سورة الصّفّ

سورة الصّفّ‏

و تسمّى سورة عيسى، وسورة الحواريّين.

مدنيّة.

و قيل : مكّيّة.

و آياتها أربع عشرة بلا خلاف.

بسم الله الرحمن الرحيم‏

في كتاب ثواب الأعمال ، بإسناده عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: من قرأ سورة الصّفّ وأدمن قراءتها في فرائضه ونوافله، صفّه اللّه مع ملائكته وأنبيائه المرسلين.

و

في مجمع البيان : ابيّ بن كعب، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قال: من قرأ سورة عيسى، كان عيسى مصلّيا مستغفرا له ما دام في الدّنيا، وهو يوم القيامة رفيقه.

سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .

سبق تفسيره.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ .

قيل : روي أنّ المسلمين قالوا: لو علمنا أحبّ الأعمال إلى اللّه لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا. فأنزل اللّه: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا فولّوا يوم أحد، فنزلت.و «لِمَ» مركّبة من «لام» الجرّ و«ما» الاستفهاميّة. والأكثر على حذف ألفها مع حروف الجرّ، لكثرة استعمالهما معا، واعتناقهما  في الدّلالة على المستفهم عنه.

كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ .

 «المقت» أشدّ البغض.

و نصبه على التّمييز للدّلالة على أنّ قولهم  هذا مقت خالص كبير عند من يحقّر دونه كلّ عظيم، مبالغة في المنع.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ. مخاطبة لأصحاب رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- الّذين وعدوه أن ينصروه، ولا يخالفوا أمره، ولا ينقضوا عهده في أمير المؤمنين- عليه السّلام-. فعلم اللّه أنّهم لا يفون بما يقولون فقال: لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (الآية) وقد سمّاهم اللّه المؤمنين بإقرارهم، وإن لم يصدّقوا.

و

في أصول الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: عدة المؤمن أخاه نذر لا كفّارة له، فمن أخلف فبخلف اللّه بدأ ولمقته تعرّض، وذلك قوله- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (الآية).

و

في نهج البلاغة : والخلف يوجب المقت عند اللّه والنّاس، قال اللّه- تعالى-:

كَبُرَ مَقْتاً (الآية).

و

فيه : قال- عليه السّلام-: كان لي فيما مضي أخ.

... الى أن قال: وكان يقول ما يفعل ، ولا يقول ما لا يفعل.

إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا: مصطفّين. مصدر وصف به.

كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ : في تراصّهم من غير فرجة. حال من المستكنّ في الحال الأولى.و «الرّصّ» اتّصال بعض البناء بالبعض واستحكامه.

و

في الكافي ، في حديث مالك بن أعين قال: حرّض أمير المؤمنين- عليه السّلام- النّاس بصفّين فقال:

إنّ اللّه- إلى أن [قال- عليه السّلام-: و]  قال- تعالى-: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ (الآية) فسوّوا صفوفكم كالبنيان المرصوص، فقدّموا الدّارع وأخّروا الحاسر، وعضّوا على النّواجذ  فإنّه أنبأ  للسّيوف عن  الهام، والتووا على أطراف الرّماح فإنّه امور للأسنّة، وغضّوا الأبصار فإنّه أربط للجأش وأسكن للقلوب، وأميتوا الأصوات فإنّه أطرد للفشل وأولى بالوقار، ولا تميلوا براياتكم ولا تزيّلوها، ولا تجعلوها إلّا مع شجعانكم فإنّ المانع للذّمار والصّابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ (الحديث).

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : ثمّ ذكر المؤمنين الّذين قاتلوا وجاهدوا في سبيل اللّه فقال : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ (الآية) قال: يصطفّون كالبنيان الّذي لا يزول.

و

في مصباح شيخ الطّائفة ، خطبة لأمير المؤمنين- عليه السّلام- خطب بها يوم الغدير، يقول فيها: واعلموا، أيّها المؤمنون، أنّ اللّه قال: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ (الآية) أ تدرون ما سبيل اللّه، ومن سبيله ؟ أنا سبيل  اللّه الّذي  نصبني للاتّباع بعد نبيّه.

و في شرح الآيات الباهرة : قال محمّد بن العبّاس: حدّثنا عليّ بن عبيد ومحمّد بن القاسم قالا جميعا: حدّثنا حسين بن الحكم، عن حسين  بن حسين، عن حيّان بن عليّ، عن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس في قوله: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ (الآية) قال: نزلت في عليّ، وحمزة، وعبيدة بن الحرث، وسهل بن حنيف، والحارث بن‏الصمّة ، وأبي دجانة.

