فصل في أحكام الاموات

[ بسم الله الرحمن الرحيم فصل في أحكام الاموات إعلم أن أهم الامور، وأوجب الواجبات التوبة (1) من المعاصي. ] بسم الله الرحمن الرحيم فصل في أحكام الاموات (1) إجماعا كما عن غير واحد. وظاهر العلامة في شرح التجريد، والمجلسي في شرح أصول الكافي: دعوى إجماع الامة، وفي الذخيرة: " الظاهر أن التوبة من الذنب واجبة اتفاقا من غير فرق بين الصغيرة والكبيرة: قيل: ويدل عليه من الكتاب قوله تعالى: (توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم...) الاية (* 1)، وقوله تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) (* 2)، ومن السنة مالايحصى. وأما العقل فالظاهر أنه حكم بوجوبها عقلا كل من قال بالحسن والقبح العقليين ". أقول: أما الايات الشريفة المذكورة: فالظاهر منها الوجوب الارشادي - كما يظهر من ذكر الغايات المترتبة عليها - وأما النصوص: فهى كثيرة، وقد عقد لها في الوسائل أبوابا في كتاب الجهاد، إلا أن

 

 

____________

(* 1) التحريم: 8. (* 2) النور: 31.

 

===============

 

( 4 )

 

الجميع - عدا النادر منها - إنما تضمن ذكر الفوائد المترتبة عليها، منها: صحيح معاوية بن وهب: " سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: إذا تاب العبد توبة نصوحا أحبه الله تعالى فستر عليه في الدنيا والاخر... " (* 1) ومصحح أبي عبيدة " سمعت أبا جعفر (ع) يقول: إن الله تبارك وتعالى أشد فرحا بتوبة عبده من رجل أظل راحلته وزاده في ليلة ظلماء فوجدها... " (* 2)، وخبر ابن قبيصة: " التائب من الذنب كمن لا ذنب له " (* 3). وبعضها وإن تضمن الامر بها، إلا أنه يتعين حمله على الارشادي أيضا إلى حكم العقل إذ لو بني على الوجوب المولوي يلزم أن يكون تركها معصية أخرى، فتجب التوبة عنها، فيكون تركها معصية ثالثة، وهكذا، - نظير ما يقرر في وجوب الاطاعة لو كان مولويا - فيلزم تكثر المعاصي والعقوبات بمجرد ترك التوبة في زمان، ووجوب التوبات الكثيرة الطويلة، وهو مما لا يظن الالتزام به، بل خلاف المقطوع به من الكتاب، والسنة، ومرتكزات المتشرعة، فوجوبها - كوجوب الاطاعة، وحرمة المعصية - إما فطري بملاك دفع الضرر المحتمل، أو عقلي - بناء على القول بالحسن والقبح العقليين - بملاك شكر المنعم. ويفترق الحكمان في التوبة عن الصغيرة، فعلى الاول: ليست بواجبة، لتكفيرهما بترك الكبيرة فيحصل الامن من العقاب. وعلى الثاني: واجبة، لعدم الفرق في الحسن بين التوبة في الكبيرة والصغيرة، كعدم الفرق في وجوب الاطاعة عقلا بين الامر في الكبيرة والامر في الصغيرة. ومن ذلك يظهر صحة ما ذكره العلامة في شرح التجريد من وجوب التوبة

 

 

____________

(* 1) الوسائل الباب: 86 من ابواب جهاد النفس، حديث: 1. (* 2) الوسائل الباب: 86 من أبواب جهاد النفس، حديث: 6. (* 3) الوسائل الباب: 86 من أبواب جهاد النفس، حديث: 14.

