سورة الواقعة

سورة الواقعة

مكّيّة.

و قيل : إلّا آية منها نزلت بالمدينة، وهي: وتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ.

و قيل : إلّا قوله: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ.

و قوله: أَ فَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ نزلت في سفره  إلى المدينة.]  وآياتها تسع وتسعون .

بسم الله الرحمن الرحيم‏

في ثواب الأعمال ، بإسناده عن  أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من قرأ في كلّ ليلة جمعة الواقعة  أحبّه اللّه، وحبّبه  إلى النّاس أجمعين، ولم ير في الدّنيا بؤسا أبدا ولا فقرا ولا فاقة ولا آفة من آفات الدّنيا، وكان من رفقاء أمير المؤمنين- عليه السّلام- وهذه السّورة لأمير المؤمنين- عليه السّلام- خاصّة لم يشركه فيها أحد.

و

بإسناده : عن الصّادق- عليه السّلام- قال: من اشتاق إلى الجنّة وإلى صفتها فليقرأ الواقعة، ومن أحبّ أن ينظر إلى صفة النّار فليقرأ سورة  لقمان.و

بإسناده  إلى أبي جعفر- عليه السّلام- قال: من قرأ الواقعة كلّ ليلة، قبل أن ينام، لقى اللّه ووجهه كالقمر ليلة البدر.

و

في مجمع البيان : أبيّ بن كعب قال : قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: من قرأ سورة الواقعة كتب انّه  ليس من الغافلين.

و

فيه : عن عبد اللّه بن مسعود قال: إنّى سمعت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- يقول: من قرأ سورة الواقعة كلّ ليلة لم تصبه فاقة أبدا.

و

في الخصال : عن عكرمة، عن ابن عبّاس قال: قال أبو بكر: يا رسول اللّه،- صلّى اللّه عليه وآله- أسرع إليك الشّيب.

قال: شيّبتني هود والواقعة والمرسلات وعمّ يتساءلون‏

 .

و

في الكافي : محمّد بن أحمد، عن عمّه، عبد اللّه بن الصّلت ، عن الحسن بن عليّ بن بنت إلياس، عن أبي  الحسن- عليه السّلام- قال: سمعته يقول: إنّ عليّ بن الحسين- عليهما السّلام- لمّا حضرته الوفاة أغشي  عليه، ثمّ فتح عينيه وقرأ: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ وإِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً. وقال: الحمد للّه الّذي صدقنا وعده (الآية) ثم قبض من ساعته ولم يقل شيئا.

إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ : إذا حدثت القيامة. سمّاها: واقعة، لتحقّق وقوعها.

و انتصاب «إذا» بمحذوف، [مثل:]  «اذكر». أو كان كيت وكيت.

لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ ، أي: لا يكون حين تقع نفس مكذّبة على اللّه.

أو تكذب في نفيها ، كما تكذب الآن، و«اللّام» مثلها في قوله- تعالى-:قَدَّمْتُ لِحَياتِي.

أو ليس لأجل وقعتها كاذبة، فإنّ من أخبر عنها صدق.

أو ليس لها حينئذ نفس تحدّث صاحبها بإطاقة شدّتها واحتمالها وتغريه عليها، من قولهم: كذّبت فلانا نفسه في الخطب العظيم: إذا شجّعته عليه وسوّلت له أنّه يطيقه.

و يحتمل أن يكون «الكاذبة» مصدرا، والمعنى: ليس فيها أو في الإخبار  بوقوعها كذب.

خافِضَةٌ رافِعَةٌ : تخفض قوما وترفع آخرين، وهو تقرير لعظمتها فإنّ الوقائع العظام كذلك.

أو بيان لما يكون حينئذ من خفض أعداء اللّه ورفع أوليائه.

أو إزالة الأجرام عن مجاريها، بنثر  الكواكب وتسيير الجبال [في الجوّ] .

و قرئتا ، بالنّصب، على الحال.

و

في الخصال : عن الزّهريّ قال: سمعت عليّ بن الحسين- عليهما السّلام- يقول: من لم يتعزّ بعزاء اللّه تقطّعت نفسه على الدّنيا حسرات، واللّه، ما الدنيا والآخرة إلّا ككفي الميزان فأيّهما رجح ذهب بالآخر .

ثمّ تلا قوله- تعالى-: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ، يعني: القيامة.يْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ، خافِضَةٌ

 خفضت، واللّه، بأعداء اللّه إلى النّار رافِعَةٌ رفعت واللّه  أولياء اللّه إلى الجنّة.

إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا : حرّكت تحريكا شديدا بحيث ينهدم ما فوقها من بناء وجبل.

و الظّرف متعلّق ب خافِضَةٌ رافِعَةٌ، أو بدل من إِذا وَقَعَتِ.

وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا : فتّتت حتّى صارت كالسّويق الملتوت، من بسّ السّويق: إذا لتّه. أو سيقت وسيّرت، من بسّ الغنم: إذا ساقها.فَكانَتْ هَباءً: غبارا.

مُنْبَثًّا : منتشرا.

و

في عيون الأخبار ، في باب ما جاء عن الرّضا- عليه السّلام- من الأخبار المجموعة، بإسناده إلى عليّ بن النّعمان: عن الرّضا- عليه السّلام- قال: قلت له:

جعلت فداك، إنّ في ثآليل  كثيرة قد اغتممت  بأمرها، فأسألك أن تعلّمني شيئا انتفع به.

قال: خذ لكلّ ثؤلول سبع شعيرات، واقرأ على كلّ شعيرة سبع مرّات: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ- إلى قوله- هَباءً مُنْبَثًّا. وقوله: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ إلى قوله: أَمْتاً.

ثم  تأخذ الشّعير شعيرة شعيرة فامسح بها على كلّ ثؤول ، ثمّ صيّرها في خرقة جديدة، واربط على الخرقة حجرا ، وألقها في الكنيف  قال: ففعلت، فنظرت إليها يوم السّابع فإذا هي مثل راحتي. وينبغي أن يفعل ذلك في محاق الشّهر.

و

في مصباح الكفعمي : عن عليّ- عليه السّلام-: يقرأ من به ثؤلول، فليقرأ عليها هذه الآيات سبعا في نقصان الشّهر: وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا، فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ، لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ قال:

القيامة هي حقّ.

 [و قوله:]  «خافضة» قال: بأعداء  اللّه.

 «رافعة» [قال:]  لأولياء اللّه.

إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا قال: يدقّ بعضها على بعض.وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا قال: قلعت الجبال قلعا.

فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا قال: «الهباء» الّذي يدخل في الكوّة من شعاع الشّمع.

وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً: أصنافا ثَلاثَةً : وكلّ صنف يكون، أو يذكر، مع صنف آخر زوج.

فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ، وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ : فأصحاب المنزلة السّنيّة وأصحاب المنزلة الدّنيئة، من تيمّنهم بالميامن وتشاؤمهم بالشّمائل .

أو الذين يؤتون صحائفهم بأيمانهم، والذين يؤتونها بشمائلهم.

أو أصحاب اليمن  والشّؤم، فإنّ السّعداء ميامين على أنفسهم بطاعتهم.

و الأشقياء مشائيم عليها بمعصيتهم.

و الجملتان الاستفهاميّتان خبران لما قبلهما بإقامة الظّاهر مقام الضّمير، ومعناهما:

التّعجّب  من حال الفريقين .

وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ : والّذين سبقوا إلى الإيمان والطّاعة بعد ظهور الحقّ، من غير تلعثم وتوان.

أو سبقوا في حيازة الفضائل والكمالات.

أو الأنبياء، فإنّهم متقدّمو أهل الإيمان، وهم الّذين عرفت حالهم وعرفت مآلهم، كقول أبي النّجم:

         وشعري شعري

 

 أو الّذين سبقوا إلى الجنّة.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً قال: يوم القيامة.فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وهم المؤمنون من أصحاب التّبعات يوقفون للحساب. وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ الّذين سبقوا إلى الجنّة [بلا حساب‏] .

و

في الكافي : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، رفعه، عن محمّد بن داود الغنويّ، عن الأصبغ بن نباتة قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين- عليه السّلام- فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ ناسا زعموا أنّ العبد لا يزني وهو مؤمن ولا يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر وهو مؤمن ولا يأكل الرّبا وهو مؤمن [و لا يسفك الدّم الحرام وهو مؤمن،]  فقد ثقل عليّ هذا وحرج منه صدي حين أزعم أنّ هذا العبد يصلّي صلاتي ويدعو دعائي ويناكحني وأناكحه ويوارثني وأوارثه، وقد خرج من الإيمان من أجل ذنب يسير أصابه.

فقال أمير المؤمنين- عليه السّلام-: صدقت، سمعت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- يقول، والدّليل عليه كتاب اللّه: خلق اللّه النّاس على ثلاث طبقات وأنزلهم ثلاث منازل، وذلك قول اللّه- تعالى- في الكتاب: «أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة والسّابقون ».

فأمّا ما ذكر من أمر السّابقين فهم  أنبياء مرسلون وغير مرسلين، جعل اللّه فيهم خمسة أرواح: روح القدس، وروح الإيمان، وروح القوّة، وروح الشّهوة، وروح البدن.

فبروح القدس بعثوا أنبياء مرسلين [و غير مرسلين‏]  وبها علموا الأشياء، وبروح الإيمان عبدوا اللّه ولم يشركوا به شيئا، وبروح القوّة جاهدوا عدوّهم وعالجوا معاشهم، وبروح الشّهوة أصابوا لذيذ الطّعام ونكحوا الحلال من شباب النّساء، وبروح البدن دبّوا ودرجوا، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم.

ثمّ قال: قال اللّه: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ. ثمّ قال في جماعتهم: وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ يقول: أكرمهم بها ففضّلهم على من سواهم، فهؤلاءمغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم.

ثمّ ذكر أصحاب الميمنة وهم المؤمنون حقّا بأعيانهم، جعل اللّه فيهم أربعة أرواح: روح الإيمان، وروح القوّة، وروح الشّهوة، وروح البدن. فلا يزال العبد يستكمل هذه الأرواح الأربعة حتّى تأتي عليه حالات.

فقال الرّجل: يا أمير المؤمنين، ما هذه الحالات؟

فقال: أمّا أوّلهنّ  فهو كما قال- تعالى-: وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى‏ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً. فهذا ينتقص منه جميع الأرواح وليس بالّذي يخرج من دين اللّه، لأنّ الفاعل به ردّه إلى أرذل العمر ، فهو لا يعرف للصّلاة وقتا ولا يستطيع التّهجّد باللّيل ولا بالنّهار ولا القيام في الصّف مع النّاس، فهذا نقصان من روح الإيمان وليس يضرّه شيئا.

و فيهم من ينتقص منه روح القوّة فلا يستطيع جهاد عدوّه ولا يستطيع طلب المعيشة.

و منهم من ينتقص منه روح الشّهوة، فلو مرّت به أصبح بنات آدم لم يحنّ إليها ولم يقم.

و تبقى روح البدن فيه، فهو يدبّ ويدرج حتّى يأتيه ملك الموت، فهذا بحال خير لأنّ اللّه هو الفاعل به.

و قد تأتي عليه حالات في قوّته وشبابه فيهمّ بالخطيئة، فيشجّعه روح القوّة ويزيّن له روح الشّهوة ويقوده روح البدن حتى يوقعه  في الخطيئة، فإذا لامسها نقص من الإيمان وتفصّى منه  فليس يعود فيه حتّى يتوب، فإذا تاب تاب اللّه عليه، وإن عاد أدخله اللّه نار جهنّم.

فأمّا أصحاب المشأمة فهم اليهود والنّصارى، يقول اللّه: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ يعرفون محمّدا والولاية في التّوراة والإنجيل، كما يعرفون أبناءهم في منازلهم وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ أنّك الرّسول إليهم فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ. فلمّا جحدوا ما عرفوا ابتلاهم اللّه‏بذلك، فسلبهم اللّه روح الإيمان وأسكن أبدانهم ثلاثة أرواح: روح القوّة، وروح الشّهوة، وروح البدن. ثمّ أضافهم إلى الأنعام فقال: إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ. لأنّ الدّابّة إنّما تحمل بروح القوّة، وتعتلف بروح الشّهوة، وتسير بروح البدن.

فقال [له‏]  السّائل: أحييت قلبي بإذن اللّه، يا أمير المؤمنين.

