سورة الجنّ

سورة الجنّ‏

مكّيّة.

و آيها ثمان وعشرون آية.

بسم الله الرحمن الرحيم‏

في كتاب ثواب الأعمال ، بإسناده: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من أكثر قراءة سورة قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ لم يصبه في الحياة الدنيا  شي‏ء  من أعين الجنّ ولا من نفثهم  ولا من سحرهم ولا من كيدهم، وكان مع محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- فيقول:

يا ربّ، لا أريد به بدلا، ولا أريد أن أبغي عنه حولا.

و

في مجمع البيان : ابيّ بن كعب، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قال: ومن قرأ سورة الجنّ، اعطي بعدد كلّ جنّيّ وشيطان صدّق بمحمّد وكذّب به عتق رقبة.

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ وقرئ : «أحي» وأصله: وحى، من وحى إليه، فقلبت الواو همزة لضمّتها.

و «وحي» على الأصل، وفاعله أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ و«النّفر» ما بين الثّلاثة والعشرة.و «الجنّ» قيل : أجسام عاقلة خفيّة تغلب عليهم النّاريّة والهوائيّة.

و قيل : نوع من الأرواح المجرّدة.

و قيل : نفوس بشريّة مفارقة عن أبدانها، وفيه دلالة على أنّه- صلّى اللّه عليه وآله- ما رآهم ولم يقرأ عليهم، وإنّما اتّفق حضورهم في بعض أوقات قراءته فسمعوها فأخبر اللّه به رسوله.

فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً: كتابا.

عَجَباً : بديعا، مباينا لكلام النّاس في حسن نظمه ودقّة معناه. وهو مصدر وصف به للمبالغة.

يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ: إلى الحقّ والصّواب.

فَآمَنَّا بِهِ: بالقرآن.

وَ لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً : على ما نطق به الدلائل القاطعة على التّوحيد.

و

في مجمع البيان : وروى الواحديّ بإسناده، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس قال: ما قرأ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- على الجنّ وما رآهم، انطلق رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشّياطين وبين خبر السّماء، فرجعت الشّياطين إلى قومهم فقالوا: ما لكم؟

قالوا: حيل بيننا وبين خبر السّماء، وأرسلت علينا الشّهب.

قالوا: ما ذاك إلّا من شي‏ء أحدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها.

فمرّ النّفر الّذين أخذوا نحو تهامة بالنّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- وهو بنخل عامدين إلى سوق عكاظ، وهو يصلّي بأصحابه صلاة الفجر، فلمّا سمعوا القرآن استمعوا له وقالوا: هذا الّذي حال بيننا وبين خبر السّماء.

فرجعوا إلى قومهم وقالوا: إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً. فأوحى اللّه إلى نبيّه: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ.

و رواه البخاريّ ومسلم- أيضا- في الصّحيح.

و

عن علقمة بن قيس  قال: قلت لعبد اللّه بن مسعود: من كان منكم مع النّبيّ‏- صلّى اللّه عليه وآله- ليلة الجنّ؟

فقال: ما كان منّا معه أحد، فقدناه ذات ليلة ونحن بمكّة، فقلنا: اغتيل رسول اللّه، أو استطير. فانطلقنا نطلبه من الشّعاب فلقيناه مقبلا من نحو حراء.

 

فقلنا: يا رسول اللّه، أين كنت؟ لقد أشفقنا عليك. وقلنا: بتنا اللّيلة بشرّ ليلة بات بها قوم حين فقدناك.

فقال لنا: إنّه أتاني داعي الجنّ، فذهبت أقرأ لهم القرآن.

فذهب بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم، فأمّا أن يكون صحبه منّا أحد فلم يصحبه.

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم ، في سورة الأحقاف عند قوله : وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ: وكان سبب نزول هذه الآية، أنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- خرج من مكّة إلى سوق عكاظ، ومعه زيد بن حارثة، يدعو النّاس إلى الإسلام، فلم يجبه أحد ولم يجد أحدا يقبله، ثمّ رجع إلى مكّة.

فلمّا بلغ موضعا يقال له: وادي مجنّة، تهجّد بالقرآن في جوف اللّيل، فمرّ به نفر من الجنّ، فلمّا سمعوا قراءة رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- استمعوا [له. فلمّا سمعوا]  قراءته، قال بعضهم لبعض: أنصتوا، يعني اسكتوا، فَلَمَّا قُضِيَ، أي: فرغ رسول اللّه من القراءة وَلَّوْا إِلى‏ قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ. قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا (الاية) فجاءوا إلى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- فأسلموا وآمنوا وعلّمهم رسول اللّه شرائع الإسلام.

فأنزل اللّه على نبيّه- صلّى اللّه عليه وآله-: قُلْ أُوحِيَ (السّورة كلّها) فحكى اللّه قولهم، وولّى عليهم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- منهم، وكانوا يعودون إلى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- في كلّ وقت، فأمر رسول اللّه أمير المؤمنين- عليه السّلام- أن يعلّمهم ويفقّههم، فمنهم مؤمنون، و[منهم‏]  كافرون، وناصبون، ويهود، ونصارى، ومجوس، وهم ولد الجانّ.

و

في كتاب الخصال : عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: الجنّ على ثلاثة.أجزاء: فجزء مع الملائكة، وجزء يطيرون في الهواء، وجزء كلاب وحيّات.

و

في أصول الكافي : بعض أصحابنا، عن محمّد بن عليّ، عن يحيى بن مساور، عن سعد الإسكاف قال: أتيت أبا جعفر- عليه السّلام- في بعض ما أتيته، فجعل يقول:

لا تعجل. حتّى حميت الشّمس عليّ، وجعلت أتتبّع الأفياء ، فما لثبت أن خرج عليّ قوم كأنّهم الجراد الصفر، عليهم البتوت ، قد انتهكتهم العبادة.

قال: فو اللّه، لأنساني ما كنت فيه من حسن [هيئة القوم.

فلمّا دخلت عليه قال لي: أراني قد شققت  عليك.

