سورة الانفطار

سورة الانفطار

مكّيّة.

و آيها تسع عشرة آية.

بسم الله الرحمن الرحيم‏

في كتاب ثواب الأعمال ، بإسناده إلى الحسين بن أبي العلا قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: من قرأ هاتين السّورتين، وجعلهما نصب عينيه في الفريضة والنّافلة إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وإِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ لم يحجبه اللّه من حاجته، ولم يحجزه من اللّه حاجز، ولم يزل ينظر إلى اللّه وينظر اللّه إليه حتّى يفرغ من حساب النّاس.

و في مجمع البيان : ابيّ بن كعب، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قال: ومن قرأها، أعطاه اللّه من الأجر بعدد كلّ قبر حسنة، وبعدد كلّ قطرة حسنة، وأصلح له شأنه يوم القيامة.

 [و في الحديث ما رواه العامّة: عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: من قرأ سورة الانفطار والانشقاق في الفريضة والنّافلة، لم يكن له حاجة إلّا قضاها اللّه- تعالى- في خزائن عينه وكتبه، ألف ألف حسنة من حسنات الأبرار في صحيفة عمله، واللّه‏العالم‏] .

إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ : انشقّت.

وَ إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ : تشاقطت متفرّقة.

و في مصباح شيخ الطّائفة ، في الدّعاء المرويّ، عن الصّادق- عليه السّلام-: وأسألك باسمك الّذي وضعته على الجبال فنسفت و]  وضعته على السّماء فانشقّت، وعلى النّجوم فانتثرت .

وَ إِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ : فتح بعضها إلى بعض، فصار الكلّ بحرا واحدا.

وَ إِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ : قلب ترابها واخرج موتاها.

و قيل: إنّه مركّب من «بعث» و«راء» الإثارة، كبسمل ، ونظيره بحثر لفظا ومعنى.

عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ: من عمل، أو صدقة.

وَ أَخَّرَتْ : من سنّة ، أو تركة.

و يجوز أن يراد بالتّأخير: التّضييع. وهو جواب «إذا».

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ قال: تنشقّ فيخرج النّاس منها. عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ، أي: ما عملت من خير وشرّ.

و في مجمع البيان : عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ هذا كقوله : يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ

 وقد مرّ ذكره.

و عن عبد اللّه بن مسعود  قال: ما قَدَّمَتْ من خير أو شرّ، وما أَخَّرَتْ من سنّة حسنة استنّ بها بعده فله أجر من اتّبعه من غير أن ينقص من أجورهم [شي‏ء] ، أوسنّة سيّئة عمل بها بعده فعليه وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شي‏ء.

و يؤيّد  هذا القول: بما

جاء في الحديث، أنّ سائلا قدم على عهد النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- فسأل، فسكت القوم، ثمّ إنّ رجلا أعطاه فأعطاه القوم.

فقال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: من استنّ خيرا [فاستنّ به‏] ، فله أجره ومثل أجور من اتّبعه من غير منتقص من أجورهم. ومن استنّ شرا، [فاستنّ به‏]  فعليه وزره ومثل أوزار من اتّبعه من غير أن ينقص من أوزارهم .

يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ : أيّ شي‏ء خدعك وجرّأك على عصيانه؟

قيل : وذكر «الكريم» للمبالغة في المنع عن الاغترار، فإنّ محض الكرم لا يقتضي إهمال الظّالم وتسوية الموالي والمعادي والمطيع والعاصي فكيف إذا انضمّ إليه صفة القهر والانتقام، والإشعار بما به يغرّه  الشّيطان، فإنّه يقول له: افعل ما شئت فربّك كريم لا يعذّب أحدا  ولا يعاجل بالعقوبة. والدّلالة على أنّ كثرة كرمه تستدعي الجدّ في طاعته، لا الانهماك في عصيانه اغترارا بكرمه.

و في مجمع البيان ، متّصلا بقوله: من اتّبعه غير منتقص من أوزارهم شي‏ء. قال:

فتلا حذيفة بن اليمان: عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ، يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ، أي: أيّ شي‏ء غرّك بخالقك وخدعك وسوّل لك الباطل حتّى عصيته وخالفته.

و روي

 أنّ النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- لما تلا هذه الآية، قال: غرّه جهله.

و قال أمير المؤمنين - عليه السّلام-: كم من مغرور بالسّتر عليه، ومستدرج بالإحسان إليه.