و قال- أيضا- : حدّثنا الحسين بن محمّد، عن حجّاج بن يوسف، عن بشر  بن الحسين، عن الزّبير  بن عديّ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاس في قوله- تعالى-: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ (الآية) قال: قلت له: من هؤلاء؟

قال: عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام-، وحمزة أسد اللّه وأسد رسوله، وعبيدة بن الحارث، والمقداد بن الأسود.

و قال- أيضا- : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن ميسرة بن محمّد، [عن إبراهيم بن محمّد،]  عن ابن فضيل، عن حسّان بن عبد اللّه ، عن الضّحّاك بن مزاحم، عن ابن عبّاس قال: [كان‏]  عليّ- عليه السّلام- إذا صفّ في القتال كأنّه بنيان مرصوص يتّبع ما قال اللّه فيه فمدحه اللّه، وما قتل [من‏]  المشركين كقتله (أحد) .

وَ إِذْ قالَ مُوسى‏ لِقَوْمِهِ: مقدّر «با ذكر».

يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي: بالعصيان، والرّمي بالأدرة .

و في مجمع البيان : وَإِذْ قالَ مُوسى‏ (الآية). روي في قصّة قارون  أنّه دسّ إليه امرأة وزعم أنّه زنى بها، ورموه بقتل هارون.

وَ قَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ: بما جئتكم من المعجزات.

و الجملة حال مقرّرة للإنكار، فإنّ العلم بنبوّته يوجب تعظيمه ويمنع إيذاءه.

و «قد» لتحقيق العلم.

فَلَمَّا زاغُوا: عن الحقّ.

أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ: صرفها عن قبول الحقّ والميل إلى الصّواب.و في تفسير عليّ بن إبراهيم : أي: شكّك اللّه قلوبهم.

وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ : هداية موصلة إلى معرفة الحقّ، أو الجنّة.

وَ إِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ قيل : ولعلّه لم يقل: يا قوم- كما قال موسى- لأنّه لا نسب له فيهم.

إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً: في حال تصديقي لما تقدّمني من التّوراة، وتبشيري برسول يأتي [من بعدي‏] .

و العامل في الحالين ما في الرّسول من معنى: الإرسال، لا الجارّ لأنّه لغو إذ هو صلة للرّسول فلا يعمل .

بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ، يعني: محمّدا- صلّى اللّه عليه وآله-.

و المعنى: أنّ ديني التّصديق بكتب اللّه وأنبيائه، فذكر أوّل الكتب المشهورة الّذي حكم به النّبيّون والنّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- الّذي هو خاتم المرسلين .

فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ  الإشارة إلى ما جاء به، أو إليه. وتسميته سحرا للمبالغة، ويؤيّده قراءة  حمزة والكسائيّ: «هذا ساحر» على أنّ الإشارة إلى عيسى بن مريم.

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم : ثمّ حكى- تعالى- قول عيسى لبني إسرائيل: إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ- إلى قوله-: سِحْرٌ مُبِينٌ.

قال: وسأل بعض اليهود رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: لم سمّيت أحمد ومحمّدا وبشيرا ونذيرا؟

فقال: أمّا محمّد، فإنّي في الأرض محمود.  وأمّا أحمد، فإنّي في السّماء أحمدمنه [في الأرض‏] . (الحديث)

و

في عيون الأخبار ، في باب ما جاء عن الرّضا- عليه السّلام- من خبر الشّاميّ وما سأل عنه أمير المؤمنين- عليه السّلام- في جامع الكوفة، حديث طويل، وفيه: وقام إليه آخر وسأله عن ستّة من الأنبياء لهم اسمان.

فقال- عليه السّلام- يوشع بن نون وهو ذو الكفل- إلى أن قال: ومحمّد وهو أحمد.

و

بإسناده  إلى صفوان بن يحيى، صاحب السّابريّ، قال: سألني أبو قرّة، صاحب الجاثليق، أن أوصله إلى الرّضا، فاستأذنته في ذلك، فقال: أدخله عليّ.

فلمّا دخل عليه قبّل بساطه، وقال: هكذا علينا في ديننا أن نفعل بأشراف أهل زماننا.

ثمّ قال له: أصلحك اللّه، ما تقول في فرقة ادّعت دعوى فشهدت لهم فرقة أخرى معدلون؟

قال: الدّعوى لهم.

قال: فادّعت فرقة أخرى دعوى فلم يجدوا شهودا من غيرهم؟

قال: لا [شي‏ء لهم.