قلت: واللّه، لقد أنساني ما كنت فيه قوم مرّوا بي لم أر قوما أحسن‏]  هيئة  منهم، في زيّ رجل واحد، كأنّ ألوانهم الجراد الصّفر، قد انتهكتهم العبادة.

فقال: يا سعد، رأيتهم؟

قلت: نعم.

قال: أولئك إخوانك من الجنّ.

قال: قلت: يأتونك؟

قال: نعم، يأتونا يسألونا عن معالم دينهم وحلالهم وحرامهم.

عليّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد، عن عليّ بن حسّان، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن ابن جبل، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: كنّا ببابه فخرج علينا قوم أشباه الزّطّ، عليهم أزر وأكسية، فسألنا أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عنهم.

فقال- عليه السّلام-: هؤلاء إخوانكم من الجنّ.

أحمد بن إدريس ، ومحمّد بن يحيى، عن الحسن بن عليّ الكوفيّ، عن ابن فضّال، عن بعض أصحابنا، عن سعد الإسكاف قال أتيت  أبا جعفر- عليه السّلام- أريد الإذن عليه، فإذا رحال إبل على الباب مصفوفة، وإذا الأصوات قد ارتفعت، ثمّ‏خرج قوم معتميّن بالعمائم يشبهون الزّطّ.

قال: فدخلت على أبي جعفر- عليه السّلام- فقلت: جعلت فداك، أبطأ إذنك عليّ اليّوم، ورأيت قوما خرجوا عليّ معتمّين بالعمائم فأنكرتهم؟

قال: او تدري من أولئك، يا سعد؟

قال: قلت: لا.

قال: فقال: أولئك إخوانكم من الجنّ، يأتونا فيسألونا عن حلالهم وحرامهم ومعالم دينهم.

محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن سدير الصّيرفيّ قال: وصّاني أبو جعفر- عليه السّلام- بحوائج له بالمدينة، فخرجت، فبينما أنا بين فجّ الروحاء  على راحلتي إذا إنسان يلوي بثوبه .

قال: فملت إليه، وظننت أنّه عطشان، فناولته الأداوة .

فقال لي: لا حاجة لي بها. وناولني كتابا طينة رطب.

قال: فلمّا نظرت إلى الخاتم إذا خاتم أبي جعفر- عليه السّلام-.

فقلت: متى عهدك بصاحب الكتاب؟

قال: السّاعة. وإذا في الكتاب أشياء يأمرني بها، ثمّ التفتّ فإذا ليس عندي أحد.

قال: ثمّ قدم أبو جعفر- عليه السّلام- فلقيته، فقلت: جعلت فداك، رجل أتاني  بكتابك وطينه رطب! فقال: يا سدير، إنّ لنا خدما من الجنّ، فإذا أردنا السّرعة بعثناهم.

و في رواية أخرى: قال: إنّ لنا أتباعا من الجنّ، كما أنّ لنا أتباعا من الإنس، فإذا أردنا أمرا بعثناهم.

عليّ بن محمّد  ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عمّن ذكره، عن محمّد بن‏حجرش ، عن حكيمة بنت موسى قالت: رأيت الرّضا- عليه السّلام- واقفا على باب بيت الحطب وهو يناجي، ولست أرى أحدا.

فقلت: سيّدي، لمن تناجي؟

قال: هذا عامر الزهراني  [أتاني‏]  يسألني ويشكو إليّ.

فقلت: يا سيديّ، أحبّ أن أسمع كلامه.

فقال لي: إنّك إن سمعت به حممت سنة.

فقلت: يا سيّدي، أحبّ أن أسمعه.

فقال لي: استمعي. فاستمعت، فسمعت  شبه الصّفير، وركبتني الحمّى فحممت سنة.

محمّد بن يحيى ، وأحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن إبراهيم بن هاشم، عن عمرو بن عثمان، عن إبراهيم بن [أيّوب، عن‏]  عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: بينا أمير المؤمنين- عليه السّلام- على المنبر، إذ أقبل ثعبان من ناحية باب من أبواب المسجد، فهمّ النّاس أن يقتلوه، فأرسل: [أمير المؤمنين- عليه السّلام-]  أن كفّوا. فكفّوا، وأقبل الثّعبان ينساب حتّى انتهى إلى المنبر، فتطاول فسلّم على أمير المؤمنين- عليه السّلام- فأشار- عليه السّلام- إليه أن يقف حتّى يفرغ من خطبته.

 [فلمّا فرغ من خطبته‏]  أقبل عليه فقال له:

من أنت؟

فقال: أنا عمرو، ابن عثمان خليفتك على الجنّ، وإنّ أبي مات وأوصاني أن آتيك فأستطلع رأيك، وقد أتيتك، يا أمير المؤمنين، فما تأمرني به وما ترى؟

فقال له أمير المؤمنين: أوصيك بتقوى اللّه، وأن تنصرف فتقوم مقام أبيك في الجنّ، فإنك خليفتي عليهم.قال: فودّع عمرو أمير المؤمنين وانصرف، فهو خليفته على الجنّ.

فقلت له: جعلت فداك، فيأتيك عمرو، وذاك الواجب عليه؟

قال: نعم.

و

في بصائر الدّرجات : أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن مالك بن عطيّة، عن أبي حمزة الثّماليّ قال: استأذنت  على أبي جعفر- عليه السّلام- فقال: إنّ عندي قوما ، فاثبت قليلا حتّى يخرجوا.

فخرج قوم أنكرتهم ولم أعرفهم، ثمّ أذن لي فدخلت عليه، فقلت: جعلت فداك، هذا زمان بني أميّة وسيفهم يقطر دما.

فقال: يا أبا حمزة، هؤلاء وفد شيعتنا من الجنّ، جاؤوا يسألونا عن معالم دينهم.

و

حدّثني  محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن الحكم، عن مالك بن عطيّة، عن أبي حمزة قال: كنت مع أبي عبد اللّه- عليه السّلام- فيما بين مكّة والمدينة إذا التفت عن يساره، فإذا كلب أسود.

فقال: مالك، قبّحك اللّه، ما أشدّ مسارعتك! وإذا هو شبيه بالطّائر.