 

===============

 

( 5 )

 

[ وحقيقتها: الندم (1). وهو من الامور القلبية، ولا يكفي ] عن كل معصية، وحكاه عن جماعة من المتكلمين، وضعف ما حكاه عن جماعة من المعتزلة من أنها لا تجب عن الصغائر المعلوم أنها صغائر، هذا، وقال المجلسي في شرح الكافي: " سقوط العقاب مما أجمع عليه أهل الاسلام، وإنما الخلاف في أنه هل يجب على الله سبحانه وتعالى حتى لو عاقب بعد التوبة كان ظلما، أو هو تفضل بفعله سبحانه كرما منه ورحمة بعباده؟ المعتزلة على الاول، والاشاعرة على الثاني، واليه ذهب الشيخ أبو جعفر (ره) في كتاب الاقتصار، والعلامة في بعض كتبه الكلامية، وتوقف المحقق الطوسي طاب ثراه في التجريد... (إلى أن قال): والحق ما اختاره الشيخ (ره)، كما يظهر من كثير من كتب الاخبار، وأدعية الصحيفة الكاملة، وغيرها، ودليل الوجوب ضعيف ". ونحوه ما ذكره في البحار. أقول: الاستدلال بالاخبار والادعية غير ظاهر في الاحكام العقلية. فالعمدة نفي الحكم العقلي، إذ ليست التوبة عقلا إلا مرتبة من الانقياد والتذلل ليس من مقتضاها محو الاستحقاق، كغيرها من الطاعات. (1) الظاهر من التوبة: الرجوع - كما صرح به أهل اللغة - ويشهد به ملاحظة موارد الاستعمال، منها: قوله تعالى: (واليه متاب) (* 1) فالتوبة إليه - سبحانه - معناها الرجوع إليه، إلا أنه لما امتنع الرجوع الحقيقي كان المراد منها الرجوع الادعائي الحاصل بالندم، فكأن العبد بفعل الذنب ذاهب عن الله تعالى ومنصرف عنه، فإذا التفت إلى ما يترتب على فعله من الخسران والهلال فندم عليه فقد رجع إلى الله تعالى. وفي رواية أبي بصير عن الصادق (ع): " يا داود إن عبدي المؤن إذا أذنب

 

 

____________

(* 1) الرعد: 30.

 

===============

 

( 6 )

 

[ مجرد قوله: " استغفر الله " (1) بل لا حاجة إليه مع الندم القلبي (2)، وإن كان أحوط. ويعتبر فيها الغرم على ترك العود إليها (3). ] ذنبا ثم رجع وتاب من ذلك الذنب واستحيى مني عند ذكره غفرت له... " الحديث (* 1). (1) لعدم صدق التوبة عليه. (2) لعدم توقف مفهوم التوبة عليه، كما يشهد به صحيح ابن أبي عمير عن علي الجهضمي (الاحمسي، كافي) عن أبي جعفر (ع): " كفى بالندم توبة " (* 2) بل يظهر من حديث سماعة المشتمل على بيان جنود العقل والجهل (* 3): مغايرة الاستغفار للتوبة، حيث عدهما جندين للعقل، وجعل ضد التوبة الاصرار، وضد الاستغفار الاغترار، ومثله بعض الادعية والمناجات. ولا ينافي ذلك ما ورد من أنه لا كبيرة مع الاستغفار (* 4) ودواء الذنوب الاستغفار (* 5)، ونحو ذلك، لامكان كون الاستغفار ماحيا كالتوبة، أو يراد منه ما سيجئ في كلام أمير المؤمنين (ع): (3) كما عن ظاهر الاكثر، بل ظاهر البحار المفروغية عنه: والظاهر أن المراد به بلوغ الندم - الذي هو نوع من التألم النفساني - حدا يوجب انزجار النفس عن المعصية بقول مطلق، بحيث يرى أن فعلها مرجوح على جميع التقادير، والعوارض الشهوية أو الغضبية الموجبة لترجيح فعل

 

 

____________

(* 1) الوسائل الباب: 86 من ابواب جهاد النفس، حديث: 9. (* 2) الوسائل الباب: 83 من في باب 82 من أبواب جهاد النفس حديث: 1. (* 3) الكافي، كتاب العقل والجهل، حديث: 14. (* 4) الوسائل، باب: 47 من ابواب جهاد النفس، حديث: 11. (* 5) الوسائل، باب: 85 من ابواب جهاد النفس، حديث: 11.

