من السفر أتمّ وصام ، حتّى ولو كان الّذي قطعه بقصد الطاعة ثمانية فراسخ أو أكثر .

 

الصيد :

الصيد على أنواع ثلاثة : فتارة يصطاد الإنسان لقوته وقوت عياله ، واُخرى يصطاد للاتّجار ، وحيناً يصطاد للّهو .

والأوّل حلال بالإتّفاق ، ومن سافر له يقصّر ويفطر .

والثاني محلّ خلاف بين الفقهاء القدامى والجدد ، فأكثر الأوائل على التحريم ، ولكنّهم فرّقوا بين الصيام والصلاة في السفر من أجله ، وقالوا : إنّ المسافر لصيد التجارة يفطر ولا يقصّر . وأكثر الأواخر على أ نّه حلال ، والمسافر له أن يفطر ويقصّر .

ونحن دائماً مع الجدد من الفقهاء العارفين المخلصين ؛ لما بيّناه في فصل « قضاء الصلاة » . هذا ، إلى أنّ التفكيك بين الصيام والصلاة لا نفهم له وجهاً بعد ما ثبت عن الإمام : « إذا قصّرت أفطرت ، وإذا أفطرت قصّرت » .

[ و ] الثالث ـ أي صيد اللّهو ـ محرّم عند أكثر القدامى والجدد ، ولكنّ الشيخ الهمداني ـ بعد أن نقل هذه الفتوى في فصل صلاة المسافر ـ قال ما نصّه بالحرف : ( ولكن حكي عن المقدّس البغدادي أ نّه أنكر حرمته ـ أي حرمة صيد اللّهو ـ أشدّ الإنكار ، وجعله كالتنزّه بالمناظر البهجة ، والمراكب الحسنة ، ومجامع الاُنس ونظائرها ممّا قضت السيرة القطعيّة بإباحتها )([22]) .

ثمّ أطال الشيخ الهمداني الكلام حول فتوى المقدّس البغدادي ، ويظهر منه الميل إليها ، ويتلخّص قوله مع التصرّف باللفظ والتعبير فقط من التوضيح ، يتلخّص بأنّ أقوال أهل البيت  عليهم‏السلام لا تدلّ على تحريم الصيد ، وإنّما دلّت على وجوب إتمام الصلاة في السفر من أجله ، وبديهة أنّ الإتمام شيء والتحريم شيء آخر ، فالإتمام واجب على من كان السفر مهنة له وعلى من نوى الإقامة عشرة وعلى المتردّد ، مع العلم بأنّ امتهان السفر ونيّة الإقامة والتردّد ، كلّ ذلك حلال .

 

 

ظهور الخطأ :

وتسأل : إذا اعتقد أنّ سفره محرّم فأتمّ الصلاة ثمّ تبيّن له الخطأ في اعتقاده وأنّ السفر كان مباحاً فهل يجب عليه أن يعيد قصراً ؟ ولو افترض أ نّه لم يصلِّ في سفر فهل يقضي قصراً أو تماماً ؟

الجواب  :

إنّ جميع الأحكام الشرعيّة تتعلّق بموضوعاتها الواقعيّة من حيث هي ، بصرف النظر عن العلم بها ، إلاّ إذا ثبت بالدليل على تقييد موضوعها بالعلم ، ولادليل هنا . وإذن تكون العبرة بالواقع ، ويجب عليه أن يصلّي بعد انكشاف الخلاف قصراً ، سواء  أكان قد صلّى تماماً أم لم يكن قد صلّى إطلاقاً ، ويكون معذوراً ما دام الواقع لم ينكشف لديه .

 

 

5 ـ  امتهان السفر:

الشرط أن لا يكون السفر عملاً له ، قال الإمام الصادق عليه‏السلام : « الأعراب لا يقصّرون ، و ذلك أنّ منازلهم معهم »([23]) . وقال : « خمسة يتمّون في سفر كانوا أو حضر : المكاري([24]) ، والكري ، والاشتقان ، والراعي ، والملاّح ؛ لأ نّه عملهم »([25])([26]) .