و في نهج البلاغة ، من كلامه- عليه السّلام- قال عند تلاوته:يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ:

أدحض  مسؤول حجّة، وأقطع مغترّ  معذرة، لقد أبرح جهالة بنفسه .

يا أيّها الإنسان، ما جرّأك على ذنبك، وما غرّك بربّك، وما أنّسك بهلكة نفسك؟ أما من دائك بلول ، أم ليس من نومتك يقظة؟ أما ترحم من نفسك ما ترحم من غيرك؟ فلربما ترى الضّاحي من حرّ  الشّمس فتظلّه، أو ترى المبتلى بألم  يمضّ [جسده‏]  فتبكي رحمة له! وعزّاك عن البكاء على نفسك، وهي أعزّ الأنفس عليك! وكيف لا يوقظك خوف بيات  نقمة، وقد تورّطت بمعاصيه مدارج سطواته!

الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ : صفة ثانية مقرّرة للرّبوبيّة، مبيّنة للكرم، منبّهة على أنّ من قدر على ذلك أوّلا قدر عليه ثانيا.

و «التّسوية» جعل الأعضاء سليمة مستوية معدّة لمنافعها.

 «و التعديل» جعل البنية معتدلة متناسبة الأعضاء، أو معدلة بما تسعدها من القوى.

و قرأ  الكوفيّون: «فعدلك»  بالتّخفيف، أي: عدل بعض أعضائك ببعض حتّى اعتدلت، أو فصرفك عن خلقة غيرك وميّزك بخلقة فارقت خلقة سائر الحيوانات.

فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ ، أي: ركّبك في أيّ صورة شاءها.

و «ما» مزيدة.

و قيل : شرطيّة، و«ركّبك» جوابها، والظّرف صلة «عدلك» . وإنّما لم تعطّف الجملة على ما قبلها لأنّها بيان «لعدلك».

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ قال: لو شاءركّبك  على غير هذه الصّورة.

و في مجمع البيان : وروي عن الرّضا- عليه السّلام-، عن آبائه، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- أنّه قال لرجل: ما ولد لك؟

قال: يا رسول اللّه، وما عسى أن يولد لي، إمّا غلام وإمّا جارية.

قال: فمن يشبه؟

قال: يشبه أمّه أو أباه.

فقال- صلّى اللّه عليه وآله-: لا تقل هكذا، إنّ النّطفة إذا استقرّت في الرّحم أحضرها اللّه كلّ نسب بينها وبين آدم، أما قرأت هذه الآية: فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ، أي: فيما بينك وبين آدم- عليه السّلام-.

و قال الصّادق - عليه السّلام-: لو شاء ركّبك علي غير هذه الصّورة.

و في كتاب المناقب  لابن شهر آشوب: الشيرازي  في كتابه، بإسناده إلى الحسن- عليه السّلام- ثمّ قال في قوله: فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ قال: صوّر اللّه عليّا- عليه السّلام- في ظهر أبي طالب على صورة محمّد- صلّى اللّه عليه وآله-، فكان عليّ بن أبي طالب أشبه النّاس برسول اللّه، وكان الحسين بن عليّ أشبه الناس  بفاطمة- عليها السّلام- وكنت أشبه النّاس بخديجة الكبرى.

و في أمالي شيخ الطّائفة ، بإسناده إلى الباقر- عليه السّلام- حديث طويل، وفيه: أنّ النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قال لعليّ- عليه السّلام-: قل ما أوّل نعمة أبلاك اللّه وأنعم عليك بها؟

 [قال: أن خلقني- جلّ ثناؤه- ولم أك شيئا مذكورا.

قال: صدقت‏] .

إلى قوله: فما الثّالثة؟قال : أن أنشأني فله الحمد في أحسن صورة وأعدل تركيب.

قال: صدقت.

كَلَّا: ردع عن الاغترار بكرم اللّه- تعالى-. وقوله: بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ : إضراب إلى بيان ما هو السّبب الأصليّ في اغترارهم. والمراد بالدّين:

الجزاء، أو الإسلام.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ قال: برسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- وبعليّ- عليه السّلام-.

وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ  كِراماً كاتِبِينَ  يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ : تحقيق لما يكذّبون به، وردّ لما يتوقّعون من التّسامح والإهمال.

و تعظيم الكتبة، بكونهم كراما عند اللّه، لتعظيم الجزاء.