 

===============

 

( 7 )

 

المعصية على تركها، فيوجب كراهتها في الازمنة اللاحقة، أما العزم - الذي هو فعل اختياري للقلب زائدا على الارادة والكراهة - فلا دليل على اعتباره لافي مفهومها، ولا في ترتب الاثر عليها، بل قد يظهر من بعض النصوص خلافه، ففي رواية أبي بصير: " قلت لابي عبد الله (ع): (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا)، قال: هو الذنب الذي لا يعود فيه أبدا. قلت وأينا لم يعد؟ فقال (ع): يا أبا محمد إن الله يحب من عباده المفتن التواب " (* 1)، ونحوها رواية أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (ع) (* 2) بناء على أن المراد بالمفتن من يتوب ثم يذنب ثم يتوب، كما احتمله المجلسي (ره) في شرح الكافي، واحتمل أيضا أن يكون المراد منه من لا يعود إلى الذنب بعد التوبة، لكن الاول أظهر بقرينة السؤال الثاني. نعم يظهر منها اعتباره في التوبه النصوح، بل هو صريح مرسل الصدوق: " روي أن التوبة النصوح هو أن يتوب االرجل من الذنب وينوي أن لا يعود إليه أبدا " (* 3). وبالجملة: لادليل على اعتبار العزم بهذا المعنى في مفهوم التوبة، أو في صحتها، بل قد يكون اعتباره في ذلك موجبا لامتناع وقوعها من أكثر المذنبين الذين يثقون من أنفسهم بالعود، لامتناع العزم المذكور حينئذ. اللهم الا أن يقال: العود الصادر من المكلف بالاختيار لا ينافي العزم المذكور، بل يؤكده، لان العود حينئذ يكون من باب انتقاض العزم، وانتقاض الشئ فرع وجوده. نعم إذا كان العود لا بالاختيار يكون مانعا عن العزم على تركه، لان الوثوق بالقدرة على الشئ شرط لتحقق

 

 

____________

(* 1) الوسائل، باب: 86 من ابواب جهاد النفس، حديث 3. (* 2) الوسائل، باب: 86 من ابواب جهاد النفس، حديث: 4. (* 3) الوسائل، باب: 87 من ابواب جهاد النفس، حديث: 3.

 

===============

 

( 8 )

 

[ والمرتبة الكاملة منها ما ذكره أمير المؤمنين عليه السلام (1). " مسألة 1 " يجب عند ظهور امارات الموت أداء حقوق الناس الواجبة (2) ورد الودائع، والامانات التي عنده مع ] العزم على تركه، لكنه ليس مما نحن فيه، لكن الانصاف: أنه لافرق في امتناع العزم على الشئ مع العلم بعدم حصوله بين أن يكون لعدم القدرة عليه، أو لتبدل إرادة المكلف وكراهته، ومما ذكرنا يظهر أن ما حكي في الذخيرة وغيرها عن جمع من العلماء من عدم اعتبار العزم بهذا المعنى في التوبة في محله. (1) على ما رواه الشريف الرضي (ره) في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين (ع): " إن قائلا قال بحضرته: أستغفر الله. فقال: عليه السلام: ثكلتك أمك أتدري ما الاستغفار؟ الاستغفار درجة العليين وهو اسم واقع على ستة معان: أولها: الندم على ما مضى. والثاني: العزم على ترك العود إليه أبدا. والثالث: أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله عزوجل أملس ليس عليك تبعة. والرابع: أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها. والخامس: أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالاحزان حتى يلصق الجلد بالعظم، وينشأ بينهما لحم جديد. والسادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول: أستغفر الله " (* 1) وهذا منه (ع) وإن كان بيانا للاستغفار الكامل، لا للتوبة: إلا أنه يصح أن يكون بيانا للتوبة الكاملة، لاشتماله على الندم والعزم: وزيادة. (2) بلا خلاف ظاهر، ولا إشكال في الجملة، كما يستفاد من

 

 

____________

(* 1) الوسائل، باب: 87 من ابواب جهاد النفس، حديث: 4.