الفقهاء  :

قالوا : من لم يتّخذ وطناً على الإطلاق لا يقصّر ، ولا يفطر في شهر رمضان كالسائح مدى حياته ، والأعرابي يطلب الماء والكلأ أين وجدهما .

وكذا لا يقصّر ولا يفطر من اتخذ السفر عملاً له كسائق سيّارة للإيجار إن امتدّ سفره المستمرّ ثمانية فراسخ ، وبالأولى إن كان دون ذلك ، وكالملاّح وقائد الطائرة ، ومن اتخذ التجارة في السفر حرفة وصنعة بحيث تكون تجارته معه أينما ذهب ولا حانوت خاصّ له ، تماماً كالأعرابي الّذي بيته معه ، كما عبّر الإمام  عليه‏السلام .

وإذا أقام أحد هؤلاء في بلده عشرة أ يّام انقطعت مهنته وقصّر في السفرة الاُولى وأتمّ في الثانية ، ولا فرق بين أن يكون قد نوى الإقامة عشراً في بلده منذ البداية أو لم ينوِ ، أمّا المكوث عشرة في غير بلده فلا يقطع المهنة إلاّ مع نيّة الإقامة منذ البداية . وهذا التفريق بين البلد وغيره ذكره كثيرون من الفقهاء ، وادّعى بعضهم عليه الإجماع . ولكن كلمات أهل البيت  عليهم‏السلام لا إشارة فيها من قريب ولا من بعيد إلى ذلك ، ولا إلى التردّد ثلاثين . وإنّما ذكر أهل البيت عليهم‏السلام نيّة الإقامة والتردّد في قواطع السفر ، فإلحاق عمل السفر بها قياس باطل .

والحقّ أنّ إقامة العشرة قاطعة لعمل السفر في البلد وغير البلد ، ومع النيّة وبدونها ؛ لأنّ الرواية التي وصفها الشيخ الهمداني وغيره بأ نّها الأصل في الحكم خالية عن ذكر النيّة إطلاقاً ([27]) .

وهذا هو نصّ الرواية : سألت الإمام الصادق  عليه‏السلام عن حدّ المكاري الّذي يصوم ويتمّ ؟ قال : « أيّ مكارٍ أقام في منزله أو في البلد الّذي يدخله أقلّ من عشرة أ يّام وجب عليه الصيام والتمام أبداً ، وإن كان مقامه في منزله أو في البلد الّذي يدخله أكثر من عشرة أ يّام ـ أي عشرة وما فوق ـ فعليه التقصير والإفطار »([28]) .

قال صاحب مصباح الفقيه : ( إنّ هذه الرواية وإن كانت ضعيفة السند ولكن الفقهاء عملوا بها )([29]) . وهي أقوى وأصحّ سنداً من جميع الروايات في هذا الباب ، وإذن فالتشكيك فيها لضعف السند في غير محلّه بعد البناء على أنّ عمل الفقهاء يجبر هذا الضعف.

 

 

صاحب الوظيفة والعمل :

هنا مسألة كثر الكلام حولها ، والتساؤل عن حكمها ؛ لكثرة حدوثها وابتلاء الناس بها ، وهي أنّ الإنسان ـ بعد تيسير المواصلات وقربها ـ قد يستوطن هو وأهله وعائلته في بلدٍ غير البلد الّذي فيه وظيفته وعمله ، ويذهب كلّ اُسبوع مرّة أو أكثر إلى عمله ثمّ يعود إلى بيته في نفس اليوم أو في اليوم التالي ، وقد يبقى على ذلك سنوات أو مدى حياته كلّها ، فماذا يصنع : هل يقصّر ويفطر أو يتمّ ويصوم ؟ مع العلم بأنّ بين وطنه وبين وظيفته أو عمله ثمانية فراسخ أو تزيد ، وأ نّه لا يقيم في بيته أو في مقرّ عمله عشرة أ يّام متواليات .