قال‏]  فإنّا نحن ادّعينا أنّ عيسى روح اللّه وكلمته فوافقنا على ذلك المسلمون، وادّعى المسلمون أنّ محمّدا- صلّى اللّه عليه وآله- نبيّ  فلم نتابعهم عليه، وما أجمعنا عليه خير ممّا افترقنا فيه.

فقال أبو الحسن- عليه السّلام-: ما اسمك؟

قال: يوحنّا.

قال: يا يوحنّا، إنّا آمنّا بعيسى روح اللّه وكلمته الّذي كان [يؤمن بمحمّد ويبشّر به ويقرّ على نفسه أنّه عبد مربوب، فإن كان عيسى الّذي هو عندك روح اللّه وكلمته ليس‏]  هو الّذي آمن بمحمّد وبشّر به، ولا هو الّذي أقرّ للّه- عزّ وجلّ- بالعبوديّة [و الربوبيّة] ، فنحن منه برآء، فأين أجمعنا ؟

فقام وقال لصفوان بن يحيى: قم، فما كان أغنانا عن هذا المجلس.

و

في كتاب الخصال : عن أبي أمامة قال: قلت: يا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- ما كان بدء أمرك؟

قال: دعوة أبي، إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمّي أنّه خرج منها شي‏ء أضاءت منه قصور الشّام.

عن أبي جعفر- عليه السّلام-: أنّ لرسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- عشرة أسماء، خمسة في القرآن، وخمسة ليست في القرآن، فأمّا الّتي في القرآن فمحمّد، وأحمد، وعبد اللّه، ويس، ون . (الحديث)

و

في كتاب التّوحيد ، في باب مجلس الرّضا- عليه السّلام- مع أصحاب المقالات: قال الجاثليق للرّضا- عليه السّلام-: ما تقول في نبوّة عيسى وكتابه، هل تنكر منهما شيئا؟

قال الرّضا- عليه السّلام-: أنا مقرّ بنبوّة عيسى وكتابه وما بشّر به أمّته وأقرّت به الحواريّون، وكافر بنبوّة كلّ عيسى لم يقرّ بنبوّة محمّد وكتابه ولم يبشّر به أمّته.

قال الجاثليق: أليس إنّما تقطع الأحكام بشاهدي عدل؟

قال: بلى.

قال: فأقم شاهدين من غير أهل ملّتك على نبوّة محمّد ممّن لا تنكره النّصرانيّة، وسلنا مثل ذلك من غير أهل ملّتنا.

قال الرّضا- عليه السّلام-: الآن جئت بالنّصفة، يا نصرانيّ، ألا تقبل منّي العدل المقدّم عند المسيح، عيسى بن مريم؟

قال الجاثليق: ومن هذا العدل، سمّه لي؟

قال : ما تقول في يوحنّا الدّيلميّ؟

قال: بخ بخ، ذكرت أحبّ  النّاس إلى المسيح.قال: فأقسمت عليك، هل نطق الإنجيل أنّ يوحنّا قال: إنّ المسيح أخبرني بدين محمّد العربيّ وبشّرني  به أنّه يكون من بعده، فبشّرت به الحواريّين فآمنوا به؟

قال الجاثليق: قد ذكر ذلك يوحنّا عن المسيح، وبشّر بنبوّة رجل وأهل بيته ووصيّه، ولم يلخّص متّى يكون ذلك، ولم يسمّ لنا القوم فنعرفهم.

قال الرّضا- عليه السّلام-: فإن جئناك بمن يقرأ الإنجيل فتلا عليك ذكر دين محمّد وأهل بيته وأمّته ، أ تؤمن به؟

قال: بلى .

قال الرّضا- عليه السّلام- لقسطاس الرّومّي: كيف حفظك للسّفر الثّالث من الإنجيل؟

قال: ما أحفظني له! ثمّ التفت إلى رأس الجالوت فقال له: أ لست تقرأ الإنجيل؟

قال: بلى، لعمري.

قال: فخذ عليّ السّفر الثّالث، فإن كان فيه ذكر محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- وأهل بيته وأمّته، فاشهدوا لي، وإن لم يكن فيه ذكره فلا تشهدوا لي.

ثمّ قرأ- عليه السّلام- السّفر الثّالث، حتّى إذا بلغ ذكر النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- وقف.

ثمّ قال: يا نصرانيّ، [أسألك بحقّ المسيح وأمّه أتعلم أنّي عالم بالإنجيل؟

قال: نعم.

ثمّ تلا علينا ذكر محمّد وأهل بيته وأمّته.