فقلت: ما هذا، جعلت فداك؟

فقال: هذا عثمان  بريد الجنّ، مات هشام السّاعة فهو يطير ينعاه في كلّ بلدة.

عليّ بن حسّان ، عن ابن بكر ، عن رجل، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: يوم الأحد للجنّ، ليس تظهر فيه لأحد غيرنا.

 [أحمد بن‏]  محمّد ، عن عليّ بن حديد، عن منصور بن حازم، عن سعد الإسكاف قال: أتيت باب أبي جعفر- عليه السّلام- مع أصحاب لنا لندخل عليه، فإذا ثمانية نفر كأنّهم من أب وأمّ، عليهم ثياب زرابي وأقبية طاق  وعمائم صفر، دخلوافما احتبسوا حتّى خرجوا.

فقال لي: يا سعد ، رأيتهم؟

قلت: نعم، جعلت فداك.

قال: أولئك إخوانكم من الجنّ أتونا يستفتوننا في حلالهم [و حرامهم‏] ، كما تأتوننا وتستفتوننا في حلالكم وحرامكم.

و

عنه ، عن ابن سنان، عن ابن مسكان، عن سعد الإسكاف قال: طلبت الإذن على أبي جعفر- عليه السّلام- فبعث إليّ: لا تعجل، فإنّ عندي قوما من إخوانكم.

فلم ألبث أن خرج عليّ اثنا عشر رجلا يشبهون الزّط، عليهم أقبية طبقين  وخفاف فسلّموا ومرّوا، ودخلت على أبي جعفر- عليه السّلام-.

فقلت: من هؤلاء- جعلت فداك- الّذين خرجوا من عندك؟

قال: هؤلاء قوم من إخوانكم من الجنّ.

قلت: ويظهرون عليكم؟

قال: نعم.

 

وَ أَنَّهُ تَعالى‏ جَدُّ رَبِّنا قرأ  ابن كثير والبصريّان، بالكسر ، على أنّه من جملة المحكيّ بعد القول وكذا ما بعده، إلّا قوله: «و أن لو استقاموا» «و أنّ المساجد» «و أنّه لمّا قام» فإنّها من جملة الموحى به.و وافقهم نافع وأبو بكر  إلّا في قوله: «و أنّه لما قام» على أنّه استئناف أو مفعول.

و فتح الباقون الكلّ إلّا ما صدّر بالفاء، على أنّ ما كان من قولهم فمعطوف على محلّ الجارّ والمجرور في «به»، كأنّه قيل: صدّقناه وصدّقنا أنّه تعالى جدّ ربّنا، أي:

عظمته. من جدّ فلان في عيني: إذا عظم ملكه أو سلطانه أو غناه. ومستعار من الجدّ، الّذي هو البخت.

و المعنى: وصفه بالتعالي  عن الصاحبة والولد، لعظمته او لسلطانه أو لغناه.

و قوله: مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً : بيان لذلك.

و قرئ : «جدّا ربّنا» على التّمييز . و«جدّ ربّنا» بالكسر، أي: صدق ربوبيّته، كأنّهم سمعوا من القرآن ما نبّههم على خطأ ما اعتقدوه من الشّرك واتّخاذ الصّاحبة والولد.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قوله: جَدُّ رَبِّنا، أي: بخت ربّنا.

حدّثنا  عليّ بن الحسين، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قول الجنّ:

وَ أَنَّهُ تَعالى‏ جَدُّ رَبِّنا فقال: شي‏ء كذّبه الجنّ، فقصّه اللّه- تعالى- كما قال.

و

في كتاب الخصال : عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: شيئان يفسد النّاس بهما صلاتهم: قول الرّجل: تبارك اسمك  وتعالى جدّك. وإنّما هو شي‏ء قاله الجنّ بجهالة، فحكى اللّه عنهم. (الحديث)

و

في مجمع البيان : وعن الرّبيع بن أنس أنّه قال: ليس للّه جدّ، وإنّما قالته الجنّ بجهالة، فحكا [ه‏]  اللّه  كما قالت. وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه- عليهما السّلام-.وَ أَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا: إبليس، أو مردة الجنّ.

عَلَى اللَّهِ شَطَطاً : قولا ذا شطط، وهو البعد ومجاوزة الحدّ. أو هو شطط لفرط ما اشطّ فيه، وهو نسبة الصّاحبة والولد إلى اللّه.

وَ أَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً : اعتذار عن اتّباعهم السّفيه في ذلك بظنّهم أنّ أحداً لا يكذب على اللّه.

و «كذبا» نصب على المصدر، لأنّه نوع من القول. أو الوصف المحذوف، أي:

قولا مكذوباً فيه. ومن قرأ : «لن تقوّل» كيعقوب جعله مصدرا، لأنّ التّقوّل لا يكون إلّا كذبا.

وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ: فإنّ الرّجل كان إذا أمسى بقفر قال: أعوذ بسيّد هذا الوادي، من شرّ سفهاء قومه.

فَزادُوهُمْ: فزادوا الجنّ باستعاذتهم بهم رَهَقاً : كبراً وعتوّا. أو فزاد الجنّ الإنس غيّا بأن أضلّهم حتّى استعاذوا بهم.

و «الرّهق» في الأصل: غشيان الشّي‏ء.

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم ، بإسناده إلى زرارة قال: سألت أبا جعفر- عليه السّلام- عن قول اللّه: وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ (الآية).

قال: كان الرّجل ينطلق إلى الكاهن الّذي يوحي إليه الشّيطان فيقول: قل لشيطانك: فلان قد عاذ بك.

وَ أَنَّهُمْ: وأنّ الإنس  ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ: أيّها الجنّ، أو بالعكس.

و الآيتان من كلام الجنّ بعضهم لبعض، أو استئناف كلام من اللّه. ومن فتح «أنّ» فيهما جعلهما من الموحى به.

أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً : سادّ مسدّ مفعولي «ظنّوا».

