زكاة النقدين

الذهب :

قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « في كلّ عشرين ديناراً من الذهب نصف دينار ، وإن نقص فليس عليك شيء »([1]) .

وقال الإمامان الباقر والصادق  عليهماالسلام : « ليس فيما دون العشرين مثقالاً من الذهب شيء ، فإذا كملت عشرين مثقالاً ففيها نصف مثقال إلى أربعة وعشرين [ ،  فإذا كملت أربعة وعشرين ]([2]) ففيها ثلاثة أخماس الدينار إلى ثمانية وعشرين ، فعلى هذا الحساب كلّما زاد أربعة »([3]) .

 

الفقهاء :

قالوا : إنّ الروايات عن أهل البيت  عليهم‏السلام تعبّر تارةً بالدينار ، وتارةً بالمثقال ، ويكشف هذا عن أنّ الدينار كان يوزن مثقالاً في عهدهم . وقال أكثر من واحد من فقهاء هذا العصر : إنّ الدينار يعادل نصف ليرة عثمانيّة ذهباً .

ومهما يكن ، فإنّ للنقد الذهبي نصابين :

الأوّل : عشرون ديناراً وفيه نصف دينار ، أي على حساب اثنين ونصف بالمائة ، وليس فيما دون العشرين زكاة حتّى ولو مضى عليه حول كامل .

النصاب الثاني : أربعة وعشرون ديناراً ، ومعنى هذا أ نّه ليس فيما دون الأربعة زكاة بعد العشرين ، فإذا بلغت أربعة وعشرين اُخرجت زكاتها على حساب اثنين ونصف بالمائة ، وهي ثلاثة أخماس الدينار كما قال الإمام  عليه‏السلام ، وإذا زادت عن الـ  ( 24 ) فليس في الزائد زكاة حتّى يبلغ المجموع ( 28 ) ، فإذا بلغ هذا اُخرجت الزكاة على الحساب المذكور ، وهكذا يعتبر الزائد أربعة أربعة أبداً .

_____________________________

[1] الوسائل 9 : 138 ، ب1 من أبواب زكاة الذهب والفضّة ، ح4 .

[2] ما بين المعقوفين من المصدر .

[3] الوسائل 9 : 138 ، ب1 من أبواب زكاة الذهب والفضّة ، ح5 .

 

 

الفضّة :

قال الإمام  عليه‏السلام : « ليس في أقلّ من مائتي درهم شيء ، وليس في النيف ـ أي الزائد عن المائتين ـ شيء حتّى يتمّ أربعون فيكون فيه واحد »([1]) .

 

الفقهاء :

قالوا : إنّ للنقد الفضّي نصابين :

الأوّل : مائتا درهم([2]) وفيها خمسة دراهم ، أي على حساب اثنين ونصف بالمائة ، وليس فيما دون المائتين زكاة .

النصاب الثاني : أربعون درهماً ، ومعنى هذا أ نّه ليس فيما دون الأربعين بعد المائتين شيء ، فإذا بلغت الدراهم مائتين وأربعين اُخرجت زكاتها على حساب اثنين ونصف بالمائة ، وهكذا يعتبر الزائد أربعين أربعين أبداً ، ويكون الإخراج على الحساب المذكور .

_____________________

[1] الوسائل 9 : 144 ، ب2 من أبواب زكاة الذهب والفضّه ، ح7 .

[2] قال السيّد سابق في الجزء الثالث « فقه السنّة [1 : 229] » : إنّ المائتي درهم تبلغ 21 555 قرشاً مصريّاً . وقال محمّد محمّد إسماعيل في «العبادات في الإسلام» : إنّ الدرهم ثلاثة جرامات وشيء . ونحن إذا أعطفنا قول الإمام 7 : « في المائتي درهم خمسة دراهم » على قوله : « في العشرين ديناراً نصف دينار » جاءت النتيجة أنّ كلّ عشرة دراهم تساوي ديناراً . هذا إذا اُخذ بعين الاعتبار أنّ العشرين ديناراً هي النصاب الأوّل في الذهب . والمائتي درهم هي النصاب الأوّل في الفضّة ، وأنّ الجامع بينهما واحد ، وهو التبر المسكوك الّذي يؤدي إلى نتيجة واحدة ، ويرمي إلى هدف واحد [ منه 1 ] .