ثمّ قال: ما تقول، يا نصرانيّ؟]  هذا قول عيسى بن مريم ، فإنّ كذّبت ما نطق به الإنجيل، فقد كذّبت عيسى وموسى، ومتى أنكرت هذا الذّكر وجب عليك القتل، لأنّك تكون قد كفرت بربّك وبنبيّك وبكتابك.قال الجاثليق: لا أنكر ما قد بان لي من الإنجيل وأقرّبه.

قال الرّضا- عليه السّلام-: اشهدوا على إقراره.

ثمّ قال: يا جاثليق، سل عمّا بدا لك.

قال الجاثليق: أخبرني عن حواريّ عيسى بن مريم كم كان عدّتهم، وعن علماء الإنجيل كم كانوا؟

قال: الرّضا- عليه السّلام-: على الخبير سقطت، أمّا الحواريّون فكانوا اثني عشر رجلا وكان أعلمهم وأفضلهم الوقاء ، وأمّا علماء النّصارى فكانوا ثلاثة رجال: يوحنّا الأكبر بأخ ، ويوحنّا بقرقيسا ، ويوحنّا الدّيلميّ بزجان  وعنده كان ذكر النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- وذكر أهل بيته وأمّته، وهو الّذي بشّر أمّة عيسى- عليه السّلام- وبني إسرائيل به.

و

في كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة ، بإسناده إلى معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: بقي النّاس بعد عيسى خمسين ومائتي سنة بلا حجّة ظاهرة.

و

بإسناده  إلى يعقوب بن شعيب: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: كان بين عيسى ومحمّد- صلوات اللّه عليهما- خمسمائة عام، منها مائتان وخمسون عاما ليس فيها نبيّ ولا عالم ظاهر.

قلت: فما كانوا؟

قال: كانوا متمسّكين بدين عيسى.

قلت: فما كانوا؟

قال: كانوا مؤمنين.

ثمّ قال- عليه السّلام-: ولا تكون الأرض إلّا وفيها عالم.و

في كتاب علل الشّرائع ، بإسناده إلى الحسن بن عبد اللّه: عن آبائه، عن جدّه الحسن بن علي- عليهما السّلام- قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- فسأله أعلمهم، وفيما سأله قال: لأيّ شي‏ء سمّيت محمّدا  وأحمد وأبا القاسم وبشيرا ونذيرا وداعيا؟

فقال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: فأمّا محمّد، فإنّي محمود في الأرض. وأمّا أحمد، فإنّي محمود في السّماء. (الحديث)

و

في أصول الكافي : بإسناده إلى عبد الحميد بن أبي الدّيلم: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- حديث طويل، يقول فيه: فلمّا أن بعث اللّه المسيح، قال المسيح- عليه السّلام-:

إنّه سوف يأتي من بعدي نبيّ اسمه أحمد، من ولد إسماعيل، يجيئ بتصديقي وتصديقكم وعذري وعذركم.

و

في روضة الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: لم تزل الأنبياء تبشّر بمحمّد- صلّى اللّه عليه وآله- حتّى بعث اللّه المسيح عيسى بن مريم فبشر بمحمّد- صلّى اللّه عليه وآله-، وذلك قوله - تعالى-: يَجِدُونَهُ، يعني: اليهود والنّصارى مَكْتُوباً، يعني: صفة محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- عِنْدَهُمْ، يعني: في التّوراة والإنجيل يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ . وهو قول اللّه- عزّ وجلّ- يخبر عن عيسى: وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ. وبشّر موسى وعيسى بمحمّد، كما بشّر الأنبياء بعضهم ببعض، حتّى بلغت محمّدا.

و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

و

بإسناده  إلى عليّ بن عيسى، رفعه، قال: إنّ موسى ناجاه اللّه، فقال له في مناجاته: أوصيك، يا موسى، وصيّة الشّفيق المشفق بابن البتول، عيسى بن مريم، صاحب الأتان والبرنس والزّيت والزّيتون والمحراب.و من بعده بصاحب الجمل الأحمر الطّيّب الطّاهر المطهّر، فمثله في كتابك أنّه مؤمن مهيمن على الكتب كلّها، راكع ساجد راغب راهب، إخوانه المساكين وأنصاره قوم آخرون، ويكون في زمانه أزل وزلازل  وقتل وقلّة من المال، اسمه أحمد، محمّد الأمين، من الباقين، من ثلة الأوّلين الماضين‏

و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

و

في من لا يحضره الفقيه : وروى يونس بن عبد الرّحمن، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن الباقر- عليه السّلام- قال: إنّ اسم النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- في صحف إبراهيم الماحي، وفي توراة موسى الحادّ، وفي إنجيل عيسى أحمد، وفي الفرقان  محمّد- صلّى اللّه عليه وآله-.