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم : أخبرنا الحسن بن عليّ، عن أبيه، [عن الحسن بن سعيد] ، عن الحسين بن علوان الكلبيّ، عن عليّ بن الحسين العبديّ، عن أبي هارون العبديّ، عن ربيعة السّعديّ ، عن حذيفة بن اليماني، أنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- أرسل إلى بلال فأمره أن ينادي  بالصّلاة قبل وقت كلّ يوم في شهر رجب ليلة  عشر خلت منه.

قال: فلمّا نادى بلال  بالصّلاة فزع النّاس من ذلك فزعا شديدا وذعروا، وقالوا: رسول اللّه بين أظهرنا لم يمت ولم يغب عنّا.

فاجتمعوا [و حشدوا] ، فأقبل رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- يمشي حتّى انتهى إلى باب من أبواب المسجد، فأخذ بعضادته، وفي المسجد مكان يسمى السّدرة ، فسلّم ثمّ قال: هل تسمعون، يا أهل السّدرة ؟

فقالوا: سمعنا وأطعنا.

فقال: هل تبلّغون؟

قالوا: ضمنا ذلك لك، يا رسول اللّه.- صلّى اللّه عليه وآله-.

فقال: رسول اللّه يخبركم أنّ اللّه خلق الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما، وذلك قوله: أصحاب اليمين وأصحاب الشمال وأنا من أصحاب اليمين وأنا خير من أصحاب اليمين. ثمّ جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها ثلثا ، وذلك قوله- تعالى-:

فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ، وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ، وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ‏. [فأنا من السابقين‏]  وأنا خير السّابقين. (الحديث).

و

في مجمع البيان : وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ وقد قيل في السّابقين.

... إلى قوله: وقيل: إلى الصّلوات الخمس ... عن عليّ- عليه السّلام-.

و

عن أبي جعفر- عليه السّلام-  قال: السّابقون أربعة: ابن آدم المقتول، وسابق في أمّة موسى وهو مؤمن آل فرعون، وسابق من أمة عيسى وهو حبيب النّجار، والسّابق في أمّة محمّد رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام-.

و

في روضة الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن ابن أبي عمير، عن عمرو بن أبي المقدام قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: قال أبي لأناس من الشّيعة: أنتم شيعة اللّه، وأنتم أنصار اللّه، وأنتم السّابقون الأوّلون والسّابقون الآخرون والسّابقون في الدّنيا والسّابقون في الآخرة إلى الجنّة. (الحديث)

و

في الخصال : عن رجل من همدان، عن أبيه قال: قال [عليّ بن أبي طالب‏]

 السّبّاق خمسة: فأنا سابق العرب، وسلمان سابق الفرس، وصهيب سابق الرّوم، وبلال سابق الحبش، وخباب سابق النّبط.

و

في كمال الدّين وتمام النّعمة ، بإسناده إلى خيثمة الجعفيّ: أن أبي جعفر- عليه السّلام- حديث طويل، وفيه يقول: ونحن السّابقون السّابقون ، ونحن الآخرون.

و

في الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ، عن جابر الجعفيّ قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: يا جابر، إنّ اللّه خلق الخلق ثلاثة أصناف، وهو قوله: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً، فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ، وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ، وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فالسّابقون هم رسل  اللّه وخاصّة اللّه من خلقه، جعل فيهم خمسة أرواح: أيّدهم بروح القدس فبه عرفوا الأشياء، وأيّدهم بروح الإيمان فبه‏خافوا اللّه، وأيّدهم بروح القوّة فبه قدروا على طاعة اللّه، وأيّدهم بروح الشّهوة فبه اشتهوا طاعة اللّه وكرهوا معصيته، وجعل فيهم روح المدرج الّذي به يذهب النّاس ويجيئون.

و جعل في المؤمنين أصحاب الميمنة روح الإيمان فبه خافوا اللّه، وجعل فيهم روح القوّة فبه قووا  على طاعة اللّه، وجعل فيهم روح الشّهوة فبه اشتهوا طاعة اللّه، وجعل فيهم روح المدرج الّذي به يذهب النّاس ويجيئون.

أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ، فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ : الّذين قربت درجاتهم في الجنّة وأعليت مراتبهم.

و

في الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد قال: حدّثنا أبو عمرو الزّبيريّ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قلت له: إنّ للإيمان درجات ومنازل يتفاضل  المؤمنون فيها عند اللّه؟

قال: نعم.

قلت: صفه لي، رحمك اللّه، حتّى أفهمه.

قال: إنّ اللّه سبّق بين المؤمنين، كما يسبق بين الخيل يوم الرّهان، ثمّ فضّلهم على درجاتهم في السّبق إليه، فجعل كلّ امرئ منهم على درجة سبقه لا ينقصه فيها من حقّه، ولا يتقدّم مسبوق سابقا ولا مفضول فاضلا، تفاضل بذلك أوائل هذه الأمّة وأواخرها.

و لو لم يك للسّابق إلى الإيمان فضل على المسبوق إذا للحق آخر هذه الأمّة بأوّلها، نعم، ولتقدّموهم إذا لم يكن لمن سبق إلى الإيمان الفضل على من أبطأ عنه، ولكن بدرجات الإيمان قدّم اللّه السّابقين وبالإبطاء عن الإيمان أخر اللّه المقصّرين، لأنّا نجد من المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملا من الأوّلين وأكثره صلاة وصوما وحجّا وزكاة وجهادا وإنفاقا.

و لو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضا عند اللّه لكان الآخرون بكثرة العمل متقدّمين على الأوّلين، ولكن أبى اللّه أن يدرك آخر درجات الإيمان أوّلها ويقدّم فيها من أخرّ الله أو يؤخّر فيها من قدّم الله.قلت: أخبرني عمّا ندب اللّه المؤمنين إليه من الاستباق إلى الإيمان.

فقال: قول اللّه: سابِقُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ. وقال: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ. (الحديث)

و

في أمالي شيخ الطّائفة ، بإسناده إلى ابن عبّاس قال: سألت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- عن قول اللّه- تعالى-: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ.

فقال: قال لي جبرئيل: ذلك عليّ وشيعته، هم السّابقون إلى الجنّة المقرّبون من اللّه بكرامته  لهم.

و

في روضة الواعظين  للمفيد- رحمه اللّه-: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: زرارة وأبو بصير ومحمّد بن مسلم وبريد من الّذين قال اللّه: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ.

و قال- عليه السّلام-: ما أحيى  ذكرنا وأحاديثنا  وقال إلّا زرارة، وأبو بصير، ليث المراديّ، ومحمّد بن مسلم، وبريد بن معاوية العجليّ . ولو لا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا، هؤلاء  حفّاظ  الدّين وأمناه أبي على حلال اللّه وحرامه، وهم السّابقون إلينا في الدّنيا والسّابقون إلينا في الآخرة.

و

قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-  لأناس من الشّيعة: أنتم شيعة اللّه، وأنتم أنصار اللّه، وأنتم السّابقون الأوّلون والسّابقون الآخرون [إلينا] ، السّابقون في الدّنيا إلى ولايتنا والسّابقون في الآخرة إلى الجنّة، قد ضمنا لكم الجنّة بضمان اللّه وبضمان رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-.

و

قال أبو الحسن، موسى- عليه السّلام- : إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين‏حواري محمّد بن عبد اللّه رسول اللّه، الّذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان، وأبو ذرّ، والمقداد.

ثمّ ينادي: أين حواري عليّ بن أبي طالب وصي محمّد بن عبد اللّه رسول اللّه؟

فيقوم عمرو بن الحمق الحرّاعيّ، ومحمد بن أبي بكر وميثم بن يحيى التّمار، مولى بني أسد، وأويس القرنّي.

قال : ثمّ ينادي مناد: أين حواري الحسن بن عليّ بن فاطمة بنت محمّد بن عبد اللّه رسول اللّه؟- صلّى اللّه عليه وآله- فيقوم سفيان بن أبي ليلى  الهمدانيّ، وحذيفة بن أسد الغفاريّ.

قال: ثمّ ينادي مناد: أين حواري الحسين بن عليّ؟

فيقوم من أستشهد معه ولم يتخلّف عليه.

قال: ثمّ ينادي: أين حواري عليّ بن الحسين؟- عليهما السّلام- فيقوم جبير بن مطعم، ويحيى بن أمّ الطّويل، وأبو خالد الكابليّ، وسعيد بن المسيّب.

ثمّ ينادي: أين حواري محمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد؟ فيقوم عبد اللّه بن شريك العامريّ، وزرارة بن أعين، وبريد بن معاوية العجليّ، [و محمد بن مسلم‏]» وأبو بصير، ليث بن البختريّ المراديّ، وعبد اللّه بن أبي يعفور ، وعامر بن عبد اللّه بن جذاعة، وحجر بن زائدة، وحمران بن أعين ثمّ ينادي سائر الشّيعة مع سائر الأئمّة يوم القيامة، فهؤلاء أوّل السّابقين وأوّل المقرّبين وأوّل المتحوّرين  من التّابعين.

و

في عيون الأخبار ، في باب ما جاء عن الرّضا- عليه السّلام- من الأخبار المجموعة، بإسناده: عن عليّ- عليه السّلام- قال: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ فيّ نزلت.

و

في كمال الدّين وتمام النّعمة ، بإسناده إلى سليم بن قيس الهلاليّ : عن أمير المؤمنين- عليه السّلام- أنّه قال في جمع من المهاجرين والأنصار [في المسجد]  أيّام خلافةعثمان: [فأنشدكم باللّه‏]  أ تعلمون حيث نزلت وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ والسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ سئل عنها رسول اللّه، فقال: أنزلها اللّه في الأنبياء وأوصيائهم، فأنا أفضل أنبيائه ورسله، وعليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- وصيي أفضل الأوصياء؟

قالوا: اللّهمّ، نعم.

و في شرح الآيات الباهرة : تأويله ورد من طريق العامة والخاصّة:

أمّا العامّة فهو: ما رواه أبو نعيم الحافظ، عن رجاله، مرفوعا إلى ابن عبّاس قال: إنّ سابق هذه الأمّة عليّ بن أب طالب- عليه السّلام-. ومن كان إلى الإسلام أسبق كان أولى بنبيّه السابقون إليه، وأحرى بخصائص المثنى عليه .

و أمّا ما ورد عن الخاصّة فهو: ما رواه محمّد بن العبّاس، عن أحمد بن محمّد الكاتب، عن حميد  بن الرّبيع عن الحسين بن حسن الأشقر ، عن سفيان بن عيينة، عن أبي نجيح ، عن عامر، عن ابن عبّاس قال: سبق النّاس ثلاثة: يوشع صاحب موسى الى موسى، وصاحب ياسين إلى عيسى، وعليّ بن أبي طالب إلى النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-.

و قال- أيضا- : حدّثنا الحسين بن عليّ المقريّ، عن أبي بكر، محمّد بن إبراهيم الجواني ، عن محمّد بن عمرو الكوفيّ، عن الحسين الأشقر، عن ابن عينية، عن عمرو  بن دينار، عن طاوس، عن ابن عبّاس قال: السابق : حزقيل مؤمن آل فرعون [إلى موسى‏] ، وحبيب صاحب ياسين إلى عيسى، وعليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- إلى محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- وهو أفضلهم.و قال -

أيضا-: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، بإسناده، عن رجاله، عن سليم  بن قيس، عن الحسين  بن عليّ- عليهما السّلام- في قوله: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ [قال: أبي أسبق السابقين‏]  إلى اللّه وإلى رسوله، وأقرب المقرّبين  إلى اللّه وإلى رسوله.

و

روى المفيد  قال: أخبرنا عليّ بن الحسين- عليهما السّلام-، بإسناده، إلى داود الرّقيّ قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: جعلت فداك، أخبرني عن قول اللّه- سبحانه-: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ.

فقال: نطق اللّه بهذا يوم ذرأ الخلق في الميثاق، قبل أن يخلق الخلق بألفي عام.

قلت: فسّر لي [ذلك‏] .

فقال: إنّ اللّه لمّا أراد أن يخلق الخلق خلقهم من طين ورفع لهم نارا، وقال:

ادخلوها. فكان أوّل من دخلها محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- وأمير المؤمنين- عليه السّلام- والحسن والحسين- عليهما السّلام- والتّسعة الأئمّة، إماما  بعد إمام، ثمّ اتّبعتهم شيعتهم، فهم واللّه السّابقون.

و

في أمالي الشّيخ- رحمه اللّه- : عن ابن عبّاس قال: سألت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- [عن قول اللّه- عزّ وجلّ-.]  وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ.

فقال: قال لي جبرئيل: ذلك عليّ وشيعته، وهم السّابقون إلى الجنّة، المقرّبون من  اللّه بكرامته لهم.

ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ، أي: هم جماعة كثيرة من الأوّلين، يعني: الأمم السّالفة، من لدن آدم إلى محمّد- صلّى اللّه عليه وآله-.

و اشتقاقها من الثّلّ ، وهو القطع.وَ قَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ، يعني: أمّة محمّد- صلّى اللّه عليه وآله-.

و لا يخالف ذلك قوله: إنّ أمّتي يكثرون سائر الأمم. لجواز أن يكون سابقون سائر الأمم أكثر من سابقي هذه الأمّة، وتابعو هذه الأمّة  أكثر من تابعيهم.

و لا يردّه قوله في أصحاب اليمين: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ، وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ لأنّ كثرة الفريقين لا تنافي أكثريّة أحدهما.

و

في روضة الواعظين  للمفيد: قال الصّادق- عليه السّلام-: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ابن آدم المقتول، ومؤمن آل فرعون، وصاحب يس . وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام-.

و

في روضة الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان، عن عليّ بن عيسى، رفعه قال: إنّ موسى- عليه السّلام- ناجاه اللّه، فقال له في مناجاته: أوصيك، يا موسى، وصيّة الشّفيق المشفق بابن البتول، عيسى بن مريم، صاحب الأتان والبرنس والزّيت والزّيتون المحراب ، ومن بعده بصاحب الجمل الأحمر الطّيّب الطّاهر المطهّر، اسمه أحمد، محمّد الأمين، من الباقين، من ثلّة الأوّلين. (الحديث)

و

في شرح الآيات الباهرة : عن محمّد بن حريز، عن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن الحسين، عن محمّد بن الفرات، عن جعفر بن محمّد- عليه السّلام- في قوله: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ، وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ قال: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ابن آدم المقتول ، ومؤمن آل فرعون، وحبيب النّجار صاحب يس. وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام-.عَلى‏ سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ : خبر آخر للضّمير المحذوف .

و «الموضونة» المنسوجة بالذّهب، مشبّكة بالدّرّ والياقوت. أو المتواصلة، من الوضن ، وهو نسج الدّرع.

مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ : حالان من الضّمير في «على سرر» .

يَطُوفُ عَلَيْهِمْ: للخدمة وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ : مستبقون أبدا على هيئة الولدان وطراوتهم.

و

في مجمع البيان : واختلف في هذه الولدان، فقيل: إنّهم أولاد أهل الدّنيا، لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها ولا سيّئات فيعاقبوا عليها ، فأنزلوا  هذه المنزلة ... عن عليّ- عليه السّلام-.

و

قد روي ، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- أنّه سئل عن أطفال المشركين.

فقال: هم خدم  أهل الجنّة.

بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ: حال الشرب وغيره.

و «الكوب» إناء لا عروة له ولا خرطوم له، و«الإبريق» إناء له ذلك.

وَ كَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ : من خمر.

لا يُصَدَّعُونَ عَنْها: بخمار.

وَ لا يُنْزِفُونَ : ولا تنزف عقولهم. أولا ينفد شرابهم.

و قرأ  الكوفيّون بكسر الزّاي.

و قرئ : «لا يصدّعون» بمعنى: لا يتصدّعون، أي: لا يتفرّقون.

وَ فاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ ، أي: يختارون.

وَ لَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ : يتمنّون.و

في الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد اللّه بن  سنان قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن سيّد الأدام في الدّنيا والآخرة.

قال: اللّحم، أما سمعت اللّه يقول : وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ.

عليّ بن محمد بن بندار ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن محمّد بم عليّ، عن عيسى بن عبد اللّه العلويّ، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ- عليه السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: اللّحم سيّد الطّعام في الدّنيا والآخرة.

و

عنه ، عن عليّ بن الرّيان، رفعه إلى أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: سيّد أدام الجنّة اللّحم.

وَ حُورٌ عِينٌ : عطف على «ولدان». أو مبتدأ محذوف الخبر، أي:

و فيها، أو ولهم حور عين واسعات العين.

و قرأ  حمزة والكسائيّ، بالجرّ، عطفا على «جنّات» بتقدير مضاف، أي: هم في جنّات ومضاجعة  حور . أو على «أكواب»  لأنّ معنى يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ، بِأَكْوابٍ: يتنعّمون  بأكواب.

و قرئتا ، بالنّصب، على: ويؤتون حورا .

كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ : المصون عمّا يضرّبه في الصّفاء والنّقاء.

جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ، أي: يفعل ذلك كلّه بهم جزاء لأعمالهم.

لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً: باطلا .

وَ لا تَأْثِيماً : ولا نسبة إلى إثم، أي: لا يقال لهم: أثمتم.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم  [و قوله:]  لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً قال:الفحش والكذب [و الغناء] .

إِلَّا قِيلًا، أي: قولا.

سَلاماً سَلاماً : بدل من «قيلا»، كقوله: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً. أو صفته أو مفعوله»

، بمعنى: إلّا أن يقولوا سلاما سلاما. أو مصدر، والتّكرير للدّلالة على فشو السّلام بينهم.

و قرئ : «سلام سلام» على الحكاية.

وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ .

في علل الشّرائع ، بإسناده إلى ابن أذينة: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: كنّا عنده فذكرنا رجلا من أصحابنا، فقلنا: فيه حدّة.

فقال: من علامة  المؤمن أن يكون فيه حدّة.

قال: فقلنا له: إن عامّة أصحابنا فيهم حدّة.

فقال: إنّ اللّه في وقت ما ذرأهم أمر أصحاب اليمين، وأنتم هم، أن يدخلوا النّار فدخلوها، فأصابهم وهج ، فالحدّة من ذلك الوهج. وأمر أصحاب الشّمال، وهم مخالفوهم، أن يدخلوا النّار فلم يفعلوا، ومن ثمّ  لهم سمت  ولهم وقار.

فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ : لا شوك فيه، من خضد الشّوك: إذا قطعه. أو مثني أغصانه من كثرة حمله، من خضد الغصن: إذ أثناه وهو رطب.

وَ طَلْحٍ: وشجر موز، أو أمّ غيلان ، وله أنوار كثيرة طيّبة الرّيح.

و قرئ ، بالعين.

مَنْضُودٍ : نضد حمله من أسفله إلى أعلاه .و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وقوله: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ قال: شجر لا يكون له ورق ولا شوك [فيه‏] .

و

قرأ أبو عبد اللّه- عليه السّلام- : وطلع منضود قال: بعضه إلى بعض.

و

في مجمع البيان : وروت العامّة، عن عليّ- عليه السّلام- أنّه قرأ عنده رجل:

وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ فقال: ما شأن الطّلح، إنّما هو وطلع، كقوله: وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ.

فقيل له: ألا تغيّره؟

فقال: إنّ القرآن لا يهاج اليوم ولا يحرّك. رواه عنه ابنه، الحسن، وقيس بن سعد.

و

رواه  أصحابنا، عن يعقوب بن شعيب، قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ؟

قال: لا [و طلع منضود] .

وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ : منبسط، لا يتقلّص ولا يتفاوت.

و

في مجمع البيان : وورد في الخبر: أنّ في الجنّة شجرة يسير الرّاكب في ظلّها مائة سنّة لا يقطعها، اقرؤوا إن شئتم: وَظِلٍّ مَمْدُودٍ.

و

روي - أيضا- أنّ أوقات الجنّة كغدوات الصّيف، لا يكون فيه حرّ ولا برد.

و

في روضة الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمّد بن إسحاق المدنيّ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: سئل رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- ونقل حديثا طويلا، يقول فيه- صلّى اللّه عليه وآله- حاكيا حال أهل الجنّة: ويزور بعضهم بعضا، ويتنعّمون في جنّاتهم في ظلّ ممدود في مثل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشّمس وأطيب من ذلك.

وَ ماءٍ مَسْكُوبٍ : يسكب لهم أن شاءوا وكيف شاءوا بلا تعب، أومصبوب سائل، كأنّه لمّا شبّه حال السّابقين في التّنعّم بأعلى  ما يتصور لأهل المدن، شبّه حال أصحاب اليمين بأكمل ما يتمنّاه أهل البوادي، إشعارا بالتّفاوت بين الحالين .

وَ فاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ : كثيرة  الأجناس.

لا مَقْطُوعَةٍ: لا تنقطع في وقت.

وَ لا مَمْنُوعَةٍ : لا تمتنع عن متناوليها بوجه.

و

 

في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثني أبي، عن بعض أصحابه، رفعه قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: لمّا دخلت الجنّة رأيت فيها شجرة طوبى، أصلها في دار عليّ، وما في الجنّة قصر ولا منزل إلّا وفيها فرع منها ، أعلاها أسفاط حلل من سندس وإستبرق، يكون للعبد المؤمن ألف ألف سفط، في كلّ سفط  مائة  حلّة، ما فيها حلّة تشابه  الأخرى على ألوان مختلفة، وهو ثياب أهل الجنّة، وسطها ظلّ ممدود [في عرض الجنّة،]  وعرض الجنّة  كعرض السّماء والأرض أعدّت للّذين آمنوا باللّه ورسله ، يسير الرّاكب في ذلك الظّلّ مسيرة مائتي  عام فلا يقطعه، وذلك قوله: وَظِلٍّ مَمْدُودٍ.

و أسفلها ثمار أهل الجنّة وطعامهم متذلّل في بيوتهم، يكون في القضيب منها مائة لون من الفاكهة ممّا رأيتم في دار الدّنيا وممّا لم تروه وما سمعتم به وما لم تسمعوا مثلها، وكلّ ما يجتنى منها شي‏ء تنبت  مكانها أخرى لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ. (الحديث)

و

في روضة الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمد بن‏إسحاق المدني، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: سئل رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-.

و ذكر حديثا، يقول فيه، حاكيا حال أهل الجنّة: والثّمار دانية منهم، وهو قوله- تعالى-:

وَ دانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا. من قربها منهم، يتناول المؤمن من النّوع الّذي يشتهيه من الثّمار بفيه وهو متّكئ، وأنّ الأنواع من الفاكهة ليقلن لوليّ اللّه: يا وليّ اللّه، كلني قبل أن تأكل هذا قبلي.

و

في الاحتجاج  للطبرسي: عن الصّادق- عليه السّلام- حديث طويل، وفيه قال السّائل: فمن أين قالوا: إنّ أهل الجنّة يأتي الرّجل منهم إلى ثمرة يتناولها، فإذا أكلها عادت كهيئتها؟

قال- عليه السّلام-: نعم، ذلك على قياس السّراج، يأتي القابس فيقتبس منه  فلا ينقص من ضوء شيئا  وقد امتلأت  منه الدّنيا سراجا.

وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ : رفيعة القدر، أو منضّدة مرتفعة.

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم- رحمه اللّه -: وقوله: لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ (الآية) حدّثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن إسحاق، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: سأل عليّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- عن تفسير هذه الآية، فقال:

بماذا  بنيت هذه الغرف، يا رسول اللّه؟- صلّى اللّه عليه وآله-.

فقال: يا عليّ، تلك غرف بناها اللّه لأوليائه بالدّرّ والياقوت والزّبرجد، سقوفها الذّهب محبوكة بالفضّة، لكلّ غرفة منها ألف باب من ذهب، على كلّ باب منها ملك موكّل به، وفيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير والدّيباج بألوان مختلفة، وحشوها المسك والعنبر والكافور، وذلك قوله- تعالى-: وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ. (الحديث).

و في روضة الكافي ، مثله سواء.

و في مجمع البيان : وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ، أي: بسط عالية.

... إلى قوله: وقيل: معناه: ونساء مرتفعات القدر في عقولهنّ وحسنهنّ‏و كما لهنّ ... عن الجبّائيّ.

قال: ولذلك عقّبه بقوله : إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً، فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً. ويقال لامرأة الرّجل: هي  فراشه. ومنه‏

قول النّبي- صلّى اللّه عليه وآله-: الولد للفراش، وللعاهر الحجر

 (انتهى).

و قيل : ارتفاعها أنّها على الأرائك.

إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً ، أي: ابتدأناهنّ ابتداء جديدا من غير ولادة، ابتداء أو إعادة .

فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً  عُرُباً: متحبّبات إلى أزواجهنّ جمع، عروب، وهي المتحبّبة إلى زوجها أو العاشقة.

و قيل  «العروب»  اللّعوب مع زوجها أنسابه، كأنسب العربي  بكلام العرب .

و سكّن  راءه حمزة وأبو بكر.

و روي  عن نافع وعاصم، مثله.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وقوله: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً قال: الحور العين في الجنّة.

فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً قال: لا يتكلّمون إلّا بالعربيّة.