و في كتاب الاحتجاج  للطّبرسيّ- رحمه اللّه-: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- حديث طويل، وفيه يقول السائل: فما علّة الملائكة  الموكّلين بعباده يكتبون ما  عليهم ولهم واللّه عالم السّرّ وما هو أخفى؟

قال: استعبدهم بذلك، وجعلهم شهودا على خلقه، ليكون العباد لملازمتهم إيّاهم أشدّ على طاعة اللّه مواظبة وعن معصيته أشدّ انقباضا، وكم من عبد يهمّ بمعصية فذكر مكانها  فارعوى وكفّ، فيقول: ربّي يراني، وحفظتي عليّ بذلك تشهد. وإنّ اللّه- تعالى- برأفته ولطفه وكلّهم بعباده يذبّون عنهم مردة الشّياطين وهو امّ الأرض وآفات كثيرة، من حيث لا يرون بإذن اللّه، إلى أن يجي‏ء أمر اللّه.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ قال: الملكان الموكّلان بالإنسان.

و فيه : حدثني أبي، عن النّضر بن سويد، محمّد بن قيس، عن ابن سنان ،عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: أقبل رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- يوما واضعا يده على كتف العبّاس، فاستقبله أمير المؤمنين- عليه السّلام- فعانقه رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- وقبّل ما بين عينيه، ثمّ سلّم العبّاس على عليّ- عليه السّلام- فردّ عليه ردّا خفيّا، فغضب العبّاس.

فقال: يا رسول اللّه، لا يدع عليّ زهوة ؟

فقال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: لا تقل ذلك في عليّ- عليه السّلام-، فإنّي لقيت جبرئيل آنفا فقال: لقيني الملكان الموكّلان بعليّ- عليه السّلام- السّاعة فقالا: ما كتبنا عليه ذنبا منذ يوم ولد إلى هذا اليوم.

و في كتاب سعد السّعود  لابن طاوس، فصل فيما يذكر من كتاب «قصص القرآن وأسباب نزول آثار القرآن» تأليف الهيصم بن محمّد بن الهيصم النّيشابوريّ ، فصل في ذكر الملكين الحافظين: دخل عثمان بن عفّان على رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- فقال: أخبرني عن العبد كم معه من ملك؟

قال: ملك على يمينك على حسناتك وواحد على الشّمال، فإذا عملت حسنة كتب  عشرا، وإذا عملت سيّئة قال الّذي على الشّمال للّذي على اليمين: أكتب ؟

قال: لعلّه يستغفر اللّه ويتوب. فإذا قال ثلاثا، قال: نعم، أكتب أن أراحنا  اللّه منه فبئس القرين ، ما أقلّ مراقبته للّه وأقلّ استحياءه منّا  يقول [اللّه- عزّ وجلّ-:]  ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ1»

.

و ما ملكان بين يديك ومن خلفك، [يقول - تعالى-:لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ‏] .

و ملك قابض على ناصيتك، فإذا تواضعت للّه رفعك، وإذا تجبّرت على اللّه  [وضعك و]  فضحك.

و ملكان على شفتيك، ليس يحفظان عليك إلّا الصّلاة على محمّد- صلّى اللّه عليه وآله-.

و ملك قائم على فيك، لا يدع أن تدبّ  الحيّة في فيك.

و ملكان  على عينيك. فهذه عشرة أملاك على كلّ آدميّ، [يعدان ملائكة اللّيل على ملائكة النّهار، لأنّ ملائكة اللّيل سوى ملائكة النهار، فهؤلاء عشرون ملائكة على كلّ آدميّ‏]  وإبليس بالنّهار وولده باللّيل، قال اللّه: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (الآية) وقال - عزّ وجلّ-: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ.

و في كتاب سعد السّعود - أيضا- بعد أن ذكر ملكي اللّيل وملكي النّهار: وفي رواية، أنّهما يأتيان المؤمن عند حضور صلاة الفجر، فإذا هبطا صعد الملكان الموكّلان باللّيل ، فإذا غربت الشّمس نزل إليه الموكّلان بكتابة اللّيل ويصعد الملكان الكاتبان بالنّهار بديوانه إلى اللّه، فلا يزال ذلك دأبهم إلى وقت حضور أجله، فإذا حضر أجله قالا للرّجل الصّالح: جزاك اللّه من صاحب عنّا خيرا، فكم من عمل صالح أريتناه، وكم من قول حسن أسمعتناه ، وكم من مجلس خير أحضرتناه، فنحن اليوم على ما تحبّه شفعاء إلى ربّك. وإن كان عاصيا قالا له: جزاك اللّه من صاحب عنّا شرا، فلقد كنت تؤذينا، فكم من عمل سيّئ أريتناه، وكم من قول سيّئ أسمعناه ، وكم من مجلس سوء أحضرتناه، ونحن اليوم لك على ما تكره وشهيدان عند ربّك.