قيل: فما تأويل الماحي؟

قال: الماحي صورة الأصنام، وماحي الأزلام والأوثان وكلّ معبود دون الرّحمن.

قيل: فما تأويل الحادّ؟

قال: يحادّ من حادّ اللّه ودينه، قريبا كان أو بعيدا.

قيل: فما تأويل أحمد؟

قال: حسن ثناء اللّه في الكتب بما حمد من أفعاله.

قيل: فما تأويل محمّد؟

قال: إنّ اللّه وملائكته وجميع أنبيائه ورسله وجميع أممهم يحمدونه ويصلّون عليه.

و

في عوالي اللآلي : وروي في الحديث: أنّ اللّه- تعالى- لمّا بشّر  عيسى بظهور نبيّنا، قال له في صفته: واستوص بصاحب الجمل الأحمر، والوجه الأقمر نكّاح النّساء.

و

في مجمع البيان : وصحّت الرّواية، عن الزّهريّ، عن محمّد بن جبير بن مطعم، عن أبيه قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: إنّ لي أسماء، أنا أحمد، وأنا محمّد،و أنا الماحي الّذي يمحو اللّه بي الكفر، وأنا الحاشر الّذي يحشر النّاس على قدمي، وأنا العاقب الّذي ليس بعدي نبيّ. أورده البخاريّ في الصّحيح.

وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعى‏ إِلَى الْإِسْلامِ، أي: لا أحد أظلم ممّن يدعى إلى الإسلام الظّاهر حقّيّته المقتضى له خير الدّارين، فيضع موضع إجابته الافتراء على اللّه بتكذيب رسوله وتسمية آياته سحرا، فإنّ يعمّ إثبات المنفيّ ونفي الثّابت.

و قرئ : «يدعى» يقال : دعاه وادّعاه، كلمسه والتمسه.

وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ : لا يرشدهم إلى ما فيه فلاحهم.

يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا، أي: يريدون أن يطفئوا، و«اللّام» مزيدة لما فيها من معنى الإرادة تأكيدا لها، كما زيدت لما فيها من معنى الإضافة تأكيدا لها في: لا أبا لك.

أو يريدون الافتراء ليطفئوا.

نُورَ اللَّهِ.

قيل : يعني: دينه، أو كتابه، أو حجّته.

بِأَفْواهِهِمْ: بطعنهم فيه.

وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ: مبلغ غايته بنشره وإعلانه.

و قرأ  ابن كثير وحمزة والكسائيّ وحفص، بالإضافة.

وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ : إرغاما لهم.

و في أصول الكافي : عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي- عليه السّلام- قال: سألته عن قول اللّه:

يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ.

قال: يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين- عليه السّلام- بأفواههم.

قلت: وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ؟قال: واللّه متمّ الإمامة لقوله : فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا فالنّور هو الإمام.

أحمد بن إدريس ، عن الحسن بن عبيد اللّه  عن محمّد بن الحسن وموسى بن عمر، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن عن الفضيل، عن أبي الحسن- عليه السّلام- قال: سألته عن قول اللّه- تبارك وتعالى-: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ.

قال: يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين بأفواههم.

قلت : قوله- تعالى-: وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ؟

قال: يقول : واللّه متمّ الإمامة، والإمامة هي النّور، وذلك قوله - تعالى-:

فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا قال: النّور هو الإمام- عليه السّلام-.

و

في كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة ، بإسناده إلى عمّار بن موسى السّاباطيّ:

عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سمعته وهو يقول: لم تخل الأرض من حجّة عالم يحيى فيها ما يميتون من الحقّ.

ثمّ تلا هذه الآية: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ [وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قوله: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ ].

قال: بالقائم من آل محمّد، إذا خرج يظهره اللّه على الدّين كلّه حتّى لا يعبد غير اللّه، وهو قوله- عليه السّلام-: يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا.

و

في شرح الآيات الباهرة : قال محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه-: حدّثنا عليّ بن‏عبد اللّه بن حاتم، عن إسماعيل بن إسحاق، عن يحيى بن هاشم، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر- عليه السّلام- أنّه قال: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ واللّه، لو تركتم هذا الأمر ما تركه اللّه.