أَتْراباً : فإنّ  كلّهنّ بنات ثلاث وثلاثين، وكذا أزواجهنّ.

لِأَصْحابِ الْيَمِينِ : متعلّق «بأنشأنا»، أو «جعلنا». أو صفة «لأبكارا». أو خبر لمحذوف، مثل: هنّ.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: اليمين عليّ- عليه السّلام- وأصحابه شيعته.

و فيه: وقوله: أَتْراباً، يعني: مستويات الأسنان. لِأَصْحابِ الْيَمِينِ قال:

أصحاب امير المؤمنين- عليه السّلام-.

حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: جعلت فداك يا ابن رسول الله،- صلّى اللّه عليه وآله- شوّقني.

فقال: يا أبا محمّد ، إنّ في الجنّة نهرا في حافتيه جوار نابتات، إذا مرّ المؤمن بجارية أعجبته قلعها وأنبت اللّه مكانها أخرى.

قلت: جعلت فداك، زدني.

قال: المؤمن يزوّج ثمانمائة عذراء واربعة آلاف ثيّب وزوجتين من الحور العين.

 [قلت: جعلت فداك، ثمانمائة عذراء؟

قال: نعم، ما يفترش  فيهنّ شيئا إلّا وجدها كذلك.

قلت: جعلت فداك، من أيّ شي‏ء خلقن الحور العين؟]  قال: من تربة الجنّة النّورانيّة، ويرى مخّ ساقها من وراء سبعين حلّة، كبدها مرآته وكبده مرآتها.

قلت: جعلت فداك، أ لهنّ كلام يكلّمن  به أهل الجنّة؟

قال: نعم، كلام يتكلّمن  به لم يسمع الخلائق [أعذب منه‏] .

قلت: ما هو؟

قال: يقلن [بأصوات رخيمة] : نحن الخالدات فلا نموت، ونحن النّاعمات فلا نبؤس، ونحن المقيمات فلا نظعن ، ونحن الرّاضيات فلا نسخط، طوبى لمن خلق‏لنا وطوبى لمن خلقنا له، ونحن اللّواتي لو أنّ قرن  إحدانا علّق في جوّ السّماء لأغشى نوره الأبصار.

و

في مجمع البيان»: عن أمير المؤمنين- عليه السّلام- حديث طويل، يذكر فيه فضل الغزاة، وفيه: ويجعل اللّه روحه في حواصل طير خضر، تسرح في الجنّة حيث تشاء ، تأكل من ثمارها، وتأوى إلى قناديل من ذهب معلّقة بالعرش ويعطى الرّجل منهم سبعين غرفة من غرف الفردوس، سلوك كلّ غرفة ما بين صنعاء والشّام يملأ نورها ما بين الخافقين، في كلّ غرفة سبعون بابا، على كلّ باب سبعون مصراعا من ذهب، على كلّ باب سبعون سلسلة ، في كلّ غرفة سبعون  سريرا من ذهب قوائمها الدّرّ والزّبرجد، مرمولة  بقضبان الزّمرّد، وعلى كلّ سرير أربعون فراشا، غلظ كلّ فراش أربعون ذراعا، على كلّ فراش زوجة من الحور العين عُرُباً أَتْراباً.

فقال: أخبرني  يا أمير المؤمنين،- عليه السّلام- عن العروبة.

فقال: هي الغنجة الرّضيّة الشّهية، لها سبعون ألف وصيف وسبعون ألف وصيفة، صفر  الحليّ بيض الوجوه، عليهنّ تيجان اللّؤلؤ، على رقابهنّ المناديل، بأيديهم الأكوبة والأباريق.

و

في الاحتجاج  للطّبرسي- رحمه اللّه- عن الصّادق- عليه السّلام- حديث طويل، وفيه قال السائل: فكيف تكون الحوراء في كلّ ما أتاها زوجها عذراء؟

قال: [لأنّها]  خلقت من الطّيب، لا تعتريها عاهة ولا يخالط جسمها آفة، ولا يجري في ثقبها شي‏ء ولا يدنّسها حيض، فالرّحم ملتزقة ، إذ ليس فيها لسوى الإحليل مجرى.و

في جوامع الجامع : إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً  عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قال لأمّ سلمة: وهنّ اللّواتي قبضن في دار الدّنيا عجائز شمطاء رمصاء ، جعلهنّ اللّه بعد الكبر أترابا على ميلاد واحد في الاستواء، كلّما أتاهنّ أزواجهنّ وجد وهنّ أبكارا.

فلمّا سمعت عائشة ذلك قالت: وأوجعاه.

فقال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: ليس هناك وجع.

و في الحديث : يدخل أهل الجنّة الجنّة جردا مردا بيضا جعادا مكحّلين، أبناء ثلاث وثلاثين.

ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ، وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ : خبر مبتدأ محذوف.

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم : أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن عليّ، عن [عليّ بن‏]  أسباط، عن سالم بيّاع الزّطّي  قال: سمعت أبا سعيد المدائنيّ يسأل أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن قول اللّه: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ.

قال: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ حزقيل، مؤمن آل فرعون. وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام-.

و فيه : قوله: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ قال: من الطّبقة  التي كانت مع النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-.

وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ قال: بعد النّبي- صلّى اللّه عليه وآله- من هذه الأمّة.

و

في الخصال : عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: أهل الجنّة مائة وعشرون صفّا ، هذه الأمّة منها ثمانون صفّا .و في مجمع البيان : ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ، أي: جماعة من الأمم الماضية الّتي كانت قبل هذه الأمّة. [و جماعة من مؤمني هذه الأمّة]  وهذا قول مقاتل وعطاء وجماعة من المفسّرين.

و ذهب جماعة منهم إلى أنّ الثّلّتين جميعا  من هذه الأمّة. وهو قول مجاهد والضّحّاك، واختاره  الزّجّاج.

روي  ذلك مرفوعا، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- أنّه قال: جميع الثّلّتين من أمّتي.

و ممّا يؤيّد القول الأوّل ويعضده من طريق الرّواية: ما رواية:

ما رواه  نقلة الأخبار، بالإسناد، عن ابن مسعود قال: تحدّثنا عن رسول اللّه ليلة  حتّى أكثرنا الحديث، ثمّ رجعنا إلى أهلنا.

فلمّا أصبحنا غدونا إلى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- فقال: عرضت عليّ الأنبياء اللّيلة بأتباعها من أممها، فكان النّبيّ يجيئ معه الثّلّة من أمّته، والنّبيّ معه العصابة من أمّته، والنّبيّ معه النّفر  من أمّته، والنّبيّ معه الرّجل من أمّته [و النبي ما معه من أمّته أحد]  حتّى أتى  أخي، موسى في كبكبة من بني إسرائيل، فلمّا رأيتهم أعجبوني.

فقلت: أي ربّ، من هؤلاء؟

فقال: هذا أخوك، موسى بن عمران، ومن معه من بني إسرائيل.

فقلت: ربّ، فأين أمّتي؟

فقال: انظر عن يمينك. فإذا ظراب  مكة قد سدّت بوجوه الرّجال.

فقلت: من هؤلاء؟

فقيل: [هؤلاء من أمّتك، أرضيت؟قلت: يا ربّ، رضيت. وقال : انظر عن يسارك. فإذا الأفق قد سدّ  بوجوه الرّجال.

فقلت: ربّ، من هؤلاء؟

قيل : هؤلاء أمّتك، أرضيت؟

قلت: ربّ رضيت.

فقيل: إنّ مع هؤلاء سبعين ألفا من أمّتك يدخلون الجنّة لا حساب عليهم‏].

قال: فأنشأ عكاشة بن محصن من بني أسد بن خزيمة فقال: يا نبيّ اللّه، ادع ربّك أن يجعلني منهم.

فقال: اللّهمّ، اجعله منهم.

ثمّ أنشأ رجل آخر، فقال: يا نبيّ اللّه، ادع ربّك أن يجعلني منهم.

فقال: سبقك بها عكاشة.

قال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: فداكم أبي وأمّي، إن استطعتم أن تكونوا من السّبعين [ألفا]  فكونوا، وإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الظّراب ، وإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الأفق، وإنّي قد رأيت ثمّ أناسا كثيرا يتهاوشون  كثيرا، فقلت:

هؤلاء السّبعون ألفا.

فاتّفق رأينا على أنّهم أناس ولدوا في الإسلام، فلم يزالوا يعملون به حتّى ماتوا عليه، فانتهى حديثهم إلى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: فقال ليس كذلك، ولكنّهم الّذين لا يسرفون ولا يتكبّرون ولا يتطيّرون وعلى ربهم يتوكلون.

ثمّ قال: إنّي لأرجو أن يكون من تبعني ربع [أهل‏]  الجنة. قال: فكبّرنا، ثمّ قال: إنّي لأرجو أن يكونوا ثلث أهل الجنّة. فكبّرنا، ثمّ قال: إنّي لأرجو أن يكونوا شطر أهل الجنّة. ثمّ تلا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ.وَ أَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ .

و

في الكافي : أبو عليّ الأشعريّ ومحمّد بن يحيى، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: لو علم النّاس كيف ابتدأ الخلق ما اختلف اثنان، إنّ اللّه قبل أن يخلق الخلق قال: كن ماء عذبا أخلق منك جنّتي وأهل طاعتي، وكن ملحا أجاجا أخلق منك ناري وأهل معصيتي. ثمّ أمرهما فامتزجا، فمن ذلك صار يلد المؤمن الكافر والكافر المؤمن، ثمّ أخذ طينا من أديم الأرض فعركه عركا  شديدا فإذا هم كالذّرّ يدبّون ، فقال لأصحاب اليمين: إلى الجنّة بسلام، وقال لأصحاب الشّمال: إلى النّار ولا أبالي. ثمّ أمر نارا فأسعرت، فقال لأصحاب الشّمال: ادخلوها. فهابوها، وقال لأصحاب اليمين:

ادخلوها. فدخلوها، فقال: كوني بردا وسلاما. فكانت بردا وسلاما.

فقال أصحاب الشّمال: يا ربّ، أقلنا.

فقال: قد أقلتكم، فادخلوها.

فذهبوا فهابوها، فثمّ ثبتت الطّاعة والمعصية، فلا يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء [و لا هؤلاء من هؤلاء] .

عليّ بن إبراهيم  [عن أبيه‏]  عن ابن أبي عمير، عن ابن أينة، عن زرارة، أنّ رجلا سأل أبا جعفر- عليه السّلام- عن قوله: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ (الآية).

فقال- عليه السّلام- وأبوه- عليه السّلام- يسمع: حدّثني أبي، أنّ اللّه قبض قبضة من ترابة  التّربة التي خلق منها آدم، فصبّ عليها [الماء]  العذب الفرات، ثمّ تركها أربعين صباحا، ثمّ صبّ عليها الماء المالح الأجاج فتركها أربعين صباحا. فلمّا اختمرت الطّينة أخذها فعركها عركا شديدا، فخرجوا كالذّرّ يدبّون عن يمينه وشماله، وأمرهم جميعاأن يقعوا في النّار، فدخل أصحاب اليمين فصارت عليهم بردا وسلاما، وأبي أصحاب الشّمال أن يدخلوها.

عليّ بن إبراهيم ، عن صالح بن أبي حمّاد، عن الحسين بن يزيد، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إنّ اللّه لمّا أراد أن يخلق آدم بعث جبرئيل في أوّل ساعة من يوم الجمعة، فقبض بيمينه قبضة، بلغت قبضته من السّماء السّابعة إلى السّماء الدّنيا، وأخذت من كلّ سماء تربة، وقبض قبضة أخرى من الأرض السّابعة [العلياء إلى الأرض السّابعة]  القصوى، فأمر- تعالى- كلمته فأمسك القبضة الأولى بيمينه والقبضة الأخرى بشماله، ففلق الطّين فلقتين فذرا من الأرض ذروا ومن السّماوات  ذروا، فقال للّذي بيمينه: منك الرّسل والأنبياء والأوصياء والصدّيقون والمؤمنون والسّعداء ومن أريد كرامته. فوجب لهم ما قال، كما قال، وقال للّذي بشماله: منك الجبابرة  والمشركون والكافرون والطّواغيت ومن أريد هوانه وشقوته. فوجب لهم ما قال: كما قال. (الحديث)

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن الحسن بن سيف، عن أبيه عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: خطب رسول الله- صلّى اللّه عليه وآله- النّاس، ثمّ رفع يده اليمنى قابضا على كفّه.

ثمّ قال: [أ تدرون‏]  أيّها النّاس، ما في كفّي؟

قالوا: اللّه ورسوله أعلم.