و في أصول الكافي ، بإسناده إلى عبد اللّه بن موسى بن جعفر- عليه السّلام-: عن‏أبيه قال: سألته عن الملكين، هل يعلمان بالذّنب إذا أراد العبد أن يفعله أو الحسنة؟

فقال: ريح الكنيف و[ريح‏]  الطّيب سواء؟

قلت: لا.

قال: إنّ العبد إذا همّ بالحسنة خرج نفسه طيّب الرّيح، فقال صاحب اليمين لصاحب الشّمال: قم، فإنّه قد همّ بالحسنة. فإذا فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده فأثبتها له، وإذا همّ بالسّيّئة خرج نفسه منتن الرّيح، فيقول صاحب الشّمال لصاحب اليمين: قف، فإنّه قد همّ بالسّيّئة. فإذا هو فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده وأثبتها عليه.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن فضيل  بن عثمان [المرادي‏]  قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: أربع من كنّ فيه لم يهلك على اللّه بعدهنّ إلّا هالك، يهمّ  العبد بالحسنة فيعملها، [فإن هو لم يعملها]  كتبت حسنة بحسن نيّته، وإن هو عملها، كتب اللّه له عشرا.

و يهمّ بالسّيّئة [أن يعملها] ، فإن لم يعملها، لم يكتب عليه شي‏ء، وإن هو عملها أجّل  سبع ساعات وقال صاحب الحسنات لصاحب السّيّئات، وهو صاحب الشّمال: لا تعجل عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها، فإنّ اللّه- عزّ وجلّ- يقول : إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ أو الاستغفار، فإن هو قال: أستغفر اللّه الّذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشّهادة العزيز الحكيم الغفور الرّحيم ذو الجلال والإكرام وأتوب إليه. عليه شي‏ء، لم يكتب عليه شي‏ء، وإن مضت سبع ساعات ولم يتبعها بحسنة واستغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السّيّئات: اكتب على الشّقيّ المحروم.

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حمران، عن زرارةقال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: [إنّ العبد]  إذا أذنب ذنبا اجّل من غدوّه إلى اللّيل، فإنّ استغفر اللّه لم يكتب عليه.

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه وأبو عليّ الأشعريّ ومحمّد بن يحيى، جميعا، عن الحسين بن إسحاق، عن عليّ بن  مهزيار، عن فضالة بن أيّوب، عن عبد الصّمد بن بشير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إنّ العبد المؤمن إذا أذنب ذنبا أجّله اللّه  سبع ساعات، فإن استغفر لم يكتب عليه شي‏ء، وإن مضت السّاعات ولم يستغفر كتبت عليه سيّئة، وإنّ المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتّى يستغفر ربّه فيغفر له، وإنّ الكافر لينساه من ساعته.

و في الكافي : محمّد بن يحيى [عن أحمد]  عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن درست قال: سمعت أبا إبراهيم- عليه السّلام- يقول: إذا مرض المؤمن أوحى اللّه- عزّ وجلّ- إلى صاحب الشّمال: لا تكتب على عبدي ما دام في حبسي ووثاقي ذنبا.

و يوحي إلى صاحب اليمين: أن اكتب لعبدي ما كنت تكتب له في صحّته من الحسنات.

و بإسناده  إلى سدير: عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: من أحبّ أن يمشي مشي الكرام الكاتبين، فليمش جنبي السّرير.

و في كتاب علل الشّرائع ، بإسناده إلى محمّد بن سنان: عن المفضّل [بن عمر]»

 قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن العلّة الّتي من أجلها وجب التّسليم في الصّلاة.

قال: لأنّه تحليل الصّلاة.

قلت: فلأيّ علّة يسلّم على اليمين ولا يسلّم على اليسار؟

قال لأنّ الملك الموكّل الّذي يكتب الحسنات [على اليمين‏] ، والّذي يكتب‏السّيّئات على اليسار، والصّلاة حسنات ليس فيها سيّئات فلهذا يسلّم على اليمين دون اليسار.