الجواب  :

ويتوقّف الجواب عن هذا التساؤل على معرفة أنّ البقاء على التمام وعدم الإفطار في شهر الصيام هل هما متعلّقان باتخاذ السفر حرفة ومهنة بحيث يكون عمله السفر بالذات ، كما هو الشأن في المكاري وشبهه ، بصرف النظر عن كثرة الأسفار وقلّتها أو أنّ التمام والصيام يتعلّقان بوصف أن لا يقيم الإنسان في بلده عشرة أيّام متواليات أبداً بحيث تكون العبرة بكثرة الأسفار ، لا باتخاذ السفر حرفة ومهنة .

وعلى الأوّل يقصّر هذا ويفطر ؛ لأنّ المفروض أ نّه لم يتخذ السفر حرفة ومهنة وهي التي اُنيط بها حكم الصيام والتمام ، بل وظيفته شيء آخر غير السفر وإن كانت بذاتها تستدعي كثرة الأسفار ، إلاّ أنّ كثرة السفر شيء وامتهانه شيء آخر .

وعلى الثاني لا يقصّر ولا يفطر ؛ لأن المفروض أ نّه كثير السفر ، وأنّ حكم الصيام والتمام قد اُنيط بالكثرة ، لا بالحرفة والمهنة .

والحقّ الّذي عليه الكلّ والجلّ من الفقهاء والّذي يستفاد من كلمات أهل البيت   عليهم‏السلام هو الأوّل . وأنّ الصيام والتمام منوطان بالحرفة والامتهان لا بكثرة الأسفار ، وعدم الإقامة في البلد عشرة أ يّام ، ويدلّ عليه بصراحة ووضوح قول الإمام  عليه‏السلام : « لأنّ السفر عملهم » . وعلى هذا يقصّر ويفطر صاحب الوظيفة والعمل كأيّ إنسان لم يمتهن السفر ، ولم يكثر منه .

 

 

6 ـ  تواري الجدران والأذان :

الشرط السادس والأخير : أنّ المسافر لا يجوز له أن يفطر ويقصّر بمجرّد العزم على السفر أو بمجرّد خروجه من بيته أو بلده ، بل لا بدّ أن يبتعد عن البلد مسافة لا يسمع معها الأذان على تقدير وجوده ولا يرى الجدران ، وكذلك المسافر إذا عاد يصير حاضراً بمجرّد الوصول إلى الحدّ الّذي يسمع معه الأذان ويرى الجدران ، ويجب عليه التمام والصيام وإن لم يدخل البلد فضلاً عن بيته ومنزله .

قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « يقصّر إذا توارى من البيوت »([30]) .

وقال  عليه‏السلام : « إذا كنت في الموضع الّذي تسمع الأذان فأتمّ ، وإذا كنت في الموضع الّذي لا تسمع الأذان فيه فقصّر ، وإذا قدمت من سفرك فمثل ذلك »([31]) .

الفقهاء  :

بعد أن اتّفقوا على العمل بهاتين الروايتين وما في معناهما اختلفوا وأطالوا الكلام والاختلاف في أنّ المراد هل هو خفاء الأذان والجدران بحيث لا بدّ من اجتماعهما معاً أو يكفي خفاء أحدهما ؟ ولو افترض أنّ أحدهما كان أبعد مدى من الآخر فماذا نصنع ؟ هل نأخذ بالقريب أو البعيد أو نحتاط ؟ وعلى افتراض الأخذ بأحدهما هل نأخذ به مخيّرين بدون الرجوع إلى المرجّحات أو لا بدّ من الترجيح ؟

وعلى افتراض عدم وجود المرجّح فما هو العمل ؟ وذكروا هنا كلاماً فيه علم وصناعة ، كتقييد كلّ من المفهومين بمنطوق الآخر ، ولكن لا فائدة كبيرة من ورائه .