فقال: أسماء أهل النّار وأسماء آبائهم وقبائلهم إلى يوم القيامة ثمّ‏]  قال:

حكم اللّه وعدل حكم اللّه وعدل، فريق في الجنّة وفريق في السّعير.و

في تفسير العيّاشي : عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- حديث طويل، وفيه: إنّ أصحاب اليمين هم الّذين قبضهم اللّه من كتف آدم الأيمن وذرأهم في صلبه ، وأصحاب الشّمال هم الّذين قبضهم اللّه من كتف آدم الأيسر وذرأهم في صلبه.

و

في علل الشّرائع ، بإسناده إلى عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- أنّه قال في حديث طويل: مهما رأيت من نزق أصحابك وخرقهم  فهو ممّا أصحابهم من لطخ أصحاب الشّمال، وما رأيت من حسن شيم من خالفهم ووقارهم فهو من لطخ أصحاب اليمين.

و

بإسناده  إلى أبي إسحاق الليثيّ: عن الباقر- عليه السّلام- حديث طويل، يذكر فيه خلق اللّه طينة الشّيعة وطينة النّاصب.

... إلى قوله: فما رأيته من شيعتنا من زنا أو لواط أو ترك صلاة أو صيام أو حجّ أو جهاد أو خيانة أو كبيرة من هذه الكبائر فهو من طينة النّاصب وعنصر الّذي قد مزج فيه، لأنّ من سنخ النّاصب وعنصره وطينته اكتساب المآثم والفواحش والكبائر. وما رأيت من النّاصب من مواظبة  على الصّلاة والصيام والزّكاة والحج والجهاد وأبواب البرّ فهو من طينة المؤمن وسنخه الّذى قد مزج فيه، لأنّ من سنخ المؤمن وعنصره وطينته اكتساب الحسنات واستعمال الخير واجتناب المآثم.

و

بإسناده  إلى محمّد بن أبي عمير  قال: قلت لأبي الحسن، موسى- عليه السّلام-: أخبرني عن تختّم أمير المؤمنين- عليه السّلام- بيمينه، لأبي شي‏ء كان؟

فقال: إنّما كان يتختّم بيمينه لأنّه إمام أصحاب اليمين بعد رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-. وقد مدح اللّه أصحاب اليمين وذمّ أصحاب الشّمال. (الحديث)

فِي سَمُومٍ: في حرّ نار تنفذ في المسامّ.

وَ حَمِيمٍ : وماء متناه في الحرارة.وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ : من دخان أسود: يفعول، من الحممة.

لا بارِدٍ، كسائر الظّلّ وَلا كَرِيمٍ : ولا نافع. نفى بذلك ما أوهم الظّلّ من الاسترواح.

و

في تفسير العيّاشي : عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- حديث طويل، يقول فيه: والكتاب الإمام. ومن أنكره كان من أصحاب الشّمال الّذين، قال اللّه: ما أَصْحابُ الشِّمالِ  فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (الآية).

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: أصحاب الشّمال أعداء آل محمّد وأصحابهم  الّذين والوهم.

فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ قال: السموم اسم النّار، وحَمِيمٍ ماء قد احمي .

وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ قال: ظلمة  شديد الحرّ .

لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ قال: ليس بطيّب.

إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ : منهمكين في الشّهوات.

وَ كانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ : [الذّنب العظيم،]  يعني:

الشّرك. ومنه بلغ الغلام الحنث، أي: الحلم ووقت المؤاخذة بالذّنب. وحنث في يمينه:

خلاف برّ فيها. وتحنّث: إذا تأثّم.

وَ كانُوا يَقُولُونَ أَ إِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ : كرّرت الهمزة للدّلالة على [إنكار البعث مطلقا وخصوصا في هذا الوقت كما دخلت العاطفة في قوله: أَ وَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ : للدلالة على‏]  أنّ ذلك أشد إنكارا في حقّهم لتقادم زمانهم، للفصل بها حسن العطف على المستكنّ في «لمبعثون» .

و قرأ  نافع وابن عامر «أو» بالسكون، وقد سبق مثله.و العامل في الظّرف ما دلّ عليه «مبعوثون» لا هو للفصل «بإنّ» والهمزة.

قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ ، لَمَجْمُوعُونَ وقرئ : «لمجمعون».

إِلى‏ مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ : إلى ما وقت به الدّنيا وحدّ، من يوم معيّن عند اللّه معلوم له.

ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ ، أي: بالبعث. والخطاب لأهل مكّة وأضرابهم.

لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ .

 «من» الأولى للابتداء، والثّانية للبيان.

فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ : من شدّة الجوع.

فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ : لغلبة العطش.

و تأنيث الضّمير في «منها» وتذكيره في «عليه» على معنى الشّجر ولفظه.

و قرئ : «من شجرة» فيكون التّذكير «للزّقّوم» فإنّه تفسيرها.

فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ .

قيل : الإبل الّتي بها الهيام، وهو داء يشبه الاستسقاء. جمع، أهيم، وهيماء.

و قيل : الرّمال، على أنّه جمع هيام، بالفتح، وهو الرّمل الّذي لا يتماسك، جمع على هيم، كسحب، ثمّ خفّف وفعل به ما فعل بجمع «أبيض».

و كلّ من المعطوف والمعطوف عليه أخصّ من الآخر من وجه، فلا اتّحاد .

و قرأ  نافع وعاصم وحمزة: «شرب» بضمّ الشّين.

و

في تفسير العيّاشي : عن محمّد بن هاشم، عمّن أخبره، عن أبيه جعفر- عليه السّلام- قال: قال له الأبرش الكبيّ: بلغنا أنّك قلت في قول اللّه: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ‏أنّها تبدّل خبزة.

فقال أبو جعفر- عليه السّلام-: صدقوا، تبدّل الأرض خبزة نقيّة في الموقف يأكلون منها.

فضحك الأبرش، وقال: أما لهم شغل بما هم فيه عن أكل الخبز؟

فقال: ويحك، أي المنزلتين هم أشدّ شغلا وأسوأ حالا إذا هم في الموقف أو في النّار يعذّبون؟

قال: لا، في النّار.

فقال: ويحك، وإنّ اللّه يقول: لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (الآية).

قال: فسكت.

و

فيه : في خبر آخر، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-: إنّ ابن آدم خلق أجوف لا بدّ له من الطّعام والشّراب.

و

في الكافي : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن القاسم بن عروة، عن عبد اللّه بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: إنّ اللّه خلق ابن آدم أجوف لا بدّ له من الطّعام والشّراب. (الحديث).

و

في روضة الواعظين  للمفيد- رحمه اللّه-: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-، عن جبرئيل، حديث طويل يذكر فيه أحوال النّار، وفيه يقول مخاطبا لرسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: ولو أنّ قطرة من الزّقوم والضّريع قطرت في شراب أهل الدّنيا لهلكوا من نتنها.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ قال: من الزّقّوم.

و الْهِيمِ الإبل.

و

في معاني الأخبار ، بإسناده إلى محمّد بن عليّ بن الكوفي، بإسناد  رفعه إلى أبي عبد اللّه- عليه السّلام- أنّه قيل له: الرّجل يشرب بنفس واحد؟

قال: لا بأس به.

قلت: فإنّ من قبلنا يقول: ذلك شرب الهيم.فقال: إنّما شرب الهيم ما لم يذكر اسم اللّه عليه.

و

بإسناده  إلى عثمان عن عيسى: عن شيخ من أهل المدينة قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن رجل يشرب فلا يقطع حتّى يروي.

فقال- عليه السّلام-: وهل اللّذة إلا ذاك؟

قلت: فإنّهم يقولون: إنّه شرب الهيم.

فقال: كذبوا، إنّما شرب الهيم ما لم يذكر اسم اللّه عليه.

و

بإسناده  إلى عبد اللّه بن عليّ الحلبيّ: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: ثلاثة  أنفاس في الشّرب أفضل من نفس واحد في الشّرب.

و قال: كان يكره أن يشبّه بالهيم.

قالت: وما الهيم؟

قال: الرّمل.

و في حديث آخر: الإبل.

و

في محاسن البرقي ، عنه عن أبيه، عن النّضر بن سويد، عن هشام، عن  سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن الرّجل يشرب بنفس واحد.

قال: يكره ذلك.

و قال: ذاك  شرب الهيم.

قلت: وما الهيم؟

قال: الإبل.

عنه ، عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سألته عن الشّرب بنفس واحد.

فكرّهه، وقال: ذلك شرب الهيم.قلت: وما الهيم؟

قال: الإبل.

عنه ، عن ابن فضّال، عن غالب بن عيسى، عن روح بن عبد الرّحيم قال: كان أبو عبد اللّه- عليه السّلام- يكره أن يتشبّه بالهيم.

قلت: وما الهيم؟

قال: الكثيب.

عن أبي أيّوب المدائني ، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- أنّه كان يكره أن يتشبّه بالهيم.

قلت: وما الهيم؟

قال: الرّمل.

و

في تهذيب الأحكام : الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن الرّجل يشرب بالنّفس الواحد.

قال: يكره ذلك، وذلك شرب الهيم.

قلت : وما الهيم؟

قال: الإبل.

عنه ، عن النّضر، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- [قال: سمعته‏]  يقول: ثلاثة أنفاس أفضل في الشّرب من نفس واحد. وكان يكره أن يتشبّه بالهيم، وقال: الْهِيمِ النّيب .

هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ : يوم الجزاء، فما ظنّك بما يكون لهم بعد ما استقرّوا في الجحيم. وفيه تهكّم، كما في قوله: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ لأنّ النّزل ما يعدّ للنّازل تكرمة له.و قرئ : «نزلهم» بالتّخفيف .

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: هذا ثوابهم  يوم الجزاء .

نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ : بالخلق، متيقّنين محقّقين للتّصديق بالأعمال الدّالّة عليه. أو بالبعث، فإنّ من قدر على الإبداء قدر على الإعادة.

أَ فَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ ، أي: ما تقذفونه في الأرحام من النّطف.

و قرئ ، بفتح التّاء، من مني النّطفة، بفتح التّاء، من مني النّطفة، بمعنى:

أمناها.

أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ: تجعلونه بشرا سويّا.

أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ ، نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ: قسّمناه عليكم، وأقّتنا موت كلّ بوقت معيّن.

و قرأ  ابن كثير، بتخفيف الدّال.

وَ ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ : لا يسبقنا أحد فيهرب من الموت، أو يغيّر وقته.

أو لا يغلبنا أحد، من سبقته على كذا: إذا غلبته عليه.

عَلى‏ أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ‏

:

على الأوّل حال، أو علّة «لقدّرنا»، و«على» بمعنى: الّلام. «و ما نحن بمسبوقين» اعتراض.

و على الثّاني صلة، والمعنى: على أن نبدّل منكم أشباهكم فنخلف بدلكم، أو نبدّل صفاتكم، على أنّ «أمثالكم» جمع، مثل [بمعنى: صفة] .

وَ نُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ‏

 : في خلق، أو صفات لا تعلمونها.

وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى‏ فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ : أنّ  من قدر عليها قدر على النّشاة الأخرى، فإنّها أقلّ صنعا لحصول الموادّ وتخصيص الأجزاء وسبق المثال.أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ : تبذرون حبّة .

أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ: تنبتونه.

أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ : المنبتون.

و

في الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن ابن بكير قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: إذا أردت أن تزرع زرعا فخذ قبضة من البذر واستقبل القبلة وقل: أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ، أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ثلاث مرّات. ثمّ قل: بل اللّه الزّارع، ثلاث مرّات. ثمّ قل: اللهمّ، اجعله مباركا وارزقنا فيه السّلامة. ثمّ انشر  القبضة الّتي في يدك في القراح .

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن سدير قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: إنّ بني إسرائيل أتوا موسى فسألوه أن يسأل اللّه أن يمطر السّماء عليهم إذا أرادوا ويحبسها إذا أرادوا،

فسأل اللّه لهم ذلك.

فقال اللّه: لهم ذلك [يا موسى‏] .

فأخبرهم موسى  فحرثوا ولم يتركوا شيئا، إلّا زرعوه، ثمّ استنزلوا المطر على إرادتهم وحبسوه على إرادتهم، فصارت زروعهم كأنّها الجبال والآجام ، ثمّ حصدوا وداسوا فلم يجدوا شيئا، فضجّوا إلى موسى وقالوا: إنّما سألناك أن تسأل اللّه أن يمطر السّماء علينا إذا أردنا فأجابنا، ثم صيّرها علينا ضررا.