و

في كتاب الاحتجاج  للطّبرسي- رحمه اللّه-: روي، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن عليّ- عليهم السّلام- أنّ عليّا- عليه السّلام- قال لبعض‏اليهود: إنّ الشّياطين سخّرت لسليمان وهي مقيمة على كفرها، وقد سخّرت لنبوّة محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- الشّياطين بالإيمان، فأقبل إليه من الجنّ التّسعة من أشرافهم، واحد من جنّ نصيبين والثّمان من بني عمرو بن عامر  من الأحجّة ، منهم شنطاه ، ومضاة والهملكان والمرزبان  والمازمان ونضاة وحاصب  وحاضب  وعمرو ، وهم الّذين يقول اللّه فيهم : وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ وهم التّسعة يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ. فأقبل إليه الجنّ والنّبي ببطن النّخل، فاعتذروا بأنّهم ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ (الاية) ولقد أقبل إليه أحد وسبعون ألفا منهم، فبايعوه على الصّوم والصّلاة والزّكاة والحجّ [و الجهاد]  ونصح المسلمين، فاعتذروا بأنّهم قالوا على اللّه شططا.

وَ أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ: طلبنا بلوغ السّماء، أو خبرها.

و «اللّمس» مستعار من المسّ للطلب ، كالجسّ . يقال: لمسه والتمسه وتلمّسه، كطلبه وأطلبه وتطلّبه.

فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً: حرّاسا. اسم جمع، كالخدم.

شَدِيداً: قويّا، وهم الملائكة الّذين يمنعونهم عنها.

وَ شُهُباً : جمع شهاب.

قيل : وهو المضي‏ء المتولّد من النّار.

و قيل : نور يمتدّ من السّماء، كالنّار.

و

في كتاب الاحتجاج  للطّبرسي- رحمه اللّه- حديث طويل [عن أمير المؤمنين- عليه السّلام-]  يذكر فيه مناقب الرّسول، وفيه: ولقد رأى  الملائكة ليلة ولد تصعدو تنزل وتسبّح وتقدّس، وتضطرب النّجوم وتتساقط علامة لميلاده، ولقد همّ إبليس بالظّعن  في السّماء لما رأى من الأعاجيب في تلك اللّيلة، وكان له مقعد في السّماء الثّالثة، والشّياطين يسترقون السّمع، فلمّا رأوا العجائب أرادوا أن يسترقوا السّمع فإذا هم قد حجبوا من السّماوات كلّها، ورموا بالشّهب جلالة لنبوّته.

وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ: مقاعد خالية عن الحرس والشّهب، أو صالحة للتّرصّد والاستماع.

و «للسّمع» صلة «لنقعد»، أو صفة «لمقاعد».

و

في كتاب الاحتجاج  للطّبرسي- رحمه اللّه-: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- حديث طويل، وفيه: وأمّا أخبار السّماء فإنّ الشّياطين كانت تقعد مقاعد استراق السّمع إذ ذاك، وهي لا تحجب ولا ترجم بالنّجوم، وإنّما منعت من استراق السّمع لئلّا يقع في الأرض سبب يشاكل الوحي من خبر السّماء فيلبس على أهل الأرض ما جاءهم عن اللّه، لإثبات الحجّة ونفي الشّبهة.

و كان الشّيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السّماء بما يحدث من اللّه في خلقه، فيختطفها ثمّ يهبط بها إلى الأرض فيقذفها إلى الكاهن، فإذا قد زاد كلمات من عنده فيختلط الحقّ بالباطل، فما أصاب الكاهن من خبر ممّا كان يخبر به فهو ممّا أدّاه إليه شيطانه ممّا سمعه، وما أخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه، فمذ منعت الشّياطين من استراق السّمع انقطعت الكهانة.

فقال: كيف صعدت الشّياطين إلى السّماء، وهم أمثال النّاس في الخلقة والكثافة، وقد كانوا يبنون لسليمان بن داود من البناء ما يعجز عنه ولد آدم؟

قال: غلظوا لسليمان لمّا سخّروا، وهم خلق رقيق غذاؤهم التّنسّم ، والدّليل على ذلك صعودهم إلى السّماء لاستراق السّمع، ولا يقدر الجسم الكثيف على الارتقاء إليها إلّا بسلّم أو بسبب.

فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً ، [أي: شهابا راصدا]  له ولأجله يمنعه عن الاستماع بالرجم. أو ذوي شهاب راصدين، على أنّه اسم جمع للرّاصد.و

في نهج البلاغة : وأقام رصدا من الشّهب الثّواقب  على نقابها .

وَ أَنَّا لا نَدْرِي أَ شَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ: بحراسة السّماء.

أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً : خيراً.

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم ، بإسناده إلى الحسن  بن زياد قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول في قوله: وَأَنَّا لا نَدْرِي (الاية) فقال: لا بل، واللّه، شرّ أريد بهم حين بايعوا معاوية وتركوا الحسن بن عليّ- عليهما السّلام-.

وَ أَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ: المؤمنون الأبرار.

وَ مِنَّا دُونَ ذلِكَ، [أي: قوم دون ذلك‏]  فحذف الموصوف، وهم المقتصدون.

كُنَّا طَرائِقَ: ذوي طرائق، أي: مذاهب. أو مثل طرائق في اختلاف الأحوال. أو كانت طرائقنا طرائق.

قِدَداً : متفرّقة مختلفة. جمع قدّة، من قدّ: إذا قطع.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وقوله: كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً أي: على مذاهب مختلفة.

وَ أَنَّا ظَنَنَّا: علمنا.

أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ: كائنين في الأرض أينما كنّا فيها.

وَ لَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً : هاربين منها إلى السّماء. أو لن نعجزه في الأرض إن أراد بنا أمرا. أو لن نعجزه هربا إن طلبنا.

وَ أَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى‏ أي: القرآن.

آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ: فهو لا يخاف.

و قرئ : «فلا يخف». والأوّل أدلّ على تحقيق نجاة المؤمنين واختصاصها بهم.بَخْساً وَلا رَهَقاً : نقصا في الجزاء، ولا أن يرهقه ذلّة. أو جزاء بخس، لأنّه لم يبخس [لأحد]  حقّا ولا يرهق ظلما، لأنّ من حقّ المؤمن  بالقرآن أن يتجنّب ذلك.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم - رحمه اللّه-: وقوله: فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً، قال: «البخس» النّقصان. و«الرّهق» العذاب.

