سورة الماعون

سورة الماعون‏

 [و تسمّى سورة أ رأيت‏] .

مكّيّة.

و آيها ستّ أو سبع.

بسم الله الرحمن الرحيم‏

في ثواب الأعمال ، بإسناده: عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: من قرأ سورة أ رأيت الّذي يكذّب بالدّين في فرائضه ونوافله، قبل اللّه صلاته وصيامه، ولم يحاسبه بما كان منه في الحياة الدّنيا.

و في مجمع البيان : في حديث ابيّ: من قرأها غفر اللّه له، إن كان للزّكاة مؤدّيا.

أَ رَأَيْتَ: استفهام، معناه: التّعجّب.

و قرئ : «أريت» بلا همزة، إلحاقا بالمضارع . ولعلّ تصديرها بحرف الاستفهام سهّل أمرها. و«أ رأيتك»  بزيادة الكاف.

الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ : بالجزاء. أو الإسلام، والّذي يحتمل الجنس‏و العهد.

و في شرح الآيات الباهرة : قال محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه-: حدّثنا الحسن بن عليّ بن زكريّا بن عاصم، عن الهيثم، عن عبد اللّه الرّماديّ قال: حدّثنا عليّ بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه في قوله: أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ قال: بولاية أمير المؤمنين، عليّ- عليه السّلام-.

و روى محمّد بن جمهور ، عن عبد الرّحمن بن كثير، عن أبي جميلة، عن أبي أسامة، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قوله: أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ قال:

بالولاية، يعني: أنّ الدّين هو الولاية.

فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ : يدفعه دفعا عنيفا.

قيل : هو أبو جهل، كان وصيّا ليتيم فجاءه عريانا يسأله من مال نفسه، فدفعه. أو أبو سفيان، نحر جزورا فسأله يتيم لحما، فقرعه بعصاه. أو الوليد بن المغيرة.

أو منافق بخيل.

و قرئ : «يدع»، أي: يترك.

وَ لا يَحُضُّ: أهله وغيرهم.

عَلى‏ طَعامِ الْمِسْكِينِ : لعدم اعتقاده بالجزاء، ولذلك رتّب الجملة على يكذّب بالفاء .

فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ  الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ ، أي:

غافلون غير مبالين بها.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : [أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ‏]  قال: نزلت في أبي جهل وكفّار قريش. فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ، أي: يدفعه، يعني: عن حقّه.

وَ لا يَحُضُّ عَلى‏ طَعامِ الْمِسْكِينِ، أي: لا يرغب في إطعام المسكين.

ثمّ قال: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ.

قال: غنى به: تاركون، لأنّ كلّ إنسان يسهو في الصّلاة.

قال أبو عبد اللّه- عليه‏السّلام-: تأخير الصّلاة عن أوّل وقتها لغير عذر.

و في الخصال ، فيما علّم أمير المؤمنين- عليه السّلام- أصحابه من الأربعمائة باب  ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه: ليس عمل أحبّ إلى اللّه من الصّلاة، فلا يشغلكم  عن أوقاتها شي‏ء من أمور الدّنيا. فإنّ [اللّه- عزّ وجلّ-]  ذمّ أقواما فقال:

الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ، يعني: أنّهم غافلون، استهانوا بأوقاتها.

و في الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين، عن محمّد بن الفضيل ، قال: سألت عبدا صالحا [- عليه السّلام-] ، عن قوله- تعالى-: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ.

قال: هو التّضييع.

و روى العيّاشي ، بإسناده: عن يونس بن عمّار، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سألته عن قوله: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ أ هي وسوسة الشّيطان؟

فقال: لا، كلّ أحد يصيبه هذا، ولكن أن يغفلها ويدع أن يصلّي في أوّل وقتها.

و عن أبي أسامة ، زيد الشّحّام قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن قوله:

الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ.

قال: هو التّرك لها والتّواني عنها.

و عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن- عليه السّلام- قال: هو التّضييع.

الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ : يرون النّاس أعمالهم، ليروهم الثّناء عليهم.