فقال: يا ربّ إنّ بني إسرائيل ضجّوا ممّا صنعت بهم.

فقال: وممّ ذاك، يا موسى؟

قال: سألوني أن أسألك أن تمطر السّماء إذا أرادوا وتحبسها وإذا أرادوا فأجبتهم، ثمّ صيرتها [عليهم‏]  ضررا.

فقال: يا موسى، أنا كنت المقدّر لبني إسرائيل فلم يرضوا بتقديري، فأجبتهم.إلى إرادتهم فكان ما رأيت.

محمّد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب، عن إبراهيم بن عقبة، عن صالح بن [علي بن‏]  عطيّة، عن رجل ذكره  قال: مرّ أبو عبد اللّه- عليه السّلام- بناس من الأنصار وهم يحرثون، فقال لهم: احرثوا، فإنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- قال: ينبت اللّه بالرّيح، كما ينبت بالمطر.

قال: فحرثوا فجادت  زروعهم.

عليّ بن محمّد ، رفعه قال: قال- عليه السّلام-: إذا غرست غرسا أو نبتا فاقرأ على كلّ عود أو حبّة: سبحان الباعث الوارث. فإنّه لا يكاد يخطئ- إن شاء اللّه-.

و

في مجمع البيان : وروي عن النّبي- صلّى اللّه عليه وآله- أنّه قال: لا يقولنّ أحدكم: زرعت، وليقل حرثت.

لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً: هشيما.

فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ : تعجّبون. أو تندمون على اجتهادكم فيه، أو على ما أصبتم بذلك ، لأجله من المعاصي فتتحدّثون فيه.

و «التّفكّه» التّنقّل بصنوف الفاكهة، قد استعير للتّنقّل بالحديث.

و قرئ : «فظلتم» بالكسر، و«فظللتم» على الأصل.

إِنَّا لَمُغْرَمُونَ : على تقدير القول أي قائلين: إنّا لملزمون غرامة ما أنفقنا. أو مهلكون لهلاك رزقنا، من الغرام.

و قرأ  أبو بكر: «أ إنّا» على الاستفهام.

بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ : قوم محرومون، حرمنا رزقنا  أو [محدودون لا مجدودون‏] .أَ فَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ، أي: العذب الصّالح للشّرب.

أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ: من السّحاب. واحدة، مزنة.

و قيل : «المزن» السّحاب الأبيض، وماؤه أعذب.

أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ : [من السّحاب‏]  بقدرتنا.

 «و الرّؤية» إن كانت بمعنى: العلم، فمتعلّقة بالاستفهام.

لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً: ملحا. أو من الأجيج، فإنّه يحرق الفم.

و حذف الّلام الفاصلة بين جواب ما يتمحّض  للشّرط وما يتضمّن معناه لعلم السّامع بمكانها أو الاكتفاء بسبق ذكرها، أو يختصّ ما يقصد لذاته ويكون أهم وفقده أصعب بمزيد التأكيد .

فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ : أمثال هذه النّعم الضّروريّة.

أَ فَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ : تقدحون.

أَ أَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ ، يعني: الشّجرة الّتي منها الزّناد.

نَحْنُ جَعَلْناها: جعلنا نار الزّناد.

تَذْكِرَةً: تبصرة في أمر البعث، كما مرّ في سورة يس، أو في الظّلام. أو تذكيرا وأنموذجا لنار جهنّم.

وَ مَتاعاً: ومنفعة.

لِلْمُقْوِينَ : للّذين ينزلون القواء، وهي القفر. أو للّذين خلت بطونهم أو مزاودهم من الطّعام، من أقوت الدّار: إذا خلت من ساكنيها.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ قال: من‏السّحاب‏] . نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً لنار جهنّم.

وَ مَتاعاً لِلْمُقْوِينَ قال: المحتاجين.

و

فيه : قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: إنّ ناركم هذه جزء من سبعين جزء من نار جهنّم، وقد أطفئت سبعين مرّة بالماء ثمّ التهبت، ولولا ذلك ما استطاع آدميّ أن يطفئها. وإنّها ليوتى بها يوم القيامة حتّى توضع على النّار، فتصرخ صرخة لا يبقى ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل إلّا جثا  على ركبتيه فزعا من صرختها.

فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ : فأحدث التّسبيح بذكر اسمه. أو بذكره، فإنّ إطلاق اسم الشّي‏ء ذكره.

 «و العظيم» صفة للاسم، أو الرّبّ.

و تعقيب الأمر بالتّسبيح لما عدّد من بدائع صنعه وإنعامه، إمّا لتنزيهه عمّا يقوله الجاحدون بواحدانيّته الكافرون بنعمته، أو للتّعجّب من أمرهم في غمط نعمه، أو للشّكر على ما عدّها من النّعم.

و

في من لا يحضره الفقيه : لمّا أنزل اللّه: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: اجعلوها في ركوعكم.

و

روي ، عن جويرية  بن مسهّر في خبر ردّ الشّمس على أمير المؤمنين- عليه السّلام- ببابل أنّه قال: فالتفت إليّ وقال- عليه السّلام-: يا جويرية  بن مسهّر، إنّ اللّه يقول: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ. وإنّي سألت اللّه باسمه العظيم فردّ عليّ الشّمس.

و

في مجمع البيان : وقد صحّ عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- أنّه لمّا نزلت هذه الآية قال: اجعلوها في ركوعكم.

فَلا أُقْسِمُ : إذ الأمر أوضح من أن يحتاج إلى قسم. أو فأقسم و«لا» مزيدةللتأكيد، كما في «لئلّا يعلم». أو فلأنا أقسم، فحذف المبتدأ وأشبع فتحة لام الابتداء، ويدلّ عليه أنّه قرئ : «فلأقسم». أو فلأردّ لكلام يخالف المقسم عليه.

بِمَواقِعِ النُّجُومِ .

قيل : بمساقطها، وتخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدّلالة على وجود مؤثّر لا يزول تأثيره. أو بمنازلها ومجاريها .

و قيل : «النّجوم» نجوم القرآن، و«مواقعها» أوقات نزولها.

و قرأ  حمزة والكسائيّ: «بموقع».

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وقوله: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ معناه: فأقسم [بمواقع النجوم‏] .

و

في مجمع البيان : وروي عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه- عليهما السّلام- أنّ مواقع النجوم رجوعها للشّياطين، فكان المشركون يقسمون بها، فقال- تعالى-: فلا أقسم بها.

و

في الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام- في قوله- تعالى-: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ قال:

كان أهل الجاهليّة يحلفون بها، فقال اللّه: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ.

قال: عظم أمر من يحلف بها.

عليّ بن إبراهيم  [عن أبيه‏] ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس، عن بعض أصحابنا قال: سألته عن قول اللّه: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ.

قال: عظم  إثم من يحلف بها.وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ : لما في المقسم به من الدّلالة على عظم  القدرة وكمال الحكمة وفرط الرّحمة، ومن مقتضيات رحمته ألّا يترك عباده سدى.

و هو اعتراض في اعتراض، فإنّه اعتراض بين القسم والمقسم عليه، و«لو تعلمون» اعتراض بين الصّفة والموصوف.

و

في من لا يحضره الفقيه : روى عن المفضّل بن عمر الجعفيّ قال: سمعت أبا عبد الله- عليه السّلام- يقول في قول اللّه:

فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ‏

 (الآية)، يعني به:

اليمين بالبراءة من الأئمّة يحلف بها الرّجل، يقول: إنّ ذلك عند اللّه عظيم. وهذا الحديث في نوادر الحكمة. (انتهى)

إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ : كثير المنافع، لاشتماله على أصول العلوم المهمّة في إصلاح المعاش والمعاد. أو حسن مرضيّ في جنسه.

فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ : مصون، وهو اللّوح.

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرّحيم  القصير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سألته عن ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ.

قال: إنّ اللّه خلق القلم من شجرة في الجنّة يقال لها: الخلد، ثمّ قال لنهر في الجنّة: كن مدادا. وفجمد النّهر، وكان أشدّ بياضا من الثّلج وأحلى من الشهد، ثمّ قال للقلم: اكتب.

قال: يا ربّ، وما أكتب؟

قال: اكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة.

فكتب القلم في رقّ أشدّ بياضا من الفضّة وأصفى من الياقوت، ثمّ طواه فجعله في ركن العرش، ثمّ ختم على فم القلم فلم ينطق بعد ولا ينطق أبدا، فهو الكتاب المكنون الّذي منه النّسخ كلّها، أو لستم عربا؟ فكيف لا تعرفون معنى الكلام وأحدكم يقول لصاحبه: انسخ ذلك الكتاب؟ أو ليس إنّما ينسخ من كتاب أخذ  من الأصل؟

و هو قوله: إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ : لا يطّلع على اللّوح إلّا المطهّرون من الكدورات الجسمانيّة، وهم الملائكة. أو لا يمسّ القرآن إلّا المطهّرون من [الأحداث، فيكون نفيا، بمعنى النّهي أو لا يطلبه إلّا المطهّرون من‏]  الكفر.

و قرئ : «المتطهّرون». و«المطّهّرون» [و «المطهرون»]  من أطهره، بمعنى:

طهّره. و«المطهرون»، أي أنفسهم، أو غيرهم بالاستغفار لهم والإلهام.

و

في الاحتجاج  للطّبرسي- رحمه اللّه-: لمّا استخلف عمر سأل عليّا- عليه السّلام- أن يدفع إليهم القرآن فيحرّفوه فيما بينهم، فقال: يا أبا الحسن، إن جئت بالقرآن الّذي كنت [قد]  جئت به إلى أبي بكر حتّى يجتمع عليه.

فقال- عليه السّلام- هيهات، ليس إلى ذلك سبيل، إنّما جئت به إلى أبي بكر لتقوم الحجة عليكم ولا تقولوا يوم القيامة: إنّا كنّا عن هذا غافلين، أو تقولوا: ما جئتنا به، فإنّ القرآن الّذي عندي لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ والأوصياء من ولدي.

فقال عمر: فهل وقت لإظهاره معلوم؟

قال- عليه السّلام-: نعم، إذا قام القائم من ولدي يظهره ويحمل النّاس عليه، فتجري السّنّة به.

و

في الاستبصار : عليّ بن الحسن  بن فضّال، عن جعفر بن محمّد بن الحكيم وجعفر بن أبي محمّد الصّباح ، جميعا، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن- عليه السّلام- قال: المصحف لا تمسّه على غير طهر ولا جنبا، ولا تمسّ خطّه ، ولا تعلّقه، إنّ اللّه يقول: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ.

و

في الكافي : عليّ بن إبراهيم- رحمه اللّه-، عن [أبيه، عن‏]  ابن أبي عمير، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سألته عن التّعويذ، يعلّق على‏الحائض؟

قال: نعم، لا بأس.

قال: وقال: تقرؤه وتكتبه، ولا تصيبه يدها.

و

في مجمع البيان : لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ وقيل: [المطهّرون‏]  من الأحداث والجنابات، وقالوا: لا يجوز للجنب والحائض والمحدث مسّ المصحف. عن الباقر- عليه السّلام‏

-. وهو مذهب مالك والشّافعيّ، فيكون خبرا، بمعني: النّهي.

و عندنا أنّ الضمير يعود إلى «القرآن» فلا يجوز لغير الطّاهر مسّ كتابة القرآن.

تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ : صفة ثالثة أو رابعة للقرآن، وهو مصدر نعت به.

و قرئ  بالنّصب، أي: نزل تنزيلا.

أَ فَبِهذَا الْحَدِيثِ، يعني: القرآن.

أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ : متهاونون به، كمن يدهن في الأمر، أي: يلين جانبه ولا يتصلّب فيه تهاونا به.

وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أي: شكر رزقكم.

أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ، أي: بمانحه، بحيث تنسبونه إلى الأنواء.

و قرئ : «شكركم «، أي: وتجعلون شكركم لنعمة القرآن أنّكم تكذّبون به.

و «تكذبون »، أي: بقولكم في القرآن أنّه سحر وشعر، أو في المطر أنّه من الأنواء.

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم- رحمه اللّه- : حدّثنا محمّد بن ثابت ، عن الحسن بن محمّد بن سماعة وأحمد بن الحسن القزاز ، جميعا، عن صالح بن خالد، عن ثابت بن شريح، عن أبان بن تغلب، عن عبد الأعلى التّغلبي ، ولا أراني إلّا وقد سمعته من عبد الأعلى قال: حدّني أبو عبد الرّحمن السّلمي، أنّ عليّا- عليه السّلام- قرأ بهم الواقعة،فقال: تجعلون شكركم أنكم تكذبون. فلمّا انصرف قال: إنّي [قد]  عرفت أنّه سيقول قائل: لم قرأ هكذا؟ قرأتها لأني قد سمعت رسول اللّه يقرأها هكذا، وكانوا إذا أمطروا  قالوا: أمطرنا  بنوء كذا وكذا. فأنزل اللّه: وتجعلون شكركم أنكم تكذبون.