و

سئل العالم  عن مؤمني الجنّ: أ يدخلون الجنّة؟

فقال: لا، ولكن للّه حظائر بين الجنّة والنّار يكون فيها مؤمنو الجنّ وفسّاق الشّيعة.

و

في أصول الكافي : عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي- عليه السّلام- قال: قلت: قوله: لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى‏ آمَنَّا بِهِ.

قال: الْهُدى‏ الولاية، آمنا بمولانا، فمن آمن بولاية مولاه فلا يخاف بخسا ولا رهقا.

قلت: تنزيل؟

قال: لا، تأويل.

وَ أَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ: الجائزون عن طريق الحقّ، وهو الإيمان والطّاعة.

فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً : توخّوا رشدا عظيما يبلغهم إلى دار السّلام.

أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً

 : توقد بهم، كما توقد بكفّار الإنس.

وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا، أي: أنّ الشّأن لو استقام الجنّ أو الإنس، أو كلاهما.

عَلَى الطَّرِيقَةِ المثلى  لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً : لوسعنا عليهم‏الرّزق.

و تخصيص الماء الغدق، وهو الكثير، بالذكر لأنّه أصل المعاش والسّعة، وعزّة وجوده بين العرب.

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم ، بإسناده إلى عبّاد بن صهيب: عن الصّادق- عليه السّلام-، عن أبيه، في قوله- تعالى-: فَمَنْ أَسْلَمَ (الاية)، أي: الّذين أقرّوا بولايتنا، فأولئك تحرّوا رشدا أَمَّا الْقاسِطُونَ‏

 (الآية) معاوية وأصحابه.

وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا (الآية) قال: الطَّرِيقَةِ ولاية عليّ- عليه السّلام-.

أخبرنا  أحمد بن إدريس قال: حدّثنا أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن القاسم [بن سليمان‏] ، عن جابر قال: سمعت أبا جعفر- عليه السّلام- يقول في هذه الآية: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا (الآية)، يعني: من جرى فيه شي‏ء  من شرك الشّيطان عَلَى الطَّرِيقَةِ، يعني: على الولاية في الأصل عند الأضلّة حين أخذ اللّه ميثاق ذرّيّة آدم. لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً، يعني: لكنّا وضعنا أظلّتهم في الماء الفرات العذب.

و

في أصول الكافي : أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسنيّ، عن موسى بن محمّد، عن يونس بن يعقوب، عمّن ذكره، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قول اللّه- تعالى-: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا (الآية) يقول: لأشربنا قلوبهم الإيمان. والطَّرِيقَةِ هي ولاية عليّ بن أبي طالب والأوصياء.

أحمد بن مهران ، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني، عن موسى بن محمّد، عن يونس بن يعقوب  عمّن ذكره، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله- تعالى-: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا (الآية) قال: يعني: لو استقاموا على ولاية أمير المؤمنين عليّ- عليه السّلام- والأوصياء من ولده، وقبلوا طاعتهم في أمرهم ونهيهم.

لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً يقول: لأشربنا قلوبهم الإيمان. والطَّرِيقَةِ هي‏الإيمان بولاية عليّ والأوصياء.

و

في مجمع البيان : وفي تفسير أهل البيت، عن أبي بصير قال: قلت: لأبي جعفر- عليه السّلام-: قول اللّه : إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا.

هو، واللّه، ما أنتم عليه وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا (الآية).

و

عن بريد العجليّ ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: معناه: ولأمددناهم  علما كثيرا يتعلّمونه من الأئمّة.

لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ: لنختبرهم كيف يشكرونه.

و قيل : معناه: لو استقام الجنّ على طريقتهم القديمة، ولم يسلموا باستماع القرآن، لوسّعنا عليهم الرّزق مستدرجين لهم، لنوقعهم في الفتنة ونعذّبهم في كفرانهم .

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ قتل الحسين- عليه السّلام-.

و

في شرح الآيات الباهرة  [قال محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه-: حدّثنا]  أحمد بن هوذة الباهليّ، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد اللّه بن حمّاد، عن سماعة قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول في قول اللّه- عزّ وجلّ-: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ [قال:]  يعني: لو استقاموا على الولاية في الأصل عند الأظلّة، حين أخذ اللّه الميثاق على ذريّة آدم لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً، يعني: لكنّا أسقيناهم من الماء الفرات العذب.

و

بالإسناد : عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سألته عن قوله- تعالى-: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا (الآية).

قال: يعني: لأمددناهم علما كي يتعلّمونه من الأئمّة.

و

يؤيّده : ما رواه- أيضا-، عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد، عن محمّدابن خالد، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن مسلم، عن بريد العجليّ قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن قوله- تعالى-: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ.

قال: يعني: على الولاية.

لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً قال: لأذقناهم علما كثيرا يتعلّمونه من الأئمّة.

قلت: قوله: لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ.

قال: إنّما هؤلاء يفنتهم  فيه، يعني: المنافقين.

و

روي- أيضا- ، عن عليّ بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن محمّد، عن إسماعيل بن يسار، عن عليّ بن جعفر، عن جابر الجعفيّ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله- تعالى-: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ قال: قال اللّه:

لجعلنا أظلّتهم في الماء العذب. لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وفتنتهم  في عليّ- عليه السّلام- وما فتنوا فيه، وكفروا بما انزل في ولايته.

وَ مَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ: عن عبادته، أو موعظته، أو وحيه.

يَسْلُكْهُ: يدخله.

و قرأ  غير الكوفيّين، بالنّون.

عَذاباً صَعَداً : شاقّا  يعلو المعذّب ويغلبه. مصدر وصف به.

و

في شرح الآيات الباهرة : [قال محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه-: حدّثنا]  عليّ ابن عبد اللّه بالإسناد المتقدّم، عن جابر قال: سألت أبا جعفر- عليه السّلام عن قوله- تعالى-: وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً.

قال: من أعرض عن عليّ- عليه السّلام- يسلكه العذاب الصّعد، وهو أشدّ العذاب.

وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ: مختصّه به.

فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً : فلا تعبدوا فيها غيره.و من جعل «أنّ» مقدّرة «باللّام» علّة للنّهي، ألغى فائدة الفاء.

و قيل : إنّ المراد بالمساجد: الأرض كلّها، لأنّها جعلت للنّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- مسجدا.

و فسّرت: بالمسجد الحرام، لأنّه قبلة المساجد. وبمواضع السّجود، على أنّ المراد:

النّهي عن السّجود لغير اللّه، وأراد به  السّبعة. وبالسّجدات، على أنّه جمع مسجد.

و

في من لا يحضره الفقيه : قال أمير المؤمنين- عليه السّلام- في وصيّته لابنه محمّد ابن الحنفيّة: يا بنيّ، لا تقل ما لا تعلم.

... إلى قوله: وقال اللّه: وَأَنَّ الْمَساجِدَ (الآية)، يعني بالمساجد: الوجه واليدين والرّكبتين والإبهامين.

و

في تفسير العياشي : عن أبي جعفر الثّاني- عليه السّلام- أنّه سأله المعتصم عن السّارق: من أيّ موضع يجب أن يقطع؟

فقال: إنّ القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع، فيترك الكفّ.

قال المعتصم: وما الحجّة في ذلك؟

قال: قول رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: السّجود على سبع أعضاء: الوجه واليدين والرّكبتين والرّجلين. فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها، وقال اللّه: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ، يعني به: هذه [الأعضاء السبعة]  الّتي يسجد عليها. فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً. وما كان للّه، فلا يقطع. (الحديث)

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد قال:

حدّثنا أبو عمرو الزّبيريّ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- وذكر حديثا طويلا، يقول فيه- بعد أن قال: إنّ اللّه فرض الإيمان على جوارح بني آدم [و قسّمه عليها وفرّقه فيها] -:

و فرض على الوجه السّجود له باللّيل والنّهار في مواقيت الصّلاة، فقال :

 يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وهذه فريضة جامعة على الوجه واليدين والرّجلين، وقال في موضع آخر: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ (الآية).

و

في الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- حديث طويل، وفيه: وسجد، يعني: أبا عبد اللّه- عليه السّلام- على ثمانية أعظم: الكفّين، والرّكبتين، وإبهامي الرجلين، والجبهة، والأنف.

و قال: سبعة منها فرض يسجد عليها، وهي الّتي ذكرها اللّه في كتابه فقال:

وَ أَنَّ الْمَساجِدَ (الآية)، وهي الجبهة والكفّان والرّكبتان والإبهامان. ووضع الأنف على الأرض سنّة.

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثني أبي، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرّضا- عليه السّلام- قال: الْمَساجِدَ الأئمّة.

و فيه : فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً، أي: الأحد مع آل محمّد- صلّى اللّه عليه وآله-. فلا تتّخذوا من غيرهم وليّا إماما .

و

في أصول الكافي : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن- عليه السّلام- في قوله- تعالى-: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً قال: هم الأوصياء.

و

في شرح الآيات الباهرة : [روى محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه-]  عن محمّد بن أبي بكر، عن محمّد بن إسماعيل، عن عيسى  بن داود النّجّار، عن الكاظم- عليه السّلام- في قوله- تعالى-: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً قال: سمعت أبي جعفر بن محمّد- عليه السّلام- يقول: هم الأوصياء [و]  الأئمّة منّا واحدا فواحدا فلا تدعوا إلى غيرهم فتكونوا  كمن دعا مع الله أحدا هكذا نزلت.

وَ أَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ، أي: النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-. وإنّما ذكر بلفظ.العبد للتّواضع، فإنّه واقع موقع كلامه عن نفسه، والإشعار بما هو المقتضى لقيامه.

و

في كتاب الخصال : عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال : إنّ لرسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- عشرة أسماء، خمسة في القرآن وخمسة ليست في القرآن. فأمّا الّتي في القرآن فمحمّد وأحمد وعبد للّه ويس ون.

يَدْعُوهُ: يعبده.

كادُوا: كاد الجنّ.

يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً : متراكمين من ازدحامهم عليه، تعجّبا ممّا رأوا من عبادته وسمعوا من قراءته. أو كاد الإنس والجنّ يكونون عليه مجتمعين لإبطال أمره.

و هو جمع لبدة، وهي ما تلبّد بعضه على بعض، كلبدة الأسد.

و عن ابن عامر : لِبَداً بضمّ اللّام، جمع لبدة، وهي لغة.

و قرئ : لِبَداً كسجّدا [جمع لا بد]  ولِبَداً بضمّتين، جمع لبود كصبر، جمع صبور.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم ، متّصلا بقوله: الْمَساجِدَ الأئمّة. وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ، يعني: محمّدا يدعوهم إلى ولاية عليّ كادُوا قريش يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً يتعاونون  عليه.

قال إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً : فليس ذلك ببدع ولا منكر يوجب تعجّبكم، أو إطباقكم على مقتي.

و قرأ  عاصم وحمزة: «قل» على الأمر للنّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- ليوافق ما بعده.

قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً : ولا نفعا. أو غيّا ولا رشدا. عبّر عن أحد هما باسمه، وعن الآخر باسم سببه أو مسبّبه، إشعارا بالمعنيين.

و

في أصول الكافي : عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن‏محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي- عليه السّلام- قال: قلت: قوله: لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً.

قال: إنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- دعا النّاس إلى ولاية عليّ- عليه السّلام- فاجتمعت إليه قريش فقالوا:

يا محمّد، اعفنا من هذا.

فقال لهم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: هذا إلى اللّه ليس إليّ. فاتّهموه وخرجوا من عنده، فأنزل اللّه: قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً إن تولّيتم عن ولايته.

قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ: إن أراد بي سوءا.

وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً : منحرفا. أو ملتجا.

إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ: استثناء من قوله: «لا أملك» فإنّ التّبليغ إرشاد وإنفاع، وما بينهما اعتراض مؤكّد لنفي الاستطاعة.