و في مجمع البيان : الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ وهم الّذين يؤخّرون الصّلاة عن أوقاتها. عن ابن عبّاس ومسروق، وروي ذلك مرفوعا.و قيل: يريد المنافقين الّذين لا يرجون لها ثوابا إن صلّوا، ولا يخافون عليها عقابا إن تركوا، فهم عنها غافلون حتّى يذهب وقتها. فإذا كانوا مع المؤمنين، صلّوها رياء.

و إذا لم يكونوا معهم، لم يصلّوا. وهو قوله: الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ. عن عليّ- عليه السّلام- وابن عبّاس.

و في جوامع الجامع : ولا يكون الرّجل مرائيا بإظهار العمل الصّالح إن كان فريضة، فمن حقّ الفرائض الإعلام بها وتشهيرها

لقوله- عليه السّلام-: ولا غمّة في فرائض اللّه، لأنّها شعائر الدّين وأعلام الإسلام.

و قوله- عليه السّلام-: من صلّى الصّلوات الخمس جماعة، فطنّوا به كلّ خير.

و قوله لأقوام لم يحضروا الجماعة: لتحضرنّ المسجد أو لأحرقنّ عليكم  منازلكم.

و لأنّ تاركها يستحقّ الذّمّ والتّوبيخ، فوجب إماطة التّهمة بالإظهار. وإن كان تطوّعا فالأولى فيه الإخفاء، لأنّه ممّا لا يلام بتركه ولا تهمة فيه، فيكون أبعد عن  الرّياء. فإن أظهره قاصدا للاقتداء به كان حسنا، فإنّ الرّياء أن يقصد بإظهاره أن يراه النّاس فيثنوا عليه . على أنّ اجتناب الرّياء أمر صعب، إلّا على المخلصين، ولذلك‏

قال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: الرّياء أخفى من دبيب النّملة السّوداء في اللّيلة المظلمة على المسح الأسود.

وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ : الزّكاة. أو ما يتعاون  في العادة.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : [وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ‏]  قال: مثل السّراج والنّار والخمير وأشباه ذلك من الّذي يحتاج إليه النّاس.

و في رواية أخرى : الخمس والزّكاة.

و في مجمع البيان : وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ اختلف فيه، فقيل: هو الزّكاة المفروضة.

عن عليّ- عليه السّلام-. وروي ذلك عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-.

و

قيل : هو ما يتعاوره النّاس بينهم من الدّلو والفأس ، وما لا يمنع، كالماءو الملح. وروي ذلك مرفوعا.

و في الكافي : محمّد بن يحيى، [عن أحمد بن محمّد] ، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: والماعون- أيضا- هو القرض يقرضه، والمتاع يعيره، والمعروف يصنعه.

و الحديث طويل. أخذت من موضع الحاجة.

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن [الحسين بن‏]  سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبي المعزا، عن أبي بصير قال: كنّا عند أبي عبد اللّه- عليه السّلام- ومعنا بعض أصحاب الأموال، فذكروا الزّكاة.

فقال أبو عبد اللّه: إنّ الزّكاة ليس يحمد بها صاحبها، وإنّما هو شي‏ء ظاهر، إنّما حقن اللّه  بها دمه وسمّي به  مسلما، ولو لم يؤدّها لم تقبّل له صلاة، وإنّ عليكم في أموالكم غير الزّكاة.

فقلت: أصلحك اللّه، وما علينا في أموالنا غير الزّكاة؟

فقال: سبحان اللّه، أما تسمع اللّه يقول في كتابه: وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ إلى قوله وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ هو القرض يقرضه، والمعروف يصنعه ، ومتاع البيت  يعيره، ومنه الزّكاة.

فقلت له: إنّ لنا جيرانا إذا أعرناهم متاعا كسروه وأفسدوه، فعلينا جناح أن نمنعهم؟

فقال: لا، ليس عليكم جناح أن تمنعوهم إذا كانوا كذلك.

و في من لا يحضره الفقيه : ونهى رسول اللّه [- صلّى اللّه عليه وآله-]  أن يمنع أحد الماعون جاره، وقال: من منع الماعون جاره، منعه اللّه خيره يوم القيامة ووكّله إلى نفسه.

 [و من وكّله إلى نفسه‏]  فما أسوأ حاله.