والّذي نعتقده أنّ مراد الإمام الأوّل والأخير أنّ الإنسان لا يصير مسافراً إلاّ إذا بَعُدَ قليلاً عن البلد ، بحيث يعدّ في نظر الناس أ نّه ذهب وسافر ، كما أنّ المسافر يصير حاضراً إذا دنا وقرب منه ، ولذا يهنئونه بالعودة سالماً متى أوشك على الدخول والوصول وإن لم يدخل بعدُ ، وقد عبّر الإمام  عليه‏السلام عن هذا المدى القريب بخفاء الأذان تارة ، والجدران اُخرى ، على سبيل التقريب والتسامح الّذي يغتفر فيه التفاوت اليسير ، فهما ـ إذن ـ علامتان على هذا المدى ، وليسا من الأسباب الشرعيّة ، وعليه يكتفى بإحداهما ، ولا يشترط اجتماعهما معاً ، ولا داعي للاحتياط والتحفّظ .

وإذا شكّ في بلوغه إلى حدّ الترخيص بقي على ما كان من التمام والإمساك في الذهاب ، والقصر وعدم الإمساك في الإياب ، عملاً بالاستصحاب .

__________________________________

[1] المستدرك 17 : 262 ، ب6 من أبواب صفات القاضي ، ح25 .

[2] الوسائل 8 : 462 ، ب2 من أبواب صلاة المسافر ، ح17 .

[3] الوسائل 8 : 455 ، ب1 من أبواب صلاة المسافر ، ح17 .

[4] الفرسخ 5760 متراً ، وعليه تكون الأربعة فراسخ 23 كيلومتراً وأربعين متراً ، والثمانية 46 كيلو متراً وثمانين متراً ـ معجم اللغة للشيخ أحمد رضا ـ [  منه  قدس‏سره ] .

[5] الوسائل 8 : 455 ، ب1 من أبواب صلاة المسافر ، ح16 ، وفيه : « سألت أبا الحسن الأوّل عليه‏السلام » .

[6] الوسائل 8 : 454 ، ب1 من أبواب صلاة المسافر ، ح11 .

[7] الوسائل 8 : 455 ، ب1 من أبواب صلاة المسافر ، ح15 .

[8] الوسائل 8 : 453 ، ب1 من أبواب صلاة المسافر ، ح8 .

[9] الجواهر 14 : 197 .

[10] مصباح الفقيه  الصلاة  : 722 ( حجريّة) .

[11] الوسائل 8 : 456 ، ب2 من أبواب صلاة المسافر ، ح2 .

[12] الوسائل 8 : 458 ، ب2 من أبواب صلاة المسافر ، ح5 .

[13] الوسائل 8 : 459 ، ب2 من أبواب صلاة المسافر ، ح9 .

[14] العروة الوثقى 1 : 733 ، م25 .

[15] الجواهر 14 : 212 .

[16] الوسائل 8 : 468 ، ب4 من أبواب صلاة المسافر ، ح1 ، وفيه : « سألت الرضا  عليه‏السلام » .

[17] في الطبعات السابقة « بالتتبّع » والصحيح ما أثبتناه .

[18] الوسائل 8 : 503 ، ب15 من أبواب صلاة المسافر ، ح17 .

[19] مفتاح الكرامة 3 : 560 .

[20] الوسائل 8 : 476 ، ب8 من أبواب صلاة المسافر ، ح3 .

[21] الوسائل 8 : 480 ، ب9 من أبواب صلاة المسافر ، ح5 .

[22] مصباح الفقيه  الصلاة  : 743 ( حجريّة) .

[23] الوسائل 8 : 486 ، ب11 من أبواب صلاة المسافر ، ح6 .

[24] ليس في الطبعات السابقة وأثبتناه من المصدر .

[25] قيل : إنّ الكري أجير المكاري الّذي يتبع دوابه ، والاشتقان ساعي البريد [  منه  قدس‏سره ] .

[26] الوسائل 8 : 487 ، ب11 من أبواب صلاة المسافر ، ح12 .

[27] مصباح الفقيه  الصلاة  : 747 ( حجريّة) .

[28] الوسائل 8 : 488 ، ب12 من أبواب صلاة المسافر ، ح1 .

[29] مصباح الفقيه  الصلاة  : 748 ( حجريّة) .

[30] الوسائل 8 : 471 ، ب6 من أبواب صلاة المسافر ، ح1 .

[31] الوسائل 8 : 472 ، ب6 من أبواب صلاة المسافر ، ح3 .