أو من «ملتحدا». وألّا أبلّغ بلاغا وما قبله دليل الجواب.

وَ رِسالاتِهِ: عطف على «بلاغا» و«من اللّه» صفته، فإنّ صلته «عن» ، كقوله- صلّى اللّه عليه وآله-: بلّغوا عنّي [و لو آية] .

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ إن كتمت ما أمرت به.

وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً، أبلّغكم ما أمرني اللّه به من ولاية عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام-.

وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ: في  الأمر بالتّوحيد، إذ الكلام فيه فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ.

و قرئ : «فأنّ» على: فجزاؤه أنّ.خالِدِينَ فِيها أَبَداً : جمعه للمعنى.

حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ: في الدّنيا، كوقعة بدر، أو في الآخرة.

و الغاية ، لقوله: يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً بالمعنى الثّاني، أو المحذوف دلّ عليه الحال من استضعاف الكفّار له وعصيانهم له.

فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً : هو، أو هم.

و

في أصول الكافي : متّصلا بآخر ما نقلناه عنه،- أعني: قوله: ضَرًّا وَلا رَشَداً-: قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ [إن عصيته‏]  أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ في عليّ.

قلت: هذا تنزيل؟

قال: نعم.

ثمّ قال توكيدا: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ في ولاية عليّ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً.

قلت: حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً.

قال: يعني بذلك: القائم وأنصاره. (الحديث)

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم : وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ في ولاية عليّ- عليه السّلام- فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: يا عليّ، أنت قسيم النّار، تقول: هذا لي وهذا لك.

قالوا : فمتى يكون ما تعدنا به، يا محمّد، من أمر عليّ والنّار؟ فأنزل اللّه:

حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ، يعني: الموت والقيامة فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً، يعني: فلانا وفلانا، ومعاوية، وعمرو بن العاص، وأصحاب الضّغائن [من قريش‏] .

و فيه: قوله: حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ، يعني: القائم وأمير المؤمنين- عليهما السّلام- في الرّجعة.فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً قال: هو قول أمير المؤمنين [لزفر:

و اللّه‏]  يا ابن صهاك، لولا عهد من رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- [و كتاب من اللّه‏]  سبق، لعلمت أيّنا أضعف ناصرا وأقلّ عددا.

قُلْ إِنْ أَدْرِي: ما أدري.

أَ قَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً : غاية  تطول مدتها.

قيل : كأنّه لمّا سمع المشركون حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ قالوا: متى يكون؟

إنكارا، فقيل: قل: إنّه كائن لا محالة، ولكن لا أدري وقته.

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم ، متّصلا بقوله: ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً قال: فلمّا أخبرهم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- ما يكون من الرّجعة، قالوا: متى يكون هذا؟

قال اللّه: قل يا محمّد: إِنْ أَدْرِي (الآية).

عالِمُ الْغَيْبِ: هو عالم الغيب.

فَلا يُظْهِرُ: فلا يُطلِع.

عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً ، أي: على الغيب المخصوص به علمه.

إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏: لعلم بعضه حتّى يكون له معجزة.

مِنْ رَسُولٍ: بيان «لمن».

و استدلّ به على إبطال الكرامات، وتخصيص الرّسول بالملك، والإظهار بما يكون بغير واسطة تكلّف، وتخصيص بلا مخصّص.

و

في أصول الكافي : محمّد بن يحيى، عن عبد اللّه بن محمّد بن عيسى، عن الحسن ابن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن سدير الصّيرفيّ قال: سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر- عليه السّلام- عن قوله- جل ذكره-: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً.

فقال- عليه السّلام-: إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ وكان محمّد، واللّه، ممّن ارتضاه.

و أمّا قوله: عالِمُ الْغَيْبِ فإنّ اللّه عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدّر من شي‏ء،

 و يقضيه في علمه قبل أن يخلقه وقبل أن يفضيه إلى الملائكة، فذلك يا حمران، علم موقوف عنده، إليه فيه المشيئة، فيقضيه إذا أراد ويبدو له فيه فلا يمضيه، فأمّا العلم الّذي يقدّره اللّه ويقضيه ويمضيه فهو العلم الّذي انتهى إلى رسول اللّه، ثمّ إلينا.

و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إنّ للّه علمين: علما عنده لم يطلع عليه أحدا من خلقه، وعلما نبذه إلى ملائكته ورسله، فما نبذه إلى ملائكته ورسله فقد انتهى إلينا.

عليّ بن إبراهيم ، عن صالح بن السّنديّ، عن جعفر بن بشير [عن ضريس‏]  قال: سمعت أبا جعفر- عليه السّلام- يقول: إنّ للّه علمين: علم مبذول، وعلم مكفوف.

فأمّا المبذول فإنّه ليس من شي‏ء تعلمه الملائكة والرّسل إلّا نحن نعلمه، وأمّا المكفوف فهو الّذي عند اللّه في أمّ الكتاب إذا خرج نفذ.

أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ ابن النّعمان، عن سويد القلا، عن أبي أيّوب، عن أبي بصير، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: إن للّه علمين: علم لا يعلمه إلّا هو، وعلم علّمه  ملائكته ورسله، [فما علّمه ملائكته ورسله‏]  فنحن نعلمه.

عليّ بن محمّد  وغيره، عن سهل بن زياد، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن بدر بن الوليد، عن أبي الرّبيع الشّاميّ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: الإمام إذا شاء أن يعلم علم.

أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن بدر بن الوليد، عن أبي الرّبيع، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إنّ الإمام إذاشاء أن يعلم علم .

محمّد بن يحيى ، عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر، عن عمرو بن سعيد المدائنيّ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إذا أراد الإمام أن يعلم شيئا أعلمه اللّه ذلك.

محمّد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب، عن سليمان بن سماعة وعبد اللّه بن محمّد، عن عبد اللّه بن القاسم البطل، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: أيّ إمام لا يعلم ما يصيبه وإلى ما يصير، فليس ذلك بحجّة للّه على خلقه.