 

===============

 

( 9 )

 

[ الامكان، والوصية بها مع عدمه، مع الاستحكام على وجه لا يعتريها الخلل بعد موته (1). ] كلماتهم هنا. وفي الوصية، والوديعة، وفي قضاء الصلوات. وكأنه الوجه فيه استقرار سيرة العقلاء على عدم المعذورية في الفوات لو أخر مع ظهور امارات عدم القدرة على الاداء على تقدير التأخير. وفي الجواهر - في شرح ما في الشرائع في مبحث الوديعة من قوله: " وإذا ظهر للمودع امارة الموت وجب الاشهاد " - قال: " كما صرح به غير واحد، بل لا أجد فيه خلافا بينهم ". نعم عبر بعضهم بالاشهاد، وآخر بالوصية كما في القواعد، والمصنف (ره) عبر بالاداء في الحقوق والودائع، لكن وجوب الاداء تعيينا إن أمكن في الحقوق الواجبة بحيث لا يجوز له الاعتماد على الوصي في ذلك غير ظاهر، إذ ليس حال الوصي إلا حال الوكيل في حال الحياة نعم لا بأس به فيما لو كان الحق فوريا، فانه لا يجوز تأخيره إلى ما بعد الوفاة، لكنه لا يختص ذلك بما لو ظهرت امارات الموت كما لا يخفى. كما أنه لا بأس به أيضا في الوديعة إذا علم من حال المالك عدم الرضا بتسليم الودعي إلى غيره، كما يقتضيه عقد الوديعة - كما مال إليه في الجواهر - خلافا لما في الشرائع من التعبير بالاشهاد، ولما في القواعد من التعبير بالوصية فان ذلك منهما خلاف ما يقتضيه عقد الوديعة كما عرفت. وبالجملة: وجوب أحد الامرين من الاداء والوصية مما لا ينبغي التأمل فيه، إنما التأمل في وجوب الاداء تعيينا مطلقا إن أمكن، لعدم ظهور دليل عليه، فلا يبعد في الحقوق الواجبة جواز الوصية إلى الثقة بدفعها. (1) لاحراز الاداء الواجب عليه

 

===============

 

( 10 )

 

[ " مسألة 2 ": إذا كان عليه الواجبات التي لا تقبل النيابة حال الحياة (1) - كالصلاة، والصوم والحج، ونحوها - وجب الوصية بها إذا كان له مال (2)، بل مطلقا إذا احتمل وجود متبرع (3) وفيما على الولي كالصلاة والصوم التي فاتته لعذر يجب إعلامه، أو الوصية باستيجارها أيضا (4). " مسألة 3 " يجوز له تمليك ماله بتمامه لغير الوارث (5). لكن لا يجوز له تفويت شئ منه على الوارث بالاقرار كذبا، لان المال بعد موته يكون للوارث، فإذا أقر به لغيره كذبا فوت عليه ماله (6). نعم إذا كان له مال مدفون في مكان ] (1) أما ما يقبلها فيدخل في المسألة الاولى من وجوب أدائه ولو بالاستنابة. (2) لما سبق. (3) لوجوب الاحتياط عقلا عند الشك في القدرة. (4) لانها لما كانت تقبل النيابة بعد الوفاة كان أداؤها ممكنا، فيجب عليه التسبيب إليه مهما أمكن، ومنه الوصية، فتجب لوجوب أدائها، إذ تكون بعد الوفاة نظير ما يقبل النيابة حال الحياة. (5) لقاعدة السلطنة. (6) يعني: التفويت بنحو التسبيب لا بنحو المباشرة. وتحريم ذلك يستفاد مما دل على وجوب إقامة الشهادة (* 1)، وتحريم شهادة الزور (* 2) وتحريم الوصية بحرمان بعض الورثة من الميراث (* 3)، ونحو ذلك مما يدل

 

 

____________

(* 1) الوسائل، باب: 2 من كتاب الشهادات. (* 2) الوسائل، باب: 9 من كتاب الشهادات. (* 3) الوسائل، باب: 90 من كتاب الوصايا ويستفاد من باب: 5 و 8 و 10 و 11 و 16 و 38 من ابواب الوصايا بل ويستفاد من غيرها، فراجع.