و في هذا المعنى:

ما رواه محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن وهبان، عن أحمد بن جعفر الصوليّ، عن عليّ بن الحسين، عن حميد بن الرّبيع، عن هيثم  بن بشير، عن أبي إسحاق الحارث بن عبد اللّه الحاسديّ ، عن عليّ- عليه السّلام- قال: صعد رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- المنبر فقال:

إنّ اللّه نظر إلى أهل الأرض نظرة فاختارني منهم، ثمّ نظر ثانية فاختار عليّا أخي ووزيري ووارثي ووصيّي وخليفتي في أمّتي ووليّ كلّ مؤمن بعدي. من تولّاه تولّى اللّه، ومن عاداه عادى اللّه، ومن أحبّه أحبّ  اللّه، ومن أبغضه أبغض  اللّه، واللّه، لا يحبّه إلّا مؤمن ولا يبغضه إلّا كافر، وهو نور الأرض بعدي وركنها، وهو كلمة  اللّه التّقوى والعروة الوثقى. ثمّ تلا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا (الآية).

يا أيّها النّاس، ليبلّغ مقالتي هذه  شاهد كم غائبكم، اللّهمّ، إنّي أشهدك عليهم.

أيّها النّاس، وإنّ اللّه نظر ثالثة واختار بعدي وبعد أخي عليّ بن أبي طالب أحد عشر إماما، واحدا بعد واحد، كلّما هلك واحد قام واحد مثله، [مثلهم‏]  كمثل نجوم السّماء، كلّما غاب نجم طلع نجم، هداة مهديّون، لا يضرّهم كيد من كادهم (و لا خذلان من)  خذلهم، هو حجّة اللّه في أرضه وشهداؤه على خلقه. ومن أطاعهم أطاع اللّه، ومن عصاهم عصى اللّه، هم مع القرآن والقرآن معهم، [لا يفارقهم و]  لا يفارقونه‏حتّى يردوا عليّ الحوض.

هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‏: بالقرآن، أو المعجزة.

وَ دِينِ الْحَقِّ: والملّة الحنيفيّة.

لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ: ليعليه  على جميع الأديان وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ : لما فيه من محض التّوحيد وإبطال الشّرك.

و

في أصول الكافي : عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي- عليه السّلام- قال: قلت له: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ [بِالْهُدى‏ وَدِينِ الْحَقِّ.

قال: هو الّذي أرسل رسوله‏]  بالولاية لوصيّه، والولاية هي دين الحقّ.

قلت: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ.

قال: يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم، قال يقول اللّه: وَاللَّهُ مُتِمُّ [نُورِهِ‏]  ولاية القائم وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ بولاية عليّ- عليه السّلام-.

قلت: هذا تنزيل؟

قال: نعم، أمّا هذا الحرف فتنزيل، وأمّا غيره فتأويل.

و الحديث طويل.

أخذت منه موضع الحاجة.

و

في مجمع البيان : وروى العيّاشيّ، بالإسناد، عن عمران بن ميثم، عن عباية  أنّه سمع أمير المؤمنين- عليه السّلام- يقول: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‏ (الآية) أظهر ذلك بعد؟

قالوا: نعم.

قال: كلّا، فو الّذي نفسي بيده، حتّى لا نبقى قرية إلّا وينادى فيها بشهادة أن لا إله إلّا اللّه [محمّد رسول اللّه‏]  بكرة وعشيّا.

 

و

في شرح الآيات الباهرة : قال محمّد بن العبّاس: حدّثنا أحمد بن هوذة، عن‏إسحاق بن إبراهيم ، عن عبد اللّه بن حمّاد، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن قول اللّه- عزّ وجلّ- في كتابه: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ (الآية).

فقال: واللّه  ما نزل تأويلها بعد.

قلت: جعلت فداك، ومتى ينزل تأويلها؟

قال: حتّى يقوم القائم [إن شاء اللّه. فإذا خرج القائم‏]  لم يبق كافر ولا مشرك إلّا كره خروجه، حتّى لو أنّ كافرا أو مشركا في بطن صخرة لقالت الصّخرة: يا مؤمن، [في بطني‏]  كافر أو مشرك، فاقتله. قال: فيجيئه ويقتله.

و

يؤيّده: ما رواه - أيضا-، عن أحمد بن إدريس، عن عبد اللّه بن محمّد، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن عمران بن ميثم، عن عباية  بن ربعي أنّه سمع أمير المؤمنين- عليه السّلام- يقول: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‏ (الآية) أظهر ذلك بعد؟ كلّا والّذي نفسي بيده، حتّى لا تبقى قرية إلّا ونودي فيها بشهادة أن لا إله إلّا اللّه، وأن محمّدا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- بكرة وعشيّا.