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن عبد اللّه بن سليمان، عن حمران بن أعين، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-: أنّ جبرئيل أتى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- برمّانتين، فأكل رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- إحداهما وكسر الأخرى بنصفين، فأكل نصفا وأطعم عليّا نصفا.

ثمّ قال له رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: يا أخي، هل تدري ما هاتان الرّمّانتان؟

قال: لا.

قال: أمّا الأولى فالنّبوّة ليس لك فيها نصيب، وأمّا الأخرى فالعلم أنت شريكي فيه.

فقلت: أصلحك اللّه، كيف كان يكون شريكه فيه؟

قال: لم يعلّم اللّه محمّدا [- صلّى اللّه عليه وآله- علما إلّا وأمره أن يعلّمه عليّا.

عليّ ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: نزل جبرئيل على رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-]  برمّانتين من الجنّة فأعطاه إيّاهما، فأكل واحدة وكسر الأخرى بنصفين، فأعطى عليّا نصفها فأكلها.

فقال: يا عليّ، أمّا الرّمّانة الأولى الّتي أكلتها فالنّبوّة ليس لك فيها شي‏ء، وأمّا الأخرى  فهو العلم فأنت شريكي فيه.محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن عبد الحميد، عن منصور بن يونس، عن ابن أذينة، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر- عليه السّلام- يقول: نزل جبرئيل على محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- برمّانتين من الجنّة، فلقيه عليّ- عليه السّلام- فقال:

ما هاتان الرّمّانتان اللّتان في يدك؟

فقال: أمّا هذه فالنّبّوة ليس لك فيها نصيب، وأمّا هذه فالعلم. ثمّ فلقها رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- بنصفين، فأعطاه نصفها، وأخذ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- نصفها.

ثمّ قال: أنت شريكي فيه وأنا شريكك فيه .

قال: فلم يعلّم اللّه رسوله حرفا ممّا علّمه اللّه، إلّا وقد علّمه عليّا- عليه السّلام-، ثمّ انتهى العلم إلينا- ثمّ وضع يده على صدره.

و

في كتاب الاحتجاج  للطّبرسي- رحمه اللّه- حديث طويل: عن عليّ- عليه السّلام- وفيه: وألزمهم الحجّة، بأن خاطبهم خطابا يدلّ على انفراده وتوحيده ، وبأنّ له  أولياء تجري أفعالهم وأحكامهم مجرى فعله، وعرّف الخلق اقتدارهم على علم الغيب بقوله: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ (الآية).

قال السائل: من هؤلاء الحجج؟

قال: هم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- ومن حلّ محلّه من أصفياء اللّه الّذين قال : فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ الّذين قرنهم اللّه بنفسه، وفرض على العباد من طاعتهم مثل الّذي فرض عليهم منها لنفسه.

و

في الخرائج والجرائح : روى محمّد بن الفضل الهاشميّ، عن الرّضا- عليه السّلام- أنّه نظر إلى ابن هذّاب فقال: أن أنا أخبرتك أنّك مبتلى  في هذه الأيّام بدم ذي رحم لك أ كنت مصدّقا لي؟قال: لا، فإنّ الغيب لا يعلمه إلّا اللّه.

قال: أو ليس يقول: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ؟! فرسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- عند اللّه مرتضى، ونحن ورثة ذلك الرّسول الّذي أطلعه اللّه على ما يشاء من غيبه، فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة.

 (الحديث)

و

في عيون الأخبار ، في باب ما جاء عن الرّضا- عليه السّلام- من الأخبار النّادرة في فنون شتّى، بإسناده إلى الحارث بن الدلهاث  مولى الرّضا- عليه السّلام- قال:

سمعت أبا الحسن- عليه السّلام- يقول: لا يكون المؤمن مؤمنا حتّى يكون فيه ثلاث خصال: سنّة من ربّه، وسنّة من نبيّه، وسنّة من وليّه. فالسنّة من ربّه كتمان سرّه، قال اللّه- عزّ وجلّ-: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ.

 (الحديث)

و

في كتاب الخصال ]  في مناقب عليّ- عليه السّلام- وتعدادها: قال أمير المؤمنين- عليه السّلام-: وأمّا الثالثة والثّلاثون، فإنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- التقم أذني فعلّمني ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، فساق اللّه ذلك إليّ على لسان نبيّه- صلّى اللّه عليه وآله-.

فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ: من بين يدي المرتضى وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً : حرسا من الملائكة، يحرسونه من اختطاف الشّياطين وتخاليطهم.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وقوله: عالِمُ الْغَيْبِ- إلى قوله: رَصَداً قال: يخبر اللّه رسوله الّذي يرتضيه بما كان قبله من الأخبار، وما يكون بعده من أخبار القائم والرّجعة والقيامة.

لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا، أي: ليعلم النّبيّ الموحى إليه أن قد أبلغ جبرئيل- عليه السّلام- والملائكة النّازلون بالوحي. أو ليعلم اللّه أن قد أبلغ الأنبياء، بمعنى: ليتعلّق علمه به موجودا.رِسالاتِ رَبِّهِمْ، كما هي محروسة عن التّغيير.

وَ أَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ: بما عند الرّسل وَأَحْصى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ عَدَداً :

حتّى القطر والرّمل.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قوله: مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ  قال: يعني: عليّا المرتضى من الرّسول، وهو منه [قال اللّه:] . فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً قال: في قلبه العلم ومن خلفه الرّصد، يعلّمه علمه ويزقّه العلم زقّا، ويعلّمه اللّه إلهاما، والرصد التّعليم من النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-.

لِيَعْلَمَ النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ [عليّ‏]  بما لدى الرّسول من العلم وَأَحْصى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ عَدَداً ممّا كان وممّا يكون منذ خلق اللّه آدم إلى أن تقوم السّاعة، من فتنة أو زلزلة أو خسف أو قذف أو أمّة هلكت فيما مضى أو تهلك فيما بقي. وكم من إمام جائر وعادل يعرفه باسمه ونسبه، ومن يموت موتا أو يقتل قتلا. [و كم من إمام مخذول لا يضرّه خذلان من خذله. وكم من إمام منصور لا ينفعه نصرة من نصره‏] .