 

===============

 

( 11 )

 

[ لا يعلمه الوارث يحتمل عدم وجوب إعلامه (1)، لكنه - أيضا - مشكل. وكذا إذا كان له دين على شخص. والاحوط الاعلام. وإذا عد عدم الاعلام تفويتا فواجب يقينا. " مسألة 4 " لا يجب عليه نصب قيم على أطفاله (2)، إلا ] على تحريم مثل هذ التسبيب. ويمكن أن يكون تحريم الاقرار المذكور لانه تسبيب إلى وقوع غيره في الحرام، لكن قد عرفت في مبحث وجوب الاعلام بالنجاسة الاشكال في حرمة التسبيب المذكور، لعدم الدليل عليه إلا فيما علم من الشارع الاقدس كراهة ذلك الحرام من جميع المكلفين، كقتل النفس المحترمة. وحينئذ فيحرم كل ماله دخل في وقوع الحرام فعلا كان أو تركا، تسبيبا كان أو غيره. أما مالا يعلم من الشارع كراهة وقوعه من جميع المكلفين، فلا دليل على حرمة التسبيب إلى وقوعه. نعم إذا كان المقر له عالما بكذب الاقرار، يكون أخذه للمال المقر به حراما عليه، فالاقرار كذبا حرام، لكونه إعانة له على الحرام. وأما تحريم الاقرار المذكور من جهة أنه كذب فلا ريب فيه ولا خلاف، ومن ذلك يظهر تحريم الاقرار المذكور في صورة علم المقر له بكذبه من وجوه ثلاثة: كونه كذبا، وكونه إعانة على الحرام، وكونه تفويتا على الغير حقه، (1) لعدم ثبوت كون ترك الاعلام تسبيبا، وكذا في الفرض الاتي، فما عن جامع المقاصد من وجوب الوصية على كل من له حق يخاف ضياعه، مبني على كون تركه تسبيبا، وكون التسبيب إليه حراما، وكلاهما محل إشكال. وقد اعترف بخلو ما وقف عليه من العبارات عنه. نعم قد يومئ مادل على وجوب اداء الشهادة إلى وجوب الاعلام في المقام. (2) للاصل.

 

===============

 

( 12 )

 

[ إذا عد عدمه تضييعا لهم أو لما لهم (1)، وعلى تقدير النصب يجب أن يكون أمينا. وكذا إذا عين على أداء حقوقه الواجبة شخصا يجب أن يكون أمينا. نعم لو أوصى بثلثه في وجوه الخيرات غير الواجبة لا يبعد عدم وجوب كون الوصي عليها أمينا (2)، لكنه - أيضا - لا يخلو عن إشكال (3)، خصوصا إذا كانت راجعة إلى الفقراء (4). ] (1) فانه خلاف مقتضى ولايته عليهم بحفظهم، وحفظ مالهم: ولاجل ذلك يجب في القيم أن يكون أمينا، وإلا بطل نصبه. ومنه يظهر حال ما بعده. ثم إن عده تضييعا يختص بما إذا لم يوجد أمين يتولى أمورهم بعد وفاته، وإلا فلا يكون تضييعا لهم، (2) لان الثلث ماله، فكما له أن يتصرف فيه بأي وجه، له أن يجعل الولاية عليه لاي شخص، نظير إبداع الخائن، وتوكيله في صرف ماله في بعض وجوه الخير. (3) لاحتمال عدم صلاحية الخائن للولاية على أي أمر من الامور، لان فيه تعرضا للندامة. ولكنه - كما ترى - ضعيف. (4) فان الوصية بالمال إلى الفقراء موجبة لثبوت حق لهم فيه، فيكون الايصاء إلى الخائن تولية له على حق الغير، الموجبة لضياعه، نظير تولية الخائن على مال الصغار. ودعوى: أن الموصي إنما جعل الحق للغير على هذا الوجه الخاص، ولم يجعل له الحق مطلقا، حتى تكون توليته عليه منافية لمراعاة مصلحته. مندفعة: بمنع ذلك التقييد، ولذا لو بطلت الوصية المذكورة لموت الوصي، أو ظهور خيانة، بقيت الوصية للفقراء بحالها. فجعل الولاية المذكورة من قبيل الشرط في ضمن العقد،