قلت: فلم لا يقال: السّلام عليك، والملك على اليمين واحد، ولكن يقال:

السّلام عليكم؟

قال: ليكون قد سلّم عليه وعلى من على اليسار، وفضل صاحب اليمين عليه بالإيماء إليه.

قلت: فلم لا يكون الإيماء في التّسليم بالوجه كلّه، ولكن كان بالأنف لمن يصلّي وحده وبالعين لمن يصلّي بقوم؟

قال: لأنّ مقعد الملكين من ابن آدم الشّدقين، فصاحب اليمين على الشّدق الأيمن، وتسليم المصلّي عليه ليثبت له صلاته في صحيفته.

قلت: فلم يسلّم المأموم ثلاثا؟

قال: تكون واحدة ردّا على الإمام وتكون عليه وعلى ملكيه ، وتكون الثّانية على [من على‏]  يمينه والملكين الموكّلين به، وتكون الثّالثة على من على يساره وملكيه  الموكّلين به. ومن لم يكن على يساره أحد، لم يسلّم على يساره [إلّا أن يكون يمينه إلى الحائط ويساره إلى مصلّي معه خلف الإمام على يساره‏] .

قلت: فتسليم الإمام على من يقع؟

قال: على ملكيه  والمأمومين، يقول لملائكته : اكتبا سلامة صلاتي ممّا  يفسدها، ويقول لمن خلفه: سلمتم وأمنتم من عذاب اللّه.

و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

و بإسناده  إلى محمّد بن عمّار بن ياسر: عن أبيه قال: سمعت النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- يقول: إنّ حافظي عليّ بن أبي طالب ليفتخران على جميع الحفظة، لكينونتهما مع عليّ- عليه السّلام- وذلك أنّهما لم يصعدا إلى اللّه بشي‏ء يسخط اللّه.إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ  وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ : بيان لما يكتبون لأجله.

و في أصول الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ، عن بعض أصحابه، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان، عن واصل، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: جاء رجل إلى أبي ذرّ فقال له: يا أبا ذرّ، كيف ترى حالنا عند اللّه؟

قال اعرضوا أعمالكم على الكتاب، إنّ اللّه يقول: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ، وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ.

قال: فقال الرّجل: فأين رحمة اللّه؟

قال: رحمة اللّه قريب من المحسنين.

و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

و في كتاب المناقب  لابن شهر آشوب: الشيرازي في كتابه بالإسناد: عن الهذيل، عن مقاتل، عن محمّد بن الحنفيّة، عن الحسن بن عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- [كلّ ما]  قال: في كتاب اللّه من قوله: إِنَّ الْأَبْرارَ فو اللّه، ما أراد به إلّا عليّ بن أبي طالب وفاطمة وأنا والحسين، لأنّا ونحن أبرار بآبائنا وأمهاتنا، وقلوبنا  عملت  بالطّاعات [و البرّ]  وتبرّأت من الدّنيا وحبّها، وأطعنا اللّه في جميع فرائضه، وآمنّا بوحدانيّته، وصدّقنا برسوله.

و في شرح الآيات الباهرة : قال محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه-: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله- عزّ وجلّ-: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ، وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ قال: الأبرار نحن هم، والفجّار هم عدوّنا.يَصْلَوْنَها: يقاسون حرّها.

يَوْمَ الدِّينِ  وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ : لخلودهم فيها.

و قيل : معناه: وما يغيبون عنها قبل ذلك، إذ  كانوا يجدون سمومها في القبور.

وَ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ  ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ :

تعجيب وتفخيم لشأن اليوم، أي: كنه أمره، بحيث لا تدركه دراية دار .

يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ : تقرير لشدّة هوله وفخامة أمره إجمالا.

و رفع  ابن كثير والبصريّان: «يوم» على البدل من يَوْمَ الدِّينِ، أو الخبر المحذوف.

و في مجمع البيان : [وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ وحده،]  أي: الحكم له في الجزاء والثّواب والعفو والانتقام.

و روى عمرو بن شمر ، عن جابر، عن أبي جعفر- عليه السّلام- أنّه قال: إنّ الأمر يومئذ للّه، والأمر كلّه للّه .

يا جابر، إذا كان يوم القيامة بادت الحكّام، فلم يبق حاكم إلّا اللّه- تبارك وتعالى-.