حدّثنا عليّ بن الحسين ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قوله: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ فقال: بل هي وتجعلون شكركم أنكم تكذبون.

و

في مجمع البيان

: وقرأ عليّ وابن عبّاس، وروي عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: وتجعلون شكركم أنكم تكذبون.

فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ، أي: النّفس.

وَ أَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ : حالكم. والخطاب لمن حول المحتضر.

و «الواو» للحال.

وَ نَحْنُ أَقْرَبُ: أعلم.

إِلَيْهِ: إلى المحتضر مِنْكُمْ: عبّر عن العلم بالقرب، الّذي هو أقوى سبب الاطّلاع.

وَ لكِنْ لا تُبْصِرُونَ : ولكن لا تدركون كنه ما يجرى عليه.

و

في شرح الآيات الباهرة : جاء في تأويل أهل البيت الباطن في حديث أحمد بن إبراهيم، عنهم- عليهم السّلام-: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ، أي: شكركم النّعمة التي رزقكم اللّه وما منّ عليكم بمحمّد وآل محمّد أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ بوصيّة. فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ إلى وصيّه أمير المؤمنين- عليه السّلام- يبشّر وليه بالجنّة وعدوّه بالنّار. وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ يعني: أقرب إلى امير المؤمنين منكم. وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ، أي: لا تعرفون.

و يؤيّد هذا التّأويل:

ما  جاء في تأويل الإمام العسكريّ- عليه السّلام- قال:فقيل له: يا ابن  رسول اللّه، [- صلّى اللّه عليه وآله-]  ففي القبر نعيم وعذاب؟

قال: إي والّذي بعث محمّدا نبيّا، وجعله زكيّا هاديا مهديّا، وجعل أخاه، عليّا بالعهد وفيّا، [و بالحقّ مليّا]  ولدى اللّه مرضيّا، وإلى الجهاد سابقا، وللّه في أحواله موافقا، وللمكارم حائزا وبنصر اللّه له على أعدائه فائزا، وللعلوم حاويا ، ولأولياء اللّه مواليا، ولأعدائه مناوئا، وبالخيرات ناهضا، وللقبائح رافضا، وللشّيطان مخزيا، وللفسقة المردة مغضبا ، ولمحمّد نفسا، وبين يديه لدى المكاره جنّة وترسا، آمنت به وهو أبي ، عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- عبد  ربّ الأرباب، والمفضّل على أولي الألباب، الحاوي لعلوم الكتاب، زين من يوافي يوم القيامة عرصات الحساب بعد محمّد صفي الكريم العزيز الوّهاب، إنّ في القبر نعيما يوفّر اللّه به حظوظ أوليائه، وإنّ في القبر عذابا يشدّد اللّه به شقاء أعدائه.

إنّ المؤمن الموالي لمحمّد  وآله الطّيّبين، المتّخذ لعليّ- عليه السّلام- بعد محمّد إمامه الّذي يحتذي  مثاله، وسيّده الّذي يصدّق أقواله ويصوب أفعاله ويطيعه بطاعة من يندبه من أطائب ذرّيته لأمور الدّين وسياسته، إذا حضره من أمر اللّه ما لا يردّ، ونزل به من قضائه، ما لا يصدّ، وحضره ملك الموت وأعوانه [وجد]  عند رأسه محمّد  رسول اللّه [- صلّى اللّه عليه وآله-]  ومن جانب  آخر عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- وعند رجليه من جانب الحسن سبط سيّد المرسلين، ومن جانب آخر [الحسين‏]  سيّد الشّهداء أجمعين وحواليه بعدهم خيار خواصّهم ومحبّيهم، الّذين هم سادة هذه الأمّة بعد ساداتهم من آل محمّد.فينظر إليهم العليل المؤمن فيخاطبهم بحيث يحجب اللّه صوته عن أسماع  حاضريه، كما يحجب رؤيتنا أهل البيت ورؤية خواصّنا عن عيونهم، ليكون إيمانهم بذلك أعظم ثوابا، لشدّة المحنة [عليهم فيه‏] .

فيقول المؤمن: بأبي أنت وأمّي يا رسول [اللّه‏]  ربّ العزّة، بأبي أنت وأمّي يا وصيّ رسول  الرّحمة، بأبي أنتما وأمّي يا شبلي محّمد وضرغاميه، يا ولديه وسبطيه، ويا سيّدي شباب أهل الجنّة المقرّبين  من الرّحمة والرّضوان، مرحبا بكم [معاشر]  خيار أصحاب محمّد وعليّ وولديه [صلوات اللّه عليهم‏] ، ما كان أعظم شوقي إليكم وما أشدّ سروري الآن  بلقائكم! يا رسول اللّه [- صلّى اللّه عليه وآله-] ، هذا ملك الموت قد حضرني ولا أشكّ في جلالتي في صدره لمكانك ومكان أخيك منّي.

فيقول رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: كذلك هو.

ثمّ يقبل رسول اللّه على ملك الموت فيقول: يا ملك الموت استوص بوصيّة اللّه في الإحسان إلى مولانا وخادمنا ومحبّنا ومؤثرنا.

فيقول ملك الموت: مره، يا رسول اللّه، [- صلّى اللّه عليه وآله-]  أن ينظر إلى ما أعدّ  له في الجنان.

فيقول له رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: انظر إلى العلو. فينظر إلى ما لا تحيط به الألباب، ولا يأتي عليه العدد والحساب.

فيقول الملك الموت: كيف لا أرفق بمن ذلك ثوابه، وهذا محمّد [- صلّى اللّه عليه وآله-]  عنزته  زوّاره؟! يا رسول اللّه، [- صلّى اللّه عليه وآله-]  لو لا أنّ اللّه جعل الموت عقبه لا يصل إلى تلك الجنان إلّا من قطعها لما تناولت روحه، ولكن لخادمك ومحبّك هذاأسوة بك وبسائر أنبياء اللّه ورسله وأوليائه الّذين أذيقوا الموت بحكم  اللّه.

ثمّ يقول محمّد- صلّى اللّه عليه وآله-: يا ملك الموت، هاك أخانا قد سلّمناه  إليك فاستوص به خيرا.

ثمّ يرتفع هو ومن معه إلى روض  الجنان وقد كشف [الغطاء و]  الحجاب لعين ذلك المؤمن العليل، فيراهم هناك بعد ما كانوا حول فراشه.

فيقول: يا ملك الموت، والوحي الوحي  تناول روحي ولا تلبثني هاهنا، فلا صبر لي عن محمّد وعترته  وألحقني بهم.

فعند ذلك يتناول ملك الموت روحه، فيسلّها كما يسلّ الشّعرة  من الدّقيق، وإن كنتم ترون أنّه في شدّة بل هو في رخاء ولذّة، فإذا أدخل  قبره وجد جماعتنا هناك.

فإذا جاء منكر ونكير قال أحد هما للآخر: هذا محمّد وعليّ والحسن والحسين- عليهم السّلام- وخيار صحابتهم بحضرة  صاحبنا فلنتّضع  لهم. فيأتيان فيسلّمان على محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- سلاما منفردا1»

، ثمّ يسلّمان على عليّ- عليه السّلام- سلاما منفردا1»

، ثمّ يسلّمان على الحسن والحسين- عليهما السّلام- يجمعانهما فيه، ثمّ يسلمان على سائر من معنا من أصحابنا.

ثمّ يقولان: قد علمنا، يا رسول الله- صلّى اللّه عليه وآله- زيارتك في خاصّتك لخادمك ومولاك، ولو لا أنّ اللّه يريد إظهار فضله لمن بهذه الحضرة  من أملاكه ومن يسمعنا من ملائكته بعدهم لما سألناه، ولكن أمر للّه لا بدّ من امتثاله.

ثمّ يسألانه فيقولان: من ربّك وما دينك، ومن نبيّك، ومن إمامك، وما قبلتك، ومن إخوانك؟فيقول: اللّه ربّي، والإسلام ديني، ومحمد نبيي، وعليّ وصيّ محمّد إمامي، والكعبة قبلتي، والموالون  لمحمّد وعليّ- عليهما السّلام- وأوليائهما والمعادون لأعدائهما إخواني، وأشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأنّ محمّدا عبده ورسوله، وأنّ أخاه عليّا وليّ اللّه، وأنّ من نصبهم للإمامة من أطايب عترته وخيار ذرّيته خلفاء اللّه .

و ولاة الحقّ والقوامون بالصّدق.

فيقولان: على هذا حييت، وعلى هذا متّ، وعلى هذا تبعث- إن شاء اللّه-.

و تكون مع من تولّاه  في دار كرامة اللّه- تعالى- ومستقرّ رحمته.

قال : وإن كان لأوليائنا معاديا ولأعدائنا مواليا ولأضدادنا بألقابنا ملقّبا، فإذا جاءه ملك الموت لنزع روح مثّل اللّه لذلك الفاجر سادته الّذين اتّخذهم أربابا من دون اللّه وعليهم من أنواع العذاب ما يكاد نظره إليهم يهلكه، فلا يزال يصل إليه من حرّ عذابهم ما لا طاقة له به.

فيقول له الملك: يا أيّها الفاجر الكافر، تركت أولياء اللّه وملت إلى أعدائه، فاليوم لا يغنون عنك شيئا، ولا تجد إلى مناص سبيلا.

فيرد عليه من العذاب ما لو قسّم أدناه على أهل الدّنيا لأهلكهم.

ثمّ إذا أدلي في قبره رأى بابا من الجنّة مفتوحا إلى قبره يرى منها خيراتها.

فيقول له منكر ونكير: انظر إلى ما حرمته من تلك الخيرات.

ثمّ يفتح له في قبره باب من النّار يدخل عليه منه عذابها، فيقول: يا رب، لا تقم السّاعة .

و يعضده:

ما رواه الأصبغ بن نباتة  قال: دخل الحارث الهمدانيّ على أمير المؤمنين- عليه السّلام- في نفر من الشّيعة وكنت معه فيمن دخل، فجعل الحارث يتأوّد  في‏مشيته، ويخط الأرض بمحجنه  وكان مريضا.

فأقبل عليه أمير المؤمنين- عليه السّلام- وكانت له منه منزلة وقال: كيف تجدك  يا حارث؟

قال: نال الدّهر منّي ، وزادني أودا وتمليلا  اختصام أصحابك ببابك.

قال: فيم؟

قال: في شأنك والبليّة من قبلك، فمن مفرّط غال، ومبغض قال، ومن متردّد مرتاب، فلا يدري أ يقدم أم يحجم؟

قال: فحسبك، أيا أخا همدان، ألا إنّ خير شيعتي النّمط الأوسط، إليهم يرجع الغالي وبهم يلحق التّالي.

قال: لو كشفت، فداك أبي وأمّي، الرّيب عن قلوبنا وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا.

قال: فذكّر، فإنّك امرؤ  ملبوس عليك، إنّ دين اللّه لا يعرف بالرّجال بل بآية الحقّ، و«الآية» العلامة، فاعرف الحقّ تعرف أهله.

يا حارث، إنّ الحق أحسن الحديث، والصّادع به مجاهد، وبالحقّ أخبرك، فأرعني  سمعك، ثمّ خبّر به من كانت له خصاصة من أصحابك.

ألا إنّي عبد اللّه وأخو رسوله، وصدّيقه الأوّل، صدّقته وآدم بين الرّوح والجسد، ثمّ إنّي صدّيقه الأوّل في أمّتكم حقّا، فنحن الأوّلون ونحن الآخرون.

ألا وأنا خاصّته، يا حارث، وخالصته وصفوته ووصيّه ووليّه وصاحب نجواه وسرّه، أوتيت فهم الكتاب وفصل الخطاب وعلم القرآن والأسباب، واستودعت ألف مفتاح، يفتح كلّ مفتاح ألف باب، يفضي كلّ باب إلى ألف ألف عهد، وأيّدت أوقال: أمددت بليلة القدر نفلا، وإن ذلك ليجري ليّ ولمن استحفظ من ذريّتي ما جرى اللّيل والنّهار حتّى يرث اللّه الأرض ومن عليها.

و أبشرك، يا حارث، ليعرفني، والّذي فلق الحبّة وبرأ النسّمة، وليّي وعدوّي في مواطن شتّى: عند الممات، وعند الصّراط، وعند المقاسمة.