و قال- أيضا- : حدّثنا يوسف بن يعقوب، عن محمّد بن أبي بكر المقريّ، عن نعيم بن سليمان، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عبّاس في قوله: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ (الآية) قال: لا يكون ذلك حتّى لا يبقى يهوديّ ولا نصرانيّ ولا صاحب ملّة إلّا [دخل في‏]  الإسلام، حتّى تأمن الشّاة والذّئب والبقرة والأسد والإنسان والحيّة، وحتّى لا تقرض فأرة جرابا، وحتّى توضع  الجزية ويكسر الصّليب ويقتل الخنزير.

و قوله: لِيُظْهِرَهُ (الآية) وذلك يكون عند قيام القائم.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى‏ تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ .

و قرأ  ابن عامر: «تنجّيكم» بالتّشديد.تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ:

استئناف مبيّن للتّجارة، والمراد به: الأمر. وإنّما جي‏ء بلفظ الخبر إيذانا بأنّ ذلك ممّا لا يترك.

ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ، يعني: ما ذكره من الإيمان والجهاد.

إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ : إن كنتم من أهل العلم، إذ الجاهل لا يعتدّ بفعله.

يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ: جواب للأمر المدلول عليه بلفظ الخبر. أو لشرط. أو استفهام دلّ عليه الكلام، تقديره: إن تؤمنوا وتجاهدوا، واهل تفعلون أن أدّلكم يغفر لكم. ويبعد جعله جواب «هل أدلّكم» لأنّ مجرّد دلالته لا يوجب المغفرة.

 [وَ يُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ .

الإشارة إلى ما ذكر من المغفرة]  وإدخال الجنّة.

و

في الكافي»: وفي حديث مالك بن أعين قال: حرّض أمير المؤمنين- عليه السّلام- النّاس بصفّين فقال:

إنّ اللّه دلّكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، وتشفي بكم على الخير  والإيمان باللّه والجهاد في سبيل اللّه، وجعل ثوابه [مغفرة للذّنب و]  [لذّات و]  مساكن طيّبة في جنّات عدن.

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم : وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا (الآية) فقالوا: [لو نعلم‏]  ما هي لبذلنا فيها الأموال والأنفس والأولاد.

فقال اللّه: تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (الآية).و

في مجمع البيان : وسأل الحسن  عمران  بن حصين وأبا هريرة عن تفسير قوله:

وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ.

فقالا: على الخبير سقطت، سألنا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- عن ذلك فقال:

قصر من لؤلؤ في الجنّة، في ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء، في كلّ دار سبعون بيتا من زمرّدة خضراء، في كلّ بيت سبعون سريرا، على كلّ سرير سبعون فراشا من كلّ لون، على كلّ فراش امرأة من الحور العين، في كلّ بيت سبعون مائدة، على كلّ مائدة سبعون لونا من الطّعام، في كلّ بيت سبعون وصيفا ووصيفة.

قال: ويعطي اللّه المؤمن من القوّة في غداة واحدة ما يأتي على ذلك كلّه.

و

في شرح الآيات الباهرة : تأويله: ما رواه الحسن بن أبي الحسن الدّيلميّ، عن رجاله، بإسناد متّصل إلى النّوفليّ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قال أمير المؤمنين- عليه السّلام-: أنا التّجارة المربحة المنجية من العذاب الأليم الّتي دلّ اللّه عليها في كتابه، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى‏ تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ.

و توجيه هذا التّأويل: أنّ حبّه وولايته هي التّجارة المربحة، وجاء بذلك على سبيل المجاز، ومثله: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ ، [أي: أهل القرية] .

و

يؤيّده: ما رواه الشيخ الطّوسيّ ، عن عبد الواحد بن الحسن، عن محمّد بن الجوينيّ قال: قرأت على عليّ بن أحمد الواحدي حديثا مرفوعا إلى النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- أنّه قال: لمبارزة عليّ- صلّى اللّه عليه وآله- لعمرو بن عبدودّ أفضل من عمل أمّتي إلى يوم القيامة.

و هي التّجارة المربحة المنجية من العذاب الأليم، يقول اللّه- تعالى-: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى‏ تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ- إلى قوله-: الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.فتكون حينئذ التّجارة الرّابحة المربحة  هي مبارزته لعمرو بن عبدودّ، ومن هاهنا قال: أنا التّجارة المربحة، أي: أنا صاحب التجارة المربحة.