 

 

الشروط :

ولا بدّ من إضافة شرطين آخرين إلى بلوغ النصاب في زكاة النقدين :

أوّلهما : أن يكونا عملة مسكوكة ، كما يدلّ عليه « لفظ النقدين » ، فلا تجب في السبائك ، ولا في الحليّ والخاتم ، وما زيّن به من سيف أو مصحف وما إليهما ، فقد روي أنّ قائلاً قال للإمام الصادق  عليه‏السلام : يجتمع عندي الكثير قيمته فيبقى نحواً من سنة أنزكّيه ؟ قال : « كلّ ما لم يحلّ عليه الحول فليس عليك فيه زكاة ، وكلّ ما لم يكن ركازاً فليس عليك فيه شيء » . قال السائل : وما الركاز ؟ قال الإمام  عليه‏السلام : « هو الصامت المنقوش . . . إذا أردت ذلك فاسبكه فإنّه ليس في سبائك الذهب ، ونقار الفضّة زكاة »([1]) . والصامت من المال هو الذهب والفضّة.

ثانيهما : أن يحول الحول على النقود الذهبيّة والفضّية ، لا ينقص منها شيء ولا يتبدّل منها شيء بشيء ، ولا تغيّر إلى سبائك ، وتتمّ السنة بدخول الشهر الثاني عشر.

سئل الإمام  عليه‏السلام عن رجل كان عنده مائتا درهم إلاّ درهماً بقيت عنده أحد عشر شهراً ثمّ أصاب درهماً بعد ذلك في الشهر الثاني عشر وكملت عنده مائتا درهم أعليه زكاة ؟ قال : « لا ، حتّى يحول عليها الحول وهي مائتا درهم »([2]) .

_______________

[1] الوسائل 9 : 154 ، ب8 من أبواب زكاة الذهب والفضّة ، ح2 ، وفيه : « عن أبي إبراهيم 7 » .

[2] الوسائل 9 : 152 ، ب6 من أبواب زكاة الذهب والفضّة ، ح1 .

 

 

مسائل :

1 ـ  إذا كان عنده نقود ذهبيّة واُخرى فضّية لا يبلغ كلّ واحد منها النصاب بذاته ولكن إذا ضمّ بعضها إلى بعضهم بلغ المجموع قيمة النصاب ، فلا يجبر بعضها ببعض بل يُعتبر كلّ على حدة .

2 ـ  العبرة بالنصاب الخالص من الغشّ لا بمجرّد اسم النقد الذهبي أو النقد الفضّي ، فإذا كان عنده نقود ذهبيّة وفضيّة يبلغ كلّ منها النصاب أو يزيد ولكنّها ممزوجة بغير الذهب والفضّة ، إذا كان كذلك قدّرت خالصة من كلّ شائبة ، فإن بلغ الصافي النصاب وجبت الزكاة ، وإلاّ فلا.

3 ـ  إذا شكّ في أنّ ما يملكه من النقود هل بلغ النصاب حتّى تجب الزكاة أولا ؟ جرى أصل البراءة ، ولا يجب البحث ؛ لأ نّه من الشبهات الموضوعيّة دون الحكميّة .

أجل لو علم ببلوغ النصاب وشكّ في المبلغ والمقدار بحث ونقّب إن أمكن ، وإلاّ وجب الاحتياط ؛ لأنّ العلم بشغل الذمّة يستدعي العمل بتفريغها حتّى يحصل اليقين بالخروج عن عهدة التكليف .

4 ـ  قال فقهاء هذا العصر كلّهم أو جلّهم : إنّ الأموال إذا كانت من نوع الورق ـ كما هي اليوم ـ فلا زكاة فيها وقوفاً عند حرفيّة النصّ الّذي نطق بالنقدين الذهب والفضّة ، ونحن على خلاف معهم ، ونقول بالتعميم لكلّ ما يصدق عليه اسم المال و « العملة » وأنّ النقدين في كلام أهل البيت  عليهم‏السلام اُخذا وسيلة لا غاية ، حيث كانا العملة الوحيدة في ذلك العهد ، وليس هذا من باب القياس المحرّم ؛ لأنّ القياس مأخوذ في مفهومه وحقيقته أن تكون العلّة المستنبطة مظنونة لا معلومة ؛ لأنّ الظنّ لا يغني عن الحقّ شيئاً ، ونحن هنا نعلم علم اليقين أنّ علّة الزكاة في النقدين موجودة بالذات في الورق لا مظنونة ، فتكون كالعلّة المنصوصة أو أقوى . وإذن هي من باب تنقيح

المناط المعلوم لا من باب القياس المظنون المجمع على تحريم العمل به.