قال: وما المقاسمة؟

قال: مقاسمة النّار، أقسمها [قسمة]  صحاحا، أقول: هذا وليّي، وهذا عدوّي.

ثمّ أخذ أمير المؤمنين- عليه السّلام- بيد الحارث وقال: يا حارث، أخذت بيدك، كما أخذ بيدي رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-. فقال لي، وقد اشتكيت إليه حسدة قريش والمنافقين: إذا كان يوم القيامة أخذت بحجزة من ذي العرش، وأخذت  يا عليّ بحجزتي، وأخذت ذرّيّتك بحجزتك، وأخذت شيعتك بحجزتكم ، فما ذا يصنع اللّه بنبيّه، وما ذا يصنع [نبيّه بوصيّه، وما ذا يصنع‏]  وصيّه بأهل بيته وشيعتهم؟ خذها إليك، يا حارث، قصيرة من طويلة، أنت مع من أحببت، ولك ما اكتسبت. قالها ثلاثا.

فقال الحارث، وقام يجرّ رداءه جذلا : ما أبالي، وربّي، بعد هذا ألقيت الموت أو لقيني.

فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ : مجزيين يوم القيامة. أو مملوكين مقهورين، من دانه: إذا أذلّه واستعبده.

و أصل التّركيب للذّلّ والانقياد.

تَرْجِعُونَها: ترجعون النّفس إلى مقرّها.

و هو عامل الظّرف والمحضّض عليه «بلو لا» الأولى ، والثّانية تكرير للتّأكيد، وهي بما في حيّزها دليل جواب الشّرط ، والمعنى: إن كنتم غير مملوكين مجزيين، كما دلّ‏عليه جحدكم أفعال اللّه وتكذيبكم بآياته.

إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ : في أباطيلكم، فلو لا ترجعون الأرواح إلى الأبدان بعد بلوغها الحلقوم.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وقال عليّ بن إبراهيم في قوله: فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، يعني: النّفس.

قال: معناه: [فإذا بلغت الحلقوم وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ إلى قوله: غَيْرَ مَدِينِينَ قال: معناه:]  فلو كنتم  غير مجازين على أفعالكم تَرْجِعُونَها، يعني به:

الرّوح  إذا بلغت الحلقوم تردّونها في البدن إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

و

في الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن [محمّد بن‏]  عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن يحيى الحلبّي، عن سليمان بن داود، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: قوله: فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ- إلى قوله-: إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.

فقال: إنّها إذا بلغت الحلقوم، ثمّ أري منزله في الجنّة، فيقول: ردّوني إلى الدّنيا حتّى أخبر أهلي بما أرى. فيقال له: ليس إلى ذلك سبيل.

فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ ، أي: إن كان المتوفّى من السّابقين.

فَرَوْحٌ: فله استراحة.

و قرئ : «فروح» بالضّمّ، وفسّر بالرّحمة لأنّها كالسّبب لحياة المرحوم وبالحياة الدّائمة.

و

في مجمع البيان : وقرأ يعقوب: فَرَوْحٌ، بضمّ الرّاء، وهو قراءة النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- والباقر- عليه السّلام-.

وَ رَيْحانٌ: ورزق طيّب.وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ : ذات تنعّم.

و

في أمالي الصّدوق ، بإسناده إلى موسى بن جعفر- عليهما السّلام-: عن أبيه الصّادق- عليه السّلام- أنّه قال: إذا مات المؤمن شيعه سبعون ألف ملك إلى قبره، فإذا أدخل  قبره أتاه منكر ونكير فيقعدانه.

و يقولان له: من ربّك، وما دينك، ومن نبيّك؟

فيقول: ربّي اللّه، ومحمّد نبيّي، والإسلام ديني.

فيفسحان له في قبره مدّ بصره، ويأتيانه بالطّعام من الجنّة، ويدخلان عليه الرّوح والرّيحان، وذلك قوله- تعالى-: فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ، يعني: في قبره. وَجَنَّةُ نَعِيمٍ، يعني: في الآخرة.

و

بإسناده  إلى الصّادق- عليه السّلام- قال: نزلت هاتان الآيتان في أهل ولايتنا وأهل عداوتنا فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ، يعني: في قبره.

وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ، يعني: في الآخرة.

و

في الكافي : عليّ بن إبراهيم- رحمه اللّه-، عن أبيه، عن عمرو بن عثمان وعدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر والحسن بن عليّ، جميعا، عن أبي جميلة، مفضّل بن صالح، عن جابر، عن عبد الأعلى وعليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن إبراهيم عن  عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة  قال: قال أمير المؤمنين- عليه السّلام-: إنّ ابن آدم إذا كان في آخر يوم أيّام الآخرة، مثّل له ماله وولده وعمله، فيلتفت إلى عمله فيقول:

و اللّه إنّي كنت فيك لزاهدا وإن كنت عليّ لثقيلا، فما ذا عندك؟

فيقول: أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتّى اعرض أنا وأنت على ربّك.

قال: فإن كان للّه وليّا أتاه أطيب النّاس ريحا وأحسنهم منظرا وأحسنهم رياشا، فيقول: أبشر بروح وريحان وجنّة نعيم، ومقدمك خير مقدم.

فيقول له: من أنت؟فيقول: أنا عملك الصّالح ارتحل من الدّنيا إلى الجنّة.

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم : أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن أبي عمير، عن إسحاق بن عبد العزيز، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ، يعني: في قبره.

وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ في الآخرة.

وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ  فَسَلامٌ لَكَ: يا صاحب اليمين.

مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ : أي من إخوانك يسلّمون عليك.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وقوله: وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ، يعني: من كان من أصحاب أمير المؤمنين- عليه السّلام-. «فسلام لك» يا محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ ألّا يعذّبوا.

و

في روضة الكافي : الحسين بن محمّد، عن محمّد بن أحمد النّهديّ، عن معاوية بن حكيم، عن بعض رجاله، عن عنبسة بن بجاد ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قول اللّه- تعالى-: وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (الآية) فقال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- لعليّ- عليه السّلام-: هم شيعتك، فسلم ولدك منهم أن يقتلوهم.

و

في شرح الآيات الباهرة : وأمّا تأويله: حدّثنا عليّ بن العبّاس، عن جعفر بن محمّد، عن موسى بن زياد، عن عقبة بن العائد ، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله: فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ قال: هم الشّيعة. قال اللّه لنبيّه:

فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ، يعني: إنّك تسلم منهم  لا يقتلون ولدك.

و

قال- أيضا- : حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن محمّد الثّقفيّ، عن محمّد بن عمران ، عن عاصم، بن حميد، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في‏قوله: وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ، فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ قال أبو جعفر- عليه السّلام-: شيعتنا ومحبّونا.

و يؤيّد هذا التّأويل:

ما رواه الطّوسي ، بإسناده، عن رجاله، عن أبي محمّد الفضل بن شاذان النيّشابوريّ، مرفوعا إلى أبي جعفر- عليه السّلام- قال: إنّ اللّه يقول:

ما توجّه إلي أحد من خلقي أحب إليّ من داع دعاني يسأل بمحمّد وآل محمّد. وإنّ الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه قال: اللّهمّ، وليّي في نعمتي والقادر على طلبتي وقد تعلم حاجتي، فأسألك بحقّ محمّد وآل محمّد إلا ما رحمتني وغفرت زلّتي.

فأوحى اللّه إليه: يا آدم أنا وليّ نعمتك والقادر على طلبتك، وقد علمت حاجتك، فكيف سألتني بحقّ هؤلاء؟

فقال: يا ربّ، إنّك لمّا نفخت فيّ الرّوح رفعت رأسي إلى عرشك، فإذا حوله مكتوب: لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه.- صلّى اللّه عليه وآله- فعلمت أنّه أكرم خلقك عليك، ثمّ عرضت عليّ الأسماء فكان ممّن مرّبي من أصحاب اليمين آل محمّد وأشياعهم فعلمت أنّهم أقرب خلقك إليك.

قال: صدقت، يا آدم.

و

ما رواه محمّد بن العبّاس  قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن محمّد بن عبد الرّحمن بن المفضّل ، عن جعفر بن الحسين، عن أبيه [عن محمّد بن زيد، عن أبيه‏]  قال: سألت أبا جعفر- عليه السّلام- عن قوله- تعالى-: فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ.

فقال: هذا في أمير المؤمنين- عليه السّلام- والأئمّة من بعده.

وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ ، يعني: أصحاب الشّمال.

و إنّما وصفهم بأعمالهم زجرا عنها، وإشعارا بما أوجب لهم ما أوعدهم به.

و

في شرح الآيات الباهرة : وممّا جاء في تأويل الآيات الثّلاث: ما رواه محمّد بن العبّاس، عن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن محمّد بن فضيل،عن محمّد بن حمران  قال: قلت لأبي جعفر- عليه السّلام-: فقوله: فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ.

قال: ذاك من كانت له منزلة  عند الإمام.

قلت: وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ.

قال: ذاك من وصف بهذا الأمر.

قلت: وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ.

قال: الجاحدين للإمام- عليه السّلام-.

فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ ، وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ : وذلك ما يجد في القبر من سموم النّار ودخانها .

و

في الكافي : عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرّزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمّد بن سالم، عن أبي جعفر- عليه السّلام- حديث طويل، يقول فيه: وانزل في الواقعة: وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (الآية) [فهؤلاء مشركون‏].

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (الآية)]  في أعداء آل محمّد- صلوات اللّه عليهم-.

و فيه  متّصلا بآخر ما نقلنا عنه أوّلا، أعني: قوله: في الآخرة. وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ، فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ في قبره وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ في الآخرة.

و

في أمالي الصّدوق- رحمه اللّه-

 متّصلا بآخر ما نقلناه عنه سابقا، أعني: قوله- عليه السّلام-: يعني في الآخرة. ثمّ قال: إذا مات الكافر شيّعه سبعون ألفا من الزّبانية إلى قبره، وإنّه ليناشد حامليه بصوت يسمعه كلّ شي‏ء إلّا الثّقلان، ويقول: لو أنّ لي كرّة فأكون من المؤمنين، ويقول: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ.فتجيبه الزّبانيّة: كلّا إنّها كلمة أنت قائلها». ويناديهم ملك: لو ردّ لعاد لما نهى عنه.

فإذا ادخل قبره وفارقه النّاس أتاه منكره ونكير في أهول صورة فيقيمانه، ثمّ يقولان له: من ربّك، وما دينك، ومن نبيّك؟ فيتلجلج لسانه ولا يقدر على الجواب، فيضربانه ضربة من عذاب اللّه يذعر لها كلّ شي‏ء.

ثمّ يقولان له: من ربّك، وما دينك، ومن نبيك؟

فيقول: لا أدري.

فيقولان له: لا دريت ولا هديت ولا أفلحت.

ثمّ يفتحان له بابا إلى النّار وينزلان إليه الحميم من جهنّم، وذلك قول اللّه:

وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ، فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ، يعني: في القبر  وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ، يعني: في الآخرة.

 [و فيه  أيضا متّصلا بآخر ما نقلنا عنه بعد ذلك أعني قوله يعني في الآخرة بإسناده إلى الصّادق- عليه السّلام- قال: وأمّا إن كان من المكذّبين الضالين فنزل من حميم يعني في قبره وتصلية جحيم يعني في الآخرة.]

و

في الكافي ، متّصلا بآخر ما نقلنا عنه سابقا أعني: قوله»

: ارتحل من الدّنيا إلى الجنّة. وإذا كان لربّه عدوّا، فإنّه يأتيه أقبح من خلق اللّه [زيّا]  ورؤيا وأنتنهم  ريحا، فيقول له: أبشر بنزل من حميم وتصلية جحيم. (الحديث)

و

في نهج البلاغة : قال- عليه السّلام-: حتّى إذا انصرف المشيّع، ورجع المتضجّع، اقعد في حفرته نجيا لبهتة السّؤال ، وعثرة الامتحان . وأعظم ما هنالك بليّة نزول  الحميم، وتصلية الجحيم، وفورات السّعير، [و سورات الزفير] . لا فترة  مريحة [و لا دعة مزيحة] ، ولا قوّة حاجزة، ولا موتة  ناجزة ، ولا سنة  مسلّية، بين أطوار الموتات ، وعذاب السّاعات!

إِنَّ هذا، أي: الّذي ذكر في السّورة أو في شأن القرآن .

لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ، أي: حقّ الخبر اليقين.

فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ : فنزّهه بذكر اسمه عمّا لا يليق بعظمة شأنه.