وَ أُخْرى‏ تُحِبُّونَها: ولكم إلى هذه النّعمة المذكورة نعمة أخرى عاجلة محبوبة.

و في «تحبّونها» تعريض بأنّهم يؤثرون العاجلة على الآجلة.

و قيل : «أخرى» منصوبة بإضمار يعطكم، أو تحبّون. أو مبتدأ خبره نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ.

و هو على الأوّل بدل أو بيان، وعلى قول النّصب خبر محذوف.

و قد قرئ  بما عطف عليه بالنّصب على البدل، أو الاختصاص، أو المصدر .

وَ فَتْحٌ قَرِيبٌ: عاجل.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وَأُخْرى‏ تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ، يعني: في الدّنيا بفتح القائم- عليه السّلام-. و- أيضا- قال: فتح مكّة.

وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ : عطف على محذوف، مثل: قل: يا أيّها الّذين آمنوا وبشّر. أو على «تؤمنون» فإنّه في معنى الأمر، كأنّه قال: آمنوا وجاهدوا أيّها المؤمنون، وبشّرهم يا رسول اللّه بما وعدتهم عليهما عاجلا وآجلا.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ وقرأ  الحجازيّان وأبو عمرو، بالتّنوين واللّام، لأنّ المعنى: كونوا بعض أنصار اللّه.

كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ، أي: من جندي متوجّها إلى نصرة اللّه، ليطابق قوله : قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ.و الإضافة الأولى  إضافة أحد المتشاركين إلى الآخر لما بينهما من الاختصاص، والثّانية إضافة الفاعل إلى المفعول.

و التّشبيه باعتبار المعنى، إذ المراد: قل لهم كما قال عيسى، وكونوا أنصارا كما كان الحواريّون حين قال لهم عيسى: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ.

و الحواريّون أصفياؤه، وهم أوّل من آمن به. من الحور، وهو البياض. كانوا اثني عشر رجلا.

فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ، أي: بعيسى.

فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى‏ عَدُوِّهِمْ: بالحجّة والحرب، وذلك بعد رفع عيسى.

فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ : فصاروا غالبين.

و

في روضة الكافي : حدّثنا ابن محبوب، عن أبي يحيى، كوكب الدّم، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إنّ حواريّ عيسى كانوا شيعته، وإنّ شيعتنا حواريّونا. وما كان حواريّ عيسى بأطوع له من حواريّينا لنا، وإنّما قال عيسى: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فلا واللّه، ما نصروه من اليهود ولا قاتلوهم دونه، وشيعتنا- واللّه- لم يزالوا منذ قبض اللّه- عزّ ذكره- رسوله ينصروننا ويقاتلون دوننا ويحرقون ويعذّبون ويشرّدون في البلاد، جزاهم اللّه عنّا خيرا.

و قد قال أمير المؤمنين- عليه السّلام-: واللّه، لو ضربت خيشوم  محبّينا بالسّيف ما أبغضونا، وو اللّه، لو أدنيت  إلى مبغضينا وحثوت  لهم من المال ما أحبّونا.

و

في كتاب الاحتجاج  للطّبرسيّ- رحمه اللّه-: عن عليّ- عليه السّلام- حديث طويل، وفيه: ولم يخل أرضه من عالم بما يحتاج الخليقة إليه، ومتعلّم على سبيل نجاة، أولئك هم الأقلّون عددا، وقد بيّن اللّه ذلك من أمم الأنبياء وجعلهم مثلا لمن تأخّر، مثل قوله في حواريّ  عيسى بن مريم حيث قال لسائر بني إسرائيل:مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ، يعني: مسلمون لأهل الفضل فضلهم لا يستكبرون عن أمر ربّهم، فما أجابه منهم إلّا الحواريّون.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وقوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ  فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ قال:

الّتي كفرت هي الّتي قتلت شبيه عيسى وصلبته، والّتي آمنت هي الّتي قبلت شبيه عيسى حتى يقتل  فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا  عَلى‏ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ.

و في شرح الآيات الباهرة : [قال محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه-]  حدثنا أحمد بن عبد اللّه بن سايق ، عن محمّد بن عبد الملك بن زنجويه، عن عبد الرّزاق، عن معمّر قال: تلا قتادة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا (الآية) قال: كان محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- بحمد اللّه قد جاءه حواريّون فبايعوه ونصروه حتّى أظهر اللّه دينه، والحواريّون كلّهم من قريش.

فذكر عليّا وحمزة وجعفر وعثمان بن مظعون وآخرين.